مدى إمكانية التمكُّن من العلم الشرعي بدون أخلاق حميدة

السؤال
هل يمكن أن يكون الإنسان طالبَ علمٍ على الجادَّة، وليس عنده أقل رتبة من الأخلاق؟
الجواب

لا يمكن؛ لأن العلم الذي لا يدعو ولا يحدو إلى العمل هذا في الحقيقة ليس بعلم، وإن عَرف الأحكام بأدلتها فهذا ليس بعالم، وجاء في الخبر «يحمل هذا العلمَ مِن كل خَلَفٍ عُدُولُه» [مسند البزار: 9423]، فالذين يحملون العلم هم أهل العدالة، لا أهل الفسق ولا أهل الجفاء، وما يحمله الفساق من معرفة بأحكام ومعرفة بأدلة فهذا في الحقيقة لا يُسمى في العرف الشرعي علمًا؛ لأن العلم في الحقيقة ما نفع، ولذا في قول الله -جل وعلا-: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ} [النساء: 17]، ما معنى {بِجَهَالَةٍ}؟ الآن إذا شرب الإنسان الخمر ثم تاب، هل نقول: (هل أنت تعرف الحكم أم جاهل بالحكم؟)، فإذا قال: (أنا عارف بالحكم وأنه حرام)، نقول: ما لك توبة؛ لأنك تقول: (عارف) والله -جل وعلا- يقول: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ}؟

لا، بل أهل العلم يقرِّرون أن كل مَن عصى الله فهو جاهل، فعلى هذا ما يحمله الفساق ليس بعلم؛ لأن العلم ما نفع، والعلم الذي لا ينفع في معاملة الخالق ومعاملة الخلق هذا ليس بعلم في الحقيقة.