الأخذ بأقوال الهادوية والناصر، والاعتداد بهما في الخلاف

السؤال
في (سبل السلام) و(نيل الأوطار) يذكران الأقوال وينسبانها إلى أصحابها، ومنها أقوال الهادوية والناصر، وقد سمعتكم تذكرون أن الشوكاني والصنعاني يذكران بعض أقوال المبتدعة؛ ليَروج الكتاب. فهل الهادوية والناصر من هذه الفرق، أم تُؤخذ أقوالهم، ويُذكرون في الخلاف؟
الجواب

الهادوية لا شك أنها طائفة من الزيدية، والناصر كذلك طائفة من الزيدية، من الشيعة، وتعرفون أن الصنعاني والشوكاني -رحمهما الله- عاشا في بلاد اليمن، وفي وقتهما غالب سكان اليمن من الهادوية، ولا شك أن ذكر أقوالهم يُروِّج الكتاب عندهم، بحيث لو هُجرتْ أقوالهم ما استُفيد من الكتاب، وهذا قصد للمؤلِّف، والأمور بمقاصدها، فإذا كان قصده ترويج الكتاب؛ ليَكثُر عدد المنتفعين به من الناس، ويهتدي بسببه أقوام، فهذا شيء، وليس قصده ترويج هذه الأقوال، وإنما قصده -فيما يظهر من صنيعهما- ترجيح ما يرجِّحه الدليل، وكونهما يُخطئان في الفهم، أو يخفى عليهما بعض الأدلة التي هي أقوى مما ذكراه، فهما في هذا كغيرهما من أهل العلم، لكن نحسبهما والله حسيبهما على خير -إن شاء الله تعالى-، وهما ممن يعتني بالدليل، وأحيانًا يُشمُّ منهما رائحة الظاهرية، فقد يكون تمسُّكهما بظاهر النصِّ قريبًا من مذهب الظاهرية.

على كل حال ترويج الكتب يكون إما بذكر بعض الأقوال، أو بحذف بعض الأقوال، والأمور بمقاصدها.

ومثل الشوكاني والصنعاني وقد عاشا في بيئة جُلُّ أهلها يعتنقون هذا المذهب لا يُلامان، كما أن ابن أبي العز -رحمه الله- لمَّا شرح (الطحاوية) في وقتٍ تُحارَب فيه كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم -رحمهما الله-، نَقَل عنهما كثيرًا، ولم يُسمِّهما في موضع واحد؛ ترويجًا للكتاب، فالترويج إلى هذا الحدِّ مقبول. لكنْ هناك ترويج غير مقبول، كما فعل الفيروزآبادي صاحب (القاموس) في شرحه لـ(صحيح البخاري)، حيث روَّج مقالات ابن عربي، ونقل أكثر (الفتوحات) و(الفصوص) في (شرح البخاري)؛ لأن مقالة ابن عربي راجتْ في اليمن في وقته، فأراد أن يُروِّج الكتاب، ومقالة ابن عربي -القول بوحدة الوجود- هذه زندقة، ومقالة كفريَّة، فلا يروج الكتاب بمثل هذا، لكن من نِعم الله -جلَّ وعلا- أن الأَرَضة أكلتْ الكتاب من أوله إلى آخره، وما أبقتْ منه ولا ورقة.