الفرق بين مشيئة الله الكونيَّة ومشيئته الشرعيَّة

السؤال
أشكل علَيَّ الفرق بين مشيئة الله الكونيَّة، ومشيئة الله الشرعيَّة، فما الفرق بينهما؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب

المشيئة الكونيَّة هي التي تقع ولا بد، ويقع مقتضاها ولا بد، وسواء كانت مما يحبه الله ويرضاه، أو لا، فهذه مشيئة كونيَّة لا بد منها.

وهناك مشيئة شرعيَّة، لكنها لا تكون إلا فيما يحبه الله -جلَّ وعلا- ويرضاه، وأما وقوعها فهو متروك لاختيار العبد، فالله -جلَّ وعلا- يريد منك أن تفعل، لكن تفعل، أو لا تفعل: هو لا يُجبرك، فلك مشيئة، لكنها مشيئة تابعة لمشيئة الله -جلَّ وعلا-، ولك حُريَّة، ولك اختيار، لكنها ليست مطلقة كما يقول القدريَّة، ولستَ بمجبور حركتك كحركة ورق الشجر كما يقول الجبريَّة، بل لك مشيئة، لكنها مربوطة بمشيئة الله -جلَّ وعلا-، {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءُ اللَّهُ} [الإنسان: 30]، {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] يعني: ما أصبتَ، فالإصابة من الله -جلَّ وعلا-، والرمي منك، لكن إصابتك مقرونة بإرادة الله -جلَّ وعلا- ومشيئته.

والمشيئة الكونيَّة ما يقع فيها قد يكون محبوبًا لله -جلَّ وعلا-، وقد لا يكون كذلك، فالله -جلَّ وعلا- أراد أن تقع كثير من المعاصي إرادة كونيَّة؛ إذ لا يقع في خلقه إلا ما يريد، فهذه الإرادة هي الإرادة الكونيَّة. أما الإرادة الشرعيَّة فهي إرادة ما يحبه الله -جلَّ وعلا-، وما افترضه على عباده، لكن العباد منهم مَن يستجيب لهذه الإرادة، وهم السعداء، ومنهم مَن لا يستجيب، وهم الأشقياء، نسأل الله السلامة والعافية.