اقتران اسم الله تعالى (الواحد) باسمه (القهار) في القرآن الكريم

السؤال
وأنا أقرأ كتاب الله -القرآن العظيم- لَفَتَ انتباهي أنه لا يأتي اسم الله تعالى (الواحد) إلا ويأتي معه (القهار)، فهل لهذا سر في المعنى؟
الجواب

الذي يظهر -والله أعلم- أنه لما كانت الوَحْدَة في حق المخلوق مظنةً للضعف؛ فلئلا يخطر ببال أحد مثل هذا المعنى أردفه الله -جل وعلا- بقوله: {القهار}. ووقوف السائل على مثل هذا لا شك أنه من آثار التدبر المأمور به.

فتدبَّرِ القرآنَ إن رمتَ الهدى

.....................................

فقراءة القرآن على الوجه المأمور به لا شك أنها تُورث مثل هذا، وإذا وُجد إشكال وسُئل عنه وأُجيب بجواب صحيح وَقَرَ في قلبه ولم ينسه أبدًا، فهذه من فوائد القراءة بالتدبر وإمعان النظر في المقروء، ومع الأسف أنه يفقدها كثير من الناس، ولا شك أن القراءة -ولو قلَّت- بالتدبر والترتيل على الوجه المأمور به شرعًا لا شك أن لها أثرًا بالغًا في زيادة الإيمان وطمأنينة القلب، وهذا يجده من فعله كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، ولا يجده من لم يفعله، فهذا خير عظيم لمن فعله وقوي عليه؛ لأن بعض الناس إذا تعوَّد القراءة بالسرعة لا يستطيع أن يتدبر، وعلى كل حال القراءة بالتدبر والترتيل أفضل بكثير من قراءة الهذِّ وإن كان في الكل خير، وهناك قول معروف عند الشافعية أن قراءة الهذِّ إذا ترتب عليها كثرة الحروف كانت أفضل، لكن الأكثر على أن المقروء -وإن كان قليلًا- على الوجه المأمور به أفضل من المقروء بالهذِّ ولو كَثُر، ويُمثِّل ابن القيم -رحمه الله تعالى- هذا وهذا يقول: نفترض أن شخصًا يقرأ بالهذِّ ويختم كل ثلاث، فيختم في الشهر عشر مرات، وآخر يقرأ بالترتيل والتدبر ولا يختم إلا مرة واحدة، ولا شك أنه إذا كان بكل حرف عشر حسنات، والقرآن أكثر من ثلاثمائة ألف حرف، فالختمة فيها ثلاثة ملايين حسنة وزيادة، هذا على أي حال قرأ مع النية الصالحة فيحصل له أجر الحروف، فيقول ابن القيم: إن مَن ختم عشر مرات مَثله كمن أهدى عشر دُررٍ قِيمةُ كل واحدة منها ألف –مثلًا-، والذي ختم واحدة في الشهر بالتدبر والترتيل كمن أهدى درة واحدة قيمتها مائة ألف، وهذا على سبيل التقريب، مما يدل على أن القراءة على الوجه المأمور به أفضل بكثير من قراءة الحدر ولو حصَّل من ورائها أجر الحروف.

وأما بالنسبة للجمع بين الأمرين فهذا ذُكر عن بعض أهل العلم أن له ختمة للتدبر وختمات للقراءة بالحدر لتحصيل أجر الحروف، وذَكر الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في (البداية والنهاية) أن شخصًا كان يختم القرآن كل يوم مع الحدر الشديد، وكانت له ختمة تدبر أمضى فيها عشرين سنة ولم تَكمُل، وهذا -والله أعلم- أنه يجعل لكل يوم آية واحدة ويحصل له هذا الوقت الذي هو عشرون سنة.