تفسير قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}

السؤال
ما تفسير قول الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4-5]؟ وما المراد بالويل هذا؟ وهل السهو عن الصلاة يكون بتركها أو يكون بما يطرأ عليه حال الصلاة من الغفلة ونحوها؟
الجواب

أولًا: الويل في كتب التفسير قالوا: إنه وادٍ في جهنم، ومن أهل العلم من يقول: إنه كلمة عذاب.

والسهو المتوعد عليه بالويل هنا المراد به عن الصلاة، ولذا قال: {عَن صَلاتِهِمْ}، وأما الذين يسهون في صلاتهم في حال الصلاة فلا يدخلون في هذا؛ لأنَّهم يصلون ويسهون فيها لا عنها، وفرق بين أن يسهو عن الصلاة فيتركها، وبين أن يسهو فيها، وليس المراد بالذين عن صلاتهم ساهون الذين قد ينسون ويسهون عن صلاةٍ، أو ينامون عنها مرة في العمر أو في الشهر أو في الحول، فإنه ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نام عن صلاته، وسها في صلاته، وسهوه -عليه الصلاة السلام- إنما هو ليُشرِّع، ونام عن صلاته -عليه الصلاة والسلام- وإن كانت العادة أنه تنام عيناه ولا ينام قلبه من أجل أن يبين لهم ما يصنعون إذا حصل لهم مثل ما حصل له -عليه الصلاة والسلام-، فالشيء اليسير لا يدخل في مثل هذا، «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك» [مسلم: 684]، لكن الإشكال فيمن ديدنه ذلك، يسهو عن صلاته ويتركها حتى يخرج وقتها، فمثل هذا يدخل في هذا الوعيد الشديد، أما الذين يسهون في صلاتهم فقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه سها، لكن إنما سها ليَسُن ويُشَرِّع، ونسي في حديث ذي اليدين وغيره، لكن على الإنسان أن يستحضر أنه بين يدي ربه -جل وعلا-، وأنه ماثل بين يدي الله الأكبر من كل كبير، بحيث يتصور عظمة هذا الرب، ويستحضر ما يدعو به وما يقرأه وما يذكر به بين يدي الله -جل وعلا-، ولذا جاء أنه ليس للإنسان من صلاته إلا ما عقل، فبعض الناس ينصرف من صلاته ما له إلا النصف من الأجر، وبعضهم ليس له إلا الربع، وبعضهم ليس له إلا العشر، فعلى الإنسان أن يستحضر أنَّه ماثل بين يدي الله -جل وعلا-، فيلقي سمعه وقلبه لما يقرأ ولما يذكر به ولما يدعو به؛ ليكون أجره وافرًا عند الله -جل وعلا-.