تعارض رأي ابن عباس مع رأي عائشة في إحرام مَن بعث الهدي إلى مكة

السؤال
ما معنى الحديث الذي أخرجه (البخاري) و(مسلم) أن ابن زياد كتب إلى عائشة، أن عبد الله بن عباس، قال: من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج، حتى ينحر الهدي، وقد بعثت بهديي، فاكتبي إلي بأمرك، قالت عمرة: قالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس: «أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثم قلدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، ثم بعث بها مع أبي، فلم يَحْرُم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء أحله الله له، حتى نحر الهدي»؟
الجواب

ابن عباس -رضي الله عنهما- كان يرى أن مَن بعث بالهدي لا يجوز له أن يفعل شيئًا من محظورات الإحرام حتى يبلغ الهدي محله، فإذا بلغ محله من المكان والزمان وذُبح الهدي حلَّ له كل شيء، هذا رأي ابن عباس، وعائشة –رضي الله عنها- تذكر أن النبي -عليه الصلاة والسلام -وهذا الحديث في الصحيح- يبعث الهدي وهو بالمدينة، وهي تفتل القلائد، ويبعث بها إلى مكة، فلا يحرم عليه شيء مما أحله الله له [البخاري: 1700/ ومسلم: 1321]، وإنما ذلك خاص بالحاج لا يفعل شيئًا من المحظورات {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وهذا بالنسبة للحاج، وأما ابن عباس فيرى أنه إذا بعث الهدي فلا يجوز له أن يفعل شيئًا من المحظورات حتى يبلغ الهدي محله، لكن الصحيح أنه كما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يَحرم عليه شيء أحلَّه الله بالنسبة له إذا لم يحج، أما إذا حج فالحاج حكمه معروف، ولعل ابن عباس أيضًا يَسْتَشِف من حديث منع المضحي أن يأخذ شيئًا من شعره أو من بشرته حتى يذبح أضحيته، ولكن ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- في حديث عائشة هو الأصل، وأنه لا يَحرم عليه شيء مما حرَّمه الله منذ أن بعث الهدي إلى أن يذبح، فهو باقٍ على كونه حلالًا، وذلك خاص بالمحرم فهو الذي يُمنع حتى يبلغ الهدي محله.