تنبيه الصبي الذي لم يُميِّز على خطئه في الآداب

السؤال
هل يؤمر الصبي الذي لم يُميِّز وينبَّه على خطئه في المأكل والمشرب، ونحوها من الآداب؟
الجواب

الصبي الذي لا يُميِّز ولا يفهم الكلام بحيث يمتثل ما يُؤمر به حقيقةً أمره شبه عبث؛ لأنه لو امتثل وفهم الكلام صار مميزًا، لكن إذا كان يَفهم بعض الشيء دون بعض، فمثل هذا يُلاحظ فيما يَفهم ولا يُشق عليه بما لا يفهم، بحيث يُكلَّف ما لا يطيق.

المقصود أنه إذا ميَّز وفهم السؤال ورد الجواب وامتثل ما يُؤمر به ويُنهى عنه، هذا مميز، وأما قبل التمييز فإن تكليفه بمثل هذا فيه مشقة عليه وعلى غيره دون جدوى، لكن إذا ميَّز ويكفي أن يُعتنى بالطفل من التمييز، ولذلك لا يؤمر بالصلاة قبل سبع سنين، مع أن أهل العلم يختلفون في سن التمييز، فالمحدِّثُون يجعلون الحد الفاصل لصحة رواية الصبي من خمس سنين، فإذا بلغ الخمس جعلوه مميزًا وتصح روايته، ومنهم من يقول: قبل ذلك، ومنهم من يقول بالسبع. المقصود أن المعوَّل في ذلك على حديث محمود بن الربيع –رضي الله عنه- حين عقل المَجَّة من النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي في (صحيح البخاري) [77] وهو ابن خمس سنين، ولكن التمييز العام لجميع الأطفال في الغالب هو السبع؛ ولذلك أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يُؤمر الصبي بالصلاة وهو ابن سبع سنين ويُضرب عليها لعشر، وأما قبل ذلك فهو تكليف عليه ومشقة عليه وعلى أهله، فلا يُؤمر حتى يبلغ هذا السن، أو على الأقل يَفهم إذا وُجِّه، ويأتمر إذا أُمِر، وينتهي إذا نُهي، أما قبل ذلك فأمره ونهيه عبث ما لم يُقدِم على شيء يضره، فلا يُقدِم على شيء يضره ويُترَك ويُقال: هو لم يُميَّز! لا، إنما يُكفُّ ويُحجز عمَّا يضره ولو لم يُميِّز.

وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- للصبي: «سمِّ الله وكُلْ بيمينك وكُلْ ممّا يليك» [البخاري: 5376] هذا دليل على أنه يَفهم؛ لأنه خاطبه بعبارات لا يفهمها إلا مميز.