الصلاة في البيت بدون عذرٍ مع القدرة على الصلاة في المسجد

السؤال
هل تجوز الصلاة في البيت بدون عذرٍ مع القدرة على الصلاة في المسجد؟
الجواب

الذي يسمع النداء من الرجال البالغين تجب عليه الإجابة حيث يُنادى بها، ولما جاء ابن أم مكتوم –رضي الله عنه- يستأذن من النبي -عليه الصلاة والسلام- ويَذكر عذرَه وأنه رجلٌ أعمى بينه وبين المسجد وادٍ فيه شجر، وليس له قائدٌ يلائمه، فأذن له النبي -عليه الصلاة والسلام- في أن يُصلي في بيته، فلما أدبر دعاه النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال له: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم، قال: «فأجب» [مسلم: 653] «لا أجد لك رخصة» [أبو داود: 552].

وقد يستدل بعضهم بحديث عتبان بن مالك –رضي الله عنه- أنه لما كُفَّ بصره دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يُصلي في بيته؛ ليتخذه مسجدًا، فجاءه النبي -عليه الصلاة والسلام- وصلى في بيته مكانًا يتخذه مسجدًا [البخاري: 425]، ولا شك أنه لا معارضة بين الأمرين؛ لأنه فرقٌ بين أن يُكف البصر لشخصٍ كبير وهو بعيدٌ عن المسجد -وهو في بني عوف بن مالك، وهم بعيدون عن المسجد-، والمتوقع أنه لا يسمع النداء كابن أم مكتوم، وابنُ أم مكتوم كُفَّ بصره وهو صغير، وفرقٌ بين مَن يُكف بصره وهو كبير، فمثل هذا يصعب عليه المشي بدون قائد، بخلاف مَن يكون أعمى من صغره، فإنه قد يستطيع الوصول إلى ما يُريد من غير قائد، لكن مع ذلك العبرة بسماع النداء، ومَن يسمع النداء تلزمه الإجابة، وعليه أن يُصلي في المسجد حيث يُنادى بها، وأما مَن لا يسمع النداء فلا يلزمه ذلك، وإن سعى إليها مع بُعده عنها كان أجره أعظم، لكن مسألة اللزوم والوجوب إنما تلزم من يسمع النداء.

وجاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في (البخاري) وغيره أنه قال: «والذي نفسي بيده لقد هممتُ أن آمر بحطب، فيُحطب، ثم آمر بالصلاة، فيؤذَّن لها، ثم آمر رجلًا فيؤم الناس، ثم أُخالِف إلى رجال، فَأُحَرِّقَ عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقًا سمينًا، أو مرماتين حسنتين، لشهد العشاء» [البخاري: 644]، والعَرْق السمين هو: العظم إذا كان عليه لحم، والمرماتان الحسنتان في كثيرٍ من كُتب الشروح قالوا: هو ما بين ظلفي الشاة، وفي بعضها: ما بين ضلعي الشاة، ولعل هذا أقرب؛ لأن ما بين الضلعين من النوع الجيد من اللحم بخلاف ما بين الظلفين.

فالأصل وجوب صلاة الجماعة على الرجال البالغين في المساجد حيث يُنادى بها، ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر.