توكيل شخص في شراء عمارة وتسديده بالتقسيط أكثر مما دفع

السؤال
نرجو من فضيلة الشيخ توضيح الحكم الشرعي في هذه المسألة: عمارة سكنية معروضة للبيع وأود شراءها، ولكن ليس في استطاعتي دفع المبلغ كاملًا، فطلبتُ من أحد الأشخاص شراءها نيابةً عني، على أن أقوم بتقسيط المبلغ له، ولكن إجمالي ما أدفعه له أكثر من السعر الذي اشترى به العمارة، فهل هذه المعاملة جائزة؟
الجواب

هذا الذي طلب من أحد الأشخاص أن يشتري العمارة نيابة عنه، فكأنه هو الذي اشتراها لنفسه -هذا الطالب لشراء العمارة هو الذي اشتراها لنفسه-، ونتصوَّر المسألة حينئذٍ إذا شخصٌ اشترى عمارة وطلب من أحدٍ أن يدفع قيمتها، فدفع المطلوبُ منه قيمتَها، وزاد في قيمتها عليه؛ ليسددها على طريقة التقسيط، فكانت المعاملة دراهم بدراهم مع الزيادة والأجل، فحينئذٍ يجتمع فيها ربا الفضل وربا النسيئة، وهذا من المحرَّم المتفق على تحريمه والمجمع عليه. لكن لو أن طالب الشراء طلب من أحد الأشخاص أن يشتري العمارة لنفسه -للمطلوب منه-، فاشتراها المطلوب منه لنفسه، وملكها ملكًا تامًّا مستقرًّا، ثم باعها على الطالب لشرائها بالثمن الذي يُتفق عليه، والأجل الذي يُحدَّد من قِبلهما ويتفقان عليه، فلا مانع من ذلك، بعد أن يشتريها الأول، ويملكها ملكًا تامًّا مستقرًّا، ثم يبيعها على طالب العمارة المحتاج إليها، لا مانع من ذلك ولا بأس به ولو زاد في السعر في مقابل الأجل، وحينئذٍ يكون هذا هو الدَّين الذي قال الله فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282].

فالمحظور في صورة السؤال: أن الذي رأى العمارة وأرادها طَلَب من غيره أن يشتريها نيابة عنه، فكأنه هو الذي اشتراها وطلب من الثاني أن يُسدِّد القيمة؛ لأنه اشتراها نيابة عنه، فكأنه اشتراها بنفسه؛ لأن شراء النائب يقوم مقام المنوب عنه، وحينئذٍ تكون دراهم بدراهم.

والحل وتصحيح الصورة: أن يشتريها المطلوب منه لنفسه، ويملكها ملكًا تامًّا مستقرًّا، ثم يبيعها على مَن طلب منه شراءها، مع تحديد الثمن ولو زاد في مقابل الأجل، والله أعلم.