ترك التقاط اللقطة؛ تخوُّفًا من تبعة تعريفها

السؤال
كثيرًا ما أتخوَّف من تبعة تعريف اللقطة، فإذا وجدتُ مستلزماتٍ أو نقودًا مفقودة أتركها؛ لئلا أتحمل عناء هذه المسؤولية، ومرةً وجدتُ محفظةً فيها ألف وخمسمائة ريال فتركتُها، فهل تصرفي هذا صحيح؟
الجواب

اللقطة وهي ما يوجد مما يُتَموَّل يجوز أخذه والتقاطه لمن قدر على تعريفه إذا كان مما تلتفتُ إليه همةُ أوساط الناس، فيجوز له أن يلتقطه ويُعرِّفه، وإذا كان لا يضمن من نفسه القدرة على ذلك وأخْذُه يُفوِّته على صاحبه بحيث لو رجع إليه لم يجده، فهذا حينئذٍ لا يجوز له.

والقرطبي -رحمه الله- في تفسيره يقول: (اختلف الفقهاء في الأفضل مِن تركها –يعني اللقطة- أو أخذها، فمن ذلك أن في الحديث دليلًا على إباحة التقاط اللقطة وأخذ الضالة ما لم تكن إبلًا، وقال في الشاة: «لك، أو لأخيك، أو للذئب» [البخاري: 91] يحضُّه على أخذها، ولم يقل في شيء دعوه حتى يضيع أو يأتيه ربه، ولو كان ترك اللقطة أفضل لأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما قال في ضالة الإبل. وجملة مذهب أصحاب مالك أنه في سعة، إن شاء أخذها وإن شاء تركها، هذا قول إسماعيل بن إسحاق -رحمه الله-، وقال المزني عن الشافعي: لا أحب لأحد ترك اللقطة إن وجدها إذا كان أمينًا عليها، قال: وسواء قليل اللقطة وكثيرها).

وفي (التمهيد): (ولم يقل في شيءٍ من ذلك: دعوه حتى يضيع أو يأتيه ربه، ولو كان تَرْك اللقَطة أفضل لأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها –يعني- كما قال في ضالة الإبل، والله أعلم).

على كلِّ حال الإنسان إذا أَنِس من نفسه أنه يقدر على تعريفها فهذا الأفضل له أن يلتقطها، أفضل من أن تضيع أو تقع في يد شخصٍ لا يؤتَمنُ عليها، أما إذا عرف أنه لا يقدر على تعريفها فتَرْكها أفضل؛ ليأتي إما صاحبها أو مَن يقدر على تعريفها ممن لديه هذه القدرة أكثر مما لدى هذا الشخص الذي تركها، والله أعلم.