إعطاء الزوج زوجتَه مصروفًا شهريًّا من راتبه

السؤال
أنا رجل متزوج وزوجتي موظفة، وأنا أصرف على المنزل من راتبي، كما أُعطي زوجتي في السنة مرة؛ لكي تشتري ملابس لها ولأطفالها، لكن هل أنا ملزم بأن أُعطيها مصروفًا شهريًّا من راتبي؟
الجواب

يجب على الزوج نفقة زوجته وسكناها، ويلزمه ما يتعلَّق بأكلها وشربها وملبسها ومسكنها بما يكفيها من ذلك، ولا يجوز له أن يُقصِّر عليها، ويكون مطالبًا بما يكفيها حسب قدرته واستطاعته، فالغني ينفق على زوجته بقدره وبقدر ماله، والفقير كذلك، وليس في هذا حدٌّ معروف، لكن لا يجوز له أن يُقصِّر في حوائجها الأصلية.

وأما الراتب -المصروف الشهري المحدَّد على رأس كل شهر- فلا يلزمه ذلك، ولا يجب عليه أن يعطيها راتبًا شهريًّا ما دام قد وفَّر لها جميع الأشياء المطلوبة شرعًا مما ذكرنا من مأكلٍ ومشربٍ وملبسٍ ومسكنٍ، وكلٌّ بحسبه، لكن لا يجوز له أن يُقصِّر في حقها، ولا يجوز له أن يُلجئها إلى غيره ما دام قادرًا على ذلك، فكلٌّ بحسبه. ونسمع عن بعض الناس أنه غني ويُقصِّر في حق زوجته وفي حق أولاده، وهذا آثم ومسؤول أمام الله -جل علا-، حيث ضيَّع ما ائتمنه الله عليه، و«كفى بالمرءِ إثمًا أن يُضيِّع مَن يقوتُ» [أبو داود: 1692 / ويُنظر: مسلم: 996]، ففي (البخاري) عن أبي مسعود الأنصاري -وهو عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا أنفق المسلم نفقةً على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة» [5351]، وسُئل مِن قِبل الراوي عنه: "عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؟" فقال: "عن النبي -صلى الله عليه وسلم-"، وفي (البخاري) أيضًا عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا أُجرت عليها، حتى ما تجعل في فم امرأتك» [56]، وجاء أيضًا في (صحيح مسلم) في الحث على النفقة على مَن يمون عن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أفضل دينارٍ ينفقه الرجل دينارٌ ينفقه على عياله، ودينارٌ ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينارٌ ينفقه على أصحابه في سبيل الله»، قال أبو قلابة: "وبدأ بالعيال"، ثم قال أبو قلابة: "وأي رجل أعظم أجرًا من رجل ينفق على عيال صغار يُعفهم، أو ينفعهم الله به، ويغنيهم" [994].

المقصود أن النفقة واجبة على الزوجة والأولاد وعلى الدواب، أوجبها الله -جل علا- وفرضها على الأب الذي هو رب الأسرة، فلا يجوز له أن يُحوجهم إلى غيره مع القدرة. وأما الحد المحدود والراتب المحدَّد والمصروف الذي يقتطعه من ماله في كل شهر، فهذا لم يَرد فيه نص، ولكن إذا رأى أن يفرض لهم مصروفًا كافيًا: للزوجة مبلغ كذا، وللأولاد كل واحد مبلغ كذا، إذا رأى ذلك وأن هذا أيسر له، وأن المصلحة تتحقَّق بهذا، ولا يحصل عليهم نقص خلال الشهر، فإنه لا مانع منه من باب التنظيم والترتيب، وإلا فالأصل أنه لا يلزم إذا حصلت الكفاية بما يعطيهم.

وأما الضابط في الأمر الواجب في النفقة فعلى كل حال المسألة عرفية، وتختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة، واختلاف حال الزوج من العسر واليسر، فالضابط ألًّا يُحوج الزوجة ولا الأولاد إلى غيره، فيؤمِّن لهم الضروريات، وبقدر ما يستطيعه وما يوفق إليه من الكماليات، والخشية كل الخشية من الترف والتبذير الذي وقع فيه كثير من الناس، والتبذير والإسراف محرم في دين الإسلام، والله أعلم.