الهجرة من بلاد الإسلام التي استشرى فيها الفساد

السؤال
ذكرتم في المحاضرة أن الهجرة تكون من بلاد الكفر التي استشرى فيها الفساد والمنكر، والسؤال: ما الحكم في الهجرة من بلاد الإسلام إذا استشرى فيها الفساد ولم يُغيَّر، هل تكون واجبة أيضًا؟ وهل هناك حديثٌ معناه: «لا هجرة بعد الفتح»؟
الجواب

نعم، الحديث «لا هجرة بعد الفتح» [البخاري: 2783] صحيح، لكنه مخرَّجٌ عند أهل العلم على أنه لا هجرة من مكة بعد فتحها؛ لأنها صارت دار إسلام، ومنهم مَن يحمله على أنه لا هجرة بعد الفتح أفضل من الهجرة قبل الفتح، أو فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح، فالتخريج سهل. لكن يبقى أنه إذا وجدت المنكرات في بلدٍ وهو لا يَدَ له في تغيير هذه المنكرات، ولا يستطيع أن ينزوي في حيٍّ بحيث لا يطَّلع على هذه المنكرات التي لا يستطيع تغييرها، فإن مثل هذا مُرغَّب في هجرته إلى بلدٍ هو أخف منه في المنكرات، ومشاهدة المنكر لا تجوز إلا بنية تغييرها.

على كل حال لو أن الإنسان اقتصر في بلده الذي شاعت فيه المنكرات من بيته إلى مسجده الذي يخلو عن المنكرات، حينئذٍ يكون حِلْس بيته وجليس كتبه وأهله، يربِّيهم وينشِّئهم على الخير، ولا يغشى المحافل التي فيها المنكرات التي لا يستطيع تغييرها.