علاج الاعتداد بالرأي والتطاول على العلماء

السؤال
الاعتداد بالرأي والتطاول على أهل العلم والتسرُّع في الحكم على الآخرين مصيبة حلَّتْ ببعض طلبة العلم وغيرهم من الشباب، فما العلاج الناجع؟
الجواب

ذكرنا أن على الإنسان أن يهتم بنفسه وأن يسعى في خلاص نفسه قبل أن يسعى في خلاص الآخرين، والله -جل وعلا- لم يجعله حكمًا على العباد، إنما مَن وجد على أحد ملاحظة سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، كأن استفاض عند الناس أن الشيخ الفلاني أفتى بمسألة جانب فيها الصواب، أولًا: عليه أن يتأكَّد من حصول هذا الأمر، الأمر الثاني: عليه أن يذهب إلى أحد أقران هذا الشيخ ويسأل ويقول: ما رأيك في هذه الفتوى؟ وما رأيك في فتوى فلان؟ وهل صحيح أنها ثبتتْ عنه أو لا؟ ثم بعد ذلك ما الطريق المناسب لمناقشة هذا الشيخ؟ فما تجيء وتقول للشيخ -وأنت من طلابه، أو بمنزلة طلابه، أو بمنزلة أولاده-: (أنت أفتيتَ بكذا، فاتق الله، لا تضيِّع أديان الناس)، وكثير من الشباب الآن يسلك هذا المسلك: (اتق الله يا شيخ)، نعم الشيخ عليه أن يتقي الله -جل وعلا-، لكن أنت عليك الأدب، أليس هدفك أن تصل إلى الحق؟ الحق لن يتغيَّر بهذا الأسلوب، إنما عليك أن تسأل الشيخ وتقول: يا شيخ ما حكم كذا؟ وما رأيك فيمن يقول كذا؟ ثم بعد ذلك إذا تبيَّن وعندك دليل يخالف ما أفتى به فألقِ عليه الدليل، فتقول: ما رأيك في قول الله تعالى كذا، أو فيما يُؤثَر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كذا؟ يعني: على طريق السؤال، وحينئذٍ تستطيع أن تصل إلى قلبه، هذا خطاب الشباب.

وبالمقابل هناك خطاب للشيوخ، فعلى الشيخ أن يرفق بطالب العلم -أيضًا- ولا يُغلظ له القول، فإذا كان على طلاب العلم أن يحترموا الشيوخ، فعلى الشيوخ -أيضًا- أن يرفقوا بهم ويتلطَّفوا بهم، وأن يحاولوا جمع الكلمة لا التفريق، فإذا جاء طلابُ العلم -أهلُ الغيرة على الحق وعلى الدين- إلى شيخ من الشيوخ، ولو أغلظوا على هذا الشيخ، فهم عليهم أن يتأدَّبوا، لكن افترض أنهم ما تأدَّبوا، فعلى الشيخ -أيضًا- ما يخصه من الخطاب، فعليه أن يحتويهم ويرحِّب بهم، ويثني عليهم ويدعو لهم، وبهذا يستطيع الدخول إلى قلوبهم والتأثير عليهم، ثم بعد ذلك يوجههم بما شاء، فالمسألة تحتاج إلى شيء من حسن التعامل بين الطرفين.