الفرق بين رفع الحدث وزوال الخبث

من شروط الصلاة : إزالة النجس ورفع الحدث، وهناك فرق بين هذين الشرطين في حال النسيان، رغْمَ أنهما شرطان من شروط صحَّة الصلاة.

فلو نسي أحدهم كونَه محدثًا، وصلى قبل أن يرفع الحدث الأصغر، أي: صلَّى بغير وضوء ناسيًا، وآخر صلى ونسي إزالة النجاسة التي على ثوبه أو بدنه، هل يقال ببطلان الصلاة في الصورتين؟

يقول أهل العلم: رفْعُ الحدث وإزالةُ النجاسة كلاهما شرط، لكن هناك فرقٌ بيْن المسألتين، فالرسول صلى الله عليه وسلم لمَّا صلَّى بالنعلين، وفيهما نجاسة أُمِر بخلعهما ولم يُعد الصلاة؛ فدل هذا على صحةِ صلاةِ الناسي لنجاسة ثوبه أو غيره؛ إذ لو كانت باطلة، لأُمر صلى الله عليه وسلم بإعادتها. وإنْ كان المعروف والمشهور من مذهب الحنابلة: أنهم يقيِّدون هذا الحكم بأنه لو علم بوجود النجاسة، ثم جهلها، أو نسيها، أعاد الصلاة، لكنَّ الصواب ما تقدم؛ لقوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]، وفي الحديث الصحيح: «قال: «قدْ فعَلْتُ» [مسلم (126)]، ولحديث: «رُفِعَ عن أمَّتي الخطأُ والنِّسيانُ وما استُكْرِهوا عليه» [ابن ماجه 2043].

فالنسيانُ - كما يقرِّر أهل العلم - يُنزِّل الموجودَ منزلةَ المعدومِ، فالنجاسة الموجودة نسيانًا تُنزَّل منزلة المعدوم، أي: كأنها غير موجودة، ولا ينزِّل المعدومَ منزلةَ الموجود؛ فالوضوء معدوم، فلا ينزِّل النسيانُ عدمَ الوضوء منزلةَ وجوده؛ وعليه: فمن صلَّى وهو على غير طهارة ناسيًا، وجبتْ عليه إعادةُ الصلاة.

فالخُلاصة: أن نسيانَ النَّجاسة لا يُبطِل الصلاةَ، ونسيانُ الحدثِ يبطلها.