كتاب الجامع من سبل السلام (20)

نعم..

أحسن الله إليك.

"الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

اللهم اغفر لشيخنا وللمستمعين.

أما بعد،

فقال في البلوغ وشرحه في باب الترهيب من مساوئ الأخلاق من كتاب الجامع:

وعن محمود بن لبيد -رضي الله عنه- هو محمود بن لبيد بن رافع الأنصاري الأشعري، ولد على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحدَّث عنه أحاديث قال البخاري: له صحبة. وقال أبو حاتم: لا نعرف له صحبة، وذكره مسلم في التابعين قال.. وذكره مسلم في التابعين، قال ابن عبد البر: والصواب قول البخاري، وهو أحد العلماء، مات سنة ست وسبعين."

أو وتسعين.

أحسن الله إليك.

ماذا عندك؟

سبعين، ست وسبعين.

عندي: وتسعين، وما أدري والله الصواب، ما أدري ماذا صوابه؟ لا بد أن تراجعه.. مولود على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو يحتمل ستًا وسبعين أو ستًا وتسعين كلهن إن كان عُمِّر إلى ست وسبعين أو ست وتسعين كلهن محتمل، والذي يحسم ذلك المراجعة.

أحسن الله إليك.

"قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر»، كأنه قيل: وما هو؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: «الرياء». أخرجه أحمد بإسناد حسن. الرياء مصدر راءى فاعَل، ومصدره يأتي على بناء مفاعلة وفعال، وهو مهموز العين.."

مراءاة ومراء.

أحسن الله إليك.

"وهو مهموز العين؛ لأنه من الرؤية، ويجوز تخفيفها بقلبها ياءً، وحقيقة الرياء لغة هو أن يرى.."

أن يُرِيَ..

أحسن الله إليك.

"وحقيقة الرياء لغة هو أن يُرِيَ غيره خلاف ما هو عليه."

مراءاة الغير بفعل الخير، مراءاة الغير بفعل الخير هذا مع كونه أنفذ هذا الخير وفعل هذا الخير يرائي بصدقته يعطي فكيف يمن؟ يعطي ثم يمنع بين الناس يكتب شيكًا بمبلغ كبير، ويسلمه للمحتاج أو صاحب المشروع، ثم طلع مع الباب واتصل على البنك ووقفه.

طالب: ..........

المقصود أن مثل هذا أعظم، أعظم بكثير هذا، نسأل الله العافية، هذا رياء وبخل وشح، وكل شيء، نسأل الله العافية، ولا هو مثال افتراضي واقعة، نسأل الله العافية، يعني يصل الأمر إلى هذا الحد، نسأل الله العافية.

أحسن الله إليك.

"وشرعًا أن يفعل الطاعة، ويترك المعصية مع ملاحظة غير الله تعالى أو يخبر بها أو يحب أن يُطَّلَع عليها لمقصد دنيوي من مال أو غيره والكل محرم."

فعل العبادة مخلصًا لله- جل وعلا- في سر، ثم يصبح يتحدث أنه البارحة قام وصلى كذا، وقرأ من القرآن كذا، وذكر الله كذا، العمل بدأ بإخلاص، وانتهى بإخلاص، لكن الحديث عنه هذا لا يحبطه، لكنه يقلل أجره، يقلل أجره، وإذا كان العمل صحيحًا مقرونًا بالإخلاص من بدايته إلى نهايته وما تحدث عنه، لكن رآه من رآه، وصار يتحدث، وفرح بهذا الحديث؛ لأنه ليس له فيه يد هل يدخل {يُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ} [سورة آل عمران:188]؟

طالب: ..........

نعم، بعض العلماء يقول: ما يدخل في الذم، ولا يضره هذا المدح، ولو فرح به؛ لأنه يُمدَح بما فعل، لكن لا شك أن الإخلاص أن تحسم هذه المادة، يقول ابن القيم: إذا حدثتك نفسك بالإخلاص فاعمد إلى حب المدح والثناء فاذبحه بسكين علمك ويقينك أنه لا أحد ينفع مدحه ويذم ويضر ذمه إلا الله- جل وعلا-. قال الأعرابي للنبي -عليه الصلاة والسلام-: يا محمد أعطني فإن مدحي زين وذمي شين، قال: «ذاك الله سبحانه وتعالى».

أحسن الله إليك.

"وقد ذمه الله في كتابه، وجعله من صفات المنافقين في قوله تعالى: {يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [سورة النساء:142]، وقال: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [سورة الكهف:110]، {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ} [سورة الماعون:4] إلى قوله: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ} [سورة الماعون:6]، وورد فيه من الأحاديث الكثيرة الطيبة الدالة على عظمة عقاب المرائي، فإنه في الحقيقة عابد لغير الله."

نعم، والثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار هم من هذا النوع كلهم، كل الثلاث، العالم الذي يؤتى به فيعرَّف بالنعم وماذا فعلت بها يا فلان؟ قال: والله تعلمت العلم، وقرأت القرآن، وعلمت الناس، وأقرأتهم إياه. قال: كذبت، تعلمت؛ ليقال: عالم، وقرأت؛ ليقال: قارئ، فيسحب إلى النار- نسأل الله العافية- بعد تعب سنين عقود في خمسين ستين سنة جالس يعلم الناس الخير، وهو على حد زعمه، ثم يفاجأ بقوله: {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [سورة الزمر:47]، ومثله المتصدق، عنده أموال فيتصدق، ما يسمع بمشروع إلا ساهم فيه، ثم يؤتى به فيقول: جمعت المال من حله، وتصدق به وأنفقته لوجهك، ثم يقال: لا، أنفقته؛ ليقال جواد، ومثله المجاهد، نسأل الله العافية.

أحسن الله إليك.

"وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى: «من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري فهو له كله، وأنا منه بريء، أنا أغنى الأغنياء عن الشرك»."

الشركاء.. أنا أغنى الشركاء في بعض الروايات، وبعضها.. لكن الذي يظهر أنها الشركاء..

"واعلم أن الرياء بالبدن، وذلك بإظهار النحول والاصفرار؛ ليوهم بذلك شدة الاجتهاد، والحزن على أمر الدين، وخوف الآخرة، وليدل بالنحول على قلة الأكل، وبتشعث الشعر ودرن الثوب يوهم أن همه بالدين ألهاه ذلك، وأنواع هذا واسعة، وهو ليرى أنه من أهل الدين والصلاح، ويكون الرياء بالقول بالوعظ في المواقف، وبذكر حكايات الصالحين؛ ليدل على عنايته بأخبار السلف، وتبحره في العلم، ويتأسف على مقارفة الناس للمعاصي، والتأوِّه من ذلك، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحضرة الناس، والرياء بالقول لا تنحصر أبوابه، وقد تكون المراءاة بالأصحاب والأتباع والتلاميذ، فيقال.."

في كثرتهم وقلتهم، يعني إذا كثروا صار يتباهى بهم في المجالس، أنا حضر عندي كذا، أنا.. فلان ما حضر عنده أحد، وأنا حضر عندي، وإذا دخلت أقبل الناس، وإذا خرجت أدبروا، والله المستعان.

أحسن الله إليك.

"وقد تكون المراءاة في الأصحاب والأتباع والتلاميذ فيقال: فلان متبوع قدوة، والرياء باب واسع إذا عرفت ذلك فبعض أبواب الرياء أعظم من بعض؛ لاختلافه باختلاف أركانه، وهي ثلاثة المرائي به."

المراءى به.

أحسن الله إليك.

"وهي ثلاثة: المراءى به، والمراءى لأجله، ونفس قصد الرياء؛ فقصد الرياء لا يخلو من أن يكون مجردًا عن قصد الثواب أو مصحوبًا بإرادته، والمصحوب بإرادة الثواب لا يخلو عن أن تكون إرادة الثواب أرجح أو أضعف أو متساوية، فكانت أربع صور:

 الأولى: ألا يكون قصد، ألا يكون قصَد الثواب، بل فعل الصلاة مثلاً؛ ليراه غيره، وإذا انفرد لم يفعلها، وأخرج الصدقة؛ لئلا يقال: إنه بخيل، وهذا أغلظ أنواع الرياء وأخبثها، وهو عبادة للعباد.

 الثانية: قصد الثواب، لكن قصدًا ضعيفًا، بحيث إنه لا يحمله على الفعل إلا الرياء. الثانية قصَد الثواب، لكن قصْدًا ضعيفًا، بحيث إنه لا يحمله على الفعل إلا الرياء، ولكنه قصَد الثواب فهو كالذي قبله.

 والثالثة تساوي.."

لأن الحكم للأغلب، والمراءاة أغلب وأقوى من قصد الثواب.

"والثالثة: أن يتساوى القصدان، بحيث لم يبعثه على العمل إلا مجموعهما، ولو خلى عن كل واحد منهما لم يفعله، فهذا تساوى صلاح قصده وفساده، فلعله يُخرج رأسًا.."

يَخرج.

أحسن الله إليك.

"فلعله يَخرج رأسٌ.."

رأسًا برأس.

"فلعله يَخرج رأسًا برأس، لا له ولا عليه.."

ما هو معروفة رأس برأس بالمبايعات؟ قلت هذه السيارة بهذه السلعة رأس برأس، يعني لا تزيدني ولا أزيدك.

طالب: ..........

والله الرياء شأنه خطير عظيم جدًّا، يسيره شرك، يسير الرياء شرك.

أحسن الله إليك.

"الرابعة: أن يكون اطلاع الناس مرجحًا ومقويًا لنشاطه، ولو لم يكن لما ترك العبادة، قال الغزالي: والذي نظنه- والعلم عند الله- أنه لا يحبط أصل الثواب، ولكنه ينقص ويعاقَب على مقدار قصد الرياء، ويثاب على مقدار قصد الثواب، وحديث: أنا أغنى الأغنياء عن الشرك محمول على ما إذا تساوى القصدان، أو كان قصد الرياء أرجح.

 وأما المراءى به، وهو الطاعات، فينقسم إلى الرياء بأصول العبادات، وإلى الرياء بأوصافها، وهو ثلاث درجات: الرياء بالإيمان، وهو إظهار كلمة الشهادة، وباطنه مكذِّب، فهو مخلَّد في النار، في الدرك الأسفل منها، وفي هؤلاء أنزل الله تعالى: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} [سورة المنافقون:1] الآية، وقريب منه الباطنية الذين يظهرون الموافقة في الاعتقاد، ويبطنون خلافه، ومنهم الرافضة أهل التُّقْيَة."

التَّقِيَّة.

أحسن الله إليك.

"ومنهم الرافضة أهل التَّقِيَّة، الذين يظهرون لكل فريق أنهم منهم تَقِيَّة، وإلى الرياء بالعبادات كما قدمنا.."

التقية في حقيقتها هي النفاق.

أحسن الله إليك.

"وهذا إذا كان الرياء في أصل المقصد، وأما إذا عرض الرياء بعد الفراغ من فعل العبادة لم يؤثر فيه إلا إذا ظهر العمل للغير، وتُحدِّث به."

أو إلا إذا أظهر وتَحدَّث به؛ لأنه قد يظهره غير ما يضره، لكن هو يظهره.

"وأما إذا عرض الرياء بعد الفراغ من فعل العبادة لم يؤثر فيه إلا إذا أظهر العمل للغير، وتحدث به، وقد أخرج الديلمي مرفوعًا: «إن الرجل ليعمل عملاً سرًّا، فيكتبه الله عنده سرًّا، فلا يزال به الشيطان حتى يتكلم به، فيمحى من السر، ويكتب علانية، فإن عاد تكلم، فإن عاد تكلم الثانية محي من السر والعلانية، وكتب رياءً»، وإما قارن باعث الرياء باعث العبادة، ثم ندم في أثناء العبادة، فأوجب البعض من العلماء الاستئناف؛ لعدم انعقادها، وقال بعضهم: يلغو جميع ما فعله إلا التحريم، وقال بعضهم: يصح؛ لأن النظر إلى الخواتم، كما لو ابتدأ بالإخلاص وصحبه الرياء من بعده.

 قال الغزالي: والقولان الآخران خارجان عن قياس الفقه، وقد أخرج الواحدي في أسباب النزول جواب جندب بن زهير لما قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إني أعمل العمل، وإذا اطلع عليه سرني.."

لله، لله.. إني أعمل العمل لله..

"إني أعمل العمل لله، وإذا اطلع عليه سرني، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «لا شريك لله في عبادته» وفي رواية: «إن الله لا يقبل ما شُورك فيه». رواه ابن عباس. وروي عن مجاهد أنه جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أتصدق وأصل الرحم، ولا أصنع ذلك إلا لله، ويذكر ذلك مني فيسرني وأعجب به، فلم يقل النبي -صلى الله عليه وسلم- له شيئًا، حتى نزلت الآية يعني قوله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [سورة الكهف:110]، ففي الحديث دلالة على أن السرور بالاطلاع على العمل رياء، ولكنه يعارضه ما أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال: حديث غريب."

لكن يعارضه حديث: «عاجل بشرى المؤمن» كونه يمدَح بما فيه من خير ومن غير قصد لذلك ولا ترقب له هذا يكون من عاجل البشرى.

طالب: ..........

ما يضر.. الناس يشهدون له، شهداء الله في أرضه..

طالب: ..........

يفرح بنعمة الله عليه، وأن الله وفقه، ويسر له هذه النعمة، من هذه الحيثية يؤجر عليها.

طالب: ..........

نفس الشيء: «للصائم فرحتان» من هذا الباب.

أحسن الله إليك.

"ولكنه يعارضه ما أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال: حديث غريب، قال: قلت: يا رسول الله، بينا أنا في بيتي، في صلاتي، إذ دخل علَيَّ رجل، فأعجبني الحال التي رآني عليها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لك أجران»، وفي الكشاف من حديث جندب أنه -صلى الله عليه وسلم- قال له: «لك أجران؛ أجر السر وأجر العلانية»، وقد يرجح هذا الظاهر قوله تعالى: {وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [سورة التوبة:99]."

ما الكشاف هذا؟

ما أدري والله،.. الجزء الثاني صفحة أربعمائة وأربعة.

طالب: الزمخشري؟

إذا كان الزمخشري فتخريجه للمناوي وابن حجر له تخريج.. يمكن..

أحسن الله إليك.

"وقد يرجح هذا الظاهر قوله تعالى: {وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول} [سورة التوبة:99]، فدل على أن محبة الثناء من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا تنافي الإخلاص، ولا تعد من الرياء، ويتأول الحديث الأول بأن المراد.."

الإشكال أن يفرح الإنسان بمدح من لا خير فيه، بمدح من لا خير فيه إذا مُدِح.. من قِبَل الكتاب الذين شأنهم وديدنهم الوقوع في الدين وأهله، وسلم من ذمهم، وصاروا يمدحونه يفرح فرحًا عظيمًا، هذه مشكلة.

وإذا أتتك مذمتي من ناقص

 

 

 

 

فهي الشهادة ...............

 

 

يعني إذا ذموك فأنت فيك خير، إن شاء الله، بخلاف ما إذا مدحوك فإنهم لا يمدحونك إلا لموافقتك إياهم.

أحسن الله إليك.

"ويتأول الحديث الأول بأن المراد بقوله: إذا اطلع عليه سرني؛ لمحبته للثناء عليه، فيكون الرياء في محبته الثناء على العمل، وإن لم يخرج العمل عن كونه خالصًا، وحديث أبي هريرة ليس فيه تعرض لمحبته الثناء من المطلع عليه، وإنما هو مجرد محبة لما يصدر عنه وعلم به غيره. ويحتمل أن يراد بقوله: فيعجبني، أي يعجبه شهادة الناس له بالعمل الصالح؛ لقوله- صلى الله عليه وسلم-: «أنتم شهداء الله في الأرض».

 قال الغزالي: أما مجرد السرور باطلاع الناس إذا لم يبلغ أمره بحيث يؤثر في العمل فبعيد أن يفسِد في العبادة."

طالب: ..........

تحدثه بذلك، ومدح الصالحين له.. من هذه الحيثية.

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «آية المنافق» أي علامة نفاقه «ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان». متفق عليه، وقد ثبت عند الشيخين من حديث عبد الله بن عمرو رابعة، وهي: «وإذا خاصم فجر»، والمنافق من يظهر الإيمان ويبطن الكفر."

ويسمونه في عهد من بعد التابعين يسمونه الزنديق.

أحسن الله إليك.

"في الحديث دليل على أن من كانت فيه خصلة من هذه كانت فيه خصلة من النفاق، فإن كانت فيه هذه كلها فهو منافق كامل النفاق، وإن كان موقنًا مصدقًا بشرائع الإسلام؛ لحديث «وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم».

 وقد استُشكِل الحديث بأن هذه الخصال قد توجد في المؤمن المصدق القائم بشرائع الدين، ولما كان كذلك اختلف العلماء في معنى الحديث؛ قال النووي: قال المحققون والأكثرون، وهو الصحيح المختار: إن هذه الخصال هي خصال المنافقين، فإذا اتصف بها أحد من المصدقين أشبه المنافق، ويطلق عليه اسم النفاق مجازًا، فإن النفاق هو إظهار ما يبطن خلافه، وهو موجود في صاحب هذه الخصال، ويكون نفاقه في حق من حدثه ووعده وائتمنه وخاصمه وعاهده من الناس، لا أنه منافق في الإسلام وهو يبطن الكفر. وقيل: إن هذا كان في حق المنافقين الذين كانوا في أيامه -صلى الله عليه وسلم- تحدثوا بإيمانهم، فكذبوا، وائتمنوا على دينهم فخانوا، ووعدوا في الدين بالنصر فأخلفوا، وفجروا في خصوماتهم، وهذا قول سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح، ورجع إليه الحسن بعد أن كان على خلافه."

إذا انطبقت هذه الصفات على المنافقين فمن يشابههم فيها مجتمعة فهو على خطر عظيم.

أحسن الله إليك.

"وهو مروي عن ابن عباس وابن عمر، وروياه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال القاضي عياض: وإليه مال كثير من الفقهاء، وقال الخطابي عن بعضهم: إنه ورد الحديث في رجل معيَّن، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يواجههم بصريح القول، فيقول: فلان منافق، وإنما يشير إشارة وحكى.."

يذكر قاعدة يندرج فيها هذا وغيره.

أحسن الله إليك.

"وحكى الخطابي أن معناه التحذير للمسلم أن يعتاد هذه الخصال التي يُخاف عليه منها أن تفضي به إلى حقيقة النفاق، وأيد هذا القول بقصة ثعلبة الذي أنزل الله تعالى فيه: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ} [سورة التوبة:77]."

لكن القصة باطلة.

أحسن الله إليك.

"فإنه آل به خلف الوعد والكذب إلى الكفر، فيكون الحديث للتحذير من التخلق بهذه الخلال التي تؤول بصاحبها إلى النفاق الحقيقي الكامل."

 

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه... اللهم صل على البشير النذير...