عمدة الأحكام - كتاب النكاح (3)

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى- وغفر له ولشيخنا وللحاضرين:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن)) قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: ((أن تسكت)).

نعم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تنكح الأيم))" والأيم هي الثيب التي تأيمت بفقد زوجها بطلاق أو وفاة، والثيب في العرف الشرعي من وطئت بنكاح صحيح، هذه هي الثيب، أما من وطئت بنكاح شبهة أو بزنا نسأل الله السلامة والعافية هذه ليست بأيم ولا ثيب، ولا تترتب عليها أحكام الأيم، ولو تكرر ذلك منها، نسأل الله السلامة والعافية، فليس حكمها حكم الثيب، فإذا تزوجت على امرأة سابقة كما سيأتي يقسم لها سبع ليال؛ لأنها حكماً بكر، ولو قلنا: بأن الثيب والأيم وصف مرتبط بالبكارة لقلنا: إنها إذا زنت في المرة الأولى تجلد، وإذا زنت في المرة الثانية يترتب على ذلك أنها ترجم، لكن هي لا تزال بكراً، ما لم توطأ بنكاح صحيح، فإذا وطئت بنكاح صحيح صارت ثيباً.

وهل تثبت أو يثبت الوصف المذكور بالعقد أو بالدخول؟ نعم؟ يثبت بالدخول، وهل يكفي مجرد الدخول وإرخاء الستر لتترتب الأحكام؟ ليكون مدخولاً بها أو لا بد من الوطء؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، ولعله يأتي لها مناسبة.

يقول: ((لا تنكح الأيم)) إذا قلنا: (لا) ناهية، كسرنا الحاء، وإذا قلنا: إنها نافية رفعنا الحاء "لا تنكحُ" ويأتي النفي مراداً به النهي وهو أبلغ من النهي الصريح عند أهل العلم، لكن إذا قلنا: ناهية لما نكسر الحاء ((لا تنكح الأيم)) {يَرْفَعِ اللَّهُ} [(11) سورة المجادلة] مو الجر من خواص الأسماء؟ نعم الجر من خواص الأسماء، كيف نجر فعل؟ نعم؟

طالب:.......

نعم يعني لالتقاء الساكنين، طيب الآن إذا التقى الساكنان نفر من التقاء الساكنين إلى حركة أخرى، لماذا فررنا إلى حركة لا تصلح للفعل؟ لماذا ما رفعناه وإلا نصبناه؟ مرادنا أن نفر من التقاء الساكنين نأتي بحركة تصلح للفعل، ما نأتي بحركة لا تصلح إلا للاسم، إذا كان القصد الفرار من التقاء الساكنين.

طالب:.......

نعم لأن لا يلتبس بالفعل الذي يؤثر فيه عامل النصب أو الفعل الذي خلا من العوامل، هو الآن دخل عليه عامل، إن رفعناه ألغينا العامل، وإن نصبناه التبس الجازم بالناصب، ظاهر وإلا ما هو ظاهر؟ نعم، فنلجأ إلى حركة يعرف القارئ أنه ليس بمنصوب ولا مرفوع تغير حكمه، وإلا فالأصل أن الجر من علامات الاسم.

والاسم قد خص بالجر كما

 

قد خصص الفعل بأن ينجزما

يعني من خواص الأفعال الجزم، ومن خواص الأسماء الجر.

بالجر والتنوين والنداء و(أل)

 

ومسند للاسم تمييز حصل

المقصود أنها إذا كانت (لا) ناهية لا بد من الكسر، كما في قوله -جل وعلا-: {يَرْفَعِ اللَّهُ} [(11) سورة المجادلة] نعم، (متى أضعِ العمامة) نعم لأجل نفر من التقاء الساكنين إلى حركة لا يوجد لها نظير عند عدم العامل، ولا عند عامل يقتضي غير الجر؛ ليرتفع اللبس.

((لا تنكح الأيم)) عرفنا الأيم ((حتى تستأمر)) السين والتاء للطلب، يعني يطلب أمرها بكلامها، ((ولا تنكح البكر)) وهي من لم توطأ بنكاح صحيح ولو حصل لها وطء بشبهة أو بارتكاب مخالفة، ولو زالت بكارتها بأي سبب من الأسباب لا تزال بكراً ما لم توطأ بنكاح صحيح، فمن زالت بكارتها وهي لم تتزوج وتوطأ بنكاح صحيح فهي بكر، قد يقول قائل: إن هذه فلانة من الناس زالت بكارتها بعلاج مثلاً احتيج إلى ذلك، بوثبة، بوطء شبهة، بمخالفة، بزنا، إذا خطبت نقول: بكر أو ثيب؟ هي زالت بكارتها هي حكماً بكر، والبكارة لها أرش عند أهل العلم، لكن هل يلزم من ذلك إخبار الخاطب بأنها ما زالت بكر أو لا؟ المسألة فيها حرج كبير، ويكثر السؤال في مثل هذه الصورة، ارتكبت ما ارتكبت ثم تابت توبة نصوحاً هدمت ما كان قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، هل يخبر الخاطب أو لا يخبر؟ فما شك أن المسألة من عضل المسائل، إن أُخبر معناها لا أحد يقدم عليها، وإن لم يخبر غش عظيم له، يعني ما هو المسألة مثل المسائل التي..، نعم إثمها وأثرها في الآخرة انتهى بالتوبة النصوح، لكن يبقى العار، لو يعلم الزوج أو أولاده فيما بعد ماذا يكون مصيره؟ المسألة تحتاج إلى عناية شديدة، إن أُخبر الخاطب قد يقول قائل: تجلس بدون زواج، كل من أقدم يقال له: ترى حصل منها ما حصل، وماذا عن الرجل لو حصل منه هذا؟ هل يخبر من يخطب منه أو لا يخبر؟ هذه مسائل تحتاج إلى عناية، لكن الأثر الفعلي إنما هو في المرأة أما في الرجل لا يتبين فيه أثر، وإن كان الذنب واحد، الفاحشة واحدة، يشترك فيها الفاعل والمفعول به إلا المكره ما له حكم، فالمسألة تحتاج إلى عناية، إن وجد من يقبل بها إذا أخبر هذا هو الأصل؛ لأنه يقدم على بينة بحيث لو أثير فيما بعد ما يتأثر...، ما يتغير عليه......، وبعضهم يقول: إنه يزوجها زواجاً صورياً بحيث لو عرفت فيما بعد يقال: والله هذه مطلقة سبق أن تزوجت، فمن باب الساتر عليها.......، الاسترسال في الستر الاسترسال لا أقول: أصل الستر، أصل الستر شرعي، ومن ستر مسلماً ستره الله، هذا الأصل في الستر، لكن الاسترسال فيه، وستر جميع القضايا لا يجعل هناك رادع للمجرمين؛ لأن بعض المجرمين المتجه في حقه أن يفضح ما هو بيستر، يعني متى يرتدع؟ فمثل هذه المسائل تحتاج إلى عناية، وكل حالة تدرس على حده، ولا يحسن أن يصدر حكم عام في مثل هذا؛ لأن هذه أمور فيها المصالح والمفاسد، وتخضع للبيئات والظروف وما أدري إيش؟ إحنا في بيئات -نسأل الله السلامة والعافية- مبتلات بمثل هذا، وهنا..، أقول: مجتمعات -ولله الحمد- سلمت من مثل هذه الأمور، ويقدم الإنسان وهو مرتاح، لكن عاد الله المستعان، لكن عاد الانفتاح انفتاح الدنيا ضرر محض، الله المستعان.

((ولا تنكحوا البكر حتى تستأذن)) يعني حتى يطلب إذنها، الثيب انتهى الحياة يعني ما هو انتهى بالكلية، لكن الحياء المتعلق بهذه المسألة لأنها عاشرت الرجال، وخرجت عن بيت أهلها إلى بيت أجنبي، وصار أقرب إليها من أهلها، وزالت الكلفة بينهم، بالإمكان إذا عرض عليها فلان أو فلان، تريدين فلان لا تريدين فلان تقول: نعم أو لا، يعني لا تتردد في الجواب، لكن البكر التي ما تعودت ولا خرجت من خدرها تستحيي أن تقول: أريد ولا أريد، هذا الأصل في بني آدم عموماً مسلمين أو غير مسلمين، هذا الأصل فيهم، وهذا الأصل تأكد في الإسلام؛ لأن النساء أمرن بالقرار في البيوت {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [(33) سورة الأحزاب] وأمرن بالحياء والعفة، والآن مع هذا الانفتاح تجد عشر وإحدى عشر سنة واثنا عشر سنة تتحدث ماذا تصنع؟ وماذا تفعل إذا تزوجت؟ وتريد فلان، وتريد زوج شكله كذا، وهيئته كذا، وشعره كذا، لا شك أن هذا خلاف الفطرة، وخلاف الشرع، الأصل في البكر أنها ما تعرف غير والديها وإخوانها، وإذا كان الأمر في الذكور يعني في جيلنا مثلاً تزوجوا من ثلاثين سنة مثلاً يعقد له درس قبل الدخول يخبر كيف يصنع؟ وش يبي يسوي؟ بيدخل على امرأة ما يدري إيش يسوي؟ وحصل وقائع وحوادث مضحكة ما يدري إيش يصنع؟ والآن الأطفال في الكتاب يعرفون، هذا سببه إيش؟ الانفتاح المذموم المشين، صارت الآن العمليات قدام الأطفال تفعل، طفل عمره ثلاث سنوات يسأل جدته إيش لون تحملون أنتم قبل؟ يعني هذا سؤال محرج كيف تقول له؟ تقول: كانت هناك حبوب نأكلها ونحمل، يقول: ما عندكم جماع أنتم؟ وش تقول؟ هي تريد تخفي عليه وهو صار أعرف منها، شيء شيء ما يخطر على بال، يعني فساد ذريع من خلال هذه القنوات، فساد ذريع، والمعصوم من عصمه الله، وبهذا نعرف خطورة هذه الآلات، بعض الناس يتذرع يقول: أنا أشوف الأخبار، وأطلع على أحوال العالم، وإخواننا المسلمين الذين يقتلون..، تطلع على الأخبار بإهلاك من ائتمنك الله عليهم؟! مثل هذا يسوغ؟! لا يسوغ البتة، يعني لأن يعيش الإنسان جاهلاً خام ما يعرف شيء من الواقع أفضل بكثير من أن يزيغ قلبه، أو يزيغ من تحت يده بهذه الأمور، يعني المسألة ما هي بشهوات فقط شبهات بعد، أفكار إلحادية وزندقة تدخل في بيوت العوام، شبه لا يستطيعون ردها، حار فيها كثير من طلاب العلم فضلاً عن العامة، ويأتي من يأتي يقول: أدخل القنوات من أجل أن أسمع الأخبار وخلاص ونقفله، طيب من يضمنك؟ وحصل بسبب هذا التساهل كوارث، يتمنى الإنسان أنه مات قبل سماعها، قبل حصولها في بيته وفي محارمه، شيء لا يطاق، وإذا وقع الفأس في الرأس بدينا نبحث عن الحلول والفتاوى، وطبيب نفسي، ومشرف اجتماعي يحل لنا هذه الإشكالات، يا أخي احسم المادة وترتاح، احسم المادة تنتهي.

"قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: ((أن تسكت))" يعني ما في غير السكوت، وش تبي تقول البنت اللي ما سبق أن جربت؟ ما عندها إلا تسكت.

طالب:.......

نقلة لا تخطر على البال، الزوج إذا خرج صبيحة العرس، دخل بزوجته البارحة وصبيحة العرس كأنه جاي من معركة، من معركة والله صحيح، الدم في وجهه وفي يديه وفي كذا، يعني المسألة ما هي بتهاويل، وكانت النساء يربطن السراويل بأحزمة، كل هذه لأنها ما تعرف هذه الأمور، ولا تدري وش يصير؟ كلها من حفاظها على نفسها، ويدخل الداخل الآن على الزوجة وشلحة ما تحتاج شيء، يعني شيء ما يخطر على البال، يعني ألا نخشى من عقوبة مثل هذه التصرفات؟! قد يقول قائل: هذه زوجته ويتصرف..، لكن هذه التصرفات وراءها ما وراءها، أين العفة؟ أين الحشمة؟ أين؟ يعني هذه التصرفات لها ما وراءها، يعني ما جاءت من فراغ هذه التصرفات، وإن كان الناس بدو ولا يفهمون شيء، خلهم لا يفهمون وش يفهمون؟ يفهمون فجور وإجرام ومعاصي ومنكرات، لا يفهمون يا أخي، والله المستعان، نعم.

يقول: ((لا تنكح الأيم حتى تستأمر)) فلا يجوز لوليها أن يجبرها، لا بد من أخذ الموافقة الصريحة الثيب لا بد من أخذ الموافقة الصريحة التي لا تحتمل، هاه تريدين فلان؟ تريد فلان تتوكل، ومسألة عرض الخاطب على البنت..، مسألة الولي، الولي له وجود شرعي يشترط لا بد منه عند الجمهور، فليس وجودهم مجرد عبث، أو مجرد يتولى الإيجاب والقبول، لا، له دور في المسألة، وليس كل خاطب يعرض على المخطوبة، إذا اقتنعت بتوافر الشروط التي تريدها لزوجتك ملاحظاً مصلحتها الشرعية إذا اقتنعت تعرض، مو أي شخص يجيك تبي تعرضه،.........، ويلاحظ عند بعض الناس أنه إذا تقدمت السن بالبنت، تقدمت بها السن تمنى خروجها من بيته بأي طريقة وهي كذلك، فأول خاطب تفضل من غير بحث ولا تحري ولا سؤال، وبهذا التساهل في مقابل التشديد في أمور ما أنزل الله بها من سلطان حصل ما حصل من النسب العالية من العوانس، فالإنسان يحتاط لموليته وهي أمانة بيده، لا يجوز أن يزج بها في ما لا يصلح دينها، هي أمانة بيده، فلا بد من الاهتمام، إذا اقتنع به، الضوابط الشرعية موجودة يعرض، وإذا اقتنع به قناعة تامة وقالت: أنا لا أريد، هذا ما أدري إيش؟ هذا متشدد، يحاول أن يقنعها من غير إجبار، لا يجوز له أن يجبرها؛ لأن الكلمة الأخيرة لها، نأتي إلى البكر، البكر مثل الثيب، إلا الفرق في أن هذه تنطق تقول: أريده أو لا أريده، وهذه تسكت، أو تقول: لا أريده، أو تبكي مثلاً، عند أهل العلم من الدقة في هذا الباب ما لا يخطر على بال، يقولون: حتى لو بكت هناك فرق بين بكاء الحزن وبكاء الفرح، على كل حال هذه أمور شرعية لا بد منها، فتستأذن البكر فإذا سكتت خلاص علامة القبول، ولا ينسب لساكت قول إلا في مثل هذا الموضع، فإذا توافرت الشروط في الخاطب عرض على المولية، إذا لم تتوافر يرد من الأصل؛ لأن النساء قد لا يدركن المصلحة، قد يقول قائل: إن النساء الآن تعلمن وعرفن ما ينبغي وما لا ينبغي، وصارت تعرف الشخص الذي يمكن أن تعيش معه، ويمكن ما تعيش، كيف تتفاهم مع شخص يريده أبوها العامي الذي لا يقدر مصلحتها، بنت جامعية خطبها جامعي يرده الأب علشان إيش؟ الشرط متوافر، الأفكار متقاربة، لا يكفي، الميزان الدين، هو الميزان، والخلق؛ لأن هذه أمانة لا بد من مراعاتها، وكم من امرأة تزوجت رجل يفهمها وتفهمه على أسلوبهم، والمصير الطلاق، فإذا لم يكن الهم الدين مع الخلق؛ لأن بعض الإخوان المتدينين أساءوا إلى بعض؛ لأنه قد يكون متدين لكن ما له خلق، فلا بد من الدين والخلق.

البكر: من أهل العلم من يرى جواز إجبارها وأنها لا تحتاج إلى أن تستأذن، خلاص ما دامت بكر لأبيها أن يجبرها، وهذا المعمول به عند الحنابلة، وكان هو السائد في البلد، لكن النص الصحيح الصريح هنا يدل على أنه ليس لأحد أن يجبرها، خلاف في البكر، قول الحنابلة معروف، والجمهور والأكثر يرون أنها لا تجبر، فالصغيرة ماذا عن الصغيرة التي ليس لها أمر ولا إذن؟ خطبت بنت خمس سنين أو ست سنين، عائشة -رضي الله عنها- عقد عليها وهي بنت ست سنين، فمثل هذه يطلب إذنها؟ هذه لا إذن لها، ما تدرك، ما تدرك شيئاً، وقد يقول قائل: إن الأنظمة تمنع مثل هذا، تزوج بنت ست سنين، هذا صنيع النبي -عليه الصلاة والسلام- بأم المؤمنين، عقد عليها وهي بنت ست سنين، ودخل بها وهي بنت تسع، فمثل هذه لا رأي لها فلا تستأذن، لا سيما إذا ترجحت المصلحة، أما إذا لم تترجح المصلحة ولم يخشَ فوات شخص يخشى فواته مثل هذه تترك حتى تبلغ المبلغ الذي تزوج له المرأة، نعم، منهم من يجيز إجبار الصغيرة إجباراً مؤقتاً، فإذا بلغت فالأمر لها، لها أن ترفض ولها أن تستمر.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فبت طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل هدبة الثوب، فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوقك عسيلتك)) قالت: وأبو بكر عنده، وخالد بن سعيد في الباب ينتظر أن يؤذن له، فنادى: يا أبا بكر ألا تسمع هذه ما تجهر به عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟!

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظي" نسبة إلى بني قريظة، وهناك نسبة إلى القرض، وينتسب إليها سعد المؤذن، سعد القرض، فللتفريق بينهما ينتبه لمثل هذا "جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فبت طلاقي" يعني طلقها طلاقاً بائناً البتة، بحيث لا تحل له إلا إن تزوجت غيره {حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [(230) سورة البقرة] ولعل الحاصل تكميل الثلاث؛ لأن الثلاث بلفظ واحد بدعة لا يقره النبي -عليه الصلاة والسلام- "فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير" الجادة الزُبير، لكن هذا بالفتح، على خلاف الجادة، فلينتبه له كما أن عبيدة هي الجادة وعبيدة السلمان بالفتح خلاف الجادة، وفي هذا مؤلفات لأهل العلم يعني ما تُرك "فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب" يعني ضعيف في هذا الباب، ضعيف لا ينتشر، فمثل هذا هل يحصل به التحليل؟ لا ينتشر، وهل مثل هذا يلزمه إخبار الزوجة أو لا يلزمه؟ نعم؟

الطالب:.......

ما يلزمه؟

الطالب:.......

كيف؟

الطالب:.......

إحنا قلنا: إن الزوجة إذا صار بها عيب يجب إخبار الخاطب، فإذا كان في الزوج عيب مثل هذا مقصد من..، بل من أعظم المقاصد من مقاصد النكاح، المرأة لما خطبها من لا حاجة له في النساء ثم أخبرها فقالت: ماذا يريد من النساء؟ فقال: يريد أن نتعاون على طاعة الله، نتعاون على البر والتقوى، قالت: أعرف الله بلا، بدونه أعرف الله، يعني هذا مقصد ما في شك، مقصد للرجال والنساء، يعني الرجل إذا وجد أدنى شيء في المرأة حمل ما حمل، والمرأة كذلك، يعني هذا أمر يشترك فيه الرجال والنساء، فإذا كان فيه ضعف في مثل هذه الحالة لا بد من الإخبار، قد يقول قائل: إن هناك علاجات وحبوب وعقاقير يعني تنفع في هذا الباب نقول: الأصل العدم، فإذا حصل وزوجته عنده أو أخبرها وقبلت به وتناول العقاقير بكيفه، الأمر لا يعدوه، أما أن تغش امرأة بزوج لا ينتشر وش استفادت؟ لا بد من إخبارها، لا بد أن تخبر.

"فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل هدبة الثوب" بعضهم يقول: إنه في الصغر، التشبيه وجه الشبه الصغر، ومنهم من يقول: الضعف والاسترخاء "فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لكن لنعلم أنهم المشكلة عندهم إذا تزوجت المرأة وتبين لها خلاف ما أملت ثم طلقت بالإمكان أن تتزوج ثانية قبل الأبكار، هذا شيء غير مؤثر عندهم، أثره ضعيف جداً عندهم يعني كونها بكر أو ثيب أثره ضعيف ضعيف جداً عندهم، ولذا تتزوج ثاني وثالث ورابع، وعائشة بنت طلحة تزوجها مصعب بن الزبير بعد خمسة، ودفع لها ألف ألف، يعني مليون، لكن الآن أدنى خدش يركن المرأة المسكينة كأنها غير موجودة، فتترك لكبار السن، فلذا لما عظم الأثر تعين الإخبار، ما هي بتغش..، واحد يزوج ولده مجنون ما يدري الناس إنه مجنون، وهذا كله تساهل من الطرفين، ولي المرأة لا بد أن يبحث، ولا بد أن يعرف، وبعض الآباء كبار السن يقول: ما دام ابن حمولة، وأبوه رجل من الرجال ويهديه الله الولد، نقول: لا يا أخي، هذا غش، الكلام على الواقع الآن هل يستحق أو ما يستحق؟ الإنسان يقوم في يومه هل يستحق أو ما يستحق؟ فيهتم لهذا الأمر "فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني من جرأتها وأنها..، ومثل هذه الجرأة لا تذم من كل وجه، لأنه يترتب عليها حقوق، ولو قلنا: إن الحياء الذي هو الخجل يحمد في مثل هذا الباب لضاع كثير من الحقوق، هذه يترتب عليها حقوق، إن رضيت وسلمت وقالت: الدنيا ماشية وفانية هذا الأمر لا يعدوها، لكن لها الفسخ.

((وقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟)) يعني هل تظنين أنه حصل التحليل بمثل هذا النكاح؟ ((لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك)) قد يقول قائل: إن بعض الناس يحصل عنده مثل هذا ضعف، ويولد له؛ لأن الولادة مجرد حصول هذا مع هذا، لكن الشهوة تنعدم أو تضعف، والشهوة مقصد من مقاصد النكاح للطرفين، أما الولادة فقد يحصل شيء منها، أما التحليل فلا بد فيه من الإيلاج الذي يوجب الغسل ويفسد الحج هذا التحليل، فلا بد فيه من الوطء، وإلا فلا تحل لزوجها الأول، يذكر عن بعضهم أنه لا يحتاج وحتى تنكح زوجاً غيره، النكاح يطلق على العقد، لكن هذا الحديث نص في كون العقد لا يكفي، ((لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك)) يحصل الوطء الذي معه اللذة، ولذا شبه بالعسل؛ لأن فيه لذة.

"قالت: وأبو بكر عنده، وخالد بن سعيد بالباب ينتظر أن يؤذن له، فنادى: يا أبا بكر ألا تسمع هذه ما تجهر به عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني كأنه قال: يا أبا بكر لماذا ما منعت هذه المرأة؟ ولكونه يترتب عليه حكم شرعي، لا تمنع، وكثير من النساء يسألن عن أشياء قد يستحي عنها كثير من الرجال، لكن ما دام يترتب عليها حكم شرعي لا مندوحة من الجواب، تسأل تتفقه، يطلب منها زوجها شيء هل تمنع أو لا تمنع؟ فتسأل، والمتدينات أكثر من تسأل في هذا الباب؛ لأنها إن امتنعت عن مباح لحقها الإثم، وإن استجابت لمحرم لحقها الإثم، فهي تسأل عن دينها، أما غير المتدينة طلب منها ما طلب هي التي تقرر، إن كانت تحب الزوج أجابت إلى ما يريد، وإن كان بينها وبينه شيء رفضت كل ما يريد، فالمتدينة تسأل عن ما يجوز وما لا يجوز، لكن ينبغي أن يكون هذا على أضيق نطاق، وأن يكون الحياء هو السمة الغالبة للمرأة المسلمة، إذا اضطرت إلى السؤال عن شيء تسأل، أو تكلف زوجها يسأل أو..، "قالت: وأبو بكر عنده، وخالد بن سعيد في الباب ينتظر أن يؤذن له، فنادى: يا أبا بكر ألا تسمع هذه ما تجهر به عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وقد يُلمس من بعض الأسئلة من قبل بعض النساء إثارة المسئول، يعني مع هذا الانفتاح الذي نعيشه، أو إثارة السامع، فمثل هذه إذا غلب على الظن أن هذا هو القصد مثل هذه تردع، فمن طلقت ثلاثاً لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجاً غيره، فإذا نكحت نكاحاً صحيحاً نكاح رغبة لا نكاح تحليل؛ لأن الله -جل وعلا- لعن المحلل والمحلل له، فإذا نكحت نكاح رغبة وحصل الشرط، وطئت بهذا النكاح، وذاقت ما نص عليه هنا تحل للأول، وترجع بدون طلقات من جديد تحسب، لكن المطلقة مرة واحدة أو مرتين ثم تزوجت، ثم رجعت إلى الأول ترجع مثل البائن جديدة؟ على اصطلاح أهل السيارات أصفار، أو ترجع بطلقاتها السابقة؟ يعني إذا طلقت ثلاثاً ونكحت زوج جديد ورجعت إلى الأول خلاص، جديدة، لكن إذا طلقت مرة أو مرتين ثم نكحت ثاني انتهت عدتها تزوجت ثاني، ثم رغبت في الأول ورغب فيها ورجعت إليه ترجع بطلقاتها السابقة أو أصفار مثل ذي؟ بالطلقات السابقة، المسألة خلافية، لكن عمر -رضي الله عنه- سأل أبا هريرة عن هذه المسألة فأجاب بهذا الجواب، وشُهد له بهذا بأنه من أهل الفقه ليس من أهل الرواية فقط، وذكر شيخ الإسلام هذا للدلالة على أن أبا هريرة فقيه، بخلاف بعض من يقول: إن أبا هريرة هو مجرد راوية، ولذا يرجح قول الفقيه على قوله، رواية الفقيه ترجح على رواية غير الفقيه، وجعلوا أبا هريرة من هذا النوع، وساق شيخ الإسلام أمثلة كثيرة تدل على فقهه، ومنها هذه المسألة، نعم.

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعاً وقسم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثاً ثم قسم، قال أبو قلابة: ولو شئت لقلت: إن أنساً رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "من السنة" إذا قال الصحابي: من السنة فله حكم الرفع؛ لأنه كما قال نافع في قول ابن عمر: إذا أردت السنة فهجر، يقوله للحجاج، قال نافع: وهل يريدون بالسنة إلا سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ فإذا قال الصحابي: من السنة أي سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو مرفوع، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

قول الصحابي من السنة أو
بعد النبي قاله بأعصرِ

 

نحو أمرنا حكمه الرفع ولو
على الصحيح وهو قول الأكثرِ

فهذا مرفوع، إذا تزوج البكر التي لم توطأ بنكاح صحيح على الثيب التي تم وطئها بنكاح صحيح أقام عندها سبعاً وقسم، "فقام عندها سبعاً" يعني سبع ليال "وقسم" لأنها ما تعودت على الخروج، يعني الأصل فيها أنها في بيت أهلها، فتحتاج إلى من يؤنسها، وتحتاج إلى دربة وطول معاشرة من أجل أن تنبسط مع الزوج "وإذا تزوج الثيب -التي سبق أن جربت- أقام عندها ثلاثاً ثم قسم" ثلاث تكفي للدربة بالنسبة للثيب.

"قال أبو قلابة: لو شئت لقلت: إن أنس رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-" يقول: لو شئت لصرحت بأن أنساً رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن الرفع الصريح مثل قول الصحابي: من السنة، لا فرق، "ولو شئت لقلت: إن أنساً رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-" النبي -عليه الصلاة والسلام- لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثاً، ثم قال: ((إنه ليس بك هوان على أهلك، فإن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لزوجاتي)) أو قال: ((لنسائي)) ((إنه ليس بك هوان على أهلك)) يعني المرأة سواء كانت بكر أو ثيب عزيزة ومقدرة ومحترمة عند أهلها، يعني ليس معنى هذا أن الثيب تمتهن وتبتذل لا، هي عزيزة عند أهلها، وعزيزة عند أمتها، المرأة لها شأنها في الإسلام، ولا يعرف نظام على مر التاريخ أعطى المرأة حقوقها مثل الإسلام، ونسمع من ينادي ومن ينعق يهرف بعبارات، وهؤلاء هم ذئاب البشر، الذين لا يهمهم مصلحة المرأة، ولا مصلحة المجتمع، ولا مصلحة الأمة، هم ذئاب يريدون أن يخرجوا النساء من بيوتهن، ويقولون: إن الإسلام والمسلمين ظلموا المرأة، ولا بد من حقوق الإنسان أن تنظر في مثل هذا الأمر، والمطالبة به في أعلى المستويات، ويهمهم إفساد الأمة، يعني من العجب أن يسموا المرأة التي تربي عشرة أولاد من أولادها على مختلف أسنانهم ومستوياتهم يسمونها عاطلة، والتي تخرج من بيتها لتربي أولاد الناس في حضانة هذه يسمونها عاملة، ولا بد أن تأتي هذه العاملة بعاملة أخرى لتربي أولادها، التي تربي أولادها هي عاملة، التي تربي هذه صارت عاطلة، وصفت بأنها عاملة لأنها خرجت من بيتها لتربي أولاد الناس، المرأة المستخدمة لتربي أولاد هذه المرأة تسمى عاملة، بهذا نعرف أنه ليس المقصود انتفاع الأمة، أو زيادة عدد العاملين من أجل تعزيز الاقتصاد، يعني في روسيا أول ما دخلتها الشيوعية قالوا: كيف تتقدم بلد ونصف شعبه في المطبخ؟ كيف يتصور التقدم؟! والآن من عقود وروسيا عندها حملات على أعلى المستويات وآليات على كافة الشرائح لإرجاع المرأة إلى بيتها للضياع الذي عاشوه، عاشوا ضياع على مدى سبعين أو ثمانين سنة، والله المستعان.

((ليس بك هوان على أهلك)) المرأة ليست بهينة على أهلها ولا على زوجها ولا على مجتمعها ولا على أمتها، إنما يقول مثل هذا الكلام من يريد أن يشبع رغبته ونهمته منها، ولا يهمه أمة ولا أم ولا أخت ولا أحد، لا يهمه أحد ((فإن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي)) الآن هي تستحق ثلاث ليال شرعاً هذه الثيب، يعني إذا تزوج البكر يجلس عندها سبع ليال ثم يبدأ بالقسم، يدور على نسائه، ولها ليلة من الليالي، ليلة من أربع، ليلة من ثلاث، ليلة من ثنتين، على حسب عدد النساء التي بعصمته، الثيب يجلس عندها ثلاث ليالي، يقسم لها ثلاث ليالي ثم تدور القسمة من جديد، تصير واحدة أسوة النساء، لكن إن رغبت فإن تعطى سبع مثل البكر مثل هذا يسلكه بعض الناس أو بعض النساء، يعني ملاحظة ومراعاة لشعورها، يعني امرأة جلست سبع ليال تتشبه بالأبكار، يلاحظ شعورها وأهلها، وهو أيضاً قد يلاحظ شعورها هو، وليش تأخذ ثيب والناس يلقون وأنت ما تلقى؟ المجتمع فيه ضغوط، نعم فيه ضغوط أحياناً تكون بارزة، وأحياناً تكون خفية، فمثل هذا لو سبع لها، هي تستحق في الأصل كم؟ ثلاث، هل يقسم لنسائه على أربع ليال أو على سبع؟ هي في الأصل تستحق ثلاث، هو ما زادها إلا أربع ليال، فهل يقسم لنسائه الباقيات على أربع ليال وإلا يقسم سبع؟ نعم؛ لأنه مستحقة للثلاث من الأصل، فيقسم لنسائه القدر الزائد، وبهذا قال جمع من أهل العلم، والقول الثاني: أنه إن فرض عليها سبعاً يفرض لبقية نسائه سبعاً، ويدل عليه الحديث المخرج في مسلم: ((إن سبعت لك سبعت لنسائي)) يعني إن أعطيتك سبع ليالي مثل البكر أعطي نسائي سبع؛ لأنك ثيب وهن ثيبات مثلك، وظاهر النص يدل على أن يقسم لهن سبعاً مثلها.

طالب:........

لا ((إن شئت سبعت لك)) يعني جلست عندك سبعاً ((وإن شئت ثلثت ثم درت)) في بعض الروايات، يعني جلست عندك ثلاثاً ثم درت على نسائي، نعم.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبداً)).

يقول -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو أن أحدكم))" والخطاب يتجه إلى كل من كان عنده زوجه ((لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله)) زوجته، أراد أن يجامع زوجته ((قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن قدر بينهما ولد في ذلك)) يعني في ذلك الجماع الذي حصل هذا الذكر عليه ((لم يضره الشيطان أبداً)) ونفي الضرر الأصل فيه العموم، جميع أنواع الضرر لا في دينه ولا في دنياه، هذا الأصل، لكن مقتضاه أن يكون الولد معصوماً، أن يكون معصوم؛ لأن أدنى مخالفة ضرر بسبب الشيطان، ولم يقل بهذا أحد من أهل العلم، منهم من قال: إنه يحصل الضرر ولا يترتب أثره، بمعنى أنه قد تحصل المخالفة ثم يوفق للتوبة منها فكأن الضرر لم يحصل؛ لأنه لم يترتب عليه أثر، ومنهم من قال: المراد بالضرر ما يحصل له عند الولادة، وكل مولود يحصل له ذلك إلا ما كان من عيسى -عليه السلام-.

وعلى كل حال الضرر بالنسبة لوقوع المعصية التي هي بسبب الشيطان هذا لا يسلم منه أحد إلا المعصوم، لكن مثل هذه الأذكار التي جاء الشرع بالترغيب فيها، لا شك أنها تخفف، يعني إذا كان قطعها بالكلية غير وارد وغير متصور لا شك أن مثل هذا يخفف، فالولد الذي ذكر عليه هذا الذكر لا شك أنه أقرب إلى الخير وأبعد عن الشر من الولد الذي لا يذكر عليه اسم الله -جل وعلا-.

((لم يضره الشيطان أبداً)) من أجل بركة هذه التسمية، بل قال بعضهم: إنه يكون من جملة عباد الله الذين قال الله فيهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ} [(42) سورة الحجر] فهل معنى هذا أن هؤلاء العباد الذين ليس له عليهم سلطان معصومون من أن يقعوا في المعاصي؟ بحيث يصرون على هذه الذنوب التي يمليها الشيطان عليهم، وإلا فقد يغفلون، وقد تغلبهم النفس أحياناً فيقعون فيما يقعون فيه، قال مجاهد: إن الذي يجامع ولا يسمي يلتف الشيطان على إحليله فيجامع معه، إن الذي يجامع ولا يسمي يلتف الشيطان على إحليله فيجامع معه، وهذا نظير من يأكل ولا يسمي يأكل الشيطان معه، من يدخل البيت ولا يسمي يبيت الشيطان معه، وهذا مثله فالتسمية مطلوبة، والذكر مطلوب، وعلى الإنسان أن يكون لهجاً بذكر الله -جل وعلا-، {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [(28) سورة الكهف] المقصود أن مثل هذا من لازم الأذكار حصل له خير الدنيا والآخرة، لا سيما الأذكار التي رتب عليها أجور أو حفظ أو ما أشبه ذلك من الأوراد التي يحفظ الله -جل وعلا- بها الإنسان المسلم، فليحرص عليها، ومنها هذا الذي معنا، وهذا من الأذكار المتعبد به، لكن من لا يحسنه بالعربية يقوله بلغته كما قال الإمام البخاري.

وعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إياكم والدخول على النساء)) فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: ((الحمو الموت)).

ولمسلم عن أبي الطاهر عن ابن وهب قال: سمعت الليث يقول: الحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج ابن العم ونحوه.

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إياكم))" التحذير احذروا ((إياكم والدخول على النساء)) أين دعاة الاختلاط من مثل هذا النص؟! ((إياكم والدخول على النساء)) فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: ((الحمو الموت)) لأن أخا الزوج لا شك أن له يد على أخيه، فيظن أن بيت أخيه مثل بيته، والعم كذلك، وابن العم كذلك، القرابة لها ما لها في الشرع، وجاء الأمر بصلتها، لكن مع أمن المفسدة، لا يمكن أن يدخل الرجل على امرأة ليس عندها محرم، جاء التحذير ((إياكم والدخول على النساء))، فقال رجل: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: ((الحمو الموت)) يعني شبه بالموت؛ لأن الموت انعدام للحياة، وهذا انعدام الدين وهو أشد، أعظم من الموت، هذا أعظم من الموت؛ لأنه انعدام للدين نسأل الله السلامة والعافية، هفوة وجريمة، ومنهم من يقول: الحمو الموت لأن دخوله يؤول إلى الموت، هذه امرأة متزوجة، فإذا دخل عليها الحمو وقد يكون متزوجاً أيضاً ويكون الشيطان ثالثهما، ويحصل ما يحصل، ثم يؤول أمرهما إلى الموت الذي هو الرجم نسأل الله السلامة والعافية.

"((الحمو الموت)) ولمسلم: عن أبي الطاهر عن ابن وهب قال: سمعت الليث يقول: "الحمو أخو الزوج" الناس يتساهلون في مثل هذا، يعتبرون بيت الأخ مثل البيت "أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج ابن العم ونحوه" الذين هم ليسوا من محارم الزوجة، فلا يجوز لهم أن يدخلوا عليها بدون محرم لها، وما يؤدي إلى مثل هذا يجب منعه، قد يقول قائل مثلاً: أخو الزوج إذا كان الزوج موجود الفتنة مأمونة، لكن يوم مع يوم تدخل مشكلة هذه، ينكشف لك شيء في هذا اليوم، تعرف سر من أسرارها، تعرف شيئاً تضغط به عليها، ما في شيء مثل حسم المادة، تعامل تعامل مع أخيك، والناس يتساهلون في مثل هذا، لكن مثل هذا التساهل قد يجر إلى أمور لا تحمد، إذا احتيج إلى شيء من هذا مرض الزوج، واحتاجت الزوجة لأن تكلم أخيه، تهاتف أخاه من أجل أن يذهب به إلى مستشفى، أو يستدعي طبيب، أو..، أمور يعني ضرورية، أو كان الزوج غائب فكلمت أخاه ليحضر لها بعض الضروريات بالصوت المعتاد من غير خضوع بالقول للحاجة، هذه أمور تقدر بقدرها، أما أن تجعل الزوجة مجرد بس ما تستتر تجزع..، هذه أمور لا تحمد عقباها؛ لأنه قد يعرف من الأمور والشيطان في هذا الباب عنده دقة في الملاحظة، وعنده دقة في المسالك، ويجري من ابن آدم مجرى الدم، ينكشف منها شيء من غير قصد، فتقع في قلبه فيهلك، فلا شيء أنفع من حسم المادة، وقطع دابر كل شيء يوصل إلى الرذيلة، ولو من بعد، فليحتاط الإنسان لنفسه ولأهله.

قال -رحمه الله تعالى-:

باب: الصداق

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعتق صفية وجعل عتقها صداقها.

باب الصداق

الصداق: ما يدفعه الخاطب أو الزوج لزوجته مقابل النكاح، وسمي صداقاً لأنه برهان ودليل على صدق الرغبة عند الخاطب؛ لأن الذي يدفع المال صادق في الرغبة، عنده رغبة؛ لأنه لو لم توجد هذه الرغبة ما دفع، فهذا برهان ودليل على صدقه، والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم} [(24) سورة النساء] {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [(4) سورة النساء] فالصداق لا بد منه في النكاح.

"عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أعتق صفية" صفية بنت حيي بن أخطب، لما وقعت في الأسر في السبي، صارت من نصيبه -عليه الصلاة والسلام-، ولا تنبغي إلا له لأنها بنت كبير القوم، فلا تنبغي أن تكون إلا له -عليه الصلاة والسلام- "أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها" في هذا دليل على أن الرجل إذا أعتق أمته على أن يجعل العتق هو الصداق أن العقد صحيح، فتكون قيمتها فيما لو بيعت هي الصداق، وهذا ما يدل عليه حديث الباب، وبه يقول الإمام أحمد والشافعي وإسحاق وفقهاء الحديث، لكن من أهل العلم من يقول: إن الصداق لا بد أن يكون معلوماً، وقيمتها ليست معلومة ولا متفق عليها، قيمتها ليست معلومة، والأمر الثاني: إنها إن نكحها قبل العتق، يعني إن تزوجها قبل أن تعتق فلا يجوز نكاح الحر الأمة إلا إذا لم يجد طول الحرة، وإن وقع نكاحه لها بعد عتقها فهي حرة تقبل أو لا تقبل، الإشكال واضح وإلا ما هو بواضح؟ ولذا قال بعضهم: لا يجوز أن يكون العتق هو الصداق، يعني الحديث في الصحيحين ليس لأحد كلام، لكن هم من حيث النظر يقولون: إن كان النكاح حصل قبل العتق فلا يجوز؛ لأن الحر لا يجوز له أن يتزوج الأمة إلا إذا لم يجد طول الحرة، وإذا كان النكاح حصل بعد عتقه إياها وصارت حرة يجوز له أن ينكحها الأمر بيدها تحررت خلاص، ليس له أن يلزمها كغيرها، ويصير أسوة الخطاب، وكيف يكون العتق نفسه هو الصداق، لا بد أن يعتقها ثم يتقدم لخطبتها كغيرها، لكن القول الأول هو الصحيح، وإذا جاء نهر الله بطل معقل، هذا فعله وتصرفه -عليه الصلاة والسلام-، وهو الأسوة وهو القدوة، فلا يعارض فعله الصحيح الصريح بمثل هذه التعليلات، وإن كان لها حظ من النظر، هي لها حظ من النظر يعني ما جاءت من فراغ، لكن يبقى أن النكاح بهذه الصورة الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ولو خالفت كل ما جاء، تبقى أن هذه الصورة خاصة لها حكمها الخاص، وإلا لو جاء شخص يبي يتزوج أمة أنت تستطيع طول الحرة؟ قال: نعم، إذاً ما يجوز لك أن تتزوج أمة ولو بذلت ما بذلت، وإذا اعتقها وخرجت من يده، لو كاتبها مثلاً، لو كاتبها ثم تزوجها لا بد من الاتفاق على مهر، وليكن المهر المبلغ الذي حصلت به الكتابة، يعني عندهم ينحل الإشكال، لو كانت أمة عنده وكاتبها على أوقية أو أوقيتن أو عشر أواقي، ثم قال: المبلغ الذي عندكِ نجوم الكتابة هو الصداق، وقل مثل هذا فيما لو كان في ذمة المرأة دين لرجل من الرجال، امرأة تحتاج إلى مصاريف تراكمت عليها القروض من هذا الشخص حتى بلغت خمسين ستين ألف، قال: أبداً المهر اللي عندك بذمتك، المال الذي بذمتك لي هو مهرك، وقبلت يصح أن يكون صداق وإلا ما يصح؟ يصح مال مما يتمول، يصح أن يكون صداقاً، فنجوم الكتابة يصح أن تكون صداق، لكن في مثل هذه الصورة أجازها الشافعي وأحمد وإسحاق وجمع من أهل العلم، وكره بعض أهل العلم أن يجعل عتقها صداقها كما قال الإمام الترمذي، لكن القول الأول هو الصحيح؛ لأنه مطابق لما حصل منه -عليه الصلاة والسلام-.

وعن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءته امرأة فقالت: إني وهبت نفسي لك فقامت طويلاً، فقال رجل: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال: ((هل عندك من شيء تصدقها؟)) فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إزارك إن أعطيتها جلست ولا إزار لك فالتمس شيئاً)) قال: ما أجد، قال: ((التمس ولو خاتماً من حديد)) فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((زوجتكها بما معك من القرآن)).

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هل معك شيء من القرآن؟)) قال: نعم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((زوجتك)) أشار إليه؟

الطالب:........

إيش يقول؟

وفي هامش الأصل زيادة: ((هل معك شيء من القرآن؟)) قال: نعم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

هذه الزيادة لا بد منها، أقول: هذا أمر لا بد منه، ((هل معك شيء من القرآن؟)) فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((زوجتك بما معك من القرآن)).

هذا الحديث عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءته امرأة هذه واحدة وهبت نفسها للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وهي غير المرأة التي أشير إليها في القرآن {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [(50) سورة الأحزاب] هذه غير المرأة التي في الحديث، هذه المرأة جاءت تهب نفسها للنبي -عليه الصلاة والسلام-، سبق في حديث ابن مسعود أن الولي يعرض امرأته على رجل صالح، وهذه المرأة عرضت على نفسها على النبي -عليه الصلاة والسلام- بحثاً عن مصلحتها، فالعرض على الصالحين سواء من قبل الأولياء أو من قبل النساء هذا له أصل في الدين ومشروعيته ثابتة في السنة الصحيحة، وقوله: {خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [(50) سورة الأحزاب]  يراد به النكاح بمجرد الهبة من دون صداق، هذا الخاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن إن عرضت امرأة نفسها على رجل صالح وقبلها بالصداق بالطريقة المعروفة ما في ما يمنع أبداً تحمد على هذا، لكن الإشكال أن القلوب ليست سلمية، يعني لو سلمت القلوب فجاءت امرأة وعرضت نفسها على رجل تتوقع فيه الصلاح، ويغلب على ظنها أنه من أهل الصلاح والخير، فقبل ومشت الأمور هذا هو الأصل، لكن هل يحصل مثل هذا في كثير من الأحوال، لو جاءت امرأة تخطب رجل، أو جاء شخص يخطب ويهدي ابنته على رجل يتوقع فيه الخير والصلاح، ما الذي سوف ينقدح في ذهن هذا الرجل؟ ينقدح في ذهنه شيء غير ما يخطر على البال، وقد صرح به بعضهم، يقول: لو كانت سليمة ما فيها عيوب ما أهديت، وهذا سببه مرض القلوب، والدخل الذي دخل هذه القلوب، وإلا فالأصل المسألة على ظواهرها......، من صنع إليك معروف فكافئه، ولذا من رغب في شخص وخشي من هذه الحساسيات وهذه التصورات يدفع وسيط، يقول: لو ذهبت إلى فلان وقلت له: إن عند فلان بنت وأثنيت عليها ومدحتها وكذا بدلاً من أن يكون الأمر مباشر؛ لأن القلوب..، الغش موجود، والنصح يكاد يكون مفقود، الآن لو ذهبت إلى محل فقلت: بكم هذه السلعة؟ وقال لك: بمائة ريال، قلت: خلاص هذه مائة ريال اشتريتها لأول مفاوضة، ما قلت: لا بثمانين، بتسعين، على طول دفعت، وش ينقدح في ذهنه؟ قال: أكيد إنه مغبون، ما يشتري بهذه السرعة إلا أنها تسوى أكثر، لا لا دعها بمائة وعشرين، بمائة وخمسين، وقل مثل هذا في العكس، لو قال: بمائة ريال، وأنت قلت له: بخمسين، قال: نصيبك، قلت: لا يا أخي أصبر، هذه ما تجيب إلا عشرة هذه، لماذا؟ لأن النصح عز عند الناس، ووجد قضايا تجعل لهذه التصرفات أصل، وإلا أين نحن من حديث جرير بن عبد الله البجلي؟ "بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-... إلى أن قال: "والنصح لكل مسلم" واشترى فرساً وقال لصاحبه: بكم هذا الفرس؟ قال: بثلاثمائة، قال: اشتريت، لكن فرسك يسوى أكثر، يستحق أكثر، بأربعمائة، قال: بعت قال: اشتريت لكن الفرس يستحق أكثر، فما زال يقاوله حتى وصل إلى الثمانمائة، يوجد مثل هذا في أسواق المسلمين؟! بل لو وجد يمكن أن يوصف بمسكة من عقل، وش اللي قائل عليه هذا؟ مغفل هذا مسكين، الصحابة بايعوا النبي –عليه الصلاة والسلام- على النصح لكل مسلم، وليس هذا خاصاً بهم النصح مطلوب، الدين النصيحة، لكن مع الأسف أنه وجد تصرفات من جميع الأطراف تجعل مثل هذه الحساسيات لها أصل، تجد السلعة في محل بمائة، تذهب إلى محل آخر يقول لك: بألف، لماذا؟ يقول: لو قلت: بمائة ما اشتريت، ما تشتري، يقول: أكيد هذه السعلة تقليد ما هي بأصلية، ويوجد هذا في السلع التي للنساء بهن علاقة، ومن الرجال من يشبه النساء في هذا الباب، قماش المتر بعشرة يباع في بعض المحلات، ويقول صاحب المحل: بمائة ريال، يناقش في هذا، يقول: يا أخي والله لو أقول: بعشرة ما راح، يصير رديء وهو نفس القماش، يصير رديء، هذه التصرفات الإشكال لا بد لها من حل جذري، وليس هذا بمبرر بأن نرفع القيمة أبداً، خله يجلس يا أخي، وكونك تكسب مكسب مقبول يقوم بحاجتك، ويفي ببعض أتعابك على هذه السلعة هذا هو الأصل، ويبارك لك فيه، أما هذه المضاعفات بحجة أنها لا تشترى أو تجلس، أو الناس يظنون بها الظنون، مو بصحيح، فالإشكال أن أسواق المسلمين ابتليت بمثل هذه التصرفات، ومن يرتاد الأسواق لكافة السلع يندر أن يجد رجل ناصح يعطيه النصيحة على وجهها ويصدق معه يمحضه النصيحة، ويبن له العيوب؛ لأنه وجد من الطرفين ما يعين على انتشار مثل هذه الأمور، وهذه لا بد لها من حل؛ لأننا بهذه التصرفات تنبئ على أن يظن بالناس أن الهدف الدنيا، وإلا لو كان الهدف الآخرة ما حصلت مثل هذه الأمور، ولو تصورنا الحديث الصحيح ((فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما)) وكم من إنسان يجني الأموال الطائلة بسبب مثل هذه التصرفات لكنها لا تنفعه، بل قد يحتاجها إلى أن يعالج بها نفسه، يصرف على نفسه علاج، إيش استفاد مثل هذا؟ لكن لو صدق وبين وهذه السلعة والله قيمتها كذا، وواحد يحكي قصة واقعة، يقول: أنا جالس في محل، شخص يبيع قماش، فدخلت امرأة فقالت: بكم؟ قال: بمائتين المتر، من غرائب الصدف أن هذا الرجل الجالس معه قطعة اشتراها من محل آخر من نفس القماش، فقال لها: خذي هذا القماش أنا اشتريته الآن بخمسة عشر المتر، قالت: تبي بعشرة إحنا نشري بخمسة، تبي بعشرة، لكن لو أقول لها: بخمسة عشر أو بعشرين قالت: رديء هذا ما..، كيف أحضر به محافل؟ وأحضر به أفراح؟ ما يصلح، ومقياس القيمة لو دخلت المكان صالة الأفراح وشافنه النساء، بكم المتر؟ بمائتين، دفعت لها الأموال علشان تجيب لهن مثله، وصايا، لكن لو عرفت أنه بخمسة عشر، وعرف الناس هذه ما تحضر الزواج هذه تلبس رديء؟ ما يصلح، فهذه إشكالات لا بد من حلها؛ لأن هذه مخالفات شرعية، فالنصح لا بد منه، ومثل ما عندنا الآن لو جاء شخص أحب آخر في الله، ورأى أنه تبرأ الذمة بتقليده هذا الأمر، وأهدى إليه بنته، قال: أكيد إن فيها عيب، لولا أن فيها عيب ما سوى كذا، اللي فيه خير ما يخليها تطير، هذا لسان المقال ما هو بلسان الحال، فالتحايل يبعث وسيط ويمدح هذه البنت ويؤجر -إن شاء الله- المهدي والوسيط -إن شاء الله-؛ لأنهم أرادوا هذا الشخص لدينه لا لدنياه.

"فقالت: إني وهبت نفسي لك يا رسول الله، فقامت قياماً طويلاً" النبي -عليه الصلاة والسلام- جبل على مكارم الأخلاق، خلقه القرآن، أراد أن تنصرف مع حفظ شيء من كرامتها، وإلا لا حاجة له بها، لكن لو مباشرة قالت: إني وهبت نفسي لك، قال: والله ما لي حاجة، ليس لي بك حاجة، مثل هذا الرد يعني لا بد أن يقع في نفسها شيء المسكينة، فلا بد من مراعاة شعورها بأن لا ترد حتى تنصرف هي "فقامت قياماً طويلاً" جاء في بعض الروايات: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صعد النظر وصوبه، يعني رفع رأسه ونزله يشوف هل تناسب أو ما تناسب؟ لأن من مقاصد النكاح ما يدعو إلى النكاح، أما الإنسان إذا أهدي له أي شيء يبي يقبله بعد يمكن يتضرر الطرفان، صعد النظر وصوبه، وترجم عليه الإمام البخاري: باب النظر إلى المخطوبة، وأورد قصة عائشة، وأنها عرضت على النبي -عليه الصلاة والسلام- في المنام في سرقة من حرير فكشف عن وجهها، المقصود أن مسألة النظر إلى المخطوبة معروف جاء به النصوص، بل جاء الأمر به ((اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)).

"فقال رجل: "يا رسول الله" عرف من قرينة الحال أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يريدها "فقال رجل: يا رسول الله زوجنيها" لما وهبت نفسها له، وهو الإمام الأعظم وعرف من حالها أنها ليس لها ولي خاص، والسلطان ولي من لا ولي له، فملكته أمرها، لما وهبت نفسها له ملكته أمرها "فقال رجل: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال: ((هل عندك من شيء تصدقها؟))" الصداق لا بد منه، عندك شيء، ولذا صار قيد، القدرة على مؤن النكاح قيد ((من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم)) {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [(33) سورة النــور] هنا ((هل عندك من شيء تصدقها؟)) قال: ما عندي إلا إزاري هذا" أمور ميسورة جداً، والتكاليف التي صارت عائق عن النكاح، وصارت حواجز للشباب والشابات على حد سواء، للذكور والإناث على حد سواء، يعني ما هو بمتضرر الشباب فقط، بل لو يقال: إن تضرر الشابات أكثر ما بعد من وجود هذه العوائق، والمشكلة أن الأعراف هي الحكم، والعادات هي المرجع، وبعض الناقصين من الرجال والنساء هم الذين يتصرفون ويتحكمون، طيب ما له داعي قصر بعشرين بثلاثين ألف؟ إيش يكون الرد؟ يقول: بنتي مطلقة تتزوج في بيت أو في استراحة؟! يعني هل مثل هذا يعقل ما يقول؟ وبعض القاعات مائة ألف، مائتين ألف لليلة الواحدة، بل هناك أرقام يعني خشية أن يُكذب الإنسان ما ينطق بها، مثل هذه في الغالب أن المآل الطلاق، وهذا هو الحاصل، يبالغ ويخسر ويكد ويكدح الأسرة كلها تبالغ وفي النهاية أقل من المتوقع تصير المرأة، فيكون المآل إلى هذا، هناك قصص يندى لها الجبين، إضافة إلى استعمال المنكرات، التي تدفع الأموال الطائلة بسببها وهي في الأصل محرمات، فرق تستقدم من الخارج من أجل الغناء بالأموال الطائلة، ونشكو من كثرة الشباب بدون زوجات، ونشكو من كثرة العوانس، ونريد حل ونضع الحواجز، الحل لا بد أن يكون جاد وعاجل أيضاً، وإلا فالوضع من خلال الأرقام التي نسمعها مخيف جداً، يعني تضع حواجز وعراقيل، وهي جامعية والخاطب ما عنده إلا ثانوي كيف تتم الحياة بين هذين؟ يعني كأنه.. هذا تصور النساء كيف يتم التفاهم بين امرأة جامعية مع شاب..؟ وفي النهاية تجلس عند أهلها ثم ترمى في أحضان سبعين ثمانين سنة، شخص لا يحسن شيء ما عنده ولا ابتدائي، ومتعطل من أكثر المنافع، هذه العواقب إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه وإلا النتيجة إيش؟ إن لا تفعلوا؟ نعم؟ تكن فتنة وفساد عريض، وهذا هو الحاصل.

((فالتمس شيئاً)) ابحث، قال: ما أجد، يعني مثل هذا يفكر بالزواج؟ يعني لو المسألة معاوضة بالنسبة للشاب الخريج أو الذي ما تخرج معاوضة يعني يمكن عمره كله ما يستطيع يجمع مهر، وإذا جمع المهر هل هذا الذي جمعه مهما بلغ من كثرة هل هو عوض لفلذة كبد هذا الرجل الذي كد عليها خمسة عشر، عشرين، خمسة وعشرين سنة؟ وفي النهاية يأخذها بهذا المهر الذي تعب عليه عمره كله وديون، ويستمر في أزمات نفسية بسبب المطالبات، وفي النهاية يصرف على المرأة وعلى بيتها، الأب لن يستفيد شيء من المهر، لكن أين العقول؟ يعني خل هذه الديون تأتي بالتدريج للنفقة عليهم وتنحل المشكلة، أما أن يلزم الشاب دفعة واحدة يستدين مائة ألف طيب متى يسدد؟ أو يبقى بدون زواج وتبقى البنت بدون زواج؟ فالمسألة لا بد فيها من النظر الجاد.

"قال: ما أجد، قال: ((فالتمس ولو خاتماً من حديد))" يعني ما في أقل من هذا، خاتم من حديد ولا من فضة بعد حديد، فالتمس فلم يجد شيئاً، وترجم الإمام البخاري في كتاب اللباس: باب خاتم الحديد، وأورد هذا الحديث، يستدل به على جواز لبس خاتم الحديد، وإنما جاء في كونه حلية أهل النار ضعيف، وأنه ضعيف، "((التمس ولو خاتماً من حديد)) فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هل معك شيء من القرآن؟)) قال: نعم" معه شيء من القرآن، والذي معه شيء من القرآن لا تقوم له الدنيا بحذافيرها، ((إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً)) فإذا ارتفع بما معه من كتاب الله -جل وعلا- صار أرجح في الميزان الشرعي ممن حاز الدنيا كلها، ممن لا يتصف بهذا الوصف "((هل معك شيء من القرآن؟)) قال: نعم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((زوجتك بما معك من القرآن))" فالباء هذه هل هي باء المعاوضة؟ يعني معك من القرآن هذا مهرها، فالعوض القرآن، وجاء في بعض الروايات: ((علمها ما معك من القرآن)) أو ((علمها سورة كذا وكذا)) كما جاء في بعض الروايات، فحينئذٍ تكون معاوضة، ومنهم من يقول: الباء سببية، يعني بسبب ما معك من القرآن، يعني أنت شخص تستحق من يزوجك لما معك من القرآن، وعلى هذا إذا قلنا: تعليم القرآن يصح أن يكون صداق، قلنا: جاز اصداق المرأة منفعة، المنافع لا يصح أن تكون صداق، وهذا دليل، تعليم القرآن منفعة، يصح أن يكون صداقاً، وموسى -عليه السلام- تزوج بنت صاحب مدين على أن يأجره ثماني حجج أو عشر، هذه منفعة والمنفعة التي تبذل فيها الأموال في حكم المال، يفترض أن موسى هذه الأجرة مشاهرة أو معاومة كل سنة بكذا، فأنت افترض ما يجنيه من هذه الأجرة دفعه صداق لهذه المرأة، وأنت افترض أن هذا الرجل أراد أن يعلمها كل يوم بكذا، أو كل شهر بكذا فصار هذا هو المهر، والجمهور على جواز أن يكون تعليم القرآن صداقاً لما جاء في هذا، والحنفية لا يجيزون أخذ الأجرة على تعليم القرآن من الأصل، فلا يجوز عندهم أن يكون مهراً، اللي ما تجوز عليه الأجرة يصح أن يكون مهر لأنه منفعة في حكم المال، لكن الذي لا يؤخذ عليه أجر كيف يكون مهر؟ فعندهم لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الصحيح يقول: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) فيصح أن يكون تعليم القرآن مهر، طيب، هذا يعلم هذه المرأة القرآن، لو قال: علمني أنا القرآن وأزوجك بنتي؟ في الحديث: ((علمها القرآن)) وانتهى، مستفيد....، لكن لو قال الأب: علمني القرآن وأزوجك بنتي، يعني كما حصل لموسى، موسى عمل في مصلحة البنت أو مصلحة الأب؟ نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

إيه لكن وش استفادت هالبنت التي دخل بها؟ إيش الفرق بينها وبين أختها؟ يعني هذه البنت التي تزوجت هل صار لها ميزة في المهر؟ دعونا من كونها صارت امرأة نبي، يعني نريد أن ننزل الواقع على شخص عادي الآن موجود مثلاً، فالأب عنده مزرعة، المزرعة تأكل منها هذه البنت، وهذه البنت وينفق على هذه البنت وهذه البنت، وذاك الولد، وتلك المرأة، وما أدري إيش؟ والضرة وأخواتها من الضرة الأخرى على حد سواء، فقال: أزوجك فلانة على أن تعمل في هذه المزرعة، وش استفادت فلانة غير ما استفاده إخوانها؟ هاه؟

طالب:.......

كلهن.....، اللي جاءهم ذا الجديد ريحهم كلهم، يريحها هي، ويريح أختها التي لم تتزوج أو متزوجة، وريح إخوانها الثانيين، إيش مصلحتها هي؟ خلينا على شريعة محمد، يعني لو قال: علمني أنا القرآن وأزوجك بنتي يصح وإلا ما يصح؟ المهر للبنت، المهر للمرأة للزوجة، وللأب أن يأخذ منه ما لا يضر بها، بخلاف غير الأب، فالملاحظ مصلحة البنت، نعم.

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى عبد الرحمن بن عوف وعليه ردع زعفران، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((مهيم)) فقال: يا رسول الله تزوجت امرأة، قال: ((ما أصدقتها؟)) قال: وزن نواة من ذهب، قال: ((فبارك الله لك، أولم ولو بشاة)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى عبد الرحمن بن عوف وعليه ردع -أثر- زعفران" أثر زعفران، وقد جاء النهي عن التزعفر للرجال، جاء النهي الشديد عنه بالنسبة للرجال، فمن أهل العلم من أجازه في حال العرس، وخص به عموم النهي، يعني يتجاوز في العرس ما لا يتجاوز في غيره، ومنهم من قال: إن أثر الزعفران هذا ليس مقصوداً، يعني هو ما زعفر نفسه، وإنما علق به من مخالطة هذه المرأة، هي تزعفرت فلما خالطها انتقل إليه، يقال مثل هذا الكلام من أجل إيش؟ ما ثبت من النهي عن التزعفر للرجال.

"عليه ردع زعفران، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((مهيم))" أي ما شأنك؟ أو ما هذا؟ وهي كلمة استفهام مبنية على السكون "فقال: يا رسول الله تزوجت امرأة، قال: ((ما أصدقتها؟))" الصداق لا بد منه "قال: وزن نواة من ذهب" والمراد واحدة النوى، نوى التمر، وزن نواة ذهب، يعني قدر إيش؟ واحدة النوى نوى التمر، تسمونها إيش أنتم؟ نواة على أصله، تسمونها إيش؟ عجم، يسمونها غيركم؟ هاه؟ عبس، المقصود أن  النوى معروف، لكن النوى فيه الكبير، وفيه الصغير، وفيه المتوسط، فقد يقول قائل: إن هذه جهالة في الصداق، ولا بد أن يكون معلوم، نقول: هو معلوم بين المتعاقدين دفع وانتهى، ما هو في الذمة، لكن هذه أمر تقريبي، قطعة من الذهب تزن نواة، ومنهم من يرى أن النواة من الذهب غير مقترنة بنواة التمر، وزن محدد للذهب، يعني جاء وزنها ربع دينار مثلاً، ربع دينار، وقال بعضهم: النواة من الذهب عبارة عما قيمته خمسة دراهم من الورق، يعني يصير ثابت، شيء ثابت، فلا يدخله الجهالة.

"فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((بارك الله لك))" فقوله: ((ما أصدقتها؟)) دليل على أن الصداق لا بد منه، "فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((بارك الله لك))" فيه دعاء للمتزوج بهذا وهو مشروع، وجاءك ((بارك الله لك وبارك عليك))، و((بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير))، ((أولم)) أمر بالوليمة، ((أولم ولو بشاة)) عبد الرحمن بن عوف من الأغنياء، فبالنسبة له أقل شيء يقدمه شاة، لكن من كانت حاله دون عبد الرحمن بن عوف يلزم بشاة ونقول: هذا هو الحد الأدنى؟ لا، كل إنسان بحسبه، ولذا أولم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمر والسويق ما أولم بشاة، فدل على أن كل إنسان يقدم ما يليق به، وما يكون مقدوراً له، بحيث لا يكلف أكثر من قدرته وطاقته، وإلا يوجد الآن الإسراف والتبذير وأمور لا تحمد، ويكون مآلها النفايات، ويحصل بين المسلمين لا سيما أهل الثراء شيء ما يخطر على البال، والله المستعان، نعم؟

 

 

...

"