المقدمات في شرح المقنع ونظمه (06)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،
مازلنا في قراءة المقدمة والتعليق عليها، وإن كان هذا الأمر لا يروق لبعض الطلاب، وقالوا: إنهم يرغبون في تركها، والصعود إلى المقاصد من أول الأمر ابتداءً بكتاب الطهارة، فكتاب مثل هذا بهذا الحجم الأمر سهل في أن يكون ثلاث ساعات أو أربع ساعات في قراءة مقدمته، وبيان بعض اصطلاحاته، وإلا فهذه المقدمة لو شُرِحت شرحًا كما ينبغي ويليق بها لاحتاجت أقل شيء إلى فصل دراسي، والمقدمات حينما يكتبها العلماء ويذكرون اصطلاحاتهم ييسِّرون على طُلاب العلم في هذه الاصطلاحات التي ذكروها في هذه المقدمة يُيسِّرون عليهم، ويختصرون عليهم أشياء كثيرة جدًّا فيما سيأتي في ثنايا الكتاب.
ولكن جُبِل بعض الطلاب على العجلة، يُريدون النتائج قبل المقدمات، ولا يدرون أن هذه النتائج لا يُمكن تحصيلها إلا بمعرفة تلك المقدمات، وبعض الطلاب يرى أن نظم هذه الكُتب بهذه الطريقة عند أهل العلم من باب المشقة على الطلاب، بل قد يصل الأمر ببعضهم إلى أن يكون هذا من العبث، ما المصلحة من نظمٍ يطول بمثل هذه الطريقة، ويصعب تحصيله على الطلاب؟
هذا يسأل: ما الفائدة التي يقصدها العلماء الذين ينظمون هذه المنظومات الطوال مع ما فيها من تكلفٍ في النظم؟
يعني إذا رأى في هذه المنظومات من الكثرة الكاثرة لدى أهل العلم ألا يُراجع نفسه؟ لو واحد نظم قلنا: مسكين هذا كلَّف نفسه، وكلَّف غيره، لكن ما فيه فن من الفنون إلا وفيه عدد كبير من المنظومات المختصرة والمتوسطة والطويلة، والألفيات والأرجوزات، يعني هذا عبث من أهل العلم؟
سيأتي في قول الناظم:
وعلمًا بأن النظم يسهل حفظه |
| وإحضاره في القرب في كل مشهدِ |
يعني إذا حفظ نظمًا، وأتقن حفظه ما هو بتربيط يُسمونه تربيطًا مجرد ما يُقنع نفسه أنه حفظ، ليس هذا بصحيح، هذا ليس بحفظ، يضيع هذا، لكن إذا ضبط وأتقن حفظه استمر معه إلى آخر حياته.
والنظم وزنه وبحره يُعين على استحضاره؛ لأنك لو نسيت كلمة فلا بُد أن تعود إليها؛ لأنه ينكسر النظم، فمثل هذا على طالب العلم أن يعتني به، وإذا كانت حافظته لا تُسعفه في المنظومات المطوَّلة فمثل هذا يعمد إلى غيرها.
نظم الزاد في ثلاثة آلاف بيت، ومن بحر الرجز سهل جدًّا، يعني يُدركه الطالب بسهولة، لكن لما قررنا هذا النظم؛ لقوته وإمامة مؤلفه وجمعه بين المُقنِع والكُتب الأخرى التي سيأتي ذكرها.
وقفنا على قول الناظم:
وما زال في أتباع أحمد في الورى |
| نجومٌ بهم من ضل يا صاح يهتدي |
"وما زال في أتباع أحمد في الورى" أحمد بن حنبل.
"نجومٌ بهم من ضل يا صاح يهتدي" علماء كبار أئمة فحول، وتراجمهم مدونة ومسطَّرة في كُتب الطبقات طبقات الحنابلة، وفي غيرها من كُتب التواريخ والسير، وذكر مثالًا لهم:
كحبرهم القاضي وأعلام صحبه |
| فمن بعدهم من كل حبرٍ مُجوِّدِ |
ولولا أذى التطويل عددت بعضهم |
| وما صَنَّفوا من كل فنٍ مُنضَّدِ |
وشهرتهم تُغني لمن كان عالمًا |
| وها أنا يا هذا أعود لمقصدِ |
القاضي أبو يعلى من أئمة الحنابلة ومن مشاهيرهم، وترجمه ولده ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة، فيما يقرب من أربعين صفحة، ثم بعد ذلك سرد الآخذين عنه وطلابه، ثم جاء ابن رجب في ذيل الطبقات وأكمل طلاب القاضي أبي يعلى.
ولولا –مثل ما ذكر الناظم- أذى التطويل لقرأنا في سيرة القاضي أبي يعلى، وعددنا بعض الآخذين عنه، فسيرة القاضي أبي يعلى موجودة في طبقات الحنابلة لابنه من صفحة مائة وثلاثة وتسعين من الجزء الأول إلى ثلاثين أو أكثر إلى واحد وثلاثين، يعني أربعين صفحة إلا ورقة واحدة.
وذكر شيئًا من اختياراته وعقيدته، وذكر أشياء طالب العلم يستفيد منها فائدة كبيرة.
يقول: الطبقة الخامسة تتضمن طرفًا من أخبار الوالد السعيد، ومولده، ووفاته، وهو محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء أبو يعلى، كان عالم زمانه، وفريد عصره، ونسيج وحده، وقريع دهره، وكان له في الأصول والفروع القَدم العالي، وفي شرف الدين والدنيا المحل السامي... إلى آخر ما قال.
قد يقول قائل: إن هذه مبالغة من الولد بالنسبة لوالده، لكن الكل يشهد له بذلك، ومؤلفاته ومصنفاته تشهد بذلك، فهو بحق إمامٌ من أئمة المذهب، وهو معروفٌ بعلمه وعمله، والله المستعان.
الحافظ ابن رجب ذكر من وفيات السنة المائة الخامسة من طلاب القاضي أبي يعلى، قال: علي بن أبي طالب بن زبيبا البغدادي، أبو الغنائم، من قدماء أصحاب القاضي أبي يعلى تفقَّه عليه، قال القاضي أبو الحسين: كان يُدرِّس في الحريم في المسجد المقابل لباب بدر إلى آخره.
في كلام طويل لابن رجب –رحمه الله- يذكر مناقب هؤلاء، ويذكر شيئًا من اختياراتهم، ويذكر مؤلفاتهم، فمثل هذه الكُتب كُتب الطبقات تنفع طالب العلم.
وتتميز كُتب الطبقات، طبقات الفقهاء بالمسائل النوادر، فهم يحرصون على أن يذكروا في ترجمة كل من يترجمون له ما ندر من مسائله واختياراته، وهذا مثال في مسائل كثيرة، ومن الأمثلة التي تُذكر في هذا الباب للمسائل العلمية ما يختلف فيه أبو بكر عبد العزيز غلام الخلال عن الخرقي وذكرها، سردها كلها، سرد جميع المسائل ما يختلف فيه غلام الخلال أبو بكر عبد العزيز معروف ومشهور، واستعرضنا قسمًا كبيرًا منها في شرح الخرقي.
وفي طبقات المالكية للقاضي عياض (ترتيب المدارك) مسائل كثيرة عن فقهاء المالكية، وأكثر من ذلك كله مسائل عن فقهاء الشافعية في طبقات السبكي، وقُل مثل هذا في بقية المذاهب، فطبقات الفقهاء في غاية الأهمية لطالب العلم، يقف فيها على أندر ما عند هذا العالم المُترجَم من مسائل، والله المستعان.
ولولا الإطالة كما قال الناظم ذكرنا شيئًا من هذا.
والإشكال في الطلاب أنهم يُريدون الفائدة قريبة جدًّا، وإذا كان الخرقي أول متن من متون الحنابلة، متن صغير، ومسائله ليست كثيرة، وأسلوبه ليس من الأساليب المعقدة التي تحتاج إلى وقت في حلها مكثنا في شرحه ثلاثة عشر عامًا، والأعمار بيد الله، لكن المسألة العلم يحتاج إلى صبر.
ولولا أذى التطويل عددت بعضهم |
| وما صَنَّفوا من كل فنٍ مُنضَّدِ |
وشهرتهم تُغني لمن كان عالمًا |
| وها أنا يا هذا أعود لمقصدِ |
بدل من أن نقول: شهرتهم؛ لأن الشهرة نسبية، قد تكون مشهورة لمن عنده عناية، ومع الأسف كثيرٌ من طلاب العلم لا عناية لهم بهذه الأمور، فيكونون من جُملة المغمورين لا المشهورين بالنسبة لهم، ونقولها بكل أسى وأسف من صدود طلاب العلم عن القراءة في سير من تقدم فيها العبرة، وفيها العظة، وفيها الفائدة؛ ولذلك ليس من العبث أن يكتب المؤلف في سيرة بعض الناس أو مجموعة من الناس هذه المؤلفات التي تأخذ من عمره ما تأخذ، ويتعب عليها تعبًا شديدًا، كما تعب الحافظ الذهبي على كتاب (سير أعلام النبلاء)؟
"وها أنا يا هذا أعود لمقصدِ".
وقفت على نظمٍ ليحيى بن يوسف |
| على الخرقي المنتقى مع فُرَّدِ |
الصرصري أبو زكريا جمال الدين يوسف نظم الخرقي في ألفين وسبعمائة وأربعة وسبعين بيتًا، الصرصري هذا كان ناظمًا مُجيدًا، وأكثر نظمه في مدح النبي –عليه الصلاة والسلام-، وتوفي سنة ستٍّ وخمسين وستمائة بعد دخول التتار إلى بغداد، وقصدوه وكان أعمى، فرمى واحدًا منهم بعصاه فقتله، فقتلوه على إثر ذلك.
وقفت على نظمٍ ليحيى بن يوسف |
| على الخرقي المنتقى مع فُرَّدِ |
عن الزيادات.
فشوقني لما تدبرت نظمه |
| فكنت لسمعي نظمه مثل من حُدي |
يعني: "من حُدي" حداه الشيء أو حدا الشيء: دفعه إليه ورغَّبه فيه.
له فيه فضل السبق والأس أسه |
| ونحن على ما سنَّ نبني ونقتدي |
كل من اقتدى بأحد واقتفى أثره، وشق له الطريق، فالمقتدي من باب شكر من يستحق الشكر يمدح من تقدمه ويدعو له، ابن مالك يقول:
................................... |
| فائـقـةً ألْفِيَّـةَ ابْنِ مُعْـطِ |
وَهْـوَ بِسَبْقٍ حائِـزٌ تفضيـلاً |
| مستوجِبٌ ثنـائِيَ الْجميـلا |
وهذا يقول: "له فيه فضل السبق والأس أسه" الأساس الذي بُني عليه هذا الكتاب أخذته من ذلك النظم للصرصري، فالوزن واحد، والاقتداء به ظاهر؛ لأن مَن يقرأ في نظم الصرصري، ويقرأ في هذا يجد نوع تشابه، بل ابن عبد القوي أشار إلى أنه ضمَّن نظمه نظم ابن عبد القوي كما سيأتي.
"ونحن على ما سنَّ نبني ونقتدي".
"فنظَّمت مع نزرٍ له باستخارةٍ" ما معنى هذا؟
طالب: ............
هو الشيء القليل، النزر هو: الشي القليل، لكن معنى كلامه أنه أخذ من الصرصري نزًاٍ يسيرًا، ولكن الذي يظهر أنه عند المطابقة أنه ضمَّنه شيئًا كثيرًا.
"فنظَّمت مع نزرٍ له باستخارةٍ"
طالب: ...........
يعني هو أخذ الزائد من الخرقي على المقنع، لكن الزائد من المقنع على الخرقي كثير.
طالب: ...........
أين؟
طالب: ...........
ما فيه ما يدل على هذا.
طالب: ...........
كلامه صحيح، قد تكون نيته في أول الأمر أن يأخذ منه أشياء يسيرة، ثم بدا له أن يستطرد.
فنظَمت مع نزرٍ له باستخارةٍ |
| على مُقنع الشيخ الإمام الممجدِ |
طالب: ...........
نظَّمت؟
طالب: ...........
نعم.
طالب: ...........
كحولٌ؟
طالب: ...........
يجوز حذفها.
طالب: ...........
ما يمنع، يجوز، ولو كانت الأولى، لكن ما المانع من وجودها؛ لأنها الأصل؟ فلتكن مُشددة، ماذا نحتاج إلى...
فنظَّمت مع نزرٍ له باستخارةٍ |
| على مُقنع الشيخ الإمام الممجدِ |
موفَّق دين الله حقًّا وحبره |
| ألا ذاك عبد الله أعني ابن أحمدِ |
"تصانيفه تجلي" في المخطوطات تجلي بالياء، وفي المطبوع تجلو.
"تصانيفه تجلو القلوب عن الصدى" تجلو القلوب أم تُذهِب الصدى عن القلوب؟
طالب: ...........
لكن المخطوطات كلها عن.
طالب: ...........
تصانيفه، المخطوطات كلها تصانيفه بالهاء.
"بها كل معنىً شائعٍ غير مُبعدِ" يعني: قريب، معانٍ شائعة ومعروفة ما يستبعدها الناظر والقارئ، ولا يستغربها.
"فجازاه ذو الحسنى" الله -جلَّ وعلا-.
"على حسن سعيه.. برضوانه تترى يروح ويغتدي" يعني: في الرواح والغدو، في أول النهار وفي آخره.
"تلقيته عنه بواسطة الذي" يعني: ما أخذه عنه مباشرة، لكن أخذه عن الموفَّق بواسطة.
تلقيته عنه بواسطة الذي |
| تُشد إليه اليعملات لقصدِ |
"اليعملات" النوق، وقد يُقصد بها السريعة الخفيفة.
"إمام الهدى شمس الشريعة وانتمى".
طالب: ............
لا لا، في المخطوطات وانتمى.
طالب: ............
نرى، هكذا في المخطوط.
تصانيفه تجلو القلوب عن الصدى |
| ............................................. |
فجازاه دون الحسنى على حسن سعيه |
| برضوانه تترى يروح ويغتدي |
تلقيته .......................... |
| ............................................. |
إمام الهدى شمس الشريعة وانتمى |
| أبي عمر قطب الزمان محمدِ |
"وانتمى" بالألف المقصورة.
طالب: ............
يعني نسبته.
طالب: ............
ماذا؟
طالب: ............
يعني ينتمي إلى كذا.
طالب: ............
يعني انتمى يُسمى بهذا الاسم كاملًا "أبي عمر قطب الزمان محمدِ".
طالب: ............
ماذا؟
طالب: ............
ماذا قال عندك؟ "إمام الهدى شمس الشريعة والهدى" لا تجيء، تكرار، تكرار إمام الهدى وشمس الشريعة والهدى.
على كل حال المخطوطات كلها هكذا.
"قطب الزمان محمدِ".
طالب: ............
هذا الموجود في المخطوطات كلها "إمام الهدى".
طالب: ............
لا، ما نمشي حالنا إلا على أصل، ما تمشي إلا على أصل.
"قطب الزمان محمدِ".
لقد يسَّر المطلوب في شرح مُقنعٍ |
| وقرَّب للطلاب كل مُبَّعدِ |
من المقصود بهذا؟
طالب: ............
ذاك اسمه محمد؟ إلا إذا كان محمود الخصال.
طالب: ............
ينتمي إلى أبيه أبي عمر "قطب الزمان محمدٍ"؟
طالب: ............
شارح المقنع في الشرح الكبير اسمه عبد الرحمن بن...
طالب: ............
خلاص انتهى الإشكال.
طالب: ............
لأنه أشكل عليَّ كثيرًا تسميته بمحمد وهو معروف اسمه عبد الرحمن، فيكون "وانتمى" يعني إلى أبيه قطب الزمان، لكن أباه مشهور بالعلم؟
طالب: ............
هو المشهور بالعلم.
طالب: ............
على كل حال إذا ما فيه حل إلا أن يكون المعنى "انتمى" يعني: انتسب إلى أبي عمر؛ لأنه ابن أبي عمر الشارح "قطب الزمان محمدٍ".
طالب: ............
لكن هو يقول: أخذت عن الذي انتمى إلى أبي عمر.
طالب: ............
ابن أبي عمر؛ لذلك تعيّنت انتمى، وبان معناها.
طالب: ............
الواسطة أين؟
طالب: ............
هو الواسطة، لكن مَن هو أبو عمر أم ابن أبي عمر؟
طالب: ............
ابن أبي عمر عبد الرحمن، ما هو بمحمد –الابن- وهو صاحب الشرح الكبير.
طالب: ............
يُلقَّب، نعم معروف.
لقد يسَّر المطلوب في شرح مُقنعٍ |
| وقرَّب للطلاب كل مُبعّدِ |
يسر في شرح المقنع، المقنع في جزءٍ متوسط، وشرحه بالشرح الكبير الذي هو بقدر المغني، هذا تيسير؟
طالب: ............
لكن –نعود مرةً أخرى- هل التيسير في البسط أم في الاختصار؟
طالب: ............
هو الأصل، الأصل أنه في البسط؛ ولذلك تجد المختصرات أصعب من الأصول، يعني لو تقارن بين المقنع وبين الزاد فأيهما أيسر؟ المقنع بلا شك، فيكون البسط من أجل زيادة الإيضاح هو التيسير.
طالب: ............
الاختصار الآن عندك مثلًا (تهذيب اللغة) خمسة عشر مجلدًا، وعندك القاموس بحجم مجلدين منه أيهما أيسر؟
تهذيب اللغة؛ لأنك تقرأ المادة وأنت مرتاح، ما تستجمع الذهن وتعصر فكرك من أجل أن تفهم كما في القاموس، وقُل مثل هذا في المعاجم التي أُلِّفت ابتداءً في أول الأمر أمرها أيسر بكثير من المعاجم التي جاءت بعدها وإن كان فيها اعتصار واختصار وكثرة مواد، لكن الصِّحاح يعني الذي يقرأ فيه يقرأ كلامًا مُرسلًا وواضحًا وبيِّنًا، لكن في القاموس تحتاج إلى عصر ذهن لفهم المعنى.
طالب: ............
لا لا ما هو بأخصر، قد يقول قائل: إنه عالة على المُغني، فكيف يُمدح بما هو عالة على المغني؛ لأن معلوماته تقرأ الصفحة والصفحتين تُقارن بين الكتابين بالحرف، وهو أشار إلى ذلك.
طالب: ............
يشرح كتابه بكتابه.
طالب: يشرح المقنع...
بالمغني.
طالب: ............
لو تصورت أن الذين يحتاجون إلى شرح الزاد هل رجوعهم في المسائل إلى المغني أيسر أو إلى الشرح الكبير؟
الشرح الكبير؛ لارتباط الزاد بالمقنع لا بمختصر الخرقي؛ ولذلك الشيخ محمد رشيد رضا لما طبع الكتابين احتاج إلى أن يُقدِّم ويؤخِّر، يعني يُقدِّم ويؤخِّر؛ ليتطابق الكتابان في المباحث؛ لأن ترتيب المقنع يختلف -وإن كان في الجملة ترتيب الفقهاء واحدًا- يختلف عن ترتيب مسائل الخرقي.
وأغنى عن المغني بتسهيل مطلبٍ |
| لمن يبتغي تحصيل مذهب أحمدِ |
"وأغنى" الشرح الكبير "عن المغني" الذي يستغني به يغتني.
وأغنى عن المغني بتسهيل مطلبٍ |
| لمن يبتغي تحصيل مذهب أحمدِ |
يدل من المنطوق أقوى دلالةٍ |
| ويحمل في المفهوم حمل مؤيدِ |
فهو يمدح في دلالة المسائل بمنطوقها ومفهومها، الكتاب قالوا عنه -ولعله مُختصر خليل- قال بعض المالكية: إنه بمنطوقه يدل على مائة ألف مسألة، وبمفهومه على مائتي ألف مسألة، هذه مبالغة بلا شك، هل قرأت خليل؟ أراك ما قرأته، مذهبكم.
طالب: ............
على كل حال هذه لا شك أنها مبالغة، ويعني لو قيلت في القرآن نعم، أما مختصر خليل رغم أنه مُعتصر، وفيه إشارات وتلميحات للأمور بيَّنها الشُّراح، ولكن مائة ألف مسألة بمنطوقه ومائتي ألف مسألة بمفهومه، هذا لو الشرح الكبير باعتباره عشرين ضعفًا بالنسبة لمختصر خليل أو أكثر.
يدل من المنطوق أقوى دلالةٍ |
| ويحمل في المفهوم حمل مؤيدِ |
فلا زال محروس الجناب مؤيدًا |
| على رغم أعداءٍ تمالوا وحُسدِ |
إذا ما اعتراه طالب العلم والندى |
| تهلل مثل البدر وجهٌ له ندي |
لما جاءه الطلاب يسألونه مسائل العلم، ويُريدون أن يستفيدوا منه ويقرؤوا عليها تهلل، وإذا طلبوا الندى والجود والكرم كذلك.
وهذه صفات العالم المؤثِّر، وبعض من يتصدى لتعليم الناس قد يُضجره الطلاب فيضيق بهم ذرعًا؛ ولذلك المطلب من الجانبين من العالم أن يقول لمن أتاه يطلب العلم: مرحبًا كما في حديث أبي سعيد عند ابن ماجه، ويتسع له صدره، وأيضًا من الطالب ألا يُضجِر شيخه؛ لأن الشيخ بشر له ظروفه.
إذا ما اعتراه طالب العلم والندى |
| تهلل مثل البدر وجهٌ له ندي |
فيا لك أصلًا قد تثبَّت في التُّقى |
| ويا لك فرعًا قد سما فوق فرقدِ |
الأصل أبوه محمد أم المؤلف الأصلي ابن قدامة الموفَّق؟
طالب: ............
"فيا لك أصلًا" أي أبوه محمد؟
طالب: ............
فيا لك أصلًا قد تثبَّت في التُّقى |
| ويا لك فرعًا قد سما فوق فرقدِ |
والفرقد: النجم الذي يُهتدى به، يهتدي به السُّراة في الليل.
أضاء لنا شمسًا فأطلع أنجُمًا |
| بهم نهتدي عند الخطوب ونجتدي |
طالب: ............
هو نفسه؟
طالب: ............
هو يأتي كل إنسان له أب وله ولد، وله شيوخ، وله تلاميذ، بهذا المعنى؟
طالب: ............
ماذا؟
طالب: ............
نناقش الكلام أمامنا.
فيا لك أصلًا قد تثبَّت في التُّقى |
| ويا لك فرعًا قد سما فوق فرقدِ |
طالب: ............
فرع في المذهب، والأصل؟
طالب: ............
لا، ذكره بأنه أصل، ذكر أصلًا وفرعًا، فهل هما لشيءٍ واحد أو لاثنين فرع وأصل، أبٌ وابن أو شيخ وتلميذ؟
طالب: ............
النخلة مثلًا أصلها جذورها، وفرعها...
طالب: ............
ممكن هذا الذي أنا قلته.
طالب: ............
ومادامت احتمالات، وكلها احتمالات مقبولة.
طالب: ............
ماذا قال؟
طالب: ............
أنا قلت لك: بالنسبة لشيوخه فرع، بالنسبة لطلابه أصل، كما أن الأب بالنسبة لولده أصل، وبالنسبة لأبيه فرع.
أضاء لنا شمسًا فأطلع أنجُمًا |
| بهم نهتدي عند الخطوب ونجتدي |
"أضاء لنا شمسًا فأطلع أنجُمًا" يعني: الشمس كُنيته، كُنيته شمس الدين.
"فأطلع أنجُمًا" يعني: طلاب أو فوائد من الكتاب سمِّه ما تشاء.
"بهم نهتدي عند الخطوب ونجتدي".
"بدأت بذا" يعني: بهذا النظم.
"بدأت بذا أولى جُمادين سادسًا.. وسبعين" يعني: بدأ في جمادى الأولى سنة ستٍّ وسبعين وستمائة، وعمره ستة وأربعون هو وُلِد سنة ثلاثين.
طالب: ............
لا لا، ستمائة وثلاثين ولد، ست وأربعون سنة.
بدأت بذا أولى جُمادين سادسًا |
| وسبعين والست المئين فعدِّدِ |
وفرغ منه في صفر سنة ثلاثٍ وثمانين وستمائة يعني سبع سنين تنقص يسيرًا شهرًا أو شهرين، فرغ منه سنة ثلاث وثمانين وستمائة، أظن ذكره في آخر النظم.
يقول: "رجاء دعاءٍ من كريمٍ كفيته" يعني: يسرت له ما يُريد من المسائل الفقهية.
رجاء دعاءٍ من كريمٍ كفيته |
| مؤنة حفظ الشاسع المتبددِ |
لأنه جمع كُتبًا كثيرة، فجعلها في كتابٍ واحد.
طالب: ............
هو من فوائد النظم الزيادات، سيأتي ذِكر الكُتب المزيدة.
"رجاء" يعني لماذا ألَّف؟ يرجو هذه الدعوة ممن ينتفع بكتابه.
رجاء دعاءٍ من كريمٍ كفيته |
| مؤنة حفظ الشاسع المتبددِ |
بدل ما يحفظ المقنع، ويحفظ المحرر، ويحفظ من الكافي، ويحفظ من المغني، ويحفظ من الغاية في شرح الهداية.
هذا آخر الكتاب يقول:
وفي يوم الإثنين انقضت بعد ظهره |
| لسبعٍ تلي عشرين من صفرٍ زدِ |
وذلك في العام الثلاثة قبلها |
| ثمانون والست المئات كما ابتُدي |
ستمائة وثلاثة وثمانين وهو بدأ جمادى الأول وانتهى في صفر، يعني سبع سنين إلا شهرين.
رجاء دعاءٍ من كريمٍ كفيته |
| مؤنة حفظ الشاسع المتبددِ |
"وتحصيل نفعٍ وادخار مثوبةٍ" تحصيل نفع إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث ومنها: علم يُنتفع به، وهذا مثال.
وتحصيل نفعٍ وادخار مثوبةٍ |
| إذا انقطعت أعمال بِرٍّ بملحدِ |
يعني: بالقبر.
وعلمًا بأن النظم يسهل حفظه |
| وإحضاره في القرب في كل مشهدِ |
وسميته عقد الفرائد فانظمن |
| بعقلك مع كنز الفوائد فاقصدِ |
طالب: ............
الفوائد، تكرار هذا.
وسميته عقد الفرائد فانظمن |
| بعقلك مع كنز الفوائد فاقصدِ |
"أسوق الذي فيه" في المخطوطات بدل "الذي فيه" "الذكاء" وضعوا بالكم على معنى هذه الكلمة في هذا السياق.
عندك أنت؟
طالب: ............
كل الأصول تقول: الذكاء.
أسوق الذكاء فيه فمهما فقدته |
| ففكر ففي النظم البيان لمن هُدي |
يعني: فمهما فقدت المعنى، وحاولت وما بدا لك شيء فكِّر، ومن الذي يستطيع ذلك؟ المتصف بهذا الوصف، لكن التركيب فيه...
طالب: ............
أسوق الذكاء فيه فمهما فقدته |
| ففكر ففي النظم البيان لمن هُدي |
طالب: ............
حاول تُفكِّر تُريد المعنى ولم تجده، فهذا ماذا يحتاج؟ إلى شيءٍ من الذكاء الذي تتوصل بفكرك المتصف بهذا الوصف إلى المعنى تعتدي.
طالب: ............
ظهر شيء؟
طالب: ............
لو النظم طاوعه...
طالب: ............
أسوق الذكاء فيه فمهما فقدته |
| ففكر ففي النظم البيان لمن هُدي |
وقد أكتفي في ضابطٍ بعمومه |
| وأجمع ما بين النظائر فاهتدِ |
"وقد أكتفي في ضابطٍ بعمومه" عندك ضابط أو ضوابط وعندك قواعد، وهذه لها شأنها في تقرير العلم، وبالذات الفقه الضوابط، القواعد أعم، تأتي القاعدة تنتظم مسائل كثيرة في أبواب الفقه، بينما الضوابط تنتظم مسائل في الباب، هكذا فرَّقوا بين القواعد والضوابط، ومن طالع قواعد ابن رجب يجد هو خلط بينهما.
طالب: ............
لا لا، هو الإشكال أن النسخ كلها هكذا "الذكاء".
طالب: ............
لا، اتفقت عليها النُّسخ ما نقدر أن نفعل شيئًا.
طالب: ............
الذكاء مع التفكير، يعني استعمل ذكائك.
طالب: ............
"وقد أكتفي في ضابطٍ بعمومه" يعني: ما أُفصِّل.
طالب: ............
وقد أكتفي في ضابطٍ بعمومه |
| وأجمع ما بين النظائر فاهتدِ |
الجمع بين النظائر يزيد المسائل إيضاحًا، والاكتفاء بالضوابط والقواعد يحصر العلم لطالبه.
طالب: ............
القاعدة يقولون: في الفقه كله، والضابط في الباب، هكذا يقولون، والذي في قواعد ابن رجب الذي يظهر أن أكثرها ضوابط أو كلها، كلها ضوابط، ابن رجب كلها ضوابط، بينما (الأشباه والنظائر) للسيوطي تجد الخمسة القواعد الكلية قواعد، ثم يأتي بعدها قواعد أغلبية، ثم تأتي الضوابط.
"وأجمع ما بين النظائر فاهتدِ" يعني ميزة المُعلِّم إذا شرح شيئًا ومر عليه مسألة لها نظائر يوضح هذه المسألة بذكر نظائرها، وبهذا يتضح العلم، وبذكره الضوابط والقواعد ينحصر العلم، فالعلم بحاجة إلى لف ونشر، يحتاج إلى قواعد تضبطه، وضوابط تحصره، كما أنه بحاجة إلى نشر لهذه القواعد وهذه الضوابط؛ ولذلك تجد العلماء في كُتب القواعد يذكرون هذه القواعد، ثم يذكرون المسائل المتفرعة عنها.
"لقصد اختصارٍ أو لإيضاح مُشكلٍ" أحيانًا المسألة المبسوطة تحتاج إلى شيءٍ يجمع أطرافها؛ لتنحصر في ذهن الطالب.
"أو لإيضاح مشكلٍ" عبارة معصورة تحتاج إلى بسط وإيضاح، فالعلم كما هو بحاجة إلى الأول فهو أيضًا بحاجةٍ إلى الثاني.
"فرُبَّ امرئٍ بالشيء للشيء يهتدي" مر علينا بـــ(روضة الناظر) لما كنا طُلابًا في مسألة الزيادة على الواجب، هل هي واجبة أو يبقى القدر الواجب هو المقرر، والزائد عليه نفل؟
ويفرقون بين ما إذا كانت الزيادة متميزة أو غير متميزة، ومثَّل صاحب الروضة "كمن أدى دينارًا عن عشرين"، المدرس في ذلك الوقت حار ودار، وكيف يكون الدينار عن عشرين؟! وإذا المقصود الزكاة، العشرون زكاتها نصف دينار، فمن دفع دينارًا عن العشرين هل النصف الثاني واجب أو سُنَّة غير متميزة في زكاة الفطر دفع كيسًا كاملًا، هل كله واجب أم صاع منه واجب والبقية... هذه غير متميزة؟
طالب: ............
أما إذا اشترى الكيس وكاله بالصاع، ووزَّعه على عددٍ من الأكياس بقدر ما فيه خمسة عشر كيسًا كلهم يجيئون خمسة عشر صاعًا، فمعروف أن الواجب واحدٌ منها والبقية نفل، نقول: لما تمر مثل هذه العبارة على طالب العلم "كمن أدى دينارًا عن عشرين" ويحصل مثل هذا التردد، ثم يصل إلى هذه النتيجة، تنفتح له آفاق وأبواب.
يعني إذا جئت والإمام راكع، وقال: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات أو قالها مرة؛ لأن الواجب مرة، وأنت أدركته في المرة الخامسة أو السادسة أدركت الركوع، لكن أدركته وهو مُفترض أم متنفِّل؟
طالب: ..........
متميزة أم غير متميزة؟
طالب: ..........
إذًا...
طالب: ..........
لكن على القاعدة مفترضة.
"وزدت عليه ما تيسَّر نظمه".
طالب: ..........
أربعة عشر، وخمس دقائق قبل.
طالب: ..........
أيضًا ثلاث، سبعة عشر.
طالب: ..........
وزدت عليه ما تيسر نظمه |
| وقيدت فيه بعض ما لم يُقيدِ |
إلى آخره؛ لأنه زاد عليه زيادات من المحرر وغيره من الكتب التي سيذكرها.
"