شرح العقيدة الطحاوية (07)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين وللمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين قال المؤلف رحمه الله تعالى:

قوله: ولا شيء مثله". اتفق أهل السنة على أن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولكن لفظ التشبيه قد صار في كلام الناس لفظا مجملا يراد به المعنى الصحيح وهو ما نفاه القرآن ودل عليه العقل من أن خصائص الرب تعالى لا يوصف بها شيء من المخلوقات ولا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من صفاته       ﭣﭤ الشورى: ١١  رد على الممثلة المشبهة،    الشورى: ١١  رد على النفاة المعطلة، فمن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق فهو المشبه المبطل المذموم، ومن جعل صفات المخلوق مثل صفات الخالق فهو نظير النصارى في كفرهم ويراد به أنه لا يثبت لله شيء من الصفات فلا يقال له قدرة ولا علم ولا حياة لأن العبد موصوف بهذه الصفات ولازم هذا القول أنه لا يقال له حي عليم قدير؛ لأن العبد يُسمَّى بهذه الأسماء وكذا كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المصنف رحمه الله تعالى:

"ولا شيء مثله" كما في قوله جل وعلا:       ﭣﭤ الشورى: ١١  هذا في النفي المجمل نفي مشابهة ومماثلة المخلوقين للخالق، ونفي مماثلة الخالق للمخلوقين، نفي المماثلة بين الخالق والمخلوق، وهذا فيه رد على المشبهة الذين يشبهون الله بالمخلوق ويقولون له سمع كسمعنا وبصر كبصرنا، ونفي لمشابهة الخالق للمخلوق كما تدعيه النصارى       ﭣﭤ    الشورى: ١١  رد على المعطلة الذين ينفون الصفات وعلى من ينفي الأسماء مع الصفات، وفيه رد أيضا على من ينفي بعض الصفات دون بعض؛ ولذا يقول الشارح- رحمه الله تعالى- اتفق أهل السنة على أنه ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله؛ لأنه كما أنه جل وعلا ليس له مشابه في الذات كذلك ليس له شبيه في الصفات؛ لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، نعم المشابهة اللفظية التي بسببها وقع أهل التعطيل في تعطيلهم، المشابهة اللفظية موجودة يعني الله- جل وعلا- سميع بصير والمخلوق سميع بصير، الله- جل وعلا- حي عليم قادر وكذلك المخلوق موصوف بهذه الصفات فالمشابهة في الأسماء فقط، أما بالنسبة للكيفيات فللخالق من هذا اللفظ ما يخصه وللمخلوق من هذا اللفظ ما يخصه، فوجود الخالق يختلف عن وجود المخلوق، وعلم الخالق يختلف عن علم المخلوق، وإن كان الاشتراك في اللفظ دون الاشتراك في المعنى والكيفية اتفق أهل السنة على أن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، ولكن لفظ التشبيه قد صار في كلام الناس لفظا مجملا يراد به المعنى الصحيح وهو ما نفاه القرآن وهو المشابهة في الكيفية هذه منفية، لكن المشابهة في اللفظ التي يتوصل بها المعطلة إلى نفي الصفات لأنها تقتضي التشبيه هذا هو المرفوض، ولكن لفظ التشبيه صار في كلام الناس لفظا مجملا يراد به المعنى الصحيح وهو ما نفاه القرآن ودل عليه العقل.

يقول أليس لفظ الصفات جمع مؤنث سالم ويكون علامة نصبه الكسر؟ والقارئ وفقه الله يفتح المنصوب في قراءة العصر والآن.

أولا الصفات جمع صفة ويعرب جمع المؤنث السالم في حال النصب بالكسرة لأنها علامة نصبه، لكن هل تعريف جمع المؤنث السالم ينطبق على صفة وصفات أو لا بد أن تكون التاء والألف زائدتين ليكون جمع مؤنث سالم؟ على كل حال هذه اللفظة يختلف فيها أهل العلم هل هي تعامل معاملة جمع المؤنث السالم أو تكون جمع تكسير؛ لأن التاء من أصل الكلمة والأكثر على أنه يعامل معاملة جمع المؤنث السالم فكلام الأخ الذي استدرك صحيح في الجملة لكن الثاني لا يخطأ.

ويراد به المعنى الصحيح وهو ما نفاه القرآن ودل عليه العقل من أن خصائص الرب تعالى لا يساوى بها شيء من المخلوقات ولا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من صفاته       ﭣﭤ الشورى: ١١  رد على الممثلة المشبهة       ﭣﭤ الشورى: ١١  من قال إن سمع الخالق مثل سمع المخلوق نقول ليس كمثله شيء، ومن قال إنه ليس له سمع لأن إثبات السمع يقتضي مشابهة الخالق بالمخلوق قلنا    الشورى: ١١  ففيه رد على النفاة المعطلة، فمن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق فهو المشبه المبطل المذموم، مثل صفات هنا قدر مشترك بين السمع بالنسبة للخالق والسمع بالنسبة للمخلوق، وقل مثل هذا في بقية الصفات المشتركة قدر مشترك لهذا الوصف أو في هذا الوصف بين الخالق والمخلوق وهو المشترك اللفظي، لا اشتراك في الكيفية والمعنى فللخالق من هذا الوصف ما يخصه وللمخلوق من هذا الوصف ما يخصه       ﭣﭤ الشورى: ١١  ومن جعل صفات المخلوق مثل صفات الخالق فهو نظير النصارى في كفرهم الذين جعلوه بمنزلة الخالق ووصفوه بصفات الخالق وعبدوه من دون الله- جل وعلا- ويراد به أنه لا يثبت لله شيء من الصفات، فلا يقال له قدرة ولا علم ولا حياة لماذا؟ لأن المخلوق موصوف بهذه الصفات ووصف الخالق بها يقتضي مشابهة المخلوق للخالق، ولازم هذا القول ألا يقال له حي عليم قدير لماذا؟ لأن ممن ينفي الصفات للزوم المشابهة فيها يثبت هذه الصفات السبع التي منها الحياة والعلم والقدرة على ما سيأتي في كلام الأشعرية، فإذا قلنا أن السمع والبصر إثباته يقتضي التشبيه قلنا الحياة والعلم والقدرة إثباتها يقتضي التشبيه، فإما أن تثبتوا الجميع أو تنفوا الجميع، وإثبات الشيء ونفي نظيره لا شك أنه تفريق بين المتماثلات، ولازم هذا القول ألا يقال حي عليم قدير لأن العبد يسمى بهذه الأسماء وكذا كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك من الصفات التي يختلف فيها هؤلاء مع أهل السنة، فإما أن تثبتوا الجميع أو تنفوا الجميع وهذا الكلام يوجه لمن يثبت البعض وينفي البعض كمن يثبت الصفات السبع مثل الأشعرية، فإما أن تنفوا الجميع أو تثبتوا الجميع، قال المعتزلة نحن ننفي الجميع قلنا لازم إثبات الصفات أو نفي الصفات يلزم منه نفي الأسماء، وأنتم تثبتون الأسماء فيلزم من نفيكم الصفات أن تنفوا الأسماء أيضا ثم بعد ذلك يوافقون الجهمية الذين يعبدون عدمًا لا وجود له في الخارج إنما هو مجرد تخيّل في الذهن وإلا كيف يوجد شيء لا صفة له ولا اسم ما له صفات، ما هو الشيء الذي ليس له صفات؟

طالب: العدم.

العدم، وهم يوافقون أهل السنة على أنه موجود عليم قدير حي والمخلوق يقال له موجود حي عليم قدير.. نعم اقرأ.

وهم يوافقون أهل السنة على أنه موجود عليم قدير حي والمخلوق يقال له موجود حي عليم قدير ولا يقال هذا تشبيه يجب نفيه وهذا مما دل عليه الكتاب والسنة وصريح العقل ولا يخالف فيه عاقل فإن الله سمى نفسه بأسماء وسمى بعض عباده بها وكذلك سمى صفاته بأسماء وسمى ببعضها صفات خلقه وليس المسمى كالمسمى، فسمى نفسه حيًّا عليمًا قديرًا رؤوفًا رحيما عزيزا حكيما سميعا بصيرا ملكا مؤمنا جبارا متكبرا وقد سمى بعض عباده بهذه الأسماء فقال الأنعام: ٩٥   الذاريات: ٢٨.

أطلق على المخلوق أنه حي الأنعام: ٩٥  وهذا للمخلوق.

الذاريات: ٢٨.

نعم وصفه بأنه عليم والله- جل وعلا- هو السميع العليم.

    الصافات: ١٠١.

وهذا في حق المخلوق، وجاء مثله في حق الخالق.

   التوبة: ١٢٨.

وهذا في حق المخلوق وجاء نظيره في حق الخالق.

الإنسان: ٢.

كذلك كلها على هذا المنوال.

يوسف: ٥١   الكهف: ٧٩.

سمى نفسه بالعزيز وسمى عزيز مصر العزيز امرأة العزيز.

الكهف: ٧٩.

نعم وسمى نفسه بالملك وقال عن هذا الذي يأخذ كل سفينة غصبا سماه ملك.

       السجدة: ١٨.

السلام المؤمن المهيمن من أسمائه جل وعلا.

                غافر: ٣٥.

وهذه أيضا جاء تسمية الرب بها جل وعلا.

ومعلوم أنه لا يماثل الحي الحي ولا العليم العليم ولا العزيز العزيز وكذلك سائر الأسماء.

وإذا كانت المخلوقات تشترك في هذه الأسماء وتتفاوت من شخص إلى آخر، المخلوقات تشترك في الصفات، الجمل له وجه والإنسان له وجه، هل يقتضي هذا المشابهة، البعوضة لها وجه، والقرد له وجه، والحمار له وجه، والمخلوقات توصف بهذا الوصف فهل هي متشابهة بهذا الوصف؟! وإذا كان بين المخلوقات التي هي أقرب إلى التشابه مما بين الخالق والمخلوق ووصف الرب جل وعلا وتسميته بهذه الأسماء لا يلزم منه المشابهة، وإذا كان المخلوق موصوف بهذه الأوصاف وبين المخلوقات الموصوفة بهذه الأوصاف من التفاوت يعني لا يوجد فرق بين وجه البعوضة وبين وجه الجمل أو الفيل؟! هذا في المخلوقات المحسوسة التي كلها من ضعف فكيف بالخالق الذي ليس كمثله شيء؟!

وقال تعالى: البقرة: ٢٥٥  وقال ﮗﮘ النساء: ١٦٦  وقال   ﰌﰍ فاطر: ١١  وقال   الذاريات: ٥٨  وقال ﮠﮡ فصلت: ١٥  وعن جابر رضي الله عنه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به قال ويسمي حاجته» رواه البخاري.

قال «إذا هم أحدكم بالأمر» بدعاء الاستخارة المعروف «فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل» والعطف بثم يقتضي أن يكون الدعاء بعد السلام وهذا يسأل عنه كثيرا لأن العطف بثم للتراخي «اللهم إني أستخيرك بعلمك» أثبت له صفة العلم وكذلك القدرة والفضل العظيم قال «فإنك تقدر» أثبت له القدرة «ولا أقدر» مع أن للمخلوق قدرة تليق به تابعة لقدرة الله «فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم» مع أنه أثبت له العلم للمخلوق لكن علم المخلوق بالنسبة لعلم الخالق هنا في باب المقابلة النفي لعلم المخلوق في مقابل علم الخالق، يقول الخضر لموسى: ما علمي وعلمك إلا كما نقص هذا العصفور من هذا البحر لا شيء إلى آخر الدعاء.

في حديث عمار بن ياسر الذي رواه النسائي وغيره عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يدعو بهذا الدعاء «اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا وأسألك القصد في الغنى والفقر وأسألك نعيما لا ينفد وقرة عين لا تنقطع وأسألك الرضا بعد القضاء وأسألك برد العيش بعد الموت وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين».

والشاهد منه «بعلمك بعلمك الغيب وقدرتك» إلى غير ذلك من الصفات التي ذُكرت «أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي» لا شك أن الحياة خير للمسلم الذي يستغلها فيما يرضي الله- جل وعلا- والموت خير لمن لا يستفيد من حياته ما يقربه إلى الله- جل وعلا- وإذا تردد الإنسان وخشي من أن يفتن وغلب على ظنه أنه قد يعرض له ما يصرفه عن طاعة الله ويفتنه عن دينه يقول مثل هذا الدعاء، ولا يجوز له أن يتمنى الموت لضر نزل به لكن إن كان لا بد فاعلا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، والأصل أن الحياة خير؛ لأن المسلم يزداد بها قربا إلى الله- جل وعلا- كما جاء في حديث الذي استشهد ومات صاحبه بعده بسنة على فراشه ثم رئي الثاني في حال أفضل من الأول؛ لأنه صلى كم صلاة وصام كم يوم وسبح وهلل وذكر الله وأحسن وتصدق إلى غير ذلك من الأعمال التي تقربه إلى الله- جل وعلا- لا شك أن طول الحياة خير للمسلم، "خيركم من طال عمره وحسن عمله" وفي المقابل "شركم من طال عمره وساء عمله" فهذه الأيام والليالي ظروف وأوعية تضع فيها ما شئت مما يقربك إلى الله ويرفع درجاتك عنده أو العكس فاختر لنفسك، والله المستعان.

فقد سمى الله ورسوله صفات الله علما وقدرة وقوة وقال تعالى ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ الروم: ٥٤.هذا بالنسبة للمخلوق. وقال يوسف: ٦٨  ومعلوم أنه ليس العلم كالعلم ولا القوة كالقوة ونظائر هذا كثيرة، وهذا لازم لجميع العقلاء فإن من نفى صفة من صفاته التي وصف الله بها نفسه كالرضا والغضب والمحبة والبغض ونحو ذلك وزعم أن ذلك يستلزم التشبيه والتجسيم قيل له فأنت تثبت له الإرادة والكلام والسمع والبصر مع أن ما تثبته له ليس مثل صفات المخلوقين فقل فيما نفيته وأثبته الله ورسوله مثل قولك فيما أثبتّه إذ لا فرق بينهما.

أول زمرة تدخل الجنة على صفة القمر ليلة البدر، يعني التشابه في الصفة هل يقتضي المشابهة من كل وجه؟ هذه الصفة التي تدخل الجنة بدون عيون؟! القمر ليس له عيون، لكنها مشابهة من وجه دون وجه إذا تُصُوِّر مثل هذا الاختلاف الكبير في المخلوق فماذا بين الخالق والمخلوق؟ لكنه الضلال وتلبيس الشيطان والبعد عن الوحيين، وتعظيم الوحيين والاقتداء بهما واعتماد القواعد الكلامية والأسس المنطقية التي بنوا عليها علومهم وجرتهم إلى مثل هذا وعوقبوا بما وقعوا فيه ،وإلا إذا جاء الرب- جل وعلا- يوم القيامة على الصفة التي يعرفها المؤمنون وسجدوا له لأنهم يعرفونه بصفاته فما موقف هؤلاء الذين ينفون الصفات؟! هل يستطيعون أن يعرفوه وهم لا يثبتون له صفة؟ هل يسجدون أو لا يسجدون؟ هل يسجدون مع المؤمنين أو لا يسجدون مع الكفار؟! هم نفوا عنه صفاته ما يعرفونه بشيء، لا شك أن القول بنفي الصفات خطير جدا وقد يؤدي إلى مثل هذه النتيجة، لكن بالنسبة لهؤلاء المبتدعة يعني عندهم تأويلات وإلا فمآل القول خطير جدا والأصل أن المعطل يعبد عدما والمبشه يعبد صنما.

فإن قال أنا لا أثبت شيئا من الصفات قيل له فأنت تثبت.

يعني لو قدر أن الكلام في إلزام الأشعري الأول والثاني في إلزام المعتزلي يقول أنا ما أثبت شيئا من الصفات حتى تلزمونني بما أثبت قالوا أنت تثبت الأسماء.

قيل له فأنت تثبت له الأسماء الحسنى مثل حي عليم قدير والعبد يسمى بهذه الأسماء وليس ما يثبت للرب من هذه الأسماء مماثلا لما يثبت للعبد فقل في صفاته نظير قولك في مسمى أسمائه، فإن قال وأنا لا أثبت له الأسماء الحسنى بل أقول هي مجاز وهي أسماء لبعض مبتدعاته.

أو لا يثبتها مطلقا لا مجاز ولا حقيقة كالجهمية.

وهي أسماء لبعض مبتدعاته كقول غلاة الباطنية والمتفلسفة.

يقول هذه الأسماء التي أثبتها الله لنفسه ليست له إنما هي لبعض مخلوقاته هل يأتي الكلام المعجز بمثل هذا؟ يصف نفسه بصفات ليست له بل لبعض مخلوقاته ومبتدعاته ويسمى معجِزا؟! هذه مغالطات، مثل بعض من يكتب الروايات الآن، ويتكلم ويتفوه بكلام قبيح جدا يلزم عليه إقامة حدود ثم يقول لا، أنا ما أنسبه لنفسه ولا تكلمت به على أنني فعلت هذا الفعل هي قصة، يجعلون كلام الخالق مثل كلام هؤلاء الفجرة!! يثبت أشياء ثم يقول ليست لي إذا أريد أن يُلزَم بها، إذا طلب للقضاء من أجل إجراء أحكام الله عليه قال لا، هذه قصة خيال لست من فعل هذه الأفعال وهو يصوّر وقائع وجرائم وحوادث دقيقة تفصيلية في أماكن معروفة على أنه هو الفاعل والقارئ لا يفهم غير ذلك، ثم إذا طُلب لإجراء أحكام الله عليه قال أنتم تعرفون القصاصين مثل الشعراء يقولون ما لا يفعلون، هل يمكن أن ننزل كلام الله على مثل هذا؟! نقول لا، هو أطلق على نفسه أنه حي وعليم وقدير لكن المقصود بذلك بعض مخلوقاته ليس هو المقصود، نسأل الله العافية.

قيل له فلا بد أن تعتقد أنه موجود حق قائم بنفسه والجسم موجود قائم بنفسه وليس هو مماثلا له فإن قال أنا لا أثبت شيئا بل أنكر وجود الواجب.

خلاص انتهى هذا ليس معه نقاش، هذا ألحد وانتهى، نفى وجود الخالق هذا ليس لنا معه كلام ولا يمكن أن يناقش بأدلة، فإذا قال أنا لا أثبت شيئا بل أنكر وجود الواجب انتهينا من هذا خلاص وليس معه كلام، وليس لديه أدنى شبهة يمكن أن يحاور عليها.

قيل له معلوم بصريح العقل أن..

الآن يناقش من جهة العقل لأن الذي لا يشترك معك في الدين ولا يتدين بما تتدين به من الأصول في تلقي العلم هذا ما بقي معه إلا العقل، الذي لا يعترف بكتابنا بالقرآن ولا بسنتنا كيف تورد عليه أدلة من الكتاب والسنة؟! هذا ليس لنا معه اشتراك إلا في القدر المشترك الذي ركبه الله في جميع المكلفين من العقلاء يناقش بالعقل.

قيل له معلوم بصريح العقل أن الموجود إما واجب بنفسه وإما غير واجب بنفسه، وإما قديم أزلي وإما حادث كائن بعد أن لم يكن، وإما مخلوق مفتقر إلى خالق وإما غير مخلوق ولا مفتقر إلى خالق، وإما فقير إلى ما سواه وإما غني عما سواه، وغير الواجب بنفسه لا يكون إلا بالواجب بنفسه، والحادث لا يكون إلا بقديم والمخلوق لا يكون إلا بخالق، والفقير لا يكون إلا بغني عنه فقد لزم على تقدير النقيضين وجود موجود واجب بنفسه قديم أزلي خالق غني عما سواه وما سواه بخلاف ذلك، وقد عُلم بالحس والضرورة وجود موجود حادث كائن بعد أن لم يكن والحادث لا يكون واجبا بنفسه.

وهذه صفة جميع المخلوقات، جميع المخلوقين لا بد أن يكون حادثا وموجدا من عدم وفقيرا محتاجا إلى غيره، لا يمكن أن يوجد مخلوق يستغني بنفسه عن غيره ولو تصورت رئيس أعظم دولة وأقوى دولة في الدنيا هل يمكن أن يستغني بنفسه وينفك عن هذه الصفات؟! لا، مستحيل وأدنى شيء أضعف مخلوق يؤثر على هذا المخلوق الذي يرى في نفسه أنه أعظم رجل في الدنيا شوف النمرود لما سلطت عليه البعوضة كيف صار وضعه وهو يظن أنه يحيي ويميت ومع ذلك البعوضة التي لا تزن شيئا صار لا شيء، بل العكس العدم خير له من الوجود، هذه صفة المخلوق وبالمقابل لا بد أن يوجد المخلوق اسم مفعول من الخلق الذي هو أصل المادة والمخلوق لا بد له من اسم الفاعل الذي هو الخالق وقل مثل هذا في الصفات المتقابلة التي ذكرها الشارح رحمه الله.

طالب: أحسن الله إليك فيه عبارة تحتاج إلى ضبط.

ماهي؟

طالب: ... هل العبارة صحيحة؟ أو وإما مخلوق ولا مفتقر إلى خالق؟

حادث كائن بعد أن لم يكن يعني تريد أن القسمة عندك وأما غير مخلوق ولا مفتقر تريد أن تتمم القسمة بقسم وسط مخلوق غير مفتقر معلوم بصريح العقل أن الموجود إما واجب بنفسه وإما غير واجب بنفسه وإما قديم أزلي وإما حادث كائن بعد أن لم يكن وإما مخلوق مفتقر إلى خالق وإما غير مخلوق ولا مفتقر إلى خالق هذا متقابلة ما فيها إشكال

أحسن الله إليك.

والحادث لا يكون واجبا بنفسه ولا قديما أزليا ولا خالقا لما سواه ولا غنيا عما سواه فثبت بالضرورة وجود موجودين أحدهما واجب والآخر ممكن أحدهما قديم والآخر حادث أحدهما غني والآخر فقير أحدهما خالق والآخر مخلوق وهما متفقان في كون كل منهما شيئا موجودا ثابتا.

يعني اشتراكهما في الوجود لا يعني أن وجود هذا مثل وجود هذا، وجود هذا مع الوجوب الذي لا يحتمل النقيض ووجود ذاك مع الإمكان الذي يحتمل النقيض في أي لحظة هذا موجود يمكن أن يعدم وذاك موجود لكنه واجب الوجود، لا يمكن أن يطرأ عليه النقيض.

ومن المعلوم أيضا أن أحدهما ليس مماثلا للآخر في حقيقته إذ لو كان كذلك لتماثلا فيما يجب ويجوز ويمتنع وأحدهما يجب قدمه وهو موجود بنفسه والآخر لا يجب قدمه ولا هو موجود بنفسه وأحدهما خالق والآخر ليس بخالق وأحدهما غني عما سواه والآخر فقير فلو تماثلا للزم أن يكون كل منهما واجب القِدم ليس بواجب القِدم.

وهنا يجتمع الضدان واجتماع الضدين محال.

فلو تماثلا للزم أن يكون كل منهما واجب القدم ليس بواجب القدم موجودا بنفسه غير موجود بنفسه خالقا ليس بخالق غنيا غير غني فيلزم اجتماع الضدين على تقدير تماثلهما فعلم أن تماثلهما منتف بصريح العقل كما هو منتف بنصوص الشرع فعلم بهذه الأدلة اتفاقهما من وجه واختلافهما من وجه فمن نفى ما اتفقا فيه كان معطِّلا قائلا للباطل.

اتفاقهما من وجه وهو الوجه اللفظي بخلاف اتفاق الحقيقة والكيفية.

فعُلم بهذه الأدلة اتفاقهما من وجه واختلافهما من وجه فمن نفى ما اتفقا فيه كان معطِّلا قائلا للباطل ومن جعلهما متماثلين كان مشبها قائلا للباطل والله أعلم وذلك لأنهما وإن اتفقا في مسمى ما اتفقا فيه فالله تعالى مختص بوجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته والعبد لا يشركه في شيء من ذلك والعبد أيضا مختص بوجوده وعلمه وقدرته والله تعالى منزّه عن مشاركة العبد في خصائصه وإذا اتفقا في مسمى الوجود والعلم والقدرة فهذا المشترك مطلق كلي يوجد في الأذهان لا في الأعيان والموجود في الأعيان مختص لا اشتراك فيه.

وإذا وجد اشتراك في الأسماء بين المخلوقات مع عدم التماثل في الكيفيات وهي مخلوقة فكيف لا يتصور مثل هذا التباين بين الخالق والمخلوق؟! ذُكر في الجنة أشياء مسمياتها موجودة عندنا في الدنيا وليس في الدنيا مما في الجنة كما يقول ابن عباس إلا الأسماء لا اشتراك في كيفياتها      الواقعة: ٢١  هل هو مثل لحم الطير الذي عندنا؟ ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء وهذا بين مخلوقات يعني يتصور فيها الاشتراك فكيف بما بين الخالق والمخلوق من هذه النسب.

وهذا موضع اضطرب فيه كثير من النظار حيث توهموا أن الاتفاق في مسمى هذه الأشياء يوجب أن يكون الوجود الذي للرب كالوجود الذي للعبد وطائفة ظنت أن لفظ الوجود يقال بالاشتراك اللفظي وكابروا عقولهم فإن هذه الأسماء عامة قابلة للتقسيم.

نعم بالاشتراك اللفظي المجرد عن المعاني وهذا الذي يؤدي إلى التفويض الذي يقول به المفوضة، نعم يقولون: نقول الله- جل وعلا- سميع بصير لكن ليس لهذه الألفاظ معاني إنما هو مجرد اشتراك لفظي مجرد عن المعاني، وهذا يختلف عن إثبات أهل السنة للصفات ونفي الاشتراك المعنوي في الكيفيات، أهل السنة يثبتون الصفات لكن كما قال الإمام مالك: الاستواء معلوم والكيف مجهول يعني لها معاني لا نقول ليس لها معاني، الذي يقول مجرد اشتراك لفظي مجرد عن المعاني هؤلاء المفوضة يقولون ليس لها معاني تمر كما جاءت، وهذه أثرت عن السلف بمعنى أنه لا يتوسع في معانيها حتى لا نقع في التشبيه احتياطا للعقيدة واحتياطا لتنزيه الله- جل وعلا- وعدم تشبيهه بالمخلوق وإلا لها معاني، الاستواء معلوم والكيف مجهول وفرق بين الإثبات الذي على ما يليق بجلال الله وعظمته وبين الإثبات مع التفويض الذي هو مجرد عن المعاني، وأنا ذكرت في مناسبات ومع الأسف أنه أثير في بعض المواقع أن طريقة السلف التفويض وهذا ليس بصحيح السلف يثبتون المعاني وينفون الكيفيات، الاستواء له معاني في لغة العرب وتثبت لله- جل وعلا- لكن الكيفية التي تشابه استواء المخلوق هذا المنفي، يعني فرق بين من يقال له شخص في المشرق أو في المغرب عالم من العلماء عالم من بني آدم اسمه زيد ماذا تفهم من هذا العالم؟ تفهم أنه مثل الناس له الصفات المثبتة للناس، لكن أنت لا رأيته ولا قيل لك أنه يشبه فلانا ما تقدر أن تثبت الكيفية بدقة لكن تثبت إجمالا أنه مثل الناس يمشي على رجلين وله عينين وله كذا وكذا تثبت له ما يثبت للناس، المفوضة يقولون هذا الشخص الذي ما رأيناه ولا رأينا نظيره واسمه زيد ما عندنا فرق بين زيد وديز عكس زيد لا يدلنا هذا اللفظ على زيد على أي معنى من المعاني، لكن أنت لما تسمع أن عالما من بني آدم يقال له زيد ما الذي يتبادر لذهنك؟ أنه مثل الناس هذا معنى الصفة التي توجد في أصل اللغة التي يشترك فيها كل من يوصف بهذه الصفات، ويبقى أن كل أحد له خصائصه أنت ما تدري هو طويل أو قصير أو أبيض أو أسمر، ما تدري عن الكيفية لكن المجمل تعرفه بالإجمال، وهذه الأسماء والصفات مثلا الاستواء لله- جل وعلا- هل تقول أن هذه كأنها كلمة أعجمية ما أفهم منها شيئا أو من مقتضى لغة العرب لها معنى ومعناها معلوم لكن كيفيتها التي أريدت من هذا اللفظ لله- جل وعلا- أعلم بها لماذا؟ لأننا لم نر الشبيه الذي يشابهه وما يمكن أن تصف شيئا إلا برؤيته أو رؤية شبيهه، ولم نر الشبيه وليس كمثله شيء من أجل أن نعرف الكيفية، فأصل اللفظ عربي وله معنى في لغة العرب الاستواء معلوم لكن الكيف مجهول.

طالب: أحسن الله إليك الاشتراك في اللفظ هنا غير ما يريده أهل الأصول عندما يقولون...

سيبيّنه المؤلف..

طالب: أحسن الله إليكم. قول المفوضة يا شيخ هل يؤل بهم إلى التعطيل؟

هو في حقيقته تعطيل.

وطائفة ظنت أن..

لأنه في النهاية لا يتخيل شيئا، يعني فرق بين زيد وديز، بينهن فرق كبير إذا قيل ديز وأنت لا تعرف معناه ينقدح في ذهنك شيء؟ لا يمكن أن ينقدح في ذهنك شيء لكن زيد مجرد ما تسمع الكلمة ينقدح في ذهنك المعنى والحقيقة، لكن كنهه هذه الحقيقة وكيفية هذه الحقيقة هي التي تخفى عليك وهذا مثال تقريبي وإلا الله جل وعلا لا يمكن أن يشبه بشيء من خلقه ولو من وجه.

وطائفة ظنت أن لفظ الوجود يقال بالاشتراك اللفظي وكابروا عقولهم فإن هذه الأسماء عامة قابلة للتقسيم كما يقال الموجود ينقسم إلى واجب وممكن وقديم وحديث.

حادث قديم وحادث.

أحسن الله إليك.

وقديم وحادث ومورد التقسيم مشترك بين الأقسام واللفظ المشترك كلفظ المشتري الواقع على المبتاع والكوكب.

المشتري مثلا إذا وصفت الخالق بما أثبته لنفسه مثل السميع وأثبتّ للمخلوق السميع هناك قدر مشترك، هل هو مثل القدر المشترك في لفظ المشتري بين المبتاع الذي يشتري سلعة والكوكب؟

طالب: لا.

ليس بصحيح لا، لكن ما بينهم نسبة إلا بمجرد الاسم الخالي عن المعنى لا يشتركون في شيء من المعنى ولا واحد بالمليون بينما السميع معروف أن فيه نوع اشتراك وإن كنا لا ندرك قدر هذا الاشتراك، سبحان من وسع سمعه الأصوات كما تقول عائشة في قصة المجادلة.

كلفظ المشتري الواقع على المبتاع والكوكب لا ينقسم معناه ولكن يقال لفظ المشتري يقال على كذا وعلى كذا وأمثال هذه المقالات التي قد بُسط الكلام عليها في موضعه وأصل الخطأ والغلط توهمهم أن هذه الأشياء العامة الكلية يكون مسماها المطلق الكلي هو بعينه ثابتا في هذا المعيّن وهذا المعين وليس كذلك فإنما يوجد في الخارج لا يوجد مطلقا كليا لا يوجد إلا معينا مختصا وهذه الأسماء إذا سمي الله بها.

يعني إذا وجد التفاوت والتباين في المخلوقين، يعني لو تصورت شخصين هم أعلم من في البلد وتخرجوا من مدرسة واحدة بتقدير واحد الأوّل مكرر، هل تستطيع أن تقول علم هذا مطابق لعلم هذا مستحيل! تقول أخلاقهم مثلا واحدة هل يمكن أن يتصور أن يستووا في الأخلاق وفي صفة من الصفات مطابقة؟ لا يمكن، وهذا التباين موجود في المخلوقات أو في المخلوقين مع اتحادهم في الظاهر، اختبارات على مستوى ثمانية فصول ومعدلات ومواد واحدة وأساتذة درسوهم، متفقون كلهم، هذا درسه فلان وذا درسه فلان الأساتذة مُوحَّدون، والمقررات واحدة والمعدلات واحدة وتخرجوا بنسبة واحدة هل تقول أن علم هذا مثل علم هذا؟ وإذا كان هذا في المتقاربين فكيف بالمتباينين، وإذا كان هذا في المخلوقين فكيف بما بين الخالق والمخلوق والله المستعان.

وهذه الأسماء إذا سمي الله بها كان مسماها معينا مختصا به فإذا سمي بها العبد كان مسماها مختصا به فوجود الله وحياته لا يشاركه فيها غيره، بل وجود هذا الموجود المعيّن لا يشركه فيه غيره فكيف بوجود الخالق ألا ترى أنك تقول هذا هو ذاك فالمشار إليه واحد لكن بوجهين مختلفين وبهذا ومثله يتبين لك أن المشبهة أخذوا هذا المعنى وزادوا فيه على الحق فضلوا وأن المعطلة أخذوا نفي المماثلة بوجه من الوجوه وزادوا فيه على الحق حتى ضلوا.

فصاروا على طرفي نقيض هذا في أقصى اليمين وهذا في أقصى الشمال ووفق الله أهل السنة وأثبتوا ما أثبته الله لنفسه ولم يقعوا في محظور التشبيه ولا في محظور التعطيل       ﭣﭤ    الشورى: ١١.

وأن كتاب الله دل على الحق المحض الذي تعقله العقول السليمة الصحيحة وهو الحق المعتدل الذي لا انحراف فيه فالنفاة أحسنوا في تنزيه الخالق سبحانه عن التشبيه بشيء من خلقه.

لكنهم بالغوا في هذا التنزيه حتى وقعوا فيما وقعوا فيه من عبادة شيء لا حقيقة له.

ولكن أساؤوا في نفي المعاني الثابتة لله تعالى في نفس الأمر والمشبهة أحسنوا في إثبات الصفات ولكن أساؤوا بزيادة التشبيه واعلم أن المخاطب لا يفهم المعاني المعبَّر عنها باللفظ إلا أن يعرف عينها أو ما يناسب عينها ويكون بينهما قدر مشترك ومشابهة في أصل المعنى وإلا فلا يمكن تفهيم المخاطبين بدون هذا قط حتى في أول تعليم معاني الكلام بتعليم معاني الألفاظ المفردة مثل تربية الصبي الذي يعلَّم البيان واللغة ينطق له باللفظ المفرد ويشار له إلى معناه إن كان مشهودا بالإحسان الظاهر أو الباطن فيقال له لبن خبز أم أب سماء أرض شمس قمر ماء.

نعم وإذا أردت أن تثبت هذه الألفاظ في ذهنه فأشر إليها مع النطق بها قل له هذا لبن يثبت في ذهنه وهذا خبز إلى آخر ما ذكره المؤلف- رحمه الله- هذا أب تشير إلى أبيه، وهذه أم إلى غير ذلك، فإذا اتفق اللفظ الذي يعبر عنه بالحروف مع وجوده في الذهن مع وجوده في الخارج وتطابق ما في الذهن على ما في الأعيان اتفقت الحقيقة ورسخت في ذهنه ولن يقع فيه خطأ فيما بعد، لكن لو أخذه نظريا، قيل له خبز وما رآه في عمره كله مثل ما يرد علينا بعض الألفاظ في بعض الكتب ونشك ما هي؟ هل هي مأكولة؟ هل هي نبات؟ هل هي جماد؟ ما ندري ماهي؟ تمر علينا في الكتب نختلف فيها، الآن الحمار الأهلي يختلف فيه أحد منكم؟ ما يختلف فيه أحد؟ كلكم رأيتموه لكن حمار الوحش ينازع فيه الآن، كثير من الناس متفقون على أنه هو المخطط هذا ظهر من ينازع فيه لماذا؟ لأنه ليس متداولا بين الناس ولا يعرفونه إلا بمجرد السماع أو بقراءة الكتب التي ما فيها تصوير، كتب الحيوان تصف لك لكن ليس فيها تصوير، فإذا لم يطابق ما في الذهن ما في الأعيان حصل بذلك هذا الاضطراب، أما إذا اتفق ما في الذهن مع ما في الأعيان فهذا لا يختلف فيه شيء، لا يختلف في حال من الأحوال، يبقى أن هناك أشياء هي في الأذهان وجاءت بها النصوص، دور المسلم فيها أن يبحث الشبيه والنظير لتثبت أو يرضى ويسلم ؟ يرضى ويسلم بقدر ما بلغه من السمع.

ويشار له مع العبارة إلى كل مسمى من هذه المسميات وإلا لم يفهم معنى اللفظ ومراد الناطق به وليس أحد من بني آدم يستغني عن التعليم السمعي كيف وآدم أبو البشر أول ما علمه الله تعالى أصول الأدلة السمعية وهي الأسماء كلها وكلمه وعلمه بخطاب الوحي ما لم يعلمه بمجرد العقل فدلالة اللفظ على المعنى هي بواسطة دلالته على ما عناه المتكلم وأراده وإرادته وعنايته في قلبه فلا يعرف باللفظ ابتداء ولكن يعرف المعنى بغير اللفظ حتى يعلم أولا أن المعنى المراد هو الذي يراد بذلك اللفظ.

طالب: أحسن الله إليك. أنا زيادة (لا) ولكن لا يعرف..

ولكن يعرف المعنى.

طالب: إيه.. ولكن لا يعرف.

ماهي الطبعة التي معك ؟ عندك لا؟

طالب: طبعة الشيخ محمد ناصر.

محمد؟

طالب: ناصر الدين الألباني.

نعم، وضعوها بين قوسين؟ يعني أنها موجودة في بعض النسخ والمعنى يقتضيها، أحيانا تعرف اللفظ ولا تعرف حقيقته وأحيانا تعرف الحقيقة ولا تعرف اللفظ الذي يدل عليه، فكيف تتوصل إلى ما تجهل؟ أنت عندك لفظ تريد معنى هذا اللفظ، أو عندك معنى تريد اللفظ الذي يدل عليه، هناك كتب ألفت لهذا وكتب ألفت لهذا، كتب اللغة مفرداتها ومتنها تستدل بالألفاظ التي تحفظها على المعاني بواسطتها لكن عندك ولد الضبع ماذا يسمى؟ أو ولد الذئب أو ابن الأسد عندك معنى لكن ما تدري ماهو اللفظ الذي يدل عليه؟ هناك كتب أيضا فتتوصل إلى ما تجهل من خلال هذه الكتب، عندك كلمة غريبة مشكلة من القرآن يوجد كتب في غريب القرآن، من السنة يوجد كتب في غريب الحديث، من اللغة يوجد كتب تشرح لك الغريب، وقد يوجد لهذا اللفظ أكثر من معنى فكيف تحدد المعنى الذي تريده؟ تنظر في سياق هذه الكلمة كيف وردت؟ سمعتها من أي شيء وكيف سيقت؟ تجد ما يدل عليها من خلال المعاني الموجودة، يعني طالب العلم لا يشكل عليه شيء لكن أحيانا الكسل تكون عنده أشياء مشكلة ولا يراجع، عندك كتب في فقه اللغة تحدد لك أسماء هذه المسميات التي لا تعرفها فإذا توافر عندك المسمى مع الاسم ثبت في ذهنك، أنت تعرف ولد الأسد إذا رأيته قلت هذا ولد أسد لكن ما اسمه؟ تروح مثلا لفقه اللغة للثعالبي أو تروح للمخصِّص لابن سيده أو الكتب التي تبحث في هذه الأمور فإذا تظافر ما في الذهن من اللفظ على ما في الوجود في الأعيان من الحقائق مثل ما يُعلم الطفل الألفاظ، وأول ما علم الله آدم الأسماء كلها أسماء الأشياء من المخلوقات من الأمتعة من جميع ما يحتاج إليه.

أحسن الله إليك.

فلا يعرف باللفظ ابتداءً ولكن لا يعرف ولكن لا يعرف المعنى بغير اللفظ حتى يعلم أولا أن هذا المعنى المراد هو الذي يراد بذلك اللفظ ويعنى به فإذا عرف ذلك ثم سمع اللفظ مرة ثانية عرف المعنى المراد بلا إشارة إليه وإن كانت الإشارة إلى ما يحس بالباطن مثل.

أحيانا يكون الشخص يعرف الشيء وعنده له اسم يعرفه، اسم عرفي في بيئته في بلده وله أسماء أخرى عند أناس آخرين هو لا يعرفها، ناس زاروا أسرة ثانية والأسرة هذه يسمون القط (قطو) وهؤلاء يسمونه (بس) قالت الأسرة المزورة: أقفلوا الباب عن القطو، وهؤلاء عندهم طفل لا يدري ما هو القطو، يقول والله ما أطلع حتى أرى هذا القطو؟ وهو يعرفه، عندهم مثله لكن اللفظ يختلف، ما يمكن نطلع خلاص، قالوا نريد أن نمشي، قال ما نمشي حتى نشوف القطو؟

ولمَّا رآه قال هذا هو؟! وجاء في مسابقة في إحدى القنوات، وقال البيت:

من يصنع المعروف في غير أهله 

 

يلاقي بمثل ما لاقى مجير أم عامر

ويسأل عن أم عامر ماهي؟ هم ما قالوا الضبع، معروف أنه الضبع، سأل المتسابقون ما جاوبوا وقام شخص وقال (الجعيرة) وقال خطأ؛ لأن هذا ما يدري ماهو المعنى، ما يدري أن هذا اسمه عندهم، الجواب صحيح لكن هذا ما يدري، وذاك ما يعرف الاسم الذي عند هذا، فإذا تطابق الاسم الأصلي مع الاسم العرفي مع الحقيقة الواقعة في الأذهان انكشف كل شيء، ولا يقع جواب مثل هذا المسكين خطأ وهو صحيح، فمثل هذه الأمور لا بد أن تراعى لاسيما في الأمور المهمة، وإلاَّ مثل هذه الأشياء أمرها سهل، يعني هناك أمور مهمة قد يتحدث بها أهل العلم وأنت ما تعرفها، حقيقتها عند أولئك، يعني توجد كتب مؤلفة في المغرب أو في الأندلس يتداولون ألفاظ لا يعرفها أهل المشرق، والعكس، تفوت عليهم وقد يخفى عليهم معنى الكلام، ولذلك ينبغي أن يكون طالب العلم عنده شيء من الإحاطة بهذه الأمور وهذه المصطلحات، وأنا سقت هذه الأمثلة لنستدل بها على ما وراءها مما يهتم به في العلم أما بالنسبة لأمور الناس العادية أمرها سهل.

أحسن الله إليك.

وإن كانت الإشارة إلى ما يحس بالباطن مثل الجوع والشبع والرَّي والعطش.

الرِّي الرِّي.

والرِّي والعطش والحزن والفرح فإنه لا يعرف اسم ذلك حتى يجده من نفسه فإذا وجده أشير له إليه وعرِّف أن اسمه كذا والإشارة تارة تكون إلى جوع نفسه أو عطش نفسه مثل أن يراه أنه قد جاع فيقول له جعت أنت جائع فيسمع اللفظ ويعلم ما عيّنه بالإشارة.

المترف يعرف معنى الجوع؟ ولذلك شرع الصيام ولا يعرف العطش، كل شيء متوفر عنده ولذلك شرع الصيام ليعطف على إخوانه الذين يتصفون بهذه الصفات.

فيسمع اللفظ ويعلم ما عيّنه بالإشارة أو ما يجري مجراها من القرائن التي تعيّن المراد مثل نظر أمه إليه في حال جوعه وإدراكه بنظرها أو نحوه أنها تعني جوعه أو يسمعهم يعبرون بذلك عن جوع غيره إذا عرف ذلك فالمخاطِب المتكلم إذا أراد بيان معان فلا يخلو إما أن يكون مما أدركها المخاطب المستمع بإحساسه وشهوده أو بمعقوله وإما ألا يكون كذلك فإن كانت من القسمين الأولين لم يحتج إلا إلى معرفة اللغة بأن يكون قد عرف معاني الألفاظ المفردة ومعنى التركيب فإذا قيل له بعد ذلك البلد: ٨ - ٩  أو قيل له ﯰﯱ النحل: ٧٨  ونحو ذلك فهم المخاطب بما أدركه بحسه.

يعني من الطرائف أن معلما يعلم بالإشارة مع اللفظ البلد: ٨ - ٩  ثم يقول للطالب اقرأ البلد: ٨ ثم يشير إلى عينيه فيقول البلد: ٨ ثم يشير إلى لسانه وشفتيه فماذا قال الطالب؟ يعني ما ضبط اللفظ إلى الآن، يريد أن يقرن له اللفظ بالإشارة عينين معروف ماذا سيقول البلد: ٩  اللسان أيضا معروف، ماذا قال له عن الشفتين؟ برطمين، لكن إذا أخطأ وضحك عليه المدرس وضحك عليه من حوله خلاص لن ينسى مرة ثانية، خلاص يضبط ويتقن- إن شاء الله- وهذا مراد المؤلف أن معنى التركيب ومعرفة الألفاظ بالإشارة وتظافر وجود ما في الأذهان وتطبيقه على ما في الأعيان هذا الذي يثبت العلم، لكن ماذا عن نفاة الأسماء والصفات هل يستطيعون أن يثبتوا شيئا مما يتعلق بالله جل وعلا وهم ينفون ما في الأعيان، لا يوجد عندهم شيء إلا في الأذهان، عندهم لا يمكن أن يثبت عندهم شيء.

وإن كانت المعاني التي يراد تعريفه بها ليست مما أحسه وشهده بعينه ولا بحيث صار له معقول كلي يتناولها حتى يفهم به المراد بتلك الألفاظ بل هي مما لم يدركه بشيء من حواسه الباطنة والظاهرة فلا بد في تعريفه.

ليست مما أحسه وشهده بعينه فيه دويبّة معروفة في بعض الجهات يسمونها الصقنقور معروفة أو ما هي معروفة؟ حينما بحثنا في حياة الحيوان قال هي دويبّة ثلاثة أشبار أو أربعة توجد في دمياط والهند أربعة أشبار يعني متر وهي ما تصل شبرا واحدا، هذا الذي ليس عنده شيء منها ولا يعرف عنها شيئا، ويراجع يراجع حياة الحيوان ويريد أن يعرف حكمها هل تؤكل أو لا تؤكل؟ وإذا استعمل فيها قياس الشبه هل تقاس بالضب أو تقاس بالوزغ؟ الآن ما اتفقوا على حقيقتها لأنها غير موجودة في بلادهم فكيف يصلون إلى حقيقتها في الأعيان، بينما هناك كثير من الحيوانات معروفة ومتفق عليها ما يختلف فيها لكن الإشكال في التي تتفاوت حقائقها من بلد إلى آخر مثل ما قلنا في هذا عند العطارين يبيعونه بكل بساطة، ويمكن ما يذبح كاملا ميّت، تعرفه أاو عبد الرحمن؟ يجوز أكله أو لا؟

طالب: والله يا شيخ كأن فيه خلافا لأنه برمائي..............

لا لا لا  ليس برمائيا موجود في الصحاري.

طالب: ..............

والله ما أدري نحن نشوفه بهذا النفود وكثير في الرمال، كثير ويندس في الرمل ويدخل داخله لكنه يؤكل أو ما يؤكل؛ لأن العطارين يصفونه دواء وعلاجا ما الراجح فيها يؤكل أو ما يؤكل؟

طالب: ..............

لا، ما عندنا مالكية نحن عندنا حنابلة، وإلا مالك ما عنده مشكلة يأكله ولا إشكال.

أنا أقول مثل هذه الحقائق التي لا توجد في بعض الأماكن لا يمكن أن يصلوا حتى إلى حكمها وهي الآن موجودة عند العطارين يبيعونها محنطة ويصفونها علاجا، فهذا من الذي معنا

 يقول وإن كانت المعاني التي يراد تعريفها ليست مما أحسه وشهده بعينه، عرفنا أن القط مشهود ومشاهد وكل يعرفه، يتفقون عليه لكن قد يختلفون في بعض الأسماء لكن مثل هذا الصقنقور بعض الناس ما شهده ولا أحسه وتتفاوت حقيقته من بلد إلى آخر هذا الذي يقول أنه شبرين أو ثلاثة يعني متر كامل هل هو يقصد الموجود عندنا وفي بعض البلدان أنه لا يزيد على شبر أو قد لا يصل إلى شبر.

طالب: ..............

صغير إيه.

طالب: ..............

يعني بهذا الاسم. ولذلك يختلفون في جزاء الصيد إذا قرئ الصيد نظريا في الكتب، فبعضهم يقول فيه كذا، وبعضهم يقول فيه كذا؛ لأنه تصوره على تصور، والثاني الشارح أو المحشي عنده تصور آخر فيقول لا، ليس فداؤه بكذا إنما فداؤه بكذا لماذا؟ لاختلافهم في حقيقته وإن كان الاسم متفقا عليه.

فلا بد في تعريفه من طريق القياس والتمثيل والاعتبار بما بينه وبين معقولات الأمور والاعتبار بما بينه وبين معقولات الأمور التي شاهدها من التشابه والتناسب وكلما كان التمثيل أقوى كان البيان أحسن والفهم أكمل فالرسول -صلوات الله وسلامه عليه- لما بيّن لنا أمورا لم تكن معروفة قبل ذلك وليس في لغتهم لفظ يدل عليها بعينها أتى بألفاظ تناسب معانيها تلك المعاني وجعلها أسماءً لها فيكون بينهما قدر مشترك كالصلاة والزكاة والصوم والإيمان والكفر.

هذه موجودة أصولها في لغة العرب والرسول -عليه الصلاة والسلام- والشرع أثبت هذه الحقائق الموجودة وزاد عليها قيودا لتنتقل الحقيقة من اللغوية إلى أن تكون شرعية.

وكذلك لما أخبرنا بأمور تتعلق بالإيمان بالله وباليوم الآخر وهم لم يكونوا يعرفونها قبل ذلك حتى يكون لهم ألفاظ تدل عليها بعينها أخذ من اللغة الألفاظ المناسبة لتلك بما تدل عليه من القدر المشترك بين تلك المعاني الغيبية والمعاني الشهودية التي كانوا يعرفونها وقرن بذلك من الإشارة ونحوها ما يعلم به حقيقة المراد كتعليم الصبي كما قال ربيعة بن أبي عبدُ الرحمن.

عبدِ عبدِ.

كما قال ربيعةُ بن أبي عبدِ الرحمن الناس في حجور علمائهم كالصبيان في حجور آبائهم.

يعني هؤلاء يعلمونهم العلم وأولئك يعلمونهم المبادئ التي يحتاجون إليها.

وأما ما يخبر به الرسول من الأمور الغائبة فقد يكون مما أدركوا نظيره بحسهم وعقلهم كإخبارهم بأن الريح أهلكت عادا فإن عادا من جنسهم والريح من جنس ريحهم وإن كانت أشد وكذلك..

هم ما احتاجوا إلى تفصيل لأنهم يعرفون من لغتهم ومن واقعهم أن عادا مثلهم من بني آدم، ويعرفون أن هذه الريح مثل الريح التي تهب عليهم وإن كانت الرياح متفاوتة وريحهم التي تدمر كل شيء أنها من نوع خاص.

وكذلك غرق فرعون في البحر.

يعني الريح التي أهلكت عادا التي تدمر كل شيء هل يمكن أن يسأل سائل كم بلغت درجتها وسرعتها؟ نحتاج إلى أن نقول إنها مهلكة أو غير مهلكة، دمرت كل شيء وانتهى الإشكال وتصور فيها أعظم سرعة.

وكذلك غرق فرعون في البحر وكذا بقية الأخبار عن الأمم الماضية ولهذا كان الإخبار بذلك فيه عبرة لنا كما قال تعالى:       ﯱﯲ يوسف: ١١١  وقد يكون الذي يخبر به الرسول ما لم يدركوا مثله الموافق له في الحقيقة من كل وجه لكن في مفرداته ما يشبه مفرداتهم من بعض الوجوه كما إذا أخبرهم عن الأمور الغيبية المتعلقة بالله واليوم الآخر فلا بد أن يعلموا معنى مشتركا وشبهًا بين مفردات تلك الألفاظ وبين مفردات ألفاظ ما علموه في الدنيا بحسهم وعقلهم فإذا كان ذلك المعنى الذي في الدنيا لم يشهدوه بعد ويريد أن يجعلهم يشهدونه شهادة كاملة ليفهموا به القدر المشترك بينه وبين المعنى الغائب أشهدهم إياه وأشار لهم إليه وفعل فعلا يكون حكاية له وشبها به يعلم المستمعون أن معرفتهم بالحقائق المشهودة هي الطريق التي يعرفون بها الأمور الغائبة فينبغي أن تعرف هذه الدرجات أولها إدراك الإنسان المعاني الحسية المشاهدة وثانيها عقله لمعانيها الكلية وثالثها تعريف الألفاظ الدالة على تلك المعاني الحسية والعقلية فهذه المراتب الثلاث لا بد منها في كل خطاب.

ليتم الفهم ويتم الإدراك ويتم معرفة مطابقة المعنى الذهني للوجود الحسي في الواقع.

فإذا أخبرنا عن الأمور الغائبة فلا بد من تعريفنا المعاني المشتركة بينها وبين الحقائق المشهودة والاشتباه الذي بينهما وذلك بتعريفنا الأمور المشهودة ثم إن كانت مثلها لم يُحتج إلى ذكر الفارق كما تقدم في قصص الأمم.

يعني مثل ريح عاد لا نحتاج إلى ذكر الفارق الذي بين تلك الريح وبين الأعاصير العاتية التي دمرت وأهلكت أمما من المتأخرين وما دونها في الأثر ما نحتاج إلى أن نوجد مقارنات لأن هذا معروف وهذا معروف والنسب بينها بحسب الأثر المترتب عليها.

وإن لم يكن مثلها بين ذلك بذكر الفارق بأن يقال ليس ذلك مثل هذا.

يعني كما قال الله جل وعلا       ﭣﭤ الشورى: ١١  نحتاج إلى بيان الفارق، الله- جل وعلا- ذكر لنا الأسماء وذكر لنا الصفات المضافة إلى الله- جل وعلا- لكن نحتاج إلى ذكر الفارق لئلا نقع في المحظور من التشبيه والتعطيل ولذلك قال:       ﭣ ﭤ    الشورى: ١١  نحتاج إلى ذكر الفارق.

بأن يقال ليس ذلك مثل هذا ونحو ذلك وإذا تقدر انتفاء المماثلة كانت الإضافة وحدها كافية في بيان الفارق وانتفاء التساوي لا يمنع منه وجود القدر المشترك الذي هو مدلول اللفظ المشترك وبه صرنا نفهم الأمور الغائبة ولولا المعنى المشترك ما أمكن ذلك قط.

 

حسبك.

"