شرح منسك النووي (2)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف رحمه الله تعالى "فصل ينبغي أن يحرص على أن تكون نفقته ومتاعه سالمًا من الشبهة " قوله ينبغي يعني عبارة فيها شيء من التساهل؛ لأن هذه عبادة يُتَقرب بها إلى الله- جل وعلا- والزاد والراحلة إنما تطلب بالمال وهي الاستطاعة وهي شرط من شرائط وجوب الحج، فكلمة ينبغي كأنها أضعف من المطلوب، الشبهة لا شك أنها متفاوتة منها ما يقرب من المكروه، ومنها ما يصل إلى قريب من المحرَّم، وهي مرتبة بين الحلال والحرام، فالشبهة كما يقرر أهل العلم مراتبها متفاوتة على حسب قربها وبعدها من الحرام، فهناك من الشبه ما يلحقه بعض أهل العلم بالحرام لقوتها، "وبينهما أمور مشتبهات" يعني بعض الأمور المختلف فيها بين أهل العلم بعضهم يجعلها من الشبهة استبراء للدين والعرض، أن تترك هذا المختلف فيه ولا شك أن هذا المختلَف فيه يتفاوت باختلاف الأدلة الدالة عليه، فمنه ما تتعادل فيه الأدلة هذا لا شك أنه شبهة، ومنها ما يضعف دليله فتقوى فيه الشبهة، ومنها ما يقوى دليله مع وجود معارِض فتكون الشبهة أخف، فإذا كانت الشبهة قوية وحج به وبنص الحديث أنه لم يستبرئ لدينه ولا لعرضه، والحج من أعظم ما يتقرب به إلى الله- جل وعلا- فضلا عن أن يكون المال الذي يحج به حرامًا، إذا كان حراما فالأمر أشد، ويختلف العلماء في صحة الحج إذا كانت النفقة حرام، والجمهور على أنه صحيح مع الإثم؛ لأن النهي يعود إلى أمر خارج، لا يعود إلى ذات العبادة ولا إلى شرطها، فالحج عندهم صحيح مجزئ ومسقط للطلب، لكن لا تترتب عليه آثاره التي جاءت بها النصوص من رجوعه كيومَ ولدته أمه؛ لأنه لم يتق الله جل وعلا وفسق في ذلك... (انقطاع طويل في الصوت)
فإذا حج الحاج بمال محرَّم وكانت منه وكان منه زاده وراحلته وهي مما اشتُرِطَ لوجوب الحج لا لصحته، وهنا ينبغي أن يُتَنَبَّه قد يقول القائل أنه شرط أن الزاد والراحلة شرط وحصل هذا الشرط بمحرَّم فالنهي عاد إلى الشرط، هو شرط وجوب وليس بشرط صحة، لو حج من لا يجد زادًا ولا راحلة حجه صحيح؛ لأنه شرط وجوب لكن لا يلزمه ذلك، إذًا النهي لا يعود إلى ذات العبادة ولا إلى شرطها فهي صحيحة مسقطة للطلب مجزئة، لكن الآثار المترتبة عليها والثواب الذي جاء به الوعد من النبي -عليه الصلاة والسلام- على من حج فلم يرفث ولم يفسق لا يحصل له، وهذا أمر معروف، فمن أهل العلم من يقول إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا فكيف يتقرب بما حرم الله عليه هذا تناقض، تكون العبادة مطلوبة وغير مطلوبة في آن واحد فيبطلونه، وهذا رواية عند الحنابلة عند الإمام أحمد أن الزاد إذا كان محرمًا أو النفقة محرمة لا يصح، وإن كانت الرواية الأخرى كقول الجمهور ويقول الشاعر:
إذا حججت بمال أصله سحت
|
|
فما حججت ولكن حجت العير
|
..............................
|
|
فما حججت ولكن حجت العير
|
الدابة هي التي حجت وليس أنت، يعني وجود حجك مثل عدمه، على كل حال إذا تحرى الإنسان النفقة الطيبة وينتقيها لحجه ليكون مبرورًا، ثم قال- رحمه الله- "ويستحب أن يكثر من الزاد والنفقة ليواسي به المحتاجين" لأنه جاء في خبر «إن بر الحج إطعام الطعام وطيب الكلام» إلى آخر الحديث، فإطعام الطعام من طيب الحج، فإذا استكثر من النفقة ومن الزاد أطعم الطعام وواسى المحتاجين، "ويستحب ألا يشارك في الزاد والراحلة لئلا يمتنع من المواساة فيه" لأنه إذا كان له شريك في هذا الزاد وفي هذه الراحلة لا يستطيع أن يتصرف فيهما؛ لأن له شريكا وقد يكون هذا الشريك شحيحا فلا يستطيع أن يتصرف، لا يستطيع أن يتصرف إلا بما يملك فإذا انفرد بالملكية استطاع أن يتصرف ولو ضيَّق على نفسه "ويستحب ألا يشارك في الزاد والراحلة لئلا يمتنع من المواساة فيه" لأنه قد يواسي بمال فيه شركة فيجور على شريكه فيدخل في المحظور وهو يريد أن يتفضل ويريد أن يتطوع ثم يقع فيما هو أعظم من ذلك قال "والركوب في الحج أفضل من المشي لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حج راكبًا"، وبعض أهل العلم يقول: إن المشي أفضل وركوبه -عليه الصلاة والسلام- من باب التيسير على نفسه وعلى أمته -عليه الصلاة والسلام- لكن إن رغب أحد في المشقة الزائدة كان أفضل؛ لأن المشي قُدِّم في الآية على الركوب {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [سورة الحـج:27] يعني ركبانا فقُدِّم المشي فهو حينئذ أفضل من باب «أبدأ بما بدأ الله به» ومادام قدم المشي فهو أفضل ومن باب «أجركِ على قدر نصبكِ » لكن الله- جل وعلا- غني عن تعذيب الإنسان نفسه، يمشي المسافات الطويلة والشاسعة وهو يستطيع الركوب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ركب والمشقة ليست مطلوبة لذاتها شرعًا، وإنما إذا ثبتت المشقة تبعًا لمطلوب شرعي ترتب عليها الأجر، لو أن شخصا من سكان المدينة وأراد أن يحج فقال أذهب إلى نجد، ثم من نجد إلى الجنوب، ثم من الجنوب إلى مكة، أمشي ثلاثة آلاف كيلو أتعب أكثر ممن يمشي أربعمائة كيلو نقول لا، ليس لك أجر، أنت عذبت نفسك والله- جل وعلا- غني عن تعذيب نفسك، لكن إذا كانت العبادة تتطلب هذه المشقة أجرك على قدر نصبك، "والركوب في الحج أفضل من المشي" قلنا لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج راكبًا، من الآية أخذ بعضهم {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً} [سورة الحـج:27] أو ركبانا {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [سورة الحـج:27] أنه لا يجب الحج على مَن حال دونه ودون مكة بحر؛ لأنه ما ذكرت السفن ولا ذكرت البواخر يعني الحصر في المشي والركوب ركوب الدواب على كل ضامر، ولم تذكر بواخر بعضهم يقول هذا عذر يسقط الحج، وهذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن الركوب يشمل الدواب، ويشمل السيارات، ويشمل القاطرات، يشمل البواخر، يشمل الطائرات، من باب التنبيه ويخلق ما لا تعلمون، لكن هل تظنون أن ركوب البحر سهل؟! نعم في الآلات الحديثة قد يكون أسهل من ذي قبل، لو قرأنا في رحلة ابن جبير لما عاد من الحج حجه مكث فيه سنتين وثلاثة أشهر، في رجوعه لما وصل إلى سواحل الشام ركب إلى الأندلس على الوسيلة البحرية، يقول: لما وصلنا إلى مشارف الأندلس في ستة أشهر كثرت العواصف، جاءتهم عاصفة فأعادتهم إلى الشام!! يعني نفسيات الناس اليوم هل تتحمل مثل هذا؟! ولا شيء! ذكرت بالأمس أن الناس عند سلم الطائرة كيف يتدافعون، شيء لا يخطر على البال كأن الدنيا تنتهي، ابن بطوطة يقول لما خرجنا من طنجة ومشينا عشرة أيام والله إني نسيت أو قال شهرا، لكن عشرة أيام مات القاضي، عشرة أيام رجعنا به إلى طنجة عشرة أيام ثانية، ثم عشرة أيام ثالثة كمل الشهر وصلوا إلى مكانهم، ومكث في رحلته ما يقرب من أربع وعشرين سنة لكنها ليست بحجة فقط هو حج في سنين، ثم خرج من الحج على الشرق ورحل إلى أن وصل شرق الأرض، ثم رجع يعني أطال في رحلته لكن الصبر والجلَد والله المستعان يقول "والقَتَب أفضل من المحارة والمحمل" المحارة شيء مظلل كالهودج الذي يوضع للنساء يركبه الرجال المنعمون المترفون والقتب لا، خشب يركب عليه، والمِحْمَل مرتب ووثير ومريح بخلاف القتب، وهذا من باب التواضع لله- جل وعلا- وجاء في الصحيح وحج أنس بن مالك على قَتَب ولم يكن شحيحا، ليس بخلا؛ لأن بعض الناس تجده غنيا ويركب سيارة رديئة، بعض الناس شحيح يُقَتِّر على نفسه، لكن أنسا لم يكن شحيحًا إنما من باب التواضع لله- جل وعلا- ومثل ما قلنا سابقًا يعني أثر النعمة إذا ظهر بطريقة متوسطة لا إسراف ولا تقتير ولا ترف ولا مشقة زائد،ة على الإنسان أن يتوسط في أموره كلها، هناك سيارات بما يزيد على مليون وهناك سيارات بالآلاف اليسيرة لا هذا ولا هذا إلا من لا يجد الأمر سهل {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [سورة الإسراء:27] "إلا لعذر من مرض ونحوه" لا يركب المحمل ولا الهودج ولا المحارة إلاَّ لعذر، إذا كان مريضا لا يثبت على مثل القتب ويتأذى بذلك أذى بالغا أو يزيد مرضه أو يتأخر برؤه قيل له اركب، الناس إلى وقت قريب يعني قبل أربعين سنة والركوب على السيارات فيه مشقة عظيمة جدا، سيارة واحدة مصممة لخمسين شخصا من السيارات الكبار ليست مثل الباصات أو شيء تستعمل الآن للنقل مثل الترلات، وليست مريحة، الناس يتزاحمون فيها ويركبون أربعة أضعاف، حتى أنه يوجد من يحج على العوارض الحديدية، شخص أنا أدركته ما مات إلا من قريب لما وصلت هذه السيارة هي تمر بالقرى وتأخذ حجاجا من القرى، وصلت بلدهم قالوا لا يوجد مكان خلاص انتهى، قال اسمحوا لي وأدبر نفسي، العوارض الحديدية الزاوية وضع البشت عليها وركب وحج ورجع على هذه العارضة!! من يتحمل هذا الآن؟! والترف كل النصوص جاءت بذمه، وهو الذي يعوق عن تحصيل المصالح الدينية والدنيوية، وابن خَلدون في تاريخه يذكره من أسباب حلول المصائب والكوارث بالدول والشعوب "ونحوه لا للرياسة والشهرة" ما يركب السيارات الفخمة من أجل الرياسة والشهرة، يشتهر بين الناس أنه حج على سيارة بكذا مليون وزيادة وينظر إليه الناس؛ لأن الناس غوغاء الناس وعامتهم توجَد في قلوبهم هيبة لأهل الدنيا، أحد الخطباء يبالغ وهو معروف بالمبالغة-عفا الله عنا وعنه-يقول جاءنا وزير من دولة خليجية على سيارة نصف شعبنا يتمنى أن يموت تحتها!
طالب: ...........
هذا كلامه-الله يعفو عنا وعنه-لا، الناس عموما يعجبون بمثل هذه الأمور، وأشربت قلوبهم حب مثل هذه المظاهر ولن ينالوا مما عنده شيئا، لكن من أجل تعظيم أهل الدنيا، يعني لو أن الإنسان جلس يذكر الله جل وعلا وفي الحديث القدسي «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي» من يستحضر مثل هذا؟! لكن لو قيل لفلان من الناس أن المدير أثنى عليك أو الوزير أو الأمير أو الملك أثنى عليك البارحة في مجلس يأخذ أسبوع ما نام «وذكرته في نفسي» هذا ما له قيمة عنده والله المستعان، "لا للرياسة والشهرة ويجب عليه إذا أراد الحج أن يتعلم كيفية الحج" لأن الحج ركن من أركان الإسلام له أركان وله شروط وله واجبات وله سنن وله مبطلات وله محظورات كيف يحج حجا مقبولا صحيحا مجزئا مسقطا للطلب وهو ما يعرف هذه الأحكام، قد يحج مع من يعرف ويقلده وينتهي الإشكال لكن الأصل أن يعرف ما يصحح عبادته قال "ويجب عليه إذا أراد الحج أن يتعلم كيفية الحج فإن العبادة لا تصح إلا بشروطها ويستحب أن يستصحب كتابا في المناسك واضحًا" يعني طالب العلم يستصحب من الكتب ما بُسطت فيه المسائل وذكرت الأقوال والأدلة ورجح فيها أو يرجح بنفسه إذا كانت لديه أهلية، لكن العامي يحتاج إلى القول البيِّن الواضح الراجح من ثقة ومن أنسب ما يستصحبه العامي منسك الشيخ ابن باز مبني على الدليل وسهل وواضح ومختصر، يستفيد منه العامي ويستفيد منه طالب العلم "فإن العبادة لا تصح إلا بشروطها ويستحب أن يستصحب كتابا في المناسك واضحا ويديم مطالعته في طريقه لتصير مقاصده محققة عنده" يعني يستظهر الكتاب يكرره ويردده وينظر فيه بدقة ليفهم هذه الأحكام وإذا أشكل عليه شيء {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [سورة النحل:43] "ويستحب أن يطلب رفيقا" يعني يصحبه في السفر، واختيار هذه الكلمة تدل على أن هذا الصاحب يكون ممن يتميز بالرفق واللين وكريم الأخلاق رفيقا موافقًا لا يكون مخالِفا، إذا قلت شيئا قال ضده، وإذا تكلمت بشيء نقضه، يذهب الحج كله في القيل والقال والجدال "رفيقا موافقا راغبا في الخير ليعينك إذا ذكرت ويذكرك إذا نسيت راغبا في الخير كارها للشر" يعني إذا حدثتك نفسك بأمر ليس من الخير أو من الشر حذرك منه، وإن تيسر له عالِم فهو أولى، إن تيسر له عالِم لا شك أنه أولى ليقتدي به وإن كان طالب علم كذلك لكن العالِم لا شك أنه أولى من طالب العلم، وطالب العلم أولى من العامي، "ويحرص على رضا رفيقه في كل طريقه ويحتمله" لأنه إذا لم يحرص على رضاه حصلت المنازعات والمشادات وحصل الجدال ويحتمل ما يصدر منه من خطأ ولا يؤاخذه بكل ما يصدر منه، "ويستحب أن تكون يده فارغة من مال التجارة ذاهبًا وراجعًا فإنها تشغل قلبه" تشغل قلبه بلا شك؛ لأن التجارة تلهي وتشغل بدلا من أن يتفرغ للعبادة التي هو بصددها والإقبال على الله- جل وعلا- والدعاء في مواطنه والذكر والتلاوة والصلاة، لا شك أن أمور الدنيا وهي ضرة الآخرة تشغله عما هو بصدده، لكن إذا حصل فلا بأس {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} [سورة البقرة:198] هي التجارة في الحج "فإن اتجر لم يؤثر في صحة حجه" حجه صحيح لو اتجر، لكن لا شك أن من تفرغ للعبادة يكون حجه أكمل "ويستحب أن يكون سفره يوم الخميس" في قصة كعب بن مالك وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا وهو يسرد الغزوة قال خرج النبي -عليه الصلاة والسلام- من المدينة يوم الخميس، فيستحب أن يكون سفره يوم الخميس ويكون أيضا في الصباح يكون باكرًا لأنه جاء في الحديث «بورك لأمتي في بكورها» "فإن فاته يوم الخميس فيوم الإثنين"؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- خرج مهاجرا يوم الإثنين، "ويصلي في بيته ركعتين عند خروجه" يصلي في بيته ركعتين، يودِّع هذا البيت بركعتين "ثم يدعو بما أحب" يدعو بما أحب، فالتوديع للبيت وإذا رجع يبدأ بالمسجد، يعني عند الخروج يصلي الركعتين في بيته، وعند الرجوع يصلي في المسجد كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يبدأ به، "ثم يدعو بما أحب ثم يودع جيرانه وأصحابه" يودع أهله "ويقول كل واحد لصاحبه" يعني المودِّع والمودَّع كل منهما يقول "أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملِك زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيثما كنت" كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول، ثم بعد ذلك قال المؤلف- رحمه الله تعالى- "فصل يستحب إكثار السير في الليل وفي الحديث «عليكم بالدلجة» وجاء «فإن الأرض تطوى بالليل» "وأن يريح دابته بالنزول عنها غدوة وعشية" لأن الوقت وقت ليس في المشي فيه مشقة، يعني أول النهار مناسب للمشي وآخر النهار أيضًا مناسب للمشي، الآن الذين يمشون من أجل التخفيف الوزن ومن أجل المحافظة على الصحة متى يمشون الظهر؟ يمشون في أول النهار وفي آخره، ويخفف على هذه الدابة المسكينة، وأن يريح دابته بالنزول عنها غدة وعشية بحيث لا يتكلف هو في المشي في وسط النهار أو في الليل لئلا يصيبه أذى وهو لا يشعر وعند كل عقبة إذا أراد أن يطلع مكانا مرتفعا ينزل عن الدابة يخفف عنها؛ لأنها تحتاج إلى عزم، وإذا كانت محملة كيف تعزم على طلوع هذه العقبة؟ عليها مشقة شديدة جدا فينزل عنها حتى تتجاوز هذه العقبة لكن هل السيارات تأخذ هذا الحكم؟
طالب: ...........
لا لا، يعني ينزل بعض الركاب وليس كلهم للتخفيف والعفش ما يكون الكثير، يعني الدابة لا يجوز أن تحمل ما لا تطيق هذا معروف ومقرر شرعًا، فهل نقول أن السيارة إذا كانت حمولتها طنا واحدا أو اثنين زيد عليها ثالث أو رابع يجوز أو ما يجوز؟ لماذا؟ تتعطل وفيه تضييع للمال، تفسد لأنه قد تعطلهم وتتعطل هي ويدب إليها الخراب والفساد وتحتاج إلى نفقة أموال وإلا الدابة لأنها نفس تحس بالتعب ويكون هذا ظلم لها، لكن السيارة قد يقول هذه سيارتي إذا تعطلت اشتريت غيرها، نقول هذا تضييع للمال؛ ولذلك تجدون على الطرق موازين للسيارات، توزن إذا كانت محمل فوق حمولتها خفف عنها مراعاة للسيارة ومراعاة للطريق، أيضا الطريق يتأثر بزيادة الحمولة "وعند كل عقبة ويتجنب النوم على ظهرها" يختلف الأمر فيما إذا كان نائمًا أو يقظا وهو على ظهرها؟ يقولون النائم يثقل أو الوزن ما يختلف؟
طالب: ...........
طالب: ...........
لكن ما لاحظت أن الشخص إذا حمل طفلا مستيقظا أو طفلا نائما لا يوجد فرق؟! والله يوجد فرق! لأن النائم ما يعينك على نفسه واليقظان يعينك على نفسه، على كل حال هكذا قال أهل العلم "ويتجنب النوم على ظهرها ويحرم أن يحمِّلها فوق طاقتها" النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يردف يركب خلفه بعض أصحابه، وجمع ابن منده جزءًا في أردافه -عليه الصلاة والسلام- وبلغوا الثلاثين ممن أردفهم كما سيأتي حينما أردف أسامة من عرفة إلى مزدلفة، وأردف الفضل من مزدلفة إلى منى، وقال معاذ قال كنت رديف النبي -عليه الصلاة والسلام- ونص أهل العلم على أنه يجوز الإرداف على الدابة إذا كانت تطيق ذلك، والناس يتفاوتون في وزنهم، تأتي باثنين من الوزن الثقيل وتقول أردف النبي -عليه الصلاة والسلام-؟! ما يصير هذا المقصود أن المسألة مربوطة بإطاقتها فإذا كانت مطيقة فلا بأس بالإرداف، "ويحرم أن يحمِّلها فوق طاقتها وأن يجيعها من غير ضرورة" كما لوكانت هناك ضرورة ما عنده شيء يطعمها، ما عنده شيء يطعم نفسه فضلا عن دابته هذه ضرورة "فإن حملها الجمال فوق طاقتها لزم المستأجر الامتناع من ذلك" لأنها يخشى أن تتعطل في الطريق فيتأثر المستأجر ومع ذلك لو تركه ولم يمتنع من ذلك كان إقرارا له على هذا المحرم "وينبغي أن يتجنب الشبع المفرِط" ولا شك أن الشبع يعوق عن كثير من الأمور المطلوبة شرعًا، وقل أن يقوم الليل من يشبع، وإذا أراد الإنسان القيام عليه أن يتخفف، ولا شك أن الشبع المفرِط يثقل البدن، وتكثر الأبخرة من المعدة إلى الدماغ فيضعف الفهم ويضعف الحفظ، فعلى الإنسان أن يتقلل من الأكل إلا بقدر ما يقيم صلبه "وينبغي أن يتجنب الشبع المفرط والزينة والترف والتبسط في ألوان الأطعمة فإن الحاج أشعث أغبر" الآن نسمع عن بعض الحملات أنها تأخذ مبالغ طائلة وأنها توفِّر من سبل الراحة للحاج وأنواع الأطعمة والترف والله نسمع أرقاما مبالَغ فيها كثيرا ثمانون ألفا، مائة ألف سمعنا هذا، هذا لا يليق بالحاج الذي الأصل فيه «أتوني شعثا غبرا» يوم يباهي الله بهم الملائكة، كيف تدخل في هذا النص وأنت غير متصف بالوصف "والترفه والتبسط في ألوان الأطعمة، فإن الحاج أشعث أغبر ويستعمل الرفق وحسن الخلق مع الغلام" الذي هو المملوك لا يشق على غلامه ومملوكه ويكلفه ما لا يطيق، ويشق هذا في كل وقت لكن في الحج يتعيَّن أكثر "فيستعمل الرفق وحسن الخلق مع الغلام والجمّال الذي يقود الجمل المستأجَر والرفيق والسائل" {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [سورة الضحى:10] "وغيرهم ويتجنب المخاصمة والمشاحنة" {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [سورة البقرة:197] "ويتجنب المخاصمة والمشاحنة ومزاحمة الناس في الطريق" لكن قد يقول قائل إن هذا أمر لا بد منه فالطرق كلها مملوءة من الحجاج مزحومة فيتحين الأوقات التي تخف فيها هذه الجموع؛ لأن مع المزاحمة قلما يسلم الإنسان من ظلم ولو غير مقصود لغيره، تزاحم تضرب شخصا برجلك وشص تضربه بيدك، وآخر بإحرامك إذا نسفته أو شيء ما تسلم من ظلم إذا وجدت الزحمة الشديدة، فالإنسان يتحين الأوقات التي يخف فيها الزحام، "ومزاحمة الناس في الطريق وموارد الماء إذا أمكنه" كثيرا ما تضيق النفوس في أوقات الزحام والناس يتفاوتون في هذا تفاوت كبيرا، بعضهم يصل به الحد إلى أن يلعن غيره ويشتمه، وقد يزيد ذلك إلى لعن هذه الشعيرة بعضهم سمع منه- نسأل الله العافية- وهذا لا شك أنه دليل على عدم توفيقه، وما وُضع في ميزان المسلم أثقل من حسن الخلق، "ويصون لسانه عن الشتم والغيبة" كثير من الناس حجه لا يختلف عن رحلة برية مع نخبة ممن يحبهم، وتجده لا فرق في أن يكون في عرفة أو في منى أو في نزهة برية، ولا شك أن المواسم يستغلها المسلم العاقل اللبيب الناصح لنفسه، ولا يكون يوم حجه مثل يوم نزهته، كما أنه لا يكون يوم صومه مثل يوم فطره "ويصون لسانه عن الشتم والغيبة ولعن الدوابّ" سمع النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- امرأة تلعن دابتها فأمر بتسييبها وقال «لا تصحبنا دابة ملعونة» "وجميع الألفاظ القبيحة"
ما الذي عندكم؟
طالب: ...........
وليلحظ قولَه -صلى الله عليه وسلم- «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيومَ ولدته أمه» الحديث مخرج في الصحيح، ومر بنا في درس الأمس «فلم يرفث ولم يفسق» والرفث الجماع ودواعيه، والقول الفاحش والفسق العصيان وارتكاب ما حرَّم الله أو ترك ما أوجب الله، «خرج من ذنوبه كيومَ ولدته أمه» ونسمع بعض الشباب ينكت ويزعم أنه حقق هذا الأمر، يقول: ما بقي إلا أن نذهب إلى الصيدلية ونشتري- نسأل الله العافية- رضاعة ذي التي يوضع فيها الحليب للصغير لأنه خرج كيوم ولدته أمه، رجع طفلا صغيرا، مثل هذا يليق بمثل بهذه الشعيرة؟! أو يواجَه به النص النبوي؛ لأن بعض الناس يسترسل في الكلام فيقع في محظور يصل إلى درجة الاستهزاء- نسأل الله العافية- يعني هذا الكلام سُمع بهذا اللفظ، يقولون هذا الكلام ولا شك أن هذا خطر على عقيدة الإنسان، الاستهزاء بالرسول أو بما جاء به الرسول أو بشيء مما جاء به الرسول أمره عظيم وخطره جسيم، "وينبغي أن يسير مع الناس ويكره انفراده عن القافلة لغير عذر" لأن الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب فلا ينفرد عن الناس، لكن شخص في سيارته بمفرده هل ينطبق عليه هذا الحديث؟ نعم إذا سار في طريق بمفرده انطبق عليه، لكن لو سار مع الناس في سياراتهم في الطريق المعمور وهو وحده في سيارته ينطبق عليه الحديث؟ لأن الناس في السابق على دوابهم كل واحد بمفرده لكنهم يمشون مع الناس، لا ينفردون في الطريق أو في طريق مهجور هذا الذي يتناوله الحديث، "ويُكره أن يستصحب جرسا أو كلبا" لأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها جرس، ولا كلب كما أنها لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة والله المستعان، "ويسن له إذا علا شرفا من الأرض أن يكبِّر" إذا صعدنا كبَّرْنا وإذا هبطنا سبحنا يقوله الصحابي أظنه جابر "ويسن له إذا علا شرفا من الأرض أن يكبر وإذا هبط واديا ونحوه أن يسبح" يعني قل مثل هذا في الجسور وفي الأنفاق، يعني إذا رقيت جسرا تكبر وإذا نزلت في نفق تسبح.
طالب: ...........
والمصعد إذا صعدت كبر.
طالب: ...........
كلما تصعد كبر وكلما تنزل سبح وفضل الله واسع "ولا يبالغ في رفع صوته بذلك" لا في التسبيح ولا في التكبير ولا في الدعاء «إنكم لا تدعون أصم ولا غائب اربعوا على أنفسكم» "ويكره النزول في قارعة الطريق" لئلا يوطَأ من قبل الدواب ومن قبل السيارات والأمر أشد، والغالب أن الناس ينزلون قريبا من قارعة الطريق ويأكلون ويبقى منهم شيء، تأتي الدواب والهوام إذا انتقلوا عن المكان فتلدغ هذا الذي نزل في قارعة الطريق فعليه أن يتجنب مثل هذا "وإذا نزل منزلا قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" وإذا قال أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة فهي مثلها، "فإذا خاف قوما اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم ونستعين بك عليهم فاكفناهم بما شئت وكيف شئت" وفي بعض الروايات ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم اللهم اكفناهم بما شئت " ويستحب له الدعاء في جميع السفر لنفسه وأحبائه من المسلمين" لأنه جاء أن للمسافر دعوة مستجابة فيستغل هذه الدعوة المستجابة في السفر، "ومما يتأكد الأمر به المحافظة على الصلوات في أوقاتها" يجب عليه أن يحافظ على الصلوات في أوقاتها وله أن يجمع إذا اتصف بالوصف المؤثِّر الذي هو السفر "وله القصر والجمع" كما قال المؤلف "وله صلاة النافلة راكبًا"، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي الوتر على الدابة أينما توجهت به، وكان لا يفعل ذلك في الفريضة -عليه الصلاة والسلام- "وله صلاة النافلة راكبا وماشيا حيث توجه" لا يلزم أن يستقبل القبلة، وبعضهم يقول يكبر تكبير الإحرام إلى القبلة ثم بعد ذلك يستمر في طريقه "صلاة النافلة راكبا" وهذا في السفر "وأما فعل النافلة راكبًا في الحضر فعامة أهل العلم على خلافه" لأن الدليل ما ورد إلا في السفر.
طالب: ...........
الحكم هذا لكن بعض أهل العلم يرى أن فعل النافلة في الحضر أفضل من تركها بالكلية، يعني راتبة تفوت وأنت عندك أمر مهم وأيضا يفوت، وركبت السيارة ويغلب على ظنك أنك لن تصل هذا المشوار إلا بعد خروج الوقت، بعضهم رخص في هذا "وله التيمم إذا عدم الماء أو وجده وهو محتاج إليه" له التيمم {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً} [سورة النساء:43] "وله التيمم إذا عدم الماء أو وجده وهو محتاج إليه لعطش نفسه" لا يجوز له أن يتوضأ ويهلك من العطش أو يهلك رفيقه أو حيوان محرم" يعني محترم "سواء خاف العطش في يومه أو بعده"، يعني قد يكون الماء كثيرا والذي يغلب على الظن أنه لن يجد ماء قبل ثلاثة أيام والماء يكفيه ليوم أو يومين، فإذا غلب على ظنه أنه لن يجد الماء في اليوم الثالث لا يجوز له أن ي توضأ به بل يعدل إلى التيمم، "في يومه أو بعده قبل وصوله إلى ماء آخر" الآن ولله الحمد الطرق متيسرة وأيضا الخدمات موجودة على الطرق، يعني ما يعدم الإنسان هذه الخدمات بحيث يمر عليه وقت من أوقات الصلاة وينتهي ما عنده ماء ولله الحمد، لكن المسألة مفترضة فيما إذا عدم الماء، "ويحرم عليه الوضوء بماء وهناك من هو محتاج إليه" يعني عندك نفس محترمة تحتاج إلى هذا الماء فإذا توضأت به عطش وهلك لا يجوز لك ذلك "سواء كان رفيقه المخالِط له أو واحد من الركب" وجد كلبا يلهث من العطش وعنده ماء يتوضأ به أو يسقي الكلب؟
طالب: ...........
لأن قيد بالنفس أو حيوان محترم.
طالب: ...........
الكلب المعلَّم؟ كيف؟
طالب: ...........
لا شك أنه أبيح صيده وأُذن بقتل الكلاب في أول الأمر ثم نُسخ ذلك، والبغي التي سقت الكلب غفر لها فهل نقول يتوضأ أو يسقي هذا الكلب؟ كونه هذه الدابة المحترمة المال؛ لأن الكلب ليس بمال ولا يضمن إذا تلف، الذي يظهر أنه يتوضأ به لأن الوضوء شرط، "ولا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر خالص" إذ لا تتصور الطهارة من نجس فلا بد أن يكون ترابا طاهرًا خالصا، يعني غير مخلوط بغيره، "ويكون بعد طلب الماء"، ما ينظر وهو جالس يقول ليس حولنا ماء ثم يتيمم لا، يطلب الماء قريبا منه فإذا لم يجده تيمم، "ويكون بعد طلب الماء ولا يصلي بتيمم واحد أكثر من فريضة واحدة وما شاء من النوافل ولا يكون التيمم إلا بتراب" عندنا في حديث الخصائص "وجُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" وفي الرواية الأخرى عند مسلم "وجعلت تربتها لنا طهورا" ومعلوم الخلاف بين أهل العلم أن أحمد والشافعي يقولان لا بد من التراب بناء على أن الرواية الثانية قيد في الرواية الأولى، الرواية الأولى مطلقة في الأرض والثانية مقيدة في التراب فلا يجوز إلا بالتراب، لا يجوز برمل ولا أي شيء على وجه الأرض، والأئمة الآخرون يقولون هذا ليس من باب الإطلاق والتقييد وإنما هو من باب العموم والخصوص، فيكون التراب ذُكِر وهو فرد من أفراد العام بحكم موافق لحكم العام وحينئذ لا يقتضي التخصيص، والمسألة معروفة مبسوطة في مظانها، "ولا يصلي بتيمم واحد أكثر من فريضة" وهذا بناء على أن التيمم مبيح للصلاة وليس برافع للحدث، والمسألة يختلف فيها أهل العلم منهم من يقول أن البدل له حكم المبدل وحكمه حكم الماء ويرفع الحدث، ومنهم من يقول لا، هو مبيح ليس له حكم الماء من كل وجه؛ لأنه إذا وجده في الوقت أو في أثناء الصلاة عند جمع من أهل العلم تبطل صلاته، على كل حال «الصعيد الطيب طهور المسلم أو وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجده فليتق الله وليمسه بشرته » يتق الله ويمسه بشرته عما مضى أو عما يستقبل؟ يفترض أن شخصا عليه جنابة أو عليه غسل ما وجد ماء، تيمم وصلى الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم وجد الماء هل نقول عليه أن يتقي الله ويمسه بشرته للجنابة السابقة أو للأحداث المستقبَلة.
طالب: ...........
حينئذ لا يكون رافعا.
طالب: ...........
نعم، لكن فرق بين أن يكون مبيحا مثل ما مشى عليه المؤلف وهو المذهب عند الحنابلة، مبيح لفرض واحد، للفرض القائم أو مبيح مع ذا يكون رافعا رفعا مؤقتا حتى يجد الماء، بمعنى أنه يصلي كل الصلوات ما لم ينتقض تيممه «فليتق الله وليمسه بشرته» منهم من يقول أنه رافع رفعا مطلقا مثل الماء؛ لأن البدل له حكم المبدل لا يغتسل إلا بموجب جديد، ومنهم من يقول أنه يرفع رفعا مؤقتا حتى يجد الماء «فليتق الله وليمسه بشرته» إما عن الجنابة السابقة أو عما يستقبل من الأحداث عند من يقول بأنه يرفع رفعا مطلقا، والقول بأنه يرفع رفعا مؤقتا هو المرجح؛ لأن هذا الحديث يكون حينئذ مؤسِّسا لحكم جديد، وإذا قلنا وليتق الله وليمسه بشرته لما يستقبل من الأحداث قلنا أن هذا مؤكد وليس بمخصص، كل النصوص تأمره بأن يمسه بشرته "ولا يصلي بتيمم واحد أكثر من فريضة واحدة وما شاء من النوافل" لكن إذا خرج الوقت عليه أن يستأنف على القول بأنه مبيح، وعلى القول بأنه رافع سواء قلنا رفع مطلق أو مؤقت لا يلزمه أن يعيد إلا إذا أحدث، "وإذا مات واحد من الركب" يعني مثل القاضي الذي في قصة أو في رحلة ابن بطوطة مات يقول: "إذا مات واحد من الركب لزمهم غسله" تغسيل الميت لأنه فرض كفاية "وتكفينه" كما هو الشأن في الحضر يلزمهم ذلك وكل هذه من فروض الكفايات "لزمهم غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه" كلها فروض كفايات لكن الآن بعد التنظيمات الجديدة وكثرة الحوادث وكثرة القتل وتغير أحوال الناس لا بد أن يبلِّغوا عنه الجهات المسؤولة والأمنية وينظرون في سبب وفاته، تحتاج المسألة إلى شيء من التعب، "فإن تركوه" مشوا وتركوه مات وهذا يحصل من بعض الناس لاسيما اللئام "فإن تركوه عصوا كلهم" لأن هذا حد فرض الكفاية إذا قام به من يكفي سقط الوجوب عن الباقين وصار في حكمهم سنة، لكن إن تركوه كلهم عصوا لأنه فرض "فإن لم يجدوا ماء يمموه بالتراب" كما هو الشأن في الحضر "في وجهه ويديه" لأن التيمم عن الطهارة الكبرى مثل التيمم عن الطهارة الصغرى إلا أن الصغرى يشترط فيها الترتيب والكبرى لا يشترط، "فإن لم يجدوا ماء يمموه بالتراب في وجهه ويديه وكفنوه" وهذه الأحكام موجودة في كتاب الجنائز من كتب الفروع "وصلوا عليه ثم دفنوه".
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كم استغرق الدرس؟ يعني من الصلاة إلى الآن كم؟
طالب: ...........
خلاص اتركهم لأنهم أخرونا بالتوزيع..