شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - كتاب صلاة التراويح وفضل ليلة القدر (عام 1428 هـ) - 18
المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين،
أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم إلى حلقة جديدة ضمن برنامجكم شرح كتاب الصوم من كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بضيف البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلاً ومرحبًا بكم فضيلة الشيخ.
حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
المقدم: لا زلنا في كتاب صلاة التراويح في باب فضل من قام رمضان، وَعَدنا الإخوة والأخوات باستكمال الموضوع، ونبدأ في هذه الحلقة الحديث عن النصوص التي وردت في فضل من قام رمضان، وقيام الليل على وجه العموم، أحسن الله إليكم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فجاء في فضل قيام الليل نصوص كثيرة متضافرة من أدلة الكتاب والسنة، فجاء في ذلك قول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [سورة المزمل 1 - 4]، ويلاحظ هنا الأمر "قم الليل"، كما يلاحظ أيضًا المدة، يقول القرطبي: اختُلف هل كان قيامه فرضًا وحتمًا أو كان ندبًا وحضًّا، والدلائل تقوي أن قيامه كان حتمًا وفرضًا، وذلك أن الندب والحض لا يقع على بعض الليل دون بعضه؛ لأن قيامه ليس مخصوصًا به وقتًا دون وقت.
المقدم: هذا في حق النبي أم عمومًا يتكلم الآن؟
لا، هذا على جهة العموم، يقول: اختُلف هل كان قيامه فرضًا وحتمًا يعني واجبًا، أو كان ندبًا وحضًّا يعني مستحبًّا.
المقدم: قيام الليل، أم قيام النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
لا، قيام الليل، يعني على الجميع، والدلائل تقوي أن قيامه كان حتمًا وفرضًا، وذلك أن الندب والحض لا يقع على بعض الليل دون بعضه؛ لأن قيامه ليس مخصوصًا به وقتًا دون وقت، لكن المأخذ من الآية يعني يقول: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} [سورة المزمل3-2] هل هذا يدل على الوجوب؟ نعم، المأخذ من "قم" واضح؛ لأنه أمر، هذا واضح، لكن التحديد بالمدة: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ} [سورة المزمل:3]، هل هذا يدل على أنه حتم؟ ماذا يقول؟
المقدم: ما دام أنه ما حدد يعني فتح المجال في الليل كله يدل على الوجوب، هذا مقتضى كلامه.
لكن هل يقوى هذا الكلام على الإيجاب، وذلك أن الندب والحض يقع على بعض الليل دون بعض؛ لأنه قيامه ليس مخصوصًا به وقتًا دون وقت، يعني بالنسبة للاستحباب يُطلق، قم يعني ما شئت، لكن ما دام حُدد يعني الحد الأدنى نصفه أو انقص منه قليلاً، انقص من النصف قليلاً، فدل على أنه حتم؛ لأن المندوب يتأدى بأقل ما يُطلق عليه الاسم، هذا ما ذهب إليه، قال: واختُلف أيضًا هل كان فرضًا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وحده أو عليه وعلى من قبله من الأنبياء، أو عليه وعلى أمته، ثلاثة أقوال، يقول: الأول كان عليه وحده -عليه الصلاة والسلام-، الأول قول سعيد بن جبير؛ لتوجه الخطاب إليه خاصةً "قم الليل"، يعني خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- الفرض على النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا القول الأول. والثاني عليه وعلى من قبله من الأنبياء يعني دون الأمم، الثاني قول ابن عباس، قال: كان قيام الليل فريضة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى الأنبياء قبله، هذا القول الثاني. والقول الثالث: وهو أنه فرض عليه وعلى أمته قول عائشة وابن عباس أيضًا، وهو الصحيح، يقول القرطبي: وهو الصحيح، كما في صحيح مسلم عن زُرارة بن أوفى: «أن سعد بن هشام بن عامر أراد أن يغزو في سبيل الله..» الحديث، وفيه: «فقلت لعائشة: انبئيني عن قيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالت: ألست تقرأ يا أيها المزمل؟ قلتُ: بلى، قالت: فإن الله -عز وجل- افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حولًا»، يعني امتثالًا لهذا الأمر، وأمسك الله -عز وجل- خاتمتها، خاتمة السورة
المقدم: إن ربك يعلم.
نعم، اثنى عشر شهرًا، حتى أنزل الله -عز وجل- في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعًا بعد فريضة، لا شك أن الأوامر صريحة، لكن مجموع ما جاء في الباب من الحث على قيام الليل يدل على أنه ليس بفرض، قد يكون فرضًا في أول الأمر ثم بعد ذلك لا سيما مع دلالة حديث الأعرابي الذي قال: هل علي غيرها بعد أن ذكر الصلوات الخمس، قال: لا، إلا أن تطّوع، في حق الجميع.
المقدم: حتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يُستدل بهذا عليه.
المقصود أنه لا يوجد غير الخمس إلا تطوعًا، على كل حال تقول: فصار قيام الليل تطوعًا بعد فريضة، وهي تتكلم عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وعن أصحابه، أيضًا في سورة الإسراء يقول الله -جل وعلا-: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [سورة الإسراء:79]، هذه يستدل بها الطرفان، تهجد أمر، ونافلة.
المقدم: تقابل فريضة.
التي تقابل الفريضة، لكن هل نقول: النافلة هذه؟
المقدم: غير النافلة المعروفة عندنا.
الاصطلاحية؟
المقدم: الاصطلاحية.
وإلا نقول إنها زيادة الفرض، زيادة على ما الخمس الواجبة، وهي إن كانت نافلة زيادة أيضًا هي واجبة. فهي نافلة باعتبار الزيادة لا بالمعنى الاصطلاحي.
المقدم: مثل السنة إذا وردت في بعض الألفاظ الشرعية ليس المراد بها السنة..
نعم، ليس المراد بها السنة الاصطلاحية التي يأثم تاركها، يقول: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ} [سورة اﻹسراء 79] ، هذا أمر مثل قم {فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [سورة اﻹسراء 79]، ولا شك أن هذه العلة تدل على الوجوب أم الاستحباب، تؤيد الوجوب أم الاستحباب؟
المقدم: الاستحباب.
تؤيد الاستحباب، كما أننا نطلب من الله -جل وعلا- أن يبعثه مقامًا محمودًا إثر كل أذان، يقول الله -جل وعلا-: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } [سورة السجدة 16]، تتجافى جنوبهم يعني لا يهنأون ولا يلتذون بنوم، {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [سورة السجدة 16]، بعدها {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة السجدة 17] ، يقول أهل العلم القرطبي وغيره يقولون: إن الجزاء من جنس العمل، أخفوا قيام الليل، والأصل فيه الخفاء، فجُوزوا بما لا تعلم نفس ما أُخفي لهم، وهذا لا شك أنه دليل على أهمية قيام الليل، يقول الله تعالى أيضًا: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِۗ} [سورة الزمر 9]. هذا للجميع؟ أو سمة لأهل العلم؟
المقدم: عقبها بقوله:...
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [سورة الزمر 9] ، {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [سورة الزمر 9] ، يدل على أن الذين يعلمون هم أهل قيام الليل، والذين لا يعلمون هم الذين لا يقومون الليل وإن كان عندهم شيء مما يُدّعى أنه علم، {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [سورة الزمر 9] يعني من يتعظ ويأتمر إنما هم أهل العقول، وإلا لو افترض شخص ينتسب إلى العلم، ومع ذلك مفرط بما دلت عليه النصوص الصحيحة فهذا محروم بلا شك، والمحروم مع قدرته على تلافي هذا الحرمان لا شك أنه ليس من أولي الألباب، جاء أيضًا في الحديث: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم» ، وجاء أيضًا: «نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل»، وعبد الله هو الصحابي المبادِر إلى الامتثال، فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً، جاء أيضًا فيما يخص رمضان: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه»، وهذا تقدم شرحه في كتاب الإيمان، يعني من قامه مصدقًا بما وعد الله من الثواب عليه مبتغيًا بذلك وجه الله تعالى، لابد أن يكون مصدقًا مخلصًا، الحث على قيام الليل أحاديثه والنصوص الواردة فيه لا تكاد تُحصر، وهو شاق على كثير من الناس، ومشقته لا شك أنها لوقوعه في وقت هو وقت الراحة، ويقع بعد النوم التي هي الناشئة، ناشئة الليل تكون بعد نوم يعني يسهُل قيام الليل على من كان مستيقظًا، يعني قد يسهُل القيام على من يسهر الليل كله ثم يختم ليلته بصلاة أو ذكر أو تلاوة أو استغفار وما أشبه ذلك، لكن النائم بعد أن أخلد إلى الراحة هذا يصعب عليه، هي أشد وطئًا وأقوم قيلاً، لكنها أكثر في حضور القلب، ولذا جاء الحث عليها، هي أكثر في حضور القلب، على كل حال لوقوعه في هذا الوقت الذي هو محل الراحة والإخلاد إلى الفراش صعُب على كثير من الناس، حتى إن السلف جاهدوا، وجاء عنهم أنهم جاهدوا قيام الليل وكابدوه حتى قال بعضهم: عشرين سنة، ثم تلذذ به بعد ذلك، لكن هل يتسنى هذا لكل أحد أو للموفق؟
المقدم: للموفق.
نعم للموفق، وهل يوفق من قام للقيام حق القيام أو لا؟ لأن الناس في ليالي رمضان وفي العشر الأواخر على وجه الخصوص كثير منهم يقوم الليل ويتهجد سواء كان في بيته أو في المسجد، لكن مع ذلك هل يوفق لحق القيام؟ كثير منهم بل أكثر الناس يقوم بجسده دون قلبه، وتجده لا يعقل من صلاته إلا الشيء اليسير، والناس يتفاوتون، أقول: صعوبة قيام الليل والترغيب الوارد في قيام الليل من أجل صعوبته ومشقته على النفوس؛ لأن الجنة حُفت بالمكاره، ومشقته من أجل وقوعه في هذا الوقت الذي يرتاح فيه الإنسان بعد عناء النهار، إذا عرفنا ما جاء في القيام، فجاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: «ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا»، وهذا الحديث يستدل به من يقول بعدم مشروعية القدر الزائد على إحدى عشرة، فيه أيضًا حديث عائشة مُخرج في الصحيحين قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها» ، مع أنه جاء في روايةٍ عن عائشة أيضًا أن: « منها الوتر وركعتا الفجر»، فيوافق الحديث الأول، ذكر منها ركعتي الفجر، وهو موافق لحديثها الأول، تكون إحدى عشرة، ومن ذلك حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «كانت صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث عشرة ركعة» يعني بالليل، وفيه حديث زيد بن خالد الجهني عند مسلم ومالك: «وأنه صلى ثلاثة عشرة ركعة»، وفيه أيضًا الإطلاق: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة» خرجه البخاري من حديث ابن عمر، وهذا يستدل به من يقول بالزيادة، وفيه قوله- عليه الصلاة والسلام- لمن أراد مرافقته في الجنة، قال: «أعني على نفسك بكثرة السجود»، وهذا أيضًا يدل على أن الصلاة كما جاء في الحديث «خير مستَكثَر منه»، فدل على أن الكثرة في العدد لا تنافي ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- من كونه يصلي إحدى عشرة.
المقدم: كما جاء في الحديث، تقصد جاء في اللفظ: خير مستكثر منه.
جاء في بعض الأحاديث كذلك.
المقدم: «الصلاة خير مستكثر منه».
نعم، وأيضًا «أعني على نفسك»، العلماء يختلفون في الأفضل، هل الأفضل الإكثار من الركعات مع التخفيف؟
المقدم: أو الإطالة.
أو التقليل من الركعات مع إطالة القيام والركوع والسجود؟ جاء في صفة صلاته -عليه الصلاة والسلام- الطول، وأنه قرأ في ركعة البقرة ثم النساء ثم آل عمران، وأنه يسجد السجدة كما يقرأ أحدكم خمسين آية، جاء في صلاته الطول، لكن بعض الناس قد يشق عليه مثل هذا الطول، وقد يكون إذا صلى في جماعة من المأمومين من لا يحتمل مثل هذا الطول.
المقدم: فيكون الكثرة أفضل في حقه.
نعم، ولذلك أهل العلم لاحظوا مثل هذا، يعني منهم من قال: إن عمر -رضي الله عنه- جمع الناس على أُبي بن كعب في أول الأمر على إحدى عشرة ركعة ثم على ثلاث وعشرين، رأى الناس يشق عليهم الطول الذي جاء في صفة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد قام -عليه الصلاة والسلام- حتي تفطَّرت قدماه، من أجل هذا اختلف العلماء في العدد المستحب في قيام رمضان كما قال العيني: على أقوال كثيرة، فقيل: إحدى وأربعون ركعة، قال الترمذي: رأى بعضهم أن يصلي إحدى وأربعين ركعة وهو قول أهل المدينة، والعمل على هذا عندهم بالمدينة، قال شيخنا (يقول العيني: قال شيخنا، يعني الحافظ العراقي): وهو أكثر ما قيل فيه إحدى وأربعون ركعة، وهو أكثر ما قيل في العدد يعني في قيام رمضان، قلت (القائل العيني): ذكر ابن عبد البر في الاستذكار عن الأسود بن يزيد أنه كان يصلي أربعين ركعة ثم يوتر بسبع، يعني الإكثار لا شك أنه ثابت عن السلف سواء كان في الليل أو في النهار، الإمام أحمد -رحمه الله- حُفظ عنه ثلاثمائة ركعة في اليوم والليلة، يعني ذكروا في ترجمة الحافظ عبد الغني المقدسي: أنه كان يصلي من ارتفاع الشمس إلى الزوال ثلاثمائة ركعة، لكن إذا قلنا في الأيام المتوسطة من ارتفاع الشمس مثلًا من يعني قريب ست ساعات.
المقدم: لما تقسمها على ثلاثمائة ما يؤدي الركعة في..
ستة في ستين دقيقة ثلاثمائة وستين، والركعة أقل المجزئ منها قد يؤدى بدقيقة، لكن ما أدري عن الاستمرار على مثل هذا العمل، وهل المقصود الإكثار أو الإحسان؟ {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [سورة الملك 2]، لا، يعني ما نقول إن هذا أفضل من كل وجه، المقصود استغلال الوقت فيما ينفع، فلو كانت بدل هذه الثلاثمائة نوّع من العبادات صلى ما كُتب له من صلاة الخاشعين، واستزاد من العلم، وعلّم من يحتاج إلى العلم، وأعان من يحتاج إلى إعانة، وتلا من القرآن ما كُتب له، يعني تنوع العبادات أمر شرعي مقصود من مقاصد الشرع، لشيخ الإسلام رسالة في بيان أهمية تنوّع العبادات في الشرع، المقصود أن هذا حصل، فالذي يرتاح إلى الصلاة فهي باب خير يكثر منه، لكن ماذا عن قول ابن المطهر الحلّي صاحب منهاج الكرامة نقل عن على بن أبى طالب- رضي الله عنه-: أنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، لكن شيخ الإسلام في منهاج السنة قال: الوقت لا يستوعب يعني إذا تصورنا أن الركعة بدقيقة نحتاج إلى ألف دقيقة، فالوقت لا يستوعب بلا شك، فقيل: إحدى وأربعون، هذا القول الأول، وقيل: ثمانٍ وثلاثون ركعة، رواه محمد بن نصر عن مالك، قال: يستحب أن يقوم الناس في رمضان بثمانٍ وثلاثين ركعة، ثم يسلم الإمام والناس، ثم يوتر بهم بواحدة، يكون المجموع..
المقدم: تسعًا وثلاثين.
تسعًا وثلاثين، قال: وهذا العمل بالمدينة قبل الحرّة منذ بضع ومائة سنة إلى اليوم هكذا راوه ابن أيمن عن مالك، وكأنه جمع ركعتين من الوتر مع قيام رمضان، وإلا فالمشهور عن مالك ست وثلاثون والوتر بثلاث، الآن نقل الأول عن مالك إحدى وأربعين، هذا العمل عمل أهل المدينة، قال الترمذي: رأى بعضهم أن يصلي إحدى وأربعين ركعة، وهو قول أهل المدينة، والعمل على هذا عندهم بالمدينة، والقول الثاني: ثمانٍ وثلاثون راوه محمد بن نصر عن مالك، قال: يُستحب أن يقوم الناس في رمضان بثمانٍ وثلاثين ركعة، ثم يسلم الإمام والناس، ثم يوتر بهم بواحدة، قال: وهذا العمل بالمدينة قبل الحرّة منذ بضع ومائة سنة إلى اليوم، هكذا رواه ابن أيمن عن مالك، وكأنه جمع ركعتين من الوتر مع قيام رمضان، وإلا فالمشهور عن مالك ست وثلاثون والوتر بثلاث، وقيل: أربع وثلاثون إلى آخر الأقوال تذكر بالتدريج إن شاء الله.
المقدم: أحسن الله إليكم، إذًا نستكمل الأقوال في حلقة قادمة، أيها الإخوة والأخوات بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة في شرح كتاب الصوم من كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، لنا بكم لقاء بإذن الله تعالى في الحلقة القادمة وأنتم على خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.