شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (271)
المُقَدِّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وآله وصحبه أجمعين،
أيُّها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلًا ومرحبًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم" شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح" مع صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا بكم فضيلة الدكتور.
حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
المُقَدِّم: نستكمل في هذه الحلقة ما تبقى في حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- وهو الحديث مائة وثلاثة عشر بحسب المختصر، مائة وثمانية وثلاثون بحسب الأصل لتذكير الإخوة والأخوات، أحسن الله إليكم.
فقد مضى الحديث عن أكثر مطالب هذا الحديث لا سيما في مسألة النوم؛ لأنَّ فيه أنَّ النبي- عليه الصلاة والسلام- نام حتى نفخ، ثم صلى، وربما قال: اضطجع حتى نفخ، ثم قام فصلى، ذكرنا كلام ابن قدامة في المُغني والتفصيل الذي ذكره وأقسام وأنواع النوم، والناقض وغير الناقض.
كلام الشافعية في هذه المسألة في الوجيز للغزالي يقول: الثاني زوال العقل بإغماء أو جنون أو سُكر أو نوم، يعني من النواقض، زوال العقل بإغماء، أو جنون، أو سُكر، أو نوم كل ذلك ينقض الطهارة إلا النوم قاعدًا ممكنًا مقعده من الأرض يعني استثنى من النوم هذه الصورة، إذا كان قاعدًا ممكنًا مقعده من الأرض.
في شرحه للرافعي المسمى فتح العزيز، وهو كتاب من أشهر كتب الشافعية لهم به عناية، خرجوا أحاديثه وكتبوا عليه الحواشي، هو شرح للوجيز للغزالي، يقول: زوال العقل يفرض بطريقين، أحدهما غير النوم كالجنون، والإغماء، والسُّكر فينتقض الوضوء بكل حال، لماذا لم يقل النوم؟ الأول النوم، والثاني غير النوم؟ قال: أحدهما غير النوم، نعم، لماذا؟
لأنَّ الكلام عن النوم يطول، وعادة الذي يطول..
المُقَدِّم: يؤخر.
يؤجل، ليفصل فيه الكلام. وأمَّا الذي لا يطول..
المُقَدِّم: يُبدأ به.
فإنَّه يُبدأ به، يعني سبق أن لاحظ بعض المستمعين أننا نبدأ بترجمة الراوي قبل ترجمة الحديث، ترجمة المؤلف، وذكرنا هذا، قلنا: إنَّ ترجمة الراوي نتكلم عن الراوي بسطرين أو ثلاثة وننتهي منها، ثم بعد ذلك نفيض في...
المُقَدِّم: ترجمة الحديث.
ترجمة البخاري على الحديث، وذكر المناسبة، وهذا طريق مسلوك عند أهل العلم.
يقول: أحدهما غير النوم كالجنون، والإغماء، والسُّكر فينتقض الوضوء بكل حال؛ لأنَّ النوم ناقض على ما سيأتي، وإنَّما كان كذلك- السبب في كونه ناقضًا هذه الأمور السبب في كونها ناقضة-؛ لأنَّه قد يخرج منه الخارج من غير شعوره به، ومعلوم أنَّ الذهول عند هذه الأسباب أبلغ.
يعني الحديث عن النوم لا يُشك أنَّه تقديمه هو الأصل، لماذا؟ لأنَّ الضمائر الموجودة في غير النوم تستدعي الكلام على النوم أولًا، لكنَّ النوم لمَّا كان يحتاج إلى شيء.. مزيد من التفصيل أخره.
يقول: والسُّكر الذي ينقض الوضوء هو الذي لا يبقى معه الشعور دون أوائل النشوة، وحينما يتكلمون بهذا الحديث بهذا الكلام عن مبادئ السُّكر لا يعني أنَّهم يهونون من شأن السُّكر، بل السُّكر وشرب الخمر -نسأل الله السلامة- والعافية من كبائر الذنوب وأم الخبائث، وفيها الحد، ومن شربها في الدنيا حُرِمَ منها في الأخرة. لكن حينما يقول: السُّكر الذي ينقض الوضوء هو الذي لا يبقى معه الشعور دون أوائل النشوة كما جاء في قول الله: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء:43]، فلا يعني هذا أنَّهم يخففون ويهونون من شأن السُّكر، بل شأنه عظيم، وجاءت النصوص الشديدة في شأنه «لا يقبل الله صلاة من في جوفه خمر»، نسأل الله العافية، لكنهم يتحدثون عنه باعتباره ناقضًا من نواقض الوضوء.
يقول: والثاني: النوم، وإنَّما تحصل حقيقته إذا استرخى البدن، وزال الاستشعار، وخفي عليه كلام من يتكلم عنده، وليس في معناه النعاس، وحديث النفس، وهو من نواقض الوضوء في الجملة.
والثاني: النوم، وإنَّما تحصل حقيقته إذا استرخى البدن، وزال الاستشعار، وخفي عليه كلام من يتكلم عنده؛ لأنَّ بعضهم يجعل هذا ضابطًا، إذا كان لا يدري ما يدور حوله فهو ناقض، وإذا كان يدري، يسمع الكلام وهناك نعاس فإنَّه حينئذٍ لا يضر، وليس في معناه النعاس، وحديث النفس، وهو من نواقض الوضوء في الجملة، كيف يقولون: في الجملة؟ ما يقولون: بالجملة؟ هذه يستعملها الفقهاء يفرقون بين قولهم: في الجملة، وبين قولهم: بالجملة.
المُقَدِّم: نعم، ذكرنا هذا إذا كان في الجملة أي هناك صور تخرج عن القاعدة.
نعم.
المُقَدِّم: وبالجملة، لا.
جميع الصور لا تخرج إذا قالوا بالجملة، إذا قالوا في الجملة أنَّ هناك صورًا تخرج عما قُرر، على كل حال أطال صاحب فتح العزيز في تفصيل ذهب قريبٌ منه في كلام صاحب المُغني فنكتفي به.
في بداية المجتهد رتب ما قاله أهل العلم في هذه المسألة، وربط كل قول بعلته ودليله في كلام جيد، في بداية المجتهد يقول: اختلف العلماء في النوم على ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ: فَقَوْمٌ رَأَوْا أَنَّهُ حَدَثٌ، فَأَوْجَبُوا مِنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْوُضُوءَ. يعني كالأحداث المعروفة كالبول وغيره، أوجبوا الوضوء من قليله وكثيره.
وَقَوْمٌ رَأَوْا أَنَّهُ لَيْسَ بِحَدَثٍ فَلَمْ يُوجِبُوا مِنْهُ الْوُضُوءَ إِلَّا إِذَا تُيُقِّنَ بِالْحَدَثِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ الشَّكَّ؛ لأنَّه على طهارة بيقين، فلا يرتفع ترتفع هذه الطهارة...
المُقَدِّم: إلا بيقين.
بمجرد
المُقَدِّم: الشك.
الشك، والنوم ليس بحدث، وإنَّما هو مظنة للحدث، وَإِذَا شَكَّ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَعْتَبِرُ الشَّكَّ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَ السَّلَفِ كَانَ يُوكِلُ بِنَفْسِهِ إِذَا نَامَ مَنْ يَتَفَقَّدُ حَالَهُ (أَعْنِي: هَلْ يَكُونُ مِنْهُ حَدَثٌ أَمْ لَا؟).
يقول: حَتَّى إِنَّ بَعْضَ السَّلَفِ كَانَ يُوكِلُ بِنَفْسِهِ إِذَا نَامَ مَنْ يَتَفَقَّدُ حَالَهُ، يجعل أحدًا بجواره أو بقربه إذا سمع صوتًا، أو شم شيئًا قال له: إنَّك أحدثت وإلا فالأصل أنَّه ليس بحدث، هذا عند من يقول إنَّه ليس بحدث فلم يوجبوا منه الوضوء لذاته.
وَقَوْمٌ فَرَّقُوا بَيْنَ النَّوْمِ الْقَلِيلِ الْخَفِيفِ وَالْكَثِيرِ الْمُسْتَثْقِلِ، فَأَوْجَبُوا فِي الْكَثِيرِ الْمُسْتَثْقِلِ الْوُضُوءَ دُونَ الْقَلِيلِ، وَعَلَى هَذَا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَالْجُمْهُورُ.
يعني وبه تجتمع الأدلة، منهم من رأى أنَّه حدث بإطلاق، ومنهم من رأى أنَّه ليس بحدث بإطلاق، لكنه مظنة للحدث، ومنهم من فرَّق بين النوم القليل الخفيف، والكثير المستثقل، فأوجبوا في الكثير المستثقل الوضوء دون القليل، وعلى هذا فقهاء الأمصار والجمهور.
ولما كانت بعض الهيئات يعرض فيها الاستثقال من النوم أكثر من بعض، بعض الهيئات بالنسبة للنائم، يعرض فيها الاستثقال من النوم أكثر من بعض، لا شك أنَّ الإنسان إذا اضطجع النوم عنده أثقل مما لو نام وهو جالس، أو على هيئة غير الاضطجاع، وكذلك خروج الحدث، يعني يعرض فيها الاستثقال من النوم أكثر من بعض وكذلك خروج الحدث، يعني خروج الحدث فيها أسهل وأيسر من بعض هيئات النوم، يعني هل المضطجع مثل الجالس في سهولة خروج الحدث؟ أيهما أسهل؟
المُقَدِّم: المضطجع.
وهل المضطجع مثل الساجد؟
المُقَدِّم: الساجد أسهل.
أسهل وإن كان بعض العلماء يرى أنَّ من نام على هيئة من هيئات الصلاة أنَّه لا ينتقض الوضوء على ما تقدم في كلام صاحب المُغني وما تقدمه، وكذلك اختلف الفقهاء في ذلك، فقال الإمام مالك: من نام مضطجعًا أو ساجدًا فعليه الوضوء، طويلًا كان النوم أو قصيرًا. وهذا لاحظ سهولة خروج الحدث، مع الاستثقال في حال الاضطجاع.
ومن نام جالسًا فلا وضوء عليه إلا أن يطول ذلك به.
واختلف القول في مذهبه في الراكع، فمرة قال: حكمه حكم النائم، ومرة قال: حكمه حكم الساجد. مرة قال: حكمه حكم القائم، ومرة قال: حكمه حكم الساجد، وأيهما أقرب؟ هو يُشبه الساجد من جهة، ويُشبه القائم من جهة، القائم لا ينقض الوضوء نومه، لماذا؟ لأنَّه لا يُمكن أن يستثقل، لماذا؟ لأنَّه لو استثقل...
المُقَدِّم: سقط.
سقط، الآن الراكع يُشبه القائم من وجه.
المُقَدِّم: في منتصفه السفلي.
نعم، لا هو يشبه هو أقرب للسقوط من القائم لو استثقل الراكع، هو أقرب إلى السقوط من الراكع، يعني أقرب ما يكون إلى هذا اللاقط يعني، لو زدت هذا اللاقط قليلًا وثقل..
المُقَدِّم: سقط.
رأسه سقط مثل الراكع، ويشبه الساجد من وجه، وهو سهولة خروج الحدث منه، ومع ذلك هو إلى القائم أقرب؛ لأنَّه مظنة السقوط، وسقوطه أقرب من سقوط القائم.
وأما الشافعي فقال: على كل نائم كيفما نام الوضوء إلا من نام جالسًا، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا وضوء إلا على من نام مضطجعًا.
يجيء لك بأصل الخلاف ومنشأ الخلاف، وهذه عادته في بداية المجتهد، أعني ابن رشد الحفيد، وهو كتاب جيد ونفيس وترتيبه بديع، وإن كان بعض من ترجم لابن رشد شكك في نسبته إليه، وقال: إنَّه وقف على كتاب لأحد المشارقة فزاد فيه ونقص شيئًا يسيرًا، وقدم وأخر ونسبه إلى نفسه، وإلا فالكتاب بديع في ترتيبه، هناك أقوال ينسبها إلى العلماء وهي شاذة، شأن من ينقل المذاهب من غير أهلها، وهذه ينبغي أن يتنبه لها طالب العلم، فيه أقوال شاذة تُنسب إلى..
المُقَدِّم: مذهبه.
غير المالكية، هو مالكي، إذا نسب إلى أبي حنيفة تجد مثلًا ينسب إلى المذهب، لكن هذا قليل نادر، ليس عامًّا في الكتاب، لكنه موجود، ينسب إلى مذهب الحنابلة مثلًا رواية غير المذهب وغير المشهورة في المذهب، وغير المعتمد عليها في المذهب، فتجد هذا القول شاذًّا، وأحيانًا يذهل في نقل المذاهب، لكنه قليل بالنسبة إلى ما في الكتاب من المسائل، وهذا شأن من ينقل المذاهب من غير أهلها؛ ولذا الذي يوصى به طالب العلم أنَّه إذا أراد أن ينقل قولًا لإمام أن يعتمد على كتب الإمام نفسه أو كتب أقرب أصحابه إليه، يعني ينقل من كتب المذهب.
أصل اختلافهم في هذه المسألة اختلاف الآثار الواردة في ذلك، وذلك أنَّ هاهنا أحاديث يوجب ظاهرها أنَّه ليس في النوم وضوء أصلًا، كحديث ابن عباس، حديث ابن عباس فيه أنَّ النبي- عليه الصلاة والسلام- نام حتى نفخ ثم صلى، حديث الباب المشروح.
المُقَدِّم: نعم.
كحديث ابن عباس، وذكر حديث الباب وحديث أنس وغيرهما، وغير هذين الحديثين، يعني الصحابة ينتظرون صلاة العشاء كما في حديث أنس حتى تخفق رؤوسهم، وفي رواية «يوقظون»، وفي رواية «لهم خطيط ثم يقومون يصلون ولا يتوضؤون»، هذه معوّل من قال: إنَّ النوم لا يوجب الوضوء أصلًا، وهاهنا أحاديث يوجب ظاهرها أنَّ النوم حدث، أنَّ النوم حدث بذاته، وأبينها حديث صفوان ابن عسال وتقدم هذا، «ولكن من غائط، أو نوم، أو بول»، وظاهر آية الوضوء { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة:6] يعني من النوم كما قال بعضهم، فلمَّا تعارضت ظواهر هذه الآثار، يعني الموجبة للوضوء مطلقًا، والتي لا توجبه مطلقًا مما أشار إليه آنفًا لمَّا تعارضت هذه الظواهر وهذه الآثار ذهب العلماء فيها مذهبين، مذهب الترجيح، ومذهب الجمع، انظر الآن سلك مسلكًا آخر لتقرير الخلاف، هو فصَّل قال: فيه ثلاثة أقوال، منهم من يراه ناقضًا مطلقًا، ومنهم من لا يراه ناقضًا مطلقًا، ومنهم من يفصِّل، وذكر أصل ومنشأ الخلاف تعارض الأدلة، فمنها حديث الباب هذا دليل على أنَّه ليس بناقض، حديث أنس في نوم الصحابة ينتظرون صلاة العشاء يدل على أنَّه ليس بناقض، لكن حديث صفوان بن عسال يدل على أنَّه ناقض مطلقًا.
يقول: فلمَّا تعارضت ظواهر هذه الآثار ذهب العلماء فيها مذهبين، مذهب الترجيح يعني بين هذه الأدلة، ففيها راجح ومرجوح، من رجح حديث ابن عباس وحديث أنس قال: ليس بناقض مطلقًا، من رجح حديث صفوان قال: ناقض مطلقًا، هذا مذهب الترجيح، وهما المذهبان المتقابلان من الثلاثة، ومن ذهب مذهب الجمع هو الذي فصَّل، فمن ذهب مذهب الترجيح إمَّا أسقط وجوب الوضوء من النوم أصلًا على ظاهر الأحاديث التي تُسقطه، وإمَّا أوجبه من قليله وكثيره على ظاهر الأحاديث التي توجبه، على حسب ما ترجح عنده من الأحاديث، ولمَّا نظر في الأحاديث وجد مثلًا حديث ابن عباس حديث الباب، وحديث أنس أرجح من حديث صفوان، هذا من رأى مذهب الترجيح، منهم من رجح حديث صفوان على هذين الحديثين، وحمل هذه الأحاديث على محامل. على كل حال مذهب الترجيح يقتضي القولين المتضادين، هذا مذهب الترجيح.
ومن ذهب مذهب الجمع حمل الأحاديث الموجبة للوضوء منه على الكثير، والمسقطة على القليل، والجمع أولى من الترجيح ما أمكن الجمع عند أكثر الأصوليين، هذا الأصل أنَّ الجمع إذا أمكن لا يُصار إلى الترجيح، لماذا؟ لأنَّ الجمع فيه عمل بالنصوص كلها، والترجيح فيه عمل ببعضها، وإهدار لبعضها، هذا ظاهر، وعليه عامة أهل العلم أنَّ الجمع إذا أمكن أولى من الترجيح، ويُنظر مثل هذا الكلام وأكثر منه في الاستذكار لابن عبد البر، يعني ابن عبد البر ذكر حوالي خمس صفحات محررة متقنة من الاستذكار في الطبعة الأولى في الجزء الأول من مائة وتسع وسبعين إلى مائة وثلاث وثمانين، في كلام نفيس، وفيه تقرير لكلام السلف.
وينظر أيضًا مسألة الإغماء، والجنون، والفرق بينهما في الاستذكار أيضًا في الجزء الأول صفحة أربع وتسعين إلى ست وتسعين، وأنَّ المغمى عليه أشبه بالمجنون من النائم، المغمى عليه أشبه بالمجنون من النائم لأمرين، الأول: أنَّ النوم لذة، والإغماء مرض، فهو بحال المجنون أشبه، النوم لذة والإغماء مرض فهو بحال المجنون أشبه، أيضًا الإغماء ليس باختياره، كالجنون بخلاف النوم، قد يكون النوم لا عن اختيار إذا تعب تعبًا شديدًا ينام من غير اختيار، وقد يكون الإغماء بالاختيار كما إذا..
المُقَدِّم: حقن بالبنج وغيره.
نعم، إذا أخذ مخدرًا من بنج ونحوه، والآخر: أنَّ المغمى عليه لا ينتبه بالإنباه بخلاف النائم، يقول: والمسألة ليس فيها حديث مسند، يريد بذلك قضاء ما فات حال الإغماء، هذه في غاية الأهمية بالنسبة للإغماء يحتاج إليها في حالة فقدان العقل بسبب البنج ونحوه، وفي حالة ما إذا دخل الإنسان في غيبوبة فهل يقضي ما فاته من صلوات أو لا يقضي؟ وعمار فيما نقله ابن عبد البر وغيره قضى، ومنهم من قال: لا يقضي إذا زاد الإغماء على خمس صلوات، ومنهم من قال: يقضي إذا لم يصل الإغماء إلى حد ثلاثة أيام، فجعلوا ما دون الثلاثة أيام له حكم النوم، يجب فيه القضاء، وجعلوا ما فوق الثلاثة، ما فوق في حكم من سُلب العقل كالمجنون، أقول: هذه مسألة عملية يُحتاج إليها، وكثير ما يُسأل عنها يقضي أو لا يقضي؟ وهذا يأتي الكلام فيه في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى.
هذا الحديث خرجه الإمام البخاري في تسعة عشر موضعًا، خرجه البخاري في تسعة عشر موضعًا، وتقدم ذكرها تفصيلًا عند شرح الحديث بتمامه في كتاب العلم برقم سبعة وتسعين، ومن المختصر، وسبعة عشر ومائة من الأصل حديث ابن عباس في نومه عند خالته ميمونة، تقدم باستفاضة، وأطلنا الكلام فيه في شرحه في كتاب العلم في باب السمر.
المُقَدِّم: نعم، السمر.
نعم، السمر، المقصود أنَّ المواضع التسعة عشر ذكرناها في ذلك الموضع عند شرحه بتمامه في كتاب العلم، وذكرنا أنَّ هذه القطعة من هذا الحديث في باب التخفيف في الوضوء، وهذه القطعة فيها «نام حتى نفخ ثم صلى» هل فيها وضوء؟
المُقَدِّم: لا.
لا، لكنها إشارة إلى طريق من طرق الحديث، ثم فصَّل المؤلف- رحمه الله- في نفس الباب، قال: ثم حدثنا به سفيان مرة بعد مرة عن عمرو عن كريب عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة ليلة «فقام النبي- صلى الله عليه وسلم- من الليل فلمَّا كان في بعض الليل قام النبي- صلى الله عليه وسلم- فتوضأ من شن معلق وضوءًا خفيفًا»، وهذا هو الشاهد من الحديث للترجمة.
المُقَدِّم: صحيح.
نعم،« فتوضأ وضوءًا خفيفًا»، والترجمة باب التخفيف في الوضوء، الآن بانت المناسبة من ذكر الطريق المطولة، ولو اقتصر المؤلف على الطريق المختصرة ما في مناسبة بين...
المُقَدِّم: الترجمة و..
الترجمة والحديث إلا من باب أنَّ الإمام- رحمه الله- قد يأتي بلفظ ليس فيه مناسبة إلا في بعض الطرق الأخرى؛ ليحفز همة القارئ والمتفقه من كتابه أن يراجع جميع الطرق، لكن المُختصِر اقتصر على هذا الحديث، على هذه القطعة والمحقق ترجم على هذه القطعة بقوله..
المُقَدِّم: باب التخفيف في الوضوء.
باب التخفيف في الوضوء.
المُقَدِّم: وهذا خطأ.
من ينظر.
المُقَدِّم: ما فيه علاقة.
ما فيه علاقة أبدًا، لا سيما من يعاني المختصرات ويقرأ في مثل هذا الذي يعاني المختصرات هل يذهب لمراجعة الطرق؟
المُقَدِّم: لا.
ما يُمكن، فالترجمة في إيراد هذا الحديث تحت هذه الترجمة ولا رابط لها ولا علاقة ولا مناسبة لا شك أنَّ فيه ما فيه.
المُقَدِّم: أحسن الله إليكم، ونفع بعلمكم.
لعلنا نكتفي بهذا على أن نستكمل بإذن الله تعالى، أو نبدأ في حديث آخر في حلقة قادمة، أيُّها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإيَّاكم إلى ختام حلقتنا في شرح كتاب" التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح"، لتذكير الإخوة ودعوتهم للمتابعة معنا بإذن الله في هذا الكتاب في الحلقة القادمة سيكون معنا الحديث مائة وأربعة عشر بحسب المختصر، مائة وتسعة وثلاثين بحسب الأصل، تابعونا لنكتمل وإيَّاكم بالفائدة بإذن الله تعالى، شكرًا لطيب متابعتكم، لقاؤنا بكم في حلقة قادمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.