التعليق على الموافقات (1436) - 02
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعم.
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: المسألة الخامسة: الاجتهاد إن تعلق بالاستنباط من النصوص، فلا بد من اشتراط العلم بالعربية، وإن تعلق بالمعاني من المصالح والمفاسد مجردةً عن اقتضاء النصوص لها أو مُسلَّمة من صاحب الاجتهاد في النصوص، فلا يلزم في ذلك العلم بالعربية، وإنما يلزم العلم بمقاصد الشرع من الشريعة جملةً وتفصيلاً خاصة".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد، فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "الاجتهاد إن تعلق بالاستنباط من النصوص" يعني ما سنده وعمدته النص من الكتاب والسنة، فلا بد للمجتهد أن يكون عالمًا بالعربية؛ لأن القرآن عربي ونزل بلسان عربي مبين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- عربي، فلا يُفهم كلام الله ولا كلام رسوله -عليه الصلاة والسلام- إلا من خلال العلم بالعربية. والجاهل بالعربية إن تطاول على الكتاب والسنة وحاول فهمهما، فإنه لا يستطيع ذلك؛ لأن فيه من الاصطلاحات ما قد يخفى عليه، وهذا معلوم، ونسمع ممن جهل العربية في المجالس -ولو عرف العلوم الأخرى، ولو كان طبيبًا أو مهندسًا، ولو حاز أعلى الشهادات- يأتي بالغرائب إذا تكلم بالكتاب والسنة، فيخونه واقعه حينما يتطاول على النصوص من غير معرفة بالعربية. ولذلك يشترطون في المجتهد أن يكون عارفًا بلغة العرب، ولا تكفي معرفته بالنحو والصرف على ما يشتغل به كثير من طلاب العلم حتى يعرف فنون العربية الأخرى؛ لأنها كلها مما يُحتاج إليها في فهم النصوص.
وعلى كل حال إذا قال: إن تعلق باللفظ، بالنص فلا بد من معرفة العربية، وإذا كان الموضوع الذي يُراد الاجتهاد فيه لا يتعلق بالنص، وإنما يتعلق بفهم مقصد من مقاصد الشريعة، فيكفي أن يعرف هذا المقصد. ولذلكم تجدون في بعض الأحوال وفي بعض الأحيان يستعين الفقهاء أهل العلم الشرعي وأهل الاجتهاد بأهل الخبرات من الفنون الأخرى، ولو لم يعرفوا من العربية شيئًا، يُحتاج أحيانًا في الاجتهاد في مسألة ما إلى طبيب، وقد يُحتاج إلى مهندس، ويعيب بعضهم من تعيين عوامِّ في هيئات النظر في المحاكم يعينون القضاة في بيان الأحكام، ويعتمد عليهم القضاة، وهم عوام، لكنهم لديهم خبرة فيما يُسند إليهم، هؤلاء يُعتبر قولهم، يستفيد الفقيه والقاضي الحاكم عند الحاجة إلى شيخ المعارض في معرفة عيوب هذه السيارة أو في شيخ أي مهنة شيخ الصاغة شيخ كذا يعين لهم عريفًا ورئيسًا يكون خبيرًا بهذه الصنعة، وقد يكل الأمر إلى غيره من الخبراء في هذه الصنعة، لكن قد يقال: وماذا دخل هؤلاء في الحكم الشرعي؟ دخلهم الخبرة والفهم في هذا الباب؛ لأن المسألة لا تتعلق بنص، تتعلق بإصدار حكم ملائم ومناسب لهذه القضية، وهم من أهل الخبرة. ولذلك يقول: "وإذا تعلق بالمعاني من المصالح والمفاسد مجردة عن اقتضاء النصوص لها أو مسلمة من صاحب الاجتهاد في النصوص، فلا يلزم في ذلك العلم بالعربية"، ما تقول: واللهِ هات لي هيئة النظر في المحاكم علماء بالعربية وعلماء ببقية العلوم، ما يلزم، لكن يكفي أن لديهم من الخبرة ما يعينهم على تحقيق الهدف والمصلحة الشرعية.
طالب: .......
المقصد أعم مما يقصد في علم المقاصد الذي تعرفه أنت، الهدف، الهدف الذي أمامك، أمامك سيارة مصدومة كيف تقوِّمها؟ تجيء لي بفقيه يقومها لك أم تجيء من المعارض بشخص وهو عامي ما يفهم شيئًا؟
طالب: .......
نعم.
طالب: .......
مقصد الشرع من هذه المسألة في هذه السيارة صدمت، ما مقصد الشرع؟ أن يكون التقييم مناسبًا لهذا الحادث. تقول لي: واللهِ أجيء بثلاثة يقومونها بكم تصلح السيارة؟ تصلح بثلاثة آلاف، لكن العارف بالمقاصد يقول: الأرش عشرة آلاف وإن صلحت بثلاثة آلاف.
طالب: مثل القيافة يا شيخ؟
ماذا؟
طالب: مثل القيافة؟
مثل القيافة ومثل أبواب أخرى من أبواب أمور الدنيا.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
في بابه، مجتهد في بابه. نعم. أحيانًا يؤتى بطبيب ينظر هذا الجرح مقدار أثره في المريض. مهندس ينظر هذا البيت، وما مدى صلاحية عماره وإتقانه.
طالب: أحسن الله إليك. هل يمكن أن يكون مجتهدًا من لا يعرف العربية؟
ماذا؟
طالب: هل يمكن أن يكون مجتهدًا من لا يعرف العربية؟
ما فيه اجتهاد في الشرع إلا من خلال النصوص، وإذا اشترطنا النصوص فلا بد من العربية، نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
يعني المسألة مسألة اجتهاد جزئي ما هو باجتهاد كلي الذي يذكره هنا.
طالب: "والدليل على عدم الاشتراط في علم العربية: أن علم العربية إنما يفيد مقتضيات الألفاظ بحسب ما يُفهَم من الألفاظ الشرعية، وألفاظ الشارع المؤدية لمقتضياتها عربية، فلا يمكن من ليس بعربي أن يفهم لسان العرب، كما لا يمكن التفاهم فيما بين العربي والبربري أو الرومي أو العبراني حتى يعرف كل واحد مقتضى لسان صاحبه. وأما المعاني مجردةً فالعقلاء".
واشتراط العربية أعم من أن يكون أعجميًّا، قد يكون عربيًّا يتكلم بالعربية، لكنه لا يحسن العربية التي تُفهم بها النصوص، يكون عاميًّا، ولو كان متعلمًا، لكنه لم يدرس العربية ولم يهتم بها، فهو في هذا الباب يكون عاميًّا. وعلم العربية في غاية الأهمية لمن أراد الاجتهاد، لمن أراد فهم الكتاب والسنة.
طالب: "وأما المعاني مجردةً فالعقلاء مشتركون في فهمها، فلا يختص بذلك لسان دون غيره، فإذًا من فهم مقاصد الشرع من وضع الأحكام، وبلغ فيها رتبة العلم بها، ولو كان فهمه لها من".
من أهم ما يُعنى به طالب العلم التفريق بين الحقائق، هناك حقائق شرعية وحقائق لغوية وحقائق عرفية، حقائق شرعية هذه مهمة جدًّا لمن أراد أن يتعانى استنباط الأحكام من النصوص، ويخطئ كثير من الطلاب والباحثين حينما يمر عليهم اصطلاح في فن من الفنون ثم يذهب إلى كتاب من كتب العربية أو حتى من كتب غريب القرآن أو غريب الحديث، ويمسك أول معنى يقع بين يديه من غير نظر إلى السياق؛ لأنه قد يكون للفظ أكثر من معنى، فيذكر في لسان العرب أحيانًا عشرة معانٍ أو خمسة عشر معنى أو عشرين، فيأتي فيخطف أدنى معنى، ثم يضعه تفسيرًا لهذا الكلام، وهو ما عرف ما يدل عليه السياق، ما انتقى من الألفاظ ما يدل عليه السياق.
ولذا يحذر العلماء من تفسير القرآن بالرأي أو حتى من خلال كتب العربية إذا لم يكن من أهلها، ولم يكن له خبرة ومعرفة في النصوص وسياق ودلالة القرآن على ما يراد.
الإمام أحمد يحذر جدًّا من أن يفسَّر الحديث، ويقول أهل العلم إن غريب الحديث جدير بالتوقي، حري بالاحتياط، والأصمعي وهو الأصمعي في معرفة لغة العرب قالوا: إنه يحفظ ستة عشر ألف قصيدة، بعض القصائد تصل إلى مائتي بيت، قيل له: ما السَّقَب في حديث: «الجار أحق بسقبه»؟ لو قيل لواحد منا فلن يتردد في تفسيره، ولو لم يكن عنده سابق علم. قال: أنا لا أفسر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن العرب تزعم أن السَّقَف اللصيق، يعني الجار الملاصق.
وتجدهم تدار بعض الآيات في المجالس أو بعض الأحاديث ويتطاول عليها آحاد المتعلمين أو حتى من بعض العامة، وجاء مما جاء في التفسير بالرأي من الوعيد الشديد، وكذلك الجزم بأن هذا مراد النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذه الكلمة أو بهذه الجملة. كون الإنسان يهجم ويفسر برأيه أو يفسر القرآن أو الحديث برأيه، هذا على خطر عظيم وزلة قدم، وجاء الوعيد الشديد في ذلك. لكن ماذا يصنع طلاب العلم إذا سئل عن آية وهم في مجلس؟ يعني لو أتوا بالترجي: لعل المراد كذا، أو لعل المراد كذا، إذا كان ما بين يديهم مراجع، فإذا أتوا به لا على سبيل الجزم، وإنما على سبيل الترجي: لعل المراد كذا، ولعل المراد كذا أو كذا، يخرجون من العهدة.
واستدلوا على ذلك بحديث السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، قال الصحابة: لعلهم كذا، لعلهم كذا، لعلهم كذا، خرج النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يثرب عليهم، قال: «هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون...» إلى آخر الحديث: «وعلى ربهم يتوكلون»، وما ثرَّب عليهم؛ لأنهم ما جزموا بأن هذا مراده -عليه الصلاة والسلام-، لعلهم كذا لعلهم كذا. فيحتاط الإنسان لنفسه. بعض الناس أو بعض العلماء قد لا يكون لديه نص في تفسير هذه الآية أو معنى هذا الحديث، لكنه من خلال اطلاعه الواسع على كتب التفسير وكتب شروح الحديث، تكوَّنت لديه أهلية يأوي إليها ويرجع إليها ويكون عنده خلفية على ما يقول الناس فيستطيع أن يساهم. ولذلكم قد تجدون لبعض العلماء الكبار كلامًا في التفسير لم يُسبقوا إليه، هل نقول: إن هذا من التفسير بالرأي، أو أن هذه حصيلة علوم كثيرة اجتمعت لديهم فتمخضت عن مثل هذا الاجتهاد؟ فرق بين من لا يعرف شيئًا وعن، ويوجد الآن ممن يتطاول على الدين والشرع من الكتبة وممن يتصدرون في وسائل الإعلام، لو سألته عن أركان الوضوء أو عن كيفية الغسل الكامل أو المجزئ، ما أعطاك جوابًا، لكنه مستعد أن يساهم ويدلي برأيه في أي حديث أو في أي آية! هذا الذي عليه الوعيد- نسأل الله العافية- نعم.
طالب: "فإذًا من فهم مقاصد الشرع من وضع الأحكام وبلغ فيها رتبة العلم بها، ولو كان فهمه لها من طريق الترجمة باللسان الأعجمي، فلا فرق بينه وبين من فهمها".
نعم. هناك مفسرون، وهناك شراح للأحاديث من غير العرب، لكن الواقع يشهد بأن كثيرًا ممن تصدى لذلك ممن اعتنى بالعربية وألَّف فيها قبل أن يؤلف في التفسير، وأكثر المؤلفات في علوم العربية إنما هي من الأعاجم، والكتاب الذي هو العمدة في الباب كتاب سيبويه، سيبويه أعجمي، لكن العبرة بماذا؟ الكلام ينصب على غير هؤلاء الذين ما زالوا على عجمتهم، فيترجم لهم الكلام العربي، فيدلون برأيهم أو يقولون كلامًا ثم يُترجم كلامهم. المقصود أن من الأعاجم من برز في التفسير، وإن كان ابن الجوزي يرى أن تفسير الأعاجم ينبغي أن لا يُعول عليه بمفرده في مقدمة زاد المسير، ولكن الواقع يشهد بأنهم أدلوا وساهموا مساهمات قوية في هذا الباب وفي شروح الأحاديث كثيرًا، فضلاً عن العلوم الأخرى من الفقه وغيره.
طالب: "فلا فرق بينه وبين من فهمها من طريق اللسان العربي، ولذلك يوقع المجتهدون الأحكام الشرعية على الوقائع القولية التي ليست بعربية، ويعتبرون المعاني ولا يتعبرون الألفاظ في كثير من النوازل".
يعني من باب الاستطراد والفائدة: في شرح الفقه الأكبر للملا علي القاري والفقه الأكبر لأبي حنيفة، يقول: يجوز ترجمة جميع الصفات، صفات الله -جل وعلا-، إلى الأعجمية إلا صفة اليد.
طالب: نعم.
كل الصفات يجوز ترجمتها إلا صفة اليد، لماذا؟
طالب: لأن اليد عنده غير اليد .......
لا، هي اليد لكن بالترجمة، هذه مفترضة في شخص على منهج أهل السنة والجماعة أعجمي يترجم هذه الصفات.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: إشارة إلى .......
ماذا؟
طالب: .......
لا لا لا، هو على مذهب أهل السنة والجماعة، هو يترجم لفظ يد ويضيفها إلى الله.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
طيب غيره، يترجم العين، يترجم الأذن، يترجم كل شيء.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
لا لا لا، ما هو لهذا، ما هو لهذا، ترجمة يد (دُسْت)، بالأعجمية: (دُسْت)، ولفظ الجلالة ترجمته: (خُدَاي)، فيقول: (دُسْت خُدَاي)، أعوذ بالله! الدوس عندنا في العربية معناه غير هذا، فلئلا يشتبه هذا بهذا منعوا ترجمة اليد.
طالب: فارسية.
ماذا؟
طالب: ....... فارسية.
ماذا؟
طالب: فارسية.
فارسية، الأعجمية الأصلية.
طالب: لكن يا شيخ ترجمة صفات الرب -جل وعلا- تجوز؟
ما فيها شيء، هذا أعجمي ما يفهم، ماذا تقول له؟ صارت ترجمة معاني القرآن وهي يرد فيها صفات، ويرد فيها أسماء، ويرد فيها أشياء، تريد أن تترجمها، ما غيرها.
طالب: لو قال ما المقصود باليد؟
ماذا؟
طالب: لو قال ما المقصود بيد الله؟
أنت تجيء له على مذهب أهل السنة والجماعة يوجد عنده مترجم ثقة، يشترط في المترجم الثقة أن يوصل كلامك له.
طالب: أحسن الله إليك. "وأيضًا فإن الاجتهاد القياسيِّ غير محتاج فيه إلى".
"القياسيَّ".
طالب: أحسن الله إليك. "وأيضًا فإن الاجتهاد القياسيَّ غير محتاج فيه إلى مقتضيات الألفاظ إلا فيما يتعلق بالمقيس عليه وهو الأصل".
والأصل لا بد أن يعتمد على دليل، الأصل المقيس عليه لا بد فيه من دليل، وهذا ما يحتاج إلى الأصل إلى دليل الأصل، الأصل مستقر عنده ومسلم بالأصل المقيس عليه، فيحتاج إلى معرفة كيف يقيس، أما دليل الأصل الذي يحتاج إلى معرفة العربية فإنه لا يحتاج إليها.
طالب: "وقد يؤخذ مُسلَّمًا أو بالعلة المنصوص عليها أو التي أُومِئ إليها، ويؤخذ ذلك مسلمًا".
يعني خلافًا للعلل المستنبطة.
طالب: "ويؤخذ ذلك مسلمًا، وما سواه فراجع إلى النظر العقلي. وإلى هذا النوع يرجع الاجتهاد المنسوب إلى أصحاب الأئمة المجتهدين".
وهم المسمون بمجتهدي المذاهب، ليس المقصود المجتهد المطلق، لا، في داخل المذاهب يوجد مجتهدون.
طالب: "كابن القاسم وأشهب في مذهب مالك، وأبي يوسف ومحمد بن الحسن في مذهب أبي حنيفة، والمزني والبويطي في مذهب الشافعي، فإنهم على ما حُكي عنهم يأخذون أصول إمامهم".
والقاضي أبي يعلى وابن عقيل ونظرائهم في مذهب الحنابلة، هؤلاء مجتهدون في المذهب، ويكثر السؤال عن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- هل هو مجتهد مذهب، أو هو مجتهد مطلق؟ هو لا شك أنه تخرج على أصول أحمد في بداية أمره وتفقه، ثم بعد ذلك عُد من المجتهدين الاجتهاد المطلق.
طالب: "فإنهم على ما حكي عنهم يأخذون أصول إمامهم وما بنى عليه في فهم ألفاظ الشريعة، ويفرِّعون المسائل، ويصدرون الفتاوى على مقتضى ذلك. وقد قبل الناس أنظارهم وفتاويهم، وعملوا على مقتضاها، خالفت مذهب إمامهم أو وافقته".
وكثيرًا ما ينقل في كتب الخلاف رأي الحنفية: أن هذا رأي الإمام، وهذا رأي صاحبيه، قد يخالفونه، لكن باعتبارهم أنهم تخرجوا على أصوله وقواعده يُنسبون إليه. وقد يكون الراجح في المذهب قول الصاحبين، ما هو قول الإمام، كما هو مقرر عندهم.
طالب: "وإنما كان كذلك؛ لأنهم فهموا مقاصد الشرع في وضع الأحكام، ولولا ذلك لم يحل لهم الإقدام على الاجتهاد".
وهذا واضح من تصرف أبي يوسف ومحمد في مذهب الحنفية فشيخهم أبو حنيفة، وأيضًا من مختصر المزني والبويطي ما ينسب إلى مذهب الشافعية الشيء الكثير، وإن كان في الغالب أن المختصرينِ مأخوذان من علم الشافعي -رحمه الله-، عندك المدونة، وهي منسوبة للإمام مالك، أكثرها من اختيارات أشهب وابن القاسم، جلها من اختيارات أشهب وابن القاسم.
طالب: "ولولا ذلك لم يحل لهم الإقدام على الاجتهاد والفتوى، ولا حل لمن في زمانهم أو من بعدهم من العلماء أن يُقرَّهم على ذلك، ولا يسكت عن الإنكار عليهم على الخصوص، فلما لم يكن شيء من ذلك، دل على أن ما أقدموا عليه من ذلك كانوا خُلَقاءَ بالإقدام فيه".
"خُلَقاءَ" يعني جديرون بذلك وأهل لذلك.
طالب: "فالاجتهاد منهم وممن كان مثلهم وبلغ في فهمهم مقاصد الشريعة".
"فَهْمِ"، "في فَهْمِ".
طالب: "وبلغ في فَهْمِ مقاصد الشريعة مبالغهم صحيح، لا إشكال فيه، هذا على فرض أنهم لم يبلغوا في كلام العرب مبلغ المجتهدين، فأما إذا بلغوا تلك الرتبة فلا إشكال أيضًا في صحة اجتهادهم على الإطلاق، والله أعلم.
المسألة السادسة: قد يتعلق الاجتهاد بتحقيق المناط، فلا يفتقر في ذلك إلى العلم بمقاصد الشارع".
تقدم الكلام في معنى تحقيق المناط، وفي تنقيح المناط، وفي تخريج المناط، كلها في باب الاجتهاد تقدمت، يعني فيما تقدم في المسألة الأولى.
طالب: ..........
ماذا؟
في صفحة اثنتي عشرة، وتسع عشرة وإحدى وعشرين، الثانية تبدأ من واحد وأربعين، كلها في الأولى، عندك صفحة اثنتي عشرة يقول: "فأما الأول فهو الاجتهاد المتعلق بتحقيق المناط". ثم قال في المنهاج: "تحقيق المناط هو تحقيق العلة المتفق عليها في الفرع، أي إقامة الدليل على وجودها"، والتنقيح قد يقترح أكثر من علة، ثم تستعرض هذه العلل فيقال: هذه لا تصلح أن تكون علة لكذا، وهذه لا تصلح، إلى أن يستقر الأمر على علة متفق عليها، وتخريج المناط هو التخريج على هذه العلل، كلها موجودة في هذا الجزء.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
نعم، اثنتي عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين. نعم.
طالب: قد يتعلق الاجتهاد بتحقيق المناط، فلا يفتقر في ذلك إلى العلم بمقاصد الشارع، كما أنه لا يُفتقر فيه إلى معرفة علم العربية؛ لأن المقصود من هذا الاجتهاد إنما هو العلم بالموضوع على ما هو عليه، وإنما يُفتقر فيه إلى العلم بما لا يَعرِف ذلك..
"."يُعرَف".
طالب: "بما لا يُعرَف ذلك الموضوع إلا به، من حيثِ".
"من حيثُ".
طالب: "من حيثُ قُصدت المعرفة به، فلا بد أن يكون المجتهد عارفًا ومجتهدًا من تلك الجهة التي يَنظر فيها ليتنزل الحكم الشرعي على وفق ذلك المقتضى، كالمحدِّث العارف بأحوال الأسانيد وطرقها، وصحيحها من سقيمها، وما يُحتج به من متونها مما لا يُحتج به، فهذا يعتبر اجتهاده فيما هو عارف به".
يعني الاجتهاد الجزئي، يعني شخص مجتهد في باب الفرائض، هل يلزم أن تكون لديه معرفة في الجنايات والأقضية؟ لا. مجتهد في مسائل الحج، يعني على القول بتجزؤ الاجتهاد. هذا مجتهد في علوم الحديث، ولديه معرفة تامة واهتمام كبير، بمعنى أنه ضبط القواعد وحفظها وطبَّقها وأكثر من الأمثلة حتى صارت لديه الأهلية؛ لتمييز الصحيح من الضعيف، تمييز المقبول من المردود، تمييز الثقة من الضعيف، وهذا يحصل بضبط القواعد وإدامة النظر في كلام أهل العلم وتطبيقهم والتخريج ودراسة الأسانيد بكثرة، ثم بعد ذلك تتكون لديه أهلية. هل نقول: لأنه ما يعرف العربية ما نأخذ بقوله.
ما يحتاج إلى هذا. وكثير ممن تصدى لهذا العلم وحفظ من الأحاديث ما حفظ وطبق ما طبق وخرَّج ما خرَّج، عنده ضعف بالعربية؛ لأن بعضهم ما انتبه إلا في الوقت الأخير، لكن ما يضيره ذلك؛ لأن علمه الذي تصدى له لا يحتاج إلى العربية.
أحيانًا في بعض المسائل - وهي نادرة جدًّا - قد يحتاج فيه إلى العربية، مثل هذه المسألة يعتنى فيها من حيث العربية، ويُعنى بها من حيث العربية. فمثلاً قول أبي حاتم الرازي في جبارة بن المغلس، قال: بين يَدَيْ عَدْل. الحافظ العراقي -رحمه الله- يقول: إنه يوثق جبارة بن المغلس ويقرأها: بين يَدَيَّ عَدْلٌ، يعني هو عدل فيما بين يديه، يعني في نقدي واجتهادي. ابن حجر لما نظر في ترجمة جبارة بن المغلس وجمهور الأئمة على تضعيفه، وتضعيف شديد ما هو بسهل، وأبو حاتم متشدد في التوثيق، يقول مستحيل أن يوثق هذا الرجل. فكيف انتبه ابن حجر لمثل هذا؟
هو صحيح مَن نظر في ترجمة جبارة يقول: يستحيل أن يوثِّقه أبو حاتم مع شدته، الأئمة ما قالوا إلا بصدوق، ما قال فيه أحد ثقة إلا النادر، أبو حاتم. المقصود أن ابن حجر مسك طرف الخيط، ومع سعة اطلاعه وقف على قصة في كتاب الأغاني، يقول قائل: كتاب الأغاني هل هو مرجع موثوق يُرجع إليه في مثل هذه الأمور؟ نقول: لا، لكنها قصة غير مقصودة للبيان، غير مقصودة بالذات لما نحن بصدده. طاهر القائد في عهد الرشيد جالس على مائدة مع بعض حاشية الرشيد وفيهم ابن للرشيد صغير اسمه إبراهيم. طاهر أعور، واحدة سليمة، عين سليمة وعين...
طالب: ما هي بسليمة.
عمياء، يعني هو أعور، جاء إبراهيم هذا وأخذ هندباء، إما قرعًا أو كوسة أو شيئًا أو باذنجانًا أو غيرها، أخذها من المائدة وضرب بها طاهرًا، أين ذهبت؟ للعين السليمة، فشكاه إلى أبيه وقال: إن إبراهيم اعتدى عليَّ فضرب عيني، والأخرى بين يَدَيْ عَدْل.
طالب: سبحان الله!
التي ما ترى، صار توثيقًا أم تضعيفًا؟
طالب: .......
تالفة يعني، مسك ابن حجر خيطًا ثانيًا بعد هذا، فتقوى عنده الأمر. وجد في كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة أن العدل بن جزء بن سعد العشيرة كان على شرطة تُبَّع، فإذا أراد تُبع أن يقتل رجلاً سلمه للعدل، فقال الناس: بين يَدَيْ عَدْل، خلاص انتهى أمره، يعني هالك. هذا يعطينا أهمية سعة الاطلاع والتفنن وعدم الاقتصار على فن واحد؛ لأن العلوم يكمل بعضها بعضًا. لكن قد يقول قائل: مثل هذه الفائدة من كتاب الأغاني هل تستحق أن يُقتنى كتاب الأغاني ويُقرأ كتاب الأغاني من أجل مثل هذه الفائدة؟
يعني مثلاً أدب الكاتب مجلد واحد يقرأه طالب العلم يستفيد، لكن هذا الذي هو أكثر من عشرين مجلدًا؟ وفيه أيضًا بالمقابل من الإسفاف والسخف الشيء الكثير، كتاب الأغاني، وأنا رأيت بعض النسخ عليها أسماء شيوخ كبار وعليها تعليقاتهم، يعني مما يدل على أنهم يستفيدون من الكتب ما فيها من فائدة، وقد يفتح لهم النوع الثاني آفاقًا أخرى؛ ليثري بعض الدروس وبعض اللقاءات، وينبه الذهن إلى بعض المخالفات وبعض الحيل من المخالفين، ترى فيها الفوائد، لكن شريطة أن يُؤمَن على القارئ أن يتأثر بها، إذا كان مأمونًا عليه أن يتأثر، يعني أخذ الكافي من العلم الشرعي، ومن العلم والتحصن الذي يقيه بإذن الله -جل وعلا- من التأثر بهذه الكتب، فنقول: اقرأ لا بأس، والنظر في كتب الأدب وكتب التواريخ لا شك أنه مفيد لطالب العلم، نعم، هي ليست متين العلم، لكنها أحيانًا قد تدخل في مُلح العلم، وأيضًا فيها استجمام للذهن، والتواريخ فيها الأعاجيب، يعني فيها العبر والعظات.
وليس معنى هذا أن الواحد يذهب ليشتري كتاب الأغاني، ويظل سنة يقرأ في الكتاب، ويترك العلم الشرعي، لا، ما يصرف لمثله سنام الوقت، يعني يجعل له أوقات الفراغ، الأصل إذا كَلَّ الذهن وتعب أو في وقت استراحة أو انتظار أو شيء ما فيه مانع أنه يقرأ فيه. وكتب التراجم من أفود ما يقرأه طالب العلم مثل سير أعلام النبلاء ووفيات الأعيان وما يكتبون من التراجم الحافظ ابن كثير في تاريخه، وإن كان صاحب وفيات الأعيان وهو عمدة عند المحققين في هذا الباب، لا سيما ضبطه للأسماء والأعلام والأنساب والقبائل، يضبط بالحرف، عمدة، لكن يبقى أنه عنايته بالأدباء أكثر من الفقهاء والعلماء، وإذا ترجم لأديب أسهب، وإذا ترجم لفقيه اختصر، وقد يكون هذا الأديب عنده من الطوام والمخالفات الكبرى في العقيدة ولا ينبه عليها! بينما العالم والفقيه يترجم له بأسطر ويمشي.
ولذا لما ترجم لابن الراوندي، وهو من الزنادقة المعروفين وعده ابن الجوزي من الزنادقة الثلاثة المنسوبين أو المنتسبين للإسلام، هو وأبو حيان التوحيدي والمعري، ترجم ولا تعرض لأي شيء من زندقته. وذكر الحافظ ابن كثير في تاريخ في ترجمة ابن الراوندي قال: وترجمه ابن خلكان على عادته في الإفاضة في تراجم الأدباء دون الفقهاء والعلماء، ولم يتعرض لشيء من زندقته، وكأن الكلب ما أكل له عجينًا! يعني ما همه هذا. أين نحن؟
طالب: .......
تركنا الدرس!
طالب: .......
ماذا؟
طالب: لا بد من حد أدنى للغة العربية.
اللغة العربية بفروعها الاثني عشر لا بد منها.
طالب: "كالمحدث العارف بأحوال الأسانيد وطرقها وصحيحها من سقيمها وما يُحتج به من متونها مما لا يحتج به، فهذا يعتبر اجتهاده فيما هو عارف به، كان عالمًا بالعربية أم لا، وعارفًا بمقاصد الشارع أم لا، وكذلك القارئ في تأدية وجوه القراءات، والصانع في معرفة عيوب الصناعات، والطبيب في العلم بالأدواء والعيوب، وعُرَفاء الأسواق في معرفة قيم السلع ومداخل العيوب فيها، والعادُّ في صحة القسمة، والماسح في تقدير الأرضين ونحوها، كل هذا وما أشبهه مما يعرف به مناط الحكم الشرعي غير مضطر إلى العلم بالعربية، ولا العلم بمقاصد الشريعة".
لأن هذه العلوم منفكة، منفكة مما يحتاج إلى حكم شرعي، المحدث حينما ينظر في الأسانيد وينظر في الطرق، لا يبني عليها أحكامًا، هو يجهز للفقيه؛ للنظر في هذا الدليل الذي أثبته هذا المحدث، ولذلك اشتهر عند الفقهاء وما يتداولونه أنهم هم الأطباء، والمحدثون صيادلة، يعني يركبون أدوية، ونحن الذين نستعملها.
طالب: جميل!!
نعم.
طالب: "وإن كان اجتماع ذلك كمالاً في المجتهد. والدليل على ذلك ما تقدم من أنه لو كان لازمًا لم يوجد مجتهد إلا في الندرة، بل هو محال عادةً، وإن وجد ذلك فعلى جهة خرق العادة، كآدم -عليه السلام- حين علمه الله الأسماء كلها، ولا كلام فيه".
من يستدرك بآدم إذا قيل: إن الاجتهاد المطلق بمعنى الإطلاق لا يوجد، يقول واحد: آدم. ماذا؟
طالب: ..........
صح يستدرك؟ لا، الكلام على الممكن، وإلا بالفعل الاجتهاد المطلق بمعنى الإطلاق مستحيل؛ لأن العمر ما يستوعب، أنت لو تريد أن تجتهد في مسألة مثلاً، والمسألة فيها عشرة أحاديث متعارضة، أو بعضها يسند بعضًا وفيها أشياء من المعارضة، تمسك العشرة أحاديث متى بتنتهي منها؟ تمسك الرواة واحدًا واحدًا، وتنظر في كل ما قيل في كل راوٍ على حدة، لا تقول لي: واللهِ التقريب قال: ثقة أو قال صدوق، ما هو بشيء، هذا لا شيء لمن ينشد الاجتهاد، أما الذي يمشي والذي يصحح ويضعف على طريقة الكتبة الآن الذين يلزمون التحقيق فهذا شيء آخر، لكن بمعنى التحقيق في دراسة الأسانيد، تنظر في كل راوٍ على حدة، وتنظر جميع ما قيل، كل ما قيل فيه، وتخرج برأي أنت تتوصل إليه، ومتى تصل إلى هذه المرتبة؟ حتى تعرف قواعد المصطلح بكاملها، كل ما فيها وترجح بينها وأنت تختار في هذه القواعد، تنظر في قواعد الجرح والتعديل وأنت ترجح الذي تختاره بعد النظر في جميع ما قيل، ما بعد ترى مشينا خطوة الآن.
طالب: .......
ثم تنظر في صيغة الأداء التي بعد هذا الراوي، عن أم قال أم سمعت، ومقتضيات هذه الصيغ، فلان الذي يليه تفعل به مثل هذا، ثم الذي يليه، ثم المتن تنظر في موافقته ومخالفته وكذا، ثم تنظر في متابعاته وشواهده، ومتى تطلع من هذا؟ هذا الاجتهاد في كل مسألة تفعل هذا، عندك في المسألة عشرة أحاديث، افترضنا أنها عشرة أحاديث، وهذه الأحاديث تنظر فيها على الطريقة التي ذكرنا، تحتاج إلى عمر. وهذا الاجتهاد بمعنى الإطلاق، ما هو بمعنى أنه إذا ضاق عليك الوقت تقول: أرجع إلى التقريب أو إلى الكاشف وأمشي وضعي، أو لمن حكم على هذا الحديث وصححه أحمد أو غيره ويكفي، لا، هذا تقليد.
طالب: "وأيضًا إن لزم في هذا الاجتهاد العلم".
وليس هذا من بابا التيئيس لطالب العلم، طالب العلم يعرف قدراته ويعرف إمكانياته ويعرف عمره وزمنه المحدد، ويكون اجتهاده في هذا الإطار، ولذلكم تجدون عندنا من بلغ الإمامة في عصرنا وقبلهم ما وصلوا إلى الاجتهاد المطلق بمعنى الإطلاق، أحدنا أحيانًا يميل إلى قول ابن حجر وأحيانًا يميل إلى قول فلان وأحيانًا إلى قول فلان، وتمشي الأمور. لكن الدليل ما يمضي بدون نظر، ينظر فيه ولو لم يكن على الطريقة المفصلة التي أشير إليها.
طالب: "وأيضًا إن لزم في هذا الاجتهاد العلم بمقاصد الشارع، لزم في كل علم وصناعة أن لا تُعرف إلا بعد المعرفة بذلك؛ إذ فرض من لزوم العلم بها العلم بمقاصد الشارع، وذلك باطل، فما أدى إليه مثله، فقد حُصِّلَتِ العلوم ووجدت من الجهال".
"حَصَلَت".
طالب: أحسن الله إليك. "فقد حَصَلَتِ العلوم ووُجدت من الجهال بالشريعة والعربية، ومن الكفار المنكرين للشريعة".
المقصود "العلوم" المتعلقة بأمور الدنيا، وهم أسعد بها من كثير من المسلمين.
طالب: "ووجه ثالث: أن العلماء لم يزالوا يقلدون في هذه الأمور من ليس من الفقهاء".
من يريد أن ينزع ربقة التقليد عن عنقه في كل شيء، هذا ارتقى مرتقى صعبًا لا يمكن أن يناله؛ لأنك إما قلدت في التصحيح والتضعيف، يعني إما قلدت في الحكم على الأحاديث، فلا بد أن تقلد في وسائل هذا الحكم؛ لأن العمر لا يستوعب، يعني كمّ المسائل الفقهية، المسائل التي هي الأحكام الشرعية كم هي؟ وكل مسألة تحتاج إلى نظر، والنظر يقتضي النظر في مقدماتها وأدلتها، والنظر فيمن وافق هذا الحكم ومن خالف، والنظر في أدلة المخالف والموازنة بينها، ثم بعد ذلك تخرج في حكم تراه أنت سواء أصبت أو أخطأت في هذه المسألة، ثم تأتي إلى المسألة الأخرى، وهكذا. نعم. ولذلك
طالب: "وإنما".
ولذلك الذي ينادي بنبذ كتب الفقهاء ومؤلفاتهم، ويحذر من النظر فيها، ويطالب بالاجتهاد والنظر في الكتاب والسنة والاستنباط من الكتاب، هو من يخاطب؟ يرمي بهذا الكلام على آحاد الطلاب، هذا يضيعهم، هذا يضيع الطلاب، كيف أن طالبًا ما تأهل تخاطبه بالاجتهاد من الكتاب والسنة؟
في أول الأمر لما أُلقيت هذه الدعوى استجاب طالب ومسك صحيح مسلم ويقول: خلاص أنا سأجتهد، ووقف على باب وهو ما يعرف الذي قبله ولا الذي بعده: باب الأمر بقتل الكلاب، أخذ المسدس وطلع وكلما رأى من كلب أفرغ في رأسه رصاصه! المشكلة ما هي؟ أن الباب الذي يليه: باب نسخ الأمر بقتل الكلاب، فماذا يفعل هذا؟! مثل هؤلاء يقال لهم: اجتهدوا؟ يعني الإنسان إذا تكونت لديه الملكة العلمية مع فقه النفس، وتأهل للاجتهاد، هذا فرضه، لا يجوز له أن يقلد، وأما آحاد المتعلمين وعامة الناس ففرضهم: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: 43].
طالب: "وإنما اعتبروا أهل المعرفة بما قلدوا فيه خاصة، وهو التقليد في تحقيق المناط. فالحاصل أنه إنما يلزم في هذا الاجتهاد المعرفة بمقاصد المجتهَد فيه، كما أنه في الأوَّلِينَ كذلك".
"في الأوَّلَيْنِ"، ما هي مضبوطة عندك؟
طالب: نعم؟ ماذا يا شيخنا؟
"الأوَّلَيْنِ"، اجتهد، الاجتهاد من النصوص ومن المعاني.
طالب: أحسن الله إليك. "كما أنه في الأوَّلَيْنِ كذلك، فالاجتهاد في الاستنباط من الألفاظ الشرعية يلزم فيه المعرفة بمقاصد العربية، والاجتهاد في المعاني الشرعية يلزم فيه المعرفة بمقاصد الشريعة".
يعني على ما بوب في هذه المسألة في أصل المسألة.
طالب: "والاجتهاد في مناط الأحكام يلزم فيه المعرفة بمقاصد ذلك المناط، من الوجه الذي يتعلق به الحكم لا من وجه غيرُه، وهو ظاهر".
"غيرِه".
طالب: "لا من وجه غيرِه، وهو ظاهر.
المسألة السابعة: الاجتهاد الواقع في الشريعة ضربان".
كثير ممن تصدروا للقضاء والفتيا، يعني فيهم علماء وفيهم من بلغ رتب عالية جدًّا، ولكن فيهم كثير ممن لديه نقص وخلل، واحد من طلاب العلم يقول: إني كنت أذاكر في أصول الفقه وأنا في السنة الرابعة من كلية الشريعة، وأبوه من القضاة القدامى الكبار المشار إليهم، وأقرأ في كتاب الاجتهاد من روضة الناظر، يوم قرأت: تحقيق المناط، وتخريج المناط، وتنقيح المناط، قال له: ما هذا؟ ما نعرفه، ومشت أمورهم، قضوا بين الناس فيما يحتاجونه من المسائل، يعني اجتهدوا في المسائل التي يحتاجونها، وبرعوا في أحكامهم وفي قضاهم.
على كل حال: مما يدل على أن الاجتهاد يمكن أن تجزؤه وأنه لا يلزم أن يكون الإنسان محيطًا في كل شيء، لكن بقدر ما تحيط، يكون رسوخك في العلم وثبوت قدمك فيه.
طالب: "الاجتهاد الواقع في الشريعة ضربان؛ أحدُهما: الاجتهاد المعتبر شرعًا، وهو الصادر عن أهله الذين اضطلعوا بمعرفة ما يفتقر إليه الاجتهاد، وهذا هو الذي تقدم الكلام فيه. والثاني: غير المعتبر، وهو الصادر عمن ليس بعارف بما يفتقر الاجتهاد إليه؛ لأن حقيقته أنه رأي".
يقول: "الواقع في الشريعة"، يعني هل هو المُقَر في الشريعة، أو أنه يحكي الواقع بين المتشرعة؟ فرق بين أن يكون واقعًا ومُقَرًّا من الشرع، الثاني قطعًا غير مُقر من الشرع، الأول هو الأصل والثاني غير مُقر من الشرع. ولما قال: "الاجتهاد الواقع في الشريعة" لا يعني أنه مُقر في الشريعة، لكنه يحكي الواقع بين من يدعي العلم من المتشرعة، نعم، الثاني غير معتبر.
"وهو الصادر".
طالب: "وهو الصادر عمن ليس بعارف بما يفتقر الاجتهاد إليه؛ لأن حقيقته أنه رأي بمجرد التشهي والأغراض، وخبط في عِماية، واتباع للهوى".
"عَماية".
طالب: "فكل رأي صدر على هذا الوجه فلا مرية في عدم اعتباره؛ لأنه ضد الحق الذي أنزل الله كما قال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49]، وقال تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26] الآية. وهذا على الجملة لا إشكال فيه، ولكن قد ينشأ في كل واحد من القسمين قسم آخر، فأما القسم الأول".
وهو الاجتهاد المعتبر.
طالب: "وهي"؟
وهو الاجتهاد المعتبر، الأول.
طالب: لكن يقول: "فأما القسم الأول وهي"، ماذا يقصد؟
أين؟
طالب: نعم، "فأما القسم الأول، وهي المسألة الثامنة: فيعرض فيه الخطأ في الاجتهاد، إما بخفاء بعض الأدلة حتى يُتوهم فيه ما لم يقصد منه، وإما بعدم الاطلاع عليه جملة".
الخفاء: بعض الأدلة، يعني اطلع عليها لكن خفي عليه المعنى؛ وذلك بسبب قصوره عن فهم ذلك المعنى المراد أو تقصيره في البحث عن معناه.
طالب: "وحكم هذا القسم معلوم من كلام الأصوليين إن كان في أمر جزئي، وأما إن كان الخطأ في أمر كلي فهو أشد، وفي هذا الموطن حُذِّر من زلة العالم، فإنه جاء في بعض الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- التحذير منها، فروي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: «إني لأخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة»، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: «أخاف عليهم من زلة العالم، ومن حكم جائر، ومن هوًى متبع»".
الحديث ضعيف جدًّا؛ لأنه من رواية كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده، وهذه أضعف السلاسل المعروفة: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أقوى منه من كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده.
طالب: "وعن عمر: ثلاث يهدمن الدين: زلة العالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون. وعن أبي الدرداء: إن مما أخشى عليكم زلة العالم، أو جدال المنافق بالقرآن، والقرآن حق، وعلى القرآن منار كمنار الطريق.
وكان معاذ بن جبل يقول في خطبته كثيرًا: وإياكم وزيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم بكلمة الضلالة، وقد يقول المنافق الحق، فتلقوا الحق عمن جاء به، فإن على الحق نورًا. قالوا: وكيف زيغة الحكيم؟ قال: هي كلمة تروعكم وتنكرونها، وتقولون: ما هذه؟ فاحذروا زيغته، ولا تصدنَّكم عنه، فإنه يوشك أن يفيء وأن يراجع الحق".
هذه الزلة لا تزيغكم عنه إذا عُرف بالعلم والعمل والورع، ولا بد له من خطأ؛ لأنه ليس بمعصوم، فإذا أخطأ لا سيما خطأ يترتب عليه آثار لم يحسب لها حسابًا كما يحصل من فتاوى بعض من ينتسب إلى العلم الآن تصير منه زلة أو زلات، لكن لا يعني أنه لا علم عنده ويجانبه الصواب في كل شيء، ويهجر ويترك فيعان الشيطان عليه. المقصود أنه إذا زل يُنبه، وإذا صدر منه الحق يُقبل.
طالب: "وقال سلمان الفارسي: كيف أنتم عند ثلاث: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، ودنيا تقطع أعناقكم؟ فأما زلة العالم، فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم".
نعم. من غير نظر في دليله، يعني التقليد المذموم من غير نظر في دينه.
طالب: "تقولون: نصنع".
لحظة، لحظة.
طالب: بعض الناس يا شيخ .......
هو الكلام في العالِم العالِم، ما هو بالمتعالم، العالم المعروف بعلمه ودينه وورعه، الذي هو أهل لأن يقلد، وليس في فتواه مفتٍ متبع، ما لم يضف للعلم والدين الورع. ومثل هذا يحصل له زلات، حصل من الكبار بعض الأشياء التي صار لها آثار سلبية، هذه الزلة تُجتنب، وما بقي وما عدا ذلك يقتدى به.
طالب: .......
واضحة، الحاكم في ذلك العلماء، والعلم عليه نور.
طالب: .......
كيف؟
طالب: .......
ينبه صاحبها، فإن امتثل ورجع عنها وإلا ينبه على المسألة ما ينبه على القائل.
طالب: "فأما زلة العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم، تقولون: نصنع مِثلُ ما يصنع فلان".
"مِثلَ".
طالب: "نصنع مِثلَ ما يصنع فلان، وننتهي عما ينتهي عنه فلان، وإن أخطأ فلا تقطعوا إياسكم منه فتعينوا عليه الشيطان، الحديث.
وعن ابن عباس: ويل للأتباع من عثرات العالم. قيل: كيف ذلك؟ قال: يقول العالم شيئًا برأيه، ثم يجد من هو أعلم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- منه، فيترك قوله ثم يمضي الأتباع".
ولذلك اشتُرط في التوبة، توبة من زل، لا سيما إذا كانت عن قصد، أو كتم العلم أو نطق بغيره: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} [البقرة: 160]، لا بد أن يبين أن الحكم الذي صدر منه قبل ذلك خطأ، وأنه يبرأ إلى الله منه. ولذلك يقول: "فيترك قوله ثم يمضي الأتباع"، يتبعونه فيما قاله سابقًا، لكن إذا بيَّن برأ من العهدة، إن لم يُبين هؤلاء الأتباع عليه أوزارهم، مثل ما جاء في الحديث: «من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة». نعم.
طالب: ....... البيان.
نعم؟ لا بد من البيان.
طالب: يعني في مجلسه الذي قاله فيه أو .......
بما يحصل به البيان المناسب لما صدر عنه في الأول، وهذا الآن في وسائل الإعلام فيه مشقة عظيمة، يعني بقدر ما فيه، ما في البيان من سهولة فيه صعوبة؛ لأنه قد يُنشر رأي أو كلام في وسيلة الإعلام من جريدة أو إذاعة أو قناة، ثم في هذه الجريدة أو في هذه القناة يُبين، لكن الذي استمعوا الأول من يبلغهم؟ قد لا يحصل البيان الكافي؛ لأن أولئك سمعوا واستقر في أذهانهم وقلدوه وانصرفوا، لكن يحرص أن يوصل البيان إلى من استمع.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
البيان لا بد {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} [البقرة: 160].
طالب: .......
هو إذا ما تبعه أحد ولا قلده أحد فما يلزم البيان.
طالب: .......
على كل حال بقدر من يتبعه يلزمه البيان.
طالب: .......
إن كانت الأولى فتوى مبنية على الاجتهاد من الكتاب والسنة وليس لها آثار سلبية، مثل ما يوجد الآن: بعض الناس يفتي بفتاوى تُعتمد، وبعد ذلك يزج المجتمع في خطر، مثل هذا لا بد من البيان، وأن يوصل كلمة الحق إلى كل من وصل إليه الباطل، لكن مسائل اجتهادية فقهية عملية كأن ما يرى مثلاً رفع اليدين، ثم صار يراه، أو كأن ما يرى جلسة الاستراحة أو العكس، مثل هذه مسائل كغيرها أمرها سهل.
طالب: أحسن الله إليك شيخنا .......
في البداية، في بداية الطلب يعتمد متنًا معينًا في المذهب السائد في بلده، وهذا ذكرناه في مناسبات وفيها أشرطة، يدرس هذا المتن يحفظه ويحضر به درسًا، ويسمع الشرح، ويسمع ما سجل عليه من أشرطة، ثم بعد ذلك إذا انتهى يأتي إلى مسائل الكتاب بعد أن فهمها وتصورها ليستدل لها، يطلب لها أدلة من كتب السنة، ثم بعد ذلك ينظر عرضة ثالثة ينظر فيمن وافق المؤلف على الحكم ومن خالفه، ودليل الموافق والمخالف، إلى أن ينتهي إليه الكتاب، وإذا انتهى بهذه الطريقة ومع صدق نية وإخلاص لله -جل وعلا- ما ينتهي إلا وهو صائر فقيهًا بإذن الله.
طالب: .......
يسدد ويقارب، يوازن، المسألة مسألة النظر في دليل، الحكم للدليل.
طالب: "وعن ابن المبارك: أخبرني المعتمر بن سليمان، قال: رآني أبي وأنا أنشد الشعر، فقال لي: يا بني! لا تنشد الشعر. فقلت له: يا أبت! كان الحسن ينشد، وكان ابن سيرين ينشد. فقال لي: أي بني! إن أخذت بشَرِّ ما في الحسن وبشر ما في ابن سيرين اجتمع فيك الشر كله".
يعني انظر إلى نظرة سليمان التيمي -رحمه الله- إلى الخير والشر، وما المقياس؟ النسبية، يعني هذا مباح، لكنه بالنسبة إلى المستحبات والواجبات شر؛ لأنه يصدك عنها، بقدر ما تسمع من الشعر يصدك عن سماع الحديث، وسماع القرآن، اترك هذا، صار شرًّا الذي صدك عن سماع الحديث وسماع العلم، وإلا ففي الأصل أن الشعر كلام مثل النثر حسنه حسن وقبيحه قبيح، ولذلك هؤلاء الأخيار الحسن وابن سيرين ينشدون الشعر، لكن سليمان التيمي نصح ولده إلى ما هو أهم من ذلك، وهذا يعود على كلامنا الأول حينما ذكرنا كتاب الأغاني وأدب الكاتب وغيره من كتب الأدب والتاريخ، يعني إذا كانت تصدك عن حفظ القرآن، وتصدك عن سماع السنة، وتصدك عن سماع العلم المتين فاتركها.
طالب: "وقال مجاهد والحكم بن عتيبة ومالك: ليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويُترك، إلا النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقال سليمان التيمي: إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله".
يعني كما قال للمعتمر ابنه.
طالب: "قال ابن عبد البر: هذا إجماع لا أعلم فيه خلافًا".
نعم. إذا أخذت من تتبع الرخص خرج من الدين، لأنك إذا نظرت في كل مسألة، إلا المسائل المجمع عليها، وهي قليلة، فيها من يقول بالوجوب، ومن يقول بالكراهة، ومن يقول بالاستحباب، ومن يقول بالإباحة، أنت ستأخذ بالإباحة في هذه المسألة، ثم نظرت في المسألة التي تليها، وفيها من يقول بالوجوب، والتحريم، والإباحة، أخذت بالإباحة، والثالثة، والرابعة نظرت إلى أسهل الأقوال التي يعبر عنها بالرخص، معناه أنك طلعت بدون دين.
طالب: "وهذا كله وما أشبهه دليل على طلب الحذر من زلة العالم، وأكثر ما تكون عند الغفلة عن اعتبار مقاصد الشارع في ذلك المعنى الذي اجتهد فيه، والوقوف دون أقصى المبالغة في البحث عن النصوص فيها، وهو وإن كان على غير قصد ولا تعمُّد وصاحبه معذور ومأجور".
لأنه قد يكون بذل الجهد، واستفرغ الوسع، واجتهد، لكنه أخطأ، أنت لا يجوز أن تتابعه على الخطأ وأنت تعرف أنه خطأ، وقد يكون معذورًا؛ بل مأجورًا، كما جاء في الحديث: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد».
طالب: "لكن مما ينبني عليه في الاتباع لقوله فيه خطر عظيم، وقد قال الغزالي: إن زلة العالم بالذنب قد تصير كبيرةً وهي في نفسها صغيرة".
الأصل أنها مسألة صغيرة من صغائر الذنوب، لكن بحسب كثرة من عمل بها تتضاعف عليه الذنوب حتى تصل إلى حد كبيرة.
طالب: "وذكر منها أمثلةً، ثم قال: فهذه ذنوب يُتَّبع العالم عليها، فيموت العالم ويبقى شره مستطيرًا في العالم آمادًا متطاولةً، فطوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه".
مؤلفات أهل العلم هي في الحقيقة أعمال لهم، ويعمل بها من يقتدي بهم، وهي سنن يسنونها ويتبعها عليها غيرهم، فإن كانت من السنن الحسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، وإن كانت من السنن السيئة ككتب البدع والخنى والفجور، هذه عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، ولذلك يقول: "طوبى من إذا مات ماتت معه ذنوبه".
طالب: .......
أئمة في مسائل لهم الحق في الاجتهاد فيها؟
طالب: .......
العادة النووي له مؤلَّف صغير فيه شيء من الرجوع، وإلا فشروحه، وكتبه لا سيما شرح مسلم فيه أخطاء عقدية واضحة.
طالب: .......
على كل حال: هناك الميزان له كفتان، كفة حسنات وكفة سيئات، مثل النووي فله من بحار الحسنات ما له، يعفو الله عنا وعنه إن شاء الله.
طالب: "وهذا الحكم مستمر في..".
"هكذا".
طالب: أحسن الله إليك. "وهكذا الحكم مستمر في زلته في الفتيا من باب أولى، فإنه ربما خفي على العالِم بعضَ السنة أو بعضَ".
"بعضُ".
طالب: "بعضُ السنة أو بعضُ المقاصد العامة في خصوص مسألته، فيُفضي ذلك إلى أن يصير قوله شرعًا يُتقلد، وقولاً يُعتبر في مسائل الخلاف، فربما رجع عنه وتبين له الحق فيفوته تدارك ما سار في البلاد عنه ويضل عنه تلافيه، فمن هنا قالوا: زلة العالم مضروب بها الطبل".
نعم، من أجل أنها تستشرف لها النفوس، وبعض الناس يميل إليها ولا سيما بعض المتنفذين يهوونها فيشيعونها وينشرونها.
طالب: حتى العامة، والعامة يفرحون بفتواه.
والعامة يفرحون بالتخفيف، إذا كان فيها شيء من التخفيف يفرحون بها.
طالب: نواصل يا شيخ؟
ماذا؟
طالب: نواصل؟
ليتنا نقف هنا.
طالب: أحسن الله إليك.
"