شرح العقيدة الطحاوية (42)

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خير الجزاء برحمتك يا أرحم الراحمين، قال الشارح- رحمه الله تعالى-:

وعلوّه سبحانه وتعالى كما هو ثابت بالسمع ثابت بالعقل والفطرة أما ثبوته بالعقل فمن وجوه أحدها العلم البديهي القاطع بأن كل موجودين إما أن يكون أحدهما ساريًا في الآخر قائما به كالصفات وإما أن يكون قائمًا بنفسه بائنًا من الآخر والثاني أنه لمّا خلق العالم فإما أن يكون خلْقه في.."

خلَقه خلَقه.

"أحسن الله إليك.

فإما أن يكون خلَقه في ذاته أو خارجًا عن ذاته والأول باطل أما الأول فبالاتفاق وأما.. أما أولاً بالاتفاق وأما ثانيًا فلأنه يلزم أن يكون محلا للخسائس والقاذورات- تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا- والثاني يقتضي كون العالَم واقعًا خارج ذاته فيكون منفصلاً فتعيّنت المباينة؛ لأن القول بأنه غير متصل بالعالَم وغير منفصلٌ عنه غير معقول."

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فلما ذكر المؤلف الشارح رحمه الله تعالى أدلة العلو من الكتاب والسنة ذكر أصولها وأشار إلى أن مفرداتها قد تبلغ الألف وسبقه لذلك الذهبي وابن القيم وغيرهما، هنا يقرر-  رحمه الله تعالى- العلو للعلي الغفار من جهة العقل ومن جهة الفطرة، قال- رحمه الله- وعلوه سبحانه وتعالى كما هو ثابت بالسمع ثابت بالعقل والفطرة، أما ثبوته بالعقل فمن وجوه، أحدها: العلم البديهي القاطع بأن كل موجودين إما أن يكون أحدهما ساريًا في الآخر يعني ممتزجًا به قائمًا به كالصفات، وإما أن يكون قائمًا بنفسه بائنًا من الآخر منفصلا عنه، والثاني أنه لما خلق العالم يعني الأول كونه قائما ممتزج هذا معلوم بطلانه، أن يكون الخلق كلها ممتزجة بالله -جل وعلا- هذا معلوم بطلانه بالعقل والضرورة، والثاني: أن يكون قائما بنفسه بائنا من الآخر منفصلا عنه، أنه لما خلق العالَم فإما أن يكون خلقه في ذاته أو خارجًا عنه، خلقه في ذاته يعني كالممتزج السابق وقد يكون هذا قسيما للقسم الأول وليس قسمًا منه، والثاني قسيم للأول العلم البديهي، والثاني يريد أن يقرر أنه لما خلق العالم فإما أن يكون خلقه في ذاته مثل ما قال أولا في العلم البديهي، إما أن يكون ساريًا في الآخر قائمًا به كالصفات أو يكون قائمًا بنفسه مباينًا له منفصلاً عنه، قال أنه لما خلق العالَم فإما أن يكون خلقه في ذاته أو خارجًا عن ذاته والأول باطل؛لأنه معلوم بالحس أن العالَم منفصل لم يكن في ذات الله -جل وعلا- وإن خُيِّل لبعض غلاة المبتدعة أن المخلوق حالّ في الخالق أو العكس الخالق حلّ بالمخلوق هذا أيضًا مرفوض فطرة وعقلاً لوجود ما يدل على الانفصال بين الخالق والمخلوق حسّا، وهذا الذي أشرنا إليه هو القول بوحدة الوجود وقول النصارى أنه حلّ اللاهوت بالناسوت- تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا- أما أولا وهو أن يكون خلقه في ذاته هذا أمر متفق عليه بين جميع العقلاء وأن القول بالحلول والاتحاد ضرب من الهوس والجنون لا يقبله عاقل سوي، وأما الثاني: وأما ثانيًا فلأنه يلزم أن يكون محلًّا للخسائس والقاذورات -تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا- والثاني يقتضي كون العالم واقعًا خارج ذاته، الآن تداخل الأول مع الثاني في فروعهما في كلام المؤلف- رحمه الله- والثاني يقتضي كون العالم واقعا خارج ذاته وهذا هو الصحيح فيكون منفصلاً فتعيّنت المباينة؛ لأن القول بأنه غير متصل بالعالم وغير منفصل عنه إما أن يكون متصلا أو غير متصل أما أن يكون غير متصل ولا منفصل هذا ضرب من المحال؛ لأنه جمع بين النقيضين، غير متصل وغير منفصل هذا جمع بين النقيضين وهذا غير معقول لأنه محال، والثالث..

"الثالث.."

طالب: ..........

إن نسبت إلى البديهة قلت بديهي هذا هو الأصل وبدهي، مثل قرشي النسبة إلى قريش قريشي وقرشي يجوز هذا وهذا مثل النسبة إلى البديهة بديهي وبدهي.

"الثالث أن كونه تعالى لا داخل العالَم ولا خارجه يقتضي نفي وجوده بالكلية.."

ليس هناك خيار ثالث ولا يوجد قسيم ثالث، إما داخل وإما خارج فإذا قيل لا داخل ولا خارج إذًا معدوم.

"لأنه غير معقول فيكون موجودا إما داخله وإما خارجه والأول باطل فتعين الثاني فلزمت المباينة وأما ثبوته بالفطرة فإن الخلق جميعًا بطباعهم وقلوبهم السليمة يرفعون أيديهم عند الدعاء ويقصدون جهة العلو بقلوبهم عند التضرع إلى الله تعالى وذكر محمد بن طاهر المقدسي أن الشيخ أبا جعفر الهمَذاني حضر مجلس الأستاذ أبي المعالي الجويني المعروف بإمام الحرمين وهو يتكلم في نفي صفة العلو ويقول كأن كان الله ولا عرش وهو الآن على ما كان فقال الشيخ أبو جعفر أخبَرَنا.."

أخبِرْنا.

"أخبِرْنا يا أستاذ عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا فإنه ما قال عارف قط يا الله إلا وجد في قلبه ضرورة تطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفسنا؟ قال فلطم أبو المعالي عن رأسه ونزل وأظنه قال وبكى وقال حيرني الهمَذاني حيرني الهمَذاني، أراد الشيخ أن هذا أمر فطر الله عليه عباده من غير أن يتلقوه من المعلمين يجدون في قلوبهم طلبًا ضروريًا يتوجه إلى الله ويطلبه في العلو، وقد اعتُرض على الدليل العقلي بإنكار بداهته لأنه أنكره جمهور العقلاء، فلو كان بديهيًا لما كان مختلفًا فيه بين العقلاء بل هو قضية وهمية خيالية والجواب عن هذا الاعتراض مبسوط في موضعه ولكنه أشير إليه.."

ولكن.

"ولكنه.."

لا، ولكن أشير.

أحسن الله إليك.

طالب: ..........

وش فيه؟

طالب: ..........

اعتراض على الدليل العقلي، ما قال بديهي أو بدهي؟ قال لو كان بدهيا ما أنكره جمهور الناس الذين ينفون صفة العلو وغيرهم ممن ينازعون في هذه البدهية، الآن عندنا أدلة قوية قطعية من نصوص الكتاب والسنة والفطرة والعقل إذا عرضتها على بعض هؤلاء الكتبة كلهم ما وافقوا هل نقول أن هذه بديهية؟ نعم بديهية وفطرية لكن بغض النظر عمن اجتالته الشياطين واجتالت فطرته معه هؤلاء لا عبرة بهم العبرة بمن هو باق على خلقته التي خلقه الله عليها، أما من اجتالته الشياطين هذا لا عبرة به ولا عبرة ببديهته ولا فطرته.

"والجواب عن هذا الاعتراض مبسوط في موضعه ولكن أشيرَ إليه.."

أشيرُ.

"أحسن الله إليك.

ولكن أشيرُ إليه هنا إشارة مختصرة وهو أن يقال إن العقل إن قبل قولكم فهو لقولنا أقبل وإن رد العقل قولنا فهو لقولكم أعظم ردًّا."

يعني اعتراف أبي العلاء الهمَذاني بهذه الفطرة وهذه البديهة يعني يدل على أن عند أبي العلاء بقية فطرة وإلا هو قرأ في كتب المتكلمين وقرأ في كتب الفلاسفة وتأثر بها، لكن كونه يعترف بأن هذه بديهة وفطرة يدل على أن عنده شيء من هذه الفطرة يوافق الهمَذاني عليها، وإلا لو أن رجلا يعني معتمِدا العقل لا علاقة له بالنصوص يسمع مثل هذا الكلام ينازع فيه، ينازع الهمَذاني لاسيما أن العقول تغيرت بعد ترجمة كتب اليونان وغيرهم وافتتان الناس بعلم الكلام والفلسفة، صاروا ينازعون في هذه الأمور وإلا فالأصل الاتحاد والاتفاق بين النص والعقل ولا خلاف بينهما، ما يثبته العقل مثبت بالنص والعكس صحيح ما يثبت بالنص يشهد له العقل السليم.

"فإن كان قولنا باطلا في العقل فقولكم أبطل وإن كان قولكم حقًّا مقبولاً في العقل فقولنا أولى أن يكون مقبولاً في العقل فإن دعوى الضرورة مشتركة."

هب أننا قلنا أن العقل عندنا وعندكم على حد سواء كلها مرفوضة العقل والفطرة والبداهة كل شيء مرفوض من قبلنا ولا من قبلكم، يبقى عندنا النص هل عندكم نصوص تقابل هذه النصوص؟ ما عندهم شيء.

"فإنا نقول نعلم بالضرورة بطلان قولكم وأنتم تقولون كذلك.."

يعني ببطلان قولنا.

"فإذا قلتم تلك الضرورة التي تحكم ببطلان قولنا هي من حكم الوهم لا من حكم العقل قابلناكم بنظير قولكم وعامة فطر الناس ليسوا منكم ولا منا يوافقونا على هذا."

عامة فطر الناس من عوام المسلمين ومن غيرهم ممن بقي على فطرته من الأديان الأخرى لا منا الذين عمدتنا ومعولنا على النص الصحيح الذي يوافقه العقل الصريح ولا منكم الذين اجتالتهم الشياطين وفتنوا بعلم الكلام والفلسفة وتأثرت فطرهم، دعونا مع العوام ولذا تمنى كثير من رؤوس المتكلمين أن يموت على عقيدة العوام هذا مدوّن في كتبهم.

"وعامة فطر الناس ليسوا منكم ولا منا يوافقونا على هذا فإن كان حكم فطر بني آدم مقبولا ترجحنا عليكم وإن كان مردودا غير مقبول بطل قولكم بالكلية فإنكم إنما بينتم قولكم."

بنيتم.

"أحسن الله إليك.

فإنكم إنما بنيتم قولكم على ما تدعون أنه مقدمات معلومة بالفطرة الآدمية وبطلت عقلياتنا أيضًا وكان السمع الذي جاءت به الأنبياء معنا لا معكم فنحن مختصون بالسمع دونكم والعقل مشترك بيننا وبينكم فإن قلتم أكثر.."

الذي أحوج علماء السنة والجماعة وأئمة السلف إلى مثل هذا الكلام والدخول في هذه المناظرات العقلية هو اعتماد الخصم عليها وإلا فما أجمل العقيدة الواسطية التي مبناها على النصوص نصوص الكتاب والسنة من غير دخول في هذا الجدل، هذه يحتاجها كل مسلم وهي لعوام المسلمين لا شك أنها أنفع من هذه المطولات التي بسطت وذكر فيها الأدلة العقلية من أجل الخصم؛ لأن شيخ الإسلام ومن جاء معه وقبله من أئمة السنة ناظروا أهل الكلام بكلامهم، يقول ابن القيم بالنسبة لشيخ الإسلام:

ومن العجيب أنه بسلاحهم

 

أرداهم نحو الحضيض الداني

بسلاحهم بكلامهم بمنطقهم نقض أقوالهم وقواعدهم.

يقول:

واقرأ كتاب العقل والنقل الذي

 

ما في الوجود له نظير ثاني

وكذلك التأسيس ...........

 

.........................

الرد عل الرازي.

وكذلك التأسيس أصبح نقضه

 

............................

بيان تلبيس الجهمية.

وكذلك التأسيس أصبح نقضه

 

أعجوبة للعالم الرباني

ومن العجيب أنه بسلاحهم

 

.......................

بمنطقهم بكلامهم.

.........................

 

أرداهم نحو الحضيض الداني

رحمة الله عليه وإلا عوام المسلمين والمتوسطين من طلاب العلم لا يحتاجون مثل هذا الكلام، يحتاجه من يريد أن ينقض قواعدهم بقواعدهم.

طالب: ..........

لم يرده لأنه ما وجد من يتبنى مثل هذا الكلام ما انتشر علم الكلام، وبعضهم يثرّب على من ينقل مثل هذا الكلام؛ لأن هذا الكلام ما كان معلومًا عند المسلمين، فإذا نقلته ولو بنية الرد عليه فأنت تثبته أولاً فقد يتأثر به من يتأثر لكن وُجد وابتلي به الناس، وفي عصر شيخ الإسلام صار السواد الأعظم من المسلمين يتبنونه ويقولون به ويرتكبون تلك المذاهب ويعملون بها، فلا بد من بيانها وإلا فالأصل أن الردود على المبتدعة فيها نوع لنشر هذه البدعة؛ ولذلك فرق بين من يذكر البدعة وينقضها فورًا وبين من يذكرها ويفصلها ثم بعد ذلك يؤجل الرد إلى أن ينتهي الكتاب أو شيء من هذا لأنه قد لا يتسنى له أن ينقض كل الشبه التي أوردها؛ ولذلك عتبوا على الرازي وإن كان عنده شبه وعنده انحراف لكنه بالنسبة لمن فوقه في البدعة يستفاد منه بالنسبة للردود على المعتزلة، ردود على الجهمية، ردود على يهود، وعلى نصارى، يستفاد منه لكنه مؤسس ومنظّر لمذهب الأشاعرة والقول بالجبر ومعروف رأيه لكن يثرّب عليه أنه يجلّي الشبه مثل الشمس ثم يضعف في الرد عليها ومن هنا تأتي خطورة القراءة في كتبه، شيخ الإسلام نقل كتاب ابن المطهِّر الرافضي في كتابه منهاج السنة نقله جملة جملة ورد عليها هذا ليس فيه إشكال، لكن الإشكال فيمن طبع كتاب الشيخ وأفرد منهاج الكرامة في أوله كاملا من أوله إلى آخره ثم ذكر الرد من كلام شيخ الإسلام، الذي في قلبه مرض يفرد هذا الكتاب وينزعه من الأصل ويتداوله مع قومه بمفرده، نسخة محققة ومقابلة على نسخ كتاب منهاج الكرامة هذا عِيْب عليه، ولذلك في الطبعة الثانية في طبعة الجامعة حذف الكتاب أما في طبعته الأولى المصرية موجود الكتاب محقق منهاج الكرامة ويليه منهاج السنة محقق أيضًا لكن ما طبع منه إلا مجلدين، فلِيْمَ المحقق على إثابته منهاج الكرامة بكامله فقيل يكفي الكلام الموجود في ثنايا كلام الشيخ مثبت من ذلك الكتاب والرد عليه مباشرة؛ لأنه ما كل يتسنى له أن يقرأ الكتاب كاملاً ولذلك الرد جملة جملة أفضل، ولو تيسر الرد بكلمة كلمة لكان أولى من أن تتيح الفرصة أن يقرأ هذه الشبهة بكاملها ثم إذا استوعبها وتربعت في قلبه ترد عليها.

"فإن قلتم أكثر العقلاء يقولون بقولنا قيل ليس الأمر كذلك فإن الذين يصرحون بأن صانع العالم ليس هو فوق العالم وليس فوق العالم شيء موجود وأنه لا مباين للعالم ولا حالّ فيه طائفة من النظّار وأول من عُرِف عنه ذلك في الإسلام جهم بن صفوان وأتباعه واعتُرِض على الدليل الفطري أن ذلك إنما كان لكون السماء قبلة للدعاء كما أن الكعبة قبلة للصلاة ثم هو منقوض بوضع الجبهة على الأرض مع أنه ليس في جهة الأرض وأجيب عن.."

ومع أن السجود من مواطن إجابة الدعاء «وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم» ولو كانت قبلة الدعاء السماء ما ناسب الدعاء في السجود.

"وأجيب عن هذا الاعتراض من وجوه أحدها أن قولكم إن السماء قبلة الدعاء لم يقله أحد من سلف الأمة ولا أنزل الله به من سلطان وهذا من الأمور الشرعية الدينية فلا يجوز أن يخفى على جميع سلف الأمة وعلمائها، الثاني: أن قبلة الدعاء هي قبلة الصلاة فإنه يستحب للداعي أن يستقبل القبلة وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستقبل القبلة في دعائه في مواطن كثيرة، فمن قال إن للدعاء قبلة غير قبلة الصلاة أو إن له قبلتين إحداهما الكعبة والأخرى السماء فقد ابتدع في الدين وخالف جماعة المسلمين، الثالث: أن القبلة هي ما يستقبله العابد بوجهه كما تستقبل الكعبة في الصلاة والدعاء والذكر والذبح وكما يوجه المحتضر والمدفون، ولذلك سميت وجهة والاستقبال خلاف الاستدبار فالاستقبال بالوجه والاستدبار بالدبر، فأما ما حاذاه الإنسان برأسه أو يديه أو جنبه فهذا لا يسمى قبلة لا حقيقة ولا مجازا فلو كانت السماء قبلة الدعاء لكان المشروع أن يوجّه.."

الآن لو كانت القبلة بموازاة الرأس لكان الذي يصلي وهو مضطجع حينئذٍ يوجه إلى القبلة برأسه تكون هذه قبلته، فليست الموازاة بالرأس قبلة الاستقبال إنما يكون بالوجه.

"فأما ما حاذاه الإنسان برأسه أو يديه أو جنبه فهذا لا يسمى قبلة لا حقيقةً ولا مجازًا فلو كانت السماء قبلة الدعاء لكان المشروع أن يوجه الداعي وجهه إليها وهذا لم يشرع والموضع الذي ترفع اليد إليه.."

ورفع البصر إلى السماء جاء النهي عنه في مواضع.

والموضع الذي ترفع اليد إليه لا يسمى قبلة لا حقيقة ولا مجازًا؛ ولأن القبلة في الدعاء أمر شرعي تتبع أمر شرعي.."

ولذا كان رفع اليدين في الدعاء في مسامتة الوجه لا أكثر من ذلك إلا ما ورد في حالات خاصة كالاستسقاء، رفع اليدين في مسامتة الوجه الذي هو محل الاستقبال؛ ولذا لما رفع أحدهم يديه أكثر من ذلك قال له بعض السلف ثكلتك أمك ماذا تتناول بهما لأنه رفعها رفعًا شديدًا وجاء في الاستسقاء المبالغة في الرفع لكنها حالة خاصة.

"ولأن القبلة في الدعاء أمر شرعي تُتْبَع فيه الشرائع ولم تأمر الرسل أن الداعي يستقبل السماء بوجهه بل نهوا عن ذلك ومعلوم أن التوجه بالقلب واللجأ والطلب الذي يجده الداعي من نفسه أمر فطري يفعله المسلم والكافر والعالم والجاهل وأكثر ما يفعله المضطر والمستغيث بالله كما فطر على أنه إذا مسه الضر يدعو الله، مع أن أمر القبلة مما يقبل النسخ والتحويل كما تحولت القبلة من الصخرة إلى الكعبة وأمر التوجه في الدعاء إلى الجهة العلوية مركوز في الفِطَر والمستقبِل للكعبة يعلم أن الله تعالى ليس هناك بخلاف الداعي فإنه يتوجه إلى ربه وخالقه ويرجو الرحمة أن تنزل من عنده، وأما النقض بوضع الجبهة فما أفسده من نقض فإن واضع الجبهة إنما قصده الخضوع لمن فوقه بالذل له لا بأن يميل إليه إذ هو تحته هذا لا يخطر على قلب ساجد لكن يُحكى عن بشر المريسي أنه سُمع وهو يقول في سجوده: سبحان ربي الأسفل- تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوًّا كبيرًا- وإن مَن أفضى به النفي إلى هذه الحالُ لحري أن يتزندق.."

الحالِ.

نعم يا شيخنا..

 إلى هذه الحالِ..

"أحسن الله إليك.

وإن من أفضى به النفي إلى هذه الحالِ فلحري أن يتزندق إن لم يتداركه الله برحمته وبعيد من مثله الصلاح قال تعالى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [سورة الأنعام:110] وقال تعالى {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [سورة الصف:5] فمن لم يطلب الاهتداء من مظانه يعاقَب بالحرمان- نسأل الله العفو والعافية- وقوله: وقد عجز عن الإحاطة خلقه أي لا يحيطون به علمًا ولا رؤية ولا غير ذلك من وجوه الإحاطة، بل هو سبحانه محيط بكل شيء ولا يحيط به شيء، قوله: ونقول إن الله اتخذ إبراهيم خليلاً، وكلم موسى تكليمًا إيمانًا وتصديقًا وتسليمًا قال تعالى {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [سورة النساء:125] وقال تعالى {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [سورة النساء:164] الخلة كمال المحبة وأنكرت الجهمية حقيقة المحبة من الجانبين زعمًا منهم أن المحبة لا تكون إلا لمناسبة بن المحب والمحبوب وأنه لا مناسبة بين القديم والمحدَث توجِب المحبة، وكذلك أنكروا حقيقة التكليم كما تقدم وكان أول من ابتدع هذا في الإسلام هو الجعد بن درهم في أوائل المائة الثانية فضحّى به خالد بن عبد الله القسَري.."

القسْري.

"خالد بن عبد الله القسْري أمير العراق والمشرق بواسط خطب الناس يوم الأضحى فقال أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضحٍّ بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى تكليمًا ثم نزل فذبحه وكان ذلك بفتوى أهل زمانه من علماء التابعين- رضي الله عنهم- فجزاه الله عن الدين وأهله خيرًا وأخذ هذا المذهب عن الجعد الجهم بن صفوان.."

يقول ابن القيم رحمه الله:

شكر الضحية كل صاحب سنة

 

لله درك من أخي قربان

"وأخذ هذا المذهب عن الجعد الجهم بن صفوان فأظهره وناظر عليه وإليه أضيف قول الجهمية."

لأنه هو الذي شهره ونشره فنُسِب إليه كانت شهرة المذهب على يد الجهم أكثر من شهرته على يد الجعد بن درهم.

"فقتله سلّم.."

سَلْم سَلْم بن أحوز.

"أحسن الله إليك.

فقتله سَلْم بن أحوز أمير خراسان بها ثم انتقل ذلك إلى المعتزلة أتباع.."

تعرف سَلْم الخاسر؟ من يعرف سَلْم الخاسر؟

طالب: ..........

شاعر، ولماذا سمي خاسر؟

طالب: ..........

لا لا، هو ورث من أبيه مبالغ كبيرة من المال وأنفقها على الشعر فقالوا له سلم الخاسر وهذا على مثله في الاسم سَلْم مثل حَمْد.

"ثم انتقل ذلك إلى المعتزلة أتباع عمرو بن عبيد وظهر قولهم في أثناء خلافة المأمون حتى امتُحن أئمة الإسلم ودعوهم إلى الموافقة لهم على ذلك وأصل هذا مأخوذ عن المشركين والصابئة.."

نعم عمرو بن عبيد رأس المعتزلة وبسببه لما اعتزل حلقة الحسن البصري سموا بالمعتزلة، الحسن البصري قرر العقيدة الصحيحة من الكتاب والسنة لم يوافقه عمرو بن عبيد وخالفه في مسائل من الاعتقاد فاعتزله فسموا معتزلة.

طالب: ..........

واصل وعمرو كلاهما من أصولهم.

لكن كون هذا في الطبعة يذكر في طبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبار هذا ما فيه إشكال الإشكال في أن يذكر الحسن البصري في الطبقة الثانية من طبقات المعتزلة عند القاضي عبد الجبار ومن الطبقة الأولى؟ إذا كان الحسن في الطبقة الثانية وهو السبب في تسميتهم بهذا الاسم، من الطبقة الأولى عند القاضي عبد الجبار؟ أبو بكر وعمر؟!! رحمة الله على أهل السنة والجماعة ينزهون صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن مثل هذا، وهذا يقول أن الطبقة الأولى من طبقات المعتزلة أبو بكر وعمر كل يدعي.

"وأصل هذا مأخوذ عن المشركين والصابئة وهم ينكرون أن يكون إبراهيم خليلاً وموسى كليما لأن الخلة هي كمال المحبة المستغرقة للمحب كما قيل:

قد تخللت مسلك الروح مني

 

ولذا سمي...........

ولذا.

نعم يا شيخ.

عندك ولذا؟

إيه.

إيه.

.........................

 

ولذا سمي الخليل خليلا

ولكن محبة الله وخلته كما يليق به تعالى كسائر صفاته ويشهد لما دلت عليه الآية الكريمة ما ثبت في الصحيح عن أبي سعدي الخدري رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال «لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن صاحبكم خليل الله» يعني نفسه وفي رواية «إني أبرأ إلى كل خليل من خلته ولو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً» وفي رواية «إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً» فبيَّن -صلى الله عليه وسلم- أنه لا له أن يتخذ من المخلوقين خليلاً وأنه لو أمكن ذلك لكان أحق الناس بالغياب أبو بكر الصديق مع أنه -صلى الله عليه وسلم- قد وصف نفسه بأنه يحب أشخاصًا كقوله لمعاذ «والله إني لأحبك» وكذك قوله للأنصار وكان زيد بن حارثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابنه أسامة حبه وأمثال ذلك، وقال له عمرو بن العاص أي الناس أحب إليك؟ قال «عائشة» قال فمن الرجال؟ قال «أبوها» فعلم أن.."

الرسول -عليه الصلاة والسلام- يحب المؤمنين والصحابة على رأسهم، ومحبة المؤمنين لا شك أنها فرض على كل مسلم لكن كونه يحب لا يعني أنه يتخذ خليلا ولا يعني أنه ممنوع أن يُتخَذ خليلا الممنوع أن يَتخِذ لأنه خليل الله ويحب المؤمنين ويحب أبا بكر ويحب عائشة ويحب أسامة ويحب معاذا، صرح بذلك بالنسبة لبعض الصحابة ولبعض القبائل، والمحبة عنوان المؤمنين بعضهم ببعض والمسلمين، المقصود أن الممنوع أن يتخذ خليلاً وكونه يتخذ لا بأس به ولذا قال أبو هريرة أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم-.

"فعُلِم أن الخلة أخص من مطلق المحبة والمحبوب بها لكمالها يكون محبوبًا لذاته لا لشيء آخر إذ المحبوب لغيره هو مؤخّر في الحب عن ذلك الغير ومن كمالها لا تقبل الشركة ولا المزاحمة لتخللها المحب ففي.."

فعُلِم أن الخلة أخص من مطلق المحبة هذا واضح، والمحبوب بها بالخلة لكمالها يكون محبوبًا لذاته لا لشيء آخر؛ إذ المحبوب لغيره هو مؤخَّر في الحب عن ذلك الغير ومن كمالها لا تقبل الشركة ولا المزاحمة، الآن المسلمون كلهم يحبون الرسول -عليه الصلاة والسلام- هذا أمر مقطوع به وتتفاوت محبتهم له تبعًا لكمال طاعتهم له واقتدائهم به «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» وفي حديث عمر لأنت أحب الناس إليَّ إلا من نفسي قال «ومن نفسك» وعلى هذا فهل الرسول على ضوء كلام المؤلف محبوبًا لذاته لا لشيء آخر، إذا المحبوب لغيره هو مؤخر في الحب عن ذلك الغير لننتبه، الرسول -عليه الصلاة والسلام- أحب إلينا من أنفسنا يعني هذه سواء كانت حقيقة وهذا في حال المقتدي المؤتسي المؤثِر لهواه -عليه الصلاة والسلام- على هوى نفسه، أو كانت دعوى مثل ما يقوله كثير من الناس، وإذا جاء المحز وتعارض محبة الرسول -عليه الصلاة والسلام- مع هواه وغير ذلك أو ما يحبه من ولد أو يؤثره من دنيا هذه أمور كل يحاسب على حسب ما وقر في قلبه، هل نحن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لذاته أو نحبه ونؤْثِره لشيء آخر؟ لأن المحبوب لذاته حبه أحب أكثر من السبب الذي من أجل يُحَب، يقول والمحبوب بها لكمالها يكون محبوبًا لذاته لا لشيء آخر إذا المحبوب لغيره هو مؤخَّر في الحب عن ذلك الغير، أنت تحب الرسول من أجل ماذا؟ أن الله أنقذك به من النار وأدخلك بسببه الجنة لهذا أو لا؟ أليس هذا ملاحَظ أنت لماذا تطيع؟ أمرك الله- جل وعلا- لكن ماذا رتَّب على هذا الامتثال؟ دخول الجنة وهذه من المضايق، بعض الناس يقول أنا إذا خفت النار إذا خفت الله من أجل عذابه فأنا في الحقيقة خفت النار ما خفت الله فهذا الكلام صحيح أو غير صحيح؟ غير صحيح أنت إذا رأيت شخصا بيده مسدس أنت تخاف من المسدس أو الذي بيده المسدس؟ نعم أنت ما تخاف من نفس المسدس أنت تخاف ممن يعذب بهذه النار وهو الله- جل وعلا- نعود إلى مسألتنا محبتنا للرسول -عليه الصلاة والسلام- لذاته؟ متى تزداد هذه المحبة وتدخل في شغاف القلوب من غير غلوّ لأن الغلوّ منهي عنه، إذا أدمنا النظر في سيرته -عليه الصلاة والسلام- وفي شمائله وفي خصائصه وعرفناه من قرب أما إنسان ما يعرف عن الرسول شيئا ولا نسب الرسول ولا سيرة الرسول ولا غزوات الرسول ولا حِلم الرسول ولا عفو الرسول ولا صبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- كيف يحبه؟! يحب إنسانا ما يعرفه! هذا شيء فيه تناقض، ولذلك على كل مسلم أن يُعنى بهذه الأبواب ليحب الرسول من صدق بعيدا كل البعد عما نهى عنه الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأنه يوجد من يدعي حب الرسول ويتفانى في حبه والألم يعتصر قلبه إذا ذُكر الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأنه لم يره ومع ذلك يقع في مخالفات كثيرة قد توصله إلى الشرك بالله، هذه دعوى كاذبة، الحب يكمن في طاعته -عليه الصلاة والسلام- في طاعة الله وفي طاعة رسوله -عليه الصلاة والسلام- لكن أنت لما تحب الرسول -عليه الصلاة والسلام- لذاته لا لشيء آخر هل أنت تحبه لأن الله أنقذك به من النار وأدخلك بسببه الجنة؟ إن كنت تحب ذلك الشيء دونه في آخر آية من سورة الكهف {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [سورة الكهف:110] إذا خاف النار مثل ما قلنا سابقًا بعضهم أثار هذه القضية من الصوفية أنا أقول لا أخاف النار ولا أرجو الجنة يقولون كذا لأني إذا خفت النار ورجوت الجنة شَرَّكْت {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدا} [سورة الكهف:110] أنت شرَّكت الآن نقول لا، أنا إذا خفت النار معناه لا أخاف النار وإنما أخاف من يعذب بالنار، إذا مررت بأعظم نار من نيران الدنيا ما أخاف منها لكن لو حولها زبانية يلقونه فيها خاف منهم ما يخاف منها.

طالب: ..........

في علوم الحديث في مقدمة الكرماني قال إن موضوع الحديث ذات النبي -صلى الله عليه وسلم- موضوع علم الحديث ذات النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن هذا صحيح أو لا؟ يجر بعضها بعضا ثم..! صحيح أو لا؟ أو موضوع الحديث أقواله وأفعاله وصفاته؟ أقواله وأفعاله وصفاته وإقراراته وغير ذلك مما يدخل في مسمى الحديث، هذا موضوع علم الحديث قالوا وموضوع ذاته -عليه الصلاة والسلام- هو موضوع علم الطب ذاته المركبة من لحم ودم وعظم كغيره من البشر فالمسألة لندع تداعياتها تنتهي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: ..........

إذا الإنسان إذا تابع وجد كل ما يطلبه الشرع في هذه المتابعة ولا يلزم أن يدخل في تفصيلات.

"والمحبوب بها لكمالها يكون محبوبا لذاته لا لشيء آخر إذا المحبوب لغيره هو مؤخَّر في الحب عن ذلك الغير ومن كمالها لا تقبل الشركة ولا المزاحمة لتخللها المحب ففيها كمال التوحيد وكمال الحب ولذلك لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً وكان إبراهيم قد سأل ربه أن يهب له ولدًا صالحًا فوهب له إسماعيل.."

امتحان لهذه الخلة، ولهذه المحبة سأل اللهَ- جل وعلا- أن يهبه ولدا صالحا بعد عمر طويل مائة وعشرين سنة فأجاب طلبه ووهبه بكره إسماعيل ثم اختبره، هل هذه المحبة تأثَّرت أو ما تأثَّرت يوم جاء الولد، الآن الشاب المتدين طالب العلم المتحمس قبل أن يدخل في غمار الحياة وتأتي الأسرة ويأتي الأولاد المجبنة المبخلة نعم هو مستعد بكل شيء ويدعي دعاوى عريضة لكن إذا جاء الاختبار الذي يقول بتحريم التصوير ثم يرى الولد في أول حبواته وأول خطواته ينازع نفسه يصور أو ما يصور؟! ويبحث عن الأقوال الأخرى وهذه لحظات لا تتكرر ثم بعد ذلك يتساهل، إذا جاء الولد المجبنة المبخلة هنا يأتي الامتحان، إذا أصيب الولد بحرارة شديدة في منتصف الليل مثلاً ذهب وفزع يبحث عن الأطباء وكأن المسألة ينسى الخالق وينسى تعلقه بالله وينسى كذا كله شفقة على هذا الولد ولا يلام هذا من الأسباب، لكن أيضًا في هذه الظروف يكون تعلقه بالله- جل وعلا- لا بالأسباب ولا بالأطباء ولا بالأدوية ولا بغيرها هذه أسباب جرت العادة بنفعها وقد تسلب هذه المنافع، وقد يسعى الأطباء بجميع ما يستطيعون وأمكنهم علاج ما هو أشد من هذا المرض لكن الله ما قدر أن يشفى هذا الولد فليكن التعلق بالله- جل وعلا-.

"فأخذ هذا.."

لحظة فيه كلام..

جاء الاختبار لإبراهيم مقدار هذه الـخُلة تزحزحت أو ما تزحزحت أمر بذبحه ما الذي حصل من الخليل؟ تلّه للجبين بدون تردد، لا توجد محاولة يا رب يا رب لا، أمر بذبح ابنه فتله للجبين انظر الاختبار الثاني لبني إسرائيل أمة بكاملها تؤمر بذبح بقرة فذبحوها وما كادوا يفعلون، تأمل هذا الامتثال، وتأمل الامتثال الآخر، والله المستعان.

طالب: ..........

أين؟

طالب: ..........

نعم، يعني أراد أن يختبره لئلا يكون هذا الولد قد أثّر في محبته إن الله يغار.

طالب: ..........

الحكمة مستنبطة واضحة من القصة والغيرة صفة ثابتة- لله جل وعلا-.

"فأخذ هذا الولد شعبة من قلبه فغار الخليل على قلب خليله أن يكون فيه مكانا لغيره فامتحنه بذبحه ليظهر سر الخلة في تقديمه محبة خليله على محبة ولده، فلما استسلم لأمر ربه وعزم على فعله وظهر سلطان الخلة في الإقدام على ذبح الولد إيثارًا لمحبة خليله على محبته نسخ الله ذلك عنه وفداه بالذبح العظيم؛ لأن المصلحة في الذبح كانت ناشئة من العزم وتوطين النفس على ما أُمر فلما حصلت هذه المصلحة عاد الذبح نفسه مفسدة فنسخ في حقه وصارت الذبائح والقرابين من الهدايا والضحايا سنة في أتباعه إلى يوم القيامة، وكما أن منزلة الخلة الثابتة لإبراهيم صلوات الله عليه قد شاركه فيها نبينا -صلى الله عليه وسلم- كما تقدم كذلك منزلة التكليم الثابتة لموسى صلوات الله عليه قد شاركه فيها نبينا -صلى الله عليه وسلم- كما ثبت ذلك في حديث الإسراء، وهنا سؤال مشهور وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل من إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- فكيف.."

يعني في التفضيل الإجمالي محمد -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق، هناك مسائل أو فضائل خاصة كون إبراهيم عليه السلام أول من يُكسى يوم القيامة يعني قبل محمد -عليه الصلاة والسلام- لا يعني أنه أفضل منه مطلقًا، وجود التفضيل في خصلة من الخصال أو في خلة من الخلال لا يعني التفضيل الإجمالي، التفضيل الإجمالي لمحمد -عليه الصلاة والسلام- وكذلك موسى لما يكون الرسول -عليه الصلاة والسلام- أول من تنشق عنه الأرض فإذا موسى آخذ بقائمة العرش لا يعني أنه أفضل من محمد -عليه الصلاة والسلام- ولا شك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل من إبراهيم.

يقول هل الغيرة من صفات الله جل وعلا؟ وهل الغيور..؟

من الأسماء لا، ليس بصحيح، إن الله ليغار أن يزني عبده أو تزني أمته أما الغيور لا، ولذلك يقول هل يصح أن يسمى الإنسان عبد الغيور؟ لا، لأنه ليس من الأسماء.

طالب: ..........

إن الله يغار..

طالب: ..........

أن تنتهك محارمه لكن الآن بالنسبة لإبراهيم كونه ينصرف عن خليله في قلبه حسنات الأبرار سيئات المقربين.

"وهنا سؤال مشهور وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل من إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- فكيف طُلِب له من الصلاة مثل ما لإبراهيم مع أن المشبَّه به أصله أن يكون فوق المشبَّه وكيف الجمع بين هذين الأمرين المتنافيين؟ وقد أجاب عنه العلماء بأجوبة عديدة يضيق هذا المكان عن بسطها."

كما صليت على إبراهيم الأصل أن المشبَّه أقل من المشبَّه به فكيف تطلب صلاة لمحمد -عليه الصلاة والسلام-كالصلاة على إبراهيم وعلى آل محمد كالصلاة على آل إبراهيم يجيب عنه المؤلف إن شاء الله.

"وأحسنها أن.."

والجواب الشافي الكافي المفصَّل في جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام لابن القيم رحمه الله.

"وأحسنها أن آل إبراهيم فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد مثلهم فإذا طلب للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولآله من الصلاة مثل ما لإبراهيم وآله وفيهم الأنبياء حصل لآل محمد ما يليق بهم فإنهم لا يبلغون مراتب الأنبياء وتبقى الزيادة التي للأنبياء وفيهم إبراهيم لمحمد -صلى الله عليه وسلم- فيحصل له من المزية ما لم يحصل لغيره وأحسن من هذا أن النبي محمدًا -صلى الله عليه وسلم- من آل إبراهيم بل هو أفضل آل إبراهيم فيكون قولنا كما صليت على آل إبراهيم متناولاً للصلاة عليه وعلى سائر النبيين من ذرية إبراهيم بل هو متناول إبراهيم أيضًا كما في قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [سورة آل عمران:33] فإبراهيم وعمران دخلا في آل إبراهيم وآل عمران وكما في قوله تعالى {إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} [سورة القمر:34]."

فماذا عن لوط؟ معهم نجاه الله معهم بل أولهم.

طالب: .........

الآن الأمة بكاملها وفضلها بعده -عليه الصلاة والسلام- ليس فيها نبي فأنت إذا فضّلت هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس وجعلتها في جهة وجعلت في مقابلها آل إبراهيم وفيهم أنبياء ولو كان عددهم أقل ورتبتهم أقل من سوى الأنبياء أتباع إبراهيم أقل رتبة من أتباع محمد لكن فيهم أنبياء فإذا جعلت هؤلاء الأنبياء من ضمن هذه المجموعة من ضمن هؤلاء الآل فُضِّلوا على أمة محمد، وأيضًا إذا نظرت إلى آل إبراهيم وأن فيهم الأنبياء وفيهم محمد -عليه الصلاة والسلام- ساد فضلهم على محمد وعلى آل محمد في الجملة، واضح؟ ليس بواضح دعونا نمثل بمثال حسي مثلاً لو تأتي بمجموعة مثلاً من التجار تجار بلد من البلدان مثلا تجار الرياض، وتأتي بتجار جدة، في جدة أعداد هائلة من التجار، لكن إذا نظرت إلى مفردات بعض تجار الرياض مثلاً الراجحي وفلا وفلان والوليد من تجار العالَم المعروفين ليكن عددهم أقل وأولئك عددهم أكثر لكن إذا جمعت رؤوس أموال هؤلاء زادت على رؤوس أموال هؤلاء، هذا مثل حسي ما يقارن على ما نحن فيه لكنه مثال تقريبي واضح؟ الدنيا كلها لا تزن عند الله جناح بعوضة نحن ذكرنا هؤلاء فقط من أجل التوضيح وإلاَّ والله إن اللسان يتلعثم حينما يُذكَر أهل الدنيا في مثل هذا المجال والله المستعان.

طالب: .........

ما هو؟

طالب: .........

إيه لكن مقرر عند أهل العلم أن المشبَّه أقل من المشبَّه به هذه المسألة استشكلها أهل العلم وأجابوا عنها.

"فإن لوطًا داخل في آل لوط وكما في قوله تعالى {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ} [سورة البقرة:49] وقوله.."

النجاة أولها من فرعون نفسه هو الذي على يديه العذاب، فالمقصود فرعون وآله.

"وقوله {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [سورة غافر:46]."

هل يمكن أن يقول قائل ليس هناك ما يدل على هلاك فرعون أو ليس هناك ما يدل على أن فرعون يُصلَى أشد العذاب؟! المنصوص عليه آله فدخوله فيهم دخولاً أوليًّا إذا كانوا بسببه وبقربهم منه يُدخَلون أشد العذاب فما بالك به وما شأنه؟ نسأل الله العافية.

"فإن فرعون داخل في آل فرعون ولهذا والله أعلم أكثر روايات حديث الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما فيها كما صليت على آل إبراهيم وفي كثير منها كما صليت على إبراهيم ولم يرد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إلا في قليل من الروايات."

لكنه ورد الجمع بينهما، شيخ الإسلام كأنه ينفي ورود الجمع بين إبراهيم وآل إبراهيم.

طالب: .........

لا، الرجل يدخل في آله دخولاً أوليًا لاسيما إذا كانوا من أجله استحقوا هذا الوصف.

طالب: .........

نعم مابه؟

طالب: .........

لأنه من آله..

أكمل..

"وما ذلك والله أعلم إلا في قوله كما صليت على إبراهيم يدخل آله تبعًا وفي قوله كما صليت على آل إبراهيم وهو داخل في آل إبراهيم وكذلك لما جاء أبو أوفى رضي الله عنه بصدقته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال «اللهم صلِّ على آل أبي أوفى» فعلى رواية.."

وأوفى صاحب الصدقة ما يدخل؟! من باب أولى دخولا أوليًّا.

"فعلى رواية من روى كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم لا يدخل فيهم لإفراده بالذكر ولما كان بيت إبراهيم عليه السلام أشرف بيوت العالم على الإطلاق خصهم الله بخصائص منها أنه جعل فيه النبوة والكتاب فلم يأت بعد إبراهيم نبي إلا من أهل بيته، ومنها أنه سبحانه جعلهم أئمة يهدون بأمره إلى يوم القيامة، فكل من دخل الجنة من أولياء الله بعدهم فإنما دخل من طريقهم وبدعوتهم، ومنها أنه سبحانه اتخذ منهم الخليلين كما تقدم ذكره، ومنها أنه جعل صاحب هذا البيت إمامًا للناس قال تعالى {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [سورة البقرة:124] ومنها أنه أجرَى على يديه بناء بيته الذي جعله قيامًا للناس ومثابة للناس وأمنا وجعله قبلة لهم وحجًا فكان ظهور هذا البيت من أهل البيت الأكرمين.."

من أهل..

"فكان ظهور هذا البيت من أهلِ البيت الأكرمين.."

ما عندك هذا من أهل هذا البيت الأكرمين..

"أحسن الله إليك.

فكان ظهور هذا البيت من أهل هذا البيت الأكرمين ومنها أنه أمر عباده أن يصلوا  على أهل هذا البيت إلى غير ذلك من الخصائص."

 

اللهم صل على محمد...

"