شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (004)

يقول: "ولا أذكر من الأحاديث إلا ما كان مسندًا متصلاً"، مسندًا يعني مرفوعًا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، متصلاً يعني متصل الإسناد خالٍ عن الانقطاع، "وأما ما كان مقطوعًا"؛ ومراده بذلك المنقطع وليس مراده المقطوع المصطلح عليه مما هو منسوب إلى من دون الصحابة من التابعين فمن دونهم، "أو معلَّقًا فلا أتعرَّض له" فحذف المعلَّقات، والمعلَّقات في صحيح البخاري تزيد على (1340) حديثًا معلَّقًا، حذفها كلها، "واقتصر على الأحاديث المسندة المتصلة التي هي المقصود من الصحيح، وكذلك ما كان من أخبار الصحابة" يعني الموقوفات حذفها أيضًا "فمن بعدهم" يعني مما أضيف إلى التابعين فمن دونهم "مما ليس له تعلُّق بالحديث" يعني ما كان له تعلق بالحديث مما يفسِّر معنًى غامض فإنه قد يذكره، هذا مفهوم كلامه.

"ولا فيه ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا أذكره، كحكاية مشي أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-" هذه أمثلة لما ذكره "إلى سقيفة بني سعد، وما كان فيه من المقاولة بينهم"، والمقاولة مفاعلة، من قال، يعني قال بعضهم ورد عليه آخر بقول وما أشبه ذلك، "وكقصة مقتل عمر -رضي الله عنه- ووصيته لولده"، هذه كلها من الموقوفات؛ لأنها حصلت بعد عصر النبي -صلى الله عليه وسلم-، "ووصيته لولده في أن يستأذن عائشة ليدفن مع صاحبيه، وكلامه في أمر الشورى، وبيعة عثمان -رضي الله عنه-، ووصية الزبير لولده في قضاء دينه، وما أشبه ذلك"، كل ذلك لأنها من الأخبار الموقوفة، ولا ذكر للنبي -عليه الصلاة والسلام- فيها.

بعد ذلك يقول: "ثم إني أذكر اسم الصحابي"، يعني يحذف جميع الإسناد، ويقتصر على اسم الصحابي "الذي روى الحديث في كل حديثٍ ليُعلَم من رواه"، يعني من الصحابة، يعني يذكر الراوي الأعلى في الإسناد وهو الصحابي، "وألتزم كثيرًا ألفاظه في الغالب" ألفاظ الإمام البخاري "مثل أن يقول: عن عائشة وتارةً يقول: عن ابن عباس" فيقتصر المختصِر على قوله: عن عائشة وعن ابن عباس "وحينًا يقول: عن عبد الله بن عباس" فيقول المختصِر: "وعن عبد الله بن عباس، وكذلك ابن عمر، وحينًا يقول عن أنس" فيقتصر على قوله: وعن أنس "وحينًا يقول: عن أنس بن مالك فأتبعه في جميع ذلك"؛ تقليدًا للإمام -رحمه الله تعالى-. "وتارة يقول: عن فلان يعني الصحابي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتارة يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحينًا يقول: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: كذا وكذا، فأتبعه في الجميع"، فيفرِّق في الأسانيد بين المعنعن والمؤنَّن؛ لأن لكل منهما حكمه عند بعض أهل العلم، وإن كان حكم المؤنَّن عند جمهور العلماء والمعنعن سواء، فالمؤنَّن حكمه حكم السند المعنعن عند جماهير العلماء، وإن خالف في ذلك من خالف فيما نسبه ابن الصلاح للإمام أحمد ويعقوب بن شيبة، ولم يصوِّب صوبه، كما قال الحافظ العراقي، ولذا يقول -رحمه الله-:

............................................
سووا وللقطع نحا البرديجي

 

 

وحكم أنَّ حكم عن فالجلُّ
حتى يبين الفصل في التخريجي
 

إلى آخر كلامه -رحمه الله تعالى-.

يقول: "فأتبعه في جميع ذلك، فمن وجد في هذا الكتاب ما يخالف ألفاظه فلعله من اختلاف النسخ"، ولا شك أن نسخ البخاري مختلفة، وروايات الصحيح أيضًا كثيرة، والله المستعان.

المقدم: أحسن الله إليكم، ما الذي جعلكم تقولون في قوله: "وأما ما كان مقطوعًا" بأنه لا يريد المنقطع، لا يريد الحديث الموقوف على التابعي، وإنما يريد المنقطع؟

لأنه أشار إلى ذلك صراحةً، يقول: وكذلك ما كان عطَف عليه قوله: "وكذلك ما كان من أخبار الصحابة فمن بعدهم"، هذا هو المقطوع، فمن بعدهم هو المقطوع، فلا يريد بقوله: "مقطوعًا" المقطوع الذي هو مضاف للتابعي فمن دونه، لكن هو يريد المنقطع، وأطلق بعضهم كالشافعي وغيره على المقطوع المنقطع المقطوع والعكس، وُجِد هذا في تعبيرهم.

المقدم: فضيلة الشيخ، أثابكم الله، ذكرتم من كلام العلماء في اعتذارهم للإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في عدم إيراده الخطبة في كتابه الصحيح وذكرتم أن حديثي الباب ليسا على شرط الإمام البخاري -رحمه الله-، فهل يعني هذا عدم ثبوت هذين الحديثين عنده أم يعني غير ذلك؟

الاعتذار عن الإمام البخاري في عدم إيراده الخطبة للكتاب، وعدم احتجاجه بحديث: «كل أمرٍ ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع» وحديث: «كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء» نعم، الحديثان ليسا على شرطه، وشرطه هنا أوسع من أن يكون شرطًا للتخريج في كتابه، وبين أن يكون شرطًا للعمل بالحديث وقبوله، فالحديثان ليسا على شرطه لا من حيث الاحتجاج ولا من حيث القبول، ولا من حيث الإيراد في الكتاب، فالحديثان، حديث «كل أمرٍ ذي بال» محكوم عليه بجميع طرقه وألفاظه بالضعف عند جمعٍ من أهل العلم ممن هم أشد تساهلاً من الإمام البخاري فضلاً عنه، وإن حسَّن النووي وبعض أهل العلم لفظ "الحمد" فقط: «كل أمرٍ ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع» حسنه النووي وبعض العلماء، لكن الأكثر على عدم ثبوت هذا الحديث بجميع طرقه وألفاظه، وممن ضعَّفه جملةً وتفصيلاً الألباني وغيره، وإن خرَّجه ابن حبان في صحيحه؛ لأنه معروف بالتساهل.

المقدم: أحسن الله إليكم، قال الإمام زين الدين أحمد بن عبد اللطيف الزَّبيدي في مقدمته فيما قرأناه فيما مضى نستكمل فيقول: ولي بحمد لله في الكتاب المذكور أسانيد كثيرة متصلة بالمصنف عن مشايخ عدة، فمن ذلك روايتي له عن شيخي العلامة نفيس الدين أبي الربيع سليمان بن إبراهيم العلوي -رحمه الله تعالى-، قراءةً مِنِّي عليه لبعضه، وسماعًا لأكثره، وإجازة في الباقي بمدينة تعز سنة (823هـ)".

اجتمع في هذه الرواية عن هذا الشيخ القراءة على الشيخ التي يسميها أهل العلم العرْض، والرواية بها جائزة اتفاقًا، "وسماعًا لأكثره" إن كان من الشيخ فهو أعلى درجات وطرق التحمل الذي هو السماع من لفظ الشيخ، وإن كان سماعًا لأكثره بقراءة غيره على الشيخ فهو عرْضٌ أيضًا، "وإجازةً في الباقي" فاجتمع في هذه الرواية ثلاثة من أنواع طرق التحمل، السماع والقراءة التي هي العرْض والإجازة.

المقدم: قال: "أخبرنا به والدي وشيخنا الإمام الكبير شرف المحدِّثين موسى بن موسى بن عليٍّ الدمشقي المشهور بالغزولي، قراءةً مِنِّي عليه لجميعه، قال: أخبرنا به الشيخ المسنِد المعمَّر أبو العباس أحمد بن أبي طالب الحَجَّار، إجازة للأول وسماعًا للثاني، ومنها روايتي له عن الشيخ الصالح الإمام ولي الله تعالى أبي الفتح".

هذه طريق أخرى يروي بها صحيح الإمام البخاري بعد أن ذكر الطريق الأول ذكر الطريق الثاني، ثم قال: "ومنها روايتي له عن الشيخ الصالح..." إلى آخره.

المقدم: قال: "ومنها رواتي له عن الشيخ الصالح الإمام ولي الله تعالى أبي الفتح محمد بن الإمام زين الدين أبي بكر بن الحسين المدني العثماني سماعًا عليه لأكثره، وإجازة لجميعه، والشيخ الإمام خاتمة الحفاظ شمس الدين أبي الخير محمد بن محمد بن محمد الجزَري الدمشقي، والقاضي العلامة الحافظ تقي الدين محمد بن أحمد الفاسي الشريف الحسني المكي قاضي المالكية بمكة المشرفة إجازة معينة منهم لجميعه -رحمهم الله تعالى-."

الإجازة المقصود بها الإذن بالرواية، والإجازة المعيَّنة هي المراد بها تعيين الكتاب المُجاز، وتعيين أيضًا الطالب المُجاز، تعيين الطالب وتعيين الكتاب المُجاز به، فيقول المُجيز: أجزتُ أو أذنتُ لفلان بن فلان أن يروي عني كتاب كذا صحيح البخاري مثلاً، بخلاف الإجازة العامة التي ليس فيها تعيين لا للطالب ولا للكتاب، والإجازة الرواية بها سائغة وجائزة عند أهل العلم، لاسيما عند تعذر قراءة الكتب على الشيوخ لضيق أوقاتهم وكثرة الطالبين، توسعوا في قبول الرواية بالإجازة، لكن التوسع الذي هو في الحقيقة غير مرضي في الإجازة العامة، أن يجيز أهل بلده مثلاً، أو يجيز من قال: لا إله إلا الله، أو أجزت أهل الإقليم الفلاني، كل هذا توسع غير مرضي، لكن إذا أجاز شخصًا معيَّنًا بكتاب معيَّن والمُجاز من أهل الرواية اشترط ابن عبد البر أن يكون ماهرًا بالصناعة، أقل الأحوال أن يكون له اهتمام وعناية بالعلم الشرعي، حينئذٍ تصح الإجازة وإلا فلا.

المقدم: قال: "وثلاثتهم أنبأنا به الشيخ الإمام الحافظ شيخ المحدِّثين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صدِّيق الدمشقي المعروف بابن الرسام، قال: أنبأنا به أبو العباس الحَجَّار وأخبرني به عاليًا..."

التقى مع السند الأول.

المقدم: قال: "وأخبرني به عاليًا الشيخ الإمام زين الدين أبو بكر بن الحسين المدني المراغي، ولد شيخنا أبي الفتح..."

والد.

المقدم: في النسخة هنا ولد. "والد شيخنا أبي الفتح وقاضي القضاة مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي إجازة عامة، قال: أخبرنا به أبو العباس الحجَّار قال:..."

التقى مع السندين السابقين.

لحظة.. "وأخبرني به عاليًا" يعني بإسنادٍ عالٍ، والإسناد العالي عند أهل العلم ما قلَّت فيه الوسائط بين الراوي وبين النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني ما قل عدد رجاله فهو الإسناد العالي، وما كثر عدد رجاله فهو الإسناد النازل، وأعلى ما في الكتب الستة الثلاثيات، وفي البخاري منها اثنان وعشرون حديثًا ثلاثيًّا، وأنزل ما في البخاري حديثٌ واحد تساعي وفيه ثماني أيضًا، وأنزل ما في الكتب الستة حديثٌ عند النسائي فيه أحد عشر راويًا، هذا حديثٌ نازل جدًّا يتعلق بسورة الإخلاص وفضلها، وعلى كل حال الثلاثيات في الصحيح، وهو الذي يهمنا اثنان وعشرون حديثًا جُلُّها عن المكي بن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع، وهذا أعلى ما في الكتب الستة.

المقدم: مِن البخاري مباشرة؟

مِن البخاري إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ثلاثة رواة، لكن لو صاروا أربعة صار أنزل خمسة أنزل إلى التساعي الذي هو أنزل ما في الصحيح.

المقدم: قال: "أنبأنا به الشيخ الصالح أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الهروي الصوفي، قال: أنبأنا الشيخ الفقيه عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي، قال: أنبأنا به الإمام أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السَّرْخَسِي."

مثل هذا الاسم حموَيْه وسيبوَيْه ونفطوَيْه المختار عند أهل اللغة أنه على هذه الصيغة مختوم بوَيْه، وأهل الحديث يقول: حمُّوْيَة سيبُوْيَة نفطُوْيَة راهُوْيَة، وأما أهل اللغة فيقولون: راهَوَيْه سيبَوَيْه نفطَوَيْه حموَيْه، وأهل اللغة هم المرجع إليهم في هذا الباب كما هو معروف، والذي يجعل أهل الحديث لا يلفظون بوَيْه يروون في الباب حديث أن وَيْه اسم من أسماء الشيطان فلا يريدون أن ينطقوا به، والحديث ضعيفٌ جدًّا لا يثبت.

المقدم: قال: "أنبأنا به الشيخ الصالح محمد بن يوسف الفَرَبْرِي، قال: أنبأنا به الإمام الكبير أبو عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري -رحمه الله تعالى-، ولكل واحدٍ من هؤلاء المذكورين إلى البخاري أسانيد كثيرة بطرق متنوعة، ولِيَ -بحمد الله- أسانيد غير هذه عن مشايخ كثيرين يطول تعدادهم، اقتصرت منها على هذه الطرق لشهرتها وعلوها."

صحيح البخاري رواه عن مؤلفه أكثر من تسعين ألفًا، اشتهر وانتشر في الآفاق، شهرته طبَّقت الآفاق، وتلقاه الناس بالقبول، وكثرت الأسانيد إلى مؤلفه، فما من عالِمٍ يهتم بالسنة إلا وله سند متصل بصحيح البخاري وغيره من كتب السنة مما يطول ذكره، وإن كانت المحافظة على الأسانيد في العصور المتأخرة بعد تدوين السنة واستقرارها في الكتب الفائدة منها العملية قليلة؛ لأنه لا يترتب عليها تصحيح ولا تضعيف، لا يترتب عليها قبول ولا رد، وإنما المحافظة عليها من قبيل المحافظة على خصيصة هذه الأمة، الأمة اختُصت بالأسانيد شرفًا لها، ولا يوجد إسناد متصل في أي أمة من الأمم إلى نبيها غير هذه الأمة زادها الله شرفًا وعلوًّا ورفعة.

على كل حال أهل العلم يهتمون بالأسانيد ويرحلون إلى الأقطار من أجلها، وإن كانت فائدتها ما ذكرتم، وبالنسبة لي أنا على وجه الخصوص فأنا أروي صحيح البخاري -رحمه الله تعالى- وغيره من كتب السنة إجازة عن شيخنا العلامة المحقق حمود بن عبد الله بن حمود التويجري -رحمه الله تعالى-، رواية أو إجازة عن شيخيه الفاضلين الشيخ: عبد الله بن عبد العزيز العنقري والشيخ سليمان بن عبد الرحمن بن حمدان -تغمدهما الله برحمته وأسكنهما فسيح جنته-، وحقيقةً ليس لي من إجازة ولا رواية إلا من طريق الشيخ -رحمه الله تعالى-، ويكفيني في ذلك أن يكون واسطتي أو الواسطة بيني وبين الرسول -عليه الصلاة والسلام- مثل هذا الحبر العالِم الزاهد الوَرِع، والله المستعان.

وثَبَت الشيخ متداول بين الإخوان وبين طلبة العلم باسم "إتحاف النبلاء للرواية عن الأعلام الفضلاء" من أراد أن ينظر أسانيده بالتفصيل فليرجع إلى الثَّبَت المذكور، ويقع في أكثر من خمسين صفحة، ويوجَد عند كل من أجازه الشيخ -رحمه الله تعالى رحمة واسعة-.

المقدم: كيف طريقة إجازة الشيخ لكم يا شيخ كيف كانت؟

الشيخ -رحمه الله- نما إلى علمه -رحمه الله تعالى- أني أرغب في الإجازة منه وإن لم أطلب منه مباشرة أن يجيزني، فبادرني -رحمة الله عليه-، فأعطاني الثَّبَت وقال: تأمَّلْه وتصفَّحْه واقرأه ثم تأتي إليَّ بعد أسبوع لكي أجيزك به، فلما رجعت إليه حدثني مشافهة بالحديث المسلسل بالأولية «الراحمون يرحمهم الرحمن» وجرت عادة أهل العلم أنهم يبدؤون بهذا الحديث؛ لأنه مسلسل بالأولية، لكل راوٍ من رواته إلى الشيخ حمود بالنسبة لي، يقول: وهو أول حديث سمعته من شيخي فلان، وأنا أقول: وهو أول حديث سمعته من شيخي فلان، وهكذا إلى سفيان بن عيينة -رحمه الله- تابع التسلسل فيه إلى سفيان بن عيينة، وما فوقه تسلسله فيه نظر، وعلى كل حال بعد ذلكم أجازني وأذن لي بالرواية لجميع الكتب المدوَّنة في الثَّبَت الصحيحين والسنن والمسانيد وبعض الجوامع، والمصنفات وكتب شيخ الإسلام بن تيمية، وابن القيم، وكتب المذهب الحنبلي وغيرها من الكتب المزبورة في هذا الثَّبَت المشار إليه "إتحاف النبلاء بالرواية عن الأعلام الفضلاء".

المقدم: فيه أكثر من إسناد يا شيخ؟

فيه بالنسبة للشيخ يروي من طريقين، من طريق الشيخ عبد الله العنقري، ومن طريق الشيخ سليمان بن حمدان، وكلٌّ منهما يروي من طرق، كل من الشيخين يروي من طرق وهي مدونة.

المقدم: تصل إلى كم تقريبًا العدد؟

والله ما حصرتها بالضبط لكن لكل واحدٍ منهما طرق متعددة.

المقدم: قال رحمه الله: "وسميت هذا الكتاب المبارك بـ(التجريد الصريح في أحاديث الجامع الصحيح) والمسؤول من الله -تعالى- أن ينفع بذلك، ويجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن يصلح المقاصد والأعمال بجاه سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وهذا حين الشروع -إن شاء الله-."

يقول المؤلف: "وسميت هذا الكتاب بالتجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح" المقصود بالتجريد التخليص من الزوائد، الصريح الذي لا خفاء فيه ولا غموض، "لأحاديث الجامع الصحيح" يعني للإمام البخاري، "والمسؤول من الله -تعالى- أن ينفع بذلك، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن يصلح المقاصد والأعمال" نعم لأن العبرة بالمقاصد، وليست العبرة بالمظاهر، «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأبدانكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» وأول حديث في الصحيح حديث «الأعمال بالنيات»، فعلى الإنسان لاسيما طالب العلم أن يتفقد نيته، وأن يكون ديدنه اللهج بسؤال الله -سبحانه وتعالى- أن يصلح مقصده؛ لأن العلم الشرعي من علوم الآخرة المحضة التي لا يجوز التشريك فيها بغير الله -سبحانه وتعالى-، بل على طالب العلم أن يحسن نيته التي لا يجوز للمسلم أو لطالب العلم أن يشرك فيها مع الله -سبحانه وتعالى- غيره.

يقول المختصِر: "بجاه سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين" السؤال بجاه النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون قَسَم بجاه النبي -عليه الصلاة والسلام-، والإقسام على الله -سبحانه وتعالى- بمثل هذا لا يجوز، بل منهي عنه عند جماهير العلماء، إذ لا يجوز الإقسام بغير الله -سبحانه وتعالى-، ويحتمل أيضًا أن يكون يَسألُ الله -سبحانه وتعالى- به، وهذا وإن جوَّزه طائفة من الناس، ووُجد في دعاء كثيرٍ منهم، لكن ما روي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في ذلك كله ضعيف بل موضوع، وأشار إلى ذلك شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في كتابه: الموسوم بقاعدة جليلة في التوسل والوسيلة فعلى الإنسان أن يجتنب مثل هذه الأساليب التي فيها شيءٌ من المخالفة، وفيها شيءٌ من الخروج من السنة إلى غيرها.

 

يقول: "وهذا حين الشروع -إن شاء الله تعالى­-"، يعني في الاختصار، بدءًا بالباب الأول، كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.