هذه المقدمة- الأجرومية- لا تحتاج إلى تعريف، وإن كانت المعرفة بمؤلفها يسيرة؛ فلا توجد له ترجمة وافية؛ لكن كتابه يدل على أنه كُتب بإخلاص، ولا يطلع على ذلك إلا علام الغيوب؛ لكن القرائن تدل على ذلك، بدليل أنه كتابٌ اعتمد عليه أهل العلم وتداولوه بالحفظ والإقراء والتصنيف، عشرات الشروح والحواشي على هذا الكتاب الصغير، وهو اللبنة الأولى في هذا الفن العظيم الذي هو النحو، ويوصي بعضهم بأن يقرأ بل يحفظ مع هذا الكتاب الصغير كتاب (العوامل الجرجانية)، ففي بعض الجهات من أقطار العالم الإسلامي يضمون هذا إلى هذا ليتكامل الفن، ويبقى أن هذا القدر من معرفة النحو مفيد جداً للمبتدئ، وإن أراد أن يصعد اللبنة الثانية فيقرأ القطر، وشرح القطر، ثم بعد ذلكم يتأهل للألفية، وحينئذٍ لا يحتاج إلى غيرها من كتب العربية، وإن كان هناك كتب في غاية الأهمية؛ لكن هذا العلم وسيلة وليس بغاية، فهو كالملح للطعام، لا ينبغي أن يكثر منه، وطالب العلم الشرعي لا يطالب بقراءة المطولات ؛ لأنه بالإمكان تحصيل حاجته من هذا العلم بغير هذا الطول الذي يعوقه دون تحصيل ما هو بصدده من حفظ النصوص وفهمها والإفادة منها؛ لكن لا بد من معرفة ما يكفي، فإذا حفظ الآجرومية وفهمها وقرأ عليها الشروح، ثم إن تيسر له القطر مع شرحه فحسن، ثم بعد ذلكم يتأهل للألفية، وإن اكتفى بالملحة فهي كتاب نفيس وسهل،و الألفية فيها شيء من الطول والصعوبة، لكنها أساس متين لهذا الفن.
هو: أبو عبد الله، محمد بن محمد، بن داود، الصنهاجي، نسبة إلى إحدى القبائل بالمغرب، النحوي، المعروف بابن آجروم، ومعناه بلسان البربر: الفقير الصوفي الورع، كان إماما في النحو وغيره، اشتهر برسالته (الأجرومية) وقد شرحها كثيرون. وله (فرائد المعاني في شرح حرز الأماني ) مجلدان منه، الأول والثاني لعلهما بخطه، في خزانة الرباط، ويعرف بشرح الشاطبية. وله مصنفات أخرى وأراجيز. ولد بفاس سنة: 672 وتوفي بها سنة: 723.
-------------------------------
الأعلام للزركلي، (7/33).