كتاب الصلاة (39)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا وارفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا وعملاً واغفر لنا ولشيخنا يا ذا الجلال والإكرام.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: (بَابُ الِاسْتِلْقَاءِ فِي المَسْجِدِ وَمَدِّ الرِّجْلِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُ «رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا فِي المَسْجِدِ، وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى».

 وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: «كَانَ عُمَرُ، وَعُثْمَانُ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ»).

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

 فيقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: (باب الاستلقاء في المسجد) والاستلقاء النوم على الظهر، (ومد الرجل) يعني عند الحاجة وإلا فكفُّها والتحفُّظ أولى، وكذلك وضع الرجل على الرجل والاحتباء، كل هذا عند الحاجة إليه لا شيء فيه، وأما من غير حاجة فقد جاء النهي عن وضع الرجل على الرجل وعن الاحتباء، ولكن فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث وفي غيره. فقال بعضهم: الحديث منسوخ، وقال آخرون: الحديث محكم، ويمكن الجمع بين الفعل والنهي بأن الفعل حيث يؤمن انكشاف العورة، والنهي حيث لا يؤمن ذلك، فإذا أُمن انكشاف العورة فلا مانع من الاستلقاء ووضع الرجل على الرجل؛ لأن المحظور في ذلك هو رؤية العورة مما لا يجوز له رؤيتها، والجمع لا شك أنه ممكن، وله وجه، فلا داعي إلى المصير إلى القول بالنسخ، وإن قال به بعضهم؛ لأن القول بالنسخ تعطيل لأحد الحديثين، وعمل بالآخر، وأيضًا النسخ لا يثبت بالاحتمال، لا دليل يدل على المتقدِّم من المتأخِّر، ومع ذلك لو عُرف المتقدم من المتأخر لصار القول بالجمع هو الأولى، بل المتعيِّن. بعضهم يقول...

طالب: .......

أعطونا السبب في كثرة من يصلي إلى هذه الجهة عكس القبلة.

طالب: الكرسي؟

نعم.

طالب: وجود الدرس.

وجود الدرس، هذا ممكن، لكن البوابة الشرقية عالية مثل المحراب مظللة، بينما الغربية ما فيها شيء.

طالب: هل يجوز تكون .......

هذا متوقع، وبعض الناس لا شك أنه يلحظ مثل هذا، لكن أنا المشكلة عندي وجود المظلة على هذا الباب.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: الساعة.

الساعة؟

طالب: .......

الساعة، لكن أليس المحراب قدامه؟

طالب: الساعة احتمال؟

لا لا إذا دخل، لكنه متصور أنه داخل وقدامه مثل المحراب من هنا.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

نعم. الاسترواح إلى أن السبب وجود الدرس في هذه الجهة يؤيده ما في المسجد الأول، الذي بحي السلام، يصلون إلى هذه الجهة وما فيه أي علامة.

طالب: .......

لكن أنا عندي أن وجود المظلة هنا دون الجهة الغربية لا شك أنه مربك لبعض الناس.

حديث النهي ثابت، وهو في الصحيح صحيح مسلم، وسبق قلب الحافظ في موضع آخر أنه قال في البخاري، ولكن الصحيح أنه في مسلم.

على كل حال النهي ثابت، والفعل منه -عليه الصلاة والسلام- لبيان الجواز، فيبقى الحكم أن الفعل خلاف الأولى، والأكمل ما جاء في النهي، ولا يقال بالنسخ؛ لأنه تعطيل لأحد الحديثين ولا يثبت بالاحتمال، ومنهم من قال: إن هذا من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- الاستلقاء ووضع الرجل من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- دون غيره، لكن الخصائص لا بد لها من دليل يدل على التخصيص، والأمر الثاني أيهما أكمل الاستلقاء أو عدمه؟

طالب: العدم.

الاستلقاء ووضع الرجل على الرجل أو عدمه أيهما أكمل؟

طالب: عدمه.

عدمه نعم، هو اللائق باحترام المسجد واحترام الجالسين في المسجد، هذا أكمل، وذكرنا مرارًا أن كل كمال يُطلب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، مثلما قلنا في مسألة؟

طالب: كشف الفخذ.

حسر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن فخذه، وفي حديث جرهد: «غطِّ فخذك»، قال بعضهم: إن حصر الفخذ من خصائصه -عليه الصلاة والسلام-. وفيه أيضًا، قل يا أبا عبد الملك؟

طالب: استدبار القبلة؟

نعم، استدبار القبلة قالوا: من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- أنه يستدبر القبلة بالبول والغائط، كما في حديث ابن عمر وغيره ما يجوز، لكن أيهما أكمل وأولى باحترام القبلة النبي -عليه الصلاة والسلام- أو الأمة؟ لا شك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى بذلك.

قال -رحمه الله-: (حدثنا عبد الله بن مسلمة) وهو القعنبي من كبار الآخذين عن الإمام مالك، وله موطأ يرويه عن الإمام مالك، وأكثر البخاري من التخريج لأحاديث مالك عن طريقه، وذكروا في ترجمته مما ذكرناه مرارًا أنه رأى في النوم من يقول: ليقم أهل العلم، يقول: فقمنا كلنا من أهل العلم كلنا رواة، كلنا محدثون، قيل لي: اجلس، قال: أنا طلبت العلم معهم؟ بل أنا قبل كثير منهم؟ قالوا له: لا، هم نشروا، وأنت لم تنشر، ومن تلك الرؤيا إلى أن مات فهو يبالغ في النشر، ويعطي مما أعطاه الله، ويعلم مما علَّمه الله. هذه رؤيا لا يثبت بها حكم شرعي، ولا كذا، لكن ما لها دلالة؟ لا سيما وأن النصوص تعضدها، يعني ليس الحكم متوقفًا عليها.

(عن مالك) نجم السنن، ابن أنس، إمام دار الهجرة، يقول الحافظ العراقي، هيا يا عبد الله؟

طالب: .......

عن مالك.

طالب: هو سموه نجم السنن.

والله ما أدري، يعني بين مدة وفينة وأخرى نذكر ببعض الأمور، ولكن يا ناس ما فيه علم إلا بحفظ.

طالب: ومالك إمام دار الهجرة .......

أنت ألفته أنت!

طالب: لا ما .......

مثل الذي قال يسأل بالفصل بالقاعة يسأل.

طالب: .......

يسأل..

طالب: هو الذي قبله يا شيخ.

يسأل أستاذَ النحو واحدٌ من الطلاب قال: هل تدخل لم على الماضي؟ لأنها من خصائص الفعل المضارع.

طالب: الجزم .......

لم كيشم، من أين البيت من العراقي أو من الشاطبية؟

المقصود يقول الحافظ العراقي:

وصححوا استغناء ذي الشهرة        عن تذكية كمالك نجم السنن

 ومالك عن نافع عن ابن عمر أصح الأسانيد عند البخاري، ولا نحتاج إلى التكثير في مثل هذا فهو كما قالوا إنه مستغنٍ عن التذكية.

(عن ابن شهاب) محمد بن مسلم بن شهاب الزهري الإمام المعروف، (عن عباد بن تميم، عن عمه) من هو عمه؟

طالب: عبد الله بن زيد.

عبد الله بن زيد بن عاصم المازني. (عن عمه: «أنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مستلقيًا في المسجد واضعًا إحدى رجليه على الأخرى»)، لا شك أن هذا دليل للجواز، ويبقى أن الأكمل تركه، والجلوس مع التحفُّظ والوقار هو الأكمل، وكونه في الصف وبين المصلين لا شك أنه غير مناسب، ولكن قد يكون في مؤخرة المسجد، وفي وقت استراحة، من تعب ونحوه، ما فيه ما يمنع أبدًا وقد فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقد يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- المفضول، ويترك ما أمر به أو نهى عنه؛ لبيان الجواز، وإلا لو دخل الناس ووجدوا واحدًا في المسجد واضعًا رجلًا على رجل، والناس يدخلون ويطلعون بالمسجد ما هو مناسب. الإمام مالك -رحمه الله- ماذا يصنع عند التحديث؟ أولاً لا يرفع صوته في المسجد، لا سيما وأنه في مسجد الرسول -عليه الصلاة والسلام-: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] عليه الصلاة والسلام، والذي يُقرأ في المسجد صوت النبي -عليه الصلاة والسلام- حديثه، ويتطيَّب ويتنظَّف، ويجلس جلسة مناسبة، متهيئًا للتحديث.

(وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ) يعني بالسند السابق: القعنبي عن مالك عن ابن شهاب، فيكون موصولاً، وغفل من زعم أنه معلق. قول الحافظ فيما تقدم: وحيث يريد التعليق يأتي بالواو، هنا فيه واو أو ما فيه؟

طالب: فيه واو.

فيه واو، وذكرنا مرارًا أنها قاعدة الأغلبية، وانخرمت في مواضع كثيرة.

(وعن ابن شهاب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّبِ، قَالَ: «كَانَ عُمَرُ، وَعُثْمَانُ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ»)، جاء الإمام بهذا الخبر الموقوف على الخليفتين الراشدين؛ ليبين ضعف القول بالنسخ؛ لأنه فُعل بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- ممن أُمرنا بالاقتداء بهم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين».

طالب: قال الحافظ -رحمه الله-: (قوله: باب الاستلقاء في المسجد، زاد في نسخة الصغاني: ومد الرجل. قوله: حدثنا عبد الله بن مسلمة، هو القعنبي).

في نسخة الصغاني: (ومد الرجل) مما يدل على أن المتن المطبوع مع الشرح غير ما اعتمده ابن حجر؛ لأن مد الرجل الذي جاء في الترجمة في المتن المطبوع مع الشرح من نسخة الصغاني، وليست من نسخة أبي ذر التي اعتمدها الحافظ، وهذا ذكرناه مرارًا، وأنه من شؤم التصرُّف في كتب أهل العلم، الأصل أن فتح الباري ما فيه متن أصلاً ما فيه، ونبَّه ابن حجر على هذا، نبَّه عليه يقول: تركت ذكر الأحاديث خشية الطول، والطابع جزاه الله خيرًا اجتهد ويقول: نحن فعلنا ذلك.

 نعم عندكم في أول الكتاب رقم اثنين المقدمة: ثم رأيت ذلك مما يطول به الكتاب جدًّا، وكنت عزمت على أن أسوق حديث الباب بلفظه قبل شرحه، ثم رأيت ذلك مما يطول به الكتاب جدًّا، فسلكت الآن فيه طريقًا وسطى، يعني ما ذكرت المتن.

 والطابع يقول: ونحن قد حققنا ذلك في هذه الطبعة، فسقنا حديث الباب بلفظه قبل شرحه. أولاً الحافظ ما وضع متن، تأتي أنت وتدخل المتن خلاف مراد المؤلف؟!

ليكون ذلك أعون على فهم الشرح والإلمام بمراميه. يعني ليته لما أدخل المتن أدخل المتن الذي اعتمده ابن حجر؛ لئلا يكون فيه ازدواجية واضطراب. بعض الطبعات للكتاب فصلوا المتن عن الشرح، هذا من دون فاصل، في طبعة بولاق وضعوا المتن في الحاشية، وبعض الطبعات وضعوه فوق، وتحته خط مفصول عن الشرح، هذا أهون، أسهل.

طالب: المنيرية معزول؟

مطبوع الفتح بالمنيرية؟

طالب: لا لا، العيني.

العيني، ما دخل العيني بهذا؟

طالب: مدخل الشرح بالمتن.

أدخله العيني نفسه، الكلام على ابن حجر.

طالب: العيني ما أدخله.

لا، شارح المتن. أنت التبس عليك أن الشرح مطبوع، أن العيني مطبوع بالمنيرية، والمتن مطبوع بالمنيرية مستقل، حصل عندك التباس.

طالب: جعلوه على الصفحة يا شيخ؟

ماذا؟

طالب: ....... منفرد عن الشرح.

من الشراح؟

طالب: من الشراح.

الكرماني.

طالب: ....... طبعة الفتح.

إي طبعة ما اسمها؟ عبد الرحمن؟

طالب: .......

هذه من المتأخرين، الكلام على الطباعين العلماء الأوائل، إنما البراك وجَّه وعلَّق، حفظه الله، لكن الذي طبعه من أهل العلم، المطابع المصرية الأولى مطابع أهل العلم، الطبعة الهندية التي يسمونها الأنصارية المتن فوق.

طالب: معزول نفس الرواية.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: بولاق.

بولاق بالحاشية.

طالب: لكن نفس الرواية؟

ما قابلت بينهما، لكن في الغالب الهنود أهل حديث، والمشرف عليها صديق حسن خان.

طالب: .......

عندك؟

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

كيف؟

طالب: ما عندي .......

أنت تدرس بالبخاري، وتقرأ البخاري لك خمس عشرة سنة؟

طالب: ....... يا شيخ.

هذه أهم النسخ.

طالب: أين هي يا شيخ؟

هي.

طالب: .......

طال بنا الكلام، والله المستعان، نأتي بقصة الكتاب من أوله إلى آخره، اشتريتها في الثاني الثانوي بمائة ريال، واشتريت النسخة الثانية بأربع وعشرين ألفًا، وما أنت بمحدِّث قومًا بحديث لا تبلغه عقولهم! من هذا النوع، إلا كان في بعضهم فتنة.

اقرأ، كمل.

طالب: .......

ما هو؟

طالب: .......

محمد آصف بالمدينة أصله هندي، يأتي لك بها بثلاثين يأتي بها.

طالب: لا يجوز البيع بالمسجد.

نعم؟

طالب: نجن بالمسجد يا شيخ.

لا، هي في غاية الأهمية، نفيسة، وأشرف عليها صديق بنفسه.

طالب: الإشكال يا شيخ في تحرير الرواية رواية أبي ذر.

هذا دورك.

طالب: يحتاج .......

تعلم أنك قرأت المتن والشرح وما وجدت اختلافًا بينهما، هذا التحرير، ونسخة أبي ذر صُوِّرت أخيرًا. رأيتها؟

طالب: .......

لا، موجودة.

طالب: (قوله: «واضعًا إحدى رجليه على الأخرى»، قال الخطابي: فيه أن النهي الوارد عن ذلك منسوخ، أو يحمل النهي حيث يخشى أن تبدو العورة، والجواز حيث يؤمَن ذلك. قلت: والثاني أولى من ادّعاء النسخ؛ لأنه لا يثبت بالاحتمال، وممن جزم به البيهقي والبغوي وغيرهما من المحققين، وجزم ابن بطال).

من أيش؟ وغيرهما من؟

طالب: المحققين.

عندنا المحدثين.

ما أشار إلى تعليق ولا شيء؟

طالب: فروق لا.

نعم.

طالب: (وممن جزم به البيهقي والبغوي وغيرهما من المحققين، وجزم ابن بطال ومن تبعه بأنه منسوخ، وقال المازري: إنما بوَّب على ذلك؛ لأنه وقع في كتاب أبي داود وغيره لا في الكتب الصحاح).

ما علاقة المازري بالبخاري؟

هو شارح مسلم.

طالب: شارح مسلم نعم.

نعم، ما علاقته بالبخاري؟

طالب: نفس الحديث متفق عليه.

يعني في شرحه في صحيح مسلم؟

طالب: نعم.

نعم.

طالب: (وقال المازري: إنما بوب على ذلك؛ لأنه وقع في كتاب أبي داود وغيره لا في الكتب الصحاح النهي عن أن يضع إحدى رجليه على الأخرى، لكنه عام؛ لأنه قول يتناول الجميع).

طالب: يا شيخ شرح المازري موجود، لكن هناك دعوى الآن أنه ليس بكامل.

الموجود.

طالب: الذي طُبع الأخير.

مختصره.

المعلم.

طالب: المعلم شرح .......

تلاحظ عليها.

طالب: الدعوى وجيهة.

لأنه ثلاثة مجلدات صغار، إذا قارنت بينها وبين إكماله للقاضي عياض وجدت فرقًا كبيرًا، نعم.

طالب: (لأنه قول يتناول الجميع، واستلقاؤه في المسجد فعل قد يُدَّعى قصره عليه، فلا يؤخذ منه الجواز).

أما قوله في غير الصحاح؛ لأن كتب الصحاح لا في الكتب الصحاح، هو في مسلم، وفي موضع من الفتح قال: في صحيح البخاري، ولا شك أن هذا وهم.

طالب: وهم.

وهم من الحافظ -رحمه الله-.

طالب: (لأنه قول يتناول الجميع، واستلقاؤه في المسجد فعل قد يُدعى قصره عليه، فلا يؤخذ منه جواز، لكن لما صح أن عمر وعثمان كانا يفعلان ذلك دلّ على أنه ليس خاصًّا به -صلى الله عليه وسلم- بل هو جائز مطلقًا، فإذا تقرَّر هذا صار بين الحديثين تعارض فيُجمع بينهما، فذكر نحو ما ذكره الخطابي).

نعم.

طالب: (وفي قوله عن حديث النهي ليس في الكتب الصحاح إغفال، فإن الحديث عند مسلم في اللباس من حديث جابر، وفي قوله: فلا يؤخذ منه الجواز نظر؛ لأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال، والظاهر أن فعله -صلى الله عليه وسلم- كان لبيان الجواز، وكان ذلك في وقت الاستراحة لا عند مجتمع الناس؛ لما عرف من عادته من الجلوس بينهم بالوقار التام -صلى الله عليه وسلم-).

اللهم صلِّ وسلم عليه.

طالب: أو للحاجة، إن صار ما عنده أحد احتاج مثلًا إلى النوم.

والاستراحة.

طالب: نعم.

نعم.

طالب: (قال الخطابي: وفيه جواز الاتّكاء في المسجد والاضطجاع وأنواع الاستراحة، وقال الداودي: فيه أن الأجر الوارد للابث في المسجد لا يختص بالجالس، بل يحصل للمستلقي أيضًا.

قوله: وعن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب هو معطوف على الإسناد المذكور).

والقراءة حال الاستلقاء، قراءة القرآن؟

طالب: جائزة.

مثلما يقرأه على جنب.

طالب: {وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103].

{وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191].

طالب: (وقد صرَّح بذلك أبو داود في روايته عن القعنبي، وهو كذلك في الموطأ، وقد غفل عن ذلك من زعم أنه معلق).

نعم.

طالب: قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: (بَابُ المَسْجِدِ يَكُونُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بِالنَّاسِ، وَبِهِ قَالَ: الحَسَنُ، وَأَيُّوبُ، وَمَالِكٌ.

 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَتْ: "لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، طَرَفَيِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَقِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ مِنْهُ، وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً، لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ").

يقول البخاري -رحمه الله تعالى-: (بَابُ المَسْجِدِ يَكُونُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بِالنَّاسِ، وَبِهِ قَالَ: الحَسَنُ، وَأَيُّوبُ، وَمَالِكٌ)، المسجد يكون في الطريق، الأصل أن الطريق للجميع، فبناء المسجد فيه يخالف ما قد يُحتاج إليه، هذا المكان، الأصل أن الطريق للجميع ما يملكه أحد، فلا يأتي أحد يعمر فيه مسجدًا ولو كان يبتغي بذلك وجه الله، ويرجو ثواب الله، لكن إذا كان مما يُحتاج إليه فلا، ولذا قال البخاري -رحمه الله-: (المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس).

رأينا مساجد في منتصف الطريق يعني يأتي دوار كبير، ويُبنى فيه مسجد، وسط الدوار قد لا يُحتاج إليه، السيارة تدور حوله، ولكن في مثل أوقاتنا فيه ضرر على المصلين الذين يقدمون إلى المسجد من يمين الطريق وشماله، لا سيما إذا كان الطريق من الطرق الكبيرة، فمثل هذا يُتقى بقدر الإمكان، إذا وُجد مكان غير هذا ما فيه ضرر ولا فيه خطر؛ ولذلك قال الإمام البخاري: (من غير ضرر بالناس)، والمكان الذي يُبنى فيه المسجد إما أن يكون ملكًا خاصًّا للباني فهذا لا إشكال فيه بالاتفاق، إلا إن ترتب عليه إضرار بأهل المسجد الآخر أو بجيران من جهات من أي جهة من الجهات كمسجد الضرار، فمثل هذا يُمنع لهذا، وإلا فشخص يبني مسجدًا لله في أرض يملكها فهذا متفق عليه، وشخص يبني مسجدًا في أرض لا يملكها هذا على ضد ذلك يملكها غيره ملك لشخص آخر فكان لا يجوز بالاتفاق. والصورة الثالثة أن يبني في أرض..

طالب: لا يملكها أحد.

ليست لأحد، أرض ليست لأحد، فمثل هذا يُنظر في المصالح والمفاسد المترتبة على ذلك. والحافظ ابن رجب -رحمه الله- فصَّل في بناء المساجد، وكتابة اسم الباني على باب المسجد، قال: إن هذا يقدح في النية، وإذا بناه من بيت المال فينظر في الحاجة: إذا كان لحاجة فلا مانع من ذلك، وإن لم يكن لحاجة إنما هو للتباهي، وكتابة الأسماء على الأبواب وإلا فهذا كما قال الحافظ ابن حجر: ليس له من الأجر شيء، بل هو آثم.

 وقد وُجد مع الأسف الشديد أن تُجمع الأموال من المسلمين من الجيران؛ ليبنى المسجد، فيُبنى ويُكتب عليه عالم شخص من أهل العلم الكبار، فيأتي شخص ينزع هذه الكتابة، ويضع اسمه، وهو ما دفع ولا ريالًا، نسأل الله العافية، موجود.

فالمسألة تحتاج إلى نوع من التحرير والتحري؛ لأن الترغيب في بناء المسجد: «من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة بنى الله له قصرًا في الجنة» أو «مثله في الجنة»، على الروايات. الناس يرغبون في بناء المساجد، وتنشرح صدورهم للتبرع للمساجد، لكن قد يعرض ما يعرض مما يجعله بدلاً من أن يؤجر عليه، يوزر عليه، ويأثم بفعله، والأمور بمقاصدها.

(باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس) يعني جواز ذلك، (وبه قال الحسن وأيوب ومالك).

طالب: إذا كان الاسم المكتوب لشخص ميت.

شخص أيش؟

طالب: ميت.

ميت، هو بانيه؟

طالب: بُني له.

بُني له الحمد لله، من قِبل أولاده أو من غيرهم؟

طالب: ....... أولاده.

من أفضل القربات ومن أعظم البر بوالدهم.

طالب: كتابة الاسم هل .......

ما يضر إن شاء الله إذا كان ميتًا ما يضر؛ لأن المحظور منتفٍ، وهو الخلل في النية.

(وبه قال الحسن وأيوب ومالك).

طالب: ساهم .......

كل شيء له أجره.

(وبه قال الحسن وأيوب ومالك) يعني وعامة أهل العلم، لكن نُص على هؤلاء؛ لأنهم صرحوا.

طالب: بلغه.

ماذا؟

طالب: بلغه التصريح بذلك.

صرحوا بما ذُكر.

قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) ابن؟

طالب: هشام.

ابن سعد.

طالب: ابن سعد.

الليث بن سعد، (عَنْ عُقَيْلٍ) ابن خالد، (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الذي تقدم ذكره، (قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ) خالته (زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَتْ: "لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ") يعني إلا وهما مسلمان، أما أبو بكر فقد أسلم قبل ذلك بمدة طويلة؛ لأنه أول من أسلم من الرجال، وأما أم رومان أمها فقد أسلمت.

طالب: بعده مباشرة.

ماذا؟

طالب: بثلاثة أيام.

ماذا يدريك؟

طالب: ذكرت كتب السيرة.

لا، أريد من عندنا، من نصنا.

طالب: النص ما أدري.

سنة كم ولدت عائشة للهجرة؟

طالب: قبل الهجرة موجودة.

البعثة؟

طالب: سنة ستة أو سبع، لا.

المقصود أنها خبرها يدل على أن أمها متقدِّمة في الإسلام.

("إلا وهما يدينان الدين، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، طَرَفَيِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيَّةً") يعني في الصباح وفي المساء، ("ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ") ظهر له أن المصلحة، الحديث مطوَّل في كتاب الهجرة.

طالب: نعم.

وأن أبا بكر خرج ورجع في...

طالب: .......

ماذا؟

طالب: السنة الرابعة ولدت عائشة من البعثة.

إي في جوار ابن الدغنة.

طالب: نعم.

وذكر القصة كاملة في الصحيح، مذكورة في الصحيح.

("ثم بدا لأبي بكر") القائل عائشة، والأصل أن تقول: بدا لأبي، ("فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ القُرْآنَ")، يصلي فيه، ويقرأ القرآن، وهذا لا شك أنه مما يغيظ المشركين، ("فَيَقِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ المُشْرِكِينَ") يسمعون ويفهمون، وقراءة أبي بكر مؤثِّرة، فيخشى المشركون على نسائهم وذراريهم أن يتأثروا فيسلموا، (فيقف عليه نساء المشركين وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله تعالى عنه- رَجُلاً بَكَّاءً، لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ) والحديث في الصحيح: «كان أسيفًا» يعني.

طالب: رقيق.

رقيق جدًّا -رضي الله عنه وأرضاه-، (لا يملك عينيه إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ) يعني أخافهم أن يسلم نساؤهم وذراريهم تأثُّرًا بقراءة أبي بكر، فماذا صنعوا؟

طالب: .......

كلموا ابن الدغنة الذي دخل أبو بكر بجواره، والحديث مطوَّل، وسيأتي إن شاء الله تعالى، الفصل الجاري؟

طالب: .......

نعم؟

طالب: .......

لا، عليك ليل طويل، الله المستعان.

طالب: ....... بفناء داره ....... هو داخل بالحوش أو أنه خارج عن ملكه؟

لا، في ملكه.

طالب: داخل.

لكن الآن يا شيخ بعضهم يتخذ زوايا البيوت مساجد، بعض جيرانه فتعتبر لها حكم المساجد يعتادون الصلاة فيها؟

سيأتي الكلام في هذا إن شاء الله.

طالب: حديث ....... في آخره قال: وقال الداودي فيه أن الأجر الوارد للابث في المسجد لا يختص بالجالس، بل يحصل للمستلقي أيضًا، وجه الدلالة في الحديث؟

وجه الدلالة أن المستلقي لابث.

طالب: جالس وزيادة.

لابث.

طالب: نعم، لكن ما فيه ذكر الأجر هنا في الحديث.

أين؟

طالب: في الحديث فقط أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان مستلقيًا.

ليس الأجر مأخوذًا من الحديث، أجر اللابث مأخوذ من أحاديث أخرى، لكن هذه الصورة داخلة.

طالب: قال الحافظ -رحمه الله-: (قوله: "باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس"، قال المازري: بناء المسجد في ملك المرء جائز بالإجماع، وفي غير ملكه ممتنع بالإجماع، وفي المباحات حيث لا يضر بأحد جائز أيضًا، لكن شذَّ بعضهم فمنعه؛ لأن مباحات الطرق موضوعة لانتفاع الناس، فإذا بني بها مسجد منع انتفاع بعضهم، فأراد البخاري الردّ على هذا القائل، واستدل بقصة أبي بكر؛ لكون النبي -صلى الله عليه وسلم- اطلع على ذلك وأقره.

قلت: والمنع المذكور مروي عن ربيعة، ونقله عبد الرزاق عن علي وابن عمر، لكن بإسنادين ضعيفين.

قوله: وبه قال الحسن، يعني أن المذكورين ورد التصريح عنهم بهذه المسألة وإلا فالجمهور على ذلك كما تقدم.

قوله: فأخبرني عروة، هو معطوف على مقدر، والمراد بأبوي عائشة أبو بكر وأم رومان، وهو دال على تقدم إسلام أم رومان.

قوله: ثم بدا لأبي بكر، اختصر المؤلف المتن هنا وقد ساقه في كتاب الهجرة مطولاً بهذا الإسناد فذكر بعد قوله: وعشيةً، وقبل قوله: ثم بدا، قصةً طويلةً في خروج أبي بكر عن مكة ورجوعه في جوار بن الدغنة، واشتراطه عليه أن لا يستعلن بعبادته، فعند فراغ القصة قال: ثم بدا لأبي بكر، أي ظهر له رأي، فبنى مسجدًا، فذكر باقي القصة مطولاً كما سيأتي الكلام عليه مبسوطًا هناك إن شاء الله تعالى، ولم يجد بعض المتأخرين حيث شرح جميع الحديث هنا، مع أنه لم يقع منه هنا سوى قدر يسير وقد اشتمل من فضائل أبي بكر على أمور كثيرة كما ستأتي إن شاء الله تعالى).

من فضائل الصديق عندنا.

طالب: (وقد اشتمل من فضائل الصديق على أمور).

ماذا عندك؟

طالب: الصديق.

نعم.

طالب: (على أمور كثيرة كما سيأتي إن شاء الله تعالى).

طالب: الفناء ....... في الطريق.

ماذا؟

طالب: ما وجه الاستدلال أنه في الطريق؟

كيف؟

طالب: فناء البيت هنا في .......

طالب: يعني صحيح يعني كأنه فتح على الطريق.

طالب: على الطريق ....... في الطريق.

طالب: يعني استدلال فيه....... فناء الدار وفتحه على الطريق.

طالب: يمكن بجانب الطريق يمر المشركون ويرون أبا بكر.

طالب: ....... عندهم خارج البيت أمام البيت بين البيوت.

طالب: وليس في الطريق.

طالب: لكن نص عليه "فناء داره".

الفناء مثل المقدمة مقدمة الدار.

طالب: الواجهة يعني .......

الواجهة.

طالب: ....... يكون في الطريق.

نعم.

طالب: أنت صليت على النبي وكأنهم قاموا.

اللهم صلِّ عليه دائمًا صلِّ عليه.

طالب: عُهدت منكم في آخر شيء.

يعني ودكم نتوكل على الله؟

طالب: ....... الباب حديث واحد.

طالب: لا لا.

حديث واحد.

طالب: أقرأ يا شيخ؟

كما ترون.

طالب: .......

نعم.

طالب: (بَابُ: الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ السُّوقِ، وَصَلَّى ابْنُ عَوْنٍ «فِي مَسْجِدٍ فِي دَارٍ يُغْلَقُ عَلَيْهِمُ البَابُ».

 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «صَلَاةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ، وَأَتَى المَسْجِدَ، لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، وَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ، كَانَ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وَتُصَلِّي عَلَيْهِ المَلَائِكَةُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ»).

ما لم يؤذ.

طالب: ما لم يحدث فيه.

عندك ما لم يؤذِ، يحدث.

طالب: ما عندنا: ما لم يؤذِ.

ما عندكم؟

طالب: لا يا شيخ.

طالب: لا، موجود.

طالب: .......

طالب: التي في الشرح.

يحدث فيه أو ما لم يؤذِ بحدث فيه.

طالب: ليست هنا.

طالب: عندنا في الحاشية: يحدث فيه.

نعم، بدل.

يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: (بَابُ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ السُّوقِ)، السوق الذي هو محل البيع والشراء، الصلاة في مسجد السوق، وجاء مما لم يُصحَّح عند جمع من أهل العلم أن خير البقاع المساجد، وأن شر البقاع الأسواق، وهنا الصلاة، ما قال الصلاة في السوق.

طالب: في مسجد السوق.

الصلاة في مسجد، ما هي بفي السوق، مع أن الحديث لا يثبت، (وَصَلَّى ابْنُ عَوْنٍ) عبد الله بن عون («فِي مَسْجِدٍ فِي دَارٍ يُغْلَقُ عَلَيْهِمُ البَابُ») مثل هذا لا يخلو إما أن يترتب عليه تعطيل المساجد، فيُمنع بإطلاق، أو تقوم الصلاة في المساجد ويقوم بها فرض الكفاية كما عند الشافعية، فيتسامح فيه عند بعض أهل العلم، لكن الأصل أن الصلاة في المسجد حيث ينادى بها: «أتسمع النداء؟ قال: نعم. قال: أجب، لا أجد لك رخصة»، وأما ما هو مشهور عند متأخري الفقهاء أنه له فعلها في بيته فلا شك أن هذا مخالف لهديه -عليه الصلاة والسلام-: «ولو صليتم في بيوتكم كما يفعل هذا المتخلِّف تركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم».

 وعلى كل حال الصلاة في المسجد لمن يسمع النداء واجبة إلا من عُذر، يعني مريض لا يستطيع، أو من برد شديد لا يطيقه، أو يخشى على نفسه الهلاك أو ما أشبه ذلك، فالمشقة تجلب التيسير، أما في الظروف العادية والإنسان قادر فلا شك أن الصلاة في المسجد متعيِّنة، وكان الصحابة يُؤتى بالرجل منهم يهادى بين رجلين؛ ليحضر إلى المسجد، ويشهد الجماعة، ووجد في كتب الفروع عند بعض الفقهاء لا نقول كلهم في صلاة أهل الأعذار توسّعوا في ذلك: إذا خشي على ماله التلف كالخباز، لا شك أن مثل هذا وما ذُكر معه في بعض الكتب عند الحنابلة وغيرهم توسّع غير مرضي، يفتح أبوابًا مع الوقت تستدرج الإنسان فيترك الجماعة، وهذا خلاف صنيع سلف الأمة وأئمتها الذين كان الواحد منهم يُؤتى به يهادى بين الرجلين، يمسك به رجلان واحد عن يمينه وواحد عن شماله.

طالب: حتى النبي -صلى الله عليه وسلم- .......

أُتي به، وأُغمي عليه ثلاث مرات، ويعود فيتوضأ، فيقوم ليصلي، فيغمى عليه -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: أحسن الله إليكم يا شيخ، في مثل هذه الأيام هل يصح قول المؤذن: صلوا في رحالكم، البرد خلال اليومين هذه؟

والله لو عند غيرنا الذي لا غطاء ولا وطاء والثلوج من تحتهم، والسماء من فوقهم، عندنا الأمور متوفرة، ولله الحمد، متيسرة.

طالب: إن فعلوها في بعض المناطق في صلاة العصر؟

على كل حال إذا وُجد السبب فلا مانع، ما فيه ما يمنع، ديننا دين التيسير، ولكن الإنسان يعوِّد نفسه على الحزم، ولا يعودها على التراخي، ورأينا من يصلي جالسًا من غير علة، لماذا؟ لأنه تراخى أولاً، ثم ثانية وقال: الحمد لله النافلة تجوز من قعود، ويكفي نصف الأجر، ثم بعد ذلك يصل إلى الفريضة. فالإنسان يجبل نفسه، ويلزمها بالعزيمة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- الذي غُفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر قام حتى تفطَّرت قدماه.

 اللهم صل على محمد.

قال -رحمه الله-: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) وهو ابن مسرهد، ابن؟

طالب: مسرهد بن مسربل بن مهربل.

طالب: ابن مستورد.

لا، قبله مفاوز.

طالب: بن مغربل بن .......

بن سرندل بن أرندل.

طالب: ابن أرندل.

نعم، هذا إن صح وإلا فقد ذُكر هذا.

(قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ) وهو الضرير محمد بن خازم، (عَنِ الأَعْمَشِ).

طالب: سليمان.

سليمان بن مهران (عَنْ أَبِي صَالِحٍ).

طالب: ذكوان.

نعم. (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «صَلَاةُ الجَمِيعِ») يعني صلاة الجماعة («تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ») يعني الرجل الواحد الفذ («فِي بَيْتِهِ وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»)، في حديث أبي هريرة: «سبعًا وعشرين درجة» والخمس أكثر في الرواية، حديث ابن عمر: «سبعًا وعشرين درجة»، وعلى كل حال الفرق كبير من أن تحسب صلاته بدرجة أو تحسب بخمسة وعشرين أو سبع وعشرين، ولا يفرط في مثل هذا إلا محروم، («خمسًا وعشرين درجة، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ») ما السبب في هذه المضاعفات الكثيرة؟

(«فإن أحدكم إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ، وَأَتَى المَسْجِدَ، لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ») لم ينهزه شيء آخر، ما جاء للمسجد ليجد فلانًا أو فلانًا ممن يأنس بهم، ويرتاح إليهم، ويجلس معهم، ويقضي معهم بعض الوقت، هو جاء للصلاة، ولا ليلازم غريمه الذي تعوَّد المجيء إلى هذا المسجد.

على كل حال لا ينهزه إلا الصلاة، يأتي لا يريد إلا الصلاة، («لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ» ولا شك أن هذه الخُطا محسوبة ومدوَّنة في كتاب المسلم الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وعلى هذا فالمشي أفضل من الركوب، إلا إذا كان ممن يشق عليه المشي، وكلما بعد المسجد كانت الأجور أكثر بعدد الخُطا، («لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه خطيئة، حتى يدخل المسجد، وَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ كَانَ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ») جلس ينتظر الصلاة فهو في صلاة، والملائكة تصلي عليه يعني تدعو له، هذا قبل الصلاة وبعد الصلاة، («وَتُصَلِّي عَلَيْهِ -يعني المَلَائِكَةُ- مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يوذِ») إذا آذى أحدًا فإن الملائكة تتوقف عن الدعاء له، والأذى له صور، فالذي يؤذي المسلمين بنغمة جواله مثلاً ويلهيهم، ويشغلهم عن صلاتهم، هذا لا شك أنه أذى يمنع من دعاء الملائكة له، واستغفارهم له، أو برائحته، بجميع أنواع وصنوف الأذى يُحرم من هذه الأجور؛ بسبب ذلك.

 («ما لم يؤذِ، يُحْدِثْ») الحدث بدل من الأذى، والحدث كما يكون بما ينقض الطهارة يكون أيضًا بالإحداث في الدين؛ لأنه يشمله يُحدث: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، («يحدث فِيهِ») يعني في المكان الذي صلى فيه.

نعم.

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، ترك المسجد الأقرب، وذهب إلى الأبعد؛ من أجل كثرة الخطا؟

لا، هذا ليس بمشروع، الخطا والتعب الناجم عن العبادة إذا كانت العبادة تقتضيه، أما التعب والمشقة لذاتها فليست من مقاصد الشرع.

طالب: قال الحافظ -رحمه الله-: (قوله: باب الصلاة في مسجد السوق، ولغير أبي ذر: مساجد، موقع الترجمة الإشارة إلى أن الحديث الوارد في أن الأسواق شر البقاع، وأن المساجد خير البقاع، كما أخرجه البزار وغيره لا يصح إسناده، ولو صحَّ لم يمنع وضع المسجد في السوق؛ لأن بقعة المسجد حينئذ تكون بقعة خير. وقيل: المراد بالمساجد في الترجمة مواضع إيقاع الصلاة لا الأبنية الموضوعة لذلك، فكأنه قال: باب الصلاة في مواضع الأسواق، ولا يخفى بعده. قوله: وصلى ابن عون، كذا في جميع الأصول، وصحَّفه ابن المنير فقال: وجه مطابقة الترجمة لحديث ابن عمر مع كونه لم يصلِّ في سوق، أن المصنّف أراد أن يبين جواز بناء المسجد داخل السوق؛ لئلا يتخيل متخيل من كونه محجورًا مَنْع الصلاة فيه؛ لأن صلاة ابن عمر كانت في دار تُغلق عليهم، فلم يمنع).

التحجير.

طالب: لا، يا شيخ، يقول: لأن صلاة ابن عمر.

طالب: ابن عمرو.

طالب: يقول ابن المنير، وصحفه ابن المنير.

طالب: نعم. لحديث ابن عمر.

نعم، هذا تصحيف.

طالب: (لأن صلاة ابنِ عمر كانت في دار تغلق عليهم، فلم يمنع التحجير اتخاذ المسجد، وقال الكرماني: لعل غرض البخاري منه الردّ على الحنفية حيث قالوا بامتناع اتخاذ المسجد في الدار المحجوبة عن الناس، انتهى، والذي في كتب الحنفية الكراهة لا التحريم. وظهر بحديث أبي هريرة أن الصلاة في السوق مشروعة، وإذا جازت الصلاة فيه فُرادى كان أولى أن يُتخذ فيه مسجد للجماعة، أشار إليه ابن بطال.

 وحديث أبي هريرة الذي ساقه المصنف هنا أخرجه بعدُ في باب فضل صلاة الجماعة، ويأتي الكلام على فوائده هناك إن شاء الله تعالى.

 وزاد في هذه الرواية: وتصلي الملائكة إلى آخره، وقد تقدمت في باب: الحدث في المسجد من وجه آخر عن أبي هريرة.

قوله في هذه الرواية: صلاة الجميع أي الجماعة، وتكلَّف من قال التقدير في الجميع، وقوله: على صلاته، أي الشخص. وقوله: فإن أحدكم، كذا للأكثر بالفاء، وللكشميهني بالموحدة وهي سببية أو للمصاحبة.

قوله: فأحسن، أي أسبغ الوضوء. قوله: ما لم يؤذِ يحدث، كذا للأكثر بالفعل المجزوم على البدلية، ويجوز بالرفع على الاستئناف، وللكشميهني: ما لم يؤذِ يحدث فيه بلفظ الجار والمجرور متعلقًا بيؤذ).

شرح الحافظ: ما لم يؤذِ يُحدث، وأنت ما عندك هذا.

طالب: نعم بالشرح عندي.

لا.

طالب: بالأصل ما عندي.

نعم.

طالب: في الشرح «ما لم يؤذ بحدث».

طالب: لا لا، «ما لم يؤذ يحدث».

«ما لم يؤذ يحدث»، وفي رواية: «بحدث».

طالب: ....... للكشميهني.

موجودة الرواية الثانية.

طالب: ....... قرأتها بحدث.

طالب: لا لا (وللكشميهني: ما لم يؤذِ بحدث فيه، بلفظ الجار والمجرور متعلقًا بيؤذ، والمراد بالحدث الناقض للوضوء، ويحتمل أن يكون أعم من ذلك، لكن صرح في رواية أبي داود من طريق أبي رافع عن أبي هريرة بالأول).

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد.