المنهجية في دراسة كتب العقيدة

ينبغي لطالبِ العِلمِ أن يَدرُسَ كتب العقيدة بالتَّدريجِ، وهي كغيرِها منَ العُلومِ، فيها السَّهلُ المُيسَّرُ الذي يُناسِبُ المبتدِئينَ، وفيها ما هو أعلى من ذلكَ مما يُناسِبُ المتوسطينَ، وفيها ما يُناسِبُ المتقدِّمينَ، ومنها ما يُناسِبُ أهلَ العِلمِ الكِبارَ إذ في مسائلِها ما يُشْكِلُ فَهْمُه على كثيرٍ منَ المتعلِّمينَ.

فممَّا يُناسِبُ المبتدِئينَ: الكُتبُ المختصَرَةُ للإمامِ المُجَدِّدِ، مثلُ (الأصولِ الثَّلاثةِ)، و(القواعدِ الأربعِ)، و(كَشْفِ الشُّبهاتِ)، وكلُّها مخدومةٌ- وللهِ الحمدُ-، بالشُّروحِ المسموعةِ والمقروءةِ، فهي محَلُ عنايةٍ من أهلِ العِلمِ. ثمَّ يَنتقِلُ الطَّالبُ إلى (كِتابِ التَّوحيدِ) للشَّيخِ محمدِ بنِ عبدِ الوهَّابِ بشُروحِه وحواشِيه، ولا يُحصَى كم شارحٍ لهذا الكِتابِ، ثمَّ (العَقيدَةُ الواسَطيَّةُ) لشَيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ، وهي من أنسَبِ ما يُقرَأُ لشَيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ بالنِّسبةِ لآحادِ المُتعلِّمينَ؛ لأنَّ بعضَ كُتبِ شيخ الإسلام صعبةٌ على كثيرٍ من المتعلمين، فإذا أتقَنَ طالبُ العِلمِ العقيدَةَ الواسطِيَّةَ، وقرَأَ بعدَها (الطَّحاويَّةَ)، و(الحمويَّةَ)، و(التَّدمُريَّةَ) على الشُّيوخِ، وقرَأَ شُروحَها، فإنه يتأهَّلُ للنَّظرِ في (النُّونيَّةِ) للإمامِ ابنِ القيِّمِ –رحمه الله-، وهي كِتابٌ عظيمٌ جدًا وعددُ أبياتِها: خمسةُ آلافٍ وثمانمائةٍ وستونَ بيتًا، وطلابُ العِلمِ بأمَسِّ الحاجةِ إليها، لكنْ قد يَصعُبُ فهمُ كثيرٍ منَ أبياتِها على أوساطِ المُتعلِّمينَ، لكنْ إذا تأهَّلوا بما سبق أمْكنَ النَّظَرُ فيها، فإذا فَهِمَ النُّونيَّةَ وهَضَمَهَا فبإمكانِه أنْ يَقرَأَ كُتبَ شَيخِ الإسلامِ المُطَوَّلَةَ مثلَ (منهاج السنة النبوية)، و(دَرءِ تعارضِ العقلِ والنَّقلِ)، وغيرِها منَ المؤلَّفاتِ.