كتاب الغسل (08)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: بسم الله الرحمن الرحيم. بَابُ مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ. وَقَالَ بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ».

 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللهُ عنهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ، فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَخَرَجَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ، يَقُولُ: ثَوْبِي يَا حَجَرُ، حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ، وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، فَطَفِقَ بِالحَجَرِ ضَرْبًا»، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَنَدَبٌ بِالحَجَرِ، سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، ضَرْبًا بِالحَجَرِ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لاَ غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ». وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا»".

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد، فيقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ"، الترجمة تدل على أن البخاري يرى أن الاغتسال في حال الخلوة لا بأس به، إلا أنه خلاف الأولى، والأفضل أن يتستر. وأردف ذلك بما علقه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده. "بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ" ابن معاوية بن حيدة القشيري "عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" قال: "«اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ»"، وهذا يرجِّح أن التستر مطلوب ولو كان خاليًا وحده؛ لأن الله أحق أن يستحيا منه من الناس. وهذا المعلق بصيغة الجزم، وإن كان بهز وأبوه ليسا من شرط البخاري، وفي بهز كلام لأهل العلم، وهذا مما يدل على أن البخاري -رَحِمَهُ اللهُ- يجزم بالتعليق ولو لم يكن المظهَر على شرطه، فيكون ضامنًا لمن حذف، فالمعلق هذا صحيح إلى بهز، ثم يبقى النظر فيمن أُبرِزَ، بهز وأبوه وجده صحابي، جده صحابي لا كلام فيه، وأما بهز وأبوه، بهز محل كلام طويل لأهل العلم، والخبر لا يثبت على شرط البخاري بهذا الإسناد. البخاري جزم. حكيم بن معاوية بن حيدة.

طالب: .......

 ماذا فيه؟

طالب: .......

بلى ثقة، لكن بهز فيه كلام.

"عن أبيه عن جده"، إذا قارنا هذا السند بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فالكلام في عمرو أقل من الكلام في بهز، فهو أرجح منه، الكلام فيه أقل من الكلام في بهز، ولذا صحَّح حديثه البخاري عند الترمذي، فقال: إنه أصح حديث في الباب. وهذه السلسلة: بهز بن حكيم عن أبيه عن جده جزم بها البخاري، ولكن كونه جزم بمعنى أنه صح إلى بهز، والنظر في بهز كلام أهل العلم فيه لا يضمنه البخاري وإن جزم، إنما جزم فيمن حذف، ويبقى النظر، ترك النظر فيمن أُبرز للناظر.

"وقال بهز عن أبيه عن جده عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الله أحق أن يستحيا منه من الناس»"، مما يدل على أن الاستتار مطلوب، ولو كان في الخلوة، حياءً من الله -جَلَّ وعَلا-. ويبقى أن النص لا يقتضي تأثيم من اغتسل عريانًا إذا كان خاليًا، ولذا جاء: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك»؛ مما يدل على أن الزوجة تنظر إلى العورة، ويلزم من ذلك انكشاف العورة بحضرة الزوجة.

ثم ساق قصة موسى -عليهِ السَّلامُ- مع بني إسرائيل مع قومه، وأنهم كانوا يغتسلون عراة، وهو يستتر -عليهِ السَّلامُ-، فقال: "حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ" ابن همام الصنعاني، "عَنْ مَعْمَرٍ" ابن راشد، "عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ»" وهل هذا من شريعتهم، وأنه يجوز عندهم، أو أن هذا مما خالفوا فيه نبيهم وعصوه فيه؟ كون موسى يستتر لا يعني أنهم خالفوه وعصوه في ذلك، وإنما موسى -عليهِ السَّلامُ- يطلب الكمال. لكن المحظور كونهم ينظر بعضهم إلى بعض. فموسى -عليهِ السَّلامُ- كان يستتر ويغتسل وحده، وكونه وضع الثوب على الحجر لا يلزم منه وقد اغتسل وحده أنه قد ستر عورته، وإن احتمل أنه كان عليه إزار.

كون الحجر فر بثوبه حتى رآه بنو إسرائيل وقالوا: إنه ليس به بأس مما اتهموه به، قد يكون فيه إزار رقيق يستره. والاحتمال الأقوى وهو المرجح عند أهل العلم أنه اغتسل عريانًا، لكنه في حال الخلوة.

"«كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض»" والعلماء يقولون: يحتمل أنه كان هذا من شريعتهم، وأنه جائز عندهم، ولذا وصفوا موسى بما وصفوه به؛ لأنه يغتسل وحده. ومنهم من يقول: إن هذا مما عصوا فيه نبيهم.

"«وَكَانَ مُوسَى»" -عليهِ السَّلامُ- "«يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ»" والآدر منتفخ الخصية، عظيم الخصية. "«فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَخَرَجَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ»" أو «في أثره»، يجري وراءه، يجري وراء الحجر، و"«يَقُولُ: ثَوْبِي يَا حَجَرُ»" يعني أعطني ثوبي يا حجر، أو اترك ثوبي يا حجر، "«حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ»" يعني هذه التهمة التي وجَّهوها إلى موسى وأنه آدر انتفت لأنهم رأوه.

وهل يلزم من هذه الرؤية أن تكون حال عري من موسى؛ لأنه وضع ثوبه على حجر، أو أنه لبس إزارًا رقيقًا يتبين منه الحجم، حجم الخصيتين؟ ومعلوم أنه إذا ابتل الثوب صار يُرى ما تحته. وأيضًا قد يرى ما تحت الثوب لا سيما إذا كان هناك ريح وما أشبه ذلك، يرى ما تحت الثوب بالنسبة للحجم لا للون، بالنسبة للحجم، وكثير من الناس إذا كان منهومًا برؤية أو الفضول مثلاً عنده قد يرى أن هذا عنده كبر في آلته أو صغر، بعض الناس فضولي ويتبين له ذلك، وإن كان عليه ثوب، لا سيما إذا كان فيه ريح أو ما أشبه ذلك.

وعلى كل حال ما هو، يعني ليس الحديث بنص على أنه كان عريانًا، إنما اغتسل وحده وفرَّ الحجر بثوبه، وإن كان الظاهر من السياق أنه اغتسل عريانًا، لكنه في حال خلوة.

"«والله ما بموسى من بأس، وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، فَطَفِقَ»" لما انتفت التهمة وحصل المقصود من هذه المعجزة لموسى -عليهِ السَّلامُ- حيث فر الحجر بثوبه لتنتفي هذه التهمة عنه. "«وأخذ ثوبه، فطفق بِالحَجَرِ ضَرْبًا»" فأخذ بالحجر ضربًا، "فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَنَدَبٌ" يعني الضرب أثَّر "بِالحَجَرِ، سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ" من أثر الضرب، "ضَرْبًا بِالحَجَرِ"؛ لأنه فر بثوبه، وهو شديد الحياء يستحيي أن تُرى عورته، وهذا شأن كل من فيه هذه الصفة التي هي الحياء فضلاً عن كونه من الأنبياء ذوي العزم.

طالب: .......

آدر. ماذا؟

طالب: .......

نعم، لكن هل يعرفونه، أو يلزم منه تبليغ موسى -عليهِ السَّلامُ- لما جاءه لهم؟

طالب: .......

الخلاف معروف هل كانت معصية منهم أو هذه شريعتهم وموسى -عليهِ السَّلامُ- يطلب الكمال؟ سيأتي في الشرح ما يبين هذا.

طالب: .......

ما يخالف.

طالب: .......

شرحناه. نعم.

طالب: .......

باقي الحديث إذا وصلناه، إذا قرأنا هذا..

طالب: .......

ما يخالف.

طالب: "قوله: "باب من اغتسل عريانًا وحدَه في خلوة"، أي من الناس وهو تأكيد لقوله: "وحده"".

"وحده" منصوب على أنه حال مؤول بمشتق، يعني منفردًا.

طالب: "ودل قوله: "أفضل" على الجواز وعليه أكثر العلماء، وخالف فيه ابن أبي ليلى وكأنه تمسك بحديث يعلى بن أمية مرفوعًا: «إذا اغتسل أحدكم فليستتر» قاله لرجل رآه يغتسل عريانًا وحده، رواه أبو داود، وللبزار نحوه من حديث ابن عباس مطولاً".

لا شك أن هذا أكمل، إذا كان وحده واستتر هذا أكمل لما جاء في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: «الله أحق أن يستحيا منه من الناس».

طالب: .......

نعم، هذا وحده، في المسقوف يكون وحده ويشمل.

طالب: "قوله: "عن جده" هو معاوية بن حَيْدة بحاء مهملة وياء تحتانية ساكنة صحابي معروف. قوله: «أن يستحيى منه من الناس» كذا لأكثر الرواة، وللسرخسي: «أحق أن يَستتر منه»".

«يُستتر منه».

طالب: الضبط هنا بالفتح.

يُستحيا أو يُستتر، معناه يَستتر، وهي رواية بالمعنى.

طالب: "وللسرخسي: «أحق أن يُستتر منه» وهذا بالمعنى، وقد أخرجه أصحاب السنن وغيرَهم من طرق".

وغيرُهم.

" وغيرُهم من طرق عن بهز، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم".

الترمذي يحسن هذه السلسلة.

طالب: "وقال ابن أبي شيبة: حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا نبي الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك»، قلت: يا رسول الله أحدنا إذا كان خاليًا؟ قال: «الله أحق أن يُستحيى منه من الناس». فالإسناد إلى بهز صحيح ولهذا جزم به البخاري، وأما بهز وأبوه فليسا من شرطه؛ ولهذا لما علق في النكاح شيئًا من حديث جَد بهز لم يجزم به، بل قال: ويُذكر عن معاوية بن حيدة، فعُرف من هذا أن مجرد جزمه بالتعليق لا يدل على صحة الإسناد إلا إلى مَن علق عنه، وأما ما فوقه فلا يدل، وقد حققتُ ذلك فيما كتبته على ابن الصلاح".

يعني في نكته على ابن الصلاح.

طالب: "وقد حققت ذلك فيما كتبته على ابن الصلاح، وذكرت له أمثلةً وشواهد ليس هذا موضعُ بسطها".

موضعَ.

" وذكرت له أمثلةً وشواهد ليس هذا موضعَ بسطها، وعُرف من سياق الحديث أنه وارد في كشف العورة بخلاف ما قال أبو عبد الملك البُونِي: إن المراد بقوله: «أحق أن يستحيى منه»، أي فلا يُعصى، ومفهوم قوله: «إلا من زوجتك» يدل على أنه يجوز لها النظر إلى ذلك منه، وقياسه أنه يجوز له النظر".

يعني إليها، كما يجوز لها النظر إليه، يجوز لها النظر إليها. ويذكر عن عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنها- أنه ما رأى منها، ولا رأت منه، تعني النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وهذا إن ثبت فهو كمال. نعم.

طالب: "ومفهوم قوله: «إلا من زوجتك» يدل على أنه يجوز لها النظر إلى ذلك منه، وقياسه أنه يجوز له النظر، ويدل أيضًا على أنه لا يجوز النظر لغير من استثنى، ومنه الرجل للرجل والمرأة للمرأة، وفيه حديث في صحيح مسلم".

إلا في حال الاضطرار، قد قرَّر أهل العلم أن للطبيب أن ينظر: ولطبيب مسلم نظر ولمس ما تدعو الحاجة إليه. قالوا: حتى الفرج، ولطبيب مسلم نظر ولمس ما تدعو الحاجة إليه. لكن لا يعني أننا نجد طبيبة تطب النساء ونقول: الفقهاء يقولون: للطبيب النظر واللمس، لا، ما يجوز؛ لأن هذه ليست ضرورة، والمسألة مفترضة في حال الضرورة، والعكس: ليس للطبيب أن يطب النساء وليس للطبيبة أن تطب الرجال إلا في حال الاضطرار، والتساهل الموجود في المستشفيات غير مرضي أيضًا مع وجود الجنس والنوع.

طالب: "ثم إن ظاهر حديث بهز يدل على أن التعري في الخلوة غير جائز مطلقًا، لكن استدل المصنف على جوازه في الغُسل بقصة موسى وأيوب -عليهما السلام-، ووجه الدلالة منه على ما قال ابن بطال أنهما ممن أُمرنا بالاقتداء به، وهذا إنما يأتي على رأي من يقول: شرع من قبلنا شرع لنا. والذي يظهر أن وجه الدلالة منه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قص القصتين ولم يتعقب شيئًا منهما، فدل على موافقتهما لشرعنا، وإلا فلو كان فيهما شيء غير موافق لبيَّنه، فعلى هذا فيُجمع بين الحديثين بحمل حديث بهز بن حكيم على الأفضل، وإليه أشار في الترجمة، ورجَّح بعض الشافعية تحريمه، والمشهور عند متقدميهم كغيرهم الكراهة فقط.

 قوله: «كانت بنو إسرائيل»، أي جماعتهم، وهو كقوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا} [الحجرات: 14]".

يعني جمع التكسير يجوز تأنيث الفعل معه ويجوز تذكيره، بناءً على الجمع أو الجماعة، فالتذكير للجمع والتأنيث للجماعة.

طالب: "قوله: «يغتسلون عراةً» ظاهره أن ذلك كان جائزًا في شرعهم، وإلا لما أقرهم موسى على ذلك، وكان هو -عليهِ السَّلامُ- يغتسل وحده أخذًا بالأفضل. وأغرب ابن بطال فقال: هذا يدل على أنهم كانوا عصاةً له، وتبعه على ذلك القرطبي فأطال في ذلك.

 قوله: «آدر» بالمد وفتح الدال المهملة".

طالب: .......

نعم. الجواز.

طالب: .......

لا هذا. هذا كلام ابن بطال: "كانوا عصاة" وأيده القرطبي في ذلك.

طالب: .......

 نعم. "وكان هو -عليهِ السَّلامُ- يغتسل وحده أخذًا بالأفضل".

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

 لا، لا لا، هذا محل إجماع، أنه أقرهم على شرعهم، وفي شرعنا ما جاء بخلافه.

طالب: "قوله: «آدر» بالمد وفتح الدال المهملة وتخفيف الراء. قال الجوهري: الأُدْرة نفخة في الخصية وهي بفتحات".

أَدَرة، الأَدَرة بالفتحات، والضبط الثاني موجود.

طالب: "وحكي بضم أوله وإسكان الدال" أُدْرة.

أُدْرة. نعم.

طالب: "قوله: «فجمح موسى»، أي جرى مسرعًا، وفي رواية: «فخرج». قوله: «ثوبي يا حجر»، أي أعطني، وإنما خاطبه؛ لأنه أجراه مجرى من يعقل؛ لكونه فر بثوبه، فانتقل عنده من حكم الجماد إلى حكم الحيوان فناداه".

نعم. لأنه تصرَّف تصرُّف العقلاء، لما فر بالثوب تصرف تصرف عاقل، فعومل معاملة العاقل. نعم.

طالب: .......

ثوبي حجر، ثوبي حجر. موجودة.

طالب: .......

طيب، من الذي ناداه؟

طالب: الله.

كون المعصوم أو الرب -جَلَّ وعَلا- يناديه هذا غير كون الإنسان، تقول: يا كتاب ما تطوله قلت له: تعال يا كتاب. ماذا يقال؟

طالب: .......

لا، فرق بين كونه يجيب بالفعل أو بالقول، وبين كونه بلسان حاله. الآن لو قلت للكتاب: تعال، ثم جاء يركض، ماذا تفعل؟ ستأخذه، صح أم لا؟

طالب: .......

نعم.

طالب: "قوله: «ثوبي يا حجر»، أي أعطني، وإنما خاطبه؛ لأنه أجراه مجرى من يعقل؛ لكونه فر بثوبه، فانتقل عنده من حكم الجماد إلى حكم الحيوان فناداه، فلما لم يعطه ضربه".

وأيضًا ضربه معاملة له معاملة من يعقل، وإلا ضرب الجدار، ضرب الحجر في الظروف العادية في غير هذه المعجزات مثل ما قلنا.

طالب: "وقيل: يحتمل أن يكون موسى أراد بضربه إظهار المعجزة بتأثير ضربه فيه، ويحتمل أن يكون عن وحي. قوله: «حتى نظرت» ظاهره أنهم رأوا جسده، وبه يتم الاستدلال على جواز النظر عند الضرورة لمداواة وشبهها. وأبدى ابن الجوزي احتمال أن يكون كان عليه مئزر؛ لأنه يظهر ما تحته بعد البلل، واستحسن ذلك ناقلاً له عن بعض مشايخه وفيه نظر.

 قوله: «فطفق بالحجر ضربًا» كذا لأكثر الرواة، وللكشميهني والحموي: «فطفق الحجر ضربًا»، والحجر على هذا منصوب بفعل مقدر، أي طفق يضرب الحجر ضربًا.

قوله: "قال أبو هريرة" هو من تتمة مقول همام، وليس بمعلَّق. قوله: "لندب" بالنون والدال المهملة المفتوحتين وهو الأثر، وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث في أحاديث الأنبياء إن شاء الله تعالى".

ثم قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ" يعني بالإسناد السابق وليس بمعلق، "وعن أبي هريرة عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا أَيُّوبُ»" أيوب -عليهِ السَّلامُ- "«يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ»" يغتسل عريانًا وهو في خلوة، "«فخر عليه جراد من ذهب، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ»" ما الدليل على أنه خالٍ؟ فحُثي الذهب، حُثي الذهب، يحثوه، فكيف مع الحاضرين؟

نعم. بدليل أنه منفرد.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

ما شاركه أحد.

"«فخر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحتثي في ثوبه، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟»" إذا كان الإنسان مكتفيًا، وأغناه الله فلمَ يطلب المزيد؟ "«ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لاَ غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ»" يعني هذا المزيد الذي هو مجرد بركة ولا تعب فيه ولا عناء ولا مشقة. "«لا غنى بيعن بركتك». وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ" إبراهيم بن طهمان، "عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ" ابن سليم، "عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا»"، والشاهد كونه يغتسل عريانًا، وظاهر النص أنه خالٍ.

طالب: .......

لا، على الأثر، الندب.

طالب: .......

أين؟

طالب: .......

لا لا، مرفوع قطعًا.

طالب: قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: "قوله: "وعن أبي هريرة" هو معطوف على الإسناد الأول، وجزم الكرماني بأنه تعليق بصيغة التمريض فأخطأ، فإن الحديثين ثابتان في نسخة همام بالإسناد المذكور، وقد أخرج البخاريُّ هذا الثاني من رواية عبد الرزاق بهذا الإسناد في أحاديث الأنبياء.

قوله: «يحتثي» بإسكان المهملة وفتح المثناة بعدها مثلثة، والحَثْية هي الأخذ باليد، ووقع في رواية القابسي عن أبي زيد: «يَحتَثِن» بنون في آخره بدل الياء. قوله: «لا غِنَى» بالقصر بلا تنوين، ورُويناه بالتنوين أيضًا على أن «لا» بمعنى ليس. قوله: "ورواه إبراهيم" هو ابن طهمان، وروايته موصولة بهذا الإسناد عند النسائي والإسماعيلي، قال ابن بطال: وجه الدلالة من حديث أيوب أن الله تعالى عاتبه على جمع الجراد، ولم يعاتبه على الاغتسال عريانًا، فدل على جوازه، وسيأتي بقية الكلام عليه في أحاديث الأنبياء أيضًا".

نعم.

طالب: قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ التَّسَتُّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاسِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، تَقُولُ: «ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ». حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، عَنْ مَيْمُونَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنها- قَالَتْ: «سَتَرْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنَ الجَنَابَةِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ، ثُمَّ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى الحَائِطِ أَوِ الأَرْضِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ غَيْرَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ المَاءَ، ثُمَّ تَنَحَّى، فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ». تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَابْنُ فُضَيْلٍ فِي السَّتْرِ".

يقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ التَّسَتُّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاسِ"، الغسل عند الناس يعني ما حصل من موسى -عليهِ السَّلامُ- أنه كان خاليًا، وهو ظاهر قصة أيوب -عليهِ السَّلامُ- إذا كان خاليًا. وأما إذا كان عند الناس فالتستر متعيّن.

قال -رَحِمَهُ اللهُ-: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ" القعنبي، "عَنْ مَالِكٍ" ابن أنس إمام دار الهجرة، "عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ" أخت علي بن أبي طالب وأخت عقيل، "أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ: «ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ»" بنته "«تَسْتُرُهُ»" هذا الشاهد، التستر في الغسل عند الناس، يعني يوم الفتح الناس موجودون، "«وفاطمةُ تستره، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ»"، وفي الروايات الأخرى أو في السياقات الأخرى في الأبواب اللاحقة: «فقال: مرحبًا بأم هانئ»، وفي رواية: «قالت: السلام عليك يا رسول الله، قال: من هذه؟ قالت: أم هانئ، فقال: مرحبًا بأم هانئ»، أخذ بعض أهل العلم أن كلمة مرحبًا تكفي عن رد السلام، ولكن {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] يدل على أن رد السلام لا بد منه وأنه لم يُذكر في هذه الروايات للعلم به. وفي بعض الروايات: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ»، وأم هانئ بنت أبي طالب عم النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- صحابية جليلة كان النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يجلها ويعرف لها حقها من القرابة، وأخبارها كثيرة في كتب الصحابة.

طالب: "قوله: "باب التستر" لما فرغ من الاستدلال لأحد الشقين وهو التعري في الخلوة، أورد الشق الآخر".

وهو التستر عند الناس.

طالب: "قوله: "مولى عمر بن عبيد الله" بالتصغير وهو التيمي، و"أم هانئٍ" بهمزة منونة. قوله: «فقال من هذه؟» يدل على أن الستر كان كثيفًا".

بحيث لا يَرى من وراءه، لا يُرى من خلفه، كان الستر كثيفًا.

طالب: "وعرف أنها امرأة؛ لكون ذلك الموضع لا يدخل عليه فيه الرجال".

لأن فيه فاطمة بنت النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، فلا يدخل إلا نساء..

طالب: "وسيأتي الكلام عليه في أواخر الجهاد حيث أورده المصنف تامًّا".

نعم.

طالب: .......

ماذا ؟

طالب: .......

....... ما تنظر، تستر عنها وعن غيره، ما تنظر، ما تنظر إلى أبيها إلا على أعالي جسده كما كان النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يغتسل فأرادوا أن يروا كيفية غسله فنزلوا الستر قليلاً ليرى أعلى الجسد، فقط، أما العورة فلا.

طالب: .......

الحديث ما فيه تطرق لشيء من هذا.

طالب: .......

كيف؟ التستر في الغسل عن الناس، بالستر.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

لا لا ما تنظر إليه إذا كان الستر يغطي ما يجب ستره.

طالب: .......

لكن فاطمة ما تنظر؛ لأن فيه ستارًا بينه وبينها.

طالب: .......

يعني كونه يستر يدل على أنه متجرد، ولا يمنع أن يكون مستترًا ويستر أيضًا؛ لأن الثوب قد يُرى ما وراءه بعد الابتلال، إذا ابتل يُرى ما وراءه. شف من يصبحون بسراويل رقيقة كل شيء يظهر وهم عليهم سراويل.

طالب: .......

نعم؛ لأنه ملون ما يغتسلون بالأبيض، الأبيض يرى.

 على كل حال.

طالب: .......

لا شك أن الأنبياء يُطلب لهم الكمال أكثر من غيرهم. كل كمال يُطلب من المكلفين فالأنبياء أولى به.

قال -رَحِمَهُ اللهُ-: "حَدَّثَنَا عَبْدَانُ" عبد الله بن عثمان المروزي، "قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ" وهو ابن المبارك، "قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ" وهو الثوري، "عَنِ الأَعْمَشِ" سليمان بن مهران، "عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ" مولى ابن عباس، "عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ" بنت الحارث أم المؤمنين خالة ابن عباس "قَالَتْ: «سَتَرْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنَ الجَنَابَةِ»" وحديثها في غسله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- مر مرارًا، ولكن ذُكر هنا للستر: "«سترت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يغتسل من الجنابة، فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ»" كونها تستره وتنظر إليه وهو يغسل يديه ويصب بيمينه على شماله؛ لأنها زوجته، بخلاف فاطمة؛ لأنها بنته، "«فغسل فرجه وما أصابه، ثُمَّ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى الحَائِطِ أَوِ الأَرْضِ»" وهذا تقدم مرارًا، "«ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ غَيْرَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ المَاءَ، ثُمَّ تَنَحَّى، فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ»" وهذا أيضًا في تأخير غسل الرجلين تقدم الكلام في أكثر من حديث.

طالب: .......

أين؟ ويخشى أنه في الليلة التي بات فيها ابن عباس عنده، ومضت القصة.

"تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَابْنُ فُضَيْلٍ فِي السَّتْرِ"، أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، وابن فضيل محمد بن الفضيل معروف.

اقرأ.

طالب: "قوله: "أخبرنا عبد الله" هو ابن المبارك، و"سفيان" هو الثوري، وقد تقدم الحديث في أول الغسل للمصنف عاليًا إلى الثوري، ونزل فيه هنا درجةً، وكذلك نزل فيه شيخه عبدان درجةً؛ لأنه سبق من روايته عن أبي حمزة عن الأعمش، والسبب في ذلك اعتناؤه بمغايرة الطرق عند تغاير الأحكام".

لأنه لا يكرر حديثًا واحدًا في موضعين بسنده ومتنه من غير تغيير، لا يكرر حديثًا واحدًا إلا في نحو عشرين موضعًا أشار إليها ابن حجر في أوائل الجزء الأول في صفحة 16 الظاهر. نشوف: "ولا يوجد فيه حديث واحد مذكور بتمامه سندًا ومتنًا في موضعين أو أكثر إلا نادرًا، فقد عُني بعض من لقيته بتتبع ذلك، فحصل منه نحو عشرين موضعًا"، في صفحة 16، وهذه العشرون الموضع تكررت في موضعين، وبعض الأحاديث ثلاثة مواضع، وذكرها القسطلاني في مقدمة شرحه، ذكر الأحاديث. هنا أشار إليها والقسطلاني ذكرها مفصلة في مقدمة شرحه.  

طالب: "قوله: "تابعه أبو عوانة"، أي عن الأعمش بإسناده هذا، وقد تقدمت هذه المتابعة موصولةً عنده في باب "من أفرغ بيمينه". قوله: "وابن فضيل"، أي عن الأعمش أيضًا بهذا الإسناد، وروايته موصولة في صحيح أبي عوانة الإسفراييني نحو رواية أبي عوانة البصري، وقد وقع ذِكر الستر أيضًا في هذا الحديث من رواية أبي حمزة عند المصنف، ومن رواية زائدة عند الإسماعيلي، وسبقت مباحث الحديث في أول الغسل، والله المستعان".

الكلام في الباب الذي يليه طويل من الشارح، وفيه مسائل تحتاج إلى شيء من العناية، والساعة تمت التاسعة.

والله أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"