كتاب العلم (09)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يسأل يقول: أجهزة حاسب وآلات مكتبي كانت في مكتب دعوي، وتم الاستغناء عنها بعد فترة من الخدمة، وهذه الأجهزة تم شراؤها من ميزانية تبرَّع بها أهل الخير لهذا المكتب، فهل تعتبر وقفًا بمعنى أنه لا يجوز بيعها والاستفادة من ثمنها لصالح المكتب نفسه، أم يتم نقل العين الأجهزة والأثاث إلى أي جهة خيرية أو دعوية أخرى؟

أولاً هذه تعتبر وقفًا، لا يجوز بيعها إلا إذا تعطلت منافعها، فإذا لم تمكن الاستفادة منها في المكان الموقوف عليه نُقلت إلى مكان مناسب يتحقق به هدف الواقف، فإذا لم يوجد، وتعطلت منافعها بالكلية تُباع وتُصرف على مصالح المكتب.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول الشارح -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: (قوله: حدثنا، وللأصيلي حدثني بالإفراد. قوله: غرير تقدم في المقدمة أنه بالغين المعجمة مصغرًا)، محمد بن غرير. ذكرنا في الدرس الماضي، استرواح يعني من قلة وروده في الصحيح، أنني لا أذكر له إلا هذا الموضع من الصحيح، وذكر الكلاباذي، هو ابن منجويه يا أبا عبد الله؟

طالب: الكلاباذي.

الكلاباذي الذي في صحيح البخاري، أن له ثلاثة مواضع في الصحيح.

طالب: غير هذا؟

لا، مع هذا، هذا الذي في العلم، والثاني الزكاة؟

طالب: التفسير.

متأكد أم؟ في بني إسرائيل نعم. في العلم والزكاة وبني إسرائيل، وهذه ميزة هذه الكتب التي ما تعرف بين الناس ولا تتداول، لا سيما الكلاباذي يهتم بمواضع التخريج من صحيح البخاري للرواة المقلين، الرواة المقلون ينبه على أنه خرج له في كتاب كذا.

(ومحمد وشيخه وأبوه وإبراهيم بن سعد زهريون، وكذا ابن شهاب شيخ صالح، وهو ابن كيسان. قوله: حدثه) حدث أن عبيد الله، والشارح يقول: (حدثه)؛ لأنه يعتمد الرواية المشهورة رواية أبي ذر، والرواية المطبوعة مع الشرح ملفقة، فيه النسخة التي عليها اسم الشيخ شيبة الحمد، معكم؟

طالب: لا.

التي عليها اسم الشيخ. طيب، أعطني ....... حدث أم حدثه؟

طالب: .......

لا ليس بالشرح، بالمتن.

طالب: .......

زين.

طالب: .......

بالمتن؟ حدثه؟

طالب: .......

نعم.

النسخة المطبوعة بالمطبعة السلفية التي أقحمت في الشرح من غير رضا المؤلف، وهذا خطأ في التصرف المفترض ألا يحصل، ومع الأسف أن عليها اسم الشيخ ابن باز، والشيخ ابن باز لا دخل له في إدخال المتن، الذي أدخله محب الدين الخطيب، وليتهم إذ تصرفوا وأدخلوا أدخلوا متنًا يناسب الشرح، جاءوا بمتن ملفق لا يعتمد على رواية واحدة وأدخلوه، فأخطأوا مرتين ما هي مرة واحدة.

(قوله: حدثه، للكشميهني حدث بغير هاء، وهو محمول على السماع؛ لأن صالحًا).

طالب: ابن حجر يا شيخ مشى على رواية واحدة.

على رواية أبي ذر، وأشار إلى ما عداها عند الحاجة.

طالب: هذا ما يعتبر يناسب للتلفيق؟

لا، ما هو بالملفق ابن حجر.

طالب: أنا أعرف يا شيخ.

الملفق المتن المقحم.

طالب: الصنيع الذي صنع الآن مع ابن حجر مناسب.

غلط، لا ما هو بمناسب.

طالب: لأنه يورد الروايات ويترك بعض الروايات.

ابن حجر ما هو بملزم بذكر جميع الروايات، اعتمد رواية هي أصح الروايات عنده، وأشار إلى ما عداها، وكل طالب علم يعني عليه أن يعتني برواية واحدة، هذا الأصل كما يعتني بقراءة واحدة، ثم بعد ذلك عند الحاجة يرجع إلى الرواية الأخرى، أما التلفيق فما هو مقبول عند أهل العلم، وخلل في الرواية أنك تروي الكتاب على رواية ثم تخرج منها إلى رواية أخرى هي أرجح عندك في هذا الموضع أو كذا، لا، نسق واحد على رواية واحدة، وتشير إلى ما عداها، إن أشرت إلى الجميع كما يفعل القسطلاني أفضل بلا شك، لكنه أحيانًا يشير إلى روايات ما ترتب عليها فائدة، ابن حجر يشير إلى ما عداها عند الحاجة.

قال: (للكشميهني حدث بغير هاء، وهو محمول على السماع؛ لأن صالحًا غير مدلس) صالح بن كيسان ما عرف بالتدليس.

(قوله: «تمارى» أي تجادل. قوله: «والحر») تمارى هو والحر، وهو هنا واجبة؛ لأن الحر معطوف على ضمير رفع متصل؛ لأن المستتر في حكم المتصل.

 وإن على ضمير رفع متصل         عطفت فافصل بالضمير المنفصل

يعني كما هنا، لا يجوز أن يقول: تمارى والحر، لا بد من الفصل بالضمير المنفصل

 قال: أو فاصل ما وبلا فصل يرد        في النظم فاشيًا وضعفه اعتقد

(هو بضم الحاء وتشديد الراء المهملتين، وهو صحابي مشهور، ذكره ابن السكن وغيره، وله ذكر عند المصنف أيضًا في قصة له مع عمر قال فيها: وكان الحر من النفر الذين يدنيهم عمر، يعني لفضلهم) واستشفع به عمه عيينة بن حصن، وفشله عند عمر -رضي الله عن الجميع-، يوم دخل شفع له ودخل جاءه بكلام غير مناسب، لكن معروف طريقة الأعراب الجفاء.

(قوله: قال ابن عباس: هو خضر، لم يذكر ما قال الحر بن قيس ولا وقفت على ذلك في شيء من طرق هذا الحديث) يعني في المماراة والمجادلة وهي بين طرفين: الحر قال وابن عباس قال، ما نقل ما قاله الحر (ولا وقفت على ذلك في شيء من طرق هذا الحديث. وخضر بفتح أوله وكسر ثانيه أو بكسر أوله وإسكان ثانيه) خِضْر (ثبتت بهما الرواية، وبإثبات الألف واللام فيه وبحذفهما) والألف واللام معروف أنها ليست للتعريف؛ لأنه عَلم، وإنما هي للمح الأصل، للمح الصفة وهي الخضرة، كما يقال: العباس.

وخضر هذا فيه كلام كثير لأهل العلم، وفيه دعاوى طويلة عريضة من بعض من ينتسب إلى التصوف، وأنه موجود الآن بين الناس على مر العصور يلتقي به الأولياء عيانًا، يجتمع معهم في بيوتهم، ويخرجون إليه في المكان الذي يريد، وأنه حضر العزاء عزاء النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكل هذا لا أصل له، وإن قال به كثير من أهل العلم، بل القول بحياته قول الجمهور، لكنه لا دليل له إلا هذه المنامات والرؤى واللقاءات أنه يحضر يوم عرفة من كل سنة هذا لا أصل له، والدليل يدل على خلاف ذلك، وأنه لا يبقى بعد مائة سنة من حديثه -عليه الصلاة والسلام- أحد حي: «ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة إلا...»؟

طالب: ما أحد.

«ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة عام» يعني موجودة الآن «يأتي عليها مائة عام وهي حية أو باقية»؟ باقية.

ومع ذلك آخر من مات من الصحابة ابن واثلة، أبو الطفيل نعم أبو الطفيل عامر بن واثلة أبو الطفيل عامر بن واثلة مات سنة عشر ومائة على رأس مائة من كلامه -عليه الصلاة والسلام-، وهؤلاء يدعون وجوده إلى قيام الساعة.

طالب: .......

 والاستثناء يرد، لكن الأدلة ترد هذا، ترده.

طالب: .......

ما هو بالبر، ليس على وجه الأرض، هذا إن صح أنه هو الوارد في حديث الجساسة، فهو في البحر وليس في البر، «ما ليس على ظهر الأرض»، ومع ذلك المرجح غيره، عند جمع من أهل العلم يقولون: إنه ليس هو الوارد في حديث الجساسة، وليس هو ابن صياد. على كل حال كلام طويل لأهل العلم، ويهمنا من ذلك الخضر.

(وبإثبات الألف واللام فيهما وبحذفهما، وهذا التماري الذي وقع بين ابن عباس والحر غير التماري الذي وقع بين سعيد بن جبير ونوف البكالي، فإن هذا في صاحب موسى هل هو الخضر أو غيره؟ وذاك في موسى هل هو موسى بن عمران الذي أنزلت عليه التوراة أو موسى بن ميشا بكسر الميم وسكون التحتانية بعدها معجمة؟ وسياق سعيد بن جبير للحديث عن ابن عباس أتمُّ من سياق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة لهذا بشيء كثير، وسيأتي ذكر ذلك مفصلاً في كتاب التفسير إن شاء الله تعالى.

 ويقال إن اسم الخضر: بليا بموحدة ولام ساكنة ثم تحتانية، وسيأتي في أحاديث الأنبياء النقل عن سبب تلقيبه بالخضر) قالوا: إنه لا يجلس على أرض إلا قام عنها وهي خضراء، (وسيأتي نقل الخلاف في نسبه، وهل هو رسول أو نبي فقط، أو مَلَك بفتح اللام، أو ولي فقط؟ وهل هو باقٍ أو مات؟) الخلاف في نبوته معروف، يستدل من يقول بذلك بقوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82] مما يدل على نبوته، والجمهور على أنه ولي.

طالب: .......

الأكثر على أنه ولي وليس بنبي.

طالب: .......

قد تكون الحكمة وقد تكون .......

طالب: .......

ما يلزم، ولي ويبقى، كل ولي يبقى؟

طالب: .......

على كل حال هذا ما له دخل في افتراءاتهم.

طالب: يا شيخ لو قيل: إنه نبي يختلف عن الرسول، حكم الأدلة الآن: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82]، {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65]، وانطبقت أوصافه وأوصاف النبوة، بخلاف ما لم لو قيل: إنه رسول.

أراه.

طالب: الرسول هو الذي يؤمر بالتبليغ ويؤتى بشرع جديد، وقد ينزل عليه كتاب، وتختلف عن قضية الرسول.

هذا الكلام كلام ساق الخلاف، نحن رجحنا أنه رسول؟

طالب: لا، أقول لو قيل: إنه نبي.

لا، يقول لك: (وسيأتي نقل الخلاف في نسبه، وهل هو رسول أو نبي فقط، أو مَلَك بفتح اللام، أو ولي فقط؟ وهل هو باقٍ أو مات؟) الذي نعرفه أن قول الأكثر على أنه ولي، وأجابوا عن قوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82]، والقول بنبوته قوي، هذه الأدلة المتضافرة تدل على قوة القول.

(قوله: «فدعاه» أي ناداه، وذكر ابن التين أن فيه حذفًا والتقدير: فقام إليه فسأله؛ لأن المعروف عن ابن عباس التأدب مع من يأخذ عنه، وأخباره في ذلك شهيرة.

قوله: «إذ جاء رجل» لم أقف على تسميته.

قوله: «بلى عبدنا» أي هو أعلم) يعني هو أعلم منك؛ لأن موسى -عليهِ السَّلامُ- لما سئل عن أعلم من في الأرض فقال: هو يعني نفسه أعلم، لكن مع ذلك قيل له: «بلى، عبدنا خضر»، «هل تعلم أحدًا أعلم منك؟ قال موسى: لا، فأوحى الله إلى موسى بلى عبدنا خضر».

(وللكشميهني: بل بإسكان اللام، والتقدير فأوحى الله إليه: لا تطلق النفي بل قل خضر، وإنما قال: عبدنا، وإن كان السياق يقتضي أن يقول عبد الله؛ لكونه أورده على طريق الحكاية عن الله -سبحانه وتعالى-، والإضافة فيه للتعظيم) إضافة الأعيان إلى الله -جَلَّ وعَلا- تدل على التعظيم، لا تدل على التبعيض، إنما تدل على التعظيم.

طالب: .......

لو قُيد على حسب علم المطلق على حد علمه فما فيه إشكال.

(والإضافة للتعظيم.

قوله: «يتبع أثر الحوت في البحر»، في هذا السياق اختصار يأتي بيانه عند شرحه إن شاء الله تعالى.

قوله: «ما كنا نبغي») الياء خلافًا للرسم رسم المصحف (أي نطلب) وهذه ماشية على الأصل الإعرابي (أي نطلب؛ لأن فقدَ الحوت جُعل آيةً أي علامةً على الموضع الذي فيه الخضر. وفي الحديث جواز التجادل في العلم إذا كان بغير تعنت، والرجوع إلى أهل العلم عند التنازع، والعمل بخبر الواحد الصدوق، وركوب البحر في طلب العلم، بل في طلب الاستكثار منه) يعني لا أصله، (ومشروعية حمل الزاد في السفر) {آتِنَا غَدَاءَنَا} [الكهف: 62]، (ولزوم التواضع في كل حال، ولهذا حرص موسى على الالتقاء بالخضر -عليهما السلام- وطلب التعلم منه، تعليمًا لقومه أن يتأدبوا بأدبه، وتنبيهًا لمن زكى نفسه أن يسلك مسلك التواضع).

 كأنه يميل إلى نبوته، راجع يا أبا عبد الله رقم 2267، يخشى أن يكون في الإجارة، أو شف 3400 و401 هذه مظنة بني إسرائيل ما الموضوع .......

طالب: .......

لا لا ما يصلح، بالإجارة ما يصلح، لا هات 3400 و401 هذه مظنة.

طالب: ترك القول بنبوته ابن حجر.

ورجح نفسه نعم.

في هذا الموضع قال: وسيأتي في تفسير سورة الكهف، ونستوفي شرحه هناك. وهو يقول: إنما سمي خضر؛ لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء. وقيل له: الخضر؛ لأنه كان إذا صلى اخضر ما حوله، والخضر قد اختلف في اسمه قبل ذلك، وفي اسم أبيه، وفي نسبه، وفي نبوته، وفي تعميره، قال وهب بن منبه: وبليا... وقيل: عن ابن عباس: هو ابن آدم لصلبه، وهو ضعيف منقطع، وذكر أبو حاتم السجستاني في المعمرين أنه ابن قابيل ابن آدم، رواه عن أبي عبيدة، وقيل: اسمه أرميا بن طولان، اختلف في اسم أبيه... كل هذا ما يهم.

وأخرج النقاش أخبارًا كثيرة تدل على بقائه لا تقوم بشيء منها حجة، قاله ابن عطية، قال: ولو كان باقيًا لكان له في ابتداء الإسلام ظهور، ولم يثبت شيء من ذلك. قال الثعلبي في تفسيره: هو معمر على جميع الأقوال، محجوب عن الأبصار، قال: وقد قيل: إنه لا يموت إلا في آخر الزمان حين يرفع القرآن.

وقال القرطبي: هو نبي عند الجمهور، والآية تشهد بذلك؛ لأن النبي لا يتعلم ممن هو دونه، ولأن الحكم بالباطل لا يطلع عليه إلا الأنبياء. وقال ابن الصلاح: هو حي مشهور عند جمهور العامة، وإنما شذ بإنكاره بعض المحدثين، وتبعه النووي وزاد أن ذلك متفق عليه بين الصوفية وأهل الصلاح، وحكاياتهم في رؤيته والاجتماع به أكثر من أن تحصى، انتهى، والذي جزم بأنه غير موجود البخاري -رحمه الله- وإبراهيم الحربي وأبو جعفر بن المنادي وأبو يعلى الفراء وأبو طاهر العبادي وأبو بكر ابن العربي وطائفة، وعمدتهم الحديث المشهور عن ابن عمر وجابر وغيرهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في آخر حياته: «لا يبقى على وجه الأرض بعد مائة سنة ممن هو عليها اليوم أحد»، قال ابن عمر: أراد بذلك انخرام قرنه، وأجاب من أثبت حياته بأنه كان حينئذٍ على وجه البحر، أو هو مخصوص من الحديث، كما خُص منه إبليس بالاتفاق، ومن حجج من أنكر ذلك قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} [الأنبياء: 34]، وحديث ابن عباس: «ما بعث الله نبيًّا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بُعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه».

والشيء المجزوم به أنه إذا وسعه الخروج عن شريعة موسى، هو ليس بتابع لموسى -عليهِ السَّلامُ-، وسعه الخروج عن شريعة موسى، وما أخرجه عن ولايته أو نبوته، فإنه لا يسعه بحال أن يخرج عن شريعة محمد -عليه الصلاة والسلام-، ومع ذلك ما ذُكر في السير ولا ذكر من الصحابة ولا ذُكر له أي ذكر أنه جاء وأسلم على يده -عليه الصلاة والسلام-.

نعم.

طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ».

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما- قَالَ: «ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ».

يقول الشارح -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: (باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- «اللهم علمه الكتاب»)، النبي -عليه الصلاة والسلام- دعا لابن عباس بالفقه في الدين: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل»، واللفظ الذي معنا كما ترون في الصحيح.

(قول النبي -صلى الله عليه وسلم- «اللهم علمه الكتاب»، استعمل لفظ الحديث ترجمةً تمسكًا بأن ذلك لا يختص جوازه بابن عباس، والضمير على هذا لغير مذكور، ويحتمل أن يكون لابن عباس نفسه لتقدم ذكره في الحديث الذي قبله) باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم علمه» الضمير يعود على أيش؟

طالب: .......

من أين؟

طالب: .......

لا، خلوا المتن، الكلام على الترجمة، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- «اللهم علمه الكتاب»، وارد أنه غيره ....... ما نحتاج إلى أن نقول: عائد على الحديث الذي قبله والحديث الذي معنا في الترجمة المترجم عليه واضح؛ لأنه قد تكون الترجمة فيها إجمال وهذا كثير عند البخاري يبين في الحديث نفسه، هذا الإجمال يبينه ما بعده من حديث.

طالب: .......

لا، هذه مناسبة نقول.

طالب: .......

نقول: هذه مناسبة، ما نقول: إن هذا مرجع الضمير إلى ذلك الحديث، هذه مناسبة بين البابين صحيح، لكن عود الضمير «اللهم علمه الكتاب»، طيب أنت افترض أن البخاري ما وضع هذا الحديث بهذا الباب.

طالب: .......

ليس مسألة يعود، إجمال يصير، إجمال يبين بما بعده.

(تمسكًا بأن ذلك لا يختص جوازه بابن عباس) بمعنى أنه يجوز أن يدعى لأي شخص بأن يعلم الكتاب، (والضمير على هذا لغير مذكور، ويحتمل أن يكون لابن عباس نفسه؛ لتقدم ذكره في الحديث الذي قبله إشارةً إلى أن الذي وقع لابن عباس من غلبته للحر بن قيس إنما كان بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- له.

قوله: حدثنا أبو معمر هو عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المعروف بالمقعد البصري. قوله: حدثنا خالد هو ابن مهران الحذاء.

قوله: «ضمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» زاد المصنف في فضل ابن عباس عن مسدد عن عبد الوارث: «إلى صدره» وكان ابن عباس إذ ذاك غلامًا مميزًا، فيستفاد منه جواز احتضان الصبي القريب على سبيل الشفقة)؛ لأنه صغير، عند موته -عليه الصلاة والسلام- قد ناهز الاحتلام، ثلاث عشرة عمر ابن عباس، والحديث قبل ذلك. (قوله: «علمه الكتاب» بيَّن المصنف في كتاب الطهارة من طريق عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس سبب هذا الدعاء، ولفظه: دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- الخلاء فوضعت له وَضوءًا، وزاد مسلم: فلما خرج قال: « من وضع؟ » هذا فأخبر، ولمسلم: قالوا: ابن عباس، ولأحمد وابن حبان من طريق سعيد بن جبير عنه: أن ميمونة هي التي أخبرته بذلك، وأن ذلك كان في بيتها ليلاً).

 يعني في الليلة التي بات ابن عباس عند النبي -عليه الصلاة والسلام- وسبر صلاته بالليل، وسيأتي في الصحيح نفسه، إن شاء الله تعالى، (وأن ذلك كان في بيتها ليلاً، ولعل ذلك كان في الليلة التي بات ابن عباس فيها عندها؛ ليرى صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما سيأتي في موضعه، إن شاء الله تعالى، وقد أخرج أحمد من طريق عمرو بن دينار عن كريب عن ابن عباس في قيامه خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الليل وفيه: فقال لي: «ما بالك أجعلك حذائي فتخلفني؟» فقلت: أوينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله؟ فدعا لي أن يزيدني الله فهمًا وعلمًا، والمراد بالكتاب القرآن؛ لأن العرف الشرعي عليه)، هذا إذا أطلق بالنسبة للأمة كلها، وإذا أطلق في الأوساط النحوية فكتاب سيبويه.

 وكل قوم لهم كتاب يشتهر عندهم. الكتاب عند الحنفية معروف، اسمه الكتاب للميداني. (والمراد بالتعليم ما هو أعم من حفظه والتفهم فيه، ووقع في رواية مسدد الحكمة بدل الكتاب، وذكر الإسماعيلي أن ذلك هو الثابت في الطرق كلها عن خالد الحذاء، كذا قال، وفيه نظر؛ لأن المصنف أخرجه أيضًا من حديث وهيب عن خالد بلفظ الكتاب أيضًا، فيُحمل على أن المراد بالحكمة أيضًا القرآن، فيكون بعضهم رواه بالمعنى، وللنسائي والترمذي من طريق عطاء عن ابن عباس قال: دعا لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أوتى الحكمة مرتين، فيحتمل تعدد الواقعة، فيكون المراد بالكتاب القرآن، وبالحكمة السنة، ويؤيده أن في رواية عبيد الله بن أبي يزيد التي قدمناها عند الشيخين: «اللهم فقهه في الدين»، لكن لم يقع عند مسلم «في الدين»، وذكر الحميدي في الجمع أن أبا مسعود ذكره في أطراف الصحيحين بلفظ: «اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل») أبو مسعود الدمشقي. (قال الحميدي: وهذه الزيادة ليست في الصحيحين، قلت: وهو كما قال)، ومعلوم أنهم هؤلاء تجد عندهم الزيادات التي ليست في الأصول، الحميدي والبيهقي وابن الأثير وأبو مسعود وغيرهم تجد عندهم زيادات، حتى تجد بعض الزيادات في أطراف المزي؛ لأنهم يستفيدونها من المستخرجات، ولذا يقول الحافظ العراقي:

والأصل يعني البيهقي ومن عزا       وليت إذ زاد الحميدي ميز

 لأنهم يأخذون من المستخرجات، والمستخرجات فيها زيادات في الألفاظ وفي المعاني، إذ خالفت لفظًا ومعنى ربما.

(قلت: وهو كما قال، نعم هي في رواية سعيد بن جبير التي قدمناها عند أحمد وابن حبان والطبراني، ورواها ابن سعد من وجه آخر عن عكرمة مرسلاً، وأخرج البغوي في معجم الصحابة من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر، كان عمر يدعو ابن عباس ويقربه ويقول: إني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعاك يومًا فمسح رأسك وقال: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل»، ووقع في بعض نسخ ابن ماجه من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء في حديث الباب بلفظ: «اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب»، وهذه الزيادة مستغربة من هذا الوجه) «اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب» يعني إذا قلنا: إن الحكمة غير الكتاب تكون السنة، فكيف تقدم السنة على الكتاب؟

(وهذه الزيادة مستغربة من هذا الوجه، فقد رواه الترمذي والإسماعيلي وغيرهما من طريق عبد الوهاب بدونها، وقد وجدتها عند ابن سعد من وجه آخر عن طاوس عن ابن عباس قال: دعاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمسح على ناصيتي وقال: «اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب»، وقد رواه أحمد عن هشيم عن خالد في حديث الباب بلفظ: مسح على رأسي، وهذه الدعوة مما تحقق إجابة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها؛ لما علم من حال ابن عباس في معرفة التفسير والفقه في الدين -رضي الله تعالى عنه-)، (وهذه الدعوة مما تحقق إجابة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها) يعني هل هناك دعوات ما تحققت؟

طالب: .......

نعم هو سأل وأجيب في بعضها ولم يُجب في بعضها. أريد أن أصل إلى نتيجة، وهي أن دعوة النبي -عليه الصلاة والسلام- أن لا يجعل الله قبره عيدًا، هل أجيبت أم ما أجيبت؟

طالب: .......

يعني ما فيه أحد يسوي شيئًا عند قبر النبي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: .......

نعم يمنع .......

طالب: بحيث ما تكون شعارًا.

ما وجد من يسجد له؟ وُجد من يسجد في غرفة المولد التي يسمونها غرفة المولد، الكعبة وراءه، وهم يسجدون بغرفة المولد. ابن القيم معروف كلامه،

 قد أجاب رب العالمين دعاءه                     فأحاطه بثلاثة الجدران

 يعني ما يوجد في الدكة من يستقبل القبر -عليه الصلاة والسلام-؟

طالب: .......

لا،  ما أحد يقول كالأضرحة..

طالب: .......

العبادة ما معناها؟

طالب: صرف شيء من العبادة لغير الله.

ما صرف شيء للنبي -عليه الصلاة والسلام- لغير الله؟

طالب: .......

وثنًا يعبد، «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد»، غيره؟

طالب: .......  

أنت تريد كما قيل: إنه ليس بوثن يعبد كما تعبد الأوثان بحيث تكون هذه الصفة الغالبة فيه، وأن العبادة عنده لغير الله كلها هذا شيء، أما كونه وقع شيء من الشرع فقد وقع، ما أحد ينكره.

طالب: .......

دعاء يراد به النهي. لا، هو المسألة كلها تدور هل أجيبت الدعوة أو ما أجيبت؟ وعرفنا كلام ابن القيم أن الله أجاب دعاءه.

 قد أجاب رب العالمين دعاءه         فأحاطه بثلاثة الجدران

 يعني ثلاثة الجدران تمنع من الاستقبال إليه والتوجه إليه والسجود له؟

طالب: .......

استقبل الدكة استقبالًا تامًّا.

طالب: .......

لا هو الذي أثار هذا (وهذه الدعوة مما تحقق إجابة النبي) معناه أن هناك دعوات ما أجيبت، فيه دعوات ما أجيبت.

(واختلف الشراح في المراد بالحكمة هنا فقيل: القرآن كما تقدم، وقيل: العمل به، وقيل: السنة، وقيل: الإصابة في القول، وقيل: الخشية، وقيل: الفهم عن الله، وقيل: العقل وقيل: ما يشهد العقل بصحته، وقيل: نور يفرق به بين الإلهام والوسواس، وقيل: سرعة الجواب مع الإصابة، وبعض هذه الأقوال ذكرها بعض أهل التفسير في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان: 12]، والأقرب أن المراد بها في حديث ابن عباس الفهم في القرآن، وسيأتي مزيد لذلك في المناقب إن شاء الله تعالى).

نعم.

طالب: "بَابٌ: مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ؟

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، قَالَ: «أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلامَ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيَّ».

 حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: «عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ»".

قال -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "باب متى يصح سماع الصغير؟"، جمهور أهل الحديث على أنه لا يصح سماعه ولا يُثبت سماعه إلا إذا تم خمس سنين؛ لحديث محمود بن الربيع، كلهم عمدتهم محمود بن الربيع، وأنه عقل المجة وهو ابن خمس سنين. ومنهم من قال: الأربع سنين؛ لأنه جاء في بعض روايات محمود بن الربيع أربع سنين. والمرجح رد ذلك إلى التمييز، فإذا ميز يصح سماعه، ويثبت اسمه في الطباق ولو لم يبلغ الخمس، وإذا لم يميز فإنه لا يصح سماعه ولو زاد على الخمس، بل لو وصل الخمسين كما قال ابن الصلاح، إذا صار لا يميز، فمرد ذلك إلى التمييز.

(قوله: باب متى يصح سماع الصغير؟ زاد الكشميهني: الصبي الصغير، ومقصود الباب الاستدلال على أن البلوغ ليس شرطًا في التحمل) البلوغ ليس شرطًا في التحمل لأن ابن عباس ما بلغ حينما أتى على الأتان في هذا الحديث لأنه «وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام» يعني ما احتلم، (ليس شرطًا في التحمل) التحمل تلقي الحديث عن الشيوخ، والأداء تبليغ الخبر أو الحديث للآخذين من الطلاب، فالتحديث له طرفان: تحمل وأداء، فالتحمل لا يشترط له إلا الفهم والحفظ، وأما الأداء فتشترط له الشروط ويطلب له الكمال، فيصح سماع الصغير، ويصح سماع الفاسق، ويصح سماع الكافر، أما بالنسبة للأداء فلا بد من توافر الشروط؛ لأن المعول على الأداء، قد يسمع الكافر ويحفظ الحديث ويضبطه، لكن إذا أراد أن يؤديه يُنظر في حاله إن كان كافرًا فما يقبل خبره.

طالب: .......

إذا أسلم.

طالب: .......

تقبل، حديث جبير بن مطعم لما سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في المغرب بسورة الطور لما جاء وهو كافر، ومخرجة في الصحيح؛ لأنه أداها بعدما أسلم. فالصبي الصغير تقبل روايته. طيب ما كُلف ولا يمكن يتحمل مسئولية ويمكن يكذب ويمكن يزيد؟ ما علينا منه، الكافر ليس بثقة أما أثناء التحمل ما علينا منه. الاختبار عند الأداء إذا حدث نشوف وضعه هل هو مكلف؟ هل هو فاسق؟ هل هو كافر؟ هل هو تقي؟ هل هو صالح؟ فنقبل رواية المقبول ونرد رواية غيره.

(وقال الكرماني: إن معنى الصحة هنا جواز قبول مسموعه، قلت: وهذا تفسير لثمرة الصحة لا لنفس الصحة، وأشار المصنف بهذا إلى اختلاف وقع بين أحمد بن حنبل ويحيى بن معين رواه الخطيب في الكفاية عن عبد الله بن أحمد وغيره أن يحيى قال: أقل سن التحمل خمس عشرة سنةً لكون ابن عمر رُد يوم أحد إذ لم يبلغها، فبلغ ذلك أحمد فقال: بل إذا عقل ما يسمع، وإنما قصة ابن عمر في القتال، ثم أورد الخطيب أشياء مما حفظها جمع من الصحابة ومن بعدهم في الصغر وحدثوا بها بعد ذلك وقبلت عنهم، وهذا هو المعتمد) بلا شك إذا صار يضبط الصغير وحفظ القرآن بسن سبع سنين قلنا له: ما يصح حفظك؟! حفظ حديثًا نقول لا ما هو بصحيح، لكن ما نقبله منه إلا بعد البلوغ، هذا إذا لم يوجد عند غيره. طيب صحيح البخاري إن جاءنا صبي عمره خمس ست سنين سبع سنين يحفظ البخاري نقول: ما نقبل؟ يحدث علينا نقول: ما نقبل؟

طالب: لا.

هذا إذا لم يوجد عند غيره، تفرد به، ما نقبل؛ لأنه ما يؤمن أن يزيد وينقص؛ لأنه غير مكلف، ما يلاحظ لا ثوابًا ولا عقابًا، لكن إذا وجد في كتاب معروف نقول: ما نقبل رواية الصبي؟

طالب: .......

لا، هم يفرقون بين من يعقل ومن لا يعقل، فرق بين من يقال فيه: أحضر فلان، وبين من يقال: حضر فلان، هذا اختلاف العبارتين عندهم، التوسع الذي وجد عند المحدثين في قبول الرواية المطلقة العامة وقبل رواية المجهول، وقبل رواية المعدوم، وقبل رواية من وجد ومن سيوجد إما استقلالاً أو تبعًا، هذه توسعات غير مرضية، واحتيج إليها حينما شق السماع على الناس وكثرت المرويات والروايات والرواة بحيث لا يستطيعون أن يلحقوا على كل واحد يسمعون منه الحديث أو يسمعونه، فصاروا يكتفون من الحديث شمه فقط يثبتونه، والسيوطي يروي عن ابن حجر بالإجازة العامة، كم عمره يوم يموت ابن حجر؟ ثلاث سنين، وروى بأحاديث الدنيا كلها، العبرة بالرواية المثمرة التي ترتب عليها آثارها من حيث القبول والرد.

(ثم أورد الخطيب أشياء مما حفظها جمع من الصحابة ومن بعدهم في الصغر وحدثوا بها بعد ذلك، وقبلت عنهم، وهذا هو المعتمد، وما قاله ابن معين: إن أراد به تحديد ابتداء الطلب بنفسه فموجه) يعني متى يطلب الحديث بنفسه؟ أما كونه يُحضر هذا، قالوا: إذا عقل، إذا يحضر الحديث بنفسه إذا تأهل لذلك، والأهلية هنا يطلب لها كمال. أما كونه يحضر ويُحفظ ويَحفظ هذا ما فيه إشكال من التمييز، ويقولون في التمييز أنه إذا عد من واحد لعشرين فهو مميز، ومنهم من يقول: إذا فهم السؤال، ورد الجواب المطابق مميز، إذا فرق بين البقرة والحمار وبين الدرهم والدينار، وفرق بين كذا، مع أن البقرة والحمار إذا جاء لك أبو ال15 يمكن ما يفرق بينها، الآن ما يعرفونها، نعم ....... هذه القنوات التي فيها الطبيعية أو ما أدري ما يسمونه فيها أشياء من هذا النوع، يعرفون أشياء ما كنا نعرفها.

 المقصود اختبر ....... بالسيارات، صحيح، وباللاعبين وبالفنانين، هذه ثقافتهم، نسأل الله السلامة.

(وما قاله ابن معين: إن أراد به تحديد السن تحديد ابتداء الطالب بنفسه فموجه، وإن أراد به رد حديث من سمع اتفاقًا أو اعتني به فسُمع وهو صغير فلا، وقد نقل ابن عبد البر الاتفاق على قبول هذا، وفيه دليل على أن مراد ابن معين الأول، وأما احتجاجه بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رد البراء وغيره يوم بدر ممن كان لم يبلغ خمس عشرة سنة، فمردود بأن القتال يقصد فيه مزيد القوة والتبصر في الحرب، فكانت مظنته سن البلوغ، والسماع يقصد فيه الفهم فكانت مظنته التمييز، وقد احتج الأوزاعي لذلك بحديث: «مروهم بالصلاة لسبع»).

 الآن السن المحددة لابتداء التعليم والقبول في المدارس سن واحدة لجميع الأطفال، وعرفنا أن منهم من يميز لخمس، ومنهم من لا يميز إلا بعد ذلك سبع ثمانٍ، الناس مضطرون لأن يحددوا سنًّا معينة، ما قالوا: كل واحد بحسبه، يجيء لك واحد عمره ثلاث سنين، أربع سنين ويقول لك: ابني مميز، ويجادل وينازع، في هذا، وكذلك يأتي به إلى المسجد ويقول: مميز ويؤذي الناس به، أو يجلس عند الباب عمره عشر سنين قال: ابني ما بعد ميز، سبع خلاص، الأمور العامة يضرب لها سن يغلب على الظن أنه يحصل به الوصف، السبع يندر أن يتجاوزها طفل ما ميز، فلا يترك لتمييز الآحاد، مثل هذا رواية الحديث، يترك تمييز الآحاد، هاته إن فهمه وحفظه الله يقويه، وإن ما فهمه التعب عليك أنت وإياه، لكن تجيء به للصف يؤذي الناس عمره ثلاث تقول: مميز، ما هو بصحيح، ويعدو على المصاحف، ويعبث بها، ويرمي هذا، ويمزق هذا، وأبوه بجانبه ما يحرك ساكنًا.

 يذكر أبو عبد الله واحدًا شغلنا بهذا المسجد يرمي المصاحف، ونحن نصلي ما نقدر أن نفعل شيئًا، لكن يوم تقدم قليلاً للمروحة أبوه يقطع صلاته وراح يجيء به والمصحف ما يهم، وهذا يجلس أبو عشر سنين عند الباب يقول: عسى الله أن يزرع له ما بعد ميز إلى هذا الحين، ما بعد ميز، هذا الوقت ما يفهم شيء.

طالب: .......

أقول: ما يترك مثل هذه الأمور لاجتهادات الناس.

(وقد احتج الأوزاعي لذلك بحديث: «مروهم بالصلاة لسبع». قوله: حدثنا إسماعيل هو ابن أبي أويس) وهو ابن أخت مالك، مالك خاله، والإشكال أنه قال: حدثني مالك، مما يدل على أن طريق التحمل أيش؟

طالب: .......

السماع من لفظ الشيخ الذي هو التحديث، ومالك ما حدث أحدًا.

طالب: .......

ما يحدث أبدًا، يسمع يقرأ عليه، وكان المناسب في الصيغة أن يقول: أخبرنا مالك، ولا تجد مثل هذه اللفظة في صحيح مسلم؛ لأنه يفرق بين الصيغ، البخاري ما يفرق، كله واحد، يقول: حدثنا أو أخبرنا ما له دخل، رحم الله الجميع.

(قوله: حدثنا إسماعيل هو ابن أبي أويس، وقد ثبت ذلك في رواية كريمة. قوله: «على حمار» هو اسم جنس يشمل الذكر والأنثى كقولك: بعير، وقد شذ حمارة في الأنثى، حكاه في الصحاح، وأتان بفتح الهمزة وشذ كسرها كما حكاه الصغاني هي الأنثى من الحمير) قالوا: من منع أبان فهو أتان.

 (وربما قالوا للأنثى: أتانة، حكاه يونس، وأنكره غيره، فجاء في الرواية على اللغة الفصحى، وحمار أتان بالتنوين فيهما على النعت أو البدل، وروي بالإضافة، وذكر ابن الأثير أن فائدة التنصيص على كونها أنثى للاستدلال بطريق الأولى على أن الأنثى من بني آدم لا تقطع الصلاة؛ لأنهن أشرف، وهو قياس صحيح من حيث النظر، إلا أن الخبر الصحيح لا يُدفع بمثله كما سيأتي البحث فيه في الصلاة إن شاء الله تعالى) يعني هذا يستدل به من رأى أن المرأة لا تقطع الصلاة، ورأوا أن القطع نقص الأجر كما في الرجل، وعائشة تنكر: شبهتمونا بالحمر. لكن إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال «يقطع صلاة الرجل المرأة والحمار والكلب».

طالب: .......

لا، لا يدفع بمثل هذا الكلام، الخبر لا يدفع بمثل هذا الكلام.

(قوله: «ناهزت» أي قاربت، والمراد بالاحتلام البلوغ الشرعي. قوله: «إلى غير جدار» أي إلى غير سترة، قاله الشافعي) «إلى غير جدار» يعني إلى غير سترة، يعني مطلقًا، ما يقال: إنه صلى إلى غير جدار معناه في سترة ثانية عنزة أو غيرها، لكنه صلى. فالمقصود بنفي الجدار نفي السترة، (قاله الشافعي) وهذا مما يستدل به على عدم وجوب السترة، وسيأتي «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز» مفهومه أنه إذا صلى إلى غير شيء يستره فإنه ليس له أن يدفع.

(وسياق الكلام يدل على ذلك؛ لأن ابن عباس أورده في معرض الاستدلال على أن المرور بين يدي المصلي لا يقطع صلاته، ويؤيده رواية البزار بلفظ: «والنبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي المكتوبة ليس لشيء يستره») لكن هل ثبت أنها مرت بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام- أو بين يدي الصف؟ بعض الصف، وسترة الإمام أو الإمام سترة لمن خلفه، فلا يرد مثل هذا الحديث.

طالب: .......

لا، هو السترة، الإمام سترة لمن خلفه.

طالب: .......

لكل المصلين ما دام أمامهم خلاص.

(قوله: «بين يدي بعض الصف» هو مجاز عن الأمام بفتح الهمزة؛ لأن الصف ليس له يد، وبعض الصف يحتمل أن يراد به صف من الصفوف أو بعض من أحد الصفوف، قاله الكرماني.

 قوله: «ترتع» بمثناتين مفتوحتين وضم العين أي تأكل ما تشاء، وقيل: تسرع في المشي. وجاء أيضًا بكسر العين بوزن يفتعل من الرعي، وأصله ترتعي، لكن حذفت الياء تخفيفًا، والأول أصوب، ويدل عليه رواية المصنف في الحج: نزلت عنها فرتعت.

قوله: «ودخلت في الصف»، وللكشميهني: فدخلت بالفاء.

قوله: «فلم ينكر ذلك علي أحد» قيل: فيه جواز تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة الخفيفة؛ لأن المرور مفسدة خفيفة، والدخول في الصلاة مصلحة راجحة) قد يقول قائل يعكس مثل هذا فيقول: إن مصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة.

(واستدل ابن عباس على الجواز بعدم الإنكار لانتفاء الموانع إذ ذاك، ولا يقال: منع من الإنكار اشتغالهم بالصلاة؛ لأنه نفى الإنكار مطلقًا فتناول ما بعد الصلاة، وأيضًا فكان الإنكار يمكن بالإشارة، وفيه ما ترجم له أن التحمل لا يُشترط فيه كمال الأهلية، وإنما يشترط عند الأداء) كما قدمنا سابقًا، (ويلحق بالصبي في ذلك العبد والفاسق والكافر، وقامت حكاية ابن عباس لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وتقريره مقام حكاية قوله؛ إذ لا فرق بين الأمور الثلاثة في شرائط الأداء) يعني بين الفعل والتقرير والقول، (فإن قيل التقييد بالصبي والصغير في الترجمة لا يطابق حديث ابن عباس؟ أجاب الكرماني بأن المراد بالصغير غير البالغ، وذكر الصبي معه من باب التوضيح، ويحتمل أن يكون لفظ الصغير يتعلق بقصة محمود ولفظ الصبي يتعلق بهما معًا، والله أعلم، وسيأتي باقي مباحث هذا الحديث في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى).

اللهم صل على محمد.

"