التعليق على الموافقات (1434) - 13
هذا يسأل عن أفضل طبعة لشرح العقيدة الطحاوية؟
طبعة الرسالة لا سيما من الطبعات المتأخرة كأنها أجود وأتقن، ومع ذلك طبعة المكتب التي حققها وخرج أحاديثها للشيخ ناصر الألباني، يعني تُضم هذه إلى هذه، وإلا الطبعات القديمة مثل طبعة مكة فيها أغلاط، طبعة مكة على ندرتها ونفاستها فيها أغلاط؛ لأنها أول طبعة للكتاب على نسخة واحدة، ثم بعد ذلك طبعة الشيخ أحمد شاكر معتمد على نسخ، معتمد على طبعة مكة، واجتهد في تصحيحها وتصويبها، فهي أمثل منها، لكن الطبعات الأخيرة اعتمدت على نسخ.
هذا يسأل عن الموافقات؟
الموافقات طُبع في تونس قبل سنة ألف ومائتين وتسعين، قديمة جدًّا، هذه ميئوس منها، ثم بعد ذلك طُبع في المطبعة السلفية سنة ألف وثلاثمائة وواحد وأربعين، ثم بعد ذلك طُبع في طبعة الشيخ محمد عبد الله دراز طبعة جيدة صحيحة ومعلق عليها، وطبعة السلفية أيضًا عليها تعليقات للشيخ الخضر حسين، محمد الخضر حسين شيخ الأزهر، جُمعت هذه التعليقات في هذه الطبعة طبعة أبي عبيدة مشهور بن الحسن السلمان، لكن الذي يعتني بالطبعات القديمة ما فيه أفضل من طبعة الشيخ دراز.
طالب: .......
نعم.
طالب: .......
أنه بالموافقة من الشيخ
طالب: .......
اقرأ في كتاب العرشية لشيخ الإسلام، رسالة، من عجلة بعض طلاب العلم وهو يقرأ في كتب العلم يأتي إلى كلام شيخ الإسلام هذا من باب: فخر عليهم السقف من تحتهم، صحح، يصحح هذا الخطأ وصوابه: {مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 26]، هذا مقصود لشيخ الإسلام. مثل ما صُحح في التفسير لابن كثير وفي البداية والنهاية في الوثيقة المزعومة أنها كُتبت بينه- عليه الصلاة والسلام- مع اليهود في خيبر، وكتبها علي بن أبي طالب. الوثيقة المتداولة وكتب: (علي بن أبو طالب)، ابن كثير يورد هذا الكلام؛ ليبطل الوثيقة؛ لأن عليًّا لا يلحن، فالذين يطبعون التفسير أو التاريخ أو غيره من الكتب يصححون، يقولون: ما يمكن أن يصير (علي بن أبو طالب)!
يهجمون على اللفظ، ويصححون على ما تبادر إلى أفهامهم، وهذا خطأ، لا شك أن نقل هذا الخطأ مقصود، وإلا فيخلو الكلام من الفائدة، الكلام يخلو من الفائدة. في بعض كتب المصطلح في أدب الكتابة يقولون: لا تكتب (عبد) في آخر السطر ولفظ الجلالة في أوله، ولا تكتب مثل: (فقال عمر أخزاه الله) لا تصلها، لا تقل: (فقال عمر أخزاه الله)، افصل بينهما... إلى غير ذلك من آداب الكتابة. ووجد في طبعة من فتح المغيث كل هذه الأخطاء مطبقة، كلها مطبقة!
طالب: .......
ماذا؟
طالب: لماذا؟
لماذا؟
الجهل، الجهل، حينما يتولى طباعة الكتب الجهال خذ مثل هذا وأعظم.
طالب: .......
نعم، ما يخالف لا تجعل بينهم مسافة، لكن ما تكتب (عبد) ثم (الله ابن فلان) في أول السطر.
طالب: .......
نعم؛ لئلا يظن أنك، لئلا يأتي من لا يقرأ السطر السابق.
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام الشاطبي -رحمه الله تعالى-: "وأما مسألة قول الصحابي فلا دليل فيه لأمرين؛ أحدهما: أن ذلك من قبيل الظنيات إن سُلِّم صحة الحديث".
والحديث باطل، «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» لا أصل له، أنه «بأيهم» يعني تقتدي بهذا أو هذا كله حق؟ هذا كلام، هذا الحديث باطل، وعلى كلام المؤلف إن سُلم صحته على أنه مطعون في سنده من قبيل الظنيات، يعني اختيارك لقول فلان من الصحابة دون قول فلان أو العكس ما يفيد قطعًا؛ لأنه معارض بمثله أو قريب منه، أقل الأحوال أن يكون غلبة ظن؛ لأنه معارض بمثله أو قريب منه، وإذا كان معارضًا بمثله فهذا يورث شكًّا ما يورث ظنًّا، إذا كان الاحتمالان على حد سواء.
طالب: "إن سُلِّم صحة الحديث على أنه مطعون في سنده، ومسألتنا قطعية ولا يعارض الظن القطع.
والثاني: على تسليم ذلك فالمراد أنه حجة على انفراد كل واحد منهم، أي أن من استند إلى قول أحدهم فمصيب من حيث قلد أحد المجتهدين، لا أن كل واحد منهم حجة في نفس الأمر بالنسبة إلى كل واحد، فإن هذا مناقض لما تقدم".
مصيب الذي يقلد، الذي يقلد مصيب لا في إصابة الحق الموافق لمراد الله -جل وعلا-، لكنه مصيب من باب أنه فعل ما أُمر به: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، وجه الإصابة من هذه الحيثية.
طالب: "فإن هذا مناقض لما تقدم. وأما قول من قال: إن اختلافهم رحمة وسعة، فقد روى ابن وهب عن مالك أنه قال: ليس في اختلاف أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سعة، وإنما الحق في واحد. قيل له: فمن يقول: إن كل مجتهد".
يتوارثون ويتناقلون: اختلاف أمتي رحمة. لكن هذا كلام لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأُلف كتاب اسمه: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، الله -جل وعلا- يقول: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 118، 119].
طالب: "قيل له".
لكن الرحمة تأتي من جهة العذر، العامي إذا قلد من تبرأ ذمته بتقليده خلاص انتهت عهدته، فالرحمة تأتي من هذه الحيثية بحيث لا يكلَّف إصابة الحق، حتى ولا المجتهد، عليه أن يجتهد، ويبذل الوسع، ويستفرغ جهده، فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد. نعم.
طالب: "قيل له: فمن يقول: إن كل مجتهد مصيب؟ فقال: هذا لا يكون هكذا، لا يكون قولان مختلفين صوابين. ولو سُلِّم، فيحتمل أن يكون من جهة فتح باب الاجتهاد، وأن مسائل الاجتهاد قد جعل الله فيها سعةً بتوسعة مجال الاجتهاد لا غير ذلك. قال القاضي إسماعيل: إنما التوسعة في اختلاف أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توسعة في اجتهاد الرأي، فأما أن يكون توسعةً أن يقول الإنسان بقول واحد منهم من غير أن يكون الحقُّ عنده فيه فلا، ولكن اختلافهم يدل على أنهم اجتهدوا فاختلفوا. قال ابن عبد البر: كلام..".
وليست التوسعة في أن يتنقل الإنسان ويختار على حسب هواه ما يروق له ويسهل عليه ويخف عليه، ليست التوسعة من هذه الحيثية، وليس يسر الشريعة من هذه الجهة.
طالب: قول: (إن كل مجتهد مصيب)؟
هذا قيل به، مصيب للأجر، لا يلزم أن يكون مصيبًا للصواب الحق؛ لأن هذا تناقض. القول بالحل والحرمة، اجتهد عالم قال: حلال، والثاني قال: حرام. يمكن أن يكون كلاهما صوابًا وهما ضدان؟ مستحيل.
طالب: ....... ما كل مجتهد مصيب.
أين؟
طالب: .......
لا لا، قيل بأن كل مجتهد مصيب، قيل به من قِبل أهل العلم. فالإصابة هنا للأجر، فهو مصيب للأجر على كل حال.
طالب: "وأيضًا فإن قول من قال: إن اختلافهم رحمة، يوافق ما تقدم؛ وذلك لأنه قد ثبت أن الشريعة لا اختلاف فيها، وإنما جاءت حاكمةً بين المختلفين، وقد ذمت المختلفين فيها وفي غيرها من متعلقات الدين، فكان ذلك عندهم عامًّا في الأصول والفروع، حسبما اقتضته الظواهر المتضافرة والأدلة القاطعة، فما جاءتهم مواضع الاشتباه وكلوا ما لم يتعلق به عمل إلى عالمه على مقتضى قوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: 7]".
هذا في مواضع الاشتباه وفي مواضع تكافؤ الأدلة.
طالب: "ولم يكن لهم بُد من النظر في متعلقات الأعمال؛ لأن الشريعة قد كملت، فلا يمكن خلو الوقائع عن أحكام الشريعة، فتحروا أقرب الوجوه عندهم إلى أنه المقصود الشرعي، والفطر والأنظار تختلف، فوقع الاختلاف من هنا لا من جهة أنه من مقصود الشارع، فلو فُرض أن الصحابة لم ينظروا في هذه المشتبهات الفرعية ولم يتكلموا فيها -وهم القدوة في فهم الشريعة والجري على مقاصدها-؛ لم يكن لمن بعدهم أن يفتح ذلك الباب للأدلة الدالة على ذم الاختلاف".
نعم. لو لم يوجد هذا الاختلاف بين الصحابة وهم أفضل الخلق وأفضل الأمة بعد نبيها، بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- وبعد الأنبياء عمومًا، يعني ما كان لأحد أن يجرؤ أن يُوجِد قول يخالف فيه غيره؛ لأن الخلاف مذموم. لكن ما دام وقع من الصحابة وهم خيار الناس، ساغ لمن بعدهم أن يُحدث قولاً يختلف فيه مع غيره، لا اتباعًا لهواه وإنما من آثار النظر في النصوص المتعارضة في الظاهر، أو بعضهم يحضره من النصوص ما لا يحضر غيره. نعم.
طالب: "وأن الشريعة لا اختلاف فيها، ومواضع الاشتباه مظان الاختلاف في إصابة الحق فيها، فكان المجال يضيق على من بعد الصحابة، فلما اجتهدوا ونشأ من اجتهادهم في تحري الصواب الاختلاف، سهل على من بعدهم سلوك الطريق، فلذلك -والله أعلم- قال عمر بن عبد العزيز: وما يسرني أن لي باختلافهم حمر النَّعم، وقال: ما أحب أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يختلفوا. وأما اختلاف العلماء بالنسبة إلى المقلدين، فكذلك أيضًا، لا فرق بين مصادفة المجتهد الدليل، ومصادفة العامي المفتي".
لأن هذا فرض، وهذا فرض المجتهد الاجتهاد والعمل بالدليل، وفرض المقلد تقليد أهل العلم. نعم.
طالب: "فتعارض الفتويين عليه كتعارض الدليلين على المجتهد، فكما أن المجتهد لا يجوز في حقه اتباع الدليلين معًا، ولا اتباع أحدهما من غير اجتهاد ولا ترجيح، كذلك لا يجوز للعامي اتباع المفتيين معًا ولا أحدهما من غير اجتهاد ولا ترجيح. وقول من قال: إذا تعارضَا عليه تخير، غير صحيح من وجهين".
فإذا لم يمكن تعارضا من غير ترجيح، فإنه حينئذ يتوقف، ولا يجزم بأحد القولين ما لم يوجد مرجِّح.
طالب: "أحدُهما: أن هذا قول بجواز تعارض الدليل في نفس الأمر، وقد مر ما فيه آنفًا. والثاني: ما تقدم من الأصل الشرعي، وهو أن فائدة وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه، وتخييره بين القولين نقض لذلك الأصل، وهو غير جائز".
إن يتخيَّر لا بد أن يتخير ما يوافق هواه، لا بد أن يتخير ما يوافق هواه، وحينئذ لا يكون هواه تبعًا لما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: .......
بالنظر في المفتين، وذلك من حيث.. الاستفاضة، العامي ما ينظر في دقائق ولا يكلَّف فيها، لكن الاستفاضة، إذا استفاض أن فلانًا من أهل العلم والدين والورع يقبل قوله.
طالب: وإذا .......
وبالاستفاضة يعرف هذا شيء معروف، حتى عند العامي يعرفون أن هذا أمكن من هذا، وهذا أورع من هذا، وهذا أكثر احتياطًا من هذا، وهذا متساهل، وهذا متشدد، العامة ما يخفى عليهم شيء.
طالب: إذا تساويا يا شيخ.
أين؟
طالب: ....... يأخذ بالأيسر؟
على الخلاف المعروف عند أهل العلم، منهم من حتى إذا تساوت الأدلة، وتكافأت عند العالم منهم من يقول: يعمل بالأيسر؛ لأن صفة الشريعة اليسر، ومنهم من يقول: لا، يأخذ بالأشد؛ لأنه هو الأحوط. في كلام معروف عند أهل العلم.
طالب: "فإن الشريعة قد ثبت أنها تشتمل على مصلحة جزئية في كل مسألة، وعلى مصلحة كلية في الجملة. أما الجزئية فما يعرب عنها دليل كل حكم وحكمته".
كل حكم فيه مصلحة، وفيه فائدة، وله حكمة.
طالب: "وأما الكلية، فهي أن يكون المكلف داخلاً تحت قانون معين من تكاليف الشرع في جميع تصرفاته، اعتقادًا، وقولاً، وعملاً، فلا يكون متبعًا لهواه كالبهيمة المسيبة حتى يرتاض بلجام الشرع، ومتى خيرنا المقلدين في مذاهب الأئمة، لينتقوا منها أطيبها عندهم لم يبق لهم مرجع إلا اتباع الشهوات في الاختيار، وهذا مناقض لمقصد وضع الشريعة، فلا يصح القول بالتخيير على حال، وانظر في الكتاب المستظهري للغزالي، فثبت أنه لا اختلاف في أصل الشريعة، ولا هي موضوعة على كون وجود الخلاف فيها أصلاً يرجع إليه مقصودًا من الشارع، بل ذلك".
طالب: .......
يؤلف أحيانًا العلماء، يؤلفون للحكام وللأمراء، وهذا المستظهر أُلف من مثل العقيدة النظامية ألفت من أجل نظام الملك.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
المستظهري، بالياء. نعم.
طالب: "بل ذلك الخلاف راجع إلى أنظار المكلفين وإلى ما يتعلق بهم من الابتلاء، وصح أن نفي الاختلاف في الشريعة وذمه على الإطلاق والعموم في أصولها وفروعها؛ إذ لو صح فيها وضع فرع واحد على قصد الاختلاف، لصح فيها وجود الاختلاف على الإطلاق؛ لأنه إذا صح اختلافُ ما صح".
"اختلافٌ".
طالب: أحسن الله إليك. "لأنه إذا صح اختلافٌ ما صح كل الاختلاف، وذلك معلوم البطلان، فما أدى إليه مثله".
"إذا صح اختلافٌ"، يعني إذا صح وجود الاختلاف، فليس كل الاختلافات صحيحة، إلا على قول من يقول: كل مجتهد مصيب.
والله أعلم. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.