كتاب الغسل (03)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم.

طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: بَابُ مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا.

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلاَثًا، وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا».

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مِخْوَلِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللهُ عنهُا-، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُفْرِغُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا».

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَامٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ لِي جَابِرٌ وَأَتَانِي ابْنُ عَمِّكَ يُعَرِّضُ بِالحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ. قَالَ: كَيْفَ الغُسْلُ مِنَ الجَنَابَةِ؟ فَقُلْتُ: «كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْخُذُ ثَلاَثَةَ أَكُفٍّ وَيُفِيضُهَا عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ»، فَقَالَ لِي الحَسَنُ: إِنِّي رَجُلٌ كَثِيرُ الشَّعَرِ؟ فَقُلْتُ: «كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَرَ مِنْكَ شَعَرًا»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد، فيقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا" يعني من أفاض الماء في الغسل على رأسه ثلاثًا، يعني ثلاث مرار.

 قال -رَحِمَهُ اللهُ-: "حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ" هو الفضل بن دكين، "قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ" وهو ابن معاوية، "عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ" وهو السبيعي، "قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ" الصحابي الجليل، "قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلاَثًا، وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا»"، يعني ثلاث مرات بما يملأ الكفين معًا، ثلاث مِرار بما يملأ الكفين. «أما أنا» أما للتقسيم والتفصيل، فيقتضي أن في الكلام قسيمًا مطويًّا، وجاء بيانه في بعض الروايات أنهم تماروا في كيفية الغسل بحضرته -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، فقال بعضهم: أنا أفعل كذا وكذا، وبعضهم قال: أنا أفعل كذا وكذا، والرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يستمع وهو المرجع والمرد إليه، فقال -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثًا»، وكأن المفهوم من السياق أن بعضهم قد يزيد على الثلاث، فبين النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- أنه لا يزيد عليها، وأن ما زاد على الثلاث سواء كان في الوضوء أو في الغسل يخرج من الاقتداء والاستنان والسنة إلى حيز البدعة، ففي صفة وضوئه -صلى الله عليه وسلم- جاءت الروايات الصحيحة أنه توضأ مرة واحدة، وتوضأ مرتين مرتين، وتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، ولم يرد عنه أنه زاد على ذلك، فما زاد على الثلاث خارج عن السنة، لا سيما إذا لم يكن عن شك في الإنقاء والإسباغ أو بلوغ الماء، مع أن بعضهم بعض العلماء يقول: إذا شك هل غسل مرتين أو ثلاثًا يبني على الأقل طردًا للقاعدة؛ لأنه المتيقن، وما زاد على ذلك مشكوك فيه، ورأيت لأبي محمد الجويني والد إمام الحرمين أبي المعالي قوله: إنه يبني على الأكثر لا يبني على الأقل، يبني على الأكثر لا على الأقل، لماذا؟ لأنه إذا بنى على الأكثر ولم يزد على ما فعل احتمال أن تكونا اثنتين، وأن تكونا ثلاثًا، وكلاهما في حيز السنة، وإذا بنى على الأقل وزاد احتمال أن تكون رابعة، واحتمال أن تكون ثالثة، ففي أحد الاحتمال خروج عن السنة، وكلامه متجه، لا سيما أن من بدأ في هذا الباب بالوسوسة والشك هل فعل أو ما فعل؟ هل غسل أو ما غسل؟

أمره لا ينتهي، حتى إن من أهل العلم من وصل به الأمر من أهل العلم من أهل الحديث إلى أن جروا وراء هذه الاحتمالات، فصاروا يزيدون على العشر مرات، ويزعم بعضهم أنه لا يريد بذلك الزيادة على ما جاء عن النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وإنما مراده بذلك الاحتياط! شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ- يقول: إذا أدى الاحتياط إلى فعل محظور أو ترك مأمور فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط.

نعم.

طالب: .......

لكن ماذا يصب؟ يصب بإناء أم بيديه؟ هذه، الأصل فيها الإسراف وليس المرد إليها. على الإنسان أن يتقي الله بقدر استطاعته؛ لأنه أحيانًا وقد لا يمكن ضبطها، ضبط القدر الشرعي من خلال المواسير الموجودة الآن قد يتعذر.

نعم.

طالب: .......

لا لا، «أما أنا» يعني فأكثر ما يحصل مني في ثلاث مرات؛ لأن بعضهم كأنه في كلام مطوي أن بعضهم يزيد أنه يغسل أربعًا أو خمسًا أو عشرًا، قال: «أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثًا» يعني لا أزيد عليها.

نعم.

طالب: قال الإمام الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "قوله: "باب من أفاض على رأسه ثلاثًا"، تقدم حديث ميمونة وعائشة في ذلك. قوله: "حدثنا زهير" هو ابن معاوية الجعفي، وقد علا عنه في هذا الإسناد".

يعني علا في الرواية عنه، فروى عنه بواسطة واحد وهو أبو نعيم، وفي الباب الذي قبله قال: "حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا زهير"، فروى عنه بواسطة اثنين، ففي هذا نزول وفي بابنا الذي بين أيدينا علو.

طالب: "ونزل في الباب الذي قبله، و"أبو إسحاق" هو السبيعي أيضًا، و"سليمان بن صرد" خزاعي وهو من أفاضل الصحابة، وأبوه بضم المهملة وفتح الراء، وشيخه من مشاهير الصحابة، ففيه رواية الأقران".

صحابي عن صحابي.

طالب: "قوله: «أما أنا فأُفيض» بضم الهمزة، وقسيم «أما» محذوف".

نعم. القسيم لأما؛ لأنها حرف تقسيم وتفصيل محذوف.

طالب: "وقد ذكر أبو نعيم في المستخرج سببه من هذا الوجه وأوَّلُه عنده: ذكروا عند النبي- صلى الله عليه وسلم- الغسل من الجنابة فذكره، ولمسلم من طريق أبي الأحوص عن أبي إسحاق: تماروا في الغسل عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال بعض القوم: أما أنا فأغسل رأسي بكذا وكذا، فذكر الحديث. وهذا هو القسيم المحذوف، ودل قوله: «ثلاثًا» على أن المراد بكذا وكذا أكثر من ذلك، ولمسلم من وجه آخر: أن الذين سألوا عن ذلك هم وفد ثقيف، والسياق مُشعِر بأنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يُفيض إلا ثلاثًا، وهي محتملة لأن تكون للتكرار ومحتملة لأن تكون للتوزيع على جميع البدن، لكن حديث جابر في آخر الباب يقوي الاحتمال الأول وسنذكر ما فيه".

نعم. إفاضة الثلاث مرات في موضع واحد وهو الرأس لا على جميع البدن.

طالب: "قوله: «كلتيهما» كذا للأكثر، وللكشميهني: كلاهما، وحكى ابن التين أن في بعض الروايات: كلتاهما".

لأنه تأكيد لمجرور، تأكيد لمثنى مجرور، فيعامل معاملة المثنى، ويجر بالياء، وبعضهم يعامله على رأي من يلزم المثنى الألف فيقول: كلاهما، وقد يقول: كلتاهما؛ لأن اليد تذكر وتؤنث.

طالب: "وهي مخرجة على من يراها تثنيةً ويرى أن التثنية لا تتغير كقوله: قد بلغا في المجد غايتاها".

إن أباها وأبا أباها       قد بلغ في المجد غايتاها

 وعلى كل حال هو ملحق بالمثنى، كلتا كذاك اثنان واثنتان كابنين وابنتين يجريان.

طالب: "وهكذا القول في رواية الكشميهني، وهو مذهب الفراء في كلا خلافًا للبصريين، ويمكن أن يُخرج الرفع فيهما على القطع".

يعني استئناف.

قال -رَحِمَهُ اللهُ-: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ" المعروف بغندار، ومثله لا يحتاج إلى ضبط لأنه تكرر مرارًا، ولكن الحافظ ضبطه بالباء الموحدة والشين المثلثة المشددة؛ لأن بعضهم ذكره قال: محمد بن يسار، فاحتاج الحافظ إلى ضبطه، وإلا فالأصل أن مثله لا يُضبط؛ لأنه معروف ومستفيض ومر مرارًا.

"قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ" هو شيخه محمد بن جعفر، "قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ" هو ابن الحجاج، "عَنْ مِخْوَلِ" على وزن مِفْعَل، وبعضهم يضبطه على وزن مُحَمَّد: مُخَوَّل، "ابْنِ رَاشِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ" محمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر والد جعفر الصادق وأبو جعفر، "عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُفْرِغُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا»"، «كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُفْرِغُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا» مثل ما في الحديث السابق؛ لأن يفرغ ويفيض بمعنى واحد. نعم.

طالب: قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: "قوله: "حدثني" وللأصيلي: حدثنا".

وعرفنا أن الفرق بين حدثني وحدثنا، أن حدثني إذا كان المحدَّث وحده، وحدثنا إذا كان في جماعة، وذكرنا مرارًا أنه إذا شك هل هو وحده أو في جماعة ماذا يقول؟ منهم من يقول: يقول حدثني؛ لأنه متيقن، ومن معه مشكوك فيهم فيقول: حدثني؛ لأنه المتيقن أنه حدثه، ومنهم من يقول: حدثنا؛ لأن حدثني أقوى؛ لأنه يكون مقصودًا بالتحديث، يقول: حدثنا، وإذا شك في الأقوى مع الأضعف يأتي بالأضعف ما يأتي بالأقوى؛ لأنه مشكوك فيه.

طالب: "وللأصيلي: حدثنا، "محمد بن بَشَّار" هو بندار كما صرح به الإسماعيلي في روايته حيث أخرجه عن الحسن بن سفيان وغيره عنه، وأبوه بالموحدة وتثقيل المعجمة بلا خلاف، وليس في الصحيحين بهذه الصورة غيرُه؛ قاله أبو علي الجياني وجماعة بعده، وغفل بعض المتأخرين فضبطه بمثناة وسين مهملة، وإنما نبهتُ عليه؛ لئلا يُغتر به، فإنه لا يخفى على من له أدنى ممارسة في هذا الشأن.

قوله: "مِخْوَل" بكسر أوله وإسكان المعجمة، وبوزن مُحَمَّد أيضًا".

مُخَوَّل. نعم.

طالب: "وهذان الوجهان في رواية أبي ذر، والأول للأكثر".

على التخفيف، أكثر الرواة، والتشديد على وزن محمد لابن عساكر.

طالب: "والثاني لابن عساكر، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث، و"محمد بن علي" شيخه هو أبو جعفر المعروف بالباقر.

قوله: «يفرغ» بضم أوله".

لأنه من أفرغ الرباعي.

طالب: "قوله: «ثلاثًا» أي غرفات، زاد الإسماعيلي: قال شعبة: أظنه من غسل الجنابة، وفيه: وقال رجل من بني هاشم: إن شعري كثير، فقال جابر: شعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أكثر من شعرك وأطيب".

وسيأتي هذا الكلام في الرواية اللاحقة، حيث قال: "حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَامٍ"، أبو نعيم هو الفضل بن دكين، ومعمر بن يحيى بن سام، "قال: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ" هو محمد السابق الباقر، "قَالَ: قَالَ لِي جَابِرٌ" هو ابن عبد الله الصحابي الجليل، "وَأَتَانِي ابْنُ عَمِّكَ" كأنها معطوف على كلام محذوف، "يُعَرِّضُ بِالحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ" يعني ابن محمد بن علي بن أبي طالب، والحنفية أمه؛ لأنه ينسب لبني حنيفة، تزوجها علي بن أبي طالب بعد فاطمة -رَضِيَ اللهُ عَنها-، فهذا الحسن بن محمد بن الحنفية، وذاك محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب، فهو ابن عم أبيه.

"قَالَ: كَيْفَ الغُسْلُ مِنَ الجَنَابَةِ؟ فَقُلْتُ: «كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْخُذُ ثَلاَثَةَ أَكُفٍّ وَيُفِيضُهَا عَلَى رَأْسِهِ»"، «أكف» جمع كف، والكف يطلق على الواحدة في الأصل، ولا يمنع أن يطلق على الجنس فيشمل الكفين فيتحد مع ما تقدم، "«وَيُفِيضُهَا عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ»" يغسل رأسه ثلاثًا ثم يعمم جسده بالماء، "«ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ»، فَقَالَ لِي الحَسَنُ" ابن محمد بن الحنفية: "إِنِّي رَجُلٌ كَثِيرُ الشَّعَرِ؟" يعني كأنه يقول: إن الثلاث ما تكفيني؛ لأني كثير الشعر، "فَقُلْتُ" جابر بن عبد الله قال: "«كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَرَ مِنْكَ شَعَرًا»"، وأحرص على إبراء الذمة، وأتقى لله، وأعلم ، وأورع، إذا كان ما يكفيك الذي يكفيه، فراجع نفسك.

كثير من الناس يقول: إذا رأى أن يفعل السنة ويطبق السنة ويرى فيها نقصًا عما اعتاده أو ما تميل إليه نفسه، مثل ما ذكرنا في بعض الدروس أن بعض النساء أو بعض العوام ما يكفيه ما يكفي النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- أن يعمل بعمله، وهو من باب الاحتياط والحرص على الدين، فإذا اجتمع الحرص مع الجهل أورث مثل ذلك، لكنه العلم وهو العلاج،

 لكنه العلم يسمو من يسود به           على الجهول ولو من أصله مضر

 العلم هو النور فيه النجاة، والاعتصام بالكتاب والسنة علامة التوفيق. أما قول هذا: لا يكفيني، وأنا أحتاط للعبادة والصلاة، فهذا كله لا يجدي، ما فيه أكثر احتياطًا من النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- ولا أتقى لله ولا أروع ولا أحرص على إبراء ذمته. اللهم صل عليه.

"فَقَالَ لِي الحَسَنُ" ابن محمد بن الحنفية: "إِنِّي رَجُلٌ كَثِيرُ الشَّعَرِ؟ فَقُلْتُ" قال جابر: "«كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَرَ مِنْكَ شَعَرًا»"، ويكفيه ما ذُكر، فإما أن تزعم أنك أحرص من النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- أو تعترف بالمخالفة، وهذا هو الصحيح أنها مخالفة. فعلى الإنسان أن يتفقه في دينه «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»، وإذا تفقه عليه أن يعمل بما علم ولا يجتهد اجتهادات تخالف ما جاء عن الله وعن رسوله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-. يوجد كلمة الاحتياط في كلام كثير من أهل العلم وفي كثير من أبواب الدين، فيزيدون أنها من باب الاحتياط، وأنهم حصلوا ما طُلب منهم وأكثر. كل هذا لا يُجدي، المسألة مسألة اتباع.

طالب: قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: "قوله: "حدثنا مَعْمر" بإسكان العين في أكثر الروايات، وبه جزم المزي، وفي رواية القابسي بوزن مُحَمَّد، وبه جزم الحاكم".

معمر بن يحيى بن سام هذا ليس له في البخاري غير هذا الموضع، ليس معمر بن راشد هناك لا يُختلف في ضبطه، هذا اختلفوا في ضبطه هل هو مَعمر أو مُعَمَّر.

طالب: "وفي رواية القابسي بوزن مُحَمَّد وبه جزم الحاكم، وليس له أيضًا في البخاري غير هذا الحديث، وقد ينسب إلى جده سام فيقال: معمر بن سام، وهو بالمهملة وتخفيف الميم. قوله: "ابن عمك" فيه تجوز فإنه ابن عم والده علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، والحنفية كانت زوج علي بن أبي طالب تزوجها بعد فاطمة -رَضِيَ اللهُ عَنها-، فولدت له محمدًا فاشتهر بالنسبة إليها".

ليعرف أنه ليس من فاطمة -رَضِيَ اللهُ عَنها- فيتميز بذلك فيقال: ابن الحنفية، وليس في هذا انتقاص له، والنسبة إلى الأم يعني إذا كان اشتهر بها وكان في هذه النسبة ما يميز عن غيره واحتيج إلى مثل ذلك فإنه لا بأس به. عبد الله ابن بحينة، أمه بحينة، وأبوه مالك. ودخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين صلاتي العشي وهو حامل أمامة بنت زينب، بنت أبي العاص بن الربيع، وأمها زينب بنت الرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-. فإذا وُجد سبب ولم يقصد بذلك النبذ والانتقاص واحتيج إليه فلا مانع منه.

طالب: "وقول جابر: "أتاني" يُشعر بأن سؤال الحسن بن محمد كان في غيبة أبي جعفر، فهو غير سؤال أبي جعفر الذي تقدَّم في الباب قبله؛ لأن ذلك كان عن الكمية كما أشعر بذلك قوله في الجواب: "يكفيك صاع"، وهذا عن الكيفية، وهو ظاهر من قوله: "كيف الغسل؟"، ولكن الحسن بن محمد في المسألتين جميعًا هو المنازِع لجابر في ذلك، فقال في جواب الكمية: "ما يكفيني" أي الصاع ولم يعلل، وقال في جواب الكيفية: "إني كثير الشعر" أي فأحتاج إلى أكثر من ثلاث غرفات، فقال له جابر في جواب الكيفية: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر شعرًا منك وأطيب" أي واكتفى بالثلاث، فاقتضى أن الإنقاء يحصل بها، وقال في جواب الكمية ما تقدم، وناسب ذِكر الخيرية؛ لأن طلب الازدياد من الماء يُلحظ فيه التحري في إيصال الماء إلى جميع الجسد، وكان -صلى الله عليه وسلم- سيد الورِعين وأتقى الناس لله وأعلمهم به، وقد اكتفى بالصاع، فأشار جابر إلى أن الزيادة على ما اكتفى به تنطُّع قد يكون مثاره الوسوسة فلا يُلتفت إليه.

 قوله: «ثلاث أكف»، وفي رواية كريمة: «ثلاثة أكف» وهي جمع كَف، والكف تذكر وتؤنث، والمراد أنه يأخذ في كل مرة كفينِ".

يعني بيديه كلتيهما.

طالب: "ويدل على ذلك رواية إسحاق بن راهويه من طريق الحسن بن صالح عن جعفر بن محمد عن أبيه، قال في آخر الحديث: وبسط يديه، ويؤيده حديث جبير بن مطعم الذي في أول الباب، والكف اسم جنس فيحمل على الاثنين، ويحتمل أن تكون هذه الغُرُفات الثلاث للتكرار".

غُرُفات؟

طالب: نعم، نطقها كذا.

ماذا؟! {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ} [سبأ: 37].

طالب: غَرَفات.

غَرَفات أم غَرْفات؟

طالب: غُرْفات؟

غُرْفات، {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ}؟

طالب: {غُرْفَةً} [البقرة: 249].

نعم، لكن غُرُفات لا، ما تجيء.

طالب: "ويحتمل أن تكون هذه الغَرَفات الثلاث بالتكرار، ويحتمل أن يكون لكل جهة من الرأس غَرْفة كما سيأتي في حديث القاسم بن محمد عن عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنها- قريبًا".

نعم.

طالب: قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ الغُسْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، قَالَ: قَالَتْ مَيْمُونَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنها-: «وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاءً لِلْغُسْلِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ بِالأَرْضِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ»".

يقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ الغُسْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً"، والغسل كالوضوء يكفي المرة الواحدة والمرتين والثلاث، ولا زيادة على ذلك.

قال -رَحِمَهُ اللهُ-: "حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ" التبوذكي، "قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ" ابن زياد، "عَنِ الأَعْمَشِ" سليمان بن مهران، "عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، قَالَ: قَالَتْ مَيْمُونَةُ" خالة ابن عباس: "«وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاءً لِلْغُسْلِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا»" وهذا بالنسبة لغير القائم من النوم يريد غمس اليد في الإناء سائغة، لكن لو قام من النوم فلا بد من غسلها ثلاثًا قبل أن يدخلها في الإناء. "«فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى شِمَالِهِ»" على يده الشمال، إما أنه أمال الإناء، أو أخذ بيمينه وأفرغ على شماله؛ لأنه يريد تنظيف ما لا يُمس باليمين، "«فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ»" فيغسل الجنب ذكره وما حوله مما لوثه، ومذاكير قالوا: إنه جمع مِذْكار أو جمع ذَكَر على غير القياس، ويراد بذلك الذكر وما حوله، "«ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ بِالأَرْضِ»" لتنقيتها مما قد يكون علق بها، "«ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ»" جاء في أكثر الروايات أنه من كف واحدة، "«وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ»" غسل وجهه كما يفعل في الوضوء، وكذلك اليدين إلى المرفقين.

 "«ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ»" إذا كان المطلوب وضوءه للصلاة، فيكون غسله للوجه واليدين كما هو في الوضوء؛ لأنه أكمل فيما بعد حينما تنحى وغسل رجليه، "«ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ»" بما في ذلك الرأس، غسل وجهه ويديه ثم أفاض على جسده وأخر غسل الرجلين، "«ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ»"، وهل المشروع أن يتوضأ وضوءه للصلاة وضوءًا كاملاً كما تفيده الروايات التي جاءت بذلك حينما قال: «توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفاض الماء على جسده»، أو أنه توضأ وترك غسل الرجلين كما في هذا الحديث: "«تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ»" يعني توضأ وضوءًا ينقصه غسل الرجلين؟

وسبق الكلام في هذا، والأصل أن يتوضأ للصلاة إذا كان المكان نظيفًا لا يحتاج إلى غسل الرجلين فيما بعد، وإن كان فيه ما يُلوث القدمين أخَّر غسل القدمين حتى يتحول عن هذا المكان. نعم.

طالب: .......

يؤخر غسل الرجلين؟

طالب: .........

وردت به السنة كما قلت، لكن إذا كان معللًا، وأن الأصل أن يتوضأ وضوءه للصلاة كما في أكثر الروايات وإنما أخر غسل القدمين لما يوجد في المكان من تلويث فلا داعٍ للغسل، وإن كان الذي يقول: أنا أطبق الرسول تحول وغسل قدميه فما يلومني أحد؛ لأن الغسل ما فيه ترتيب.

طالب: يقول الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: "قوله: "باب الغسل مرة واحدة"، قال ابن بطال: يستفاد ذلك من قوله: «ثم أفاض على جسده»؛ لأنه لم يقيّد بعدد فيُحمل على أقل ما يسمى وهو المرة الواحدة، لأن الأصل عدم الزيادة عليها".

يعني إذا قال غسل، «أفاض على جسده» ولم يقيد ذلك بعدد، انصرف إلى أقل ما ينطبق عليه الكلام وهو الغسل مرة واحدة. نعم. النية سواء على ذلك عليه جنابة من غسل الجنابة، إذا عمم جسده بالماء أجزأه.

طالب: "قوله: "حدثنا عبد الواحد" هو ابن زياد، وباقي الإسناد والمتن تقدم في باب الوضوء قبل الغسل. قوله في هذه الرواية: «فغسل يده»، وللكشميهني: «يديه مرتين أو ثلاثًا»، الشك من الأعمش كما سيأتي من رواية أبي عوانة عنه، وغفل الكرماني فقال: الشك من ميمونة. قوله: «مذاكيره» هو جمع ذكر على غير قياس، وقيل: واحده مِذكار".

الحافظ ابن حجر يفسر المبهم بالروايات الأخرى، والكرماني لعدم اطلاعه على الروايات؛ لأنه في الأصل ليس من أهل هذا الشأن، وإنما احتسب -جزاه الله خيرًا- وشرح البخاري مراجع الشروح التي تقدمته وبعض الكتب الفقهية وبعض كتب اللغة، وأفاد -رَحِمَهُ اللهُ- وأفيد منه، لكن ليس من أهل الشأن كابن حجر يجمع الروايات، ويفسر هذا بهذا، وما أُجمل في هذا فُسر في هذا، وما أُبهم في هذا بُين في هذا، ليس منهم، فجزم قال: الشك من ميمونة من غير مستند.

طالب: "قوله: «مذاكيره» هو جمع ذكرٍ على غير قياس، وقيل: واحده مِذكار، وكأنهم فرقوا بين العضو وبين خلاف الأنثى، قال الأخفش: هو من الجمع الذي لا واحد له، وقيل: واحده مِذكار، وقال ابن خَرُوف: إنما جمعه مع أنه ليس في الجسد إلا واحد بالنظر إلى ما يتصل به، وأطلق على الكل اسمه، فكأنه جعل كل جزء من المجموع كالذَّكر في حكم الغسل".

نعم.

طالب: قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ مَنْ بَدَأَ بِالحِلاَبِ أَوِ الطِّيبِ عِنْدَ الغُسْلِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنها-، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الحِلاَبِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ الأَيْسَرِ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ»".

يقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ مَنْ بَدَأَ بِالحِلاَبِ أَوِ الطِّيبِ عِنْدَ الغُسْلِ"، هذه الترجمة مشكلة، وأشكلت على الشراح قديمًا وحديثًا. "من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل"، يعني إذا قال كما قال بعضهم: إن الحلاب نوع من الطيب، بعضهم يقول: إن الحلاب نوع من الطيب. الحلاب أو الطيب، كل هذا شك وتردد، قيل كذا أو قيل كذا. ويرد عليه أن البدء بالطيب والحلاب إذا كان من نوع الطيب لا قيمة له قبل الغسل؛ لأن الماء يأتي عليه ويزيله، فيكون الطيب بعد الغسل ليبقى. وقال بعضهم: الحلاب إناء قدري بقدر ما يتسع ويستوعب حلب الناقة، فجيء بهذا الحلاب وقدم له. لكن عطف الطيب عليه عند الغسل. وعلى كل حال الترجمة مشكلة، والذي يظهر أن: فدعا بشيء نحو الحلاب فأخذ بكفه فبدأ بشق رأسه... إلى آخره. ما الذي أخذه بكفه؟ ماء، بشيء نحو الحلاب يعني إناء فيهما. هذا المرجح من الاحتمالات التي أوردها العلماء فيما نقله ابن حجر.

قال: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ" هو النبيل، "عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنِ القَاسِمِ" ابن محمد، "عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، دَعَا بِشَيْءٍ»" يعني بإناء "«نَحْوَ الحِلاَبِ»" قريبًا مما يستوعب حلب الناقة، "«فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ الأَيْسَرِ»" وفي هذا ما يفسِّر الثلاثة الأكف التي سبقت، وأن كفًّا لشقه الأيمن، وكفًّا لشقه الأيسر، والثالث يتبعه الاثنين على الوسط، "«فَقَالَ بِهِمَا عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ»"، قال يعني فعل، وهذا من إطلاق القول وإرادة الفعل، وهذا كثير في لغة العرب وفي النصوص.

طالب: .......

أين؟

طالب: .......

ثم ....... رأسه، يعني الثلاثة جاءت مجملة في الرواية السابقة، وهي محتملة لأن تكون يفيض الماء على رأسه ثلاثًا هذا ظاهر اللفظ. لكن هذا بدأ بشقه الأيمن، يفسر أن إحدى الغرفات الثلاث على الأيمن، والثانية على الأيسر، والثالثة في الوسط.

طالب: "قوله: "باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل"، مطابقة هذه الترجمة لحديث الباب أشكل أمرها قديمًا وحديثًا على جماعة من الأئمة، فمنهم من نسب البخاري فيها إلى الوهم، ومنهم من ضبط لفظ الحلاب على غير المعروف في الرواية لتتجه المطابقة".

وضبطه بالجيم وتشديد اللام: الجُلَّاب، وهو نوع من الطيب.

طالب: "ومنهم من تكلَّف لها توجيهًا من غير تغيير".

بلفظها: الحلاب.

طالب: "فأما الطائفة الأولى فأولهم الإسماعيلي فإنه قال في مستخرجه: رحم الله أبا عبد الله- يعني البخاري-، من ذا الذي يسلم من الغلط سبق إلى قلبه أن الحِلاب طيب، وأي معنًى للطيب عند الاغتسال قبل الغسل، وإنما الحلاب إناء، وهو ما يُحلب فيه يسمى حلابًا ومِحْلَبًا".

يعني إذا مشى هذا الكلام في الحلاب فكيف يمشي بالطيب. إذا وهَّمه بمعنى الحلاب، وأن البخاري يرى أنه نوع من الطيب، وردوا عليه، الطيب صريح، وهو الطيب المعروف، فهل يمكن أن يقال: إن الطيب على حذف مضاف، والمراد به إناء الطيب؟ هل يجيء؟ أو "أو" بمعنى الواو، بدأ بالحلاب الذي هو نوع من الطيب والطيب؟ على كل حال الترجمة لا تزال مشكلة.

لكن البخاري جاء بها في الترجمة ولذلك صارت مشكلة. هذا على الاحتمالات التي ستأتي وأن المراد بذلك المبالغة في تنظيف البدن وتطييبه.

طالب: .......

بدأ، البداية تقتضي الأولية.

طالب: "فأما الطائفة الأولى فأولهم الإسماعيلي فإنه قال في مستخرجه: رحم الله أبا عبد الله- يعني البخاري-، من ذا الذي يسلم من الغلط؟ سبق إلى قلبه أن الحِلاب طيب، وأي معنًى للطيب عند الاغتسال قبل الغسل، وإنما الحلاب إناء وهو ما يُحلب فيه يسمى حلابًا ومِحْلَبًا، قال: وفي تأمل طرق هذا الحديث بيان ذلك، حيث جاء فيه: «كان يغتسل من حلاب» انتهى، وهي رواية ابن خزيمة وابن حبان أيضًا، وقال الخطابي في شرح أبي داود: الحِلاب إناء يسع قدر حلب ناقة، قال: وقد ذكره البخاري وتأوله على استعمال الطيب في الطهور، وأحسبه توهَّم أنه أريد به المحلب الذي يستعمل في غسل الأيدي، وليس الحلاب من الطيب في شيء، وإنما هو ما فسرتُ لك، قال: وقال الشاعر:

صاحِ هل رَيْتَ أو سمعت براع             رَدَّ في الضرع ما قرى في الحلاب

 وتَبِع الخطابيُّ ابن قرقول في المطالع وابنَ الجوزي وجماعة. وأما الطائفة الثانية فأولهم الأزهري قال في التهذيب: الحِلاب في هذا الحديث ضبَطَه جماعة بالمهملة واللام الخفيفة أي ما يُحلب فيه كالمِحْلب فصحفوه، وإنما هو الجُلَّاب بضم الجيم وتشديد اللام وهو ماء الورد فارسي مُعرَّب. وقد أنكر جماعة على الأزهري هذا من جهة أن المعروف في الرواية بالمهملة والتخفيف، ومن جهة المعنى أيضًا، قال ابن الأثير: لأنَّ الطيب لأنْ يُستعمل بعد الغسل أليق منه قبله وأولى؛ لأنه إذا بدأ به ثم اغتسل أذهبه الماء، وقال الحميدي في الجمع بين الصحيحين".

الحميدي؟

طالب: نعم.

في ماذا؟

طالب: "في الجمع بين الصحيحين".

يقول: وقال الحميدي في الكلام على غريب الصحيحين.

طالب: لا، في نسخة: وفي الكلام على غريب الصحيحين.

 معروف أن الجمع بين الصحيحين للحميدي، ولا يبعد أن يكون الحميدي يتكلم على غريب الصحيحين في الجمع بين الصحيحين كما يفعل ابن الأثير في جامع الأصول، ابن الأثير في جامع الأصول تكلم عن الكلمات الغريبة يشرحها، ففيه كلام على غريب الصحيحين. ولا أستبعد، وأنا بعيد العهد عن الجمع بين الصحيحين للحميدي، قرأت منه قبل أن يُطبع، لا أستبعد أنه ينبه على بعض الكلمات الغريبة، فيكون كلامه في غريب الصحيحين على أحاديث الجمع بين الصحيحين.

طالب: .......

ماذا؟

مثل ابن الأثير.

طالب: "وقال الحميدي في الجمع بين الصحيحين: ضَمَّ مسلم هذا الحديث مع حديث الفرق".

الحميدي هذا متأخر، وليس هو الحميدي عبد الله بن الزبير شيخ البخاري. بعض الناس يخطفون الكلام خطفًا قد يترجمه لشيخ البخاري، وقد رأيت بعض من علق على الكتب ترجمه لشيخ البخاري، كما ترجم لأبي موسى المديني في حديث رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري، قال أبو موسى: الهرج القتل بلغة الحبشة، فترجم لأبي موسى المديني المتوفى في القرن السادس، وهنا يترجمون العكس لعبد الله بن الزبير الحميدي شيخ البخاري، والمقصود به محمد بن أبي نصر فتوح الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين، وله مؤلفات أخرى: رجال الصحيحين، وله كتب أخرى. ويسأل كثيرًا عن أفضل ما أُلف في الجمع بين الصحيحين، هل الحميدي أفضل أم عبد الحق؟ يعني بالمقارنة يتبين أن عبد الحق أفضل.

طالب: "وقال الحميدي في الجمع بين الصحيحين: ضم مسلم هذا الحديث مع حديث الفَرَق وحديث قدر الصاع في موضع واحد، فكأنه تأولها على الإناء. وأما البخاري فربما ظن ظان أنه تأوله على أنه نوع من الطيب يكون قبل الغسل؛ لأنه لم يذكر في الترجمة غير هذا الحديث، انتهى. فجعْلُ الحميدي كونَ البخاري أراد ذلك احتمالاً، أي ويحتمل أنه أراد غير ذلك لكنْ لم يُفصح به.

وقال القاضي عياض: الحلاب والمِحلب بكسر الميم إناء يملؤه قدر حلب الناقة، وقيل: المراد- أي في هذا الحديث- مَحلب الطيب، وهو بفتح الميم، قال: وترجمة البخاري تدل على أنه التفت إلى التأويلين، قال: وقد رواه بعضهم في غير الصحيحين: الجُلَّاب بضم الجيم وتشديد اللام، يشير إلى ما قاله الأزهري، وقال النووي: قد أنكر أبو عبيد الهروي على الأزهري ما قاله، وقال القرطبي: الحِلاب بكسر المهملة لا يصح غيرها، وقد وهم من ظنه من الطيب، وكذا من قاله بضم الجيم، انتهى.

وأما الطائفة الثالثة فقال المحب الطبري: لم يرد البخاري بقوله: "الطيب"".

يعني أجروه على لفظه، وتأولوا معناه، يعني العلماء في هذه الترجمة وتوجيهها سلكوا ثلاثة مسالك: فمنهم من نسب البخاري إلى الوهم هذا الأول، والثاني من ضبط لفظ الحلاب على غير المعروف في الرواية: جُلاب، ومنهم من تكلف لها توجيهًا من غير تغيير قال: الحلاب ثم بدأ يؤول معناها، وهم الطائفة الثالثة.

طالب: "وأما الطائفة الثالثة فقال المحب الطبري: لم يرد البخاري بقوله: "الطيب" ما له عَرْف طيب، وإنما أراد تطيب البدن بإزالة ما فيه من وسخ ودرن ونجاسة إن كانت، وإنما أراد بالحلاب الإناء الذي يُغتسل منه يُبدأ به فيوضع فيه ماء الغسل، قال: و"أو" في قوله: "أو الطيب" بمعنى الواو، وكذا ثبت في بعض الروايات كما ذكره الحميدي، ومحصل ما ذكره أنه يحمله على إعداد ماء الغسل ثم الشروع في التنظيف قبل الشروع في الغسل".

يعني الطيب تطييب البدن بإزالة ما عليه من أوساخ، لا أنه الطيب الذي له رائحة وعَرْف.

طالب: "وفي الحديث البداءة بشق الرأس لكونه أكثر شعثًا من بقية البدن من أجل الشعر، وقيل: يحتمل أن يكون البخاري أراد الإشارة إلى ما روي عن ابن مسعود: «أنه كان يغسل رأسه بخطمي، ويكتفي بذلك في غسل الجنابة»، كما أخرجه ابن أبي شيبة وغيره عنه، ورواه أبو داود مرفوعًا عن عائشة بإسناد ضعيف. فكأنه يقول: دل هذا الحديث على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستعمل الماء في غسل الجنابة، ولم يثبت أنه كان يقدم على ذلك شيئًا مما يُنقي البدن كالسدر وغيره، ويقوي ذلك ما في معظم الروايات: "بالحلاب أو الطيب"، فقوله: "أو" يدل على أن الطيب قسيم الحلاب، فيُحمل على أنه من غير جنسه، وجميع من اعترض عليه حمله على أنه من جنسه؛ فلذلك أشكل عليهم، والمراد بالحلاب على هذا: الماء الذي في الحلاب، فأطلق على الحال اسم المحل مجازًا.

وقال الكرماني: يحتمل أن يكون أراد بالحلاب الإناء الذي فيه الطيب، فالمعنى: بدأ تارةً بطلب ظرف الطيب، وتارةً بطلب نفس الطيب، فدل حديث الباب على الأول دون الثاني، انتهى. وهو مستمد من كلام ابن بطال، فإنه قال بعد حكايته لكلام الخطابي: وأظن البخاري جعل الحلاب في هذه الترجمة ضربًا من الطيب، قال: فإن كان ظن ذلك فقد وهِم، وإنما الحلاب الإناء الذي كان فيه طيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يستعمله عند الغسل.

 قال: وفي الحديث الحض على استعمال الطيب عند الغسل تأسيًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، انتهى كلامه. فكأنه جعل قوله في الحديث: «فأخذ بكفه» أي من الطيب الذي في الإناء «فبدأ بشق رأسه الأيمن» أي فطيبه... إلى آخره. ومحصله أن الصفة المذكورة في الحديث صفة التطيب لا الاغتسال، وهو توجيه حسن بالنسبة لظاهر لفظ الرواية التي ساقها البخاري، لكن من تأمل طرق الحديث كما قال الإسماعيلي عَرَف أن الصفة المذكورة للغسل لا للتطيب، فروى الإسماعيلي من طريق مكي بن إبراهيم عن حنظلة في هذا الحديث: «كان يغتسل بقدح» بدل قوله: «بحلاب»، وزاد فيه: «كان يغسل يديه، ثم يغسل وجهه ثم يقول بيده ثلاث غُرف» الحديث.

وللجوزقي من طريق حمدان السلمي عن أبي عاصم: «اغتسل فأُتِي بحلاب فغسل شق رأسه الأيمن» الحديث، فقوله: «اغتسل» و«يغسل» يدل على أنه إناء الماء لا إناء الطيب. وأما رواية الإسماعيلي من طريق بُندار عن أبي عاصم بلفظ: «كان إذا أراد أن يغتسل من الجنابة دعا بشيء دون الحلاب فأخذ بكفه فبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر، ثم أخذ بكفيه ماءً فأفرغ على رأسه»، فلولا قوله: «ماء» لأمكن حمله على التطيب قبل الغسل، لكن رواه أبو عوانة في صحيحه عن يزيد بن سنان عن أبي عاصم بلفظ: «كان يغتسل من حلاب فيأخذ غرفةً بكفيه فيجعلها على شقه الأيمن ثم الأيسر كذلك» الحديث، فقوله: «يغتسل» وقوله: «غرفة» أيضًا مما يدل على أنه إناء الماء. وفي رواية لابن حبان والبيهقي: «ثم يصب على شق رأسه الأيمن» والتطيب لا يعبَّر عنه بالصب. فهذا كله يُبعد تأويل من حمله على التطيب، ورأيت عن بعضهم ولا أحفظه الآن: أن المراد بالطيب في الترجمة الإشارة إلى حديث عائشة: «أنها كانت تطيب النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الإحرام»، قال: والغسل من سنن الإحرام".

لكنه بعد الغسل.

طالب: "وكأن الطيب حصل عند الغسل، فأشار البخاري هنا إلى أن ذلك لم يكن مستمرًّا من عادته، انتهى. ويقويه تبويب البخاري بعد ذلك بسبعة أبواب: باب من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب ثم ساق حديث عائشة: «أنا طيبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم طاف في نسائه ثم أصبح محرمًا»، وفي رواية بعدها: «كأني أنظر إلى وبيص الطيب» أي لمعانه في مفرقه -صلى الله عليه وسلم- وهو محرم، وفي رواية أخرى عنده قبيل هذا الباب: «ثم يصبح محرمًا ينضخ طيبًا»، فاستنبط الاغتسال بعد التطيب من قولها: «ثم طاف على نسائه»؛ لأنه كناية عن الجماع ومن لازمه الاغتسال، فعُرف أنه اغتسل بعد أن تطيب وبقي أثر الطيب بعد الغسل لكثرته؛ لأنه كان -صلى الله عليه وسلم- يحب الطيب ويكثر منه".

لكن هنا فاصل بين التطيب والغسل، أما التطيب والغسل بعده مباشرة فلا مانع له.

طالب: "لأنه -صلى الله عليه وسلم- يحب الطيب ويكثر منه، فعلى هذا فقوله هنا: "من بدأ بالحلاب" أي بإناء الماء الذي للغسل، فاستدعى به لأجل الغسل، أو: من بدأ بالطيب عند إرادة الغسل، فالترجمة مترددة بين الأمرين، فدل حديث الباب على مداومته على البداءة بالغسل، وأما التطيب بعده فمعروف من شأنه، وأما البداءة بالطيب قبل الغسل فبالإشارة إلى الحديث الذي ذكرناه، وهذا أحسن الأجوبة عندي وأليقها بتصرفات البخاري، والله أعلم".

لكن كونه حصل في حالة واحدة وهو عند الإحرام، هل مثل هذه الحالة تقتضي الترجمة التي تدل على الاستمرار؟ ترجمة البخاري: "باب من بدأ" هل لمرة واحدة؟

طالب: تدل على الدوام.

ماذا؟

طالب: يحكي يا شيخ.

كيف؟

طالب: يروي حكاية عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنها-، كان إذا... يدل على الاستمرارية.

نعم، كان النبي -صلى الله عليه وسلم-... دل على الاستمرار، وما حصل منه عند الإحرام مرة واحدة ما يفسر بها الخبر. ولوجود الإشكال الذي لا يوجد له حل استحسن الحافظ ابن حجر ما ذُكر أخيرًا.

طالب: .......  

نعم، لكن يبقى الإشكال في الترجمة، يجزم بالوهم ما عندنا مشكلة، لكن نريد أن نصون هذا الكتاب من هذا الوهم، ولو لم يكن في الأصل، الأصل حديث الرواية التي تروى بالأسانيد الصحيحة التي هي البخاري، أما التراجم في فقه البخاري وما أشبه ذلك هو قد يهم مثل غيره. نعم.

طالب: .......

أين؟ حديث عائشة.

طالب: .........

نعم، لكن يدل على كثرته.

طالب: .......

لا، ويدل على أنه نوع كالزيت لا يزيله بالماء؛ لأنه بقي وبيصه ولمعانه، والذي في الإحرام أن النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- اغتسل للإحرام ثم تطيب. الطيب يفرغ بيديه.

طالب: كفيه.

على كل حال الإشكال باقٍ، وليس في موضع الأصل، هذا الإشكال لا يسند من يريد أن يتطاول على الصحيح، العبرة بالأحاديث المرفوعة الموصولة الأصلية، أما التراجم فهي كلام بشر.

طالب: محل اجتهاد.

نعم.

طالب: "وعرف من هذا أن قول الإسماعيلي: وأي معنًى للطيب عند الغسل؟ معترَض، وكذا قول ابن الأثير الذي تقدم، وفي كلام غيرهما مما تقدم مؤاخذاتٌ لم نتعرض لها لظهورها، والله الهادي إلى الصواب.

 تكميل: أبو عاصم المذكور في الإسناد هو النبيل، وهو من كبار شيوخ البخاري، وقد أكثر عنه في هذا الكتاب".

هو الضحاك بن مخلد النبيل أبو عاصم من كبار شيوخ البخاري -رَحِمَهُ اللهُ-.

طالب: "وقد أكثر عنه في هذا الكتاب، لكنه نزل في هذا الإسناد فأدخل بينه وبينه واسطة".

وإلا فالأصل أنه يروي عنه بغير واسطة.

طالب: "و"حنظلة" هو ابن أبي سفيان الجمحي، و"القاسم" هو ابن محمد بن أبي بكر، وقوله: «كان إذا اغتسل» أي إذا أراد أن يغتسل كما تبين من رواية الإسماعيلي".

وهذا كثير، إطلاق الفعل الماضي والمراد إرادته، يعني قبله، إذا أراده قال: إذا اغتسل، إذا دخل الخلاء يعني أراد دخول الخلاء، {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل: 98] أردت القراءة، وهكذا.

طالب: "وقوله: «دعا» أي طلب، وقوله: «نحو الحلاب» أي إناء قريب من الإناء الذي يسمى الحلاب، وقد وصفه أبو عاصم بأنه أقل من شبر في شبر، أخرجه أبو عوانة في صحيحه عنه، وفي رواية لابن حبان: وأشار أبو عاصم بكفيه، فكأنه حلَّق بشبريه يصف به دوره الأعلى، وفي رواية للبيهقي: كقدر كوز يسع ثمانية أرطال، وزاد مسلم في روايته لهذا الحديث عن محمد بن المثنى أيضًا بهذا الإسناد بعد قوله: «الأيسر، ثم أخذ بكفيه فقال بهما على رأسه»، فأشار بقوله: «أخذ بكفيه» إلى الغرفة الثالثة كما صرحت به رواية أبي عوانة، وقوله: «بكفه» وقع في رواية الكشميهني: «بكفيه» بالتثنية، وقوله: «على وسَط رأسه» هو بفتح السين".

يعني ما قال: وَسْط، ما هي بوَسْط؛ وَسَط.

طالب: "قال الجوهري: كل موضع صلح فيه بَيْنَ فهو وَسْط بالسكون، وإن لم يصلح فهو بالتحريك. وفي الحديث استحباب البداءة بالميامن في التطهر، وبذلك ترجم عليه ابن خزيمة والبيهقي. وفيه الاجتزاء بالغسل بثلاث غرفات، وترجم على ذلك ابن حبان، وسنذكر الكلام على قوله: «فقال بهما» في الباب الذي بعده إن شاء الله تعالى".

اللهم صل على محمد.

"