شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (218)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم إلى حلقة جديدة ضمن برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير الذي يتولى شرح أحاديث هذا الكتاب، ونشكر له تفضله بقبول دعوتنا، فأهلاً بكم فضيلة الدكتور.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

لازلنا في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وتوقفنا عند قوله: «فصلى خمس ركعات».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد،

ففي قوله: «فصلى خمس ركعات» في إرشاد الساري يقول: في الفرع كأصله من غير رقمٍ عشرة ركعة.

يعني خمس عشرة ركعة يعني كأنه تخريج.

المقدم: في إيش يا شيخ؟ كيف؟

في الفرع كأصله، في الفرع كأصله من غير رقمٍ عشرة ركعة، يعني خمس عشرة ركعة. كما في هامش السلطانية الفرع والأصل، الأصل الذي هو أصل البخاري من نسخة اليونيني، التي اعتنى بها وضبطها وأتقنها وقابل ما وقف عليه من نسخ بروايات مختلفة، هذا الأصل، القسطلاني ذكرنا في مناسبات سابقة أنه يكثر من هذا القول: في الفرع كأصله، كيف نحتاج للفرع مع وجود الأصل؟ ذكرنا هذا فيما مضى، وقلنا: إن القسطلاني وقع في يده الفرع قبل الأصل، الفرع قبل الأصل، ثم بعد ذلك وقع بيده المجلد الثاني من الأصل ثم المجلد الأول من الأصل وقابل الفرع بأصله فوجده مطابقًا تمامًا.

ومن باب الدقة في العزو والأمانة والتثبت لم يلغِ الفرع؛ لأن معوله عليه، يعني قابل نسخته وعمل على الفرع ثم بعد ذلك وجد الأصل، بعض الناس من الباحثين يستفيد من الكتب، ثم إذا وقف على ما هو أعلى منها ألغى الواسطة، فتجده ينقل عن كتاب، وهذا الكتاب ينقل عن كتاب آخر.

المقدم: ينقل هو عن الكتاب الأصلي.

مثلاً نقل عن فتح الباري، وفتح الباري نقل عن ابن بطال أو عن الخطابي.

المقدم: ينسب هو للخطابي على أنه رجع للأصل.

نعم، وهذا لا يسوغ لماذا؟ لأمرين: أولًا من باب الاعتراف بالفضل لأهله هو الذي دلك على هذا القول، الأمر الثاني أنه ثبت أن أهل العلم ينقلون بالمعنى، يعني لو قابلت كلام ابن حجر على كلام الخطابي أو كلام ابن بطال لوجدت هناك تفاوتًا، المعنى واحد والمؤدى واحد.

المقدم: لكن ما كان متبعًا عند السلف هذا، كانوا ينقلون عن بعض دون الإشارة إلى المرجع، إلى المصدر، فيقول مثلاً: قال يحيي بن معين، وهو ما أخذه من كتب يحيي بن معين، أخذه من كتب غيره. وهذا متبع عندهم كثير يا شيخ.

لكن اختلف الوضع، كانت الأمانة والأمور جارية على هذا الأساس، والدعاوى قد لا توجد عندهم، لكن عندنا حينما يأتي طالب ويقول: قال الخطابي؛ متعالمًا ومبينًا أنه رجع إلى الأصل، وأنه سبق إلى ما لم يسبق إليه، ووقف على هذا النقل الذي لم يطلع عليه أحد، وقد يقول ذلك بلسان حاله أو بلسان مقاله عند من يتزيد والذي دله على هذا النقل العيني أو ابن حجر أو غيرهما.

فمن باب الوفاء هو أثبت في نسخته الذي هو الشرح إرشاد الساري، أثبت ما في الفرع، ثم بعد ذلك لما قابل الفرع بالأصل أضاف كلمة: كأصله. أضاف كلمة كأصله.

من غير رقمٍ: ما معنى من غير رقم؟ يعني من غير رمز إلى راوٍ من رواة الصحيح، من غير رمز إلى راوٍ من رواة الصحيح، يعني هذه الرواية لم تثبت عن أحد من الرواة المعروفين عند اليونيني أصحاب الرموز الذين أثبت لهم رموزًا. فقال: عشرة ركعة، القسطلاني كتاب مضغوط، ومختصر جدًّا، فقوله: عشرة ركعة إضافة إلى الأصل فصلى خمس.

المقدم: تصير خمسة عشر.

كأنه أشار إشارة في: الفرع كأصله، تخريجًا لكلمة ساقطة، فقال: عشرة ركعة.

ولذا في هامش السلطانية: خمس عشرة ركعة، بدل خمس ركعات، ظاهر؟

المقدم: جدًّا يا شيخ، صحيح.

لكن خمس عشرة ركعة هذه فيها إشكال؛ لأن العدد المثبت بالتفصيل على ما سيأتي في أطراف الحديث فصلى ركعتين، ثم صلى ركعتين، ثم صلى ركعتين، ثم صلى ركعتين، ثم صلى ركعتين، ثم صلى ركعتين: ستًّا، يعني اثنتي عشرة ركعة ثم أوتر.

المقدم: يعني صلى ثلاثة عشر ركعة.

ثلاثة عشر ركعة ثم أوتر، إن كان أوتر بواحدة فهي ثلاثة عشرة، وإن كان أوتر بثلاث صار خمس عشرة. وافق.

فصلى ركعتين، فصلى خمس ركعات، ثم صلى ركعتين، المراد بالركعتين: ركعتي الفجر، على ما قرره أهل العلم ومنهم ابن حجر، في شرح الكرماني يقول: فإن قلت: ما فائدة الفصل بينهما وبين الخمس؟ ولمَ ما جمع بينهما فقال: فصلى سبع ركعات؟

المقدم: تختلف هذه عن تلك.

لماذا؟

المقدم: هذه من قيام الليل، وتلك سنة الفجر أو ركعتي الفجر.

هو ما يرى أنها ركعتا الفجر.

المقدم: الذي هو من؟

الكرماني، مورد السؤال يقول الكرماني: فإن قلت ما فائدة الفصل بينه وبين الخمس؟ ولِمَ ما جمع بينهما بأن يقال: فصلى سبع ركعات؟ قلتُ: إما لأنه صلى الخمس بسلام، والركعتين بسلام، أو أن الخمس باقتداء ابن عباس به، والركعتين بغير اقتدائه، قال ابن حجر: وكأنه ظن أن الركعتين من جملة صلاة الليل، وهو محتمل، لكن حملهما على سنة الفجر أولى؛ ليحصل الختم بالوتر.

ليحصل الختم بالوتر، يعني امتثالًا للأمر: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا». ليحصل الختم بالوتر، ولكن هل يرضى العيني بهذا؟ مادام الاحتمال قائمًا أنها من صلاة الليل، وليس في الحديث ما يدل على أنهما ركعتا الفجر، وثبت بأدلة أخرى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يختم صلاة الليل بركعتين، قال العيني: قلتُ: ما ظن هو أن الركعتين من صلاة الليل، غاية ما في الباب أن السؤال وقع عن تفصيل ابن عباس في إخباره حيث لم يجمل، يعني ما جمع الركعتين إلى الخمس.

المقدم: ما ظنه يقصد ابن عباس يا شيخ.

ما ظنه هو، هو يدافع عن الكرماني، الكرماني ما ظن أن الركعتين من صلاة الليل، لكن ما المانع أنه ظن أنها من صلاة الليل، والاحتمال قائم؟ كما قال ابن حجر، يقول: ما ظن هو أن الركعتين من صلاة الليل، غاية ما في الباب أن السؤال وقع عن تفصيل ابن عباس في إخباره، حيث لم يجمل، يعني يجمع الركعتين إلى الخمس.

وجوابه عن وجه ذلك حيث.. وجوابه عن ذلك.. عن وجه ذلك: ولئن سلمنا أنه ظن أن الركعتين من صلاة الليل ففيه أيضًا الختم بالوتر، ففيه أيضًا الختم بالوتر، فيه الختم بالوتر، كيف الختم بالوتر مع أنه صلى ركعتين بعده؟

المقدم: أليس هذا مذهب من يقول بأنه في ركعتين بعد الوتر؟

ثبت عنه أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي ركعتين خفيفتين بعد الوتر.

المقدم: قد يكون هذا ممن يرى هذا القول.

هل يقال إنه ختم بالوتر؟ ففيه أيضًا الختم بالوتر، ما فيه ختم بالوتر، اللهم إلا إن أراد أن مجموع الركعات وتر.

أجاب ابن حجر في انتقاض الاعتراض: ابن حجر يجيب في انتقاض الاعتراض، وهو كتاب مخصص للإجابة على استدراكات العيني. قلت: لا يخفى ما في تركيبه من القلق، ثم ختم بالمكابرة، وليس المراد بالختم بالوتر إلا أن يقع آخر الصلاة وترًا، موصولة كانت أو مفصولة، لا أن يكون مجموع الصلاة وترًا؛ لأنه إذا ختم بركعتين يكون ختم بشفع، ولو كان مجموع الصلاة وترًا لم يصح. كذا قال ابن حجر.

ولو كان مجموع الصلاة وترًا لم يصح أنه ختم بوتر، يعني إذا ختم بركعتين ولو كان المجموع ثلاث عشرة ركعة لم يصح أن يكون ختمه هذه الصلاة بوتر؛ لأنه صلى بعدها شفعً.

وفي عمدة القاري أيضًا للعيني: الجملة في هذه الطريق أنه صلى إحدى عشرة ركعة: أربعًا ثم خمسًا ثم ركعتين.

أربعًا ثم خمسًا ثم ركعتين، وجاء في موضع من البخاري: فكانت صلاته ثلاث عشرة ركعة، وجاء في باب قراءة القرآن أنها كانت ثلاث عشرة ركعة غير ركعتي الفجر، فإن فيه: «فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن فقام فصلى ركعتين، ثم خرج وصلى الصبح»، وهذا هو الأكثر في الروايات، ويأتي في أطراف الحديث ما يدل على هذا، أن المجموع ثلاث عشرة إذا كان ختم بركعة واحدة، ويجمع بينهما بأن من روى إحدى عشرة أسقط الأوليين وركعتي الفجر، أسقط الأوليين. كيف أسقط الـأوليين؟ يعني زعمًا أنه -عليه الصلاة والسلام- افتتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين فيكون إذا حذفنا هاتين الركعتين...

المقدم: ما تدخل ضمن المعدودات.

نعم، يقول: ويجمع بينهما بأن من روى إحدى عشرة أسقط الأوليين وركعتي الفجر، ومن أثبت الأوليين عدها ثلاث عشرة، وقد وقع هذا الاختلاف في صحيح مسلم من حديث واصل وغيره، وأجاب القاضي في الجمع بمثله.

وقد استدرك الدارقطني حديث واصل على مسلم؛ لكثرة اختلافه واضطرابه، حيث روي عنه على سبعة أوجه وخالف فيه الجمهور، وأجاب النووي في شرحه بأن مسلمًا لم يذكر هذه الرواية متأصلة مستقلة، وإنما ذكرها متابعة، والمتابعات يحتمل فيها ما لا يحتمل في الأصول.

الجواب مقنع أم غير مقنع؟

المقدم: جيد.

الدارقطني استدرك حديث واصل على مسلم، أولًا: حديث واصل دلالته مثل دلالة ما في صحيح البخاري يقول الدارقطني: اختلف الرواة على واصل في هذا الحديث واضطربوا فيه، حيث روي عنه على سبعة أوجه، وخالف فيه الجمهور الذين يرون أنها إحدى عشرة بناءً على حديث عائشة.

المقدم: ما زاد، نعم.

وأجاب النووي في شرحه بأن مسلمًا لم يذكر هذه الرواية متأصلة مستقلة وإنما ذكرها متابعة، والمتابعات يحتمل فيها ما لا يحتمل في الأصول. يعني هذه المتابعة التي أجاب النووي عنها بهذا الكلام هل هي موافقة للأصول التي تابعت أم مختلفة عنها؟

المقدم: جوابه الأخير.

والآن استدراك الدارقطني حديث واصل في صحيح مسلم يقول: لكثرة اختلافه واضطرابه، حيث روي عنه يعني عن واصل على سبعة أوجه، وخالف فيه الجمهور، يعني كونه متابعة، المتابعة إذا تضمنت مخالفة صارت أصلًا.

صارت أصلًا لهذه المخالفة، أجاب النووي في شرحه بأن مسلمًا لم يذكر هذه الرواية متأصلة مستقلة، وإنما ذكرها متابعة، والمتابعات يحتمل فيها ما لا يحتمل في الأصول، المتابعات يُتسامح في رواتها، لكن على أن تكون المتابعة موافقة للأصل، وإلا يُتسامح في رواتها، ولا يطلب في رواة المتابعات والشواهد مثل ما يطلب في رواة الأصول.

على كل حال رواية واصل هي موافقة لما في صحيح البخاري، والوتر بثلاث عشرة ركعة لا إشكال فيه، وهو ثابت، ويسنده الحديث المطلق: «صلاة الليل مثنى مثنى»، فلا تحديد.

المقدم: موافقة الرواية يا شيخ؟

كيف؟

المقدم: موافقة لما في البخاري؟

نعم؛ لأن في البخاري رواية واصل ثلاث عشرة، في مسلم.

المقدم: كيف النووي يقول: إن الإمام مسلم رواها متابعة؟

للروايات الموجودة في صحيح مسلم.

المقدم: في صحيح مسلم ذاته.

نعم.

المقدم: جيد، اتضحت.

«ثم نام -عليه الصلاة والسلام- حتى سمعت»: حتى هنا للغاية، وتقدير الكلام: إلى أن سمعت غطيطه.

 وفي شرح ابن بطال الغطيط: صوت النائم، قال صاحب العين: غط النائم يغط غطيطًا.

وقال ابن دريد: غطيط النائم أعلى من النخير، وكذلك المخنوق والمذبوح.

المقدم: المضارع يغطُّ؟

ما المانع؟ يعني من باب ضرب، ضرب يضرب، لكن غطيط؛ غط غطط يغط غطيطًا.

المقدم: وكأنها يغُط.

من باب نصر؟ غط يغُط، تحتاج إلى مراجعة، أنا ما راجعتها.

أو خطيطه قال ابن بطال: أيضًا شك من المحدث، ولم أجدها عند أهل اللغة بالخاء، والله أعلم.

وفي شرح الكرماني: الغطيط الشخير أي صوت الأنف، والخطيط أي الممدود من صوته، يعني من صوت الأنف، وقيل: الغطيط والخطيط صوت يُسمع من تردد النفس، من تردد النفس، وفي عمدة القاري: غطيطه بفتح الغين المعجمة وكسر الطاء على وزن فعيل، على وزن فعيل، هو صوت يخرجه النائم مع نفسه عند استثقاله. وفي العباب: غطيط النائم والمخنوق نخيرهما، غطيط النائم والمخنوق نخيرهما، قلتُ: هذا يرد تفسير بعضهم الغطيط نفس النائم، والنخير أقوى منه، والنخير أقوى منه، فإنه جعل النخير غير الغطيط وصاحب العباب جعله عينه، ثم قال: إذا قالت حذام فصدقوها.

المقدم: يقصد صاحب العباب؟

الذي هو...

المقدم: الصاغاني.

نعم.

المقدم: إذا قالت حذام يعني أنه مرجع في هذا الباب؟

نعم معتمد، هذا كلام العيني، وأيضًا فإن الغطيط لابد فيه من الصوت، وما فسره به بعضهم ليس فيه صوت؛ لأن مجرد النفس لا صوت فيه. قال ابن حجر في الانتقاض: قلت: نقول بموجبه، قلت: نقول بموجبه، يعني وافق العيني على هذا الاعتراض.

«ثم خرج إلى الصلاة» قال الكرماني: هذا من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قال الكرماني: هذا من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ نومه مضطجعًا لا ينقض الوضوء؛ لأن عينيه تنامان؛ لأن عينيه تنامان ولا ينام قلبه، فلو خرج حدث لأحس به بخلاف غيره من الناس.

ويحتمل أن يكون فيه محذوفًا: ثم توضأ ثم خرج، هذا كلام الكرماني.

ويحتمل أن يكون فيه محذوفًا أي ثم توضأ ثم خرج، قال العيني: قوله في الصحيح: ولم يتوضأ يرد هذا الاحتمال، ويحتمل أن يكون فيه محذوف: ثم توضأ ثم خرج وألا يكون الغطيط من النوم الناقض، وألا يكون الغطيط من النوم الناقض، وقال القسطلاني وقبله العيني: لا يقال إنه معارض بحديث نومه -عليه الصلاة والسلام- في الوادي إلى أن طلعت الشمس؛ لأنه إذا كانت عيناه تنامان ولا ينام قلبه، فكيف نام عن صلاة الصبح؟

قال القسطلاني: لا يقال إنه معارض بحديث نومه -عليه الصلاة والسلام- في الوادي إلى أن طلعت الشمس؛ لأن الفجر والشمس إنما يدركان بالعين لا بالقلب، الجواب: لأن الفجر والشمس إنما يدركان بالعين لا بالقلب، والعينان نامتا، وقد ثبت لهما النوم، لا بالقلب، القلب ما نام، لكن لا يدرك الفجر والشمس، لكن القلب الذي لم ينم وهو متعلق بهذه الصلاة.

المقدم: ما يمكن تفوته.

ما يمكن أن يتحسس؟

المقدم: بلى.

لا بد، فالمعول في الجواب عن هذا أنه في هذه الليلة نام قلبه.

المقدم: عليه الصلاة والسلام.

لماذا؟

المقدم: لأنه ما أدركها؟

لحكمة وهي التشريع، يعني لو لم ينم قلبه -عليه الصلاة والسلام-، الأصل أنه لا ينام قلبه، هذا الأصل، لكن في هذه الليلة نام قلبه.

المقدم: للتشريع.

وفي الصلوات التي نسي فيها وسها فيها -عليه الصلاة والسلام-، «إنما أنسى لأسن أو أنسّى لأسن»، ويسهو ليسن -عليه الصلاة والسلام-، وإلا فكيف تعرف أحكام السهو في الصلاة؟

المقدم: السهو والنسيان والنوم عن الصلاة.

وحكم النوم عن الصلاة، وأيضًا فيه في نومه -عليه الصلاة والسلام- في هذه المرة تسلية لأصحاب التحري والحرص على الصلاة؛ يعني لو تصورت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما نام هذه النومة طيلة عمره، فنام شخص من أهل التحري والتثبت والحرص على الصلاة صار حسرة في قلبه، صارت حسرة في قلبه، لكن في هذا تسلية، وفي هذا تشريع، ففي هذه المرة التي نام فيها عن الصلاة ما يمنع أن يكون نام قلبه، وإلا لو قلنا: إنه لم ينم قلبه بل نامت عيناه لقلنا إنه -عليه الصلاة والسلام- ما اهتم لصلاته، كيف يكون القلب حيًّا ومستيقظًا ومع ذلك يمر وقت الصلاة وحتى تطلع الشمس؟ يعني ما هي مسألة تأخير عن العادة خمس دقائق، عشر دقائق، ربع ساعة، ما أوقظهم إلا حر الشمس، وكانوا يهابون إيقاظ النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى يستيقظ بنفسه.

فالمجزوم به في هذه المرة أنه نام -عليه الصلاة والسلام- نام قلبه؛ لحكمة وهي التشريع.

 قال محي السنة، من هو؟ البغوي: فيه جواز الجماعة في النافلة.

المقدم: الناقل من؟

البغوي، قال محيي السنة: فيه جواز الجماعة في النافلة، وجواز العمل اليسير في الصلاة، وجواز الصلاة خلف من لم ينوِ الإمامة. في الحديث هذه الفوائد: الجماعة في النافلة لأن ابن عباس صلى مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجواز العمل اليسير في الصلاة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أداره.

المقدم: حركه إلى يمينه.

وجواز الصلاة خلف من لم ينوِ الإمامة.

المقدم: النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان ينوي حتى دخل ابن عباس.

هذا الظاهر، وقال الكرماني: وفيه جواز بيتوتة الأطفال عند المحارم، وفيه جواز بيتوتة الأطفال عند المحارم وإن كانت عند زوجها، وفيه الإشعار بقسم النبي -صلى الله عليه وسلم- بين زوجاته، لأنه في بعض الروايات «كان في نوبتها»، وكان عندها -عليه الصلاة والسلام-، وجواز التصغير على وجه الشفقة: «نام الغليم».

والذكر بالصفة دون الاسم كونه غلامًا، ولم يقل نام عبد الله.

المقدم: ما يفرقون -أحسن الله إليك- بين النافلة والفريضة في هذه الفوائد مثل الحركة وجواز أن يصلي معه ولم ينوِ الإمام الإمامة؟

يأتي في بقية الكلام وفي أطراف الحديث.

المقدم: جيد.

وجواز التصغير على وجه الشفقة والذكر بالصفة، حيث لم يقل: نام عبد الله، وأن موقف المأموم الواحد عن يمين الإمام، عن يمين الإمام، وإذا وقف عن يساره يحوله إلى يمينه، وأن صلاة الصبي صحيحة، وأن صلاة الليل إحدى عشرة، إحدى عشرة، هذا كلام الكرماني، والمقرر أنها ثلاث عشرة؛ لأنه كرر قوله: «فصلى ركعتين ثم ركعتين» ست مرات، ثم أوتر، وسيأتي في أطراف الحديث، وجواز الرواية عند الشك في كلمة بشرط التنبيه عليه.

يعني أن يأتي بالحرف الذي يدل على الشك.

المقدم: أو.

نعم أو كلمة تشبهها، عند الشك في كلمة بشرط التنبيه عليه، جواز الرواية عند الشك يعني إذا شك ما يطرح المشكوك فيه حتى يتيقن، إنما يأتي بالمشكوك فيه، ويبين أنه شك.

المقدم: لكنه ما استدل بقوله: غطيطه أو خطيطه؛ لأنها ليست رواية أو هذا كلام ابن عباس، وليست رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

نعم، في قوله: وأن صلاة الليل إحدى عشرة هذا في كلام الكرماني إحدى عشرة، يقول العيني: قلتُ: ينبغي أن يكون تسع ركعات، فإن الركعتين الأخيرتين سنة الصبح، والست منها نافلة، وختمها بالوتر ثلاث ركعات.

كيف؟ الآن الذي جاءت به الرواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى أربع ركعات بعد صلاة العشاء، أربعًا في الحديث، «فصلى أربع ركعات» ثم نام ثم قام -عليه الصلاة والسلام-.

المقدم: صلى خمسًا بعد العشاء.

كيف؟ أربع.

المقدم: في البداية نعم، لما رجع إلى بيته صلى أربعًا.

صلى أربعًا، هذه ما لها علاقة بقيام الليل، ثم بعد ذلك صلى خمسًا، ثم صلى ركعتين.

المقدم: صرن سبعًا.

سبعًا، والكرماني يقول: إحدى عشرة، باعتبار أن...

المقدم: أضاف الأربعة الأول؟

نعم، أضاف الأربعة الأول، والعيني يقول: قلتُ: ينبغي أن يكون تسع ركعات، فإن الركعتين الأخيرتين سنة الصبح، والست منها نافلة وختمها بالوتر ثلاث ركعات.

الوتر ما بُيّن عدده، قال:«ثم أوتر»، والعيني مذهب الحنفية في الوتر أنه ثلاث ركعات بسلام واحد.

فتكون مع الست تسعًا، وختمها بالوتر ثلاث ركعات، وقال العيني: فيه فضل ابن عباس سيأتي تفصيل هذا الكلام في الأطراف؛ لأنها في أماكنها من كتاب قيام الليل والوتر، والحديث أطرافه طويلة جدًّا.

وقال العيني: فيه فضل ابن عباس وحذقه على صغر سنه.

المقدم: رضي الله عنه.

حيث أرصد النبي -صلى الله عليه وسلم- طول ليلته. وقيل: إن العباس.. العباس أباه أبا عبد الله أوصاه بمراعاة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ليطلع على عمله بالليل، وفيه جواز نوم الرجل مع امرأته من غير مواقعة بحضرة بعض محارمها.

وفيه جواز نوم الرجل مع امرأته من غير مواقعة بحضرة بعض محارمها، وإن كان مميزًا، وجاء في بعض الروايات أنها كانت حائضًا، جاء في بعض الروايات أنها كانت حائضًا، ولم يكن ابن عباس ليطلب المبيت في ليلة فيها حاجة إلى أهله، ولا يرسله أبوه العباس، هو مميز، لكن المظنون أنه لم يطلع على هذه الأمور لم يكن له بها شأن.

المقدم: أحسن الله إليك، لعلنا نستكمل بإذن الله ما تبقى في حلقة قادمة.

أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، شكرًا لطيب متابعتكم، لقاؤنا بكم في حلقة قادمة بإذن الله.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.