كتاب الصلاة (19)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا يقول: قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الحموية): وكذلك قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ فَلا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ» الحديث، حقٌّ على ظاهره، وهو سبحانه فوق العرش، وهو قِبل وجه المصلي، بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات؛ فإن الإنسان لو أنه يُناجي السماء ويُناجي الشمس والقمر لكانت السماء والشمس والقمر فوقه، وكانت أيضًا قِبل وجهه.

ثم قال: فالمؤمنون إذا رأوا ربهم يوم القيامة وناجوه، كلٌّ يراه فوقه قبل وجهه كما يرى الشمس والقمر، ولا منافاة أصلًا.

يقول: هل عمل المجتهد أو العالم وفُتياه وفق حديثٍ ما يُعتبر تصحيحًا له، وكذلك مخالفته هل تُعتبر قدحًا فيه أو برواته؟

لا هذا ولا هذا، إذا عمِل العالم أو أفتى وفق حديث فهذا لا يُعد تصحيحيًا له، لا يُعد تصحيحًا للحديث؛ لأنه قد يكون ضعيفًا، ويرتقي بأدلةٍ أخرى، وبالمجموع يُفتي العالم ويعمل على وفق المجموع، لا على وفق الأفراد، فتكون الأفراد ضعيفةً، والمجموع صحيحًا، فلا يُصحح الحديث بمجرد عمل العالم أو فتواه.

وكذلك مخالفته لا تُعتبر قدحًا فيه أو برواته؛ لأنه قد يصح الحديث ويكون مُخالَفًا بما هو أقوى منه فيُعدَل عن العمل به، ويُعمل بالراجح، ويبقى الحديث صحيحًا، وفي الأحاديث: الراجح، والمرجوح، والصحيح، والأصح، كل هذا موجود، العمل بالأصح، ويبقى أن المعارِض قد يكون صحيحًا، لكنه يُترك العمل به؛ لوجود ما هو أرجح منه، ولِما يُوجد من ناسخٍ له، قد يكون منسوخ الحديث، وهو صحيح.

نعم. 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابٌ لاَ يَبْصُقْ عَنْ يَمِينِهِ فِي الصَّلاَةِ.

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ –رضي الله عنهما- أَخْبَرَاهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى نُخَامَةً فِي حَائِطِ المَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَصَاةً، فَحَتَّهَا، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ، فَلاَ يَتَنَخَّمْ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى».

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ يَتْفِلَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ رِجْلِهِ»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابٌ لاَ يَبْصُقْ عَنْ يَمِينِهِ فِي الصَّلاَةِ" ومن باب أولى أمامه في جهة القبلة.

قال: "حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ" وهو ابن سعد.

"عَنْ عُقَيْلٍ" وهو ابن خالد.

"عَنِ ابْنِ شِهَابٍ" الإمام الزهري المشهور.

"عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ" الخدري.

"أَخْبَرَاهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى نُخَامَةً فِي حَائِطِ المَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَصَاةً، فَحَتَّهَا".

"فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَصَاةً" هذا يُبين ما سبق أنه باشر ذلك بيده الشريفة– عليه الصلاة والسلام- لكنه بواسطة الحصاة، باشر مسك الحصاة والحك، وأما مباشرة النخامة فبالحصاة، قالوا: إنه يحتمل أن يكون باشرها من غير واسطة أو بواسطة عود أو حصاة أو ما أشبه ذلك.

"فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَصَاةً فَحَتَّهَا" هذا يُعين المعنى الثاني أنه باشرها بيده بواسطة الحصاة، باشر الفعل، ولكن النخامة ما باشرها إلا بواسطة الحصاة.

"فَحَتَّهَا" الحتُّ والحكُّ معناهما واحد.

"ثُمَّ قَالَ: «إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ، فَلاَ يَتَنَخَّمْ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ»" «قِبَلَ وَجْهِهِ» فإن الله –جلَّ وعلا- قِبل وجه المصلي.

«وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ»؛ لأن عن يمينه مَلكًا، واليمين جهةٌ محترمة كجهة القبلة، وإن كانت دونها.

«وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى» قد يقول قائل: عن يساره الملك الذي يكتب السيئات، فإن كان المراد في الصلاة فإن الملك الذي يكتب السيئات لا يُوجد في هذا الوقت، مع أن بعض الناس قد يرتكب السيئات وهو في صلاته –نعوذ بالله من الخذلان-، قد يرتكب ذلك.

وعلى كل حال في هذه الحالة يبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى، وقد تقدم هذا كله تحت قدمه اليسرى.

طيب عن يساره في الصلاة عن يساره مصلٍ من يصف عن يساره، هل يبصق جهته؟

لا، لا يبصق جهة جاره في الصلاة، ماذا يصنع؟ تحت قدمه، تعين أن يكون تحت قدمه.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا" ابن مالك خادم الرسول- صلى الله عليه وسلم-.

"قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ يَتْفِلَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ»" يعني: في جهة قبلته.

«وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ رِجْلِهِ» مثل ما تقدم، والتفل فوق النفث ودون البزاق إخراج شيءٍ من الريق من الفم.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "بابٌ لا يبصق عن يمينه في الصلاة" أورد فيه الحديث الذي قبله من طريقٍ أخرى عن ابن شهاب، ثم حديث أنس من طريق قتادة عنه مختصرًا من روايته عن حفص بن عمر، وليس فيهما تقييد ذلك بحالة الصلاة".

البخاري في الترجمة قيَّد في الصلاة، والأحاديث مطلقة، ولكن جاء في بعض طرق الأحاديث حديث أبي هريرة وأبي سعيد وأنس جاء في بعض طُرقه التقييد بالصلاة، وهذا من الإمام البخاري حملٌ من المطلق على المقيد.

"نعم هو مقيدٌ بذلك في رواية آدم الآتية في الباب الذي يليه، وكذا في حديث أبي هريرة التقييد بذلك في رواية همام الآتية بعد، فجرى المصنف في ذلك على عادته في التمسك بما ورد في بعض طُرق الحديث الذي يستدل به".

وقد لا يكون في كتابه ولا على شرطه، القيد الذي يُشير إليه في روايةٍ قد لا تكون في كتابه ولا حتى على شرطه.

"فجرى المصنف في ذلك على عادته في التمسك بما ورد في بعض طُرق الحديث الذي يستدل به وإن لم يكن ذلك في سياق حديث الباب، وكأنه جنح إلى أن المطلق في الروايتين محمولٌ على المقيد فيهما وهو ساكتٌ عن حكم ذلك خارج الصلاة، وقد جزم النووي بالمنع في كل حالةٍ داخل الصلاة وخارجها سواءٌ كان في المسجد أم غيره، وقد نُقِل عن مالك أنه قال: لا بأس به، يعني خارج الصلاة".

مقتضى حمل المطلق على المقيد عند الإمام البخاري أنه يرى رأي مالك، يقول: في الصلاة، يعني قيده في الصلاة، وحمل النصوص المطلقة على المقيد.

"ويشهد للمنع ما رواه عبد الرزاق وغيره عن ابن مسعودٍ أنه كره أن يبصق عن يمينه وليس في صلاة، وعن معاذ بن جبل قال: ما بصقت عن يميني منذ أسلمت، وعن عمر بن عبد العزيز أنه نهى ابنه عنه مطلقًا، وكأن الذي خصَّه بحالة الصلاة أخذه من علة النهي المذكورة في رواية همامٍ عن أبي هريرة حيث قال: «فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا» هذا إذا قلنا: إن المراد بالملك غير الكاتب والحافظ، فيظهر حينئذ اختصاصه بحالة الصلاة وسيأتي البحث في ذلك، إن شاء الله تعالى.

وقال القاضي عياض: النهي عن البصاق عن اليمين في الصلاة إنما هو مع إمكان غيره، فإن تعذر فله ذلك.

قُلت: لا يظهر وجود التعذر مع وجود الثوب الذي هو لابسه، وقد أرشده الشارع إلى التفل فيه كما تقدم.

وقال الخطابي: إن كان عن يساره أحد فلا يبزق في واحدٍ من الجهتين، لكن تحت قدمه أو ثوبه.

قُلت: وفي حديث طارقٍ المحاربي عند أبي داود ما يرشد لذلك، فإنه قال فيه: أو تلقاء شمالك إن كان فارغًا وإلا فهكذا".

إن كان فارغًا ممن يصُف في جهة الشمال.

"وبزق تحت رجله ودلك، ولعبد الرزاق من طريق عطاءٍ عن أبي هريرة نحوه".

هل يكفي الدلك وإن بقي الأثر أو الدفن الذي لا يُبقي شيئًا من الأثر؛ لأن الدلك إذا كان في مكانٍ صلب أو على فراش أو شيءٍ من هذا يُبقي ما يستقذره الناس.

"ولو كان تحت رجله مثلًا شيٌء مبسوط أو نحوه تعين الثوب، ولو فُقِد الثوب مثلًا فلعل بلعه أولى من ارتكاب المنهي عنه والله أعلم".

على خلافٍ في حكم بلع النخامة، فبعض أهل العلم يُحرمها؛ لأنها مما تُستقذر، ومن أسباب التحريم حتى عند الحنابلة تحريم ما يستقذره العرب تُحرَّم بعض الحيوانات؛ لاستقذارها.

وعلى كل حال هل بلعها أولى من ارتكاب المنهي عنه من إلقائها في المسجد أو عن اليمين أو ما أشبه ذلك؟

يقول: أخذ المصنف كون حكم النخامة والبصاق...

طالب: .......

 ماذا؟

طالب: .......

"ولو فُقِد الثوب" يعني ما عنده شيء، الحلول كلها معدومة، "ولو فُقِد الثوب مثلًا فلعل بلعه أولى من ارتكاب المنهي عنه" من البصاق في الجهة الممنوع منها.

سيأتي قول من يقول بأن النخامة نجسة، ويقيسها على القيء سيأتي هذا.

طالب: ..............

لا ،فيما هو أولى من ذلك فيها نحنحة، ويبين منها حرفان أو أكثر، وسيأتي الكلام على هذا إن شاء الله.

"تنبيه: أخذ المصنف كون حكم النخامة والبصاق واحدًا من أنه -صلى الله عليه وسلم- رأى النخامة فقال: «لاَ يَبْزُقَنَّ» فدل على تساويهما، والله أعلم".

«لاَ يَبْزُقَنَّ» في سياق في رؤية النخامة، فالنخام والبُزاق حكمهما واحد مثل التبسُّم والضحك، فالجمهور يقولون: إن التبسُّم يختلف عن الضحك، الضحك المصحوب بالقهقهة مُبطل للصلاة بالاتفاق، بخلاف التبسُّم أجازه بعضهم إذا غُلِب، ولكن ابن حزم يرى أن الحكم واحد؛ بدليل قوله– جلَّ وعلا-: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا} [النمل:19].

طالب: ..............

الكاتب موجود على كل حال إلا في حال الصلاة استثناها بعضهم، وقال: إن كاتب السيئات لا وجود له وقت الصلاة؛ لأنها وقت عبادة، وليست وقت معصية.

طالب: ..............

هل كل قول أو ما يترتب عليه إثم فقط؟ ولذلك في الصلاة يلفظ من قول من القرآن والأذكار وهكذا تدخل في مَلك اليمين «فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا» طيب، وعن يساره ملكًا إذا كان الكاتب، فليُحترم هذا مثل ما يُحترم هذا، وقالوا في التعليلات: إن المنع من اليمين لوجود الملك لشرفه أعظم من شرف ملك الشمال.

قال –رحمه الله تعالى-: "بَابٌ: لِيَبْزُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى.

حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ: النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ».

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قال: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري –رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلّى الله عليه وسلم- أَبْصَرَ نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ المَسْجِدِ، فَحَكَّهَا بِحَصَاةٍ، ثُمَّ نَهَى أَنْ يَبْزُقَ الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعَ حُمَيْدًا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ نَحْوَهُ".

يقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "بَابٌ: لِيَبْزُقْ" اللام لام الأمر.

"لِيَبْزُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى" ما حُكم امتثال هذا الأمر؟ الآن إذا قمت تُصلي لازم تبزق؟ 

طالب: ..............

إذا احتاج إلى ذلك.

طالب: وهو على التخيير أيضًا.

ولا أيضًا الترجمة ما فيها ما يُشير إلى ذلك التقييد في الأحاديث.

طالب: أيضًا، ولا يُقال: على التخيير على الشيخ؟

ماذا؟

طالب: عن الحالات التي مرت عن يساره على طرف ثوبه؟

على كل حال يدفع الحاجة بقدرها، ويُقلل الأذى بقدر المستطاع.

طالب: يُقال: إذا جاء التخيير ضعف التحديد يعني أنه واجب أو مستحب، فهذا يُضعِف...

إذا كان لديك أي خيار فأنت مثل ما قالوا في صلاة الخوف، قالوا: ليعمل الأحوط لصلاته والأبلغ في الحراسة، يجمع بين الأمرين.

وهنا ليعمل الأخف أذىً والأقل في دفع حاجته.

قال: حَدَّثَنَا آدَمُ" ابن أبي إياس.

"قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ" وهو: ابن الحجاج.

قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ" وهو: ابن دعامة.

"قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ: النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ قائمًا يُنَاجِي رَبَّهُ»".

طالب: ما عندنا قائمًا يا شيخ «فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ».

ما فيه قائمًا؟

طالب: لا، كل الطبعات.

ولا في إشارة.

طالب. ولا في إشارة.

ما فيه إشارة لرواية.

«إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّمَا» هي تصحَّفت فإنما مثلها في الكتاب، فتصحَّفت فإنما تصحَّفت قائمًا «إِذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ» ما فيه قائمًا تصحَّفت عليّ، ما فيه قائمًا.

«فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ» هذا مثل ما تقدم.

"قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ" وهو: ابن المديني.

"قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" وهو ابن عُيينة.

"قال: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ" الإمام ابن شهاب المعروف.

"عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلّى الله عليه وسلم- أَبْصَرَ نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ المَسْجِدِ، فَحَكَّهَا بِحَصَاةٍ، ثُمَّ نَهَى أَنْ يَبْزُقَ" من باب نصرَ.

"الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعَ حُمَيْدًا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ نَحْوَهُ".

"وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعَ حُمَيْدًا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ" في الراوية الأولى الزهري عن أبي حُميد، وهنا صرَّح أنه سمع حُميدًا.

"نَحْوَهُ" وجيء بهذه الطريق؛ لبيان سماع الزهري من حُميد.

والكرماني زعم أن هذا تعليق، في شرحه، قال: هذا تعليق.

قال: وعن الزهري تعليقٌ، وغرضه منه بيان أن الزهري رواه بطريق السماع أيضًا كما رواه مُعنعنًا في الإسناد الأول.

طالب: ما يصح كلام الكرماني؟

ما التعليق؟ بالسند الأول، القواعد التي قعَّدها ابن حجر في مثل هذا قد يطرأ عليها ما يطرأ على اختلاف النُّسخ؛ لأنه يكون وحيث يُريد التعليق يأتي بالواو، وهنا فيه واو، على قاعدته أنه تعليق، كلام الكرماني صحيح.

لكن ابن حجر ماذا يقول؟

تكلم عليه.

طالب: ..............

يقول: وهِم بعض الشراح في زعمه أن قوله: وعن الزهري، معلَّق، بل هو موصولٌ، وقد تقدمت له نظائر، يعني الكرماني.

طالب: فلما يُصرِّح بالسماع؟

على كل حال وإن لم يُحتج إليه فهو أكمل.

طالب: لكن لا يضر الحديث يا شيخ وجود العنعنة؟

لا لا ما يضر الحديث، لكن وجوده على حال أكمل التصريح.

طالب: ..............

هو من الطبقة الثانية معروف الذين احتمل الأئمة تدليسهم؛ لإمامته وقِلة تدليسه بجانب ما روى، كالسفيانين وغيرهم.

قال الحافظ –رحمه الله-: "بابٌ: ليبصق عن يساره" حدثنا عليٌّ زاد الأصيلي ابن عبد الله وهو ابن المديني، والمتن هو الذي مضى من وجهين آخرين عن ابن شهاب وهو الزهري، ولم يذكر سفيان وهو ابن عيينة فيه أبا هريرة كذا في الروايات كلها، لكن وقع في رواية ابن عساكر عن أبي هريرة بدل أبي سعيدٍ، وهو وهمٌ، وكأن الحامل له على ذلك أنه رأى في آخره، وعن الزهري سمع حميدًا عن أبي سعيدٍ، فظن أنه عنده عن أبي هريرة وأبي سعيدٍ معًا، لكنه فرَّقهما وليس كذلك".

يعني كما تقدم الحديث السابق عن أبي هريرة وأبي سعيد.

"وإنما أراد المصنِّف أن يُبين أن سفيان رواه مرةً بالعنعنة، ومرةً صرَّح بسماع الزهري من حُميد، ووهِم بعض الشراح في زعمه أن قوله: وعن الزهري، معلقٌ، بل هو موصولٌ، وقد تقدمت له نظائر.

قوله: "ولكن عن يساره أو تحت قدمه" كذا للأكثر وهو المطابق للترجمة، وفي رواية أبي الوقت وتحت قدمه بالواو".

ما اسم أبي الوقت؟

طالب: ..............

اسم أبي الوقت؟

طالب: سيف.

سيف صح صدقت، عبد الأول.

"ووقع عند مسلمٍ من طريق أبي رافع عن أبي هريرة (ولكن عن يساره تحت قدمه) بحذف أو وكذا للمصنِّف من حديث أنس في أواخر الصلاة، والرواية التي فيها (أو) أعم؛ لكونها تشمل ما تحت القدم وغير ذلك".

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ كَفَّارَةِ البُزَاقِ فِي المَسْجِدِ.

حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا»".

يقول –رحمه الله تعالى-: "بَابُ كَفَّارَةِ البُزَاقِ فِي المَسْجِدِ.

"حَدَّثَنَا آدَمُ" الذي تقدم.

"قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» هو رواه بالإسناد السابق نفسه.

طالب: ..............

ركِّب هذا على ذاك تشوفه يأتي حديث أم ما يأتي.

طالب: البزاق.

«إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ».

طالب: لا، هذا بعده.

أين؟

طالب: ..............

هذا هو «إِنَّ المُؤْمِنَ».

طالب: ..............

«عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ»، والبُزاق يعني لو ركَّبت حديث «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، «مَنْ قَام رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، «مَنْ قَام ليلة القدر إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، يُمكن أن تُركِّب الجُمل الثلاث بإسنادٍ واحد؛ لأنها جاءت بإسنادٍ واحد.

على كل حال هل هذا مثله؟

طالب: لا هذا ليس قريبًا منه.

يختلف.

"قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ»" يعني ذنب يُكتَب عليه، وكفارة هذا الذنب أن يدفنه، أن يدفن هذا البزاق، ويستصحب ذلك قبل أن يبدأ أنه يُريد أن يبزق؛ ليُكفِّر عن هذه الخطيئة، فيكون مُصرًّا على ارتكاب الخطيئة، ثم بعد ذلك ندم عليها ودفنها أو يكون في أول الأمر عنده غفلة أو دفعته الحاجة إلى ذلك، ثم كفَّر عن ذلك.

طالب: ..............

ما هو مسألة اختلاف الحكم المسألة تركيب السياق.

طالب: ..............

ما فيه حك ولا شيء.

طالب: ..............

أين الأول؟

 أين هو رقم كم؟

طالب: يقصد حديث علي يا شيخ.

طالب: ..............

ما فيه، ما فيه.

طالب: أربعة عشر.

أربعة عشر حديث أبي سعيد، وعنه في حديث أنس.

طالب: ..............

أنا أريد حديث آدم، قال: حدَّثنا شُعبة المطابق في الإسناد اللي قبله.

طالب: ..............

حديث آخر ذاك، حتى لو كان اللفظ واحدًا صار حديثًا آخر ما دام الصحابي مختلفًا.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: باب كفارة البزاق في المسجد" أورد فيه حديث «البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» من حديث أنسٍ بإسناده الماضي في الباب قبله سواء، ولمسلمٍ: التفل بدل البزاق، والتفل بالمثناة من فوق أخف من البزاق والنفث بمثلثةٍ آخره أخف منه".

أخف من التفل.

"قال القاضي عياض: إنما يكون خطيئة إذا لم يدفنه، وأما من أراد دفنه فلا، وردَّه النووي فقال: هو خلاف صريح الحديث.

قلتُ: وحاصل النزاع أن هنا عمومين تعارضا: وهما قوله: «البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ»، وقوله: «وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ»، فالنووي يجعل الأول عامًا، ويخص الثاني بما إذا لم يكن في المسجد، والقاضي بخلافه، يجعل الثاني عامًا، ويخص الأول بمن لم يرد دفنها.

وقد وافق القاضي جماعةٌ منهم: ابن مكي في (التنقيب)، والقرطبي في (المُفهِم)، وغيرهما".

المكي ابن؟

طالب: .......

والتنقيب ما هو؟

طالب: .......

القرطبي في المُفهِم معروف.

طالب: أبو العباس.  

أبو العباس، لكن مكي في التنقيب؟

طالب: ابن مكي.

او ابن مكي. طلعوه لنا.

في مكي بن أبي طالب القيسي هو غيره بلا شك، له مؤلفات منها الناسخ والمنسوخ في القرآن، وله كُتب.

طالب: العبارة هذه يا شيخ نفسها جاءت في (بذل المجهول وعون المعبود) بنفس السياق ابن مكي في التنقيب.

أنا أريد ما اسمه؟ وما التنقيب؟

أبو طالب والد مكي ما اسمه؟ مكي بن أبي طالب، ما اسم أبي طالب؟

نظر في الجوال، تُريدون نأتي بجوائز؛ حتى تشاركوا.

طالب: ..............

لا تطلعه، ما لك فخر إنك طلعته.

طالب: ..............

يبحث أبو عبد الرحمن، لكن ما وجد شيئًا.

طالب: قليل وروده يا شيخ؟

نعم نادر.

مثل ما قال النووي في الرياض أول مرة يذكر رياض الصالحين.

طالب: ..............

(على ما في المقامات من الغريب) كتاب لغة يعني، لكن السياق سياق لغة أم فقه؟

طالب: ..............

ما يُعينه إلا التنصيص على كتابه وقد عُيِّن في كشف الظنون، وأنه على المقامات.

كمِّل.

"وقد وافق القاضي جماعةٌ منهم: ابن مكي في (التنقيب)، والقرطبي في (المُفهِم)، وغيرهما، ويشهد لهم ما رواه أحمد بإسنادٍ حسنٍ من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا قال: «مَنْ تَنَخَّمَ في المسجدِ فليُغَيِّبْ نُخَامتَهُ أن تُصيبَ جِلْدَ مؤمنٍ أو ثَوبَهُ فتُؤذِيَهُ»، وأوضح منه في المقصود ما رواه أحمد أيضًا والطبراني بإسنادٍ حسن من حديث أبي أمامة مرفوعًا قال: «مَن تنخَّعَ في المسجدِ فلم يَدْفِنْهُ فسيِّئَةٌ، وإنْ دَفَنَهُ فحسنَةٌ»، فلم يجعله سيئة إلا بقيد عدم الدفن، ونحوه حديث أبي ذر عند مسلمٍ مرفوعًا قال: «وَجَدْتُ فِي مَسَاوِئ أَعْمَالِ أُمتي النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ»، قال القرطبي: فلم يُثبت لها حُكم السيئة لمجرد إيقاعها في المسجد، بل به وبتركها غير مدفونة انتهى.

 وروى سعيد بن منصورٍ عن أبي عبيدة بن الجراح أنه تنخَّم في المسجد ليلةً فنسي أن يدفنها، حتى رجع إلى منزله، فأخذ شعلةً من نار ثم جاء فطلبها؛ حتى دفنها، ثم قال: الحمد لله الذي لم يكتب عليّ خطيئةً الليلة، فدل على أن الخطيئة تختص بمن تركها لا بمن دفنها، وعلة النهي تُرشد إليه وهي تأذي المؤمن بها، ومما يدل على أن عمومه مخصوصٌ جواز ذلك في الثوب ولو كان في المسجد بلا خلاف.

وعند أبي داود من حديث عبد الله بن الشخير أنه صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فبصق تحت قدمه اليسرى، ثم دلكه بنعله إسناده صحيحٌ، وأصله في مسلم، والظاهر أن ذلك كان في المسجد فيؤيد ما تقدم.

وتوسط بعضهم فحمل الجواز على ما إذا كان له عذرٌ كأن لم يتمكن من الخروج من المسجد، والمنع على ما إذا لم يكن له عذرٌ وهو تفصيلٌ حسنٌ، والله أعلم.

وينبغي أن يُفصَّل أيضا بين من بدأ بمعالجة الدفن قبل الفعل كمن حفر أولًا، ثم بصق ووارى وبين من بصق أولًا بنية أن يدفن مثلاً، فيجرى فيه الخلاف بخلاف الذي قبله؛ لأنه إذا كان المكفِّر إثم إبرازها هو دفنها".

المكفَّر.

طالب: مجعولة المكفِّر.

مضبوط؟

طالب: نعم.

إثم.

"لأنه إذا كان المكفِّر إثم إبرازها هو دفنها، فكيف يأثم من دفنها ابتداءً.

وقال النووي: قوله: «كَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» قال الجمهور: يدفنها في تراب المسجد أو رمله أو حصبائه، وحكى الروياني أن المراد بدفنها إخراجها من المسجد أصلًا.

قلتُ: الذي قاله الروياني يجري على ما قال النووي من المنع مطلقًا، وقد عُرِف ما فيه.

تنبيه: قوله: «فِي المَسْجِدِ» ظرفٌ للفعل".

بعيد تفسير الدفن بالإخراج بعيد عن المعنى.

"قوله: «فِي المَسْجِدِ» ظرفٌ للفعل، فلا يشترط كون الفاعل فيه حتى لو بصق من هو خارج المسجد فيه تناوله النهي، والله أعلم".

يعني لو كان خارج المسجد وبصق داخل المسجد.

طالب: يشمله النهي.

وما الحكم إذا كان داخل المسجد وبصق خارج المسجد؟

طالب: يختلف.

هو يختلف عن العكس، لكن لماذا لا يطلع ويُباشر هذا القذر وهو خارج المسجد؟ إذا بدره وبصق خارج المسجد فتح النافذة وألقاها خارج المسجد إذا بدره ذلك، وإلا فالأصل ألا يُباشر الفعل وهو داخل المسجد.

وقريبٌ من هذا مسألة إرسال الريح في المسجد، حُكمه؟

طالب: ..............

استدلوا بحديث أبي هريرة: ولكن فساءٌ أو ضراط؛ ولذا يقول ابن العربي في شرح الترمذي: يجوز إرسال الفساء والضراط في المسجد للحاجة، وهذا يختلف عمَّا عندنا؛ لأن هذا ليس له جِرم يثبت، نعم مستقذر ويؤذي المصلين، ويؤذي من في المسجد، لكن يختلف عن ذلك.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ دَفْنِ النُّخَامَةِ فِي المَسْجِدِ.

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاَةِ، فَلاَ يَبْصُقْ أَمَامَهُ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي اللَّهَ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَيَدْفِنُهَا»".

يقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "بَابُ دَفْنِ النُّخَامَةِ فِي المَسْجِدِ".

قال: "حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ" ابن همام.

"عَنْ مَعْمَرٍ" ابن راشد.

"عَنْ هَمَّامٍ" ابن مُنبِّه.

"سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاَةِ، فَلاَ يَبْصُقْ أَمَامَهُ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي اللَّهَ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ»" في الصلاة وفي مُصلاه يتفق هذا مع هذا، أو بينهما فرق؟

طالب: المصلى أعم سواءً كان في صلاة أو غير صلاة.

نعم وحُكم من جلس في مصلاه ينتظر الصلاة فإنه في صلاة.  

«فَلاَ يَبْصُقْ أَمَامَهُ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي اللَّهَ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا». وهذا تقدم.

«وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَيَدْفِنُهَا» يدفنُها أو يدفِنهَا؟

طالب: ..............

في حديث «لا يضرب أحدكم زوجته ثم يضاجعها»، قدَّروا ثم هو يُضاجعها، يصح تقدير ثم هو يدفِنها أو فهو يدفنُها؟

طالب: ..............

فيدفِنها.

طالب: ..............

العيني أكثر عناية من ابن حجر في اللغة، وله مصنفات في اللغة، جواب الأمر يستقيم أن يكون جواب الطلب؟

يكون مجزومًا، جواب الأمر يُجزَم أو جواب شرط مُقدَّر يُجزم على أي حال.

طالب: ..............

يكون منصوبًا بـــ(أن) مُضمرة بعد الفاء في جواب الطلب؛ لأن جواب الطلب مباشرة تكون مجزومة.

قال –رحمه الله-: "قوله: "باب دفن النخامة في المسجد" أي: جواز ذلك، وأورد فيه حديث أبي هريرة من طريق همامٍ عنه بلفظ «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاَةِ» ثم قال في آخره: «فَيَدْفِنُهَا» فأشعر قوله في الترجمة "في المسجد" بأنه فهم من قوله: «إِلَى الصَّلاَةِ» أن ذلك يختص بالمسجد، لكن اللفظ أعم من ذلك.

وقيل: إنما ترجم الذي قبله بالكفارة، وهذا بالدفن؛ إشعارًا بالتفرقة بين المتعمد بلا حاجة وهو الذي أثبت عليه الخطيئة، وبين من غلبته النخامة، وهو الذي أذن له في الدفن أو ما يقوم مقامه".

يعني لو تعمد النخامة في المسجد، وفيه مندوحة، ويتمكن من إلقائها خارج المسجد صارت خطيئة كُتِبت عليه خطيئة، بلا شك، فإن دفنها كفَّرت، لكن إذا غلبته وليس له مندوحة، ثم ألقاها.

طالب: فله أن يُلقيها.

له أن يُلقيها لكن عليه أن يدفنها. 

"قوله: «فَإِنَّمَا يُنَاجِي» وللكشميهني: فإنه.

قوله: «مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ» يقتضي تخصيص المنع بما إذا كان في الصلاة، لكن التعليل المتقدم بأذى المسلم يقتضي المنع في جدار المسجد مطلقًا، ولو لم يكن في صلاة، فيُجمَع بأن يقال: كونه في الصلاة أشد إثمًا مطلقًا، وكونه في جدار القبلة أشد إثمًا من كونه في غيرها من جُدر المسجد، فهي مراتب متفاوتةٌ مع الاشتراك في المنع.

 قوله: «فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا» تقدم أن ظاهره اختصاصه بحال الصلاة، فإن قلنا: المراد بالملك الكاتب، فقد استُشكِل اختصاصه بالمنع مع أنه عن يساره ملكًا آخر، وأُجيب: باحتمال اختصاص ذلك بملك اليمين تشريفًا له وتكريمًا هكذا قاله جماعةٌ من القدماء ولا يخفى ما فيه.

وأجاب بعض المتأخرين: بأن الصلاة أم الحسنات البدنية فلا دخل لكاتب السيئات فيها، ويشهد له ما رواه ابن أبي شيبة من حديث حذيفة موقوفًا في هذا الحديث، قال: ولا عن يمينه فإن عن يمينه كاتب الحسنات.

وفي الطبراني من حديث أبي أُمامة في هذا الحديث: فإنه يقوم بين يدي الله وملكه عن يمينه وقرينه عن يساره. انتهى".

القرين شيطان ما له حُرمة.

"فالتفل حينئذٍ إنما يقع على القرين، وهو الشيطان، ولعل ملك اليسار حينئذ يكون بحيث لا يُصيبه شيءٌ من ذلك، أو أنه يتحول في الصلاة إلى اليمين، والله أعلم".

يعني إذا عرض له الشيطان يتفل عن يساره ثلاثًا، ويتعوذ بالله من الشيطان، ما الفرق بينهما؟

طالب: ..............

أو أنه موجود، والمصلحة راجحة، فلا يضيق في شيء.

"قوله: «فَيَدْفِنُهَا» قال ابن أبي جمرة لم يقل: يغطيها؛ لأن التغطية يستمر الضرر بها؛ إذ لا يأمن أن يجلس غيره عليها فتؤذيه بخلاف الدفن فإنه يُفهَم منه التعميق في باطن الأرض.

وقال النووي في الرياض: المراد بدفنها ما إذا كان المسجد ترابيًّا أو رمليًّا، فأما إذا كان مُبلطًا مثلًا فدلكها عليه بشيءٍ مثلًا، فليس ذلك بدفنٍ، بل زيادةٌ في التقذير.

قلت: لكن إذا لم يبق لها أثرٌ ألبتة فلا مانع، وعليه يحمل قوله في حديث عبد الله بن الشخير المتقدم: ثم دلكه بنعله، وكذا قوله في حديث طارقٍ عند أبي داود: وبزق تحت رجله ودلك.

فائدة: قال القفال في فتاويه: هذا الحديث محمولٌ على ما يخرج من الفم أو ينزل من الرأس، أما ما يخرج من الصدر فهو نجسٌ فلا يُدفَن في المسجد. انتهى.

وهذا على اختياره، ولكن يظهر التفصيل فيما إذا كان طرفًا من قيء، وكذا إذا خالط البزاق دمٌ. والله أعلم".

اللهم صلِّ على محمد.