كتاب البيوع (08)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا وارفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا، واغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خيرًا.

قال الإمام أبو عبد الله البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ ذِكْرِ الحَجَّامِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا مِنْ خَرَاجِهِ.

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْطَى الَّذِي حَجَمَهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ".

ما علاجه يا أبا عبد الله؟

طالب:..........

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "بَابُ ذِكْرِ الحَجَّامِ" ذكر الحجَّم هنا؛ لأن الحجامة من أنواع الكسب وإن كانت كسبًا ليس بأفضل المكاسب، بل جاء وصفه بأنه خبيث «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ».

وليس معنى أنه خبيث يعني حرامًا من باب يُحرِّم عليهم الخبائث، لكنه كسبٌ دون ودنيء، وإن لم يكن حرامًا.

والنبي –عليه الصلاة والسلام- كما في حديث الباب احتجم، وأعطى الحجَّام أجرته، ولو كان حرامًا ما أعطاه، فدل على إباحة كسب الحجام، لكنه ليس من المكاسب الشريفة، كما في قوله– جلَّ وعلا-: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة:267] ليس معناه أنه محرَّم يُنفق من المحرَّم، لا، إنما يُنفق من الدون، فجاء النهي عن ذلك، كما في قوله –جلَّ وعلا-: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92] من الكسب الطيب من أجود الأنواع، فالإنفاق مما يُحَب.

ولكن لو أن إنسانًا عنده طعام أجود ما في السوق، وعنده دونه، وعنده ما هو أقل من أقل الأنواع كما في التمر مثلًا من التمر ما يصل الكيلو مائة ريال، ومنها ما يصل إلى الخمسين، ومنها ما يصل إلى الخمسة، لا شك أن الطَّيب الأعلى أفضل.

لما سُئل عن الأضحية أطيبها وأفضلها، قال: «أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَغلاها ثَمَنًا»، لكن لو أنفق الإنسان من التمر الذي يقبله الناس ويأكلونه، ولا فيه أدنى مشكلة، لا مرض، ولا فيه فساد من النوع الرخيص بخمسة، لا شك أنه دون الطَّيب، ولا شك أن الإنفاق من الطَّيب دلالة على قوة الإيمان، والصدقة كما في الحديث في الصحيح «الصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ» يعني برهان على صدق مخرجها وصدق إيمانه.

المقصود أن كسب الحجام وإن لم يكن من الأكساب الشريفة والمهن الرفيعة إلا أنه يُباح.

ولذلك قال: "بَابُ ذِكْرِ الحَجَّامِ: قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ" وهو التنيسي.

"قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ" حُميد بن عبد الرحمن.

"عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ" أجرة في بعض الأحاديث أعطاه دينارًا.

"فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ" يعني النبي –عليه الصلاة والسلام- احتجم أكثر من مرة، وأخبر أن من أنواع الشفاء ما يكون بسبب الحجامة وشرطة محجم.  

"فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَأَمَرَ أَهْلَهُ" يعني مواليه؛ لأنه مولى.

"أَنْ يُخَفِّفُوا مِنْ خَرَاجِهِ" لأن المولى العبد إذا كان عند قومٍ، عند سيده مثلًا إما أن يعمل ببدنه عنده، وينتفع بمنافعه البدنية، أو يقول له: أنا ما عندي شغل، لكن اذهب للسوق وتكسَّب، وأعطني في كل يوم كذا، قد يُفرض عليه مثلًا دينارًا أو نصف دينار أو اثنين، على حسب قوة السوق وضعفه.

فالنبي –عليه الصلاة والسلام- أن يُخففوا عنه، بدل ما هو بدينار نصف دينار أو أقل، على حسب السوق، من أجل ألا يشقوا عليه؛ لأنه إذا زِيد في خراجه زاد تعبه؛ ليُحصِّل هذا الخراج، وإذا خُفف عنه خف التعب، فأمر النبي –عليه الصلاة والسلام- أهله أن يُخففوا من خراجه.

الآن بعض الكفلاء التجار يستقدمون العمال ويقولون لهم: خلاص روحوا للسوق واكتسبوا، وأعطونا في كل يوم كذا، أو في كل شهرٍ كذا، وهذا لا شك أن هذا يختلف عن ذاك؛ لأن هؤلاء أحرار، وذلك عبد مولى، كسبه لسيده، وهؤلاء أحرار كسبهم لهم، هذا من جهة.

إضافةً إلى أن الأنظمة تمنع، التي وُضِعت للمصلحة، ورُوعي فيها مصلحة جميع الأطراف، ويؤدي أيضًا إلى شيءٍ من التسيب والإهمال الذي له آثاره ومفاسده.

صاحب الليموزين يُفرض عليه في كل يوم مائة ريال، مائتي ريال، فإذا زادت هذه الضريبة وهذا الفرض لا شك أنه يسعى جاهدًا أن يُحصِّل هذا المبلغ بأي وسيلة، وهذا فيه مفسدة كبيرة جدًّا، وآثارها واضحة في السوق الآن.

فالنبي –عليه الصلاة والسلام- أمر أهله أن يُخففوا من خراجه، ويُقال مثل هذا لأصحاب السيارات وأصحاب المركبات خفف عنه؛ لئلا يضر بالناس، ويسعون لتحصيل هذه المبالغ بأي وسيلة، وتجدهم يقودون هذه السيارات قيادة متهورة، وتجده إذا رأى الراكب من بعيد وبين يديه السيارات يمنة ويسرة جاء صاحب الليموزين ولف على الناس؛ من أجل هذا الراكب الذي يراه من بعيد؛ ليُحصِّل هذا المبلغ الذي ضُرِب عليه، فالتخفيف عنهم لا شك أنه فيه مصالح، والله المستعان.        

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ" يعني الطحان.

"قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ" ابن مهران الحذَّاء.

"عَنْ عِكْرِمَةَ" مولى ابن عباس.

"عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْطَى الَّذِي حَجَمَهُ" يعني أجرته، أعطاه أجرته.

"وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ" فدل على أن كسبه وإن وصِف بأنه خبيث، الحديث في الصحيحين «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ» لكنه ليس بحرام، وكونه خبيثًا مثل ما أشرنا سابقًا أنه كسبٌ دني، ينبغي أن تُتداول هذه المهنة بين المسلمين بالتسامح، يعني من احتاج إليه أخوه فليُعنه بدون مقابل، ولو كان حرامًا ما أعطاه –عليه الصلاة والسلام-، لكن هذا من باب التوجيه.

"قوله: "أبو طيبة" بفتح المهملة وسكون التحتانية وبالموحدة اسمه نافع الحجام، المولى مُحيصة بضم الميم وفتح الحاء المهملة وإسكان التحتانية وبالمهملة، ابن مسعود الأنصاري، و"أهله" هم بنو بياضة ضد السواد، والمراد هنا بالخراج بفتح المعجمة ما يقرره السيد على عبده أن يؤديه إليه كل يوم.

قال التيمي: فيه دليلٌ على إباحة مقاطعة المولى عبده على خراجٍ معلومٍ مياومة".

"مياومة" يعني: باليوم يأتي له كل يوم بكذا، ومشاهرة: بالشهر، ومعاومة: بالعام.

"مياومة أو مشاهرة، وجواز وضع الضريبة عنه والتخفيف عليه، روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله «كم ضريبتك؟» فقال: ثلاثة آصع، فوضع عنه صاعًا، وإنما أُضيف الوضع إليه؛ لأنه كان هو الآمر به.

قوله: "أعطى الذي حجمه" لم يذكر المفعول الثاني، وهو نحو شيئًا أو صاعًا من تمر بقرينة الحديث السابق، فإن قلت: تقدم في باب موكل الربا أنه نهى عن ثمن الدم، وقد فسَّره بأجرة الحجام، قلت: الثمن محمولٌ على ظاهره، ولئن سلمنا أن المراد به الأجرة فالنهي للتنزيه".

الدم لا يجوز بيعه، نهى عن ثمن الدم؛ ولذلك من يتبرع بالدم لا يجوز له أن يأخذ له مقابلًا، كونه يُعطى من بيت المال أو يُشجَّع على ذلك بهدية أو شيءٍ من هذا، هذا ليس بيعًا، وإن كان بنية البيع وما ذهب إلا ليأخذ المقابل فحرامٌ عليه أخذه، لكن إذا تبرع من غير نية أخذ، ثم بعد ذلك أُعطي من غير مشارطة ولا شيء فالأمر سهل.

طالب:..........

حرام يتبرع ما يملك.

طالب:..........

ما يجوز بيعه، «من باع حرًّا وأكل ثمنه، ثلاثةٌ أنا خصمهم يوم القيامة»، وهذا منهم، بيع العضو كبيع الإنسان شيئًا لا يملكه، أظن بعض المجامع أجازت ذلك.

طالب:..........

لا لا، جاء الحديث الصحيح على أن فيه الشفاء.

طالب:.........

ماذا تقول يا أبا عبد الرحمن؟ ماذا تقول؟ ما فيه نفع؟

طالب:.........

الناس يتداولونه من أجل منفعتهم، والنبي –عليه الصلاة والسلام- أعطى الحجام. ماذا أوضح من هذا؟

طالب:........

نفس الشيء، بنزين السيارة قريب من قوله: «أطعمْهُ ناضحَكَ» قريب منه.

طالب:.........

الحل أنك تجيء بأدواتك معك.

طالب:..........

هو ليس دليلًا مطابقًا للمسألة من كل وجه، لكنه مما يُستدل به.

طالب:.........

«ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ».

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ التِّجَارَةِ فِيمَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.

 حَدَّثَنَا آدَمُ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ-رضي الله عنهما- قَالَ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بِحُلَّةِ حَرِيرٍ، أَوْ سِيَرَاءَ، فَرَآهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: «إِنِّي لَمْ أُرْسِلْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا، إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ، إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتَسْتَمْتِعَ بِهَا» يَعْنِي تَبِيعَهَا.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ عَلَى البَابِ، فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟» قُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ»، وَقَالَ: «إِنَّ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ المَلاَئِكَةُ»".

يقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "بَابُ التِّجَارَةِ فِيمَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ" والكراهية أعم من كراهية التنزيه والتحريم، ولا شك أن كراهة التحريم أشد، ما يحرم لُبسه أشد مما هو مجرد كراهية.

ومن المؤسف أن يكون الغالب في أسواق المسلمين لا سيما في ألبسة النساء من هذا النوع، حتى إن المرأة المتحرية المحتشمة لا تكاد تجد لباسًا يُناسبها في أسواق المسلمين مع الأسف الشديد، وألبسة الأطفال كلها فيها تصاوير إلا ما ندر، وألبسة النساء الغالب منها إما قصير أو شفاف أو مفتوح من الجانبين، وضيق، وفيه كل المحظورات موجودة.

لكن مفتوح من الجانبين يقول القرطبي في تفسيره: ومن مظاهر تبرج الجاهلية الأولى شق القميص من الجانبين، هذا موجود، انظر النساء إذا ركنوا السيارات ماذا يخرج من سيقانهن؟ إلى الركبة يخرج بسبب هذا الشق.

طالب:.........

 من انتهين انتهين، هناك ناس أمرهم أعظم من ذلك، لكن هذا موجود في أوساط الناس.

فما يُكره لبسه للرجال من لبس الأحمر والمعصفر والمزعفر والحرير، وهذا على سبيل التحريم وغيرها من أنواع الألبسة، وما فيه إسبال، وما فيه إسراف كل هذا موجود، والله المستعان.

وأما بالنسبة للنساء المسألة تعدت السيطرة الآن، والمؤمَّل من التجار، تجار الألبسة أن يتقوا الله –جلَّ وعلا-، يعني يخرج الشخص المتدين المتحري بزوجته؛ ليختار لها ولأطفالها يرجع ما وجد شيئًا في بلدٍ أهله كله مسلمون! يعني ما بالعهد من قِدم ملابس النساء إلى وقتٍ قريب شيء لو يُلبس الآن قيل: مجانين، ما يمكن أن يتصوَّر شكله من السعة والمتانة والعباءة التي كأنها خيام، فضلاً عن وضع النساء في الأسواق وما أشبه ذلك، تمشي بجوار الجدار، والعباءات تهب عليها الرياح من جميع الجهات ولا تبين شيئًا من متانتها، والله المستعان.

ما هو بعيد العهد، من ثلاثين، يعني ليس من شيءٍ بعيد.     

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا آدَمُ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ-رضي الله عنهما- قَالَ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بِحُلَّةِ حَرِيرٍ، أَوْ سِيَرَاءَ" يعني من عطف الخاص على العام؛ لأن السيراء من الحرير، لكن فيها خطوط، وفيها أعلام.

"فَرَآهَا عَلَيْهِ" عمر –رضي الله عنه- أرسلها النبي –عليه الصلاة والسلام- وهل هناك دليلٌ على الحِل أعظم من أن يكون المرسِل النبي –عليه الصلاة والسلام- على حد فهمه –رضي الله عنه- فهم منه أنه أرسلها إليه ليلبسها.

طالب:.........

سيأتي، أو تقصد لعن المصور الذي فات قبل، أو تقصد الذي سيأتينا الآن؛ لأن هذا أكثر تفصيلًا؟ وسيأتي الكلام فيه. 

"بِحُلَّةِ حَرِيرٍ، أَوْ سِيَرَاءَ فَرَآهَا عَلَيْهِ" لبسها عمر، حُلة مكونة من قطعتين أو من ثوبين.

"فَقَالَ: «إِنِّي لَمْ أُرْسِلْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا»" يعني هذا البيان في وقت الحاجة أو تأخر عن وقت الحاجة؟

طالب: في وقت الحاجة الآن.

لما لبسها كانت حلالًا أم حرامًا عليه؟

طالب: حرام لم يعلم به.

نعم، لكن البيان بيان الحرام متى يكون؟ عنده في وقته عند حاجته إليه، اللبس هذا حاجة، يعني تمكينه من لبس الحرام هو معذور يعني بجهله.

طالب:........

يعني البيان حصل سابق؟

طالب:.........

ما يخالف، لكن الحاجة إلى حكم لُبس هذه الحُلة وقت اللبس أم بعد؟ وقت اللبس، هي محرمةٌ عليه من أول ما لبسها، لكنه عُذر بجهله ما عرف الدليل، ولا نقول: إن دليل التحريم هو هذا، الدليل متقدم النبي –عليه الصلاة والسلام- بيَّن قال عن الذهب والحرير: «هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي»، فخفي عليه الحكم فلبسه، فالنبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «إِنِّي لَمْ أُرْسِلْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا، إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ، إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ؛ لِتَسْتَمْتِعَ بِهَا» يَعْنِي تَبِيعَهَا"، وتستفيد من ثمنها، أو تُعطيها من يستفيد منها ممن تحل له من النساء.  

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً" قالوا: إنها الوسادة، وبعضهم قال: الصغيرة.

"نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" فيها تصاوير، وهي أعم من أن تكون لذوات أرواح أو لغيرها من شجرٍ ونحوه.

والقرطبي في تفسيره ذكر الخلاف حتى في تصوير الشجر مما فيه مضاهاة لخلق الله، الشجر من خلق الله ذكر الخلاف في ذلك، وأما بالنسبة لذوات الأرواح فعامة أهل العلم أو كلهم على تحريمه، هذا معروف.

"فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ عَلَى البَابِ" انظر الإنكار ما دخل؛ لأن في البيت صورة أو تصاوير، ففي هذا مفارقة المعاصي وأهلها ما دخل. 

"قَامَ عَلَى البَابِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ" عائشة ما تدري -رضي الله عنها وأرضاها-.

"فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ" انظر تابت وهي ما عرفت الذنب بادرت.

"أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاذَا أَذْنَبْتُ؟" ما قدمت ماذا أذنبت؟ ثم قالت: أتوب، قدمت التوبة، وهذا من سرعة الامتثال منهم- رضي الله عنهم وأرضاهم-.

"أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟»" ما شأن هذه النمرقة؟

"قُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا" يعني ما قال: هذه تُهان نجلس عليها، إذا كانت تُهان ما فيها إشكال، لا، هي صورة على كل حال.

"لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ»" وجاء في الحديث الصحيح أنهم أشد الناس عذابًا يوم القيامة.

«يُعَذَّبُونَ فَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ»، وَقَالَ: «إِنَّ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ المَلاَئِكَةُ»، الآن بيوت المسلمين تسلم من الصور؟

لا تكاد تسلم؛ ولذلك كثرت فيها الشرور، والنزاعات والخلافات على أدنى سبب، والطلاق بنسبٍ مذهلة، والضرب والشتم، وسوء الخُلق؛ كل هذا لأن البيوت تعمرها الشياطين، ومعلومٌ أن الشياطين مع الملائكة لا تجتمع ما يُمكن أن يجتمع شياطين مع ملائكة، والناس يسألون: أُصيب الولد بأزمة نفسية، وأُصيب بجن، وأُصيب بكذا، وهذا كثير جدًّا؛ لأن هناك أسبابًا وهناك موانع.

الأسباب: وجود مثل هذه الصور، وجود مثل الأغاني مزامير الشيطان، فالأغاني كأنك تُناديه بها، فعلى المسلم أن يحتاط لنفسه، ويتقي الله في نفسه وفيمن تحت يده، الصور موجودة، والأغاني موجودة، وجميع أنواع المخالفات تيسرت بأيدي الناس، الآن ما فيه حتى الأطفال في عمر سنة ونصف وسنتين يُصور ويطَّلع على أمور مهولة يجب أن تُحجب عن الكبار، وبأسهل شيء بهذا الأصبع يطلع على ما يُريده، وعندهم أرقام سرية، وعندهم أشياء، ويخترقون في عمر سنتين، والله عجب! سبحان الله العظيم! تُلقنه من ربك؟ يقعد سنة ما فهمها، وإذا أعدته من الغد زهد بالمسألة، مَن ربك؟ من محمد؟ وما دينك؟ الله، وهذه الأمور –ما شاء الله- ما يحتاج إلى معلم، ما أدري لماذا؟

طالب: كثرة المراس أمامه.

نعم علم عملي يسهل أمره، ومن باب حُفت النار بالشهوات، يُسِّرت أسبابها، وحُفت الجنة بالمكاره.

حتى طلاب علم ومشايخ ويعلمون الناس، ويتصدون لإقرائهم وإفتائهم إذا جلس جلسة أُنس يتسامر مع أحد لو أجابك ضاق صدره صحيح، والله المستعان.

طالب: شيخ، بعضهم ذكر في وصف الصور التي تمنع دخول الملائكة أن تكون معلقة بارزة، أخذًا من قوله الحديث هذا.

يتخذها وسادةً ليجلس عليها.

طالب: لكن الصورة ظاهرة، أما إن كانت خفية تحت شيء أو داخل كتاب فأمرها أخف؟

هو ما فيه شك أن الظهور له أثره، وإخفاؤها بالطمس أو بإغلاق الكتاب على أقل الأحوال أو في الجيب مثلًا في داخل محفظة لا شك أن هذا أسهل من إبرازها وإظهارها.

طالب:.........

هو لا ينتهي الوصف بالكلية، لكنه أخف.

«أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» فيه أحد ينازع في هذه الصور يقول: أنا إذا خرجت –يعني نفسه- إذا خرجت في وسيلة إعلام مرئية أنت تقول: هذا فلان أو صورة فلان، وإذا تكلمت بكلام تُحملني مسئوليته أم لا؟ قلت: أحملك مسؤوليته؛ لأنك أنت المتكلم عرفت صوتك حتى ولو ما رأيت صورتك، وأما ما يبرز في الشاشة صورتك ليست أنت، بدليل أنه لو انكسر الجهاز تنكسر أنت؟ يأتيك شيء؟ أو لو انطفأ الكهرباء تروح؟ لو حقيقتك خلاص أنت موجود بهذا الصندوق.

قبل أربعين سنة أول ما جاء التلفزيون وصار فيه المصارعة، جاء واحد يمثِّل اثنين من البادية دور اثنين من البادية يشاهدون المصارعة، فأحد المصارعين شد على الثاني وأتعبه، وكاد أن يقتله، فأحد الأعرابيين جاء بالعجرة لينتصر لهذا المظلوم، وضرب التلفزيون وتكسر، قال: الحمد لله أراحنا، قال: لكن ضعيف هذا الرجل، يقول الثاني.

يعني الناس وهم يقولون: هذه حقيقة ليست صورة، هذا أنت، ليست صورتك، أين ذهبت لو انصرفت؟ أنا موجود ما جاءني شيء، الله المستعان.  

لما تيسر وجود الآلات الشيخ/ الشنقيطي –رحمة الله تعالى عليه- ذكر من الإلحاد في الحرم التصوير، وكانت الكاميرات إلى وقتٍ قريب تُكسَّر في الحرم، لكن لما سهلت المسألة، وصار كل واحد يملك هذا التصوير، والرجال يُصورون، والنساء تُصوَّر، توسع الناس في ذلك، وأفتى بعض المشايخ بتحريم اقتناء الجوال الذي فيه الكاميرا، هذ في أول الأمر.

وبعض الناس يقول: لا، أنا أقتني جوالًا فيه كاميرا، ولا أصور ذوات الأرواح، لكن هناك مواقف قد لا تصبر عنها، أنت عندك طفل عنده ستة أشهر بدأ يحبو خطوة خطوتين من الحبو فرصةً لا تتكرر في بقية عمره، أو بدأ يخطو خطوتين ويسقط، تنازعك نفسك، هذا ولدك، ثم تبحث في الأقوال والناس يقولون: هذا ما له ظل، هذا ما أدري أيش، تقول: هذه المرة الله يعفو ويسامح، هذه خطوات الشيطان -نسأل الله العافية-، ثم عاد يسهل عليه الأمر، يجد الأقوال الأخرى لها توجيه، ويجد لجميع التصرفات من يقول بها.

واحد يزعم أنه مفسِّر في تفسيرٍ كبيرٍ على حد زعمه ست وعشرين مجلدًا {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ} [الأنفال:43] إلى آخره، يقول: وفي هذه الآية دليلٌ على جواز التصوير؛ لأن الشيء لا يُمكن أن تغير حقيقته إذا كان باقيًّا على حقيقته ما هو مجرد صورة، المسألة يصير فيها تصوير وفيها دبلجة، وفيها أشياء حذف وقص، هذا دليلٌ على جواز التصوير، ما الدليل هذا؟! فيه أحد يخطر على باله مثل هذا الاستدلال به للتصوير، وهل الآية سيقت من أجل هذا؟  

يقول: فعرضت هذا الاستدلال على شيخٍ من شيوخ الأزهر، فقال: هذا فيه دليلٌ على وجوب التصوير لا على جوزاه، يعني هؤلاء ينتسبون إلى العلم؟ «اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»، نسأل الله العافية.

اقرأ الشرح.     

"باب التجارة فيما يكره لبسه": قوله: "أبو بكر" هو عبد الله بن حفص بالفاء والمهملتين الزهري، مر في أول الغسل.

قوله: "سيراء" بكسر المهملة وفتح التحتانية وبالمد: بُردٌ فيه خيوطٌ صُفر، وقيل: هي المضلعة بالحرير، وقيل: إنها حريرٌ محض، مر في كتاب الجمعة، "تلبس" بفتح الموحدة و«خَلاَقَ» النصيب، وهذا مطلقٌ لا بُد من تقييده بالرجال وبالآخرة بالروايات المقيدة له".

«مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ» يعني: في الآخرة.

"فإن قلت: فالترجمة عامةٌ للرجال والنساء، وحرمة لبس الحرير مختصة بهم، قلت: هذا الحديث يدل على بعض الترجمة، والذي بعده على تمامها أو يُقال: المراد بالكراهة التنزيه وهي لا تختص بهم فبقي على إطلاقه.

قوله: "نمرقة" بضم الراء، وأما النون فقد حكي فيها الثلاث وهي: الوسادة الصغيرة، فإن قلت: الاشتراء أعم من التجارة، فكيف يدل على الخاص الذي هو التجارة التي عقد عليها الباب؟

قلت: حرمة الجزء مستلزمةٌ لحرمة الكل، أو هو من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء".

التجارة بيع وشراء، وهذا شراء، اشتريتها لتجلس عليه، فالجزء يدل على الجزء الثاني الشراء، إذا جاز الشراء جاز البيع، وإذا حرم الشراء حرم البيع وهكذا. 

"الخطابي: فيه أن الصورة محرمةٌ حيث كانت من سقفٍ أو جدارٍ أو بساط كان لها شخصٌ مائلٌ أو لم يكن".

ماثل، يعني: ليس من يكون لها ظل.

"كان لها شخصٌ ماثل أو لم يكن، ومعنى: «خَلَقْتُمْ» قدَّرتم وصورتم بصور الحيوان.

قوله: «المَلاَئِكَةُ» فإن قلت: ما حُكم الكرام الكاتبين؟ قلت: إما أنه عامٌ مخصوص، وإما أن يلتزم عدم دخولهم".

هذا الكلام "فإن قلت: ما حُكم الكرام الكاتبين؟" هل يدخلون معنا في دخول الملائكة البيت الذي فيه صورة أو كلب، الكلب فيه نصوصٍ أخرى؟ لأنه قد يقول قائل: إذا أراد أن يعصي دخل بيته معه كلب أو معه صورة خلِّ الملائكة الكرام الكاتبين ما يكتبون عليه شيئًا، هذا أمر القدرة الإلهية ما عدم دخولهم إن قلنا بعموم الحديث وشموله لهم الكتاب لا يُغادر صغيرة ولا كبيرة، وهذا التصور معصية –نسأل الله العافية-، أو أنهم استثنوا من عموم الحديث بالنصوص الخاصة. 

طالب:.........

مشرك؟

طالب:........

هو مسألة ما يتعدى ضرره، وما يجوز في شريعتهم وما لا يجوز، لكن أشياء ما فيه شك أنه مُحرَّم على الجميع لا يجوز بيعه على مسلم ولا كافر، لكن مما يجوز في شريعته، ولا يتعدى ضرره، عمر ما باع، أهداه لأخٍ له.

طالب:.........

ما يجوز له.

طالب:.........

افترض أن شيئًا من الأشياء يجوز عندهم مثل كثير عند اليهود والنصارى حرامٌ عليهم في أديانهم، وبعضها حلال، لكن يتعدى ضرره من المستعمِل إلى غيره، هذا مما يُحرَّم به الشيء لكن عندهم أشياء ضارة قد تكون مُباحة؛ لأنهم أو شيء هم بأمس الحاجة إليها، وتكون محرَّمة عليهم من باب الآصار والأغلال عليهم، هذا يُمنع من هذه الحيثية.

طالب:...........

الكتب المدرسية الأصل أن تطمس، وهي تخالف الهدف من إيجادها، يُريدونها وسائل إيضاح.

طالب:..........

على كل حال اليوم الحياة شاقة، وإذا مُنِع الإنسان من شيء وأُكرِه عليه ما يُؤاخذ عليه.

"بَابٌ: صَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِالسَّوْمِ.

 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ، وَفِيهِ خِرَبٌ وَنَخْلٌ»".

قال –رحمه الله-: "بَابٌ: صَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِالسَّوْمِ" يعني هو أحق بأن يقُرر القيمة؛ لأنه صاحبها الذي اشتراها وبذل فيها ماله، وتعب عليها، والتزم بمصاريفها، هو الذي يضع السعر.

"صَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِالسَّوْمِ: قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ" التبوذكي.  

"قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ" ابن سعيد.

"عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ" واسمه يزيد بن حُميد.

"عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ، وَفِيهِ خِرَبٌ وَنَخْلٌ»«ثَامِنُونِي» يعني: أعطوني الثمن، أخبروني ما قيمته.

فصاحب السلعة هو الذي يُحده، لكن قد يطلب صاحب السلعة من المشتري أن يسوم، لا مانع من ذلك، ولا يبيع إلا بما يُرضيه، لكن الأصل أن الذي يحدد السعر هو صاحب السلعة؛ لأنها في مقابل سلعته، كما أن الذي يختار السلعة هو المشتري ما يلزمه البائع بنوعٍ معين، كما أن المشتري لا يُلزم البائع بثمنٍ معين.

"قوله: "أبو تياح" بفتح الفوقانية وشدة التحتانية وبالمهملة: يزيد من الزيادة، البصري، مر في العلم، "وبنو النجار" بفتح النون وشدة الجيم، «ثَامِنُونِي» أي: قدِّروا لي ثمن حائطكم أي: قيمته، وثامنه بكذا أي: قدَّر معه الثمن، و"السوم" معناه: تعيين الثمن وتقديره، وهذا الحائط هو الذي بُني فيه مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتقدم شرحه في باب هل تنبش قبور المشركين؟ في كتاب الصلاة".

نعم تقدم الحديث.

طالب:..........

ما الإشكال؟

طالب:..........

للمصلحة العامة يجب عليه إذا توقفت مصلحة المسلمين على شيءٍ فيه مصلحة خاصة لأحدٍ منهم، ما المانع؟

طالب:.........

نعم، لكن إذا كانت القيمة غير مناسبة فلا بُد أن تكون مناسبة للطرفين، الظلم ضرر يُزال.

"بَابٌ: كَمْ يَجُوزُ الخِيَارُ.

 حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ المُتَبَايِعَيْنِ بِالخِيَارِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونُ البَيْعُ خِيَارًا» قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ.

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا».

 وَزَادَ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَالَ: قَالَ هَمَّامٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي التَّيَّاحِ، فَقَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي الخَلِيلِ، لَمَّا حَدَّثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحَارِثِ بِهَذَا الحَدِيثِ".

كان فيه كلام لابن حجر يرد على الكرماني.

يقول –رحمه الله تعالى-: "كَمْ يَجُوزُ الخِيَارُ؟" كم يجوز يعني من المدة، وأيضًا المكان الذي يحصل فيه العقد، وما يُسمى خيار المجلس، وهو الذي ورد النص عليه في حديث الباب.

قال: "حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ المُتَبَايِعَيْنِ بِالخِيَارِ» «المُتَبَايِعَيْنِ» البائع والمشتري «بِالخِيَارِ» لكل واحد منهما أن يختار إما إمضاء البيع أو فسخه.

«بِالخِيَارِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» يعني: من المكان الذي حصل فيه العقد، هذا يُسمى خيار المجلس، ما داما في المجلس لكل واحدٍ منهما أن يفسخ، لكن إذا تفرقا، فارق كل واحدٍ منهما صاحبه ثبت البيع ولزمه.    

«أَوْ يَكُونُ البَيْعُ خِيَارًا» يعني في مدةٍ معلومة، لك الخيار ثلاثة أيام، أربعة أيام، شهر، أقل أو أكثر.

"قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ"؛ من أجل أن يثبت البيع.

وقد جاء النهي عن ذلك، جاء عن النبي –عليه الصلاة والسلام- أنه قال للمتبايعين: «وَلَا يُفَارِقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ» ولعله ما بلغ عبد الله بن عمر.

قال: "حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا»" وهذا مثل ما تقدم في خيار المجلس، وأكثر أهل العلم على ثبوته للمتبايعين ما داما في المجلس.

وعند الحنفية والمالكية قال به مالك: أنه المراد ما لم يتفرقا بالكلام ما هو بالمجلس، ولا شك أن هذا إلغاءٌ للحديث؛ لأنه إذا لم يتفرقا بالكلام حصل الإيجاب والقبول ما حصل بيع أصلًا، ما بعد انعقد البيع فكيف يكون خيارًا؟!

وهذا ما يُستكثر على مالك -رضي الله عنه- حتى قال ابن أبي ذئب: ينبغي أن يُستتاب مالك، يعني يروي هذا الحديث الصحيح الصريح عن النبي –عليه الصلاة والسلام- ولا يقول به؛ لأن قولهم بالكلام لغو، ما له قيمة، ليس له قيمة، معناه: إذا لم يتفرقا بالكلام يحصل إيجاب وقبول ما فيه عقد أصلاً، فكيف نُثبت الخيار قبل أن يتفرقا بالكلام؟   

"قَالَ: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا» وَزَادَ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَالَ: قَالَ هَمَّامٌ".

طالب:.........

يعني في ثلاثة مواضع، ولعل هذا واحد منها.

"قَالَ: قَالَ هَمَّامٌ" وهناك قال: حدثنا همام.  أين هو؟ ليس في التحديث عن همام.

طالب:.........

سيأتي كلام الشارح.

طالب:.........

نعم نفس الحديث.

"حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَزَادَ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَالَ: قَالَ هَمَّامٌ". في كلام الكرماني أنه في صيغة التحديث الطريق طريق التحمل السماع من لفظه، وقال: لعله سمعه لا من باب التحديث، لكن من باب المذاكرة، وهذا الكلام ليس بصحيح، ما فيه ما يدل على أن قال للتحمل بها عن طريق المذاكرة، والبخاري روى بعض الأحاديث بحدثنا، وفي موضعٍ بقال، مما يدل على أن قال لا تختص بالمذاكرة، بل تُذكر في مجال التحديث، وكان الحافظ ابن حجر يُبدي سببًا للتفريق بين الموضع الأول والثاني أنه لما كانت الرواية بصدد حديثٍ مرفوع إلى النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: حدثنا، ثم لما صارت نقلاً لكلام همام وليس من المرفوع، قال: قال همام.     

"وَزَادَ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَالَ: قَالَ هَمَّامٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي التَّيَّاحِ، فَقَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي الخَلِيلِ، لَمَّا حَدَّثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحَارِثِ بِهَذَا الحَدِيثِ".

"باب كم يجوز الخيار"، وهو اسمٌ من الاختيار، وهو طلب خير الأمرين: إمضاء البيع أو فسخه، أو من التخيير.

قوله: "صدقة" بالمفتوحات الثلاث، مر في باب العلم بالليل، ولفظ «أَوْ يَكُونُ» بالنصب؛ لأن أو بمعنى إلا أن، وإنما كان ابن عمر يفارق ليلزمه العقد".

نعم، يلزم العقد وما بلغه النهي- رضي الله عنه وأرضاه-.

"قوله: "بهز" بفتح الموحدة وسكون الهاء وبالزاي ابن أسد، مر في باب الغُسل بالصاع، "همام" هو ابن يحيى.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتاب (الجرح والتعديل) بهزٌ يروي عن همام، وروى عنه أحمد بن حنبل".

هذا يدل على أن المراد بأحمد المهمل هنا هو أحمد بن حنبل، فهو مذكور في صحيح البخاري في ثلاثة مواضع.

نعم.

طالب:..........

لكن لو هناك داعٍ للقيام ما فيه إشكال، لكن بهذه النية.

طالب:..........

هذا يَرد عليه الحديث، لكن لو كان بحاجة مثلًا/ عنده ظرف طارئ يحتاج إلى مبادرة ومسارعة، ويحتاج إلى دورة مياه أو شيءٍ من هذا ما يَرد عليه الحديث.

"بَابُ إِذَا لَمْ يُوَقِّتْ فِي الخِيَارِ، هَلْ يَجُوزُ البَيْعُ؟

 حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ» وَرُبَّمَا قَالَ: «أَوْ يَكُونُ بَيْعَ خِيَارٍ»".

قال –رحمه الله-: "بَابُ إِذَا لَمْ يُوَقِّتْ فِي الخِيَارِ، هَلْ يَجُوزُ البَيْعُ؟" يعني ما حددوا مدة للخيار، ما اشترط أحدهما أن له مدة معينة يستخير فيها ويستشير إذا لم تُضرب مدة فتفرقا ثبت البيع.

قال: "حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ» " يعني مدة معينة.

"وَرُبَّمَا قَالَ: «أَوْ يَكُونُ بَيْعَ خِيَارٍ»" يعني: مشروط بمدةٍ معينة أو برضا فلان أو بإجازة فلان، المهم أنه يكون بيع خيار، أي معلق بشيء يمدها لاستشارة أحد.

"قوله: "إذا لم يوقت" فإن قلت: ما معنى هذه الترجمة؟ قلت: يعني إذا لم يوقِّت في بيع زمان الخيار بيومٍ أو نحوه هل يكون ذلك البيع لازمًا في تلك الحال أو جائزًا؟ ومعنى اللزوم أن لا يسعه الفسخ والجواز بضد ذلك".

هناك عقد لازم وعقد جائز، العقد اللازم الذي لا يجوز فسخه من طرفٍ واحد، والعقد الجائز الذي يفسخه طرفٌ ولو لم يرضَ الثاني.

"قوله: «البَيِّعَانِ» بكسر الياء المشددة، إطلاق البيِّع على المشتري إما تغليبًا وإما نظرًا إلى أن البيع لفظٌ مشتركٌ استُعمل في معنييه".

الحاكم أبو عبد الله يُعرف بابن البيِّع.

طالب:........

ابن البيِّع، وهو البيِّع هو المشتري، كما يُطلق على البائع أيضًا بأنهما بيِّعان.

"قوله: «اخْتَرْ» قال الرافعي: لو قال أحدهما لصاحبه: اختر، فقال الآخر: اخترت انقطع خيارهما جميعًا".

يعني وإن قال: أنا اخترت لزوم البيع انقطع الخيار خيار المجلس وخيار الشرط، قال: اخترت لزوم البيع، قال الثاني: كذلك، يعني معفي المجلس أسقطوا خيار المجلس كما أسقطوا خيار الشرط.

طالب:..........

ماذا فيه؟

طالب:.........

نعم الكتابة مثل اللفظ.

طالب: يعني هل فيها خيار؟

فيها خيار مجلس مثل اللفظ.

طالب:.........

اختار البيع ووقَّع، لكن مادام في المجلس فلا بُد.

طالب:.........

لا لا ما لم يتفرقا.

طالب:.........

والعقد سابق؟

طالب:.........

إذا كان العقد في مجلسٍ آخر أو بهاتف وتفرقوا وجاؤوا يوثقونه هذا التوثيق زيادة على القدر الملزم.

طالب:..........

إذا قام من مكانه سكَّر السماع وقام من مكانه خلاص انتهى، وفي هذا الحالة يُدينون، يعني لو قال: قمت وهو كاذب يُديَّن بينه وبين ربه.

طالب:.........

لا ما يكفي مثل انقطاع الكلام في المجلس.  

"قال الرافعي: لو قال أحدهما لصاحبه اختر، فقال الآخر: اخترت انقطع خيارهما جميعًا، وإن سكت لم ينقطع خياره، وينقطع خيار القائل في أصح الوجهين؛ لأن لفظ اختر رضًا منه باللزوم.

قوله: «أَوْ يَكُونُ» أي: إلا أن يكون، أي: هما بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن يتخايرا ولو قبل التفرق، وإلا أن يكون بيع شرط الخيار ولو بعد التفرق".

نعم، بيع الشرط لمدة معينة، هذا لا يلزم البيع إلا بعد انقضاء هذه المدة ولو تفرقوا.

"بَابٌ: البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا: وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَشُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَطَاوُوسٌ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ.

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، قال: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، قال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: قَتَادَةُ أَخْبَرَنِي، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا».

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «المُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلَّا بَيْعَ الخِيَارِ»".       

عادة الإمام البخاري –رحمه الله- أن يُكرر الحديث بطريقةٍ على غير أهل الفن مملة، كما كرر حديث «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ»؟ في أماكن متقاربة، لكن عادته جرت بذلك؛ ليستنبط منه أحكامًا متعددة، ويترجم لكل حكم بترجمةٍ خاصة.

قال –رحمه الله-: "بَابٌ: البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا" قد يقول قائل: ما الفائدة من هذه الترجمة هذا لفظ الحديث "بَابٌ: البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا: وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَشُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ"؟

 ليُبين أن أهل العلم المذكورين عملوا بهذا الحديث على ظاهره، على ما يظهر منه، ومعهم أئمة كبار، مثل: أحمد، والشافعي، وعلماء كثيرون، حملوه على ظاهره، وأن التفرق بالأبدان...

قال: "حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، قال: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، قال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: قَتَادَةُ أَخْبَرَنِي، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا»" صدق كل واحدٍ منهما الآخر في إعطاء الثمن الحقيقي، ولم يُلبِّس أحدهما على الآخر، وصدقا في بيان العيوب، وصدق المشتري في بيان المحاسن بيانًا، البائع يُبين العيوب، وأحيانًا يكتم، والمشتري أحيانًا يطَّلع على شيء له وقع في الثمن في هذه السلعة، وصاحبها لا يعرفه، صاحب السلعة لا يعرف هذا.

تأتي إلى صاحب مكتبة وتجد عنده كتابًا، وقد سأل عنه كم يستحق؟ فقيل: ألف ريال، وضع عليه ألفًا، هذه قيمته لو كان ورقه عاديًّا، لكن المشتري صاحب خبرة يعرف الفرق بين الورق الأصفر والورق الجيد، والورق الرديء، والكتان وغيره، وبعض النُّسخ قيمتها خمسة أضعاف، إذا سأل بالتليفون جاءنا كتاب كذا وكم يساوي؟ قالوا: يساوي ألفًا، وهو في حقيقته يساوي ثلاثة آلاف، المشتري يعرف صاحب خبرة، وصاحب المحل لا خبرة له، مستجد في هذا الباب لا بُد أن يصدق؛ ليُبارك له فيه.

«فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا»، نسأل الله العافية.

يُذكر أن اثنين من الشباب مرا على أعرابيٍّ عنده إبل، فإذا عنده حاشٍ من الإبل الصغير يعني، فقالا له: كم تبيع هذا الحاشي؟ قال: سمه، قالوا: ثلاثة آلاف، ولو كان عاديًا كان بألف، ألف ومائتين، صغير، انتَبه ما أعطوه ثلاثة آلاف إلا أن هناك ميزة، قال: لا كيف ثلاثة آلاف؟ قالوا: خمسة، قال: لا، ما هو للبيع، قالوا: عشرة، وصلوا إلى مبلغ خيالي ما ذكروا مليونًا أو كذا، كتبوا له الشيك وتفرقوا؛ حتى ما يرجع، ورجعوا إليه قالوا: أنت مسكين لو قلت لنا: بخمسة ملايين نحن سنشتري، قال: لو أنتم مُصرون على الثلاثة ما ذهبتم إلا به ثلاثة آلاف؛ لأن السلع تختلف طلعت هذه المزاين وغيرت الموازين مزاين الإبل.

وأما الكتب فلا شك أن الفوارق حقيقية، يعني تنظر في كتاب ورقه كتان كأنه مطبوع اليوم من مائتي سنة، بينما الورق العادي تالف، ليس بسبب الاستعمال ولا غيره؛ إنما لقوة الورق ومتانته، يأتيك واحد خبير بالكتب ويشتري هذا الكتاب بقيمة الورق الرديء وهو يستحق أضعافًا مضاعفة، هذا لا بُد من بيانه، ليدخل في هذا الوعد لا بُد من بيان مثل هذا.

«فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا».

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «المُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلَّا بَيْعَ الخِيَارِ»" مالك روى الحديث ولم يقل به حقيقةً، خرَّجه في الموطأ؛ ولذا قال ابن أبي ذئب ما قاله: من أنه ينبغي أن يُستتاب مالك؛ لأنه روى الحديث، ولا مفر من قبوله والعمل به.

"قوله: "شريح" بضم المعجمة وفتح الراء وسكون التحتانية وبالمهملة القاضي في زمان عمر -رضي الله عنه- مر في باب الاغتسال إذا أسلم في المسجد".

وأخباره في هذا الباب في القضاء والذكاء مشهورة وفي (أخبار القضاة) لوكيع شيءٌ من ذلك كثير.

"وعبد الله "ابن أبي مليكة" مُصغر الملكة في باب خوف المؤمن".

يعني مر في باب خوف المؤمن أن يحبط عمله.

أدركت ثلاثين -يقول ابن أبي مليكة –: أدركت ثلاثين -يعني من الصحابة- كلهم يخاف النفاق على نفسه في باب خوف المؤمن أن يحبط عمله.

طالب:.........

كلٌّ يخاف مادام الروح في الجسد كلٌّ يخاف، وفي الأثر: ما خافه إلا مؤمن، وما أمِنه إلا منافق.

"قوله: "إسحاق" قال الغساني: لم أجد إسحاق هذا منسوبًا عند أحدٍ من رواة الجامع، ولعله إسحاق بن منصور، فقد روى مسلم في صحيحه عنه عن حبان بن هلال.

قوله: "حبان" بفتح المهملة وشدة الموحدة وبالنون مر في باب فضل صلاة الفجر"

وسيأتي ذكر حبان بن منقذ في باب من يُخدع في البيوع.

"قوله: «فَإِنْ صَدَقَا» يعني فإن صدق البائع في صفة المبيع من العيب ونحوه، وكذا المشتري في عوضه «بُورِكَ» أي: كثر نفعهما، وإن كتما عيب متاعهما وكذبا فيه أُزيلت بركة بيعهما، وفيه إشعار بأن علة شريعة خيار المجلس".

علة شرعية.

"علة شرعية خيار المجلس تحري المتبايعين الوقوف على عيب متاعه وعلى ما هو عوضه منه؛ ولهذا عقَّبه به.

قوله: «إِلَّا بَيْعَ الخِيَارِ» فيه ثلاثة أقوالٍ أصحها: أنه استثناءٌ من أصل الحكم أي: هما بالخيار إلا بيعًا جرى فيه التخاير، وهو اختيار إمضاء العقد، فإن العقد يلزم به، وإن لم يتفرقا بعد".

يعني إذا أسقطا خيار المجلي، ويُقابله إذا اشترطا مدةً زائدة على المجلس.

"والثاني: أن الاستثناء من مفهوم الغاية أي: أنهما بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيعًا شُرِط فيه خيار يوم مثلاً، فإن الخيار باقٍ بعد التفرق إلى مضي الأجل المشروط.

والثالث: أن معناه إلا البيع الذي شُرِط فيه أن لا خيار لهما في المجلس فيلزم البيع بنفس العقد، ولا يكون فيه خيارٌ أصلاً، وهذا تأويل من يُصحح البيع على هذا الوجه، وهو باطلٌ عند الشافعية.

قال الرافعي: والاستثناء على هذا التأويل من لفظ بالخيار.

قال: الخطابي: الحديث رواه مالك، ولم يقل بخيار المجلس، فروايته حجةٌ عليه، ورأيه متروكٌ له".

نقف.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.