كتاب الحيض (11)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب عرق الاستحاضة
حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا معنٌ، قال: حدثني ابن أبي ذئبٍ عن ابن شهاب عن عروة وعن عمرة عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فأمرها أن تغتسل، فقال: «هذا عرقٌ» فكانت تغتسل لكل صلاة".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،
فيقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب عرق الاستحاضة.
الاستحاضة دمٌ يخرج من أدنى الرحم من عِرق، كما أن الحيض دمٌ يخرج من قعر الرحم من عرق أيضًا، وعرق الاستحاضة في أدنى الرحم، وعرق الحيض في قعر الرحم، في أقصاه، والعِرْق بكسر العين وإسكان الراء، وبدن الإنسان والحيوان فيه عروقٌ كثيرة تجري فيها الدماء، ويجري منها الشيطان مجرى الدم، كما جاء في الحديث الصحيح. هذا العِرق الذي في أدنى الرحم يخرج منه دم في أوقاتٍ متفاوتة، متباينة، يقل ويكثر، وتطول مدته وتقصر، بخلاف الحيض الذي هو في الغالب منتظم، في وقتٍ معين من الشهر يبدأ، وينتهي، وقد يتداخل الدمان، فيخرج منها دم الحيض ودم الاستحاضة في وقتٍ واحد، في وقت واحد، وهذا لونه مستقل، وهذا لونه مستقل، هذا عند التمييز، التي تميز فيه المرأة بين دم الحيض ودم الاستحاضة.
فتؤمر بالجلوس بترك الصلاة الصيام والصلاة إذا تميَّز لون دم الحيض عن دم الاستحاضة، في وقت هذا الدم المتميز، من بدايته إلى نهايته. فإذا ذهبت حيضتها اغتسلت، اغتسلت وصلت، كما سيأتي في الأحاديث. إذا اجتمع الدمان ولم يتميز أحدهما من الآخر، فتمكث المرأة أيام حيضها، عددَ ما كانت تحيض، وفي وقت ما كانت تحيض قبل الاستحاضة، هذا إذا لم يتميز، وإذا حصل التمييز فالحكم له، ومنهم من يُقدِّم العادة على التمييز، كالحنابلة، تقديم التمييز على الاستحاضة، هذا هو مذهب الشافعية وجمع من أهل العلم، وهو أضبط وأقرب إلى الواقع، أقرب إلى الواقع؛ لأنها إذا ميزت الدم من الآخر عرفت أن هذا حيض، وهذه استحاضة، أما كونها تعمل بالمدة والأيام فهذا ما يتبين فيه الفرق بين الحيض والاستحاضة بدقة مثل التمييز.
طالب:...
أحيانًا ما تنضبط العادة، أحيانًا ما تنضبط العادة، فالتمييز لا شك أنه أضبط. وفيه من أدلة الصحيح ما يدل عليه.
طالب:...
لكن المعروف عندهم هو هذا.
يقول -رحمه الله-: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا معنٌ، معن ابن؟
طالب:...
معن بن عيسى القزاز راوي إيش؟ الموطأ، راوي الموطأ، أحد رواة الموطأ المشهورين، السبعة عشر.
ويوجد ما يسمى موطأ المهدي، وله شأن عند أهل المغرب، موطأ الإمام المهدي، وهذا اقتنيته قريبًا طبع الجزائر سنة تسعة وعشرين وثلاثمائة وألف، قبل مائة وعشرة سنين، مطبوع بالجزائر في جزئين صغيرين، ولهم به عناية، ويسمونه الإمام المهدي، وقد يقولون: المعصوم، قد يقولون: المعصوم؛ لأنه خرج بفتنة وطُبع عليها، المهدي بن تومرت، وله عقيدة مطبوعة، له عقيدة مطبوعة في مصر قبل مائة سنة، وقرأت فيها، وليس فيها ما يدل على بدعةٍ مخرجة من الملة، لكن يذكرون في ترجمته أنه ادعى المهدية، وقد يُذكر في ترجمته أنه ادعى النبوة، والله أعلم، ولذلك يقولون: المعصوم، وموطؤه عبارة عن موطأ يحيى بن يحيى مع الاختصار، حذف بعض الأبواب، وتقديم وتأخير، وحذف بعض الأسانيد إن لم تكن جميع الأسانيد؛ لأني ما استكملت الكتاب، وفيه زيادة تراجم، والكتاب فيه عناية ترتيب.
طالب:...
على الموطأ، على الموطأ، الذي جعلنا نذكره ونتكلم عنه مرور معن بن عيسى القزاز راوي الموطأ، وأشهر الرواة يحيى بن يحيى هي أشهر الرواة.
طالب:...
لا لا، مما طبع رواية محمد بن الحسن، ورواية ..
طالب:...
أربع وخمس، المقصود أن سبعة عشر رواية مشهورة، وقد روى الموطأ عن الإمام مالك جمع غفير من الرواة.
قال: حدثني ابن أبي ذئب الإمام المشهور، عن ابن شهاب محمد بن مسلم الإمام الحافظ المعروف، عن عروة بن الزبير وعن عمرة، فابن شهاب يروي الحديث من طريقين عن عروة، وعن عمرة بنت عبد الرحمن عن أم المؤمنين عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين، أم حبيبة ليست أم المؤمنين رملة لا، بنت جحش، أخت زينب أم المؤمنين وأخت حمنة، وبنات جحش مبتليات بالاستحاضة، والنزيف، استحيضت سبع سنين، فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمرها أن تغتسل، منهم من قال: إن هذه أم حبيبة هي زينب، وحمنة اسمها زينب، أم حبيبة اسمها زينب، وأم المؤمنين اسمها زينب، وحمنة اسمها زينب، هذه اشتهرت بالكنية، وأم المؤمنين اشتهرت بالاسم وحمنة اشتهرت باللقب، كلهم زيانب الثلاث، وهذا ..
طالب:...
نعم، لكن هذا ما فيه ما يدل عليه، استحيضت سبع سنين، تصور امرأة فيها نزيف سبع سنين؟ فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، يعني ماذا تصنع في عبادتها؟ رأس مالها دينها، وعموده الصلاة، سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فأمرها أن تغتسل، فقال: «هذا عرقٌ» فكانت تغتسل لكل صلاة. أمرها أن تغتسل، فهمت من هذا الأمر واجتهادًا منها كانت تغتسل كل صلاة، هل يفيد الأمر أن تغتسل لكل صلاة؟ يقول: فكانت تغتسل لكل صلاة، الأمر النبوي أن تغتسل، فهمت أن هذا الأمر أن تغتسل لكل صلاة، ومنهم من يقول: إنها امتثلت الأمر المفيد أنها تغتسل لكل صلاة.
وعلى كل حال سيأتي ما يعارضه من الأمر بالوضوء «توضئي لكل صلاة»، وأما الاغتسال فهو لوقت ذهاب حيضها، سواء كان في وقته أو في لونه ورائحته، تغتسل، والوضوء لكل صلاة، ومنهم من يحمل الأمر هنا على الاستحباب، الأمر هنا على الاستحباب، لا على الوجوب وأما الوضوء فهو وجوب.
يقول في موطأ الإمام مالك يقول: حدثني يحيى عن مالك، من القائل حدثني؟
طالب:...
الراوي عنه، الراوي عنه، لكن إذا كان بين الكتاب أو راوي الكتاب والإمام مالك يحيى فمن المؤلِّف؟ من المؤِّلف للكتاب؟ فهذه صارت مشكلة، مسند الإمام أحمد، حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبي، كل مؤلفات المتقدمين على هذه الطريقة، وعلى هذا الأسلوب، يُذَكر الراوي في صلب الكتاب ومن روى عنه، ويبقى الكتاب لمؤلفه، وأنا تكلمتُ ووسَّعت الكلام في هذه المسألة في بداية شرح الموطأ، من يريد أن يستوعبها يراجعه هناك؛ لأنه وُجِد من يقول، بل ألَّف إصلاح أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي: الأم ليست للإمام الشافعي، الأم ليست للإمام الشافعي، ما معنى يقول قال الربيع، ثم يروي عن الشافعي، ويكون من تأليف الإمام الشافعي؟ هل الشافعي يقول: قال الربيع؟ هل مالك يقول: حدثنا يحيى؟ هل الإمام أحمد في مسنده يقول: حدثنا عبد الله؟
من لا يعرف إلا طرائق المتأخرين في التصنيف يقول مثل هذا الكلام؛ لجهله بطرائق المتقدمين، ولذلك ألف زكي مبارك، ولا علاقة له بالعلم لا من قبيل ولا من دبير يؤلف: أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي: الأم ليست للإمام الشافعي، إذًا المسند ليس للإمام أحمد، والموطأ ليس للإمام مالك، وغيرها من كتب المتقدمين على هذه الطريقة، حتى كتب الأدب التي تروى بالأسانيد كلها بهذه الطريقة عند المتقدمين.
يقول: حدثني يحيى عن مالك، من القائل حدثني؟ يقوله الراوي عن يحيى، بعض المجتهدين من المحققين؛ خشية أن يوجد مثل هذا اللبس يحذف يحيى، ويحذف عبد الله، وحدثنا أبي يحذفها، مباشرة عن شيخ الإمام أحمد، وهذا ما صنعه الشيخ أحمد شاكر في المسند، ولم يُصِب، لم يُصب -رحمة الله عليه-، الكتاب بقي ألفًا ومئتي سنة على هذه الطريقة، ثم نرضي زكي مبارك ومن شابهه فنقول نحذف، لماذا تكلم؟ لا بد أن يُربَّى طلاب العلم على فهم طرائق من سلف، الله المستعان.
رواية أبي مصعب الزهري فيها زيادات طُبِعَت أخيرًا، وموطأ ابن زياد مطبوع، وموطأ من.. محمد بن الحسن ذكرته أول شيء، محمد بن الحسن نعم.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
ما أدري. ما أدري والله أنا شفت قطعة من الموطأ مطبوعة بأوربا، ما أدري رواية من.. دار الغرب طبعة ابن زياد.
طالب:........
لا لا، ابن زياد طبعته..
طالب:...
ممكن، فوق كل ذي علم عليم، وحفظنا ونسينا وجمعنا وغفلنا، خلاص.
المقصود أن موطأ محمد بن الحسن أدخل فيه كثيرًا من فقهياته، واختياراته، والأصل مالك، والراوي محمد بن الحسن حنفي، وأدخل فيه بعض اختياراته، وشرحه الدهلوي في كتاب أسماه: المُسوَّى شرح الموطأ، وأضاف إليه مذهب الشافعي، فلم يبق من المذاهب إلا أحمد، وأشرتُ على بعض الطلاب، طلابنا النابهين بأن يحقق الكتاب، ويضيف مذهب أحمد، وحققه قسم العبادات النصف الأول، وأضاف إليه مذهب أحمد في رسالة دكتوراة يمكن أن تصير خمسة مجلدات في عمل جيد، اطلعت على بعضه، فطالب العلم الذي تكون عنده هذه الهمة، وهذه العناية، نحن قرأناه في المسجد مدة طويلة، المسوى، وأضفنا إليه مذهب أحمد، بتوسع....
طالب:........
الله يصلحك! حضرت يا أبا عبد الله؟ بقراءة أحمد الطويان؟
طالب:...
لا، بالمسجد. يعني طالب العلم الذي ينتبه لهذه الأمور، عندك ثلاثة مذاهب جاهزة، وتضيف رابعًا، وعرفت هذا المذهب وذاك، ومن أخذ هذا وجاء بدليل لهذا.. فقه مقارن وأنت مرتاح، والطريق معبَّد أمامك ومنور، ما بقى عليك إلا أن تضع خطواتك عليه فقط، عمل واضح ومن أفضل ما يكتب في الرسائل العلمية. وهو من أمامك أمامك قدوة الإمام مالك نجم السنن، ومحمد بن الحسن إمام صاحب أبي حنيفة، والدهلوي أضاف مذهب الشافعي، وعليك أن تتأكد؛ لأن الدهلوي ليس بشافعي، إذا كنت تتأكد من نسبة المذهب للشافعي مع الحنبلي وتمشي الأمور.
فمثل هذه الأعمال تربي طلاب العلم، الآن لو أن شخصًا- ما نستطرد ونطول ويروح درس- لو مسك واحد الإفصاح لابن هبيرة، وفيه المذاهب الأربعة، وهو مختصر، ثم بعد ذلك أخذ يتأكد من نسبة المذاهب، ويعزوها إلى أربابها أصحاب المذاهب، ويستدل لهذه المسائل باختصار، لا ينتهي من الكتاب إلا وعنده حصيلة علمية وفقه متين مبني على أسس وقواعد، يستفيد.
طالب:...
لا، أنا أريد كل طالب يشتغل لنفسه، كل طالب، وإلا فكتب المذاهب والخلاف موجودة.
فكانت تغتسل لكل صلاة، اقرأ.
"قال الحافظ -رحمه الله-: باب عرق الاستحاضة بكسر العين وإسكان الراء وقد تقدَّم بيانه في باب الاستحاضة.
قوله: وعن عمرة يعني كلاهما عن عائشة كذا للأكثر، وفي رواية أبي الوقت وابن عساكر بحذف الواو، فصار من رواية عروة عن عمرة، وكذا ذكر الإسماعيلي أن أحمد بن الحسن الصوفي حدثهم به عن خلف بن ثابت عن معن، والمحفوظ إثبات الواو، وأن الزهري رواه عن شيخين عروة وعمرة، كلاهما عن عائشة، وكذا أخرجه الإسماعيلي وغيره من طرق عن ابن أبي ذئبٍ، وكذا أخرجه مسلم من طريق عمرو بن الحارث وأبي داود من طريق الأوزاعي".
وأبو. وأبو داود.
"وكذا أخرجه مسلم من طريق عمرو بن حارث وأبو داود من طريق الأوزاعي كلاهما عن الزهري عنهما، وأخرجه مسلم أيضًا من طريق الليث عن الزهري عن عروة وحده، ومسلم أيضًا من طريق إبراهيم بن سعد، وأبو داود من طريق يونس، كلاهما عن الزهري عن عمرة وحدها، قال الدارقطني: هو صحيح من رواية الزهري عن عروة وعمرة جميعًا. قوله: أن أم حبيبة هي بنت جحش أخت زينب أم المؤمنين، وهي مشهورة بكنيتها، وقد قيل اسمها حبيبة وكنيتها أم حبيب بغير هاء قاله الواقدي، وتبعه الحربي ورجحه الدارقطني، والمشهور في الروايات الصحيحة أم حبيبة بإثبات الهاء، وكانت زوج عبد الرحمن بن عوف، كما ثبت عند مسلم من رواية عمرو بن الحارث، ووقع في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة أن زينب بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف كانت تستحاض. الحديث، فقيل هو وهم، وقيل: بل صواب، وأن اسمها زينب، وكنيتها أم حبيبة، وأما كون اسم أختها أم المؤمنين زينب فإنه لم يكن اسمها الأصلي، وإنما كان اسمها برَّة فغيره النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وفي أسباب النزول للواحدي أن تغيير اسمها كان بعد أن تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلعله -صلى الله عليه وسلم- سماها باسم أختها؛ لكون أختها غلبت عليها الكنية فأُمِنَ اللبس، ولهما أخت أخرى اسمها حمنة بفتح المهملة وسكون الميم بعدها نون وهي إحدى المستحاضات كما تقدَّم، وتعسف بعض المالكية فزعم أن اسم كلٍ من بنات جحش زينب قال: فأما أم المؤمنين فاشتهرت باسمها، وأما أم حبيبة فاشتهرت بكنيتها، وأما حمنة فاشتهرت بلقبها، ولم يأت بدليل على دعواه بأن حمنة لقب. ولم ينفرد الموطأ بتسمية أم حبيبة زينب، فقد روى أبو داود الطيالسي في مسنده عن ابن أبي ذئب حديث الباب فقال: إن زينب بنت جحش. وقد تقدم توجيهه.
قوله: استحيضت سبع سنين قيل فيه حجة لابن القاسم في إسقاطه عن المستحاضة قضاء الصلاة إذا تركتها ظانة أن ذلك حيض؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يأمرها بالإعادة مع طول المدة، ويحتمل أن يكون المراد بقولها: سبع سنين بيان مدة استحاضتها مع قطع النظر هل كانت المدة كلها قبل السؤال أو لا، فلا يكون فيه حجة لما ذُكِر.
قوله: فأمرها أن تغتسل. زاد الإسماعيلي: وتصلي. ولمسلم نحوه، وهذا الأمر بالاغتسال مطلق فلا يدل على التكرار، فلعلها فهمت طلب ذلك منها بقرينة؛ فلهذا كانت تغتسل لكل صلاة، وقال الشافعي: إنما أمرها -صلى الله عليه وسلم- أن تغتسل وتصلي، وإنما كانت تغتسل لكل صلاة تطوعًا، وكذا قال الليث بن سعد في روايته عند مسلم: لم يذكر ابن شهاب أنه -صلى الله عليه وسلم- أمرها أن تغتسل لكل صلاة، ولكنه شيء فعلته هي. وإلى هذا ذهب الجمهور، قالوا: لا يجب على المستحاضة الغسل لكل صلاة، إلا المتحيرة، لكن يجب عليها الوضوء. ويؤيده ما رواه أبو داود من طريق عكرمة أن أم حبيبة استحيضت فأمرها- صلى الله عليه وسلم- أن تنتظر أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي، فإذا رأت شيئًا من ذلك توضأت وصلت.
واستدل المهلبي بقوله لها: «هذا عرق» على أنه لم يوجب عليها الغسل لكل صلاة؛ لأن دم العرق لا يوجب غسلاً. وأما ما وقع عند أبي داود من رواية سليمان بن كثير وابن إسحاق عن الزهري في هذا الحديث".
دم العرق لا يوجب غسلاً، لو حصل لإنسان ذكرًا كان أو أنثى أن جُرِح، فوافق الجرح عرقًا فانهمر منه الدم، هل يجب عليه أن يغتسل؟ لا، لا يوجب؛ لأنه دم عرق لا يوجب غسلًا، لهذا السبب، وإلا فدم الحيض دم عرقٍ وهو موجب للغسل، فالوصف أو تخصيصه بدم العرق ليس هو السبب في إيجاب الغسل كما أشار إليه الشارح -رحمه الله-، فقال: «هذا عرق» فأمرها أن تغتسل فقال: «هذا عرق» فكانت تغتسل لكل صلاة، يقول الشارح -رحمه الله- ...
طالب:........
استدل المهلبي بقوله لها: «هذا عرق» على أنه لم يوجب عليها غسلاً لكل صلاة؛ لأن دم العرق لا يوجب غسلاً، تعليل فقال: هذا عرق، فأمرها أن تغتسل، لكن هل هذا الأمر يقضي التكرار أو لا يقتضي؟ هل يقتضي التكرار أو لا يقتضي؟ يتأدى هذا الأمر بمرة واحدة، هذا الأصل في الأمر إلا إذا اقترن به ما يدل على ذلك نحو كلما أو ما أشبه ذلك من القرائن الدالة على التكرار، ومنهم من يرى أن الأصل في أصله يدل على التكرار، ولعلها فهمت ذلك فكانت تغتسل لكل صلاة.
وأما...
"وأما ما وقع عند أبي داود من رواية سليمان بن كثير وابن إسحاق عن الزهري في هذا الحديث فأمرها بالغسل لكل صلاة فقد طعن الحفاظ في هذه الزيادة".
الحُفَّاظ، طعن الحُفَّاظ. الحُفاظ صحيح عندك، عندك صحيح. لأنه عندنا: وقد طعن الحافظ. الذي يقرأ تمر به مثل هذه اللفظة ...
طالب:...
لا لا لا لا، هو ما فيه حافظ إلا ابن حجر؟
ورد في شرح مسلم قال الحافظ، وأشكل كثيرًا، ثم رجعت كم صفحة، وإذا به ينقل عن ابن عساكر، فمقصوده ابن عساكر، أنا لما قرأت هذا الكلام قلت: ابن عساكر جاء ذكره هنا أم؟ ثم تبين لي أن صوابها، والآن سمعت التأكيد، الحفاظ، طعن الحفاظ في هذه الزيادة.
" فقد طعن الحفاظ في هذه الزيادة؛ لأن الأثبات من أصحاب الزهري لم يذكروها، وقد صرح الليث كما تقدم عند مسلم بأن الزهري لم يذكرها، لكن روى أبو داود من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زينب بنت أبي سلمة في هذه القصة: فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة. فيحمل الأمر على الندب جمعا بين الروايتين، هذه ورواية عكرمة، وقد حمله الخطابي على أنها كانت متحيرة، وفيه نظر؛ لما تقدم من رواية عكرمة أنه أمرها أن تنتظر أيام أقرائها".
فدل على أنها تعرف أيام أقرائها فليست بمتحيرة.
"ولمسلم من طريق عِراك بن مالك عن عروة في هذه القصة: فقال لها: «امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك»، ولأبي داود وغيره من طريق الأوزاعي وابن عيينة عن الزهري في حديث الباب نحوه، لكن استنكر أبو داود هذه الزيادة في حديث الزهري، وأجاب بعض من زعم أنها كانت غيرُ مميزة".
غيرَ.
"بأنها كانت غيرَ مميزة بأن قوله: فأمرها أن تغتسل لكل صلاة، أي من الدم الذي أصابها; لأنه من إزالة النجاسة وهي شرط في صحة الصلاة. وقال الطحاوي: حديث أم حبيبة منسوخ بحديث فاطمة بنت أبي حبيش، أي لأن فيه الأمر بالوضوء لكل صلاة لا الغسل، والجمع بين الحديثين بحمل الأمر في حديث أم حبيبة على الندب أولى، والله أعلم".
العمل بالحديثين معًا.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
وأجاب بعض من زعم أن...
طالب:...
نعم.
طالب:........
يعني أجاب عن الكلام السابق.
طالب:...
وأجاب بعض من زعم أنها كانت غير مميزة بأن قوله: فأمرها أن تغتسل أي من الدم الذي أصابها؛ لأنه من إزالة النجاسة، وهي شرط في صحة الصلاة، نعم.
طالب:...
لأنها كانت غيرَ مميزة، ماذا عندك؟ ما الطبعة التي معك؟
طالب:...
نعم غريبة.
وأجاب بعض من زعم أنها كانت غير مميزة بأن قوله: فأمرها أن تغتسل من الدم الذي أصابها يعني ليس بسبب خروج الدم، وإنما هذا الدم الذي خرج أصاب بدنها وثوبها فتغسل أصاب بدنها فتغتسل منه، لكن ليس هذا من باب الاغتسال، بل هو من باب الغسل، الدم الذي يصيب يُغسَل لا يُغتسل منه، فالكلام ما هو بصحيح.
طالب:...
نعم؛ لأنه كله دم، من هذا الباب.
طالب:...
وجوب الغسل لكل صلاة؟ واضح هذا؛ لأنه قال لها توضئي، توضئي لكل صلاة.
قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: " باب المرأة تحيض بعد الإفاضة.
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله، إن صفية بنت حُيي قد حاضت، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لعلها تحبسنا ألم تكن طافت معكن؟» فقالوا: بلى، قال: «فاخرجي».
حدثنا معلى بن أسد قال حدثنا وهيب عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: رُخِّص للحائض أن تنفر إذا حاضت، وكان ابن عمر يقول في أول أمره: إنها لا تنفر، ثم سمعته يقول: تنفر، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخَّص لهن".
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: باب المرأة تحيض بعد الإفاضة، ما الذي بقي عليها بعد الإفاضة من الأركان التي تشترط لها الطهارة؟
طالب:...
ما بقي شيء سوى طواف الوداع، سوى طواف الوداع، فهل يلزمها أن تطوف؟ أو تنتظر حتى تطهر كطواف الإفاضة؟ الحائض رخص لها في أن تنفر بغير طواف للوداع، رخِّص لها ذلك، ولما حاضت صفية بنت حيي زوج النبي -عليه الصلاة والسلام-، ظن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها تحبسهم، فقال ما قال في الصحيح، «عقرى حلقى، أحابستنا هي؟» فذُكِر أنها طافت للإفاضة فقال: «فلا إذًا» يعني لن تحبسنا إذًا. المرأة تحيض بعد الإفاضة هل يلزمها طواف الوداع أو لا يلزمها؟
حدثنا عبد الله بن يوسف التِنِّيسي وهو من رواة الموطأ أيضًا قال: أخبرنا مالك، هل يستطيع أن يقول: حدثنا مالك؟
طالب:...
لماذا؟ مالك لا يقرأ على أحد، ولا يحدث أحدًا، وإنما يُقرأ عليه. يعرضون عليه. وصيغة الأداء بالنسبة للعرض أخبرنا، أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة بنت عبد الرحمن السابقة، عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، شيخ البخاري تِنِّيسي يعني إيش؟ مصري صح؟
طالب:........
أليست تنيس عندكم؟
طالب:........
نعم، مصري، ومن مالك وما بعده كلهم مدنيون، وفي الإسناد ثلاثة من التابعين على نسق، ثلاثة من التابعين على نسق، وهم من بين مالك وعائشة، ويجتمع ثلاثة واثنان وهذا أكثر، ويجتمع أربعة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، وهذا أيضًا موجود، وقد يوجد خمسة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، ووجد ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، في إسناد واحد، وهذا نادر، لا يوجد إلا في إسناد واحد متعلق بفضل سورة الإخلاص، وهو عند النسائي، قالوا عنه: إنه أطول إسناد في الدنيا، وأفرده الخطيب البغدادي بمصنف، ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، في حديث يتعلق بفضل سورة الإخلاص، ولا يوجد سبعة، أطول شيء هذا.
ومن الأسانيد النازلة حديث زينب: «ويل للعرب من شر قد اقترب» هذا أنزل حديث في صحيح البخاري عشاري، أطول إسناد، وأنزل إسناد، وأعلى ما في البخاري الثلاثيات، كما هو معلوم.
طالب:...
عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه، تفنن أحيانًا ما يذكر، يهمل الاسم فيذكر بمفرده، وأحيانًا يذكر فيُنسَب إلى أبيه، يُذكَر فيُنسب إلى جده، يذكر فينسب إلى نسبته وقبيلته تفنن.
عن أبيه، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله، إن صفية بنت حيي بن أخطب اليهودي، سباها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم أعتقها وتزوجها.
قد حاضت يعني في حجة الوداع بعد أن أدت المناسك كلها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لعلها تحبسنا، ألم تكن طافت معكن؟» يخاطب عائشة، فقالوا: بلى، يعني معشر النساء، طافت معهم، فقالوا قال فقلن يعني النساء مع محارمهن، قال: «فاخرجي». الخطاب لمن؟ أصله لعائشة، الخطاب أصله لعائشة، ومعلوم أنها إذا خرجت واحدة خرج الجميع، إذا أُذن لواحدة أُذن للجميع، ولعله صار فيه التفات من المتحدَّث عنها وهي صفية، فلما تأكد النبي- عليه الصلاة والسلام- أنها طافت التفت إليها وقال: اخرجي، يعني مع أخواتك.
قال: حدثنا معلى بن أسد قال: حدثنا وهيب، وهو ابن خالد عن عبد الله بن طاوس بن كيسان عن أبيه عن ابن عباس قال: رُخِّص للحائض أن تنفر إذا حاضت، رُخِّص للحائض أن تنفر إذا حاضت.
وهذا مما يستدل به على أن طواف الوداع ليس بركن، ولو كان ركنًا لم يرخص فيه، وليس بمندوب؛ لأنه لو كان مندوبًا لم يحتج إلى ترخيص، المالكية ماذا يقولون؟ سنة عندهم، لكن السُّنَّة تحتاج إلى ترخيص؟ ما تحتاج إلى ترخيص، هذه قاعدة الجمهور في الواجبات، في الواجبات ما يرخص فيه فهو واجب؛ لأن الركن لا يقبل الترخيص، والسنة لا تحتاج إلى ترخيص. كلها حصل رخصة ليس بركن.
وكان ابن عمر يقول في أول أمره أنها لا تنفر، بناءً على أنه كطواف الإفاضة، ثم سمعته يقول: تنفر، ترجح عنده القول الآخر، وبلغته الرخصة من النبي -عليه الصلاة والسلام-، تنفر، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخَّص لهن. فيكون بلغه ذلك بعد أن كان لا يعلم به، أو أنه علم به فنسيه، ثم تذكره.
اقرأ.
قال الحافظ -رحمه الله- : "قوله: (باب المرأة تحيض بعد الإفاضة) أي هل تمنع من طواف الوداع أم لا.
قوله: (عن عمرة بنت عبد الرحمن) هي المذكورة في الإسناد الذي قبله، وهذا الإسناد -سوى شيخ البخاري- مدنيون، وفيه ثلاثة من التابعين في نسق، وهم من بين مالك وعائشة.
قوله: (إن صفية) أي زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قوله: (قالوا: بلى) أي النساء ومن معهن من المحارم.
قوله: «فاخرجي» كذا للأكثر بالإفراد خطابًا لصفية من باب العدول عن الغيبة، وهي قوله: «ألم تكن طافت؟» إلى الخطاب، أو هو خطاب لعائشة، أي فاخرجي فهي تخرج معك. وللمستملي والكشميهني: «فاخرجن»، وهو على وفق السياق، وسيأتي الكلام على هذا الحديث والذي بعده في كتاب الحج، إن شاء الله تعالى.
وقوله فيه: وكان ابن عمر هو مقول طاوس لا ابن عباس، وكذا قوله: ثم سمعته يقول: وكان ابن عمر يفتي بأنه يجب عليها أن تتأخر إلى أن تطهر من أجل طواف الوداع، ثم بلغته الرخصة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لهن في تركه فصار إليه، أو كان نسي ذلك فتذكره.
وفيه دليل على أن الحائض لا تطوف".
اللهم صل وسلم على محمد.