التعليق على الموافقات (1433) - 11

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طالب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

أما بعد، فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"المسألة العاشرة: لا يختص هذا البيان المذكور بالأحكام التكليفية؛ بل هو لازم أيضًا في الأحكام الراجعة إلى خطاب الوضع، فإن الأسباب والشروط والموانع والعزائم والرخص وسائر الأحكام المعلومة أحكام شرعية، لازم بيانها قولًا وعملًا، فإذا قُررت الأسباب قولًا، وعُمل على وفقها إذا انتهضت، حصل بيانها للناس، فإن قررت ثم لم تُعمل مع انتهاضها، كذب القول الفعل. وكذلك الشروط إذا انتهض السبب مع وجودها فأعمل، أو مع فقدانها فلم يُعمل، وافق القول الفعل، فإن عُكست القضية وقع الخلاف، فلم ينتهض القول بيانًا، وهكذا الموانع وغيرها. وقد أَعمل النبي مقتضى الرخصة في الإحلال من العمرة والإفطار في السفر، وأعمل الأسباب، ورتّب الأحكام حتى في نفسه، حين أقص من نفسه -عليه الصلاة والسلام-، وكذلك في غيره، والشواهد على هذا لا تُحصى، والشريعة كلها داخلة تحت هذه الجملة، والتنبيه كافٍ".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد.

أما بعد، فالمؤلف -رحمه الله تعالى- يقرر أن البيان لا يختص بالأحكام التكليفية، لا شك أن الواجب الأمر إذا ورد في خطاب الشرع مجملًا لا بد من بيانه، لا بد من بيانه وكشف إجماله وتفسيره بما يمكن معه امتثاله، إذا بقي مجملًا لا يمكن امتثاله حتى يُبين، والبيان وظيفته- عليه الصلاة والسلام-: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، هذه وظيفته، فلا بد من البيان، والأمر قد يأتي مجملًا، يحتمل الوجوب والاستحباب، ويحتمل الإباحة، والتهديد، وغيرها من المعاني التي تأتي لها صيغة الأمر، فلا بد من البيان؛ ليتمكن من العمل. وقل مثل هذا في الأحكام الوضعية، إذا وُضع شرط لا بد من بيانه، وُضع سبب لا بد من بيانه، من شرط الصلاة دخول الوقت، يكفي أن يقال: دخول الوقت شرط لصحة الصلاة؟

لا، بد من البيان، وقد جاء البيان بفعله وقوله -عليه الصلاة والسلام- في بدايات الأوقات ونهاياتها، وكذلك الأسباب، وقل مثل هذا في الرخص والعزائم والصحة والفساد والبطلان وغيرها من الأسباب التي تنطوي تحت اصطلاح خطاب الوضع.

قال: "وقد أعمل النبي مقتضى الرخصة في الإحلال من العمرة والإفطار في السفر"، مثل الإفطار في السفر، النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء عنه في السفر بالنسبة للصيام أنه صام، وجاء عنه أنه أفطر، وجاء عن الصحابة أنهم كانوا يسافرون معه، ومنهم الصائم ومنهم المفطر، لا يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، وأكد فطره بأن شرب- عليه الصلاة والسلام- أمام الملأ، وجاء مع صومه -عليه الصلاة والسلام- في السفر جاء قوله: «ليس من البر الصيام في السفر»، وهذا محمول على ما إذا وُجدت المشقة، أما إذا زادت المشقة جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- ما يدل على المنع المؤكد: «أولئك العصاة، أولئك العصاة». فمثل هذه الأمور لا بد من بيانها، ما يكفي أن يقال: رخص الرسول في كذا، إلا إذا كان اللفظ لا يحتاج إلى بيان، بيانه مجرد تلاوته، فمثل هذا أمره واضح، لكن إذا كان مجملًا يحتاج إلى بيان لا بد من بيان.

يقع الخلاف بين أهل العلم في بعض الأمور والعلامات التي وُضعت للعبادات، مثل شروط الصلاة ومواقيت الصلاة: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]، معنى دلوك الشمس؟

طالب: زوالها.

زوالها، لكن هل هذا متفق عليه بين أهل العلم؟ والمراد بالصلاة هنا؟ محمول على الظهر؟ نعم محمول على الظهر، لكن أي دليل يدل على هذا؟ قالوا: الدلوك يُستدل لتحديده من اللغة، وضح الزمخشري في الأساس معنى الدلوك، علماء قالوا هو الزوال، لكن ما علاقة الزوال باللفظ؟ قالوا: إن الناظر إلى الشمس في وقت زوالها تؤلمه عينه، فيضطر إلى دلكها؛ هذا بيان باللغة، لكن بُين بأحاديث مفسرة ما نحتاج إلى هذا الإجمال بُين بأحاديث، افترض أن النص لا يختلف فيها ليس الظهر ولا العصر، {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] ما فيه شك أنها الظهر أو العصر، يمكن يقال {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] المغرب أم العشاء؟ لا ما يمكن أن يقال، إلا إذا كان معنى الدلوك الغروب مثلًا، قد يقوله قائل مثل هذا، لكن اللغة لا تساعده. حديث عبد الله بن عمرو مفسِّر للمواقيت، حديث إمامة جبريل بالفعل مفسر للمواقيت، فمثل هذه جاء تفسيرها بالنصوص القولية والفعلية.

"وأعمل الأسباب ورتب الأحكام حتى في نفسه حين أقص من نفسه"، "حين أقص من نفسه، وكذلك في غيره"، القصاص ثابت بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم، لكن إذا كان القدوة والمشرع يطبق الحكم على نفسه فما فيه أقوى من هذا البيان المقتضي لسرعة الامتثال، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في قصة الحديبية حينما خرج إلى الناس بمشورة أم سلمة وحلق رأسه، خلاص بادر الناس بالحلق.

"وكذلك في غيره، والشواهد على هذا لا تحصى، والشريعة كلها داخلة تحت هذه الجملة، والتنبيه كافٍ"، يعني التنبيه ببعض الأمثلة يكفي، وإلا فالأصل أن هذا واضح لكل أحد؛ لأن وظيفته -عليه الصلاة والسلام- البيان.

طالب: أحسن الله إليك، "المسألة الحادية عشرة: بيان رسول الله بيان صحيح لا إشكال في صحته؛ لأنه لذلك بُعث، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، ولا خلاف فيه".

لكن هل لغيره أن يبين المجمل؟ لفظ مجمل بحثت ما وجدت للرسول -عليه الصلاة والسلام- بيانًا فيه، وجدت بيانًا من فعل الصحابة، هل يُعمل به أو لا يُعمل؟ جاء عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- الأمر بإعفاء اللحى، وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان كث اللحية، وتعرف قراءته باضطراب لحيته. يكفي هذا في البيان؟ أن اللحية لو وصلت إلى السرة أو تحت ذلك، يشملها هذا أو لا يشملها؟

طالب: يشملها.

نعم، «خالفوا المجوس». المقصود أنه حُفظ عن بعض الصحابة التصرف والأخذ من اللحية، هل نقول: إن فعل الصحابة بيان لقوله -عليه الصلاة والسلام-؟ أولًا هل هو في دائرة الإجمال أم بالبيان كلامه -عليه الصلاة والسلام-؟

طالب: بيِّن كلامُه.

بيِّن، وبينه بفعله، بينه -عليه الصلاة والسلام- بفعله، ما نحتاج إلى بيان أحد، مع أنه بينٌ في الأصل من قوله -عليه الصلاة والسلام-، وبينه بفعله، فإذا عُرفت القراءة باضطراب لحيته من خلفه، يعني أنه كث اللحية، وما هو بمسألة كثيرة جدًّا يعني، ومع ذلك حُفظ عن بعض الصحابة أنه أخذ من لحيته، فهل العبرة، هل نقول: إن هذا بيان نحتاج إليه واللفظ مجمل كما يقوله من يروج لهذا القول؟ أو نقول: إن الكلام كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام- بين، ولا نحتاج إلى قول أحد؟ ثم بعد ذلك إذا وجدنا من يخالف، المخالف له عذره كما بين شيخ الإسلام في رفع الملام عن الأئمة الأعلام، إذا حُفظ عن جمع من الصحابة أنهم أخذوا من لحاهم وأشهرهم ابن عمر، وهو فعله في الصحيح في النسك، وأنه كان يأخذ من لحيته ما زاد على القبضة، نقول: نعم، ابن عمر فهم من الآية، من آية الفتح: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27]، فإذا حلق رأسه وماذا بقي من التقصير؟ بقيت اللحية، ويظن أن هذا جمع، لا بد يجمع بين الأمرين؛ هذا فهمه للنص. وإذا قال من قال من الصحابة: لا يمكن أن يخالفوا قوله- عليه الصلاة والسلام- ولا فعله، نقول: نعم، لكن لا يلزم أن يكون بلغهم مثل ما بلغك بعد أن جُمعت السنة، وجمعت طرقها، وجمع جميع ما يتعلق بها، وإلا بعدُ روي عن بعض الصحابة أنه أجاز المتعة متعة النساء، نقول: هذا بيان؟

طالب: يُرد.

يُرد بلا شك، هذا لا يتردد أحد في رده، «واللهِ لا أوتى بناكح المتعة إلا جلدته الحد»، يقوله عمر، ويذكر عن فلان وفلان من الصحابة أنهم أجازوها، نحتاج أن نقول: هذا بيان؟ هذا ليس ببيان، هذا خفاء الدليل أو خفاء معناه أو غير ذلك من الأعذار التي ذكرها شيخ الإسلام للأئمة وغيرهم ممن خالف النص الصحيح.

طالب: أحسن الله إليك،.......

نعم.

طالب: .......

نعم، لكن قدم الآية، فهمه للآية هذا، هذا فهمه للآية، هو ما راح من فراغ، من حديث لآية، ورأى أن الحديث مجمل تبينه الآية، وفي النسك خاصة، يعني ما حُفظ عنه أنه يأخذ من غير النسك.

طالب: يا شيخ أحسن الله إليك، ألا يُفهم أن الصحابة فهموا أن بيان الرسول هو بيان استحباب لا بيان.......

لا لا لا، الأمر ما يحتاج، صريح وواضح ومؤيد بالفعل، نعم. مخالفة المجوس: «خالفوا المجوس».

طالب: "وأما بيان الصحابة فإن أجمعوا على ما بينوه، فلا إشكال في صحته أيضًا".

لأن إجماعهم حجة، نعم.

طالب: "كما أجمعوا على الغسل من التقاء الختانين المبين لقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، وإن لم يَجْمَعوا عليه".

"يُجْمِعوا".

طالب: "وإن لم يُجْمِعوا عليه فهل يكون بيانهم حجة أم لا؟ هذا فيه نظر وتفصيل، ولكنهم يترجح الاعتماد عليهم في البيان من وجهين؛ أحدهما".

لأنهم أولى من غيرهم.

طالب: "أحدهما: معرفتهم باللسان العربي، فإنهم عرب فصحاء، لم تتغير ألسنتهم، ولم تنزل عن رتبتها العليا فصاحتهم".

لأنهم ما خالطوا أحدًا.

طالب: "فهم أعرف في فهم الكتاب والسنة من غيرهم، فإذا جاء عنهم قول أو عمل واقع موقع البيان، صحّ اعتماده من هذه الجهة".

يعني كما بيَّن ابن عمر الشفق بأنه الحمرة، ابن عمر عربي قح يفهم اللفظ، واللغة تؤيده، فيُرد به على من فهم أن الشفق البياض الذي يعقب الحمرة.

طالب: "والثاني: مباشرتهم للوقائع والنوازل، وتنزيل الوحي بالكتاب والسنة، فهم أقعد في فهم القرائن الحالية وأعرف بأسباب التنزيل، ويدركون ما لا يدركه غيرهم بسبب ذلك، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب".

لأن كثيرًا من الأمور تتضح بالمشاهدة دون السماع. أيهما أوقع في التدريس: كون المعلم والعالم يشرح مباشرة للطلاب، أو من شاشة مثلًا، أو بشريط؟

طالب: مباشرة.

كونه يرونه مباشرة لا شك أنه أوقع؛ لأن التصرفات لها دخل في إيضاح الكلام. أحيانًا ملامح الوجه تدل على المراد، أحيانًا حركة اليدين تدل على شيء، بينما مثل هذه الأمور ما تُدرك من وراء شريط. وقل في مثل الشريط من جاء بعد الصحابة، سمعوا كلامًا ما يدلهم على قرائنه شيء، الصحابة هم الذين عرفوا وأدركوا وشاهدوا، فالقرائن عندهم قوية تدل على المراد، بخلاف من جاء بعدهم، اللهم إلا إذا كان البيان في النص غير محتمل، فيستوي فيه المتقدم والمتأخر.

طالب: "فمتى جاء عنهم تقييد بعض المطلقات، أو تخصيص بعض العمومات، فالعمل عليه صواب، وهذا إن لم يُنقل عن أحد منهم خلاف في المسألة".

نعم، إذا لم يُنقل عن أحدهم خلاف في هذا البيان. أما إذا نُقل عن آخرين من الصحابة خلاف لما ذكره هؤلاء، فليس قبول قول هؤلاء بأولى من قبول قول الآخرين.

طالب: "فإن خالف بعضهم، فالمسألة اجتهادية. مثاله: قوله -عليه الصلاة والسلام-: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، فهذا التعجيل يحتمل أن يقصد به إيقاعه قبل الصلاة، ويحتمل أن لا، فكان عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان يصليان المغرب قبل أن يُفطرَا، ثم يفطران بعد الصلاة؛ بيانًا أن هذا التعجيل لا يلزم أن يكون قبل الصلاة".

لأن هذا التعجيل على هذا القول يسير، ونظيره: «الصلاة لوقتها»، أو: «لأول وقتها»، كصلاة المغرب مثلًا، يعني هل يضر في تأخير صلاة المغرب أن تؤخر بعد الأذان بربع ساعة؟ هذا تعجيل أم تأخير؟ بخلاف ما إذا أُخرت ساعة مثلًا، فهذا تعجيل لها، وإن كان ليس من بعد دخول الوقت مباشرة، وإن كان تقديمها قبل ذلك أولى، وتعجيل الفطر قبل الصلاة أولى؛ لأنه أدخل في التعجيل يُدخل في التعجيل وأتقن وأدخل في تحقيق النص.

طالب: "ثم يفطران".

وأما ما يُذكر عن عمر وعثمان، فهذا مروي عند مالك في الموطأ، ولعل لهم عذرًا في هذا أن لا تُؤخر الصلاة، فيتكاسل الناس عنها، ويشتغلون بفطورهم. لهم اجتهادهم على كل حال. نعم.

طالب: "ثم يفطران بعد الصلاة بيانًا أن هذا التعجيل لا يلزم أن يكون قبل الصلاة؛ بل إذا كان بعد الصلاة فهو تعجيل أيضًا، وأن التأخير الذي يفعله أهل المشرق شيء آخر داخل في التعمق المنهي عنه، وكذلك ذُكر عن اليهود أنهم يؤخِّرون الإفطار، فنُدب المسلمون إلى التعجيل".

"أهل المشرق"، المقصود بهم -فيما يظهر- من يأتي بعد ذلك؛ لأنه أشير إليها في بعض الآثار المتقدمة عن السلف أن أهل المشرق يؤخرون، وليس المراد بهم من جاء في القرن الثامن أو التاسع كما قال بعض الشراح؛ لأنه ما يمكن أن السلف يتكلمون عمن سيأتي، إلا إذا ورد في نص يكون من دلائل النبوة. قالوا عن التعجيل الذي يفعله أهل المشرق هو ما يُعرف عن الرافضة، وأنهم يؤخّرون الفطور حتى تشتبك النجوم، كاليهود، ويؤخرون صلاة المغرب كذلك. هذا الذي يقابل التعجيل. وأما التعجيل اليسير: ربع ساعة، ثلث ساعة، الأمر سهل، لكن يبقى أن الفطور أو الإفطار بمجرد دخول الوقت هو التطبيق الحرفي للنص: الأمر بالتعجيل.

طالب: أهل المشرق.......

ماذا؟

طالب: .......

أهل المشرق معروف أنهم العراق وما وراءه.

طالب: "وكذلك لما قال -عليه الصلاة والسلام-: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه»، احتمل أن تكون الرؤية مقيدة بالأكثر، وهو أن يُرى بعد غروب الشمس".

"بالأكثر"، "يحتمل أن تكون الرواية مقيدة بالأكثر، وهو أن يرى بعد غروب الشمس"، لا قبل غروبها، بمعنى أنه إذا رؤي الهلال قبل غروب الشمس فهو الليلة المقبلة، كما هو شأن الصيام والإفطار والعيد، إن رأوه عيانًا حديدو النظر، أو إذا كانت الشمس عليها طبقة تحجب قوة أشعتها فإنها قد تُرى النجوم وقد يرى الهلال إذا وُجد غيم رقيق يحجب قوة الأشعة، فإذا رُؤي الهلال قبل الغروب ما يكون لليلة الماضية، فيكون غدًا الإفطار، وحينئذ يكون غدًا العيد، ولا يفطرون إذا رأوه قبل غروب الشمس.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

كيف؟

طالب: .......

نعم

طالب: ....... يا شيخ.

لا.

طالب: أبدًا؟

لا لا، هم يقولون: بالنسبة لمقارنته للشمس، الرأي يسير جدًّا، ما يمكن يرى العصر أو أول العصر أو الظهر وما أشبه.

طالب: يعني لو رؤي على غير الأكثر يعني قبل الغروب، معتبر الرؤية أم لا يا شيخ؟

ماذا؟

طالب: تعتبر الرؤية أم لا؟

لا، إذا رؤي قبل الغروب فهو بالنسبة للصيام لا، يكون تبع الشهر الماضي.

طالب: كأن المؤلف.......

لا لا، هم يقولون: بالنسبة إذا رؤي من الغد وصائمون اليوم.

طالب: يُرى بعد.......

رؤي الهلال، غُم عليهم رؤي الظهر من الغد مثلًا، يقولون: هو لليلة المقبلة، وحينئذ يكون من هلال الشهر الماضي. بخلاف الهلال الذي يولد جديدًا للشهر الجديد، فإنه لا يمكن أن يُرى إلا مع مقارنة الشمس قبلها أو بعدها بيسير. أما الذين يقولون: فإن رؤي الهلال نهارًا، يعني بعد أن غُم عليهم، فيكون لليلة المقبلة، ولا يمكن أن يفطر من أجله؛ لأنه في غير وقته.

طالب: وهم يقولون الآن الاقتران، وهو أن يلد القمر في اليوم.

في اليوم نعم، لكن لا يرى.

طالب: فالعبرة بالرؤية بعد المغرب؟

بلا شك نعم.

طالب: هو الذي يفطر عليها ويصام.

هذه الرؤية التي يثبت بها دخول الشهر وخروجه.

طالب: لكن إذا رؤي قبل الغروب.......

رؤي الظهر، لعله لا يصير هلال الليلة المقبلة.

طالب: نعم.

هلال الليلة الماضية، لكن باعتبارهم صاموا أول النهار فلا يمكن أن يصير هذا عيدًا، فصلاة العيد إنما تُصلى من الغد.

طالب: كالذين غُم عليهم يعني؟

ماذا؟

طالب: كأنه غُم عليهم.

كالذين غُم عليهم، نعم.

طالب: "فبيَّن عثمان بن عفان أن ذلك غير لازم، فرأى الهلال في خلافته قبل الغروب، فلم يفطر حتى أمسى وغابت الشمس. وتأمل، فعادة مالك بن أنس في موطئه وغيره الإتيان بالآثار عن الصحابة مبينًا بها السنن، وما يُعمل به منها وما لا يُعمل به، وما يُقيد به مطلقاتها، وهو دأبه ومذهبه لما تقدم ذِكره".

الإمام مالك -رحمة الله عليه- يكثر من ذِكر الآثار في الباب بعد ذِكر المرفوعات؛ ليبين بها ما أُجمل من هذه المرفوعات.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

واللهِ ما فيه شك أن كلام الأربعة مجتمعين مقدم على غيره: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي».

طالب: .......

وليس معه منهم أحد في القول المقابل؟

طالب: .......

من الراشدين أم من غيرهم؟

طالب: .......

لا لا، من كان معه واحد من الراشدين فقوله مرجح، لكنه غير ملزم.

طالب: "ومما بين كلامهم اللغة أيضًا، كما نقل مالك في دلوك الشمس وغسق الليل كلام ابن عمر وابن عباس، وفي معنى السعي عن عمر بن الخطاب، أعني قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9]، وفي معنى الإخوة أن السنة مضت أن الإخوة اثنان فصاعدًا، كما تبين بكلامهم معاني الكتاب والسنة. لا يقال: إن هذا المذهب راجع إلى تقليد الصحابي، وقد عرفت ما فيه من النزاع والخلاف؛ لأنا نقول: نعم هو تقليد، ولكنه راجع إلى ما لا يمكن الاجتهاد فيه على وجهه إلا لهم؛ لما تقدم من أنهم عرب، وفرقٌ بين من هو عربي الأصل والنحلة، وبين من تعرَّب".

ما فيه شك أن هناك أمورًا شبه توقيفية، هناك أمور توقيفية شرعية هذه ما فيها إشكال. لكن هناك أمور شبه توقيفية، وهو ما لا يُدرك فهمه إلا لمن حضر، فلا بد من تقليد الصحابة فيها، واحد يصف مشية شخص ما أدركه، ما يستطيع أن يصفه إلا أن يقلِّد من رآه، مفهوم أم لا؟

طالب: نعم.

ما تقلد مشية وأنت ما تدري؛ لكن ينقل لك صوت، وتنقل أنت عن غيرك، لكن ما تقول إن كانت مشية فلان كذا إلا بتقليد غيرك، ما فيه محل اجتهاد في مثل هذا.

طالب: من يقرأ.

ماذا؟

طالب: أقول من يقرأ مثلًا كيف كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتكفأ في مشيه.

نعم، الذي يُنقل، من الذي قال: يتكفأ؟

طالب: الصحابة.

خلاص، إذًا لا بد أن تقلِّدهم في هذا.

طالب: ما رأيتهم.

من هم؟ أنت ما رأيت الصحابة، ما هم يقلدونه بفعلهم؛ بقولهم، قلدوه بقولهم، والقول يدرك. نعم.

طالب: أحسن الله إليك،.......

يصير حكمه حكم من بعدهم، فيما لم يطلعوا عليه حكمه أن يقلدوا من رآه.

طالب: .......

إذا نقل قال: رأيت النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل كذا، خلاص ما لك إلا أن تقلِّده، والمسألة مفترضة بصحابي، والصحابي ثقة.

طالب: .......

ما يضر، إرسال الصحابي مقبول، حجة بالإجماع.

طالب: "هيهات هيهات لا تتكلفن في الهوى، غلب التطبع شيمة المطبوع".

من قال هذا الشطر؟

طالب:.......

الحاشية؟

طالب: الحاشية نعم.

زيادة.

طالب: .......

يتصرف.

طالب: .......

نعم، لا تصرف، تصرف غير مقبول، إلا بالبيان.

طالب: ما كان بياضًا فيه؟

لا، ما هو ببياض، وهذا تركه المؤلف. أنت لو جئت بالشطر: غلب التطبع شيمة المطبوع، وأوله كما في الحاشية كذا، ما يخالف.

طالب: أنا عندي.......

في الأصل؟ عندك البيت كاملًا؟

طالب: الشطر فقط.

نحن عندنا هكذا، الشطر الأول بالحاشية، الشاطبي ما وضع البيت كاملًا.

طالب: "وأنهم شاهدوا من أسباب التكاليف وقرائن أحوالها ما لم يُشاهد من بعدهم، ونقل قرائن الأحوال على ما هي عليه كالمعتذر، فلا بد من القول بأن فهمهم في الشريعة أتم وأحرى بالتقديم، فإذا جاء في القرآن أو في السنة من بيانهم ما هو موضوع موضع التفسير، بحيث لو فرضنا عدمه لم يمكن تنزيل النص عليه على وجهه؛ انحتم الحكم بإعمال ذلك البيان لما ذُكر، ولما جاء في السنة من اتباعهم والجريان على سننهم، كما جاء في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، وتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ»، وغير ذلك من الأحاديث، فإنها عاضدة لهذا المعنى في الجملة. أما إذا عُلم أن الموضع موضع اجتهاد لا يفتقر إلى ذينك الأمرين، فهم ومن سواهم فيه شرع سواء، كمسألة العول، والوضوء من النوم، وكثير من مسائل الربا".

يعني في المسائل الاجتهادية، في المسائل الاجتهادية رب مبلغ أوعى من سامع، هم وغيرهم سواء، التي لا تترتب على الرؤية والمشاهدة، هم وغيرهم سواء. إلا أنه إذا كان الاجتهاد مبنيًّا على فهم مردّه إلى العربية، فهم أعرف بالعربية.

طالب: "وكثير من مسائل الربا التي قال فيها عمر بن الخطاب: «مات رسول الله ولم يبين لنا آية الربا، فدعوا الربا والريبة»، أو كما قال.

فمثل هذه المسائل موضع اجتهاد للجميع لا يختص به الصحابة دون غيرهم من المجتهدين، وفيه خلاف بين العلماء أيضًا؛ فإن منهم من يجعل قول الصحابي ورأيه حجةً، يرجع إليها، ويعمل عليها من غير نظر، كالأحاديث والاجتهادات النبوية، وهو مذكور في كتب الأصول، فلا يُحتاج إلى ذكره هاهنا".

لا شك أن الخلاف معروف ومبسوط بين أهل العلم في قول الصحابة هل هو حجة أو لا؟ مع أنهم يتفقون على أنه ليس بحجة على صحابي آخر، ليس بحجة يعني الصحابي ليس بحجة على صحابي آخر، صحابي مخالف من قبل صحابي آخر ليس بحجة على من بعدهم، كالدليلين المتعارضين؛ هذا على قول من يقول بالاحتجاج. أما إذا اتفقوا على شيء فالإجماع حجة بالإجماع، إجماعهم، وإذا عُرف عن أحدهم قول وانتشر فلم يُنكر؛ هذا أيضًا حجة عند الجمهور. أما إذا حُفظ عن بعضهم قول، ولم يحفظ له مخالف، ولم يكن له قوله بهذا الانتشار والسعة بحيث يُعد من قبل الإجماع السكوتي؛ فإن هذا هو محل الخلاف. والله أعلم.

* * *

طالب: والقياس أحسن الله إليك.......

عند أحمد يقدم على القياس نعم.

طالب: الراجح في المسألة؟

ماذا؟

طالب: الراجح في المسألة أنه يقدم على القياس، قول الصحابي؟

الصحابة يتفاوتون، منهم الفقيه، ومنهم الراوية فقط ،ومنهم.. على كل حال كل مسألة تحتاج إلى نظر.

طالب: شيخنا أحسن الله إليك، قول عمر: «لم يبين لنا آية الربا»، قصده ليشمل كل أنواع الربا؟

لا، هو أشكل عليه بعض صور الربا هل تدخل في الآية أو لا تدخل، فيحتاج إلى بيان عنده، قد بانت عند غيره.

طالب: مسألة أقل الجمع؟

أقل الجمع في آية الفرائض اثنان.

طالب: طيب واللغة؟

اللغة اختلاف، جاء هذا وجاء ذاك، اثنان وثلاثة.

طالب: .......

طالب: أحسن الله إليك....

كيف؟

طالب: .......

هناك حقائق لغوية وهناك حقائق شرعية قد تحتاج، وقد يكون في بعض النصوص جاء على قول فيمن...

طالب: .......

اثنان فيما فوق جماعة.