شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (112)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

إخوتنا وأخواتنا المستمعين الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلًا بكم إلى لقاء جديد في برنامجكم" شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح". مع بداية حلقتنا، وفي مستهل هذا اللقاء يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين، قسم السنة وعلومها، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، فأهلًا بكم فضيلة الدكتور.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: لازلنا في كتاب العلم في هذا الكتاب التجريد الصريح، وأيضًا في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- حديث النخلة، على مدى حلقتين تحدثتم- أحسن الله إليكم- عن بعض المعاني، توقفنا في الحلقة الماضية عند ذكر بعض الفوائد المستقاة من هذا الحديث، لعلنا نستكمل هذه الفوائد.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مضى الكلام على مفردات الحديث وغريبه، وبعض الفوائد، نحن نستكمل الفوائد ما تيسر منها، وإلا فوائد الحديث كثيرة جدًّا، وأفاض الشرّاح في شرحه، ثم نعرّج على تراجم البخاري، التي هي فقهه كالمعتاد.

 من الفوائد التي يمكن أن تُستنبط من هذا الحديث من أكله- عليه الصلاة والسلام- الجمّار في حضرة القوم، ففي ذلك جواز الأكل بحضرة الغير، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أكل الجمّار بحضور جمعٍ من الصحابة، فيرد بذلك على من كره إظهار الأكل واستحب إخفاءه.

المقدم: المقصود إظهار الأكل إذا كان يأكل وحده والناس ينظرون إليه؟

عمومًا، ويكون يُستحب إخفاء الأكل قياسًا على إخفاء ما خفي، كلام لا قيمة له، كلام لا قيمة له، هذا كأنه يطرد أنَّ الإخفاء مطلقًا، وعلى هذا لا يأكل اثنان معًا، هذا كلام لا قيمة له، فيجوز أن يأكل الإنسان مع غيره، ويجوز أن يأكل بمفرده، وبحضرة غيره، ما لم تتعلق نفس الناظر في هذا الأكل إلا أن يطعمه شيئًا منه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أكل بين قومه، ويشبه ذلك ترجمة عند الإمام البخاري باب استياك الإمام بحضرة رعيته، فالنبي- عليه الصلاة والسلام- استاك، وإذا كان الملحوظ في ذلك فتح الفم أمام الناظرين، فالاستياك مثل الأكل، وكل ذلك جائز في النصوص الصحيحة.

وفيه ضرب الأمثال والأشباه؛ لزيادة الإفهام، وتصوير المعاني لترسخ في الذهن، لا شك أن المثال يوضح المقال، إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً} [سورة البقرة:26]، فالأمثال وجدت في القرآن، وعُني بها أهل العلم انطلاقًا من قوله- جل وعلا-: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [سورة العنكبوت:43]، فالأمثال لها شأن ينبغي أن يُعنى بها طالب العلم ويفهمها، ويفهم المقاصد منها، ما ضُربت هذه الأمثال عبثًا، {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ} [سورة الحشر:21].

المقدم: {يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الحشر:21].

{يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الحشر:21 فالتفكر مطلوب، والتعقل لهذه الأمثال مطلوب، فشأن الأمثال عظيم، فبها يتضح المقال، والمفسرون في أوائل سورة البقرة ذكروا فوائد الأمثال، وابن القيم له باع في هذا الباب، وله مصنف في أمثال القرآن- رحمه الله-.

وفيه إشارةٌ إلى أن تشبيه الشيء بالشيء لا يلزم أن يكون نظيره من جميع وجوهه، وفيه إشارةٌ إلى أن تشبيه الشيء بالشيء، تشبيه المسلم بالنخلة، لا يلزم أن يكون نظيره من جميع وجوهه، فإن المسلم لا يماثله شيءٌ من الجمادات، ولا يعادله، يعني هل نقول: إن وجه الشبه من كل وجه؟ لا، يعني مثل تشبيه رؤية الباري برؤية القمر ليلة البدر.

المقدم: ليلة البدر.

فالتشبيه من وجه دون وجه، وقل مثل هذا في أمور كثيرة في النصوص.

وفيه توقير الكبير، وتقديم الصغير أباه في القول، وأنَّه لا يبادره بما فهمه وإن ظن أنَّه الصواب، فيه توقير الكبير، يعني من صنيع ابن عمر- رضي الله عنه-، وتقديم الصغير أباه، انتظر في القوم أبو بكر وعمر، انتظر ما تكلم الأب، ما تكلم الأب استحيى الابن، وتقديم الصغير أباه في القول، وأن لا يبادره بما فهمه، وإن ظن أنه الصواب.

وفيه أن العالم الكبير قد يخفى عليه بعض ما يدركه من هو دونه؛ لأن العلم وهبة، والله يؤتي فضله من يشاء، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [سورة الجمعة:4]، يوجد عند زيد ما لا يوجد عند عمرو من العلم، يوجد عند الكبير ما لا يوجد عند الصغير، وهذا هو الأصل، كما أنه يوجد عند الصغير ما لا يوجد عند الكبير، وهذا فتح من الله- جل وعلا-، ورب مُبلّغٍ..

المقدم: أوعى من سامع.

أوعى من سامع، وأيضًا عند الخضر ما لا يوجد..

المقدم: عند موسى.

عند موسى، والعكس، والجميع، جميع الخلق لن يخرجوا عن دائرة قوله- جل وعلا-: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [سورة الإسراء:85]، بالنسبة لعلم الله- جل وعلا-؛ لأنه قد يقول قائل: ما أوتينا من العلم إلا قليلًا، ما هذه المجلدات في الكتب، علوم في سائر الفنون، وكل فن فيه مئات المجلدات، هذا قليل؟ يعني كل هذا في علم الله- جل وعلا- لا يعادل..

المقدم: شيئًا.

نعم.

المقدم: قليلًا.

شيءٌ يسير، ما يعادل ما ينقصه العصفور من البحر، بالنسبة لعلم الله- جل وعلا-، {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [سورة الإسراء:85]، فعلى الإنسان مهما حصّل وتابع وفهم وحفظ، أن يعرف قدر نفسه، ولا يزدري الناس، ولا يتكبر عليهم، ولا يرى أنَّه عالم؛ لأنه إذا رأى أنه علم خُذل، خُذل، إذا لم يعرف قدر نفسه خُذل، والله المستعان.

واستدل به مالك -رحمه الله- على أن الخواطر التي تقع في القلب من محبة الثناء على أعمال الخير لا يقدح فيها إذا كان أصلها لله، هي مجرد خواطر، بعض الناس، يحس كل شخص يعني من نفسه سواءً كان عالمًا أو طالب علم، إذا توصّل إلى فهم لمسألةٍ ما قد يكون توقف فيها من هو أكبر منه، ثم يوفّق إلى القول الصائب، ويجلّيها ويوضحها بأوضح بيان، قد يخطر على قلبه شيءٌ من محبة الثناء، يُثنى عليه في هذه المسألة، لكن هذا مجرد خاطر، والخاطر لا يؤاخذ عليه، ولذا قال مالك، واستدل به مالك -رحمه الله- على أن الخواطر التي تقع في القلب من محبة الثناء على أعمال الخير لا يُقدح فيها إذا كان الأصل لله- جل وعلا-، وذلك مستفادٌ من تمني عمر المذكور، تمني عمر... 

المقدم: أن يبرز ابنه.

أن يبرز ابنه، هل هو تمنى الثناء لنفسه؟

المقدم: لا.

أو تمنى الثناء..

المقدم: لابنه.

على ولده، نعم، ولا شك أن الولد بضعة من الرجل؛ لأنه إذا أُثني على الولد، إذا أُثني على الولد...

المقدم: فثناءٌ على الأب.

فثناءٌ على الأب.

المقدم: صحيح.

من جهات، أولًا بما ورثه من أبيه، في الوراثة، وأيضًا بما اكتسبه الابن من أبيه من تربية، فالثناء على الابن لا شك أنه ثناءٌ على الأب؛ لئلا يُقال: إن هذا تمنى ثناءً على ولده، لا يتمنى الثناء على نفسه.

ووجه تمني عمر- رضي الله عنه- ما طُبع الإنسان عليه من محبته الخير لنفسه ولولده، ولتظهر فضيلة الولد في الفهم من صغره، وليزداد من النبي- عليه الصلاة والسلام- حظوة، ولعله كان يرجو أن يدعو له إذ ذاك بالزيادة في الفهم. وفيه الإشارة إلى حقارة الدنيا في عين عمر- رضي الله عنه-، يعني تأدبًا بما جاء في نصوص الكتاب والسنة، الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة، فهي كذلك عند خيار هذه الأمة، لا تزن عند خيار الناس، لا تزن شيئًا، فالدنيا حقيرة في عين عمر؛ لأنه قابل فهم ابنه لمسألة واحدة بحمر النعم، مع عظم مقدارها وغلاء ثمنها.

الحديث خرّجه الإمام البخاري -رحمه الله- في عشرة مواضع.

الأخ الحاضر: ما يُفهم من الحديث الحث على زراعة النخل؟

المقدم: الأخ يسأل يا شيخ يقول: ما يُفهم من الحديث الحث على زراعة النخل؟

البيان بيان فضل الشيء من قبل الشارع.

المقدم: نعم.

نعم، لا شك أنه حثٌّ عليه.

المقدم: نعم.

فإذا كان الشرع بيّن أن هذه شجرةٌ مباركة، إذًا ما الفائدة؟ لو لم نقل بهذا لقلنا إنه كلامٌ لاغٍ، يعني مثل قوله- عليه الصلاة والسلام-: «ما بين بيتي ومنبري روضةٌ من رياض الجنة»، إذا قلنا: إن الروضة لا ميزة لها، نُخرج الحديث عن فائدته، يصير مجرد خبر عارٍ عن الفائدة، لولا أن لها مزية لما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- إنها روضة من رياض الجنة، نعم جاء تفسير «رياض الجنة» بأنها حِلق الذكر، لكن أيضًا نقول: إن تفسير العام ببعض مفرداته لا يقتضي القصر، وضربنا أمثلة في مناسبات، مثل تفسير القوة بالرمي، هل يعني هذا أننا لا نستعد للعدو إلا بالرمي؟

المقدم: هذا جزء من أجزاء.

هذا فرد من أفراد القوة، والتنصيص عليه يدل على أهميته، وكون حِلق الذكر من رياض الجنة يعني لأهميتها.

المقدم: الأمثلة المضروبة -أحسن الله إليك- يعني أشرتم قبل قليل إلى أهمية الأمثلة والعناية بها، واستدللتم ببعض الآيات فيما يتعلق بالأمثلة، يُثار أن الأمثلة في القرآن إنما جاءت فقط للتوضيح، وإلا فلا تقع على حقيقتها، كما أثاره بعض المبتدعة في هذا، بمعنى أنه هناك أمثلة تُضرب في القرآن ولا تقع، وإنما للإيضاح، ما قول سلف الأُمَّة حول هذا، أحسن الله إليكم؟

لا شك أنَّ القرآن الأصل فيه الحقيقة، وأن ما يقوله الله- جل وعلا- مرادٌ له، نعم قد يمنع مانع من إرادة الحقيقة، وهذا موجود في لغة العرب، لا سيما عند من يقول بوقوع المجاز، هذا ما عنده إشكال، لكن قد يمنع مانع من إرادة الحقيقة، فيُحمل على معنىً آخر هو حقيقة، يكون بالنسبة له حقيقة، والحقائق كما تكون شرعية تكون عرفية، إذا نظرنا إلى المفلس مثلًا، لما سأل النبي- عليه الصلاة والسلام-: «أتدرون من المفلس؟».

المقدم: المفلس عرفًا عند الناس الذي ما عنده أموال.

ولذلك قالوا: من لا درهم له ولا متاع.

المقدم: لكن في الشرع.

لكن حقيقته الشرعية.

المقدم: من يأتي بحسنة.

المرادة في هذا الوقت.

المقدم: نعم.

عنده- عليه الصلاة والسلام-، من يأتي بأعمالٍ أمثال الجبال إلى آخره، لكن لو سُئل عن المفلس في الفقه مثلًا، وجاء الجواب من عنده، من يأتي بأعمالٍ أمثال الجبال يكون الجواب صحيحًا؟

المقدم: لا، خطأ.

المفلس في كل مقام ما يناسبه، فقد يمنع من إرادة المفلس من وجد ماله عن رجل قد أفلس، هذا رجلٌ قد أفلس، لفظ شرعي، هل معنى هذا أن من وجد ماله عند شخصٍ يغتاب الناس ويظلمهم يأخذه؟ لأنه هو المفلس يأتي بأعمال بأمثال الجبال ثم بعد ذلك ينتهي إلى لا شيء، أو المفلس من لا درهم له ولا متاع؟ ليأتي المعنى الثاني من المفلس، المقصود أن مثل هذا يحتاج إلى مزيد بسط، لعله يتاح له فرصة أخرى.

الحديث خرّجه الإمام البخاري- رحمه الله تعالى- في عشرة مواضع:

الأول: في كتاب العلم، في باب قول المحدّث: حدّثنا وأخبرنا وأنبئنا، قال- رحمه الله-: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينارٍ، عن ابن عمر- رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فذكره.

والثاني: في كتاب العلم أيضًا، يلي الحديث السابق، في باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم، قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا سليمان، قال: حدثنا عبد الله بن دينارٍ، عن ابن عمر- رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن من الشجر شجرةً» الحديث، وتقدم في مطلع الحديث عن الحديث بيان مناسبة الحديث للترجمتين.

الموضع الثالث: في كتاب العلم، في باب الفهم في العلم، يقول الإمام- رحمه الله تعالى-: حدثنا عليٌ، علي بن المديني، قال: حدثنا سفيان، قال: قال لي ابن أبي نجيحٍ عن مجاهد، قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة، فلم أسمعه يحدّث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلا حديثًا واحدًا، قال: كنا عند النبي- صلى الله عليه وسلم- فأُتي بجمّار، فقال: «إن من الشجر شجرةً» والمناسبة ظاهرة، في باب الفهم في العلم، ابن عمر تأمل وفهم، لكن حجبه..

المقدم: الحياء.

من الجواب الحياء؛ لوجود الحياء المبرر.

المقدم: نعم.

لوجود الكبار.

الموضع الرابع: في كتاب العلم، في باب الحياء في العلم، وقال مجاهد: لا يتعلم العلم مستحٍ ولا مستكبر، كثير من الطلاب يستحي من سؤال الشيخ واستيضاح الشيخ، وتفوته الفوائت والمسائل، وتبقى عنده الإشكالات، ولا يجد من يحلها، يمنعه الحياء، مثل هذا لا يتعلم، لا شك أن السؤال مفتاح.

المقدم: العلم.

نعم، وسُئل ابن عباس: بِمَ حصّلت هذا العلم؟ قال: قلب عقول، ولسانٌ..

المقدم: سؤول.

سؤول، لا يتعلم العلم مستحٍ ولا مستكبر، من الطلاب من يمنعه الاستفهام، من يمنعه من الاستفهام والسؤال الحياء، ومنهم من يمنعه الكبر، ما معنى الكبر؟ لئلا يُقال: هذه مسألة سهلة.

المقدم: بسيطة.

كيف تسأل عنها، مثلك يسأل عن مثل هذا؟ هذا كبر يمنعه من التحصيل، كما يمنعه الحياء، وكلاهما مذموم، كلاهما مذموم.

قال الإمام- رحمه الله تعالى-: حدثنا إسماعيل، قال: حدثني مالكٌ، عن عبد الله بن دينارٍ، عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن من الشجر شجرةً» الحديث، ففيه قول عمر، قول ابن عمر: "فاستحييت"، لكن هل هذا الحياء، هذا الحياء من ابن عمر منعه من التعلم؟ أو نقول: هذا حياء في ظرف.

المقدم: ومبرر.

ومبرر أيضًا بوجود الكبار؛ ولذلك من علماء الأُمَّة، من العبادلة السبعة الذين يُرجع إليهم بعد الصحابة، بعد الكبار، يعني بعد كبار الصحابة انتهى العلم إلى العبادلة، العبادلة الأربعة، العبادلة الأربعة الذين هم: ابن عمر، وابن عباس. 

المقدم: ابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود، وابن الزبير.

ابن مسعود ليس منهم.

المقدم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير.

أربعة؛ لأن هؤلاء تأخرت وفياتهم، فاحتاج الناس إلى علمهم، ابن مسعود تقدم، تقدمت وفاته ما احتيج إلى علمه، مع الكبار موجود.

الخامس: في كتاب البيوع، في باب بيع الجمّار وأكله، قال الإمام- رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشرٍ عن مجاهد، عن ابن عمر- رضي الله عنهما-، قال: كنت عند النبي- صلى الله عليه وسلم- وهو يأكل جمّارًا، فقال: «إن من الشجر شجرةً» فذكره مختصرًا.

قال ابن حجر: ليس فيه ذكر البيع، لكن الأكل منه يقتضي جواز بيعه، قال ابن المنيّر: ويحتمل أن يكون إشارةً على أنه لم يجد حديثًا على شرطه يدل بمطابقته على بيع الجمّار، وقال ابن بطال: بيع الجمّار وأكله من المباحات بلا خلاف، وكل ما انتُفع به للأكل فبيعه جائز، قال ابن بطال: بيع الجمار وأكله من المباحات، وسبقت الإشارة إليه، من المباحات بلا خلاف، وكل ما انتُفع به للأكل فبيعه جائز، قال ابن حجر: قلت: فائدة الترجمة رفع توهم المنع من ذلك؛ لأنه قد يُظن إفسادًا وإضاءةً وليس كذلك، لا سيما إذا كان قطع الجمار يكون سببًا في موت النخلة، نعم، فنقول: ليس من الإضاعة؛ لأنه استُفيد منه بالأكل، ولا ترتب عليه موت النخلة.

الموضع السادس: في كتاب التفسير، بابٌ {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [سورة إبراهيم:24-25]، قال: حدثني عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر- رضي الله عنهما-، قال: كنا عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: «أخبروني بشجرةٍ تشبه أو كالرجل» يعني تشبه الرجل، أو قال: «كالرجل المسلم، لا يتحات ورقها» ولا ولا ولا، الحديث، ولا كذا ولا كذا، يعني مما جاء في الروايات الأخرى، «تؤتي أكلها كل حين»، ومناسبة قوله: «تؤتي أكلها كل حين» في الترجمة واضحة؛ لأنها منصوص عليها. 

المقدم: في الآية.

في الآية، قال ابن حجر: وفيه ردٌّ على من زعم أن المراد بها شجرة الجوز الهندي، فيه ردٌّ على من زعم أن المراد بها شجرة الجوز الهندي، وقد أخرج ابن مردويه من حديث ابن عباس بسندٍ ضعيف، في قوله: «تؤتي أكلها كل حين»، قال: هي شجرة جوز الهند، لا تتعطل من ثمرة تحمل كل شهر، لكنه...

المقدم: ضعيف.

ضعيف لا يعارض به مثل هذا الحديث الصحيح.

والموضع السابع: في كتاب الأطعمة، في باب أكل الجمار، قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، قال: حدثني مجاهد، عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-، قال: بينما نحن عند النبي- صلى الله عليه وسلم- جلوسٌ، إذ أُتي بجمار نخلةٍ، الحديث، وليس فيه تصريحٌ بالأكل، لكن الحديث في هذا الموضع ليس فيه تصريحٌ بالأكل، لكن هذا كعادة الإمام البخاري في الإشارة إلى ما جاء في بعض طرق الحديث، وفيه التصريح بالأكل، في بعض الطرق التصريح بالأكل، وقد يستدل بطريقٍ ليس فيها مطابقة للترجمة؛ لكي تبحث عن طرق الحديث، وتجمع طرق الحديث لتقف على المطابقة.

الثامن: في كتاب الأطعمة، في باب بركة النخل، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا محمد بن طلحة، عن زبيد، عن مجاهد، قال: سمعت ابن عمر- رضي الله عنهما- عن النبي  -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن من الشجر شجرةً تكون مثل المسلم، وهي النخلة» مختصرًا، وتقدم من طرقه ما يشتمل على ذكر بركتها، هنا ما فيه إشارة إلى البركة، لكن حديث الباب «لا يسقط ورقها، وأنها مثل المسلم»، ولا ولا، أمور تدل على أنها شجرةٌ مباركة في الروايات الأخرى، فمثل الترجمة السابقة، ومن بركتها أنها تؤتي أكلها كل...   

المقدم: كل حين.

كل حين.

الموضع التاسع: في كتاب الأدب، في باب ما لا يُستحيا من الحق للتفقه في الدين، في كتاب الأدب، في باب ما لا يُستحيا من الحق للتفقه في الدين، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا محارب بن دثار، قال: سمعت ابن عمر يقول: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «مثل المؤمن كمثل شجرةٌ خضراء، خضراء لا يسقط ورقها» وفيه قول ابن عمر: فأردت أن أقول: هي النخلة، وأنا غلامٌ شابٌّ فاستحييت، باب ما لا يُستحيا من الحق للتفقه في الدين، لكن هذا الاستحياء من ابن عمر مرجوح وليس براجح، ولذا تمنى أن، تمنى أبوه أنه تكلم، ومناسبته للترجمة من إنكار عمر على ابنه تركه قوله الذي ظهر له، لكونه استحي، وتمنيه أنه لو قال ذلك.

الموضع العاشر: في كتاب الأدب، في باب إكرام الكبير، ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال، في كتاب الأدب، في باب إكرام الكبير، ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله، قال: حدثني نافعٌ عن ابن عمر، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :«أخبروني بشجرةٍ مثلها مثل المسلم»، وفيه قول ابن عمر، وفيه قول ابن عمر: فكرهت أن أتكلم وثم أبو بكر وعمر، يعني الاستدلال بفعل ابن عمر، إكرام الكبير، وإبداء الأكبر بالكلام، يعني من فعل ابن عمر، الترجمة مطابقتها في فعل ابن عمر، قال ابن حجر: كأنه أشار بإيراده إلى أن تقديم الكبير حيث يقع التساوي، أما لو كان عند الصغير ما ليس عند الكبير، فلا يمنع من الكلام بحضرة الكبير.

المقدم: نعم.

فلا يُمنع من الكلام بحضرة الكبير؛ لأن عمر تأسّف حيث لم يتكلم ولده، مع أنه اعتذر له بكونه بحضوره وحضور أبي بكر، ومع ذلك تأسّف على كونه لم يتكلم.

في حديث القسامة أراد أن يتكلم عبد الرحمن بن سهل، فقال النبي- عليه الصلاة والسلام-: «كبّر كبّر»،«كبّر كبّر»، وهذه دلالة واضحة على أنه يتكلم الكبير، لكن في باب التعليم، لو أن شيخًا عند طلابه، فطرح سؤالًا فرُفعت الأيدي، فيهم الكبير والصغير، هل نقول: يبدأ بالكبير أو يبدأ بالصغير، أو يتحيّن مرة يبدأ بكذا ومرة بكذا، من باب العدل بين الطلاب، ومن باب تأليف قلوب هؤلاء الطلاب؟

الأخ الحاضر: ...........

يعني لو تركنا الصغير ما نظرنا إليه مطلقًا.

المقدم: ما يحضر مرة أخرى.

لا شك أن له أثرًا على نفسيته.

المقدم: شيخنا يعني إن أذنت قبل أن ننهي الحلقة، أحسن الله إليك، النسخة التي بين أيدينا وهي أيضًا بين يديك، في نهاية الحديث قال: أطرافهم انظر 61 فقط، 61 أصلًا غير موجود، وبالتالي لم يُرجع، هل تكون؟

خطأ.

المقدم: هذا خطأ في النسخة، صح، نعم، إذًا لعل الإخوة ينتبهون، ولعلهم قيّدوا معنا بالنسبة للمواضع- أحسن الله إليك- التي ذُكرت.

شكر الله لكم فضيلة الدكتور، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لكل خير، ونسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، أيها الإخوة والأخوات، لهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من برنامجكم" شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، شكرًا لطيب متابعتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.