كتاب الجهاد من سبل السلام (7)

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

قال- رحمه الله تعالى- في البلوغ وشرحه، في كتاب الجهاد:

"وَعَنْ جُبَيْرِ (بِالْجِيمِ) وَالْمُوَحَّدَةِ (وَالرَّاءِ) مُصَغَّرُ، ابْنِ مُطْعِمٍ بِزِنَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ أَيْ ابْنِ عَدِيٍّ. وَجُبَيْرٌ صَحَابِيٌّ كان عَارِفًا بِالْأَنْسَابِ، قيل: إنَّه أخذ ذلك عن أبي بكر، وكانت وفاته سَنَةَ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ.

 أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ فِي أَسَارَى بَدْر: «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا» هُوَ وَالِدُ جُبَيْرٍ، «ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى» جَمْعُ نَتِنٍ (بِالنُّونِ) وَالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ، «لَتَرَكْتهمْ لَهُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. الْمُرَادُ بهم أَسَارَى بَدْرٍ.."

ما يدل على جواز المن بدون مقابل، جواز المن على الأسير بدون مقابل، والنبي- عليه الصلاة والسلام- فداهم، مع أنَّ الله- جلَّ وعلا- عاتبه على ذلك.

أحسن الله إليك.

"المراد بهم أسارى بدر، وَصَفَهُمْ بِالنَّتِنِ؛ لِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الشِّرْكِ، كَمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُشْرِكِينَ بِالنَّجَسِ، وَالْمُرَادُ لَوْ طَلَبَ مِنِّي تَرْكَهُمْ وَإِطْلَاقَهُمْ مِنْ الْأَسْرِ بِغَيْرِ فِدَاءٍ لَفَعَلْت ذَلِكَ مُكَافَأَةً لَهُ عَلَى يَدٍ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ- صلى الله عليه وسلم- لَمَّا رَجَعَ مِنْ الطَّائِفِ دَخَلَ- صلى الله عليه وسلم- فِي جِوَارِ الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ إلَى مَكَّةَ، فَإِنَّ الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ أَمَرَ أَوْلَادَهُ الْأَرْبَعَةَ فَلَبِسُوا السِّلَاحَ، وَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عِنْدَ الرُّكْنِ مِنْ الْكَعْبَةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا فَقَالُوا لَهُ: أَنْتَ الرَّجُلُ الَّذِي لَا تُخْفَرُ ذِمَّتُك.

 وَقِيلَ: إنَّ الْيَدَ الَّتِي كَانَتْ لَهُ أَنَّهُ أَعْظَمُ مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ الَّتِي كَتَبَتْهَا قُرَيْشٌ فِي قَطِيعَةِ بَنِي هَاشِمٍ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حِينَ حَصَرُوهُمْ فِي الشّعبِ، وَكَانَ الْمُطْعِمُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، كَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَرْكُ أَخْذِ الْفِدَاءِ مِنْ الْأَسِيرِ، وَالسَّمَاحَةُ لِشَفَاعَةِ رَجُلٍ عَظِيمٍ، وَأَنَّهُ يُكَافَأُ الْمُحْسِنُ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا.

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: أَصَبْنَا سَبَايَا يَوْمَ أَوْطَاسٍ لَهُنَّ أَزْوَاجٌ فَتَحَرَّجُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [سورة النساء:24]. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ: أَوْطَاسٌ: وَادٍ فِي دِيَارِ هَوَازِن. وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى انْفِسَاخِ نِكَاحِ الْمَسْبِيَّةِ فالاستثناء عَلَى هَذَا مُتَّصِلٌ."

لكنها لا توطأ حتى تُستبرأ، تكون مِلك يمين، لكن لا توطأ حتى تُستبرأ بحيضة.

أحسن الله إليك.

"وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ، وَظَاهِرُ الآية الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ سُبِيَ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ لَا. وَدَلَّ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ الْوَطْءِ وَلَوْ قَبْلَ إسْلَامِ الْمَسْبِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً؛ إذْ الْآيَةُ عَامَّةٌ، وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ- صلى الله عليه وسلم- عَرَضَ عَلَى سَبَايَا أَوْطَاسَ الْإِسْلَامَ، وَلَا أَخْبَرَ أَصْحَابَهُ أَنَّهَا لَا تُوطَأُ مَسْبِيَّةٌ حَتَّى تُسْلِمَ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ. وَيَدُلُّ لِهَذَا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ.."

ويكون مِلك اليمين مخصصًا لمثل هذا الحديث، مخصصًا للنهي عن نكاح المشركات، يعني إلا بملك اليمين.

 "وَيَدُلُّ لِهَذَا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- حَرَّمَ وَطْءَ السَّبَايَا حَتَّى يَضَعْنَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ، فَجَعَلَ لِلتَّحْرِيمِ غَايَةً وَاحِدَةً، وَهِيَ وَضْعُ الْحَمْلِ، وَلَمْ يَذْكُر الْإِسْلَامَ، وَمَا أَخْرَجَهُ فِي السُّنَنِ مَرْفُوعًا «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا»، وَلَمْ يَذْكُر الْإِسْلَامَ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ أَيْضًا «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَنْكِحُ شَيْئًا مِنْ السَّبَايَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً»، وَلَمْ يَذْكُر الْإِسْلَامَ، وَلَا يُعْرَفُ اشْتِرَاطُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَسْبِيَّةِ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ.

 وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هذا طَاوُسٌ وَغَيْرُهُ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْمَسْبِيَّةِ بِالْمِلْكِ حَتَّى تُسْلِمَ إذَا لَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةً، وَسَبَايَا أَوْطَاسَ هُنَّ وَثَنِيَّاتٌ، فَلَا بُدَّ عِنْدَهُمْ مِنْ التَّأْوِيلِ بِأَنَّ حِلَّهنَّ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا لِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، فَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ دليل شَرْطِيَّةِ الْإِسْلَامِ."

قد يقول قائل: معلوم ومعروف عندهم أنَّه لا يجوز وطء المشركة حتى تؤمن، فلا يُحتاج أن يُذكر هذا القيد مع أنَّه مستقر عندهم، وفيه نص من كتاب الله- جلَّ وعلا-، يعني قد يحتج من يقول بأنَّها لا توطأ المشركة حتى تُسلم بالآية، فلا يكون هناك تعارض.

أحسن الله إليك.

"وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- سَرِيَّةً بِفَتْحِ (السِّينِ) الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ (الرَّاءِ) وَتَشْدِيدِ (الْيَاءِ)، وَأَنَا فِيهِمْ قِبَلَ- بِكَسْرِ (الْقَافِ) وَفَتْحِ (الْبَاءِ) الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِهَةَ- نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إبِلًا كَثِيرَةً، فكان سُهْمَانُهُمْ -بِضَمِّ (السِّينِ) الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ سَهْمٍ وَهُوَ النَّصِيبُ- اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

السَّرِيَّةُ قِطْعَةٌ مِنْ الْجَيْشِ تَخْرُجُ مِنْهُ وَتَعُودُ إلَيْهِ، وَهِيَ مِنْ مِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، وَالسَّرِيَّةُ الَّتِي تَخْرُجُ بِاللَّيْلِ، وَالسَّارِيَةُ الَّتِي تَخْرُجُ بِالنَّهَارِ، وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: سُهْمَانُهُم أَيْ أَنْصِبَاؤُهُمْ، أَيْ أَنَّهُ بَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ هَذَا الْقَدْرَ، أَعْنِي اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَالنَّفَلُ زِيَادَةٌ يُزَادُهَا الْغَازِي عَلَى نَصِيبِهِ مِنْ الْمَغْنَمِ.

 وَقَوْلُهُ: نُفِلُوا مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَفَّلَهُمْ أَمِيرُهُمْ وَهُوَ أَبُو قَتَادَةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -."

يعني بعد أن رجعوا إلى المدينة نفَّلهم النبي- عليه الصلاة والسلام-.

أحسن الله إليك.

"وَظَاهِرُ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ الْقَسْمَ وَالتَّنْفِيلَ كَانَ مِنْ أَمِيرِ الْجَيْشِ، وَقَرَّرَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَلَمْ يُغَيِّرْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: وَنَفَّلَنَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- بَعِيرًا بَعِيرًا فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ: نُسِبَ إلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- لَمَّا كَانَ مُقَرِّرًا لِذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد بِلَفْظِ: فَأَصَبْنَا نعَمًا كَثِيرًا، وَأَعْطَانَا أَمِيرُنَا بَعِيرًا بَعِيرًا لِكُلِّ إنْسَانٍ، ثُمَّ قَدِمْنَا على النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَقَسَمَ بَيْنَنَا غَنِيمَتَنَا، فَأَصَابَ كُلُّ رَجُلٍ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا بَعْدَ الْخُمُسِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّنْفِيلَ مِنْ الْأَمِيرِ، وَالْقِسْمَةَ مِنْهُ- صلى الله عليه وسلم-، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّ التَّنْفِيلَ كَانَ مِنْ الْأَمِيرِ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ بَعْدَ الْوُصُولِ قَسَمَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ الْجَيْشِ، وَتَوَلَّى الْأَمِيرُ قَبْضَ مَا هُوَ لِلسَّرِيَّةِ جُمْلَةً ثُمَّ قَسَمَ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَمَنْ نَسَبَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَلِكَوْنِهِ الَّذِي قَسَمَ أَوَّلًا، وَمَنْ نَسَبَ ذَلِكَ إلَى الْأَمِيرِ فَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ الَّذِي أَعْطَى ذَلِكَ أَصْحَابَهُ آخِرًا.

 وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّنْفِيلِ لِلْجَيْشِ وَدَعْوَى أَنَّهُ.."

الزيادة، الزيادة على ما يستحقه من غنيمة هذا يُسمَّى نفلًا.

أحسن الله إليك.

"ودعوى أنَّه يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، بَلْ تَنْفِيلُ الْأَمِيرِ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ، وَقَوْلُ مَالِكٍ إنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ التَّنْفِيلُ بِشَرْطٍ مِنْ الْأَمِيرِ بِأَنْ يَقُولَ: مَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ نفل كَذَا، قَالَ: لِأَنَّهُ يَكُونُ الْقِتَالُ لِلدُّنْيَا فَلَا يَجُوزُ، يَرُدُّهُ قَوْلُهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ»، سَوَاءٌ قَالَهُ- صلى الله عليه وسلم- قَبْلَ الْقِتَالِ أَمْ بَعْدَهُ؛ لأنَّ تَشْرِيعه عَامٌّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ."

من سمع مثل هذا الكلام وزاد حرصه على قتل المشركين، «من قتل قتيلًا فله سلبه» ثم أثَّر فيه هذا الكلام، وزاد في حرصه على قتل المشركين لا شك أنَّ الزيادة في مقابل هذا الوعد، ويكون فيه ملحظ وهو أنَّه قد يكون أراد بشيء من زيادته في قتل المشركين من أجل الدنيا، إلا أنَّ الباعث الأصلي على الجهاد هو إعلاء كلمة الله تعالى، ثم قد ينتابه ما ينتابه من مثل هذه الأمور.

القارئ: لكن اللازم الشرعي ما يؤثر يا شيخ؟

كيف؟

طالب: ....

أي يكون شرعًا مادام بإذن شرعي مثل هذا، هذا يدل على أنَّ هذا القصد لا يؤثر، لو كان مؤثرًا لم يأذن به الشارع، مثل ملاحظة أمور الدنيا في بعض الأذكار، يعني من قال كذا من الأذكار حُفِظَ من كذا، لم يضره في ذلك اليوم، من أكل، من تصبَّح، من فعل، هذا الملحظ في الذكر قد يكون الباعث للإنسان هذا الحفظ، من قرأ سورة الكرسي، من فعل كذا لم يصبه كذا، أو لم يضره كذا، أما إنَّه لو قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض.. إلخ لم يضره في ذلك اليوم.

المقصود أنَّه قد يُلاحظ الإنسان ما رُتب على الذكر مما يجعل القصد غير خالص لله- جلَّ وعلا-، فنقول: مثل هذا القصد لا يؤثر، ولو كان مؤثرًا، لما ذكره النبي - عليه الصلاة والسلام-.

طالب: .........

ما يقدح، مادام ذكره الشارع ما يقدح، لو كان قادحًا لما ذكره.

أحسن الله إليك.

"وَأَمَّا لُزُومُ كَوْنِ الْقِتَالِ لِلدُّنْيَا فَالْعُمْدَةُ الْبَاعِثُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُه قَوْلُ الْإِمَامِ: مَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا قِتَالُهُ لِلدُّنْيَا بَعْدَ الْإِعْلَامِ أَنَّ الْمُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ جَاهَدَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا. فَمَنْ كَانَ قَصْدُهُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ لَمْ يَضُرَّهُ أَنْ يُرِيدَ مَعَ ذَلِكَ الْمَغْنَمَ وَالِاسْتِرْزَاقَ، كَمَا قَالَ- صلى الله عليه وسلم-: «وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي»."

وابن القيم وغيره يقررون أنَّ أطيب المكاسب، أطيب المكاسب على الإطلاق ما حصل من المغانم؛ لأنَّه رزق النبي- عليه الصلاة والسلام-، «واجعل رزقي تحت ظل رمحي».

طالب: .........

لا، «رجع بمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ».

طالب: ..........

الملحظ في الغنيمة أسهل من الرياء، كونه ليُقال: شجاع، هذا من كل وجه مذموم، ولا يُرخَّص فيه ألبتة؛ لأنَّ الغنيمة لها مبررات، وقصدها له مبررات، قد يكون يريد أو يقصد هذه الغنيمة من أجل إعلاء كلمة الله، يستفيد به في أمور دنياه، وفي أمور دينه، وقد يكون يبرأ به من عهدة واجبات، نفقات، وسداد ديون، وغيرها. أمَّا بالنسبة للرياء فما فيه فائدة ألبتة، هذا جاء فيه الوعيد الشديد.

طالب: ..........

على كل حال إذا كان منصوصًا عليه في النص الصحيح فقصده لا يضر، ولو كان يضر لما نُصَّ عليه.

أحسن الله إليك.

"وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يَكُونُ التَّنْفِيلُ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ الْخُمُسِ أَوْ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ؟ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَكْثَرُ مَا رُوِيَ مِنْ الْأَخْبَارِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التنفيل مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ.

وَعَنْهُ أَيْ ابْنِ عُمَرَ.."

قف على هذا.

أحسن الله إليكم.

وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.