شرح الموطأ - كتاب الجامع (2)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء واغفر للحاضرين والسامعين يا حي يا قيوم قال المصنف رحمه الله تعالى باب ما جاء في وباء المدينة وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أنها قالت لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة وَعك.

وُعك.

أحسن الله إليك.

وُعك أبو بكر وبلال قالت فدخلت عليهما فقلت يا أبت كيف تجدك ويا بلال كيف تجدك؟ قالت فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:

كل امرئ مُصَبَّح في أهله

 

والموت أدنى من شراك نعله

وكان بلال إذا أقلع  عنه يرفع عقيرته فيقول:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة

 

بواد وحولي إذخر وجليل

وهل أردن يوما مياه مجِّنة    .

 

وهل يبدون لي شامة وطفيل

قالت عائشة رضي الله تعالى عنها فجئت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته فقال: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وصححها وبارك لنا في مدها وصاعها وانقل حماها فاجعلها بالجحفة» قال مالك وحدثني يحيى بن سعيد أن عائشة رضي الله تعالى عنها زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: وكان عامر فهيرة يقول:

قد رأيت الموت قبل ذوقه.

 

إن الجبان حتفه من فوقه

وحدثني عن مالك عن نُعيم بن عبد الله بن المُجمر عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال».

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى باب ما جاء في وباء المدينة الوباء المرض العام الذي يكون من سمة هذه الجهة أو تلك بحيث يصيب الكثير من أهلها يسمى وباء بخلاف مرض أمراض الأفراد الذي يصاب هذا بهذا المرض وذاك بهذا المرض وذاك بمرض ثالث ورابع برابع هذا لا يسمى وباء لكنه الذي يعم كثيرًا من الناس ولا يختص بأفراد والمدينة كانت موبوءة كانت موبوءة يعني فيها وباء الحمى بكثرة فدعا النبي -عليه الصلاة والسلام- لمَّا هاجر إليها بالبركة في صاعها ومدها كما دعا أن تُنقل الحمى التي فيها إلى الجحفة والجحفة معروف أنها ميقات من؟

طالب: ..............

الشام ومصر ومن يأتي من تلك الجهات الشمالية والغربية كلهم يحرمون من الجحفة وكانت مأهولة وتسمى مهيعة ثم خربت فصار الناس يحرمون من رابغ يحرمون من رابغ والدعاء بنقل الحمى من المدينة إلى الجحفة لأن غالب سكانها في ذلك الوقت هم من اليهود هم من اليهود يقول وحدثني عن مالك، هذا بحث من واحد من الإخوان يقول الحكمة أو العلة من دعاء الرسول -عليه الصلاة والسلام- بأن ينقل حمى المدينة إلى الجحفة؟ يقول أخرج الإمام أحمد في المسند قال حدثنا يونس إلى أن قال عن عائشة قالت قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهي وبيئة ذُكر أن الحمى صرعتهم فمرض أبو بكر وكان إذا أخذته الحمى يقول وكان بلال يقول مثل اللي عندنا في الباب فلما رأى ذلك قال «اللهم حبب إلينا» نفس الحديث يقول بعد ذلك وخرج الحديث من مصادر ثم قال الجحفة موضع بين مكة والمدينة وهي ميقات أهل الشام وتبعد عن رابغ اثنين وعشرين كيلاً جنوب شرق والحكمة من دعاء الرسول -عليه الصلاة والسلام- بنقل الحمى من المدينة إلى الجحفة يقول أما الحكمة فقد بحثت عنها كثيرًا عند من أورد هذا الحديث لكنني لم أجد من تكلم عنها إلا قليل منهم وممن تكلم عنها الخطابي والنووي وابن حبان يقول النووي في شرح صحيح مسلم عند هذا الحديث وقوله «وحوّل حماها إلى الجحفة» نقل عن الخطابي قال كان ساكنوا الجحفة في ذلك الوقت يهودًا ففيه دليل الدعاء على الكفار بالأمراض والأسقام والهلاك وفيه الدعاء للمسلمين بالصحة وطيب بلادهم والبركة وفيها كشف الضرر والشدائد عنهم وهذا مذهب العلماء كافة إلى أن قال وهذا الحديث من أعلام نبوة نبينا -صلى الله عليه وسلم- فإن الجحفة من يومئذ مجتنبة ولا يشرب منها أحد إلا حمّ وقال ابن حبان والعلة في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بنقل الحمى إلى الجحفة أنها حينئذٍ كانت دار يهود ولم يكن بها مسلم فمن أجله قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- «انقل حمّاها إلى الجحفة» وقد يقول أورد الدكتور صالح الرفاعي في كتابه الأحاديث الواردة في فضائل المدينة نقلا عن الدكتور أكرم العمَري معقبا على قول ابن حبان بأن ابن حبان رحمه الله أسند إلى معلومات تاريخية خاطئة حيث أن الجحفة لم تكن حينئذٍ دارًا لليهود إذ لم ينقل ذلك عن أحد من أصحاب الأخبار والتواريخ وبين ابن حبان وهذه الأحداث ثلاثة قرون قلت غفر الله للعمري فإن ابن حبان لم يتفرد بهذا القول بل ذكره أيضًا الخطابي وغيره قال الإمام النووي وقال الخطابي وغيره كان ساكنوا الجحفة في ذلك الوقت يهودًا وهذا دليل أنه ليس قول ابن حبان فقط بل أيضًا قول الخطابي وغيره وقد ذكر ابن حجر في شرحه لحديث ابن عمر وهي رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة لما قال «رأيت كأن امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى نزلت بمهيعة فتأولتها أن وباء المدينة ينقل إلى مهيعة وهي الجحفة» يقول ابن حجر في فتح الباري وقد وقع في رواية وأُخرجت بزيادة همزة مضمومة في أولها على البناء المجهول ولفظه «وأُخرجت من المدينة فأسكنت الجحفة» وظاهر الترجمة أن فاعل الإخراج هو الرسول -صلى الله عليه وسلم- نسبة إليه لأنه دعا به ثم نقل ابن حجر عن المهلب بن أبي صبرة قوله وهذه الرؤيا من الرؤيا المعبرة وهي مما ضرب وهي مما ضُرب المثل لعلها من ضَرْب المثل أنه شق من اسم السوء والدواء فتأول من ثوران شعر رأسها أن الذي يسوء ويثير الشر يخرج من المدينة وكأنه يفهم من كلام ابن حجر هذا أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- دعا لأنه رأى في المنام أنها أخرجت بسبب دعائه فدعا أو أنه دعا بسبب الرؤيا وقد تكون العلة وهو أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما رأى ما بأصحابه من أذى ومرض بسبب هذه الحمى شق عليه ذلك فأراد أن يدعو الله أن يرفع عنهم هذا المرض فاستحيا أن يطلب من ربه أن يرفعها كليًا فدعا أن ينقلها إلى مكان آخر وهو الجحفة هذا والله أعلم بالصواب وأحكم بالمراد إلى آخره. الخلاصة أنهم كما قالوا يعني قالوا أن الجحفة كان بها نفر من اليهود فإن أسلموا انتقلوا إليها إلى المدينة يعني من أسلم منهم ينتقل إلى المدينة ولا يتضرر بها ومن بقي على يهوديته لا مانع من الدعاء عليه يقول وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة وُعك أبو بكر وبلال يعني أصيبوا بهذه الحمى قالت فدخلت عليهما فقلت يا أبت كيف تجدك ويا بلال كيف تجدك دخلت عليهما يعني الظاهر أنهما في مكان واحد فدَخَلت عليهما فقالت يا أبت كيف تجدك ويا بلال كيف تجدك؟ يعني تسأل عن حالهما وهذا يعني مما يشرع للزائر زائر المريض أن يسأله عن حاله أن يسأله عن حاله وإنما زاره من أجل هذا قالت فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:

كل امرئ مصبح في أهله  

 

والموت أدنى من شراك نعله

لأنها تشتد عليه فيرى أن الموت قريب منه فيقول يتمثل بهذا البيت وكان بلال إذا أقلع عنه يعني خفت عليه الحمى يرفع عقيرته يعني صوته فيقول:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة 

 

بواد وحولي إذخر وجليل

نبتان ينبتان بمكة الإذخر معروف والجليل نبت أيضًا يستفاد منه بمكة في البيوت وهو نبت طيب الرائحة إذخر وجليل.

وهل أردن يوما مياه مجنة              .

 

..................................       .

مجنة السوق المعروف في الجاهلية قريب من مكة يبعد عنها ما يقرب من عشرين كيلو أو يزيد قليلاً ومثله أيضًا سوق عكاظ ذو المجاز أسواق معروفة في الجاهلية منها مِجَّنة.

وهل أردن يومًا مياه مِجَّنة 

 

وهل يبدون لي شامة وطفيل

قالوا جبلان بمكة والخطابي في شرحه على أو تعليقه على البخاري يقول كنت أظنهما جبلان تقليدًا لغيري فلما وقفت عليهما إذا بهما عينان من ماء تنبعان يبع منهما الماء وليسا بجبلين وكأن بلالاً يتغنى بمكة ويتشوف إليها لأنها خالية وسالمة من هذا الوباء وليس معنى هذا أنه يأسف من هجرته مع النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن الحنين إلى الوطن الأول لا شك أنه أمر غريزي جبلي ولا مانع منه إذا لم يؤد ذلك إلى تقديمه على مراد الله ومراد رسوله -عليه الصلاة والسلام- والناس مفطورون على الحنين إلى البلدان التي ولدوا فيها وترعرعوا فيها ونشئوا فيها وهذا لا يمنع منه الشرع ما لم يترتب عليه تقديم هذه المحبة على مراد الله جل وعلا أو تفضيل هذا البلد على ما فضله الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام- قالت عائشة فجئت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته فقال «اللهم حبب إلينا المدينة» يعني كلام بلال الذي يتمثل به لا شك أنه يدل على أن في نفسه أن المدينة مفضولة وأن مكة أفضل منها وبهذا قال جماهير أهل العلم لكن المهاجر من المسلمين إذا حن إلى بلده الأول كأنه يتأسف على هجرته فمثل هؤلاء إذا دعا لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يحبب إليهم المدينة لا شك أنهم سوف يفقدون مثل هذا الحنين ولا يجوز سُكناهم بمكة أو رجعوهم إلى مكة لأنهم تركوها لله ولرسوله -عليه الصلاة والسلام- ولا يجوز لهم المقام فيها أكثر من ثلاثة أيام فالدعاء بتحبيب المدينة بالنسبة للمهاجرين على كل بلد وبالنسبة لغيرهم على بلدانهم حاشا مكة فإنها أفضل منها عند جمهور أهل العلم وإن قال مالك بتفضيل المدينة على مكة «كحبنا مكة أو أشد كحبنا مكة أو أشد وصححها وبارك لنا في صاعها ومدها» وعرفنا أن الصاع مكيال يسع يسع أربعة أمداد والمد ملئ كفي الرجل المعتدل وانقل حُمّاها فاجعلها بالجحفة وهذا الذي سبق عنه الحديث والحديث متفق عليه مخرج في الصحيحين وقال مالك وحدثني يحيى بن سعيد أن عائشة قالت وكان عامر بن فهيرة يقول البخاري ترجم للحديث الأول في كتاب المرضى بزيارة المرأة للرجل الأجنبي زيارة المرأة للرجل الأجنبي المريض يعني لو أن المرأة مرت بمستشفى ووقفت على الباب كيف حالك يا فلان إذا كان من معارفها وأمنت الفتنة ولم توجد خلوة مع أن الذي يغلب من من على الظن من خلال هذا النص أنهما معًا في مكان واحد يعني أباها وبلال رضي الله عن الجميع.

طالب: مولاهم يا شيخ.

نعم.

طالب: بلال مولاهم.

هو مولاهم لكنه لما عتق..

طالب: ..............

على كل حال بينهم وبينه دالة وصلة ترتفع معها الفتنة وخشية الفتنة فالفتنة مأمونة قال مالك وحدثني يحيى بن سعيد أن عائشة قالت وكان عامر بن فهيرة يقول:

قد رأيت الموت قبل ذوقه .

 

إن الجبان حتفه من فوقه

يعني الجبان الذي يخاف الموت ويدرأ الموت ولا يغشى الأماكن التي يخاف منها لا شك أنه ينزل عليه الموت بالقدر من السماء فالإنسان قد يتخوف من الموت فلا يجاهد قد يتخوف من الموت فلا يسافر قد يتخوف من الموت فلا يطلع أو يصعد على مكان مرتفع لكن إذا كان الموت يأتيه وهو في فراشه يعني مثل ما عرف عن بعض العوام قيل له إن فلان ذهب إلى الجهاد فقتل قال ما نروح للجهاد لأننا نخاف من الموت قالوا طلع على نخلة صعد على نخلة فسقط فمات قال ما نصع فعل كذا قال ما نفعل قال فلان مات على فراشه قال خف من هذا هذا اللي عاد ما له علاج وهو معنى قوله:

قد رأيت الموت قبل ذوقه .

 

إن الجبان حتفه من فوقه 

ولا شك أن الشجاعة لا تقرب المنية والله المستعان.

طالب: ..............

ما فيه إشكال إذا كان معناه صحيح ما فيه إشكال.

طالب: ..............

على كل حال إذا كان يخشى الوفاة وأنشد شعرًا يذكره أو يذكر السامع بما يناسب الحال ما فيه أدنى إشكال وحدثني مالك أو حدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن أبي هريرة أنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «على أنقاب المدينة ملائكة» يعني على سِككها ومداخلها، نعم.

طالب: ..............

ما فيه إشكال غريزي جبلي هذا لكن بحيث لا يقدَّم على ما جاء به الشرع يعني بعض الناس حبه لوطنه يجعله أفضل من الأماكن المقدسة نقول لا يا أخي حبه لوطنه يجعله لا يخرجه منه إلى ما أوجب الله عز وجل حبه لوطنه يجعله يحمل الحقد والبغض لبعض المسلمين الذين ليسوا من وطنه هذا كله ما يجوز.

طالب: ..............

لا لا ما فيه إشكال هذا غريزي.

طالب: ..............

لا لا بلاد بلاد الحرب تجب عليه الهجرة تجب عليه الهجرة لكن لو تمنى أن يسلم أهل هذه البلاد ما يذم، نعم.

طالب: أقول أهله وقبيلته يتمنى أن يسلموا.

ما فيه إشكال هذا المسألة غريزية مثل حب من أحسن وحب الولد وحب القريب وما أشبه ذلك أمور مفطور عليها الإنسان لكن العبرة في الحب الشرعي الحب الاختياري إذا قدم هذا الحب على مراد الله جل وعلا وعلى مراد رسوله -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه مذموم «على أنقاب المدينة» يعني سككها ومداخلها «ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال لا يدخلها الطاعون ولا الدجال» من سكن المدينة لهذه العلة لأنه لا يدخلها الطاعون لا شك أنه مقصد لا يؤثر في النية لماذا؟ لأنه لو كان مؤثرًا ما نص عليه لكن من هاجر إلى المدينة لما فيها أو ما ورد فيها من فضل وأجر في الصبر على لأوائها ومضاعفة للصلوات في مسجدها لا شك أن أجره عظيم وإن شاركه شيء من هذا فإنه لا يؤثر حينئذٍ ولا الدجال لكن من في قلبه مرض أو فيه نفاق ترجف المدينة رجفات حتى يخرج من في قلبه شيء من ذلك حتى يصل إلى الدجال ويخرج إليه والمدينة تنفي خبثها كما في جاء في الحديث الصحيح، نعم.

أحسن الله إليك.

باب ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة وحدثني وحدثني عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى يقول كان من آخر ما تكلم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قال «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقيَن دينان بأرض العرب» وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» قال مالك قال ابن شهاب ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حتى أتاه الثلج واليقين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» فأجلى يهود خيبر قال مالك وقد أجلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يهود نجران وفدك فأما يهود خيبر فخرجوا منها ليس لهم من الثمر ولا من الأرض شيء وأما يهود فدك فكان لهم نصف الثمر ونصف الأرض لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان صالحهم على نصف الثمر ونصف الأرض فأقام لهم عمر نصف الثمر ونصف الأرض قيمة قيمة من ذهب وورق وإبل وحبال وأقتاب ثم أعطاهم القيمة وأجلاهم منها.

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: باب ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة إجلاء اليهود من المدينة لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أبقاهم في خيبر في أطراف المدينة حتى ينظر في حكمهم وعامَلهم على خيبر بشطر ما يخرج منها وأبقاهم حتى يأتي الحكم النهائي في آخر حياته -عليه الصلاة والسلام- حيث قرر إجلاءهم من بلاد العرب ومن جزيرة العرب بحيث لا يجتمع دينان في جزيرة العرب وبلاد العرب وكانت هذه وصيته -عليه الصلاة والسلام- في مرض موته ونفّذ عمر رضي الله تعالى عنه هذه الوصية فأجلاهم أجلاهم من خيبر وفدك ونجران مما يدل على أن المراد بجزيرة العرب هو المعنى الأعم الذي يشمل القطر المحدود بالبحار من الجهات هذه جزيرة العرب وإن كان بعض أهل العلم يرى أن المراد الحجاز فقط وبعضهم يضم إليها اليمامة على كل حال الخلاف موجود في كلام أهل العلم لكن المتبادر أن جزيرة العرب تشمل ما تحده البحار من الجهات الثلاث إلى أطراف الشام وحدثني عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول كان من آخر ما تكلم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا شك أن هذا مرسل وهو موصول في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها كان من آخر ما تكلم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قال: «قاتل الله اليهود والنصارى» قاتلهم وتطلق المقاتلة هنا بإزاء اللعن ولذا جاء في بعض الطرق وبعض الأحاديث «لعنة الله على اليهود والنصارى» أو «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ومقابلة الجمع بالجمع اليهود والنصارى وقبور وأنبياء تقتضي القسمة أفراد يعني أن قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قاتل النصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد والمعروف أن النصارى ليس لهم نبي إلا عيسى عليه السلام فقط ومع ذلك عيسى رفع وليس له قبر على وجه الأرض فيكون المراد المجموع اليهود والنصارى قاتلهم الله اتخذوا قبور أنبيائهم لأن أنبياء اليهود أنبياء للنصارى وديانة عيسى عليه السلام متممة لديانة موسى فأنبياء اليهود أنبياء للنصارى وبعض بعض الروايات «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد» فيكون الأنبياء بالنسبة لليهود والصالحين بالنسبة للنصارى واتخاذ القبر مسجد بمزاولة العبادات التي إنما تشرع في المسجد عند هذه القبور فاتخاذ القبور مساجد لا شك أنه يجر إلى تعظيم هؤلاء المقبورين وتحريم العبادات في القبور أو في المقابر ليس لنجاستها كما يقول بعضهم بعض أهل العلم يرى أنها إنما تمنع الصلاة في المقبرة لنجاستها ويفرقون بين المقبرة المنبوشة وغير المنبوشة والمقبرة التي فرش  عليها فرش أو طُيِّنت بطين طاهر كل هذا لا قيمة له لأن المقبرة الأصل الطهارة والمقبورون إن كانوا مسلمين فالمسلم لا ينجس حيًا ولا ميتًا وكذلك عموم الآدمي لا ينجس بالموت فإذا كانت منبوشة واختلطت بدماء الأموات وصديدهم وكذا يتجه لكن ليس النهي من أجل النجاسة الحسية وإنما هو لنجاسة الشرك المعنوية فالمنع من مزاولة هذه العبادات وتشبيهها بالقبور إنما هو لسد الذريعة الموصلة للشرك وكم من شخص تساهل في هذا الأمر ثم جره ذلك إلى الشرك الأكبر فعبد القبور وعبد المقبور دون الله جل وعلا ويوجد كتاب مع الأسف الشديد أنه لشخص له عناية بالسنة لكن العلم إن لم يصحبه التوفيق لا ينفع صاحبه وإذا لم يصحبه التحقيق فإنه يكون وبالاً على صاحبه أحمد بن الصديق الغماري له كتاب اسمه إحياء المقبور في مشروعية بناء المشاهد والقباب على القبور وفي مقدمته ذكر تساؤلاً فقال هل يشرع البناء على القبور مشاهد وقباب وأضرحة مرتفعة كما كما أجمع عليه المسلمون من سلف الأمة وأئمتها إلى يومنا هذا أو لا تشرع بل تعد بدعة محرمة كما يقوله وصفه بأوصاف قبيحة ويقصد بذلك الإمام المجدد رحمه الله تعالى وقال إنه تعدّى واعتدى على قبور الصحابة وقبور التابعين وقبور خيار الأمة لما استولوا على الحرمين أما بلادهم يعني نجد فباعتبار أنه لا يوجد فيها لا عالم ولا صالح ولا ولي يستحق أن يبنى عليه فليس فيه شيء من ذلك نسأل الله السلامة والعافية يعني قلب للحقائق مع أن له عناية بالسنة لكنه مع ذلك لم يؤت زكاءًا ولم يؤت تحقيقًا وفيه رفض بل غلو في الرفض نسأل الله العافية مع كونه متصوّف غال في التصوف أيضًا هو متلبس بالرفض الكامل نسأل الله السلامة والعافية وقدح في الصحيحين وفي البخاري ومسلم من أجل الحارث الأعور فنسأل الله السلامة والعافية هذا تصور من شخص له عناية له يد في السنة يعلق على كتب السنة لكن إذا لم يصحبها التطبيق للسنة فلا إذا كانت دراستها من أجل أن يقال أنه عالم بالسنة أو لأنه يهوى هذا الفن أو من أجل البركة على حد زعمهم أن كل هذا لا ينفع صاحبه نسأل الله السلامة والعافية ورأيت بخطه على نسخته من كتاب تلخيص الاستغاثة لشيخ الإسلام ابن تيمية ماسح الإسلام كاتب الكفار وبدل رحمه الله كاتب لعنه الله نسأل الله السلامة والعافية.

طالب: ..................

كلهم ماتوا آخرهم عبد الله آخرهم عبد الله.

طالب: ..................

هذا الإشكال أنه بعض المؤرخين يذكر مثل هذه الأمور ولا يعلق عليها يذكر مثل هذه الأمور ولا يعلق عليها يقول قبر معروف وبعضهم يقول ترياق يقول تستجاب يستجاب عنده له مشهد مشهور كل هذا لا بد من التعليق عليه لا بد أن يعلَّق عليه والله المستعان وكم فُتن فئام من المسلمين بسبب هذه القبور وكم ابتلي ممن ينتسب إلى العلم بهذه الأمور حتى أنه يوجد من من من من الكبار من الفقهاء ومن الأصوليين وغيرهم تجده سادن قبر نسأل الله السلامة والعافية ويوجد أيضًا في نجد قبل دعوة الشيخ شيء من هذا يوجد شيء من التعلق بالقبور يوجد تعلق بأشجار وأحجار لكن هذه الدعوة من المباركة من الإمام المجدد رحمه الله تعالى جعلت هذه البلاد خالية من ذلك تمامًا نسأل الله جل وعلا أن يديم النعمة فإنه بتحقيق التوحيد يتحقق الأمن المنشود الذي يطلبه الناس كلهم ﵟ{ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗا } النور: ٥٥  علشان إيش { يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡـٔٗا } النور: ٥٥  فتحقيق التوحيد والقضاء على جميع مظاهر الشرك هو الذي يحقق الأمن وما عدا ذلك لن ولم يحصل الأمن في وقت من الأوقات مع هذه المخالفات العقدية «قاتل الله اليهود والنصارى».

طالب: ... بعض دعوة طلاب العلم إلى الآثار في المدينة ....

لا شك الدعوة إلى إحياء الآثار والتعلق بالآثار أنه وسيلة إلى مثل هذه الأمور وسيلة إلى مثل هذه الأمور وكُتب في الصحف قديمًا وحديثًا من يدعو إلى تعظيم الآثار وإحياء هذه الآثار وبعثها من جيد وللشيخ ابن باز رحمه الله تعالى رد جميل على من كتب في هذا الموضوع سماه ما هكذا تعظم الآثار أو ما هكذا.. على كل حال المسألة معروفة يعني عند أهل العلم ولا شك أن مثل هذه الآثار تجر ولذا أمر عمر رضي الله تعالى عنه بقطع الشجرة التي حصلت تحتها البيعة والشجرة أيضا التي في ذي الحليفة كلها خشية أن يتعلق بها ثم يؤول الأمر إلى أن تعبد من دون الله «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذ قبور أنبيائهم مساجد لا يبقين دينان بأرض العرب» والحديث متفق عليه «لا يبقين دينان في أرض العرب» ولذا يُخطئ بل يأثم من يستقدم عامل غير مسلم لأنه يكون سببًا في اجتماع أكثر من دين في جزيرة العرب وأرض العرب ثم قال وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» وهذا كسابقه والمراد بالجزيرة ما تحفه البحار من الجهات إلى أطراف الشام، نعم.

طالب: ..................

نعم غلام المغيرة أبو لؤلؤة المجوسي موجود لكنه موجود على أنه رقيق على أنه رقيق يعني يختلف وضع الرقيق عن وضع الحر قال مالك قال ابن شهاب ففحص عن ذلك عمر يعني فتش عن حقيقة هذا الخبر حتى أتاه الثلج واليقين يعني الخبر الذي لا تردد فيه بحيث ارتاح له ضميره واطمأنت نفسه بذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» فأجلى يهود خيبر فأجلى يهود خيبر قال مالك وقد أجلى عمر بن الخطاب يهود نجران وفدك نجران بعيدة جدًا عن بلاد الحجاز في جنوب الجزيرة فأجلاهم فأما يهود خيبر فخرجوا منها ليس لهم من الثمر ولا من الأرض شيء لأنهم أُبقوا حتى يحكم الله من دون شرط وأما يهود فدك وفدك على مسافة القصر من المدينة فكان لهم نصف الثمر ونصف الأرض شرط لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان صالحهم  على نصف الثمر ونصف الأرض ومن العدل في الإسلام أن يوفى لهم بما اتُّفق عليه معهم يوفى لهم بما اتفق معهم فأقام لهم عمر نصف الثمر ونصف الأرض قيمة قيمةً من ذهب وورِق يعني قوَّم قوَّم نصف الثمر ونصف الأرض قيمة من ذهب وورِق ومن فضة وإبل وحِبال وأقتاب يعني الرحل الذي يوضع على الدابَّة ثم أعطاهم القيمة وأجلاهم منها يعني وفَّى لهم بما اشترطوا وما اتفق معه عليهم، نعم.

أحسن الله إليك.

باب جامع ما جاء في أمر المدينة وحدثني يحيى وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلع له أحد فقال «هذا جبل يحبنا ونحبه» وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أن أسلم مولى عمر بن الخطاب أخبره أنه زار عبد الله بن عياش المخزومي أنه زار عبد الله بن عياش المخزومي فرأى عنده نبيذًا وهو بطريق مكة فقال له أسلم إن هذا الشراب يحبه عمر.

الشرابَ.

أحسن الله إليك.

إن هذا الشرابَ يحبه عمر بن الخطاب رضي الله تعلى عنه فحمل عبد الله بن عياش قدحًا عظيمًا فجاء به إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فوضعه في ديديه فقربه عمر إلى فيه ثم رفع رأسه فقال عمر إن هذا لشراب طيِّب فشرب منه ثم ناوله رجلاً عن يمينه فلما أدبر عبد الله ناداه عمر بن الخطاب فقال أأنت القائل لمكة خير من المدينة فقال عبد الله فقلت هي حرم الله وأمنه وفيها بيته فقال عمر لا أقول في بيت الله ولا في حرمه شيئًا ثم قال عمر أأنت القائل لمكة خير من المدينة قال فقلت هي حرم الله وأمنه وفيها بيته فقال عمر لا أقول في حرم الله ولا في بيته شيئًا ثم انصرف.

نعم يقول رحمه الله تعالى باب جامع ما جاء في أمر المدينة وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلع له أحد فقال «هذا جبل يحبنا ونحبه» كونهم يحبونه المحبة من الآدمي متصورة لأن لأنه يعقل وفيه أيضًا العاطفة فيه المودة وفيه الرحمة وفيه جميع ما جبل عليهم من خصال لكن ويحبنا أما نحبه هذا واضح وهذا من حب بعض البقاع التي جاء الشرع بمحبتها ولا يقال أن هذا تعظيم للآثار بحيث يصرف لها شيء من العبادة فلا مزية لها من حيث فضل ما يقام فيها لا يقال أنه يحبه الرسول -عليه الصلاة والسلام- إذًا الصلاة أفضل من غيره لا، لا يقال كون هذا الجبل يحبه النبي -عليه الصلاة والسلام- أن العبادة فيه أفضل من غيره كما أنه لا يقال في الأنهار التي قيل إنها من أنهار الجنة أن لها مزية على غيرها فالاغتسال فيها أفضل من غيرها لأنه لم يدل الدليل على ذلك تبقى أن لها مزية لكن التعبد فيها ممنوع وابتداع يعني النيل والفرات سيحان وجيحان من أنهار الجنة لكن هل الاغتسال فيها أفضل من غيرها ما جاء ما يدل على ذلك فالتعبد بمثل هذا ابتداع بخلاف الروضة يعني الروضة «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» لو لم نقف إلا على هذا قلنا مثل هذه لكن حديث «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا» يدل على أن لها مزية على غيرها وأن التعبد فيها فاضل «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» هل نقول أنه مثل النيل والفرات أنهار من أنهار الجنة؟ نقول النيل والفرات ما فيه إذا مررتم بأنهار الجنة فاغتسلوا لو كان فيها ذلك قلنا نعم لكن جاء في الحديث الصحيح «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا» وهذا فرد من أفراد أعني ما بين البيت والمنبر فرد من أفراد هذا الحديث والتنصيص على حلق الذكر لا يقتضي التخصيص  التنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص كما أن التنصيص على الرمي لا يقتضي تخصيص القوة بالرمي { وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ } الأنفال: ٦٠  «ألا إن القوة الرمي» لا يقتضي التخصيص بل الرمي فرد من أفراد العام والتنصيص عليه يقتضي أن له مزية لكن لا يقتضي التخصيص نعم إذا كان الشخص ممن يقتدى به ورأى أن بعض الناس قد يصرفون أو يتعلقون بهذا المكان مما لا يجوز صرفه أو أداؤه في هذا المكان أو يحدث في ذلك زحام شديد بحيث يشق على الناس لأنهم رأوا الشيخ المقتدى به فلان يقصد هذه الروضة ولا يصلي إلا فيها هذه مسألة يعود الأمر فيها إلى أمر خارج لكن في الظروف العادية والطبيعية لا شك أن لها مزيّة لأن لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا» وهذه روضة من رياض الجنة، نعم.

طالب: ....................

يقول طلع له أحد فقال «هذا جبل يحبنا ونحبه» يحبنا الأصل أن المحبة لا تصدر إلا من أهل المحبة وهو العاقل لكن غير العقلاء من الأحياء من الحيوانات فيها قوى مدركة تحب ما ينفعها وتكره ما يضرها بواسطة هذه القوّة المدركة لارتفاع العقل عنها الذي هو مناط التكليف وأما الجمادات فالقدرة الإلهية صالحة أن يوجد فيها مثل هذه المحبة وكما أنها تتكلم في كما جاء في النصوص الصحيحة قال وحدثني عن مالك الباب طويل جزاك الله خير يعني لو أجلته فهو أفضل حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أن أسلم مولى عمر بن الخطاب أخبره أنه زار عبد الله بن عياش المخزومي فرأى عنده نبيذًا النبيذ ماء ينبذ يعني يلقى فيه شيء من التمر أو الزبيب ليكون حلوًا مذاقه فيطيب طعمه ولا يترك حتى يشتد ويقذف بالزبد حتى إذا أتى عليه أكثر من يومين لا شك أنه بيتغير واليومان أيضًا في الأيام شديدة الحر كفيلة بتغيره ولذا كان ينبذ للنبي -عليه الصلاة والسلام- يوم وليلة فقط ثم يشربه وكان يحبه وعمر رضي الله تعالى عنه يحبه فرأى عنده نبيذًا وهو بطريق مكة وقال له أسلم مولى عمر إن هذا الشراب يحبه عمر بن الخطاب فحمل عبد الله بن عياش قدحًا عظيمًا يعني إناء فيه من هذا الشراب فجاء به إلى عمر بن الخطاب فوضعه بين يديه فقربه عمر إلى فيه ثم رفع رأسه فقال عمر إن هذا لشراب طيب كان يعمل للنبي -عليه الصلاة والسلام- ينبذ له الليلة أو اليوم وإذا غلب على الظن أنه تغير أو شُك فيه يجب تركه إن هذا لشراب طيب فشرب منه ثم ناوله رجل عن يمينه وهذه السنة أو يناوَل من على اليمين ولو كان صغيرًا أو كان شأنه أقل ممن على اليسار كما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا حيث أعطى الإناء الأعرابي وأعطى ابن عباس وعن يساره أبو بكر وعمر رضي الله عن الجميع، اللهم صلى على محمد.

طالب: ....................

البداءة بالكبير بالكبير سواء كان سِنًا أو قدرًا يبدأ به ثم من عن يمينه. ثم ناوله رجل عن يمينه فلما أدبر عبد الله ناداه عمر بن الخطاب ثم قال أأنت القائل لمكة خير من المدينة؟ فقال عبد الله فقلت هي حرم الله وأمنه وفيها بيته والمسألة تقدم الكلام فيها وأن جمهور أهل العلم على تفضيل مكة ومالك يفضل المدينة على مكة وابن عبد البر وهو من أئمة المالكية يقول بقول الجمهور يقول أأنت القائل لمكة خير من المدينة؟ اللام لام التوكيد وكأنها واقعة في جواب قسم مقدر والله لمكة خير من المدينة وإذا قال هذا الكلام لا شك أنه عند من يفضل مكة على المدينة متجه يعني ما يلام على هذا وإذا نظرنا إلى المضاعفة مضاعفة الصلاة اتجه مثل هذا الكلام لكن هذا الكلام هل يصلح أن يلقى على أناس منعوا من الرجوع إلى مكة لتركهم إياها لله ورسوله؟ لا ما يصلح لأن هذا يغري بعضهم للرجوع إلى مكة فلا يصلح أن يلقى مثل هذا الكلام وإن كان في أصله صحيح وإذا تضمن التفضيل تنقص المفضول منع؛ لأن هذه العبارة لمكة خير من المدينة هذا يقتضي أو يشم منه رائحة التنقص للمفضول ولا شك أن المفضول فاضل بنص الشرع لكن وإن كان المفضل عليه أفضل بنص الشرع أيضًا ولذا جاء في الحديث «لا تفضلوا بين الأنبياء» «لا تفضلوني على يونس بن متى» «لا تفضلوا بين الأنبياء» مع أن الله جل وعلا قال { ۞ تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۘ } البقرة: ٢٥٣  والنبي -عليه الصلاة والسلام- هو أفضلهم وأشرفهم على الإطلاق لكن إذا ت ضمن التفضيل تنقص المفضول منع وهو من هذه الحيثية إذا كان يتضمن تنقص المدينة يمنع وإذا كان أيضًا يؤدي إلى رجوع بعض المهاجرين إلى إلى مكة مع أنهم ممنوعون من الرجوع إليها فإنه حينئذٍ يمنع فقال عبد الله فقلت هي حرم الله وأمنه وفيها بيته فقال عمر لا أقول في بيت الله ولا في حرمه شيئًا لكن مفاد قولك إما أن يتضمن تنقص المدينة وقد فضلها النبي -عليه الصلاة والسلام- وبين شرفها وفضلها وحث على سكناها أو يكون فيه إغراء لبعض من هاجر من مكة إلى الرجوع إليها ثم قال عمر أأنت القائل لمكة خير من المدينة؟ قال فقلت هي حرم الله وأمنه وفيها بيته فقال عمر لا أقول في حرم الله ولا في بيته شيئًا ثم انصرف يعني اكتفى بهذا لأن عمر لا يستطيع أن يقول أن مكة مفضولة وقد فضلها الله جل وعلا وفضلها رسوله -عليه الصلاة والسلام- إلا أنه أراد أن يبين ميزة مكة يعني نظير ذلك شخص يثني على صحيح مسلم مثلاً يثني على صحيح مسلم والدرس كله على صحيح مسلم والثناء عليه لأنه من يوجد من يتنقصه ويوجد من يزهد به من طلاب العلم ثم يأتي شخص يقول لكن صحيح البخاري أفضل منه عندنا خبر أن صحيح البخاري أفضل منه لكن ما هو بهذا وقته ليس هذا وقته عندنا جزم بأن صحيح البخاري يعني هل من يفضل صحيح البخاري مقتضاه أنه يفضله على القرآن؟ ما هو بصحيح أو يفضل شيئًا مقتضاه أنه يفضله على ما هو أفضل منه هذا ليس بصحيح ومن قال بذلك فلا شك أنه فهم فهمًا خاطئًا من مفهوم اللقب ومفهوم اللقب معروف عند أهل العلم أنه لا يجوز الاحتجاج به يعني إذا تكلم عن صحيح مسلم مثلاً أو سنن أبي داود هل معنى هذا أنني أفضه على غيره لا ليس معنى هذا أني أُفضله على غيره، نعم.

أحسن الله إليك.

باب ما جاء في الطاعون وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه وأصحابه فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام قال ابن عباس فقال عمر بن الخطاب ادع لي المهاجرين الأولين فدعاهم فاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام فاختلفوا فقال بعضهم قد خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه وقال بعضهم معك بقية الناس وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء فقال عمر ارتفعوا عني ثم قال ادع لي الأنصار فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم فقال ارتفعوا عني ثم قال ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلف عليه منهم اثنان فقالوا نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء فنادى عمر في الناس إني مصبِّح على ظهر وأصبح فأصبحوا عليه.

فأصبِحوا.

فأصبِحوا عليه فقال أبو عبيدة رضي الله تعالى عنه أفرارًا من قدر الله؟! فقال عمر رضي الله تعالى عنه لو كان ولو غيرك قالها يا أبا عبيدة نعم نفر من قدر إلى قدر الله أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديًا له عدوتان إحداهما مخصبة والأخرى والأخرى جدبة أليس إن رعيت المخصبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان غائبًا في بعض حاجته فقال إن عندي من هذا علمًا سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا سمعت به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه» قال فحمد الله عمرُ ثم انصرف وحدثني عن مالك عن محمد بن المنكدر وعن سالم بن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد ما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الطاعون فقال أسامة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الطاعون رجز أرسل على طائفة من بني إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه» قال مالك قال أبو النضر لا يخرجكم إلا فرارًا منه وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه خرج إلى الشام فلما وبلغه أن الوباء قد وقع في الشام فأخبره عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه» ورجع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه من سَرغ وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إنما رجع بالناس من سرغ عن حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه وحدثني عن مالك أنه قال بلغني أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال لبيت بركبة أحب إلي.

بركبةَ.

أحسن الله إليك.

لبيت بركبةَ أحب إلي من عشرة أبيات بالشام قال مالك يريد لطول الأعمار والبقاء ولشدة الوباء بالشام.

يقول المؤلف رحمه الله تعالى باب ما جاء في الطاعون الطاعون مرض صفته العموم والشمول إذا نزل أصاب الكثير وعلى مر التاريخ تجد المؤرخين يذكرون هذه الطواعين ويسمونها بأسمائها طاعون عمواس وطاعون الجارف وطاعون كذا لأنها يؤرخ بها لشدة أثرها وفي السنين الأخيرة سنة الرحمة لأنه جاء في وصف الطاعون أنه رحمة وأنه شهادة ولذا يقول أهل العلم إذا نزلت بالمسلمين نازلة غير الطاعون فإن الإمام يقنت في الفرائض لأن الطاعون إذا نزل لا شك أنه يكون سببًا في وفاة الكثير لكنه شهادة والمطعون شهيد المصاب بالطاعون في السنين الأخيرة هناك سنة تسمى سنة الرحمة وهي سنة ألف وثلاثمائة وسبعة وثلاثين هذه جاءت على هذه البلاد فتوفي الجمع الغفير من أهلها بسبب هذا الوباء.

طالب: ....................

إذا كثر، كيف؟

طالب: ....................

رحمة.

طالب: ....................

لا لا، النص على الطاعون فقط.

طالب: ....................

بذل الماعون في فضل الطاعون هذا كتاب لابن حجر المقصود أنه جاء في فضله أشياء.. نصوص وإذا جاء إلى بلد لا شك أنه يؤثر فيها تأثيرًا بالغًا وقد يموت جميع الأسرة في بعض الأسر انتهت بهذا الطاعون وطاعون عَمَواس الواقع سنة ثمان عشرة ذهب فيه جمع من الصحابة ولعله هذا الذي وقع في عهد عمر رضي الله عنه على كل حال يقول وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الحميد عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بِسرغ سرغ قرية بوادي تبوك في أطراف الشام يعني في الحد الفاصل بين جزيرة العرب والشام وهو مصروف وغير مصروف يجوز صرفه ويجوز منعه من الصرف أما المنع فلعلتين العلمية والتأنيث إذا أردنا البقعة وإذا صرفناه قلنا إنه ثلاثي ساكن الوسط ثلاثي ساكن الوسط مثل هند مثلاً مصروف وإن كان علم على مؤنث إلا أنه ثلاثي ساكن الوسط ليت هندًا مصروف فمثل هذا يصرف لأنه خفيف نوح ولوط كانت أسماء أعجمية لكنها مصروفة لأنها ثلاثية ساكنة الوسط فيجوز الصرف والعدم وعدم الصرف حتى إذا كان بسرغ لقي أمراء الأجناد يعني الأجناد جمع جند هم الذين بعثهم عمر رضي الله تعالى عنه عام الفتوح وأمر على كل طائفة منهم أميرا هؤلاء هم أمراء الأجناد قال أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوبأ بالقصر أو الوباء بالمد مع أنهم يُفضلون القصر قد وقع بالشام قد وقع بأرض الشام فقال ابن عباس فقال عمر بن الخطاب ادع لي المهاجرين هكذا إذا أشكل عليه شيء يدعو أهل العلم ادع لي المهاجرين وينزلهم منازلهم ويرتبهم ترتيبهم فالمهاجرون يُبدأ بهم كما بدأ بهم الرب جل وعلا في سورة الحشر ثم يثنى بالأنصار ثم يثنى يثلث بمن تبعهم بإحسان فقال ادع لي المهاجرين الأولين فدعاهم فاستشارهم وش رأيكم ندخل والا ما ندخل؟ فأخبرهم أن الوبأ وقع بالشام فاختلفوا فقال بعضهم قد خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنهم يعني مهما كلفك هذا الأمر أنت خرجت لهذا الأمر وهذا الأمر مما يرضي الله جل وعلا فلا ترجع عنه وقال بعضهم معك بقية الناس وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء يعني إذا كانت نفسك ترخص عليك في سبيل الله فانظر إلى من معك فانظر إلى من معك فقال ارتفعوا عني خلاص عرف رأيهم ثم قال ادع لي الأنصار فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين اختلفوا كاختلافهم فقال ارتفعوا عني يعني بعضهم قال أقدم أنت جئت لأمر يحبه الله جل وعلا فلا ترجع عنه وبعضهم قال لا الآن معك بقية الناس فلا تقحم تقحمهم في هذا الوباء الذي يكون سببًا للقضاء عليهم فقال ارتفعوا عني ثم قال ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش يعني من مسلمة الفتح ممن جاء بعدهم من مهاجرة الفتح فدعوتهم منهم من يقول أنهم أسلموا قبل الفتح وهاجروا في الفتح ومنهم من يقول أنهم هم مسلمة الفتح وهذا هو الظاهر من مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلف عليه منهم اثنان فقالوا نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء وهذا لا شك أنه ناتج عن يعني إذا نظرنا أن في المهاجرين ممن يحب لقاء الله ممن قدّم لدينه وضحى لدينه وكذلك الأنصار فإن هؤلاء ممن تأخر إسلامهم لا شك أنهم ليسوا في المنزلة من منزلة المهاجرين والأنصار ولا يستوي من أنفق من قبل الفتح وقاتل لا شك هؤلاء كلهم اتفقوا على أن يرجع بالناس بخلاف المهاجرين والأنصار يعني قدموا ما يواجهون به الموت بخلاف مسلمة الفتح ممن تأخر إسلامهم هم دونهم في المنزلة وتصورهم أيضًا لمثل هذه القضايا لا شك أنهم سيكونوا تبعًا لذلك أقل فلم يختلف اثنان فقالوا نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء فنادى عمر في الناس إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه يعني جعل هؤلاء كالترجيح بين القولين والترجيح يرجَّح ولو بالضعيف يعني هؤلاء لا يعدلون المهاجرين والأنصار لكن مادام المهاجرون والأنصار ما اتفقوا على كلمة واحدة نحتاج إلى مرجح فرجح رضي الله تعالى عنه بقول هؤلاء وعند أهل العلم يُرجَّح بالضعيف يرجح بالضعيف إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه قال فقال أبو عبيدة أفرارًا من قدر عليه يعني المكتوب  عليه الموت يبي يموت سواء دخل أو رجع هذا قدر الله { إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ فَلَا يَسۡتَـٔۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ } يونس: ٤٩  فقال عمر لو غيرك قالها يا أبا عبيدة أبا عبيدة أمين هذه الأمة وله قدم سابقة في الإسلام وله منزلة رفيعة وأحد العشرة المبشرين بالجنة لو غيرك يا أبا عبيدة قالها يعني ليت اللي تكلم بهذا الكلام شخص غير أبي عبيدة لأن مثل هذا الكلام لا يليق به لماذا؟ لأنهم إن ذهبوا فذهبوا بقدر الله وإن رجعوا رجعوا بقدر الله نعم نفر من قدر إلى قدر الله ثم ضرب مثلاً حسيًا قال أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديًا له عدوتان واديا له عدوتان يعني جهتين شاطئ من الجهة اليمين وأخرى من وآخر من جهة الشمال له جهتان إحداهما مُخصبة والأخرى جدبة أو جدِبة أليس إن رعيت الخصِبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجدِبة رعيتها بقدر الله ولا شك أن مثل هذا لا تأثير له يعني المسألة مجرد ترجيح في أمر ظاهر المصلحة في أمر تظهر مصلحته ولا يقال إن إن الإنسان إذا فعل كذا إذا صلى ركعتين فبقدر الله وإن تركهما فبقدر الله لا، لأن المصلحة ظاهرة بالفعل وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان غائبًا في بعض حاجته وقال إن عندي من هذا علما علمًا سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «إذا سمعت به» يعني الطاعون «بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه» نعم لو وقع في البلد وأردت أن تخرج فررت من قدر الله لكن وقع في بلد قبل أن تقدم عليه وبإمكانك أن تنجو منه فتفر من قدر الله إلى قدر الله قال فحمد الله عمر ثم انصرف وحدثني عن مالك عن محمد بن المنكدر وعن سالم بن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد بن أبي وقاص أيضًا أحد العشرة المبشرين أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد ما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الطاعون فقال أسامة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الطاعون رجز يعني عذاب أرسله الله على طائفة أُرسل» يعني  أرسله الله على طائفة من بني إسرائيل مع أن مثل هذا التعبير المناسب والأدب اللائق بجَناب الرب جل وعلا أن يبنى للمفعول لماذا؟ لأنه شر «والشر ليس إليك» وإن كان كله من قدر الله جل وعلا لكنه في الأسلوب وفي التعبير يبنى للمجهول { أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ أَرَادَ بِهِمۡ رَبُّهُمۡ رَشَدٗا } الجن: ١٠  والطاعون رجز أُرسل على طائفة من بني إسرائيل أو على من كان قبلكم من بني إسرائيل أو من غيرهم «فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه» وهذا الذي يدل عليه كلام أبي عبيدة أفرارًا من قدر الله فأنت إذا كنت في  البلد الذي نزل فيه الطاعون فلا تفر منه ثم بعد قال مالك قال أبو النضر لا يخرجكم إلا فرارًا منه يعني ليس لكم غرض من الخروج من البلد إلا الفرار منه لكن من كانت له حاجة في هذا البلد ثم وقع فيه الطاعون فانتهت حاجته وأراد أن يرجع إلى أهله هذا لم يخرج فرارًا من الطاعون لأنه قال أنه لا يخرجكم إلا فرارًا منه ثم قال وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام فلما جاء سرغ أو سرغًا على الصرف وعدمه بلغه أن الوبأ قد وقع بالشام فأخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه» فرجع عمر بن الخطاب من سرغ يعني كثير من الناس في أيام الحج يتردد في الحج باعتبار أن البلد الفلاني في أفريقيا أو في شرق آسيا فيه وباء وسوف يحج من من هذه البلاد بعض الناس فلا داعي أن نحج هذه السنة لأنه قد يحج إنسان موبوء لكن كم نسبة من يحج؟ وكم والآن الاحتياطات لمثل هذه الأمور معروفة فمثل هذا لا يمنع من الحج مثل هذا لا يمنع من الحج بل ترك الحج فرار من القدر.

طالب: ....................

كل وباء يمكن أن ينتشر كل وباء ينتشر «وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه» فرجع عمر من سرغ كسابقه وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سهل بن عبد الله أن عمر بن الخطاب إنما رجع بالناس من سرغ عن حديث عبد الرحمن بن عوف يعني أصبح على ظهر وقال إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه هذا بالنسبة لما ترجح عنده بالاجتهاد ثم بعد ذلك جاء الخبر اليقين المثلج للصدر الذين ينتج عنه العلم القطعي وهو خبر عبد الرحمن بن عوف وحدثني عن مالك أنه قال بلغني أن عمر بن الخطاب قال لبيت بِرُكبة أحب إلي من عشرة أبيات بالشام الشام البلاد المباركة الذي باركنا حوله ومع ذلك هي بلاد موبوءة كثير بها الوباء ووقع فيها الطاعون أكثر من مرة ولذا فضّل عمر رضي الله عنه بيت بركبة وهي قرب الطائف أو ركبة أيضًا على طريق المدينة لأنه أكثر من موضع يسمى بركبة أحب إلي أحب إلي من عشرة أبيات بالشام لأنه ليس فيها وباء ولا شك أن مثل هذه البلاد التي ليس فيها وباء يتمكن معها الإنسان من عبادة الله جل وعلا وتحقيق ما خلق من أجله أكثر من البلدان الموبوءة وإن كان الوباء يترتب عليه الأجر العظيم والثواب الجزيل قال مالك يريد لطول الأعمار والبقاء وطول العمر والبقاء لا يطلب لذاته وإنما يطلب لكثرة ما يقرب إلى الله جل وعلا من عبادات ولشدة الوباء بالشام الذي يقتضي قصر الأعمار وقلة مدة البقاء في هذه الدنيا بحيث لا يتمكن الإنسان من زيادة في عمله.

 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"