التعليق على الموافقات (1435) - 06
نعم.
طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- إتمامًا للمسألة الثالثة:
"فإن قيل: إن كان ثَم ما يدل على رفع الاختلاف، فثَم ما يقتضي وقوعه في الشريعة، وقد وقع، والدليل عليه أمور؛ منها:
إنزال المتشابهات، فإنها مجال للاختلاف لتباين الأنظار واختلاف الآراء والمدارك، وهذا وإن كان التوقف فيها هو المحمود، فإن الاختلاف فيها قد وقع، ووضع الشارع لها مقصود له، وإذا كان مقصودًا له وهو عالم بالمآلات، فقد جعل سبيلاً إلى الاختلاف، فلا يصح أن يُنفى عن الشارع وضع مجال الاختلاف جملةً".
وقوعه وأسبابه لا شك فيه، هو واقع، وأسبابه معروفة، أعني الاختلاف، لكن هل هو مقصود للشارع مرضي له أو هو نتيجة حتمية لتلك الأسباب؟ هذا محل الاختلاف. نعم. ولذا قال- جل وعلا-: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 118، 119]، وهذا يدل على أن الاختلاف ليس بمقصود للشارع ولا مرضي ولا محبوب.
طالب: "ومنها: الأمور الاجتهادية التي جعل الشارع فيها للاختلاف مجالاً، فكثيرًا ما تتوارد على المسألة الواحدة أدلة قياسية وغير قياسية، بحيث يظهر بينها التعارض، ومجال الاجتهاد مما قصده الشارع في وضع الشريعة حين شرع القياس ووضع الظواهر التي يختلف في أمثالها النظار ليجتهدوا فيُثابوا على ذلك، ولذلك نبّه في الحديث على هذا المقصد بقوله -عليه الصلاة والسلام-: «إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران»، فهذا موضع آخر من وضع الخلاف بسبب وضح محاله. ومنها: أن العلماء الراسخين والأئمة المتقين".
حديث: «إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران» مما يدل على أن مقصود الشارع قول واحد؛ لأنه رتّب عليه الأجرين، ولو كان مقصوده القولين لكان الأجر متساويًا، لكل قول أجره إما واحدًا أو اثنين، لكن لما فرّق أن هذا مخطئ، وهذا مصيب، فالمطلوب الإصابة.
طالب: .......
"بسبب وَضَحِ مَحالِّه".
طالب: .......
يعني وضوحه، وَضَحُ الشمس وضوحها.
طالب: "ومنها: أن العلماء الراسخين والأئمة المتقين اختلفوا: هل كل مجتهد مصيب، أم المصيب واحد؟".
والجمهور على أن المصيب واحد، والثاني خطأ كما دل عليه الحديث السابق.
طالب: "والجميع سوغوا هذا الاختلاف، وهو دليل على أن له مساغًا في الشريعة على الجملة".
وإن كان له مساغ ومتوصل إليه وإن كان مخطئًا، مخطئ وله أجر، لكن ليس بمقصود للشارع.
طالب: "وأيضًا، فالقائلون بالتصويب معنى كلامهم أن كل قول صواب، وأن الاختلاف حق، وأنه غير منكر ولا محظور في الشريعة.
وأيضًا، فطائفة من العلماء جوَّزوا أن يأتي في الشريعة دليلان متعارضان، وتجويز ذلك عندهم مستند إلى أصل شرعي في الاختلاف".
"جوَّزوا أن يأتي في الشريعة دليلان متعارضان" بحسب نظر الناظر، بحسب نظر العالم الناظر، وأما في حقيقة الأمر فلا اختلاف ولا تعارض؛ ولذا يقول ابن خزيمة -رحمه الله-: لا يوجد في الحديث، أو لا يوجد حديثان متعارضان، يعني في حقيقة الأمر، ومن كان لديه شيء من ذلك فليأتني به لأوفق بينهما. يعني قد يوجد تعارض في الظاهر، ففي طرق الجمع والتي هي عند أهل العلم معروفة، والترجيح أيضًا له مسالك وطرق، من أراد هذه الأشياء فليراجع مقدمة الاعتبار للحازمي، فقد ذكر منها نحو خمسين طريقة لطرق الجمع والتوفيق والترجيح، ومسألة التعارض والترجيح معروفة عند أهل العلم ومبحوثة في كتب علوم الحديث وأصول الفقه.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
إما أن تُحمل على حال، هذه على حال وهذه على حال، «إن في المال حقًّا سوى الزكاة»، «وليس في المال» حديث آخر «حق سوى الزكاة»، أنت تقصد مثل هذا، صح؟ قالوا: إن هذا محمول على ليس فيهما حق سوى الزكاة من الحقوق الواجبة، وفيه حق سوى الزكاة على الصدقات والتطوعات، والجمع بينهما يوفق بينهما.
طالب: .......
إذا عجزنا عن الجمع وأيسنا من الترجيح صرنا إلى النسخ، إذا عرفنا المتقدم والمتأخر وإلا فالتوقف.
طالب: "وطائفة أيضًا رأوا أن قول الصحابي حجة، فكل قول صحابي وإن عارضه قول صحابي آخر، كل واحد منهما حجة".
نعم، عند المعارضة ليس بحجة، إذا عارضه غيره فليس بحجة، الكلام فيما إذا قال الصحابي قولاً وانتشر ولم ينكر عليه ولم يعارضه أحد، هذا الذي فيه الخلاف. وأما القول المعارض بصحابي واحد وليس قول أحدهما بأولى من القبول من الثاني.
طالب: أحسن الله إليك.
المخالفة لو كانت من صحابي، طيب لو كانت من تابعي
لا ما لها ......... التابعي له، ما قال أحد من أهل العلم بأن قوله حجة.
طالب: .......
نعم؛ لأنه ما لا يرى حجة، يخالفه، لأنه كلام الناس، هم رجال ونحن رجال.
طالب: .......
جمهور أهل العلم ما يرون قول الصحابي حجة، لكن على سبيل التنزل يأتي بهذا، وما حجته؟ «أصحابي كالنجوم» حديث باطل، لا، لا، الكلام في قول الأربعة الذين أُمرنا بالاقتداء بهم، وفي قول أبي بكر وعمر: «اقتدوا باللذين من بعدي»، هذا الذي يمكن أن يُنظر فيه فيما لم يعارض المرفوع؛ لأن له ما يدل عليه. أما أقوال الصحابة البقية فالجمهور على ......... وأما استدلال من يحتج بها بحديث: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»، الحديث باطل، وإن تداولته كتب الأصول.
طالب: "وللمكلف في كل واحد منهما متمسك، وقد نُقل هذا المعنى عن النبي حيث قال: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»، فأجاز جماعة الأخذ بقول من شاء منهم إذا اختلفوا. وقال القاسم بن محمد: لقد نفع الله باختلاف أصحاب النبي في أعمالهم، لا يعمل العامل بعمل رجل منهم إلا رأى أنه في سعة، ورأى أن خيرًا منه قد عمله".
بلا شك، يعني أقوال الصحابة فيما إذا خلت المسألة من الأدلة، لا شك أنها معتبرة عند أهل العلم وإن لم تكن حججًا ملزمة كالنصوص، والإمام أحمد يعتني بأقوال الصحابة، ولا تجد فتاويه تخرج عن أقوالهم -رحمه الله-.
طالب: "وعنه أيضًا: أي ذلك أخذت به لم يكن في نفسك منه شيء. ومثل معناه مروي عن عمر بن عبد العزيز، قال: ما يسرني أن لي باختلافهم حُمر النِّعم".
"حمر"؟
طالب: "حُمر النَّعم".
"النَّعم"، نعم.
طالب: "قال القاسم: لقد".
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
نعم، هو أقوى من رأي غيرهم من الرجال، المسألة إما رأيهم أو رأي غيرهم؟ ما فيها دليل.
طالب: .......
لأنه ما فيه دليل، أو الأدلة متكافئة عنده، يرجحه قول الصحابي.
طالب: "قال القاسم: لقد أعجبني قول عمر بن عبد العزيز: ما أحب أن أصحاب رسول الله لم يختلفوا؛ لأنه لو كان قولاً واحدًا كان الناس في ضيق، وإنهم أئمة يُقتدى بهم، فلو أخذ أحد بقول رجل منهم كان في سعة. وقال بمثل ذلك جماعة من العلماء. وأيضًا فإن أقوال العلماء بالنسبة إلى العامة كالأدلة بالنسبة إلى المجتهدين، ويجوز لكل واحد على قول جماعة أن يقلد من العلماء من شاء، وهو من ذلك في سعة، وقد قال ابن الطيب وغيره في الأدلة إذا تعارضت".
من "ابن الطيب"؟
طالب: .......
لا لا، هل تُنقل أقواله؟
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
لا.
طالب: .......
لا، ذاك أبو الطيب. "ابن الطيب" أبو بكر الباقلاني.
طالب: الباقلاني؟
نعم.
طالب: "وقد قال ابن الطيب وغيره في الأدلة إذا تعارضت على المجتهد واقتضى كل واحد ضد حكم الآخر، ولم يكن ثَم ترجيح، فله الخيرة في العمل بأيها شاء؛ لأنهما صارَا بالنسبة إليه كخصال الكفارة".
لا، هذا ليس على التخيير، المطلوب قول واحد مما تدل عليه هذه الأدلة، فإذا لم يتوصل إلى الراجح فليتوقف.
طالب: "والاختلاف عند العلماء لا ينشأ إلا من تعارض الأدلة، فقد ثبت إذًا في الشريعة تعارض الأدلة، إلا أن ما تقدم من الأدلة على منع الاختلاف يُحمل على الاختلاف في أصل الدين لا في فروعه، بدليل وقوعه في الفروع من لدن زمان الصحابة إلى زماننا.
فالجواب: أن هذه القواعد المعترض بها يجب أن يحقَّق النظر فيها بحسب هذه المسألة، فإنها من المواضع المخيلة. أما مسألة المتشابهات، فلا يصح أن يُدعى فيها أنها موضوعة".
هو ما فيه شك أنها من المواضع المشكلة الضيقة، هي من مضائق الأنظار، لكن عامة أهل العلم يرون أن القول الحق واحد، وأن أسباب الاختلاف مردها إلى أفهام الأئمة، وبعض الأدلة قد يثبتها بعضهم، ولا يثبتها الآخر تكون أيضًا سببًا للاختلاف.
طالب: "أما مسألة المتشابهات فلا يصح أن يُدعى فيها أنها موضوعة في الشريعة قصد الاختلاف شرعًا؛ لأن هذا قد تقدم في الأدلة السابقة ما يدل على فساده، وكونها قد وُضعت {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42] لا نظر فيه".
للاختبار، لاختبار الإيمان، إيمان العبد، إيمان المكلف، هل يقول: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور: 51]؟ {آمَنَّا} [آل عمران: 7]؟ أو يوغل في البحث فيها ويقحم نفسه في شيء لا يمكن الوصول إليه؟ وإن التشابه نسبي.
طالب: "لا نظر فيه، فقد قال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 118، 119]، ففرَّق بين الوضع القدري الذي لا حجة فيه للعبد -وهو الموضوع على وفق الإرادة التي لا مرد لها-، وبين الوضع الشرعي الذي لا يستلزم وفق الإرادة، وقد قال تعالى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]".
يعني كون الخلاف موجودًا قدرًا بأسباب وترتبت عليها مسبباتها، لا يعني أنه مرضي شرعًا، {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 118، 119]، هذا ذم للاختلاف أم مدح؟ ذم. وكون نتيجة الاختلاف التي وقعت قدرًا وإن لم تُرَدْ شرعًا، بدليل أنه لو كانت مرادة شرعًا ما كُلفنا بالاجتهاد، صار كلٌّ يأخذ قولًا ويمشي بدون اجتهاد، لكنها غير مرادة شرعًا، فأمرنا بالاجتهاد، وأمرنا بالنظر، وأمرنا بالتدقيق والتمحيص والنظر الدقيق وبذل الوسع واستفراغ الجهد؛ من أجل أن نصل إلى القول الصحيح المراد الموافق لمراد الله -جل وعلا-. كونه يقع قدرًا ونتيجته فيها نوع تخفيف للناس تبعًا؛ لأن العامي لا يؤمر ويكلف بما يؤمر به العالم، العامي يقلّد الأوثق في نفسه دينًا وعلمًا وورعًا، فإذا اطمأن إلى هذا العالم لزمه قبول قوله.
طالب: أحسن الله إليك، تقسيم الاختلاف إلى اختلاف تنوع واختلاف تضاد، ذم هذا ومدح هذا، هل فيه أصل؟
كيف؟
طالب: اختلاف التنوع يكون ممدوحًا، واختلاف التضاد مذمومًا.
راجع مقدمة شيخ الإسلام في التفسير، مقدمة التفسير لشيخ الإسلام.
طالب: .......
كيف؟
طالب: .......
كثير من العلماء المنتسبين إلى مذهب أو الموافقين لمذهب، سواء كان أصليًّا أو فرعيًّا، يخرجون عنه.
طالب: "وقال: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} [البقرة: 26]. ومر بيانه في كتاب الأوامر، فمسألة المتشابهات من الثاني لا من الأول. وإذا كان كذلك، لم يدل على وضع الاختلاف شرعًا".
"من الثاني" الذي هو القدري، "لا من الأول" الذي هو الشرعي.
طالب: "بل وضعها للابتلاء، فيعمل الراسخون على وفق ما أخبر الله عنه، ويقع الزائغون في اتباع أهوائهم، ومعلوم أن الراسخين هم المصيبون، وإنما أخبر عنهم أنهم على مذهب واحد في الإيمان بالمتشابهات علموها أو لم يعلموها، وأن الزائغين هم المخطئون، فليس في المسألة إلا أمر واحد، لا أمران ولا ثلاثة، فإذًا لم يكن إنزال المتشابه عِلْمًا للاختلاف ولا أصلاً فيه".
أو "عَلَمًا" يعني علامة.
طالب: أصوب "عَلَمًا" يا شيخ؟
يعني علامة أو دلالة، نعم.
طالب: "وأيضًا لو كان كذلك لم ينقسم المختلفون فيه إلى مصيب ومخطئ".
كما دل عليه الحديث، إن أصاب والثاني أخطأ.
طالب: "بل كان يكون الجميع مصيبين؛ لأنهم لم يخرجوا عن قصد الواضع للشريعة؛ لأنه قد تقدم أن الإصابة إنما هي بموافقة قصد الشارع، وأن الخطأ بمخالفته، فلما كانوا منقسمين إلى مصيب ومخطئ دل على أن الموضع ليس بموضع اختلاف شرعًا. وأما مواضع الاجتهاد، فهي راجعة إلى نمط التشابه؛ لأنها دائرة بين طرفي نفي وإثبات شرعيين، فقد يخفى هنالك وجه الصواب من وجه الخطأ. وعلى كل تقدير إن قيل بأن المصيب واحد، فقد شهد أرباب هذا القول بأن الموضع ليس مجال الاختلاف، ولا هو حجة من حجج الاختلاف؛ بل هو مجال استفراغ الوسع، وإبلاغ الجهد في طلب مقصد الشارع المتحد، فهذه الطائفة على وفق الأدلة المقررة أولاً.
وإن قيل: إن الكل مصيبون، فليس على الإطلاق؛ بل بالنسبة إلى كل مجتهد أو من قلده لاتفاقهم على أن كل مجتهد لا يجوز له الرجوع عما أداه إليه اجتهاده ولا الفتوى إلا به".
لأنه غير مطالب بما يجتهد فيه غيره ويصل إليه، إنما هو مطالب بما يدين الله به بما توصل إليه من خلال النظر في النصوص، على القواعد المتبعة عند أهل العلم.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
إذا تبين له يرجع عن قوله الأول، ليس بكل، ما يفتي بالاثنين، يرجع عن الأول.
طالب: .......
المقصود أن فيه مخطئًا.
طالب: .......
المقصود أن فيه مخطئًا، والمصيب واحد، والحق واحد لا يتعدد.
طالب: .......
أين؟
طالب: ............
ولذلك رُتب عليه أجر ولو أخطأ، المجتهد إذا كانت لديه الأهلية، ونظر في النصوص واستفرغ الوسع، وبذل الجهد على الطرق المتبعة عند أهل العلم، فهو مأجور على كل حال. نعم.
طالب: "ولا الفتوى إلا به؛ لأن الإصابة عندهم إضافية لا حقيقية، فلو كان الاختلاف سائغًا".
"إضافية لا حقيقية"؛ لأنهم سوَّغوا الإصابة في الجانبين، وأما من يقول: المصيب واحد، فالإصابة حقيقية.
طالب: "فلو كان الاختلاف سائغًا على الإطلاق، لكان فيه حجة، وليس كذلك. فالحاصل أنه لا يسوغ على هذا الرأي إلا قول واحد، غير أنه إضافي، فلم يثبت به اختلاف مقرر على حال، وإنما الجميع مُحوِّمون على قول واحد وهو قصد الشارع عند المجتهد، لا قولان مقرران، فلم يظهر إذًا من قصد الشارع وضع أصل للاختلاف؛ بل وضع موضع للاجتهاد في التَّحويم على إصابة مقصد الشارع الذي هو واحد، ومن هناك لا تجد مجتهدًا يُثبت لنفسه قولين معًا أصلاً، وإنما يثبت قولاً واحدًا، وينفي ما عداه".
يرد على هذا أن الإمام أحمد مثلاً له أقوال، قد تكون رواياته في هذه المسألة أربعًا، والشافعي له قولان: قديم وجديد، وعند المالكية أيضًا أشياء من هذا، وعند الحنفية أشياء، المقلدون لأبي حنيفة أحيانًا يأخذون بقوله، وأحيانًا يأخذون بقول صاحبيه، ويكون هو المذهب عندهم كما هو مقرر في كتب الأتباع من جميع المذاهب، الإمام الشافعي له القول القديم والقول الجديد والفتوى كلها على الجديد إلا في بضع وثلاثين مسألة يفتون فيها على القديم، فهذه مسائل ترجيحية في المذهب، يرجح الأتباع، كبار الأتباع يرتبون ويخرِّجون في المذهب، ويرون الراجح عندهم ولو خالف قول إمامهم، ومثل ذلك في المذهب، يعني الزاد المعتمد والمعول عليه في هذه البلاد فيه أكثر من ثلاثين مسألة مخالفة للمذهب.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
نعم.
طالب: .......
لكن الحق مع من؟ الذي صلى مرتين أم الذي أعاد الصلاة لما وجد الماء، والذي صلى الأول؟ الذي أصاب السنة، وهذا له أجران بحسب المشقة، أيهما أفضل: الذي أصاب السنة أم الذي له أجران؟
طالب: الذي أصاب السنة.
بلا شك.
طالب: .......
معروف في بني قريظة: «لا يصلي أحدكم العصر إلا في بني قريظة»، الذين معهم الأصل الأصيل، وهو أن مواقيت الصلاة محددة، والوقت شرط لصحة الصلاة، ولو أخرجوها عن وقتها لكان الأمر على خلاف، يعني معروف الصلاة لا يجوز تأخيرها عن وقتها، فصلوها في وقتها استصحابًا للنصوص السابقة؛ هؤلاء على حق، والذين طبقوا الأمر الأخير بحذافيره، وهذا منهج معروف عند بعض أهل العلم أنه لا يخرج عن النص ولو كان المعنى يقتضي خلافه. فالمقصود أن كلهم على خير إن شاء الله تعالى، فما ثرب على هذا ولا على هذا، لكن يبقى أن فيه راجحًا ومرجوحًا.
طالب: "وقد مر جواب مسألة التصويب والتخطئة. وأما تجويز أن يأتي دليلان متعارضان، فإن أراد الذاهبون إلى ذلك التعارض في الظاهر وهو في أنظار المجتهدين لا في نفس الأمر، فالأمر على ما قالوه جائز، ولكن لا يقضي ذلك بجواز التعارض في أدلة الشريعة، وإن أرادوا تجويز ذلك في نفس الأمر، فهذا لا ينتحله من يفهم الشريعة لورود ما تقدم من الأدلة عليه، ولا أظن أن أحدًا منهم بيقوله.
وأما مسألة قول الصحابي، فلا دليل فيه لأمرين؛ أحدهما".
قف عليها.
طالب: أحسن الله إليك.