كتاب الصلاة (07)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابٌ: إِذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا.

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ –رضي الله عنهما- عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ، فَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «مَا السُّرَى يَا جَابِرُ؟» فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: «مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ؟» قُلْتُ: كَانَ ثَوْبٌ -يَعْنِي ضَاقَ- قَالَ: «فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ».

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَاقِدِي أُزْرِهِمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، كَهَيْئَةِ الصِّبْيَانِ، وَيُقَالُ لِلنِّسَاءِ: «لاَ تَرْفَعْنَ رُؤوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابٌ: إِذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا" يعني فماذا يصنع المصلي أو على وجه العموم في الصلاة وخارج الصلاة إذا كان الثوب ضيقًا؟

ولا شك أنه إذا كان الثوب ضيقًا فانكشاف العورة مُحتَمل ومتوقَّع لاسيما إذا تغيرت الحال، إذا كانت الحال واحدة يمشي أو جالس، لكن إذا تحرك وهو يُريد أن يركب شيئًا دابة أو نحوها أو ينزل، فإذا كان الثوب ضيقًا فلا بُد أن يتعرض لشيءٍ من الانكشاف.

يعني ماذا يصنع إذا كان الثوب ضيقًا؟ جاء في آخر الحديث في آخر جملة: «وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ» يعني: اربطه على نصفك الأسفل؛ ليكون إزارًا.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ، فَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ" قالوا: كأنها غزوة بواط.

"فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي" يعني جئت إليه -عليه الصلاة والسلام- "لِبَعْضِ أَمْرِي، فَوَجَدْتُهُ" يعني النبي -عليه الصلاة والسلام "يُصَلِّي، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ" فأراد أن يُصلي مع النبي –عليه الصلاة والسلام- فماذا يصنع إذا كان ما عنده إلا ثوب واحد؟ 

"فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ" يعني: تلفلفت به، ومنه الاشتمال المسمى باشتمال الصَّماء الذي لا يستطيع معه أن يُخرج يده، وهذا الاشتمال لبسها ممنوعة منهيٌ عنها؛ لأنه إذا أراد أن يُخرج يده يُخشى أن ينكشف منه شيء أو يعرض له شيءٍ يؤذيه فلا يستطيع الدفاع عن نفسه.

"فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «مَا السُّرَى يَا جَابِرُ؟»" ما الداعي على المجيء في هذا الوقت، والخروج في هذا الوقت من الليل؟

"«مَا السُّرَى يَا جَابِرُ؟» فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: «مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ؟» قُلْتُ: كَانَ ثَوْبٌ" كان هذه تامة ثوبٌ فاعلها.

يَعْنِي ضَاقَ، قَالَ: «فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ» اجعله على أعالي جسدك وينزل إلى أسفل، هذا الالتحاف.

«وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا» لا يستوعب البدن كله، «فَاتَّزِرْ بِهِ» اجعله إزارًا واربطه على أسفلك على النصف الأسفل الذي فيه العورة.

نعم.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "في بعض أسفاره" عينه مسلم في روايته من طريق عُبادة بن الوليد بن عُبادة عن جابر غزوة بواط، وهو بضم الموحدة وتخفيف الواو، وهي من أوائل مغازيه- صلى الله عليه وسلم-.

قوله: "لبعض أمري" أي: حاجتي، وفي رواية مسلم أنه -صلى الله عليه وسلم- كان أرسله هو وجبار بن صخر لتهيئة الماء في المنزل.

قوله: «مَا السُّرَى؟» أي: ما سبب سُراك أي: سيرك في الليل.

قوله: «مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ؟» كأنه استفهام إنكار، قال الخطابي: الاشتمال الذي أنكره هو أن يدير الثوب على بدنه كله لا يُخرِج منه يده".

طالب: ............

ماذا عندك؟

طالب: ............

الاتزار الإزار على الأسفل ما له علاقة باليدين.

طالب: ............

على حُقوه ما يعني أن لليدين علاقة، الاشتمال يربطه على أعالي الجسد ويُضيقه بحيث لا يستطيع أن يُخرِج اليد هذا اشتمال الصَّماء المنهي عنه.

طالب: ............

هذا الاشتمال عمومًا، لكن الاشتمال الذي أنكره النبي –عليه الصلاة والسلام- هو الموافق لتفسيرهم لاشتمال الصَّماء.

طالب: ............

إذا كان الثوب ما يتسع فلازم أن يضيّق، الآن لو عندك متران، وأنت تحتاج إلى ثلاثة تفصَّل ثوب واسع؟

يلازم أن يكون ضيقًا. 

"قلت: كأنه أخذه من تفسير الصماء على أحد الأوجه، لكن بيَّن مُسلم في روايته أن الإنكار كان بسبب أن الثوب كان ضيقًا، وأنه خالف بين طرفيه وتواقص أي: انحنى عليه كأنه عند المخالفة بين طرفي الثوب لم يصر ساترًا فانحنى ليستتر".

يعني انحنى لينزل الثوب إلى منتصف البدن وما يليه، لو اعتدل قائمًا لارتفع الثوب، لاسيما لبعض الناس الذين لهم بطون يرتفع الثوب إلى البطن، فإذا انحنى خف هذا. 

"فأعلمه -صلى الله عليه وسلم- بأن محل ذلك ما إذا كان الثوب واسعًا، فأما إذا كان ضيقًا فإنه يجزئه أن يتزر به؛ لأن القصد الأصلي ستر العورة".

يعني إذا كان الثوب لا يستر ما يجب ستره من العورة من السُّرة إلى الرُّكبة والمنكب فما الذي يُقدَّم؟ العورة المغلَّظة تُقدَّم، والعورة الواجب سترها المُشترط سترها أولى من ستر أعالي البدن والمنكب.

والعلماء يقولون: فإن ضاق عن ستر العورة اكتفى بالمغلَّظة، فإن لم يكفهما، قالوا: فالدُبر، لماذا؟

طالب: يُرى.

يُرى ولا ينضم، القُبل ينضم عليه إذا سجد وإذا جلس بخلاف الدُبر.

"فأما إذا كان ضيقًا فإنه يجزئه أن يتزر به؛ لأن القصد الأصلي ستر العورة، وهو يحصل بالائتزار، ولا يحتاج إلى التواقص المغاير للاعتدال المأمور به.

قوله: "كان ثوبٌ" كذا لأبي ذرٍّ وكريمة بالرفع على أن كان تامة، ولغيرهما بالنصب أي: كان المشتمل به ثوبًا، وزاد الإسماعيلي ضيقًا".

ثم قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى" القطان عن سفيان الثوري.

"عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ" سلمة بن دينار.

"عَنْ سَهْلٍ" يعني ابن سعد.

"قَالَ: كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَاقِدِي أُزْرِهِمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، كَهَيْئَةِ الصِّبْيَانِ" لماذا؟ لأنه ما عندهم ما يكفيهم إلى ستر البدن كله الذي لا يُستطاع ولا يُقدَر عليه من الشروط وغيرها يسقط.

"عَاقِدِي" يُصلون عاقدي حال، "أُزْرِهِمْ" مضاف إليه، "عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، كَهَيْئَةِ الصِّبْيَانِ" الصبيان يُعقد عليه إزاره وثوبه يُعقد عليه؛ لئلا يسقط، ولئلا ينكشف.

 وَقَالُ لِلنِّسَاءِ: «لاَ تَرْفَعْنَ رُؤوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا»؛ لأن موقع النساء في المسجد في الخلف وراء الرجال، خلف الرجال، فإذا كان الرجال ما عندهم ما يكفيهم لستر كامل العورة، فالنساء مأمورات ألا يستعجلن، كما يؤمر الرجال أن يصبروا في الخروج من المسجد؛ حتى يخرج النساء.

«لاَ تَرْفَعْنَ رُؤوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا»، وهذا كله مع عدم القدرة على الستر الكامل.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "حدثنا يحيى" هو ابن سعيدٍ القطان، و"سفيان" هو الثوري، و"أبو حازم" هو ابن دينار، و"سهلٌ" هو ابن سعد.

قوله: "كان رجالٌ" التنكير فيه للتنويع، وهو يقتضي أن بعضهم كان بخلاف ذلك، وهو كذلك، ووقع في رواية أبي داودٍ "رأيت الرجال" واللام".

ولذا قال: «أَوَ لِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟» ما كلهم يستطيع أن يقتني ثوبين، إنما هذا لبعضٍ دون بعض.

"ووقع في رواية أبي داودٍ: "رأيت الرجال"، واللام فيه للجنس، فهو في حكم النكرة.

قوله: "عاقدي أزرهم" على أعناقهم في رواية أبي داود من طريق وكيعٍ عن الثوري "عاقدي أزرهم في أعناقهم من ضيق الأُزر"، ويؤخذ منه أن الثوب إذا أمكن الالتحاف به كان أولى من الائتزار؛ لأنه أبلغ في التستر.

قوله: "وقال للنساء" قال الكرماني: فاعل قال هو النبي -صلى الله عليه وسلم- كذا جزم به، وقد وقع في رواية الكشميهني: "ويقال للنساء"، وفي رواية وكيع: "فقال قائلٌ: يا معشر النساء"، فكأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر من يقول لهن ذلك، ويغلب على الظن بأنه بلالٌ".

وإذا أمر بأن يُقال، فقد صح أن يُقال: أنه قال.

"وإنما نهى النساء عن ذلك؛ لئلا يلمحن عند رفع رؤوسهن من السجود شيئًا من عورات الرجال بسبب ذلك عند نهوضهم، وعند أحمد وأبي داود التصريح بذلك من حديث أسماء بنت أبي بكر –رضي الله عنهم- ولفظه "فلا ترفع رأسها؛ حتى يرفع الرجال رؤوسهم كراهية أن يرين عورات الرجال" ويؤخذ منه أنه لا يجب التستر من أسفل".

يعني من أسفل من العورة، يعني من أسفل ما يجب ستره بخلاف الأعلى فإنه يجب ستر المنكب، ولا يُكتفى بستر العورة التي هي الشرط.

طالب: ............

لكن بينه وبين البخاري اثنان الغالب، والقاعدة التي ذكرها الحافظ الذهبي أنه إذا كان بينه وبين المؤلف اثنانف هو الثوري، إن كان واحدًا فالذي يغلب على الظن أنه ابن عُيينة.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ الصَّلاَةِ فِي الجُبَّةِ الشَّامِيَّةِ.

وَقَالَ الحَسَنُ: فِي الثِّيَابِ يَنْسُجُهَا المَجُوسِيُّ لَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا، وَقَالَ مَعْمَرٌ: رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ يَلْبَسُ مِنْ ثِيَابِ اليَمَنِ مَا صُبِغَ بِالْبَوْلِ، وَصَلَّى عَلِيُّ فِي ثَوْبٍ غَيْرِ مَقْصُورٍ.

حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَقَالَ: «يَا مُغِيرَةُ خُذِ الإِدَاوَةَ»، فَأَخَذْتُهَا، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، فَقَضَى حَاجَتَهُ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَتْ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا، فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ صَلَّى".

قال –رحمه الله تعالى-: "بَابُ الصَّلاَةِ فِي الجُبَّةِ الشَّامِيَّةِ" الحديث تقدم حديث المغيرة في المسح على الخفين، والتنصيص على الشامية مناسبته للباب؛ لأن الشام في ذلك الوقت لم تُفتح فهي بلد كفر، والجُبة المصنوعة من قِبلهم صنعها كافر، فهل يُصلى في ثياب الكفار؟ كرهها أبو حنيفة، والعلماء على الجواز ما لم يثبت -لأن الأصل الطهارة- ما لم يثبت خلاف ذلك.

"وَقَالَ الحَسَنُ: فِي الثِّيَابِ يَنْسُجُهَا المَجُوسِيُّ لَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا" مثل ما ذكرنا؛ لأن الأصل الطهارة.

"وَقَالَ مَعْمَرٌ: رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ يَلْبَسُ مِنْ ثِيَابِ اليَمَنِ مَا صُبِغَ بِالْبَوْلِ" البول أعم من أن يكون بول آدمي أو بول حيوان يؤكل لحمه أو لا يؤكل، ولا شك أن بول الآدمي نجس، وبول الحيوان الذي لا يؤكل لحمه كذلك، فغسله من باب إزالة النجاسة مأمور بها، فلا يحتاج إلى تنصيص.

وبول ما يؤكل لحمه مختلفٌ فيه كما تقدم، لكن المترجِّح أنه طاهر كما دلت على ذلك النصوص أمر النبي –عليه الصلاة والسلام- العُرنيين أن يشربوا من أبوال الإبل، وطاف على الدابة إلى غير ذلك من الأدلة التي تدل على طهارة بول ما يؤكل لحمه.

"وَصَلَّى عَلِيُّ فِي ثَوْبٍ غَيْرِ مَقْصُورٍ" يعني: خام.

ثوب ما غُسِل ولا شيء ولبسه علي ما يلزم أن... كما يفعله بعض أهل الوسواس، وبعض كبار السن من النساء ما يُمكن أن تُصلي في شيء إلا وقد تأكدت أنها طهرته، وبعض هذا النوع لا بُد أن تفعل ذلك بنفسها، ولا تثق بغيرها، فالأصل الطهارة، والدين يُسر.

قال: "حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ" الضرير.

ويحيى هذا مختلفٌ فيه اختلافًا كبيرًا سيأتي إن شاء الله.

"أَبُو مُعَاوِيَةَ" محمد بن خازم الضرير.

"عَنِ الأَعْمَشِ" سليمان بن مهران.

"عَنْ مُسْلِمٍ" ابن أبي الضحى، صُبيح أم صَبيح؟

طالب: ............

تأكد يا عبد الله.

"عَنْ مَسْرُوقٍ" ابن الأجدع.

طالب: بضم المهملة العُطاردي.

بضمهما، وابن صبيح منهم. طلعه.

طالب: ............

نعم.

قال: "عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ" ابن الأجدع.

"عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ" مغيرة هو المغيرة بن شُعبة، وأل هذه لا تُفيد التعريف، وإنما هي للمح الأصل.

"قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ.

طالب: ............

أبو المليح.

"كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَقَالَ: «يَا مُغِيرَةُ خُذِ الإِدَاوَةَ»" الإناء الذي يُوضَع فيه الماء.

"فَأَخَذْتُهَا، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، فَقَضَى حَاجَتَهُ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَتْ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا، فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ".

"فَذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا" كان الكُم ضيق.

"فَضَاقَتْ" عليه "فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا" من أسفل الجبة.

هل من السُّنَّة تضييق الكُم؟ التوسط هو السُّنَّة لا يجعله واسعًا كما ذكروا عن بعض المتصوفة أن أكمامهم كالأخراج، ولا يجعله ضيقًا يؤذيه عند إخراج اليد وإدخالها.

 بعضهم استدل على ما يُسمى بالكبك بهذا الحديث كأنه مُضيِّق يُضيقونه بالأزارير، وذكر ابن حجر عن أم سلمة أنها كانت تضع الأزارير في كُميها؛ لئلا ينكشف ساعدها.

"فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ صَلَّى".

والمقصود من الترجمة الصلاة في الجبة الشامية؛ لأن الشام لم تكن فُتِحت بعد، فأهلها كفار، واستعمال ملابسهم هو المقصود في هذه الترجمة، وما عُطِف عليها.

طالب: ............

الحسن البصري.

طالب: ............

نعم "وَقَالَ الحَسَنُ: فِي الثِّيَابِ يَنْسُجُهَا المَجُوسِيُّ".

طالب: ............

سيأتي الكلام على العطف هذا.

طالب: ............

الحاجة كلها مُحتاج إليها.

طالب: ............

ما يجيء، أين الاستعمال الذي كان بعد الجيب؟

طالب: ............

لا لا ما أعرفه.

قال –رحمه الله-: "قوله: "باب الصلاة في الجبة الشامية" هذه الترجمة معقودة لجواز الصلاة في ثياب الكفار ما لم يتحقق نجاستها، وإنما عبَّر بالشامية مراعاةً للفظ الحديث، وكانت الشام إذ ذاك دارُ كفرٍ".

دارَ.

"وكانت الشام إذ ذاك دارَ كفرٍ، وقد تقدم في باب المسح على الخفين أن في بعض طرق حديث المغيرة أن الجُبة كانت صوفًا، وكانت من ثياب الروم، ووجه الدلالة منه أنه -صلى الله عليه وسلم- لبسها ولم يستفصل.

وروي عن أبي حنيفة كراهية الصلاة فيها إلا بعد الغَسل، وعن مالك إن فعل يعيد في الوقت".

طالب: ............

لا، الأصل أنه ما فعل شيئًا صلى بها، الأصل الذي ما يُنقَل ما يُحتمل، العلم بالأثر لا يثبت بمجرد الاحتمال.

طالب: ............

مادام ما ذُكِر فالأصل عدمه.

طالب: ............

قول مالك: في الوقت يُعيد، وهذا كثير عنده الإعادة في الوقت في مسائل لا تُحصى.

طالب: ............

فوضعها في كُمه صحيح، لكن هذا المنقول عنه –عليه الصلاة والسلام- وإلا فالمعروف التوسط في الأمور، والسرف في كل باب ممنوع؛ لأنهم قد يحتاجونها، يكون ما معهم شيء يحملون به حوائجهم فيضطرون إلى ذلك.

"قوله: وقال الحسن أي: البصري "ينسجها" بكسر السين المهملة وضمها وبضم الجيم.

قوله: "المجوسي" كذا للحموي والكشميهني بلفظ المفرد، والمراد الجنس، وللباقين المجوس بصيغة الجمع.

قوله: "لم ير" أي: الحسن، وهو من باب التجريد أو هو مقول الراوي".

التجريد القول المنسوب "وَقَالَ الحَسَنُ: فِي الثِّيَابِ يَنْسُجُهَا المَجُوسِيُّ لَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا" يقول: لم أرَ الأصل أن يتحدث عن نفسه، لم أرَ، لكن لما غيَّر الصيغة إلى غيره لم يرَ صار كأنه جرد من نفسه شخصًا آخر وتحدث عنه، وهذا المقصود بالتجريد.

"وهذا الأثر وصله نعيم بن حمادٍ في نسخته المشهورة".

نعيم بن حماد؛ لأن في بعض النسخ أبو نُعيم، وهذا خطأ.

"وهذا الأثر وصله نعيم بن حماد في نسخته المشهورة عن معتمرٍ، عن هشامٍ عنه، ولفظه لا بأس بالصلاة في الثوب الذي ينسجه المجوسي قبل أن يغسل، ولأبي نعيمٍ في (كتاب الصلاة) عن الربيع عن الحسن لا بأس بالصلاة في رداء اليهودي والنصراني، وكره ذلك ابن سيرين رواه بن أبي شيبة.

قوله: "وقال معمر" وصله عبد الرزاق في مصنفه عنه.

وقوله: "بالبول" إن كان للجنس فمحمولٌ على أنه كان يغسله قبل لبسه، وإن كان للعهد، فالمراد بول ما يؤكل لحمه؛ لأنه كان يقول بطهارته.

قوله: "وصلى عليٌّ في ثوبٍ غير مقصور" أي: خامٍ، والمراد أنه كان جديدًا لم يُغسَل.

روى ابن سعدٍ من طريق عطاءٍ أبي محمد قال: رأيت عليًّا صلى".

عطاء.

طالب: فيه تعديل هنا يا شيخ.

عندنا ابن محمد.

طالب: تحرَّفت في (س) إلى عطاء بن محمد، وعطاء أبو محمد هذا ضعَّفه يحيى بن معين وله ترجمةٌ في تهذيب التهذيب.

من طريق عطاء؟

طالب: نعم من طريق عطاءٍ أبي محمد.

"قال: رأيت عليًّا صلى وعليه قميص كرابيس غير مغسولٍ".

طالب: ............

قال معمر؟

طالب: الزهري، وقوله: "بالبول" إن كان للجنس فمحمولٌ على أنه كان يغسله قبل لبسه، وإن كان للعهد، فالمراد بول ما يؤكل لحمه.

المنقول قوله هو الزهري "رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ يَلْبَسُ مِنْ ثِيَابِ" المنسوب إليها، فالمتحدَّث عنه الزهري.

طالب: ............

هو معروف أنهم لا يتورعون، يشربون فيها الخمر، ويأكلون الذبائح النجسة.

طالب: ............

لا، لكن لا تُلزم، الورع شيء، والإلزام بالحكم شيء آخر.

طالب: ............

وكذلك الآن إذا غلب على الظن أنها استُعملت في نجاسة تُغسل، وإلا فالأصل الطهارة.

طالب: ............

فإن لم تجد غيرها؟

طالب: ............

نعم، وإذا وُجِد غيرها، وهذا من باب الورع التام لا تُستعمل.

طالب: وكذلك الثياب؟

كل ما يغلب على الظن ما لم يصل إلى حد الوسوسة فالأصل الطهارة، وإذا وصل إلى حد الوسوسة زِيد في ذلك شيئًا كان التغافل هو الأصل؛ لأن الوسوسة لا نهاية لها.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "حدثنا يحيى" هو ابن موسى البلخي، قال أبو عليٍّ الجياني: روى البخاري في باب الجبة الشامية، وفي الجنائز، وفي تفسير الدخان عن يحيى غير منسوب عن أبي معاوية، فنسب ابن السكن الذي في الجنائز يحيى بن موسى، قال: ولم أجد الآخرين منسوبين لأحد.

قلت: فينبغي حمل ما أُهمِل على ما بُيِّن، وقد جزم أبو نعيمٍ بأن الذي في الجنائز هو يحيى بن جعفر البيكندي، وذكر الكرماني أنه رأى في بعض النسخ هنا مثله.

قلت: والأول أرجح؛ لأن أبا علي بن شبويه".

شبَّويه.

"لأن أبا علي بن شبَّويه وافق ابن السكن عن الفربري على ذلك في الجنائز وهنا أيضًا، ورأيت بخط بعض المتأخرين يحيى هو ابن بُكير، وأبو معاوية هو شيبان النحوي، وليس كما قال، فليس ليحيى بن بكير عن شيبان رواية.

وبعد أن ردد الكرماني يحيى بين ابن موسى أو ابن جعفر أو ابن معين، قال: وأبو معاوية يحتمل أن يكون شيبان النحوي، وهو عجيبٌ، فإن كلًّا من الثلاثة لم يسمع من شيبان المذكور، وجزم أبو مسعودٍ وكذا خلفٌ في (الأطراف)، وتبعهما المزي بأن الذي في الجنائز هو يحيى بن يحيى، وما قدمناه عن ابن السكن يرد عليهم، وهو المعتمد ولاسيما وقد وافقه ابن شبَّويه".

يحيى بن يحيى هو التميمي، وأما الليثي فلا رواية له في الكُتب السِّتة راوي الموطأ.

"ولم يختلفوا في أن أبا معاوية هنا هو الضرير.

قوله: "عن مسلمٍ" هو أبو الضحى، وقد تقدم الكلام على فوائد حديث المغيرة في باب المسح على الخفين".

طالب: ............

أبهم كثيرًا من الرواة، وكذلك عادة المصنفين في ذلك الوقت؛ لأنهم يعرفون أن الذي يقرأ سَيفهَم.

طالب: ............

وقع فيه اختلاف فيمن جاء بعد، من جاء بعد مع طول العهد ما يدرون.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّعَرِّي فِي الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا:

حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمُ الحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ، فَقَالَ لَهُ العَبَّاسُ عَمُّهُ: يَا ابْنَ أَخِي، لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الحِجَارَةِ، قَالَ: فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-".

يقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّعَرِّي فِي الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا" يعني في الصلاة وخارج الصلاة، وجاء الأمر بحفظ العورة «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا عنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ» في الصلاة وخارجها، الصلاة أمرها أعظم وأشد؛ لأن ستر العورة شرط لصحتها، وأما خارج الصلاة فالستر مندوب.

وجاء أحاديث في حفظ العورة، وأنه من المروءة، ومن تمام المروءة، وأن كشف العورة مُخل بالمروءة، ويختلفون في حكمه تبعًا لقوله: «احْفَظْ».

وجاء مما يُنسب عن عائشة –رضي الله عنها- أنها قالت: ما رأى مني ولا رأيت منه. يعني شيئًا، لكن الخبر ضعيف، نعم من الأدب أن يترفع الإنسان عن هذه الأمور، لكن الأمر في ذلك أوسع مما يكون بين الزوجين أوسع من ذلك.

يقول: "بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّعَرِّي فِي الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا: حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ" ابن عُبادة.

"قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمُ الحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ" "معهم" يعني: مع قومه في الجاهلية لما بنوا الكعبة قبل أن يُوحى إليه.

"كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمُ الحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ" ما عليه رداء، عليه إزار، فلا شك أن الحجارة والحصى ستؤثر في منكبه؛ لأنه ليس عليه شيء.

"فَقَالَ لَهُ العَبَّاسُ عَمُّهُ: يَا ابْنَ أَخِي، لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الحِجَارَةِ" اللباس الذي يستر أسفل البدن يستر العورة قال: لو حللته بدلًا من أن تستر عورتك تضعه على منكبك؛ ليقيك أثر الحجارة.

قال: "فَجَعَلْتَه عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الحِجَارَةِ، قَالَ: فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ" لما انكشفت عورته -عليه الصلاة والسلام-.

"فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا" يُقال: إنه لما كان مرتضعًا في بني سعد خرج وقد بدا شيءٌ من عورته، فلكمه لاكم، فما ظهر منه شيءٌ بعد ذلك، وهنا بمشورة عمه، وهو في الجاهلية قبل الإسلام فعل ذلك فخر مغشيًّا عليه، وبعض الناس وإن كان من كبار السن يتسامح ويتساهل في العورة إذا جلس لا يحتاط، وإذا مشى قد يمشي بثوبٍ خفيف يُبدي منه شيئًا من عورته، ولا شك أن هذا خلاف الأدب الشرعي، وكشف العورة لا يجوز.

"فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-" النفوس السليمة لا ترضى بشيءٍ يخرج مما يسوء؛ ولذلك قيل للعورة: سوءة؛ لأن خروجها وبروزها للناس يسوء صاحبها هذا الأصل في أهل المروءات، ولكن كثيرًا من المسلمين الذين عاشوا بين ظهراني غيرهم، واقتدوا بهم يتسامحون في مثل هذا، والله المستعان.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "باب كراهية التعري في الصلاة" زاد الكشميهني والحموي وغيرها.

قوله: "حدثنا روحٌ" هو ابن عُبادة.

قوله: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينقل معهم" أي: مع قريشٍ لما بنوا الكعبة، وكان ذلك قبل البعثة، فرواية جابر لذلك من مراسيل الصحابة".

لأنه ما حضر، فإما أن يكون سمع الخبر من النبي –عليه الصلاة والسلام- فيكون موصولًا، أو سمعه من صحابيٍّ حضر ذلك فيكون من مراسيل الصحابة.

وابن عباس عبد الله بن عباس يروي القصة عن أبيه، فلعل الصحابي الذي يروي عنه جابر ولم يُسمِّه هو العباس نفسه.

"فإما أن يكون سمع ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك، أو من بعض من حضر ذلك من الصحابة، والذي يظهر أنه العباس، وقد حدَّث به العباس أيضًا ابنه عبد الله وسياقه أتم، أخرجه الطبراني وفيه: "فقام فأخذ إزاره وقال: نُهيت أن أمشي عريانًا"، وسيأتي ذكره في كتاب الحج مع بقية فوائده في باب بنيان الكعبة، إن شاء الله تعالى.

قوله: "فجعلت" أي: الإزار، وللكشميهني: "فجعلته"، وجواب لو محذوف إن كانت شرطية وتقديره لكان أسهل عليك، وإن كانت للتمني فلا حذف".

فلا تحتاج إلى جوابه إذا كان يتمنى، لو فعلت كذا يتمنى منه أن يفعل كذا، فلا يحتاج إلى جواب.

طالب: ...........

ماذا فيها؟

طالب: ...........

في الجاهلية نعم.

طالب: ...........

ماذا يقول؟

طالب: ...........

لا لا هذا بعيد.

طالب: ...........

لا يلزم أن يكون نُهي بوحي، وإنما قد يكون تراءى له ملك كالذي لكمه في وقت الارتضاع.

"قوله: "قال: فحله" يحتمل أن يكون مقول جابر أو مقول من حدثه به.

قوله: "فما رُئي" بضم الراء بعدها همزةٌ مكسورة ويجوز كسر الراء بعدها مدة ثم همزة مفتوحة، وفي رواية الإسماعيلي "فلم يتعرَ بعد ذلك" ومطابقة الحديث للترجمة من هذه الجملة الأخيرة؛ لأنها تتناول ما بعد النبوة، فيتم بذلك الاستدلال.

وفيه: أنه -صلى الله عليه وسلم- كان مصونًا عمَّا يُستقبَح قبل البعثة وبعدها، وفيه النهي عن التعري بحضرة الناس، وسيأتي ما يتعلق بالخلوة بعد قليل، وقد ذكر ابن إسحاقٍ في السيرة أنه -صلى الله عليه وسلم- تعرى وهو صغيرٌ عند حليمة فلكمه لاكمٌ فلم يعد يتعرى، وهذا إن ثبت حُمِل على نفي التعري بغير ضرورةٍ عادية، والذي في حديث الباب على الضرورة العادية، والنفي فيها على الإطلاق أو يتقيد بالضرورة الشرعية كحالة النوم مع الأهل أحيانًا".

والذي في الحديث الذي قبل ذلك "وهذا إن ثبت حُمِل على نفي التعري بغير ضرورةٍ عادية، والذي في حديث الباب على الضرورة العادية" لاتقاء أثر الحصى، هذه ضرورة عادية.

طالب: ...........

نعم.

طالب: ...........

يعني الكراهية خاصة بأمام الناس؟

طالب: ...........

طيب.

طالب: ...........

لا، في الحديث: إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًّا، قَالَ: «فاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ» التعري مذموم مطلقًا.

طالب: ...........

وإذا كان خاليًّا أو مع أهله أو كذا فتنزيه.

طالب: ...........

أين؟

طالب: ...........

الحديث معروف إذا صار بين الناس مُحرَّمًا ما هي بكراهية، والكراهية تُطلق على ما هو أعم من أن يكون للتنزيه أو التحريم.

طالب: ...........

الذي يظهر أنه أمام الناس يغلب على الظن يقوى التحريم.

طالب: ...........

هي الكراهية أعم إذا كان الأمر له أحوال فيتنزَّل عليها. 

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ الصَّلاَةِ فِي القَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالتُّبَّانِ وَالقَبَاءِ:

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ، فَقَالَ: «أَوَ كُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ؟» ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ، فَقَالَ: إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا، جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، فِي إِزَارٍ وَقَمِيصٍ، فِي إِزَارٍ وَقَبَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ، قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: فِي تُبَّان وَرِدَاءٍ".

تُبانٍ مصروفة.

"قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ.

حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ-رضي الله عنهما- قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ فَقَالَ: «لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ وَلاَ السَّرَاوِيلَ، وَلاَ البُرْنُسَ، وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، وَلاَ وَرْسٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ». وَعَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ".

قال –رحمه الله تعالى-: "بَابُ الصَّلاَةِ فِي القَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالتُّبَّانِ وَالقَبَاءِ".

"القَمِيصِ" ما يكسو البدن من أعلاه إلى أسفله.

"وَالسَّرَاوِيلِ" معروف ما يُلبس على النصف الأسفل من البدن ويكون له كُمان.

"وَالتُّبَّانِ" هو من نوع السراويل إلا أنه لا كمام له، ليس له أكمام من السراويل الصغيرة.

"وَالقَبَاءِ" نوعٌ من أيش؟

خاط لي عمرو قِبــــــاء
 

 

ليت عينيه ســــــــواءُ
 

فسلُ الناس أشعري
 

 

مديـــــــــحٌ هذا أم هجاءُ
 

يمدح أو يذم؟

طالب: ............

يمدح أم يذم؟

طالب: ............

والله مُحتمِل، والذي يُرجِّح وضع القباء هل الخياطة جيدة فهو يمدحه، وإن كانت رديئة فالعكس.

المقصود أن القباء هو أيش؟

طالب: ............

مثل الكوت مثل الجُبة.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ" السختياني.

"عَنْ مُحَمَّدٍ" ابن سيرين.

"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله تعالى عنه- قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ" يعني ما حُكمها؟ هل تُجزئ الصلاة في ثوبٍ واحد؟

"فَقَالَ: «أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ؟»" هذا يتضمن الجواب، يعني إذا كان لا يُوجد الثوبان عند جميعكم، فالتكليف بالثوبين فيه مشقة وعنت على الجميع.

"ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ" ابن الخطاب "فَقَالَ" عمر "إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا" يعني لا تقتصروا على ثوبٍ واحد إذا وسَّع الله عليكم، لكن في حال الضيق إذا ضاق الأمر اتسع.

"إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا، جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ" ثم جاء التفصيل.

"صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ" هذا غالب لبس العرب الإزار والرداء.

"فِي إِزَارٍ وَقَمِيصٍ، فِي إِزَارٍ وَقَبَاءٍ" الإزار يستر أسفل البدن، والقباء يستر أعلاه وهو بمعنى الإزار والرداء إلا أن الرداء في الغالب غير مخيط.

"فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ" قد يقول قائل: سراويل! يجمع عليه أكثر من سروال؟

طالب: لا، جنس يذكر النوع، ما يذكر العدد.

لا، سراويل للمفرد، السراويل تُقال للمفرد، وجمعها سراويلات.

"فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ، قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: فِي تُبَّان وَرِدَاءٍ" كم تكون الصور؟ تسعًا ناتجة عن ضرب ثلاثة في ثلاثة.

طالب: ...........

نعم في.

طالب: ...........

وقد يُقال: إن هذا إذا لم يجد غيره.

طالب: ...........

لا، ما أظنه.

طالب: منتصف البدن الأعلى.

طالب: ...........

لا، هذا في حال الضيق، وإذا وسَّع الله فأوسعوا.

طالب: ...........

ماذا؟

طالب: ...........

يعني في حال الضيق؟

طالب: ...........

في حال أيش؟

طالب: ...........

"فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ".

طالب: ...........

على كل حال هذه الصور تجمع الاحتمالات المتوقعة في ألبستهم.

اقرأ سيأتي التوضيح.

قال –رحمه الله-: "قوله: "باب الصلاة في القميص والسراويل" قال ابن سيده: السراويل فارسيٌّ مُعرَّب يُذكَّر ويؤنَّث، ولم يعرف أبو حاتم السجستاني التذكير، والأشهر عدم صرفه.

قوله: "والتبان" بضم المثناة وتشديد الموحدة".

ابن سيده يذكر مثل هذه الأشياء من الألبسة والأطعمة، وأنواع الأشياء يذكرها؛ لتكون في مقابل كُتب اللغة التي تبحث متون المفردات، يعني أنت عندك معلومة معنى شيء، ولا تذكر مفردة تدل عليها، ودك تعرف ماذا يُسمى ولد الضبع؟ ماذا يُسمى ولد الغزال؟ ماذا يُسمى...؟ ترجع معك هذا المعنى تجده مفصَّلًا، ويذكر اسمه لك، بخلاف ما إذا كان عندك مفرد وتُريد معناه عكسه، هذا عكسه تمامًا، وهذا يُغطي جزءًا كبيرًا مما يُبحَث عنه، إذا كنت تعرف اللفظة وتُريد معناها هذا سهل، لكن إذا كنت تُريد المعنى وتُريد لفظًا يُطلق عليه هذا الإشكال، وفيه كُتب فقه اللغة.   

"قوله: "والتبان" بضم المثناة وتشديد الموحدة، وهو على هيئة السراويل إلا أنه ليس له رجلان، وقد يُتخذ من جلد.

قوله: "والقباء" بالقصر وبالمد، قيل: هو فارسيٌّ مُعرَّب، وقيل: عربي مشتق من قبوت الشيء إذا ضممت أصابعك عليه، سُمي بذلك لانضمام أطرافه، وروي عن كعبٍ أن أول من لبسه سليمان بن داود -عليهما السلام-".

كعب الأحبار، هذا مُتلقى من الإسرائيليات.

"قوله: "عن محمد" هو ابن سيرين.

قوله: "قام رجلٌ" تقدم أنه لم يسمَّ، وقد تقدم الكلام على المرفوع منه.

قوله: "ثم سأل رجلٌ عمر" أي: عن ذلك ولم يسمَّ أيضًا، ويحتمل أن يكون ابن مسعود؛ لأنه اختلف هو وأُبي بن كعب في ذلك، فقال أُبي: الصلاة في الثوب الواحد -يعني لا تُكره- وقال ابن مسعودٍ: إنما كان ذلك وفي الثياب قِلة، فقام عمر على المنبر، فقال: القول ما قال أُبي، ولم يألُ ابن مسعود أي: لم يُقصِّر، أخرجه عبد الرزاق.

قوله: "جمع رجلٌ" هو بقية قول عمر وأورده بصيغة الخبر ومراده الأمر.

قال ابن بطال: يعني ليجمع وليُصلِّ.

وقال ابن المنير: الصحيح أنه كلامٌ في معنى الشرط كأنه قال: إن جمع رجلٌ عليه ثيابه فحسن، ثم فصَّل الجمع بصورٍ على معنى البدلية.

وقال ابن مالك: تضمن هذا الحديث فائدتين:

إحداهما: ورود الفعل الماضي بمعنى الأمر وهو قوله: "صلى" والمعنى: ليُصلِّ، ومثله قولهم: اتقى الله عبدٌ، والمعنى: ليتقِ.

ثانيهما: حذف حرف العطف، فإن الأصل صلى رجلٌ في إزارٍ ورداء، وفي إزارٍ وقميص، ومثله قوله -صلى الله عليه وسلم-: «تَصَدَّقَ امرؤ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ» انتهى، فحصل في كلٍّ من المسألتين توجيهان.

قوله: "قال: وأحسبه" قالوا: قائل ذلك أبو هريرة، والضمير في "أحسبه" راجعٌ إلى عمر، وإنما لم يحصل الجزم بذلك؛ لإمكان أن عمر أهمل ذلك؛ لأن التبان لا يستر العورة كلها بناءً على أن الفخذ من العورة، فالستر به حاصلٌ مع القباء ومع القميص، وأما مع الرداء فقد لا يحصل.

ورأى أبو هريرة أن انحصار القسمة يقتضي ذكر هذه الصورة".

يقول: "بناءً على أن الفخذ من العورة، فالستر به حاصلٌ مع القباء" يعني القباء فيه طول يستر الفخذين.

طالب: ...........

لا، ما هو بالقباء التُبان، التُبان الذي ما له رجلان.

"ورأى أبو هريرة أن انحصار القسمة يقتضي ذكر هذه الصورة، وأن الستر قد يحصل بها إذا كان الرداء سابغًا.

ومجموع ما ذكر عمر من الملابس ستة، ثلاثةٌ للوسط وثلاثةٌ لغيره، فقدَّم ملابس الوسط؛ لأنها محل ستر العورة، وقدَّم أسترهما أو أكثرهما استعمالًا".

أسترها.

"وقدَّم أسترها أو أكثرها استعمالًا لهم، وضم إلى كل واحدٍ واحدًا، فخرج من ذلك تسع صور من ضرب ثلاثةٍ في ثلاثة، ولم يقصد الحصر في ذلك، بل يلحق بذلك ما يقوم مقامه".

مما هو موجود أو يُوجد فيما بعد.

"وفي هذا الحديث دليلٌ على وجوب الصلاة في الثياب؛ لِما فيه من أن الاقتصار على الثوب الواحد كان لضيق الحال.

وفيه: أن الصلاة في الثوبين أفضل من الثوب الواحد، وصرَّح القاضي عياض بنفي الخلاف في ذلك، لكن عبارة ابن المنذر قد تُفهِم إثباته؛ لأنه لما حكى عن الأئمة جواز الصلاة في الثوب الواحد، قال: وقد استحب بعضهم الصلاة في ثوبين، وعن أشهب فيمن اقتصر على الصلاة في السراويل مع القدرة يعيد في الوقت، إلا إن كان صفيقًا، وعن بعض الحنفية يُكره.

فائدة: روى ابن حبان حديث الباب من طريق إسماعيل ابن عُلية عن أيوب فأدرج الموقوف في المرفوع، ولم يذكر عمر، ورواية حماد بن زيد هذه المفصلة أصح، وقد وافقه على ذلك حماد بن سلمة، فرواه عن أيوب وهشام وحبيب وعاصم كلهم عن ابن سيرين أخرجه ابن حبان أيضًا، وأخرج مسلم حديث ابن عُلية، فاقتصر على المتفق على رفعه، وحذف الباقي، وذلك من حُسن تصرفه، والله أعلم".

قرأت الحديث؟

طالب: نعم قرأته.

قال –رحمه الله تعالى-: "حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ" هذا أصح الأسانيد عند مَن؟

طالب: .............

الزهري، عن سالم، عن ابن عمر.

طالب: .............

الإمام أحمد.

طالب: وليس عند مالك.

عند أحمد.

وَجَزَمَ ابْنُ حنبلٍ بالزُّهْرِي
 

 

عَنْ سَالِمٍ عَنْ أبيهِ البَرِّ
 

"عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ فَقَالَ: «لاَ يَلْبَسُ»" سُئل عمَّا يلبَس فأجاب عمَّا لا يلبَس؛ لأن ما يلبس لا يُمكن حصره، وما لا يلبس محصور، فالإجابة بمحصور أضبط وأتقن؛ لأن غير المحصور يحتاج إلى أن يقول: يلبس كذا، ويلبس كذا، ويلبس كذا، ويلبس كذا، فإذا أُجيب بما يُحصر لا يلبس كذا ولا كذا ولا كذا، فمعناه أن كل ما عدا ذلك يجوز.  

"فَقَالَ: «لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ وَلاَ السَّرَاوِيلَ، وَلاَ البُرْنُسَ»" الذي يُغطي الرأس ملتصقًا بالثوب.

«وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، وَلاَ وَرْسٌ» الورس نوعٌ من الطِّيب، والزعفران معروف، ونُهي الرجل عن لُبس المُزعفَر والمعصفَر.

«فَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ» اللذين يُغطيان الكعبين.

«وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ» فيكون حكمهما حُكم النعلين.

"وَعَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ" فهل هذا مُعلَّق أو معطوف على الصيغة السابقة أو على السند السابق فيكون نافع معطوفًا على سالم، فيكون بقية السند مثله.

طالب: .............

إن كانت لا تستر فظاهر، وإن كانت تستر فالحنفية عندهم في الألبسة لاسيما في الصلاة تشدد، لابُد عندهم -من الأمور المؤكدة عندهم- ستر الرأس.

طالب: أشار الشيخ للعلة إلا إن كان صفيقًا.

إلا إذا كان صفيقًا يستر فلا إشكال.

طالب: .............

طالب: الاحتمال يكون من السروال أكثر؛ لأنها الملاصقة والأقرب.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "حدثنا عاصم بن علي" هو الواسطي.

قوله: "سأل رجلٌ" تقدم في آخر كتاب العلم أنه لم يُسمَّ، وأخَّرنا الكلام عليه إلى موضعه في الحج، وموضع الحاجة منه هنا أن الصلاة تجوز بدون القميص والسراويل وغيرهما من المخيط؛ لأمر المحرم باجتناب ذلك وهو مأمورٌ بالصلاة.

قوله: "حتى يكونا" في رواية الحموي والمستملي "حتى يكون" بالإفراد أي: كل واحدٍ منهما.

قوله: "وعن نافع" معطوفٌ على قوله: "عن الزهري"، وذلك بينٌ في الرواية الماضية في آخر كتاب العلم، فإنه أخرجه هناك عن آدم عن ابن أبي ذئبٍ، فقدم طريق نافع، وعطف عليها طريق الزهري عكس ما هنا.

وزعم الكرماني أن قوله: "وعن نافع" تعليقٌ من البخاري، وقد قدمنا أن التجويزات العقلية لا يليق استعمالها في الأمور النقلية، والله الموفق".

كثيرًا ما يذكر الكرماني احتمالات عقلية ويُوردها في هذه المواضع، ويرد عليه ابن حجر أن أمور الرواية والنقل لا تثبت بالاحتمالات العقلية، لا تثبت بمجرد الاحتمالات العقلية.

طالب: .............

ماذا فيه؟

طالب: .............

إذا لم يجد النعلين يجوز له.

طالب: .............

قوله: «فَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا» الأمر بالقطع يدل على أنه في حال عدم وجود النعلين، ومنهم من يقول: إذا قطعهما أسفل من الكعبين صارا نعلين، ولا يصح إطلاق الخُف عليهما.

طالب: .............

الاحتياط طيب، وبعض الناس قد يحتاج إلى مثل الخُف المقطوع؛ لأنه يُمسك بقدمه، وبعض الأقدام، بعض الناس، بعض المرضى لا يستطيع أن يُمسك النعل، فمثل هذا يُتَسامح.