كتاب بدء الوحي (019)
هذا يقول: ذكرنا في الدرس الماضي مسألة لو أسقط المطلق حقه في الرجعة هل يسقط؟ يقول هذا: بحثت في المسألة بحثاً قاصراً فوجدت بعض المسائل هي من حق المكلف المحض وتسقط بالإسقاط، ومنها حق الشفعة، وحق خيار المجلس، وحق القذف، وحق القسامة، وحقه في فسخ النكاح لفوات شرط أو وجود عيب وغيرها، وبعض المسائل لا تسقط بإسقاطه مع أنها من حقوقه المحضة، ومنها إسقاط حق التصرف بالمبيع بعد قبضه؛ لأن هذا عند أهل العلم ينافي مقتضى العقد، إسقاطه حق التصرف بالمبيع بعد قبضه وإسقاطه حق الطلاق بعد عقد النكاح، وإسقاط المرأة حقها في النفقة والقسم أبداً.
هذا يقول: فالسؤال: ما الضابط في مال المكلف إسقاطه وما ليس له إسقاطه مع أن جميع المسائل من حقوق المكلف المحضة؟
أهل العلم يفرقون بين ما ينافي مقتضى العقد وبين ما لا ينافي مقتضى العقد، وقد ذكر القرافي في الفروق الفرق بين حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين، وبيّن أن حقوق الآدميين ما للمكلف إسقاطها ولم يبين ما هي الحقوق التي يمكن إسقاطها.
وهل يمكن أن يقال: الأصل عدم صحة إسقاط الحقوق إلا إذا ورد الدليل على صحتها؟....... أن الضابط عند أهل العلم أنه إذا أسقط أو اشترط أو اشتُرط عليه أن يسقط ما مقتضاه منافاة مقتضى العقد فإن هذا ليس له، يعني لو قال: أنا أشتري هذه السيارة وأسقط حقي من الانتفاع بها أو اشتُرط عليه ذلك هذا لا ينفذ مثل هذا، مثلما قال: إسقاط حق التصرف بالمبيع بعد قبضه لأنه ينافي مقتضى العقد، وأما ما عدا ذلك فهم يتسامحون فيه؛ لأن الأمر لا يعدوه، وحق من حقوقه فإذا تنازل عنه فالأمر لا يعدوه.
من هذا لو أن المرأة تنازلت عن قسمها كما فعلت سودة نعم لها ذلك؛ لأن الأمر لا يعدوها.
قد يقول قائل: إنه قد تتنازل بضغط عليها، رأت الأثرة وخشيت أن تطلق فهي مكرهة وليست مختارة، يعني مثل ما يحصل الآن فيما يسمى بزواج المسيار، تتنازل عن حقوقها......... وقد تدفع له أجراً شهرياً من راتبها، وجد، وجد من تدفع له من راتبها أجر شهري، هل نقول: إن المسألة عرض وطلب فإذا خشيت على نفسها أن تعيش بقية عمرها بدون زوج ولا أولاد أن تتنازل بل تدفع على أن المهر لا بد منه ولو كان يسيراً، لكن ما عدا ذلك إذا تنازلت عن شيء فالأمر لا يعدوها.
لكن لو تنازلت عما يقتضي مما مقتضاه العقد، لو تنازلت عن الوطء مثلاً، الذي هو أهم ما يقتضيه العقد، تقول: نتزوج لكن بدون وطء، اشترط عليها أن لا يطأها فقبلت ما الحكم؟ هذا ينافي مقتضى العقد، العقد الأصل فيه الاستمتاع، يعني تنازلت عن مسكن، تنازلت عن شيء من النفقة، تنازلت عن شيء من حقوقها، هاه؟ عن القسم مثلاً، القسم بالسوية، فلو قال: خلاص أنا أتزوج ولا..، ومن الآن لا قسم لك لا في ليل ولا في نهار لا في شهر ولا في أسبوع، هذا ينافي مقتضى العقد، لكن لو تنازلت عن القسم بالسوية مع زوجة أخرى، أو قالت: على راحتك وفراغك، هذا أمره سهل، لكن إذا اشترط عليها أن لا يطأ، هذا ينافي مقتضى العقد، إلا إذا كان العقد من أصله كالمشروط فيه، تزوجت شخصاً لا يطأ، هي تزوجت ورضيته من الأصل، رضيته زوجاً، لكن هذا يطأ، لو اشترط أن لا يطأ هذا ينافي مقتضى العقد، لكن تزوجت عنين، وقالت: أنا اسمه يكفيني، أنا يكفني المحرم، أو تزوجت شخصاً كبيراً لا يطأ، أو هي لا ترغب في الوطء، على كل حال هذه الأمور منها ما ينافي مقتضى العقد فلا يتنازل عنه، ومنها ما لا ينافي.
يقول: فيما يخص البرامج التقنية وما يشبهها يشترطون على الشاري -يعني المشتري- عدم التصرف بها من جهة بيعها أو نسخها أو هبتها فهل تدخل فيما ينافي مقتضى العقد؟
إذا كان عليهم ضرر، إذا كان عليهم ضرر من هذه التصرفات؛ لأن فيها سر إذا اطلع عليه تضرروا بذلك، فالضرر لا بد من رفعه، وإذا لم يكن عليهم ضرر من ذلك فهذا الشرط ينافي مقتضى العقد، لا يتصرف بها.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
في الموضع السابع من تخريج الإمام البخاري لهذا الحديث من صحيحه في كتاب: الحيل باب: في ترك الحيل وأن لكل امرئ ما نوى في الأيمان وغيرها.
بدأنا به في الدرس الماضي ولم نكمله قال -رحمه الله-:
حدثنا أبو النعمان قال: حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يخطب قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((يا أيها الناس إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن هاجر إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
قوله: باب: في ترك الحيل، يقول ابن المنير: أدخل البخاري الترك في الترجمة؛ لئلا يتوهم من الترجمة الأولى كتاب الحيل إجازة الحيل، قال: وهو بخلاف ما ذكره في باب بيعة الصغير فإنه أورد فيه أنه لم يبايعه، بل دعا له ومسح برأسه فلم يقل: باب: ترك بيعة الصغير، وذلك أن بيعته لو وقعت لم يكن فيها إنكار بخلاف الحيل، فإن القول بجوازها عموماً إبطال حقوق وجبت، وإثبات حقوق لا تجب، فتحرى فيها لذلك.
يعني ما يتصرف به مما يترتب عليه ضرر لا بد على التنصيص على تركه كما هنا، وما لا ضرر فيه كبيعة الصغير تبعاً للكبار، لا أنه يبتدئ الصغير بالبيعة إنما يبايع تبعاً للكبار، وهذا الصغير بيعته وجودها مثل عدمها، فلا يلزم التنصيص على تركها؛ لأنها لا ضرر فيها، والبيعة تمت ببيعة أهل الحل والعقد، وأما بيعة هذا الصغير أو من لا شأن له بل هو تبعاً لغيره فهذا باعتبارها لا ضرر يترتب عليها لا يلزم من التنصيص على تركها.
يقول ابن حجر: وإنما أطلق أولاً: كتاب الحيل للإشارة إلى أن من الحيل ما يشرع فلا يترك مطلقاً، وقلنا: إن الحيلة نص عليها في القرآن في موضع واحد {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [(98) سورة النساء] هذه حيلة مطلوبة حيلة شرعية للتوصل إلى فعل الواجب، والحيل إما أن يتوصل به إلى فعل واجب أو ترك محظور هذه حيل شرعية ومطلوبة على مستوى طلب هذا الواجب، وإذا كانت الحيلة يتوصل بها إلى عكس مراد الشارع من ترك واجب أو فعل محظور هذه حيل اليهود المحرمة التي جاء فيها: ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل)) احتالوا على الصيد يوم السبت، احتالوا على الصيد السمك يوم السبت فصادوه يعني استولوا عليه يوم السبت وأخذوه في يوم الأحد، هذه حيلة، حيلة لفعل واجب؟ لا، لارتكاب محظور فهذه محرمة.
من الحيل التي استعظمها أهل العلم بل كفروا من أفتى بها: امرأة طالبت زوجها بالفراق ورفض وبذلت جميع ما تملك من الأسباب فلم تستطع، فأفتاها من أفتاها بأن ترتد، أفتاها من أفتاها بأن ترتد ليفرق بينهما، هذه الحيلة يقول ابن القيم -رحمه الله- في إغاثة اللهفان: "إبليس ما يعرف مثل هذه الحيلة حتى عرفها من هؤلاء" هذه مبالغة من ابن القيم -رحمه الله- لكنها حيلة شنيعة، ابن المبارك كفر من أفتى بمثل هذا، هناك حيل يتوصل بها إلى موبقات، يتوصل بها إلى عظائم الأمور، هذه الحيل لا شك أنها محرمة، وتحريمها شديد في الشرع، تحايل إلى المحرم، فهو ارتكاب للمحرم وزيادة، ارتكاب للمحرم وزيادة، هناك حيل يتوصل بها إلى ما يشبه المحرم، يعني مؤداه قريب من مؤدى المحرم، لكن إذا نظرت إلى أصل المسألة وجدتها جائزة عند أهل العلم.
فمثلاً التحايل على كسب المال على كسب المال بدلاً من الربا الصريح الدراهم بالدراهم بزيادة وأجل بالتورق مثلاً، يجعل بين الطرفين سلعة والمشتري لا يريد هذه السلعة محتاج إلى مائة ألف فيذهب إلى شخص فيقول: أنا محتاج إلى مائة ألف، ما يقول: إنه محتاج إلى سيارة، فيقول: عندي هذه السيارة تبيعها بمائة ألف هي سيمت مني مائة ألف، قال: كم تبيعها؟ قال: بمائة وعشرين لمدة سنة، السيارة ليست مقصد، ولا هدف من الطرفين، فإذا كان البائع يملك هذه السيارة والمشتري لا حاجة له بالسيارة، إذا كان يحتاج السيارة يريد أن يستعمل السيارة هذا الدين المجمع على حله {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] هذا هو الدين إذا كان يحتاج السيارة، لكن إذا كان لا يحتاج السيارة إنما يحتاج قيمة السيارة، عامة أهل العلم على أنها إذا استوفت شروطها وأركانها أنها جائزة، لذلك الأئمة الأربعة كلهم على جوازها، إذا كان البائع مالك للسيارة ثم بعد ذلك المشتري بالخيار يقدم على الشراء أو لا؟ لأن هناك من الصور ما يملك البائع من أجل المشتري ولا يكون للمشتري الخيار، يشتري البائع يشتري السلعة من أجل المشتري ويلزمه بأخذها هذا لا يجوز؛ لأن العقد أبرم قبل، مثل هذا لا يجوز، وأيضاً إلزامه إلزام المشتري بدفع مبلغ من المال لا يجوز، بل يشتري البائع الأول يشتري هذه السلعة ويملكها ملكاً شرعياً مستقراً ثم بعد ذلك المشتري الثاني بالخيار، تريد السيارة وإلا ما تريد؟ قال: أجل أريدها، يبرم العقد معه، ثم بعد ذلك يتولى بيعها بنفسه أو يوكل من يبيعها من الثقات؛ لأنه يوجد من غير الثقات من يستعمل هذه الصورة ويقول للمشتري: دعني أبيعها لك، وهذا ليس بثقة لا يعول عليه بمثل هذا، والمسألة فيها ضعف وتزداد ضعفاً بالتوسع الموجود في الأسواق الآن.
هذه حيلة لكسب المال عامة أهل العلم على جوازها، ومنهم كابن عباس يراها أنها ربا، بل صرح بعضهم بأنها أشد من الربا؛ لأنها ربا وحيلة، عمر بن عبد العزيز "آخية الربا" يعني أصله، وابن عباس يقول: درهم بدرهمين بينهما حريرة، وشيخ الإسلام أيضاً يرى تحريمها، وأما عموم أهل العلم فعلى جوازها، وابن القيم -رحمه الله- يقول: حاولت مراراً بشيخ الإسلام وناقشته مراراً من أجل أن يرجع عن قوله فأصر على تحريمها، ليس معنى هذا أننا نحرمها، لكن أقول: هذه فيها شيء من التحايل، لكن ما دام عامة أهل العلم فقهاء الأمصار كلهم على جوازها إلا نفر يسير فمثل هذه فيها فرج؛ لأن الإنسان قد يبحث عن المال يضطر إلى المال، فمثل هذه الصورة التي عموم أهل العلم عليها لا شك أنها أسهل بكثير من الربا الصريح، وإن قال بعض أهل العلم: الربا الصريح أسهل منها، كيف عامة أهل العلم يجيزونها؟ ونقول: اذهب إلى البنك خذ دراهم بدراهم أيسر لأنه ربا فقط وهذه ربا وحيلة؟ فمن الحيل ما يجوز ليتوصل بها إلى حق أو يدفع بها باطل.
وأمور كثيرة جداً في حياة الناس وفي واقع الناس تستعمل فيها هذه الحيل، يعني كثير من الأمور لا تمشي إلا بحيلة، والناس يتفاوتون في ارتكاب هذه الحيلة، منهم من يتورع ومنهم من يتوسع، والضابط في هذه الحيل أنها إذا استعملت من أجل فعل الواجب فهي مطلوبة، استعملت في ترك محرم أيضاً مطلوبة، استعملت في ترك واجب محرمة، استعملت في ارتكاب محرم محرمة، في مباح مباحة.
قوله في الترجمة: ((وإن لكل امرئ ما نوى)) في الأيمان وغيرها، يقول ابن المنير -رحمه الله-: اتسع البخاري في الاستنباط والمشهور عند النظار حمل الحديث على العبادات فحمله البخاري عليها وعلى المعاملات، يعني هل النظار يخرجون المعاملات بجميع أبوابها وصورها عن هذا الحديث؟ لا، يعني كتب الفقه مملوءة من ذكر النية في أبواب المعاملات، وأبواب المناكحات والأحوال الشخصية في كلام ابن المنير عند النظار تلحق بالعبادات أو بالمعاملات؟ نعم؛ لأنه يقول: والمشهور عند النظار حمل الحديث على العبادات فحمله البخاري عليها وعلى المعاملات، هي في الأصل معاملة بين مخلوق مع مخلوق آخر، فهي بالمعاملات أشبه، وإذا قلنا بهذا الإطلاق هدمنا كثير من مسائل تتعلق بالأحوال الشخصية، وعلى المعاملات وتبع مالكاً -رحمه الله- في القول بسد الذرائع واعتبار المقاصد، فلو فسد اللفظ وصح القصد أُلغي اللفظ، يعني شيخ الإسلام وغيره يقررون العبرة بالمعاني لا بالألفاظ، يعني مثال ذلك: ما يتداول الآن في أسواق الناس، في السيارات مثلاً يحصل عقد بين زيد من الناس ووكالة سيارات ويقول: أنا أريد هذه السيارة أدفع قيمتها على أربعين نجماً في كل شهر كذا، وإذا انتهت تؤول إليه، يعني فرق بين هذه الصورة وبين أن يقول: أدفع أربعين قسط ثم بعد ذلك تبعها عليه، والكل يسمى تأجير، الوكالة ما تسميه بيع وإن كان ينتهي عند آخر قسط، هو بيع بالتأجيل بالأقساط في هذه الصورة اللي ما فيها ما يؤول إلى البيع من بعد ذلك تأجير المنتهي بالتمليك هذه صورة أفتى العلماء بمنعها، لكن هذا بيع بالتقسيط لكن الوكالة تسميه تأجير نعم، ما في واحد ........... منتهي تلقائياً، تمليك من البداية، تمليك من البداية بالأقساط باللزوم، لكن يسمونه تأجير لئلا يلزمهم بتحويل الاستمارة باسمه، وهم يرفضون هذا من أجل أن يضمنوا حقهم وإلا هو بيع، كلهم يتفقون على هذا، أنه إذا آخر نجم السيارة له، عند شيخ الإسلام وأن العبرة بالمعاني لا بالألفاظ هذا بيع، وحينئذٍ تكون السيارة من ضمان المشتري؛ لأن العبرة بالمعاني وهذا بيع، الذي يقول العبرة بالألفاظ والناس إنما يعاملون على حسب ما يظهر منهم يقول: هذا تأجير والضمان من ضمان البائع اللي هو المؤجر.
يقول: فلو فسد اللفظ وصح القصد أُلغي اللفظ، يعني فرق بين أن يشتري السيارة بالأقساط يسمى تأجير، تنتهي قيمتها مع نهاية هذه الأقساط، وبين أن يبقى من قيمتها شيء يحتاج إلى عقد آخر وهو بيع، كالتأجير المنتهي بالتمليك الذي أفتى أهل العلم بمنعه، فلو فسد اللفظ وصح القصد أُلغي اللفظ، وأعمل القصد تصحيحاً وإبطالاً.
لو قال: أنا أبيعك هذه الدار، أبيعك هذه الدار مدة عشرين سنة كل سنة بعشرة آلاف، الآن اللفظ سليم وإلا فاسد؟ أبيعك هذه الدار لمدة عشرين سنة كل سنة بعشرة؟ فاسد اللفظ؛ لأن هذا ليس ببيع إنما هو تأجير، لكن ما دام حددت المدة يلغى كلمة أبيع ويعمل ما في حقيقة الأمر وهو التأجير، الذي يقول: بأن المعول على المعنى يصحح مثل هذا العقد، والذي يقول: المعول على اللفظ يقول: إن هذا عقد يشتمل على شرط ينافي مقتضاه، وهو أن البيع إنما يستغله المشتري لمدة معينة ثم يرجع إليه، وأعمل القصد تصحيحاً وإبطالاً.
طالب:.......
إيه.
طالب:.......
بالنسبة للفروج الاحتياط لها لا بد منه، لكن افترض أنه قال هذا وحصل والاتفاق على فاطمة بعينها، الاتفاق على فاطمة، والرؤية حصلت لفاطمة، والأب بيزوج فاطمة، والشهود هم أخوان لفاطمة ثم في العقد قال: زينب، سواءً كان عنده واحدة اسمها زينب أو لا، نعم؟
طالب:........
لا، لا، يعرفون، يعرفون إخوانها،........ إخوانها، والناس كلهم يعرفون هذا، والجيران كلهم يعرفون أن المخطوبة فاطمة، سبق لسانه قال: زينب، وتم العقد ورصد ثم بقي إلا التصحيح عند الجهات، هل نقول: يجدد العقد باسم فاطمة أو نقول: إن القصد كافي، والقرائن كلها تدل عليه، فنقول: بالنسبة للفروج لا بد من التجديد، لا بد من التجديد.
طالب:.........
لا، أنت افترض أن كلهم راضين، راضين بهذا بما في القصد، ولا في محاكمات ولا في.......
طالب:........
شوف في أمور التي يحصل فيها خصومات لا بد من الاحتياط فيها، أي شيء يوقع في إشكال الشرع يأتي بمنعه، شخص عنده أرض من مخطط فجاءه زبون يريد أن يشتري الأرض فقال: هذه أرضي تبين الذي بجوارها من غير أي فرق بين الأرضين، وحصل العقد على الرقم المجاور نعم لما أراه إياه، وهذا يحصل كثيراً في العمارة يقدم عنده صك على الجهات يطلب ترخيص لعمارة أرضه الواقعة في مكان كذا، ثم بعد ذلك في التطبيق إذا قام العظم إذا بها أرض جاره، وقد يكون جاره غائب مسافر ويجي إلا وهي مسكونة، هذا حصل، هذا حاصل، في مسائل البيع لا شك أن المشتري له الخيار الخلف، الخلف تبينت أن الأرض غير، طيب أنت افترض أنها ما تزيد عليها ولا تنقص لا في قيمة ولا في مزايا ولا في موقع ولا شيء، يلزم بشرائها وإلا ما يلزم؟ الخلف حاصل، الخلف حاصل ولو لم يترتب عليه أثر، فله الخيار؛ لأن هذا هو اللي يقدره هو.
طالب:........
لا، لا، هو يريد أرضه هو، ما يريد أرض جاره، هو لا يريد هو محتاج لدراهم يبي يبيع أرضه هو، ما له علاقة بأرض جاره، ولا شك أن خيار الخلف موجود، ولو لم يترتب عليه آثار، طيب أراه أرضاً أقل قيمة من أرضه، أرضه أفضل من هذه الأرض هل المشتري له خيار الخلف أو لا؟ أو للمتضرر منهما الخيار؟ هاه؟ أهل العلم يقررون للمتضرر الخيار، لكن إذا أراد إذا بدا له أن يبطل العقد وهذه فرصة قال: والله وراني أرض وإن كانت مفضولة هي أفضل عندي، له الحق، نعم له خيار الخلف ولو كانت أفضل منها، قال: والاستدلال بهذا الحديث على سد الذرائع وإبطال التحيل من أقوى الأدلة، والاستدلال بهذا الحديث على سد الذرائع وإبطال التحيل من أقوى الأدلة، ووجه التعميم أن المحذوف المقدر الاعتبار، يعني: إنما الأعمال معتبرة بالنيات، ووجه التعميم أن المحذوف المقدر الاعتبار فمعنى الاعتبار في العبادات إجزاؤها، وبيان مراتبها، وفي المعاملات وكذلك الأيمان الرد إلى القصد، معنى الاعتبار في العبادات إجزاؤها وبيان مراتبها، وفي المعاملات وكذلك الأيمان الرد إلى القصد.
يقول ابن حجر: وقد تقدم في باب ما جاء أن الأعمال بالنية من كتاب الإيمان في أوائل الكتاب تصريح البخاري بدخول الأحكام كلها في هذا الحديث، كتاب الإيمان، هاه؟
طالب:........
الموضع الثاني، وقد تقدم في باب: ما جاء أن الأعمال بالنية من كتاب الإيمان في أوائل الكتاب تصريح البخاري بدخول الأحكام كلها في هذا الحديث.
ثم قال ابن حجر في كتاب الحيل شرح كتاب الحيل: واستدل به –يعني الحديث- من قال بإبطال الحيل، ومن قال بإعمالها يستدل به الطرفان: من قال بإبطال الحيل ومن قال بإعمالها كيف؟ لأن مرجع كل من الفريقين إلى نية العامل، يعني من قال بإعمالها في النوايا أو الحيل المشروعة، ومن قال بإبطالها بالنسبة للحيل الممنوعة.
يقول: والضابط ما تقدمت الإشارة إليه إن كان فيه خلاص مظلوم مثلاً فهو مطلوب، وإن كان فيه فوات حق فهو مذموم، يقول: الضابط ما تقدمت الإشارة إليه إن كان فيه خلاص مظلوم مثلاً فهو مطلوب، وإن كان فيه فوات حق فهو مذموم.
طالب:.........
كيف؟
طالب:.........
شوف ما وردت فيه النصوص هذه ممنوع على أي حال، يعني جاء لعن الراشي والمرتشي، وامتنع أو عجز زيد من الناس من استخراج حقه فرشا، نقول: هذه حيلة مشروعة وإلا ممنوعة؟ ممنوعة؛ لأن الدنيا كلها لا تقاوم اللعن.
طالب:.........
ولا منعت، ما في أحد بيرتشي بغير استخراج حقه، قد يرشي لاستخراج باطل لكن الرشوة ممنوعة، واللعن لا يقاومه استخراج الحق؛ لأن الأمر ليس بالهين، وإن قال من قال: إنه إذا عجز عن استخراج حقه له أن يرتكب المحرم، فإن ما عند الله لا ينال بسخطه.
قال: ونص الشافعي على كراهة تعاطي الحيل، على كراهة تعاطي الحيل في تفويت الحقوق، فقال بعض أصحابه: هي كراهة تنزيه، كيف تفويت حقوق وتكون كراهة تنزيه؟ تفويت حقوق، فقال بعض أصحابه: هي كراهة تنزيه أخذاً من اللفظ، وحملاً للفظ على الاصطلاح المتأخر، مع أن كلام المتقدمين بالنسبة لهذا اللفظ غالبه ينصرف إلى التحريم، كره قيل وقال وكثرة السؤال {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء] في موبقات.
فقال بعض أصحابه: هي كراهة تنزيه، وقال كثير من محققيهم كالغزالي هي كراهة تحريم ويأثم بقصده، وقال كثير من محققيهم التحقيق هذا اللفظ يستعمل في نصر ما يريد القائل نصره من الأقوال، التحقيق نسبي، يعني لا يوجد تحقيق على الإطلاق؛ لأنه قد يقول قائل: قال كثير من محققيهم كيف يقال: الغزالي محقق وعنده خلل في العقيدة؟ نقول: في هذه المسألة أو في كثير من المسائل عنده شيء من التحقيق، فقد تطلق إطلاقاً عاماً وقد تطلق إطلاقاً مقيداً، إما في باب من الأبواب أو في مسألة من المسائل نعم بحث المسألة فصار محقق فيها، وإن كان عنده مخالفات كثيرة، لكن على الإطلاق واقتران هذا الوصف بالاسم لا ينبغي أن يكون لشخص عنده خلل؛ لأن هذا يغرر بالقارئ، يغرر بالقارئ؛ لأن الإنسان إذا سمع: قال المحقق، كثير من محققيهم كالغزالي يظن أنه محقق في جميع أبواب الدين وعنده خلل كبير في باب الاعتقاد، ومثل ما قلنا مراراً أن هذه يستعملها بعض المؤلفين لنصر ما يراه؛ لأنه إذا وصفه بالمحقق قد يستسلم بعض القراء، وعلى كل حال هو في بعض المسائل عنده شيء من النظر، وعنده تحقيق، ونظر دقيق لكن في كثير من مسائل الاعتقاد عنده خلل كبير؛ لأن العرف عندنا في أوساط أهل السنة أن كلمة محقق لا تطلق إلا على من سلمت عقيدته من الشوائب، سلمت عقيدته من الشوائب، هناك بعض المؤلفين تجده يثني على العالم ويثني على ضده من غير تمييز، فمثلاً الألوسي صاحب روح المعاني قال الإمام المحقق ابن القيم وقال الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي قدس سره، جمع بين الضب والحوت، وقال شيخ الإسلام وقال فلان، ومثله أو قريب منه القاسمي ينقل عن هؤلاء وهؤلاء، وهذه أمانة، النقل أمانة فيه تغرير بالقارئ.
وقال كثير من محققيهم كالغزالي هي كراهة تحريم، ويأثم بقصده، ويدل عليه قوله: ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) فمن نوى بعقد البيع الربا، نوى بعقد البيع الربا وقع في الربا ولا يخلصه من الإثم صورة البيع، من نوى بعقد البيع الربا وقع في الربا ولا يخلصه من الإثم صورة البيع، مثال ذلك: زيد من الناس ذهب إلى شخص قال: أبي أحتاج إلى ألف ريال، واكتب عليّ ألف ومائة، هذا ذهب ليريد الربا، قاصد الربا، قال البائع: أنا والله لا أستطيع أنت إذا كنت تتحمل اللعن لعن آكل الربا أنا لا أستطيع أتحمل اللعن، لكن هذه سلعة بألف ريال، تبيعها بألف ريال نبيعها عليك بألف ومائة، قال: ما يختلف الأمر يا رجّال، قال: أنا والله لا أستطيع، باع عليه، هل المشتري يخلصه أن السلعة بيعت عليه وباعها وهو لا يقصد بيع ولا يقصد الخلاص من الربا أصلاً؟ هو قاصد ربا، ما عنده أدنى تردد في أن يأخذ ألف بألف ومائة، لكن البائع قال: والله ما أستطيع أن أتحمل اللعن، فقبل مع أنه وجوده مثل عدمه، صورة البيع وجوده مثل عدمه بالنسبة له، هذا لا يخلصه من الربا صورة البيع بخلاف مسألة التورق الذي يتفق الاثنان على الخلاص من الربا، وقد هربا من الربا، يعني فرق بين...، الأمور بمقاصدها.
طالب:........
من هو؟ المشتري في صورة...؟
طالب:........
طيب، طيب، لكن لماذا عدل عن المال بالمال إلى السلعة؟ هروباً من الربا، إيه.
طالب:.......
طيب.
طالب:........
المشتري كونه يفر من الربا إلى مثل هذه الصورة هي فرق بينه وبين الصورة التي معنا.
طالب:........
التورق وهذه الصورة؟
الفرق بين التورق والعينة في مسألة التورق السلعة تباع لطرف ثالث، وفي مسألة العينة تعود هذه العين إلى صاحبها الأول، يشتريها بأقل مما باعها به، هذا الفرق.
طالب:.......
لا، ما يلزم، دفع مال، دفع مال حتى لاستخراج الحلال ما الذي...، ما حرم أخذه حرم دفعه، هل يجوز للعامل في هذه الجهة أن يأخذ مال على استخراج حق؟
طالب:.........
حق، هاه؟
طالب:........
لكن هل يجوز للعامل أن يأخذ من هذا المراجع شيء؟ ما يجوز، إذاً ما حرم أخذه حرم دفعه.
طالب:........
ويشترك معه من مكنه في هذا الإثم، التسامح في مثل هذا والتساهل فيه يجر إلى ويلات، يعني عند أدنى شيء يقول: والله أنا أستخرج حقي، وعثت الرشوة بالمجتمعات الإسلامية فساداً بسبب هذا التساهل، فحسم الباب بالكلية هذا هو الأصل.
طالب:........
يكون هناك أمور لا يستطيع الإنسان مقاومتها يكون له مثلاً مبلغ لا يمكن أن يكون بعدمه فقير وهو من أغنى الناس، يكون له حق لا يمكن أن يثبت أمامه، افترض أن شخص له مليار في جهة من الجهات، له، وما استطاع أن يستخرجه إلا برشوة، الثبات أمام هذه الأموال فيه صعوبة، وإذا فعل هذا فعله فيما دونه، على كل حال نسأل الله ألا يعرضنا الفتن، نعم؟
طالب:........
من يقرض؟
طالب:........
والله هذا ما فيه شك أنه احتياط، احتياط لكن يبقى أن الناس تنتابهم أمور لا مخرج لهم منها إلا التورق؛ لأنه قد لا يوجد من يقرض، قد لا يوجد من يبيع سلم، قد لا يوجد..، الأبواب كلها موصدة.
طالب:........
الله -جل وعلا- يعلم السر وأخفى، كونه يظهر غير ما يبطن لا يعفيه هذا، على كل حال المسألة يعني..، وين وقفنا عليه؟ نعم؟
طالب:........
هذا الإشكال، ولولا أنه وجد من يدفع ما ...... مرة ثانية، هاه؟
طالب:........
على كل حال المسألة يجر بعضها بعضاً، وهي عقوبات يرتب بعضها على بعض، هو تردد أو ردد المراجع من أجل أن يعطيه، فلو لم يجد من يعطيه ما كررها مرة ثانية، لكن وجد من يعطيه.
قال: فمن نوى بعقد البيع الربا وقع في الربا ولا يخلصه من الإثم صورة البيع، يعني قال: أنا أبيع عليك سلعة قال: يا رجّال ما يفرق سلعة تبيع وتأخذ ويش الفرق؟ قال: أبداً، السلعة أنا لا يمكن أعطيك دراهم بدراهم لأن هذا ربا، وأقع في اللعن، إذا كنت تطيق اللعنة أنا لا، لا أطيق ذلك، يقول: ويش معنى أنك تبيع عليه السلعة وأنت تروح تبيعها على واحد ثاني وإلا..؟ وأنا لا أريدها، تطويل وقد يمكن تخسر هذه السلعة، أعطينا الدراهم ومشنا، لا، هذا لا يعفيه صورة البيع بمثل هذا، بخلاف مسألة التورق.
ومن نوى بعقد النكاح التحليل كان محللاً، ودخل في الوعيد على ذلك باللعن ولا يخلصه من ذلك صورة النكاح، وكل شيء قصد به تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله كان إثماً، ولا فرق في حصول الإثم في التحيل على الفعل المحرم بين الفعل الموضوع له والفعل الموضوع لغيره إذا جُعل ذريعة له، يقول: ولا فرق في حصول الإثم في التحيل على الفعل المحرم بين الفعل الموضوع له والفعل الموضوع لغيره إذا جعل ذريعة له، إيش معنى هذا الكلام؟ نعم؟
طالب:.......
يعني مثل الرشوة بدلاً من أن يعطيه مال يعطيه منفعة مثلاً، بدلاً من أن يعطيه مال يعطيه منفعة، فهي رشوة على كل حال، يلتبس هذا بالشفاعة، ويحتاج مثل هذا إلى تحرير، الشفاعة مطلوبة: ((اشفعوا تؤجروا)) وقد يكون هناك مصالح متبادلة بين الشافع وبين صاحب الشأن الذي عنده العمل، يقول: أنا أقبل شفاعة فلان الذي شفع لهذا الشخص من أجل أن أنتفع به لاحقاً، هل هذا من الشفاعة المأمور بها أو من الشفاعة المنهي عنها؟ الشافع ليس في باله ما في بال وفي نية المشفوع له، خالي الذهن، المشفوع لديه في نيته أنه يقبل شفاعة فلان ويوظف هذا الشخص الذي شفع له من أجل أن تكون يد عند هذا الشافع، هو يحتاجه، والشافع خالي الذهن من هذا الأمر، والمشفوع له أيضاً خالي الذهن، من الآثم في هذه الصورة؟ المشفوع لديه.
أخذ الأجرة على الجاه، قال: اشفع لي في نقل زوجتي وأعطيك كذا، إن أعطى منها المختص فهي رشوة، لا إشكال في تحريمها، لكن إذا أخذ من هذه الأجرة على الشفاعة من غير أن يبذل شيئاً للمشفوع لديه فهذا ما يسمى بالأجرة على الجاه، والخلاف بين أهل العلم معروف، يعني أكثر أهل العلم يمنعها، ورواية عند الحنابلة يجيزونها لأنها منفعة، تؤخذ بمقابل هذه المنفعة.
يقول ابن حجر: نقل النسفي الحنفي في الكافي عن محمد بن الحسن قال: ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق.
يقول محمد بن الحسن: ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق، هل تكفي مثل هذه العبارة في تقرير هذه المسألة؟ ليس من أخلاق المؤمنين، يعني هل يريد بذلك أنه من أخلاق الكفار أو من أخلاق المسلمين الذين هم في المرتبة دون المؤمنين وأن الكُمل يترفعون عن هذا وأما بالنسبة لعوام المسلمين لا مانع أن يتحيلوا؟ لا، ليس المراد هذا، وإنما هو يريد أن ينفر من هذه الحيل بالوصف المؤثر الذي هو يلامس مشاعر المسلم وهو الإيمان، كما يأتي في الأوامر الإلهية للمؤمنين، يعني: إن كنتم مؤمنين فهذه لا تليق بالمؤمنين.
في إغاثة اللهفان لابن القيم -رحمه الله- يقول -رحمه الله-: فصل ومن مكايده -يعني مكايد الشيطان- التي كاد بها الإسلام وأهله الحيل والمكر والخداع الذي يتضمن تحليل ما حرم الله وإسقاط ما فرضه ومضادته في أمره ونهيه، وهي من الرأي الباطل الذي اتفق السلف على ذمه، فإن الرأي رأيان: رأي يوافق النصوص وتشهد له النصوص بالصحة والاعتبار وهو الذي اعتبره السلف وعملوا به، ورأي يخالف النصوص وتشهد له بالإبطال والإهدار فهو الذي ذموه وأنكروه.
وكذلك الحيل نوعان: نوع يتوصل به نوع يتوصل به إلى فعل ما أمر الله تعالى به، وترك ما نهى عنه والتخلص من الحرام، وتخليص الحق من الظالم المانع له، وتخليص المظلوم من يد الظالم الباغي فهذا النوع محمود يثاب فاعله ومعلمه.
يعني لا يستوعب في ظل ما نعيشه من طرق أبواب الكسب من وجوه مختلفة أن يوجد مدارس ودورات لتعليم الحيل، ولذلك يقول: فهذا محمود يثاب فاعله ومعلمه، يعني لا نستغرب أنه يوجد مدارس لتعليم هذه الحيل، والذي ينبه إلى مثل هذا قوله: يثاب فاعله ومعلمه، لكن مثل هذه الأعمال مثل كثير من الدورات التدريبية التي يتفرغ لها بعض الناس، وهي في الأصل قدر زائد على ما درجت عليه الأمة، يعني أمور مبتكرة، يتفرغ لها الإنسان ويجعل مصدر رزقه الوحيد عليها، تدريب على أي عمل من الأعمال، فهل مثل هذا محمود أو مذموم؟ حكمه تابع لحكم هذا العمل في الأصل، وقد يكون لهذا العمل أصل في الشرع، لكن التفرغ له، يتفرغ له الإنسان بكليته، ويجعله مصدر رزقه هذا الذي يأتي إليه الخلل من جهته، فلو فرضنا أن شخصاً جلس للرقية، الرقية لها أصل شرعي، لكن هل وجد في سلف الأمة من تفرغ للرقية وعاش عليها وتكسب من جرائها؟ أو تفرغ لتعبير الرؤيا مثلاً هل هذا من فعل السلف؟ أو تفرغ لتدريب الناس على الحيل، ويقول: أنا لا أدربهم إلا على حيل مشروعة، بعض الناس نفتح له باب إذا قال: يثاب معلمه، الناس يبحثون عن مثل هذه الأمور، فنقول: التفرغ لمثل هذه الأمور ليس من هدي السلف، يعني إن وجد لها أصل شرعي وحمد على أفرادها أو بعض أفرادها لكن لا يحمد على مجموعها.
طالب:........
لا نحرم شيء بدون نص قاطع، لكن لو سبرت مسيرة هذه الأمة من أولها إلى عصرنا هذا ما وجدت من يتفرغ لهذه الأمور، نعم؟
طالب:........
يعني ضاقت المصالح إلا في هذا الباب؟!
فهذا النوع محمود يثاب فاعله ومعلمه، ونوع يتضمن...
نكمل ها الباب ذا على شان ننتهي من البخاري، ونبدأ بعده بمسلم ثم السنن، فإن بقي وقت فتحنا المجال.
يقول ابن القيم: ونوع يتضمن إسقاط الواجبات، وتحليل المحرمات، وقلب المظلوم ظالماً، والظالم مظلوماً، والحق باطلاً، والباطل حقاً فهذا النوع الذي اتفق السلف على ذمه، وصاحوا بأهله من أقطار الأرض، قال الإمام أحمد: "لا يجوز شيء من الحيل في إبطال حق مسلم" ولشيخ الإسلام ابن تيمية كتاب أسماه: (إقامة الدليل على إبطال التحليل) لخصه ابن القيم في إغاثة اللهفان، وأطال في تقرير أدلة المنع، ثم قال -رحمه الله-: فصل: وإذا تدبرت الشريعة وجدتها قد أتت بسد الذرائع إلى المحرمات، تدبرت الشريعة وجدتها قد أتت بسد الذرائع إلى المحرمات، ومع الأسف أننا نسمع ونقرأ قول من يقول ممن ينتسب إلى أهل العلم أننا بالغنا بسد الذرائع، كيف بالغنا بسد الذرائع؟ أمور موصلة إلى محرمات، وسائل إلى محرمات هي محرمة؛ لأن الوسائل لها أحكام الغايات، ومع ذلك نقول: بالغنا في سد الذرائع، ووجد من يكتب عن فتح الذرائع، بهذا العنوان، مصادمة لما ذمه سلف هذه الأمة وأئمتها.
يقول: فصل: وإذا تدبرت الشريعة وجدتها قد أتت بسد الذرائع إلى المحرمات، وهذا هو الذي فتح المجال لمن يرتكب هذه المحرمات ويقول: أريد نص، يريد أن ينص في القرآن على كل مسألة محرمة بعينها.
وذلك عكس باب الحيل الموصلة إليها، فالحيل وسائل وأبواب إلى المحرمات، وسد الذرائع عكس ذلك فبين البابين أعظم تناقض، والشارع حرم الذرائع وإن لم يقصد بها المحرم لإفضائها إليه، لإفضائها إليه؛ لأنها ذريعة إلى محرم، فكيف إذا قصد بها المحرم نفسه؟ يعني حرم النظر إلى المرأة الأجنبية أو إلى الأمرد، وتجد بعض الناس يقول: أنا لا أريد زنا، أنا لا أستطيع الزنا، افترض أن شخص عنين ينظر إلى النساء نظره مباح وإلا محرم؟ هو لا يقصد المحرم، النظر محرم بحد ذاته، وإن كان في الأصل وسيلة إلى محرم، فكيف إذا قصد المحرم؟ فكيف إذا توسع في هذه الوسيلة؟ لأن بعض الناس ينظر إلى الأمرد يقول: أنا لا أريد الأمرد، لعل له مولية أو أخت أو شيء تناسبني، يعني يتوسعون توسعاً، وإذا فتحنا الذرائع مثل ما يدعو إليه بعض الناس اليوم يعني ما عندنا محرمات إلا الغايات، ثم يقع الناس في الغايات وهم لا يشعرون، وما جاء الشرع بتحريم الوسائل إلى المحرمات إلا من أجل السياج والاحتياط لهذه المحرمات.
إلى أن قال: فصل وقد استدل البخاري في صحيحه على بطلان الحيل بقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة)) لأن أصحاب المواشي الخلطة تصير المالين كالمال الواحد، فإذا وجدت خلطة قد يتضرر الخليطان بوجوب ما لم يجب عليهما لو افترقا وقد يتضررا بالتفريق، قد يتضررا بالاجتماع وقد يتضررا بالتفريق، ولذلك قال: ((لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة)) يعني التفريق حيلة، كما أن الجمع حيلة إذا كان للفرار من الصدقة.
أطال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في تقرير سد الذرائع من تسعة وتسعين وجهاً عدد الأسماء الحسنى كما قال في إعلام الموقعين، ثم أتبع ذلك بالكلام على الحيل المناقضة لسد الذرائع في كلام طويل جداً، يعني يزيد على ثلاثمائة صفحة، وكل طالب علم بحاجة في هذا الظرف الذي نعيشه إلى مراجعته في الجزء الثالث من إعلام الموقعين صفحة (119)... إلى آخر المجلد وبداية الرابع.
ومن غرائب الاتفاق أنه في الجزء الثالث صفحة (119) من الطبعة المنيرية المكونة من أربعة، ومن الطبعة طبعة الكردي القديمة الثالث صفحة (319) وهي ثلاثة، والمنيرية أربعة في الثالث صفحة (319) يعني هذا من غرائب الاتفاق، وهذا ما أظنه يحصل في كتاب وزع توزيع يختلف في طبعة عن طبعة أخرى، يعني هل تجد مثلاً في فتح الباري في الثالث صفحة (120) من طبعة الحلبي مثلاً سبعة عشر مجلد، تجده في الثالث صفحة (120) من طبعة أخرى أكثر أو أقل؟ ما يمكن يصير هذا، لكن طبعة منير أربعة مجلدات، وطبعة فرج الله الكردي اللي مع حادي الأرواح ثلاثة مجلدات هذه أربعة وهذه ثلاثة وكلها يبدأ الموضوع من الجزء الثالث صفحة (119) لماذا؟ لأن الثالث من طبعة الكردي عن مجلدين، ثم أتبع ذلك بالكلام على الحيل المناقضة لسد الذرائع من صفحة (140) إلى نهاية المجلد الثالث وبداية المجلد الرابع.
وهذا الموضع رواه الإمام البخاري عن أبي النعمان قال: حدثنا حماد بن زيد، وأبو النعمان اسمه: محمد بن الفضل السدوسي، في التقريب يقول: أبو الفضل، حتى في نسخة المؤلف، وعندنا نسخة أصلية قريبة من نسخة المؤلف بخط عتيق جداً، فيها أبو الفضل وهو خطأ، هو أبو النعمان واسمه: محمد بن الفضل السدوسي، حتى في البخاري حدثنا أبو النعمان يقول البخاري -رحمه الله-.
أبو النعمان البصري لقبه عارم، ثقة ثبت تغير في آخر عمره، من صغار التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع وعشرين.
الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بعد أن ذكره في هذه المواضع السبعة الموصولة التي هي من أصول الكتاب علقه في موضعين، نشير إليهما في الدرس اللاحق -إن شاء الله تعالى-...