كتاب الوضوء (25)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فيقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بابٌ" يعني بدون ترجمة، وهذا كما قرر أهل العلم كالفصل من الباب الذي قبله، وفي بعض النسخ لا توجد لفظة باب، وعلى كل حال المناسبة ظاهرة لما قبله، سواء كان بدون ترجمة أو بها.
طالب: ..........
إلا جرير.
طالب: ..........
نعم. اقرأ. يرى أنه ما هو بباب مستقل.
اقرأ.
طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابٌ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الجَعْدِ، قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ، «فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ»".
طالب: ..........
رواية، يجيء الكلام عليها، والمعنى واحد، وقف أو وجل.
يقول الإمام -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابٌ" وقلنا: إنه بدون ترجمة، وفي كثير من النسخ لا توجد حتى لفظة باب، والباب إذا لم يترجم كان كالفصل من الباب الذي قبله.
"حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الجَعْدِ" وجاءت تسميته بالجعيد، وسواء كان الجعد أو الجعيد لا يمنع أن يكون اسمه في الأصل الجعد ثم يصغر، وهذا مألوف.
"قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ" وهو صحابي صغير، "يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَقِعٌ" بالقاف، وفي بعض الروايات: "وَجِعٌ" والمعنى واحد، فهما متفقان في الوزن والمعنى، وبعضهم يخص وقع إذا كان الوجع في القدم ووجع في أي موضع من البدن، "«فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي»"؛ لأنه طفل صغير، "«بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ»" عليه الصلاة والسلام، "«فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ»" مما يدل على أن الماء المستعمل طاهر، خلافًا لمن يقول بنجاسته، كما هو قول عند الحنفية، ويأتي الخلاف فيه، والنجس لا يتبرك به، ونظيره ما قاله بعض الشافعية من أن شعر الآدمي إذا أبين منه وهو في الحياة نجس، طردًا لقاعدة: ما أُبين من حي فهو كميتته، على أن ميتة الآدمي طاهرة، فلا يصلح الاستدلال ولا التعليل، ويرده كونهم تبركوا بشعره -عليه الصلاة والسلام- ووزع عليهم في حجة الوداع، وُزع عليهم وتبركوا به، والنجس لا يُتبرك به كما هنا، فهذا من النظائر لهذه المسألة.
"«ثم توضأ فشربت من وَضوئه»" يعني من الماء الذي توضأ به، "«ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ»" عليه الصلاة والسلام "«مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ»" والحجلة إما أن يراد به واحدة الحجال وهي الطيور، وزرها بيضها، ويؤيده ما جاء في بعض الروايات: مثل بيضة الحمامة. أو الحجلة واحدة الحجال التي هي الستور في الغرف على الأسرة، كما قرر ذلك جمع من أهل العلم.
(قوله: "باب" كذا للمستملي، كأنه كالفصل من الباب الذي قبله، وجعله الباقون منه بلا فصل) يعني بدون باب.
(قوله: حدثنا عبد الرحمن بن يونس هو أبو مسلم المستملي أحد الحفاظ) وليس المراد به المستملي راوي الصحيح، فهذا يروي عنه البخاري، وذاك روى عن البخاري، (قوله: عن الجعد كذا هنا، وللأكثر الجعيد بالتصغير، وهو المشهور)، ولا يمنع أن يكون اسمه مكبرًا فيصغر، والتصغير معروف عند العرب في المتقدمين والمتأخرين. (والسائب بن يزيد من صغار الصحابة، وسيأتي حديثه هذا مبينًا في كتاب علامات النبوة، إن شاء الله تعالى)؛ لأن فيه: «فنظرت إلى خاتم النبوة»، وهذا من علامات النبوة.
(قوله: وَقِع بكسر القاف والتنوين، وللكشميهني: وَقَعَ) يعني سقط (بلفظ الماضي، وفي رواية كريمة: وَجِع بالجيم والتنوين، والوَقِع وَجَعٌ في القدمين) المقصود أنه وجع سواء كان وقع مرضه ووجعه في القدم أو في بقية بدنه.
(قوله: زر الحجلة بكسر الزاي وتشديد الراء، والحجلة بفتح المهملة والجيم واحدة الحجال وهي بيوت تزين بالثياب والأسِرة والستور لها عُرًى وأزرار، وقيل: المراد بالحجلة الطير وهو اليعقوب يقال للأنثى منه: حجلة، وعلى هذا فالمراد بزرها بيضتها، ويؤيده أن في حديث آخر: مثل بيضة الحمامة، وسيأتي الكلام على ذلك مستوفًى في صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- إن شاء الله تعالى.
وأراد البخاري الاستدلال بهذه الأحاديث على رد قول من قال بنجاسة الماء المستعمل، وهو قول أبي يوسف) صاحب أبي حنيفة (وحكى الشافعي في الأم عن محمد بن الحسن أن أبا يوسف رجع عنه، ثم رجع إليه بعد شهرين، وعن أبي حنيفة ثلاث روايات: الأولى طاهر لا طهور، وهي رواية محمد بن الحسن عنه، وهو قوله وقول الشافعي) وقول أحمد أيضًا، يعني قول الثلاثة خلافًا لمالك الذي يراه طهورًا، ولهم في ذلك تفاصيل كثيرة كثير منها لا يخلو من تعقيد، (وقول الشافعي في الجديد، وهو المفتى به عند الحنفية، الثانية نجس نجاسةً خفيفةً وهي رواية أبي يوسف عنه، الثالثة نجس نجاسةً غليظةً، وهي رواية الحسن اللؤلؤي عنه) الحسن اللؤلؤي يضعفون روايته عن أبي حنيفة، يضعفها الحنفية، ولا شك أن القول بنجاسته هو قول غريب جدًّا؛ لأنه لاقى طاهرًا، ما لاقى نجسًا، لكنه عُطف الماء المستعمل على الماء الذي بال فيه الإنسان: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة».......... فالمستعمل مثل الذي بيل فيه.
طالب: ..........
تعرف المذاهب في هذا؟ ما مذهب الحنابلة في هذا؟
طالب: ..........
من قال بجواز الطهارة؟
طالب: ..........
الأولى طاهر لا طهور، يعني طاهر في نفسه، لكن لا يطهر غيره فالمقصود من هذا أنه لا يرفع الحدث، ولا يتطهر به، مذهب مالك أنه لا يتأثر فهو باقٍ على طهوريته، وهو الذي يؤيده شيخ الإسلام، ويميل إليه، فالماء عندهم نوعان لا ثلاثة، وهو الذي تمنى الغزالي أن يكون مذهب الشافعي؛ لأن القول بتقسيم الماء إلى ثلاثة أقسام نتجت عنه مسائل معقدة تأباها يسر الشريعة وسماحتها، ولذا ترجح عند شيخ الإسلام أنه لا يتأثر إذا لاقى الطاهر. (وهذه الأحاديث ترد عليه) ترد على الحنفية عن أبي حنيفة في هذه الرواية وعن محمد بن الحسن (لأن النجس لا يُتبرك به) مثل ما قلنا في الشعر شعر الآدمي، قال بعض الشافعية: إنه نجس حتى شعره -عليه الصلاة والسلام-! وهذا لا شك أنه قول شاذ، لا يعول عليه لا دليلاً ولا تعليلاً.
(وحديث المجة) التي مجها النبي -عليه الصلاة والسلام- في وجه محمود بن الربيع وعمره خمس سنين، وتقدم في كتاب العلم، (وحديث المجة وإن لم يكن فيه تصريح بالوضوء، لكن توجيهه أن القائل بنجاسة الماء المستعمل إذا علله بأنه ماء مضاف قيل له: مضاف إلى طاهر لم يتغير به، وكذلك الماء الذي خالطه الريق طاهر لحديث المجة، وأما من علله منهم بأنه ماء الذنوب فيجب إبعاده) «إذا توضأ أحدكم خرجت خطاياه مع الماء أو مع آخر قطر الماء» ماء الذنوب، فيجب اجتنابه وإبعاده إذا قلنا: إنه ماء الذنوب، (فيجب إبعاده محتجًّا بالأحاديث الواردة في ذلك عند مسلم وغيره) «خرجت خطاياه مع الماء أو مع آخر قطر الماء»، (فأحاديث الباب أيضًا ترد عليه؛ لأن ما يجب إبعاده لا يتبرك به، ولا يشرب) يعني كما جاء في الماء الذي ولغ فيه الكلب، وجاء في بعض الروايات: «فليرقه».
(لأن ما يجب إبعاده لا يتبرك به، ولا يُشرب.
قال ابن المنذر: وفي إجماع أهل العلم على أن البلل الباقي على أعضاء المتوضئ وما قطر منه على ثيابه طاهر دليل قوي على طهارة الماء المستعمل) والمسألة أظهر من أن يطال في تفصيلها والاستدلال لها، (وأما كونه غير طهور فسيأتي الكلام عليه في كتاب الغسل، إن شاء الله تعالى، والله أعلم).
طالب: ..........
ما فيه شك، الذي على العضو ما يختلفون في كونه طاهرًا.
طالب: ..........
نعم، على الستر، الأصل أن الحجلة هم يريدونا اسمًا للبيت، وزرها ما يوجد في هذه الستور، والآن مستعملة، يعني الستور فيها أشياء ينزل منها وأشياء مزينة بها.
طالب: ..........
الزر هو الزرار، تعرف الزرار؟ عرى أو انظر الذي وراءنا هذا فيه زر وهو موجود، يعني سواء استعمل هنا أو هناك ما يفرق، المقصود أنه موجود.
نعم.
طالب: قال البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ مَنْ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ. حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ أَفْرَغَ مِنَ الإِنَاءِ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ غَسَلَ -أَوْ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ- مِنْ كَفَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاَثًا، فَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، مَا أَقْبَلَ وَمَا أَدْبَرَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»".
اللهم صل وسلم وبارك على رسول الله.
يقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ مَنْ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ" الغرفة الفعلة التي هي للوحدة، وإذا أريدت الهيئة قيل: غُرفة فُعلة، والوحدة غَرفة.
قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ" وهو ابن مسرهد الذي مر ذكره مرارًا، ومر ما قيل في نسبه.
"قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ".
طالب: .......... اسم الهيئة.
ماذا؟
طالب: ........
فِعلة فِعلة، نعم، اسم الهيئة فِعلة.
"قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ أَفْرَغَ مِنَ الإِنَاءِ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا" على يديه وفي بعضها كما تقدم: على يده، يعني على يده اليمنى وغسل بها اليسرى مع اليمنى، أو أفرغ على يديه كلتيهما فغسلهما بما أفرغ، "ثُمَّ غَسَلَ -أَوْ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ- مِنْ كَفَّةٍ وَاحِدَةٍ" وهي تُذكر أو تؤنث، "فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاَثًا"، يعني الغرفة الواحدة يستعملها في المضمضة والاستنشاق، يفعل ذلك ثلاثًا، "فَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ" وهذا مضى الكلام فيه، "وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، مَا أَقْبَلَ وَمَا أَدْبَرَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»"، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، وتوضأ وضوءًا ملفقًا؛ لأنه هنا فعل ذلك ثلاثًا، غسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين، والمسح مسح الرأس معروف أنه مرة واحدة.
(قوله: "باب من مضمض واستنشق من غرفة واحدة" تقدم الكلام على ذلك قريبًا في باب مسح الرأس، وتقدمت المسألة أيضًا في حديث ابن عباس في أوائل الوضوء.
قوله: ثم غسل أي فمه)، وهو بمعنى المضمضة (أو مضمض، كذا عنده بالشك، وأخرجه مسلم عن محمد بن الصباح عن خالد بسنده هذا من غير شك ولفظه: ثم أدخل يده فاستخرجها فمضمض واستنشق، وأخرجه أيضًا الإسماعيلي من طريق وهب بن بقية عن خالد كذا، فالظاهر أن الشك فيه من مسدد شيخ البخاري، وأغرب الكرماني فقال: الظاهر أن الشك فيه من التابعي)؛ لأنه روي عن التابعي بدون شك، كما في الروايات التي بينها، والشك لا يوجد إلا في رواية مسدد شيخ البخاري، فالظاهر أن الشك منه.
(وأغرب الكرماني فقال: الظاهر أن الشك فيه من التابعي.
قوله: من كفة واحدة كذا في رواية أبي ذر، وفي نسخة: من غرفة واحدة، وللأكثر: من كف بغير هاء، قال ابن بطال: المراد بالكفة الغرفة، فاشتُق لذلك من اسم الكف عبارة عن ذلك المعنى) يعني الأخذ من ملء الكف يقال له: كفة، (قال: ولا يعرف في كلام العرب إلحاق هاء التأنيث في الكف) والأصل: من كف واحدة، (ومحصله أن المراد بقوله: كفة فَعلة لا أنها تأنيث الكف، وقال صاحب المشارق: قوله من كفة هي بالضم والفتح كغرفة وغرفة أي ما ملأ كفه من الماء)، وأهل العلم يقولون: كل مستدير كِفة، وكل مستطيل كُفة، مستدير مثل كفة الميزان بالكسر كِفة، والمستطيل ككفة الثوب كُفة.
(قوله: ثم غسل يديه، لم يذكر غسل الوجه اختصارًا)؛ لأنه ذكره في مناسبات كثيرة، ولا يلزم البيان في كل مناسبة، (وهو ثابت في رواية مسلم وغيره، وبقية مباحث هذا الحديث تقدمت قريبًا).
طالب: ..........
نعم، هي رواية مسلم، ما هي برواية البخاري، هي رواية مسلم لا رواية البخاري، وهنا نقول: قال الأصيلي: صوابه من كف واحد .......... قوله: ففعل ذلك ثلاثًا فغسل يديه هذا ما في جميع النسخ الصحيحة بدون فغسل وجهه، ثلاثًا الثابت في نسخ الطبع لعله في الطبعات السابقة مثبت. ما الذي عندك أنت؟
طالب: ..........
نعم، الذي بالحاشية؟
طالب: ..........
لا، هذا من النسخ المطبوعة التي على خلاف الأصل، ولذلك قال: هذا ما في جميع النسخ الصحيحة بدون فغسل وجهه ثلاثة، الثابت في نسخ الطبع، يعني المطبوعات قبل هذه الطبعة. ونكت لحذفه شيخ الإسلام، من هو شيخ الإسلام؟
طالب: ..........
زكريا الأنصاري في شرحه على البخاري، والعيني نقلاً عن الكرماني، فراجعه، انتهى مصححه. يعني إثبات فغسل وجهه ثلاثًا ليست من رواية البخاري، وإنما هي من رواية مسلم. نعم.
طالب: قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِي حَسَنٍ، سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ لَهُمْ، فَكَفَأَهُ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلاَثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثًا، بِثَلاَثِ غَرَفَاتٍ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ بِيَدِهِ وَأَدْبَرَ بِهَا»".
بهما.
طالب: لا عندي بها.
وأدبر بهما، فأقبل بيديه وأدبر بهما، هذا المعهود.
طالب: فأقبل بيده وأدبر بها.
بيده؟
طالب: نعم.
ننظر ثلاثة وأربعة هنا، موجود، في بعض الروايات منها رواية أبي ذر: بها، بيده وأقبل بها. نعم.
طالب: "«ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ بِهِمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ»، وحَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: مَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً".
قلنا في نظائر هذا في رواية الإفراد مع وجوب رواية التثنية أنه في حال الإفراد يقصد باليد الجنس والمنكب، جاء فيه الإفراد وجاء فيه التثنية، فالتثنية هي الأصل؛ لأن الاقتراف يكون باليدين، والمسح يكون باليدين، وإذا أطلق الإفراد على مثل هذا الموضع فإنما يراد به جنس اليد، كما قالوا في نظيره بالمنكب.
قال -رحمه الله-: "بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً" وهو قول عامة أهل العلم، وهو أن المسح يكون مرة واحدة، ولو أريد تكراره لصار الغسل أسهل منه وأرفق، لكن المراد تخفيفه تخفيف الأمر وعدم إبلاغ إيصال الماء إلى أصول الشعر إلا في الغسل، أما في الوضوء فيكفي المسح، وهذه رواية الأكثر وقول عامة أهل العلم، وعند الشافعية المسح ثلاثًا، ولا يوجد رواية صحيحة تنص على مسح الرأس ثلاثًا بمفرده، وإنما يشمله عموم: «توضأ ثلاثًا ثلاثًا»، وهذا العموم مخصوص بالرأس للروايات الكثيرة التي تقول: «مسح برأسه مرة واحدة» ومنها ما معنا.
قوله: "حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ" ابن خالد، "قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِي حَسَنٍ، سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ لَهُمْ»" تور إناء صغير يكفي للوضوء، أحيانًا يصغر عن إدخال اليدين معًا، وفي بعض الروايات: بتور من صفر وهو النحاس؛ لأن لونه أصفر، وفي بعضها: من شبه وهو النحاس؛ لأنه يشبه الذهب في لونه، "«فدعا بتور من ماء فتوضأ لهم»" يعني من أجلهم من أجل تعليمهم، "«فَكَفَأَهُ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلاَثًا»" يعني قبل أن يدخلهما في الإناء، "«ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثًا»" ثلاث مرات، يأخذ غرفة فيجعل بعضها في فمه فيدير الماء فيه فيمجه، هذه حقيقة المضمضة، ثم يجذب بقية الماء إلى أنفه إلى داخل أنفه بالنفس، وهذا الاستنشاق، ثم يخرج ما في أنفه من الماء بالنفس أيضًا وهو الاستنثار، "«ثلاثًا بِثَلاَثِ غَرَفَاتٍ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ»"، وجاء غسلهما أيضًا ثلاثًا ثلاثًا، "«ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ بِهِمَا»" على ما تقدم، أقبل وأدبر، مقتضى ذلك أنه بدأ بمؤخر رأسه، لكن تقدم الرواية المفسرة، وأنه بدأ بمقدم رأسه.
"«ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ»، وحَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: مَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً" الذي معنا رواية سليمان بن حرب، وله متابع اسمه موسى، "قال: حدثنا وهيب" وهو شيخ الجميع، "قال: مسح رأسه مرة".
(قوله: "باب مسح الرأس مرة" وللأصيلي: مسحةً) مسح الرأس مسحة، يعني مرة واحدة. (قوله: فدعا بتور من ماء كذا للأكثر، وللكشميهني: فدعا بماء ولم يذكر التور)؛ لأنه جاء ذكره في روايات أخرى، (قوله: فكفأه أي أماله، وللأصيلي: فأكفأه، وقد تقدم النقل أنهما بمعنًى) كفأ وأكفأ، ثلاثي ورباعي، إذا تعدى بنفسه كفأ الإناء فهمزة التعدية هنا لمجرد التأكيد وإلا فهو متعدٍّ بنفسه فلا محل لها هنا، لكن استعملوا اللفظين بالتعدية، (قوله: فأقبل بيده كذا هنا بالإفراد، وللكشميهني بالتثنية)، والأصل التثنية؛ لأن مسح الرأس يكون باليدين، والإفراد هنا ما يخالف التثنية؛ لأنه مفرد مضاف فيعم اليدين.
(قوله: حدثنا وهيب أي بإسناده المذكور وحديثه) يعني في المتابعة قال: وهيب، ثم بعد ذلك ترك بقية الإسناد، ومعروف أنه بالإسناد السابق، (بإسناده المذكور وحديثه، وقد تقدمت طريق موسى هذه في باب غسل الرجلين إلى الكعبين، وذكر فيها أن مسح الرأس مرةً) واحدة، قد يقول قائل: الترجمة مرة واحدة، والحديث ما فيه ما يدل على ذلك، ما فيه الإشارة إلى أنها مرة واحدة، لكن البخاري يستعمل هذا كثيرًا اعتمادًا على ما جاء في بعض طرق الحديث.
طالب: ..........
البخاري -رحمه الله- يُغرب ويريد من طالب العلم أن يستعمل كل ما يستطيعه من قوى عقلية ليطبق الحديث على الترجمة، فيبحث في طرق الحديث حتى يجد ما يناسب، (وقد تقدم نقل الخلاف في استحباب العدد في مسح الرأس في باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا في الكلام على حديث عثمان) رضي الله عنه، ومعلوم أن المؤلف شافعي، والشافعية يرون المسح ثلاثًا، (وذكرنا قول أبي داود إن الروايات الصحيحة عن عثمان ليس فيها عدد لمسح الرأس) وهذا هو عمدة الجمهور في عدم التكرار، (وأنه أورد العدد من طريقين صحح أحدهما غيره، والزيادة من الثقة مقبولة) الشيخ ابن باز علق سبق في صفحة 260 أنها زيادة شاذة، فلا يعتمد عليها والله أعلم. يعني إذا وجد زيادة من ثقة، واتفق الحفاظ على عدم ذكرها وعدم روايتها لا شك أن الحكم للأكثر وللأحفظ، وقد اتفق في ذلك الكثرة والحفظ، فتعل بها الرواية، وإن كان راويها ثقة.
طالب: ..........
هو مذهبه شافعي، وأمكنه توجيه الروايات الأخرى جريًا على قاعدة المتأخرين في قبول زيادة الثقة مطلقًا.
(فيحمل قول أبي داود على إرادة استثناء الطريقين اللذين ذكرهما، فكأنه قال: إلا هذين الطريقين، قال ابن السمعاني في الاصطلام) طُبع أخيرًا كتاب الاصطلام للسمعاني، (اختلاف الرواية يحمل على التعدد فيكون مسح تارةً مرةً وتارةً ثلاثًا، فليس في رواية مسح مرةً حجة على منع التعدد) وهم كلهم من الشافعية، (ويحتج للتعدد بالقياس على المغسول؛ لأن الوضوء طهارة حكمية، ولا فرق في الطهارة الحكمية بين الغسل والمسح) الفرق من حيث النظر أن الغسل مقصود فيه التأكيد والمبالغة، بخلاف المسح الذي يراد منه التخفيف، والتخفيف لا يناسبه التثليث.
(وأجيب بما تقدم من أن المسح مبني على التخفيف بخلاف الغسل، ولو شرع التكرار لصارت صورته صورة المغسول، وقد اتفق على كراهة غسل الرأس بدل المسح، وإن كان مجزئًا، وأجاب بأن الخفة تقتضي عدم الاستيعاب) يعني مما يستغرب أن الشافعية يقولون: يجزئ مسح البعض، قال بعضهم وأقل ما قيل في ذلك ثلاث شعرات، ويكرر ثلاثًا! مع أنه مسح بيده أقبل وأدبر، أين تذهب هذه النصوص؟
(وأجاب بأن الخفة تقتضي عدم الاستيعاب وهو مشروع بالاتفاق، فليكن العدد كذلك وجوابه واضح، ومن أقوى الأدلة على عدم العدد الحديث المشهور الذي صححه ابن خزيمة وغيره من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص في صفة الوضوء، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن فرغ: «من زاد على هذا فقد أساء وظلم»)، ولا شك أن تعدي المشروع إساءة وظلم وخروج من حيز السنة إلى البدعة، يعني لو قال من باب الاحتياط: أنا أغسل وجهي خمسة؟
نقول: لا وإن كان في زيادته نظافة، نقول: الزيادة عن المشروع تدخل في حيز الابتداع، (فإن في رواية سعيد بن منصور فيه التصريح بأنه مسح رأسه مرةً واحدةً، فدل على أن الزيادة في مسح الرأس على المرة غير مستحبة، ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح إن صحت) يعني التنصيص على التثليث فيها كلام طويل لأهل العلم، كثير منهم يجزم بأنه لا يصح في الباب شيء.
(ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح إن صحت على إرادة الاستيعاب بالمسح لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جمعًا بين هذه الأدلة).
يقول الحافظ: (تنبيه لم يقع في هذه الرواية ذِكر غسل الوجه، وجوَّز الكرماني أن يكون هو مفعول غَسَل الذي وقع فيه الشك) غَسل أو مَضمض، لا تجويز عقلي من الكرماني وهو يسلكه كثيرًا.
(وجوز الكرماني أن يكون هو مفعول غسل الذي وقع فيه الشك من الراوي، والتقدير فغسل وجهه أو تمضمض واستنشق، قلت: ولا يخفى بعده) وإذا زدنا في التكلف قلنا: إن أو بمعنى الواو وتأتي، (قلت: ولا يخفى بعده، وقد أخرج الحديث المذكور مسلم والإسماعيلي في روايتهما المذكورة، وفيها بعد ذكر المضمضة والاستنشاق: ثم غسل وجهه ثلاثًا، فدل على أن الاختصار من مسدد كما تقدم أن الشك منه، وقال الكرماني: يجوز أن يكون حذف الوجه إذا لم يقع في شيء منه اختلاف).
الوجه موجود في الروايات كلها عن جميع من ذكر وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- والعدد ثلاثًا، وقد يكون مرتين أو مرة، لكن لم يُختلف في أن الحد الأعلى ثلاث، وأنه لا بد من غسله، ولا يلزم ذكره، وبيانه في كل مناسبة فترك؛ لأنه لا اختلاف فيه، (وقال الكرماني: يجوز أن يكون حذف الوجه إذا لم يقع في شيء منه اختلاف، وذكر ما عداه لما في المضمضة والاستنشاق من الإفراد والجمع ولما في إدخال المرفقين ولما في مسح جميع الرأس ولما في الرجلين إلى الكعبين) يعني من خلاف، (انتهى ملخصًا) يعني من الكرماني (ولا يخفى تكلفه)، والله أعلم.