شرح العقيدة الطحاوية (32)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

"بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خير الجزاء برحمتك يا أرحم الراحمين، قال الإمام ابن أبي العز رحمه الله تعالى:

ثم إن الناس في الشفاعة على ثلاثة أقوال فالمشركون والنصارى والمبتدعون من الغلاة في المشايخ وغيرهم يجعلون شفاعة من يعظمونه عند الله كالشفاعة المعروفة في الدنيا والمعتزلة والخوارج أنكروا شفاعة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وغيره في أهل الكبائر.."

فهذا طرفان، طرف بالغ وغالى في الإثبات، وطرف بالغ في النفي، فالمشركون من النصارى وغيرهم من المبتدعة الذين فيهم شوب شرك أثبتوها لمشايخهم، المشركون أثبتوها لمبعوداتهم، والغلاة أثبتوها لشيوخهم أحياء كانوا أو أمواتًا، والمعتزلة على الضد من ذلك نفوا شفاعة النبي -عليه الصلاة والسلام- في أهل الكبائر؛ لأنهم يرون أن أهل الكبائر خالدون مخلّدون في النار-نسأل الله العافية- وإن لم يحكموا عليهم بالكفر خلافًا للخوارج، الخوارج مثلهم نفوا شفاعة النبي -عليه الصلاة والسلام- في أهل الكبائر، وأما أهل السنة..

"وأما أهل السنة والجماعة فيقرون بشفاعة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في أهل الكبائر وشفاعة غيره لكن لا يشفع أحد حتى يأذن الله له ويحدّ له حدًّا كما في الحديث الصحيح حديث.."

لا بد من توافر الشرطين المعروفين المنصوص عليهما في كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- لا بد من إذنه للشافع ورضاه عن المشفوع له.

"كما في الحديث الصحيح حديث الشفاعة «إنهم يأتون آدم ثم نوحًا ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى فيقول لهم عيسى عليه السلام اذهبوا إلى محمد فإنه عبد غفر الله ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني فأذهب فإذا رأيت ربي خررت له ساجدًا فأحمد ربي بمحامد يفتحها عليّ لا أحسنها الآن فيقول أي محمد ارفع رأسك وقل يسمع واشفع تُشفع فأقول رب أمتي فيحد لي حدًّا فأدخلهم الجنة ثم أنطلق فأسجد فيحد لي حدًا ذكر هذا ثلاث مرات» وأما الاستشفاع بالنبي.."

فلم يشفع النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أشرف الخلق وأكملهم وأشرفهم إلا بعد أن أذن الله له جل وعلا.

طالب: ...........

الآن يبدأ بأمته، الشفاعة العظمى شفاعته في الموقف للناس كلهم للفصل بينهم كما تقدم.

"وأما الاستشفاع بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وغيره في الدنيا إلى الله تعالى في الدعاء ففيه تفصيل، فإن الداعي تارة يقول: بحق نبيك أو بحق فلان يقسم على الله بأحد من مخلوقاته فهذا محذور من وجهين، أحدهما: أنه أقسم بغير الله، والثاني: اعتقاده أن لأحد على الله حقًّا ولا يجوز الحلف بغير الله، وليس لأحد على الله حق إلا ما أحقه على نفسه كقوله تعالى {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الروم:47] وكذلك ما ثبت في الصحيحين من قوله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ رضي الله عنه وهو رديفه «يا معاذ أتدري ما حق الله على عباده» قال قلت الله ورسوله أعلم قال «حقه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟» قلت الله ورسوله أعلم قال «حقهم عليه ألا يعذبهم» فهذا حق وجب بكلماته التامة ووعده الصادق لا أن العبد نفسه يستحق على الله شيئًا كما يكون للمخلوق على المخلوق فإن الله هو.."

خلافًا للمعتزلة الذين يرون أنه يجب على الله- جل وعلا- ما يستحقه العبد بوعده ويجب على الله- جل وعلا- رعاية الأصلح لعباده تعالى- الله عما يقولون-.

"فإن الله هو المنعِم على العباد بكل خير وحقهم الواجب بوعده هو ألا يعذبهم وترك تعذيبهم معنىً لا يصلح أن يقسم به ولا أن يُسأل بسببه ويتوسل به لأن السبب هو ما نصبه الله سببًا."

إما أن يكون السبب شرعيا جاءت النصوص بالدلالة على جعله سببًا شرعيًا، أو يكون سببا عاديا يعني يثبت بالتجربة وكل هذا لم يوجد فيما ادعوه سببًا من الحق على الله- جل وعلا- الذي ذكروه.

"وكذلك الحديث الذي في المسند من حديث أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قول الماشي إلى الصلاة «أسألك بحق ممشاي هذا وبحق السائلين عليك» فهذا حق السائلين هو أوجبه على نفسه فهو الذي أحق للسائلين أن يجيبهم وللعابدين أن يثيبهم."

هذا لو صح الخبر لكن الخبر ضعيف وفيه أكثر من علة.

"ولقد أحسن القائل:

ما للعباد عليه حق واجب

 

 

 

كلا ولا سعي لديه ضائع

 

إن عذبوا فبعدله أو نعموا

 

 

فبفضله وهو الكريم الواسع

 

فإن قيل فأي فرق بين قول الداعي بحق السائلين عليك وبين قوله بحق نبيك أو نحو ذلك."

ذكر الحديث الضعيف ولم يتعقبه بشيء ثم رتب عليه وفرّع عليه وإذا كان الأصل لم يثبت فالفرع من باب أولى.

"فالجواب أن معنى قوله «بحق السائلين عليك» أنك وعدت السائلين بالإجابة وأنا من جملة السائلين فأجب دعائي بخلاف قوله بحق فلان فإن فلانًا وإن كان له حق على الله بوعده الصادق فلا مناسبة بين ذلك وبين إجابة دعاء هذا السائل فكأنه يقول لكون فلان من عبادك الصالحين أجب دعائي وأي مناسبة في هذا وأي ملازمة؟! وإنما هذا من الاعتداء في الدعاء وقد قال تعالى {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [سورة الأعراف:55] وهذا ونحوه.."

نعم من الأدعية المبتدعة.

عندنا بدون هاء.

ونحوه.

"أحسن الله إليك.

وهذا ونحوه من الأدعية المبتدعة ولم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن الصحابة ولا عن التابعين ولا عن أحد من الأئمة- رضي الله عنهم- وإنما يوجد مثل هذا في الحروز والهياكل التي يكتبها الجهال والطرقية."

وكل طائفة من طوائف البدع من المتصوفة لهم أوراد ولهم حروز ولهم أحزاب يواظبون على قراءتها صباحًا ومساءًا، بل في كل وقت ويلازمونها أكثر من ملازمتهم لكتاب الله- جل وعلا- وبعضهم يدعي أن قراءته أفضل من قراءة القرآن، والتيجاني في جواهر المعاني ذكر ذكرًا من الأذكار فقال قراءة هذا الذكر أفضل من سبعين ختمة- نسأل الله العافية- هم يبتدعون أدعية وأذكار ويرتبون عليها الأجور العظيمة- والله المستعان- ظلمات بعضها فوق بعض، وتجدون بأيديهم من الأوراد والأذكار ما يلازمونها ويجلبونها لبلاد الحرمين، وتجد كثيرا من الأترك وغيرهم تجد معهم في الصلوات على النبي -عليه الصلاة والسلام- دلائل الخيرات، فيقرؤونه أكثر مما يقرؤون القرآن، ورأيت من طباعاته بعض الطباعات التي لم يطبع المصحف مثلها مذهَّب وعلى ورق من أفخر أنواع الورق وبين كل جملتين دائرة مذهبة وفيها رقم كالمصحف تمامًا، ويبالغ في أقيامها مبالغة عظيمة؛ لأنها لها شأن عندهم، وكان أئمة الدعوة يأمرون بإحراقها لا لأنه مشتمل على الصلوات على النبي -عليه الصلاة والسلام- لا، بل لأنه مشتمل على صلوات مبتدعة وأذكار مخترعة وفيه توسلات لا يقرها شرع ولا عقل؛ ولذلك أمروا بإحراقه، وأما الآن فاتسع الخرق على الراقع، كان الموجود نسخة أو نسختان إذا أتلفت خلاص انتهى لكن الآن الطبع بمئات الألوف والله المستعان، ولذلك يقول المؤلف وإنما يوجَد مثل هذا في الحروز والهياكل التي يكتبها الجهال والطرقية، لهم حزب فلان حرز فلان وهي موجودة بأيديهم ويرتِّبون عليها الأجور العظيمة، والله المستعان، ويتركون أفضل الكلام الذي الحرف بعشر حسنات، والختمة بثلاثة ملايين حسنة، لكن إذا قال كبارهم ورؤوسهم أن قراءة هذا الحرز الصغير أفضل من سبعين ختمة الجاهل ما الذي بيده؟ العامي الذي لا يفرق بين الصحيح والضعيف ماذا يصنع المسكين ولذلك يتبعهم ويصدقهم فئام من الناس، والله المستعان.

"والدعاء من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على السنة والاتباع لا على الهوى والابتداع، وإن كان مراده الإقسام على الله بحق فلان فذلك محذور أيضًا؛ لأن الإقسام بالمخلوق على المخلوق لا يجوز فكيف على الخالق وقد قال -صلى الله عليه وسلم-."

الإقسام بالمخلوق شرك «من حلف بغير الله فقد أشرك» فالإقسام بالمخلوق على مخلوق مثله لا يجوز فكيف بالإقسام بالمخلوق على الخالق على الله- جل وعلا- جاء في الحديث «من عبادي من لو أقسم على الله لأبره أو من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره» فهؤلاء صفتهم أنهم أهل التقوى من الناس، أولياء الله الذين لا يرد طلبهم وليس جميع الناس، إذا أقسم على الله باسمه أو صفة من صفاته لا بمخلوق فإن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره، فكيف يقسم بشرك بمخلوق يحلف به على أمر يلزم به ربه- جل وعلا-؟!! تعال الله عن ذلك.

"وقد قال الله -صلى الله عليه وسلم- «من حلف بغير الله فقد أشرك» ولهذا قال أبو حنيفة وصاحباه- رضي الله عنهم- يكره أن يقول الداعي أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام ونحو ذلك حتى كره أبو حنيفة ومحمد- رضي الله عنهما- أن يقول الرجل اللهم إني أسألك بمعقد العز من عرشك ولم يكرهه أبو يوسف رحمه الله لما بلغه الأثر فيه."

ولكنه أثر منكر وعدّه ابن الجوزي من الموضوعات وأورده في موضوعاته.

"وتارة يقول بجاه فلان عندك أو يقول نتوسل إليك بأنبيائك ورسلك وأوليائك ومراده لأن فلانًا عندك ذو وجاهة وشرف ومنزلة فأجب دعاءنا وهذا أيضًا محظور فإنه لو كان هذا هو التوسلُ الذي كان الصحابة."

التوسلَ.

أحسن الله إليك.

"فإنه لو كان هذا هو التوسلَ الذي كان الصحابة يفعلونه في حياة النبي."

وهذا اسم كان وهو ضمير فصل لا محل له من الإعراب والتوسل خبر كان {كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [سورة المائدة:117].

"فإنه لو كان هذا هو التوسلَ الذي كان الصحابة يفعلونه في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- لفعلوه بعد موته وإنما كانوا يتوسلون في حياته بدعائه يطلبون منه أن يدعو لهم وهم يؤمنون على دعائه كما في الاستسقاء وغيره فلما مات -صلى الله عليه وسلم- قال عمر -رضي الله عنه- لما خرجوا يستسقون اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا."

يعني بدعائه.

"معناه بدعائه هو ربه وشفاعته وسؤاله ليس المراد أنا نقسم عليك به أو نسألك بجاهه عندك إذ لو كان ذلك مرادًا لكان جاه النبي -صلى الله عليه وسلم- أعظم وأعظم من جاه العباس."

ويستوي في ذلك بعد موته كما هو في حياته، جاه النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يتغير بعد موته يستمر الاستشفاع والاستسقاء بجاهه لو كان المراد بذلك الجاه، لكن لما مات الجاه بقي وبقي الدعاء وهو الذي يستشفع به ويستسقى به.

طالب: ...........

وين؟

طالب: ...........

بدعائه؟

طالب: ...........

بدعائه ربَّه، هو زائدة وربَّه مفعول بالمصدر.

"وتارة يقول باتباعي لرسولك ومحبتي له وإيماني به وبسائر أنبيائك ورسلك وتصديقي لهم ونحو ذلك فهذا من أحسن ما يكون من الدعاء والتوسل والاستشفاع."

نعم التوسل بالأعمال الصالحة، توسل العبد بأعماله الصالحة كما جاء في حديث الثلاثة الذين أووا إلى الغار، زالت صخرة فأطبقت عليهم الغار فتوسل كل واحد بأفضل أعماله بما قارنه الإخلاص منها ففرج عنهم.

"فلفظ التوسل بالشخص والتوجه به فيه إجمال غلط بسببه من لم يفهم معناه فإن أريد به التسبب به لكونه داعيًا وشافعًا وهذا في حياته يكون أو لكون الداعي محبًّا له مطيعًا لأمره مقتديًا به وذلك أهل للمحبة والطاعة والاقتداء فيكون التوسل إما بدعاء الوسيلة وشفاعته وإما بمحبة السائل واتباعه ويراد به الإقسام به والتوسل بذاته فهذا الثاني هو الذي كرهوه ونهوا عنه، وكذلك السؤال بالشيء قد يراد به التسبب به لكونه سببًا في حصول المطلوب وقد يراد به الإقسام به ومن الأول حديث الثلاثة الذين أووا إلى الغار وهو حديث مشهور في الصحيحين وغيرهما فإن الصخرة انطبقت عليهم فتوسلوا إلى الله بذكر أعمالهم الصالحة الخالصة وكل واحد منهم يقول فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون، فهؤلاء دعوا الله بصالح الأعمال؛ لأن الأعمال الصالحة هي أعظم ما يتوسل به العبد إلى الله ويتوجه به إليه ويسأله به؛ لأنه وعد أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله فالحاصل أن الشفاعة عند الله ليست كالشفاعة عند البشر."

المقصود أن ما دل عليه الدليل من التوسل نقول به وما لم يدل عليه دليل من كتاب الله ولا سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- فهو أمر محدث مخترع مبتدع، فمما دل عليه الدليل التوسل بدعاء العبد الصالح كما توسلوا بدعاء النبي -عليه الصلاة والسلام- وبدعاء العباس، توسل معاوية واستسقى بدعاء يزيد بن الأسود فسقوا، مثل هذا النوع له أصل وله دليله ومشروع هذا التوسل مشروع وكذلك التوسل بالأعمال الصالحة كما في حديث الثلاثة الذين أووا إلى الغار.

طالب: ...........

يجرب مثل ما لو أقسم يغلب على ظنه أنه أخلص فيه يجرب، وتكون ثقته بالله وأمله بربه أعظم من خوفه من ذمه في هذه الحال.

طالب: ...........

بدعائه.

طالب: ...........

إيه يتوسل به يعني باتباعه، بعملك أنت، اتباعه عملك أنت هذا من عملك الصالح فيكون من النوع الثاني.

"فالحاصل أن الشفاعة عند الله ليست كالشفاعة عند البشر فإن الشفيع عند البشر كما أنه شافع للطالب شفعه في الطلب بمعنى أنه صار به شفعًا فيه بعد أن كان وترا."

بعد أن كان الطالب واحدا صار الطالب اثنين، الشافع والمشفوع له ضم صوته إلى صوته فشفعه بمعنى أنه أخرجه من الوتر إلى الشفع.

"فهو أيضًا قد شفع المشفوع إليه فبشفاعته صار فاعلاً للمطلوب."

نعم انضم عمله وأثره إلى المشفوع عنده فأثّر في المشفوع عنده ولولا هذه الشفاعة والعلم عند الله-جل وعلا- ما بذل المشفوع له ما طلبه صاحب الطلب، يعني إذا كان لشخص حاجة عند شخص ثم استشفع بشخص ليشفع له عنده التأثير هل يستقل به المشفوع إليه أو بانضمام صوت الشافع؟ فهو كما أنه انضم إلى المشفوع له فصار شفعًا في المشفوع له انضم أيضا إلى المشفوع إليه في التأثير وصار له أثرا في إنجاز هذا العمل وهذا لا يمكن أن يكون عند الله- جل وعلا-.

"فبشفاعته صار فاعلاً للمطلوب فقد شفع الطالب والمطلوب منه والله تعالى وِتْر لا يشفعه أحد فلا يشفع عند أحد إلا بإذنه فالأمر كله إليه فلا شريك له بوجه فسيد الشفعاء يوم القيامة إذا سجد وحمد الله تعالى فقال له الله ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعط واشفع تشفع فيحد له حدًا فيدلهم الجنة فالأمر كله لله كما قال تعالى {قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [سورة آل عمران:154] وقال تعالى {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [سورة آل عمران:128] وقال تعالى {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [سورة الأعراف:54] فإذا كان لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه لمن شاء ولكن يكرم الشفيع بقبول شفاعته كما قال -صلى الله عليه وسلم- «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما يشاء» وفي الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «يا بني عبد مناف لا أملك لكم من الله من شيء يا صفية عمة رسول الله لا أملك لك من الله من شيء يا عباس عمر رسول الله لا أملك لك من الله من شيء» وفي الصحيح أيضًا."

فإذا كان هؤلاء أقرب الناس إليه لا يستطيع نفعهم بشيء لم يكتبه الله ولا يأذن به الله فكيف بالبعيد؟! على كل حال منزلة الرسول -عليه الصلاة والسلام-محفوظة ومعروفة وفضله على سار الخلق مقرر ومقطوع به، وجاءت به الأدلة القطعية من الكتاب والسنة لكن يبقى أنه عبد لا يُعبَد ورسول لا يُكَذَّب -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: .............

نعم؛ لأنه يشفع إليه في أمور دنيا يشفع عندي يعني «اشفعوا تؤجروا» يعني إذا كان لأحد طلب عندي ولا يستطيع الوصول إلي اشفعوا له، من كبار الصحابة مثلاً فيعطيه النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قضاه الله على يده وعلى لسانه.

"وفي الصحيح أيضًا «لا أُلفَيَنّ أحدكم يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء أو شاة لها يعار أو رقاع تخفق فيقول أغثني أغثني فأقول قد أبلغتك لا أملك لك من الله من شيء» فإذا كان سيد الخلق وأفضل الشفعاء يقول لأخص الناس به لا أملك لكم من الله من شيء فما الظن بغيره وإذا دعاه الداعي وشفع عنده الشفيع فسمع الدعاء وقَبِل الشفاعة لم يكن هذا هو المؤثِّر فيه كما يؤثِّر المخلوق في المخلوق فإنه سبحانه وتعالى هو الذي جعل هذا يدعو ويشفع وهو الخالق لأفعال العباد فهو الذي وفَّق العبد للتوبة ثم قَبِلَها وهو الذي وفَّقه للعمل ثم أثابه وهو الذي وفَّقه للدعاء ثم أجابه وهذا مستقيم على أصول أهل السنة المؤمنين بالقدر وأن الله خالق كل شيء."

 

اللهم صل على محمد...