كتاب العلم (12)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد، فيقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ، قَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يَقِلَّ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ»".
الذي يسمع هذا الحديث ولا يعرف حقيقة العلم الشرعي الذي جاءت به النصوص يقول: الآن جاءت بيننا وبين الساعة آماد طويلة؛ لأنه يقول: «يقل العلم»، والآن العلم في كل بيت، وفي كل حجر ومدر، يتعلم الناس كبارهم وصغارهم رجالهم ونساؤهم حتى أن تكون الأمية لا تكاد توجد. لكن هل هذا العلم الموجود حتى عند بعض من يدعي حمل العلم الشرعي، هل هو العلم الذي جاءت به النصوص؟
«يقل العلم» الآن قل العلم أم لا؟ نعم كثر القراء، لكن ماذا عن الفقهاء؟ ماذا عن العلماء الذين رفعهم الله بعلمهم؟ «يقل العلم ويظهر الجهل»، لو تقول الآن كثر الجهل ضحك عليك الناس، قل العلم قالوا: أين قل العلم؟ ما فيه أحد ما عنده خبر ولا عنده علم حتى على مستوى العامة يشاركون في المسائل العلمية؛ لأنهم يسمعون، كانوا لا يسمعون الأحكام الشرعية والآن يسمعون وإن قل العلم. هل المراد بالعلم الذي جاءت به النصوص ويرفع الله به من اتصف به درجات، هل هو المتداول الآن بين الناس ولو كان تخصصه شرعي.
ننظر ما قال الشارح -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-، يقول: (قوله: حدثنا يحيى هو ابن سعيد القطان. قوله: عن أنس، زاد الأصيلي: ابن مالك) كيف نعرب ابن؟ بدلًا أو بيانًا أو صفة لأنس، وهو مجرور، لكن زاد ما لها سلطة عليه؟ يعني كأنك تقرؤها في الإسناد، يعني كأنك تقرؤها في الإسناد: عن أنس بنِ مالك، يعني كأنه قال الأصيلي: عن أنس بن مالك.
(قوله: لَأحدثنكم بفتح اللام، وهو جواب قسم محذوف، أي والله لأحدثنكم، وصرح به أبو عوانة من طريق هشام عن قتادة، ولمسلم من رواية غندر عن شعبة: ألا أحدثكم، فيحتمل أن يكون قال لهم أولاً: ألا أحدثكم؟ فقالوا: نعم، فقال: لأحدثنكم. قوله: لا يحدثكم أحد بعدي، كذا له، ولمسلم بحذف المفعول) لا يحدثكم بعدي، بدون أحد، لا يحدثكم أحد بعدي، بحذف المفعون: لا يحدث أحد بعدي بدون الكاف التي هي المفعول.
(ولمسلم بحذف المفعول، ولابن ماجه من رواية غندر عن شعبة: لا يحدثكم به أحد بعدي) ما الفرق بينها وبين...؟
طالب: .......
به، نعم.
(وللمصنف من طريق هشام: لا يحدثكم به غيري) يعني بدل بعدي، (ولأبي عوانة من هذا الوجه: لا يحدثكم أحد سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعدي. وعرف أنس- رَضِيَ اللهُ عنهُ- أنه لم يبقَ أحد ممن سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غيرُه؛ لأنه كان آخر من مات بالبصرة من الصحابة) مات سنة 93، (فلعل الخطاب بذلك كان لأهل البصرة، أو كان عامًّا، وكان تحديثه بذلك في آخر عمره؛ لأنه لم يبق بعده من الصحابة من ثبت سماعه من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا النادر ممن لم يكن هذا المتن في مرويه، وقال ابن بطال: يحتمل أنه قال ذلك لما رأى من التغيير ونقص العلم، يعني فاقتضى ذلك عنده أنه لفساد الحال لا يحدثهم أحد بالحق، قلت: والأول أولى) لا شك أنه طال عمره، وتورد، واحتاج الناس إلى علمه، وانقرض جيله إلا من نوادر من الصغار، من أدرك النبي -عليه الصلاة والسلام- صغيرًا، وأنس ملازم للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فلعله عرف أن هؤلاء الباقين لا يحملون هذا الحديث.
(قوله: سمعت هو بيان أو بدل لقوله: لأحدثنكم. قوله: «أن يقل العلم» هو بكسر القاف من القلة، وفي رواية مسلم عن غندر وغيره عن شعبة: «أن يرفع العلم»، وكذا في رواية سعيد عند ابن أبي شيبة وهمام عند المصنف في الحدود وهشام عنده في النكاح، كلهم عن قتادة، وهو موافق لرواية أبي التياح) التي قبله، الحديث الذي قبله أو الرواية التي قبله. (وهو موافق لرواية أبي التياح، وللمصنف أيضًا في الأشربة من طريق هشام: «أن يقل»، فيحتمل أن يكون المراد بقلته) يعني «يقل» رواية «يرفع»، في مسلم: «يرفع»، (وكذا في رواية سعيد عند ابن أبي شيبة وهمام عند المصنف في الحدود، وهشام عنده في النكاح، كلهم عند قتادة) بلفظ «يرفع العلم»، ورواية الباب: «يقل».
طالب: .......
أين؟
طالب: في الحديث الذي قبله يا شيخ.
«يرفع العلم» نعم، قال: (وهو موافق لرواية أبي التياح) ما هي بروايتنا التي معنا ذي، لا، الرواية التي أشار إليها.
(وللمصنف في الأشربة من طريق هشام: «أن يقل»، فيحتمل أن يكون المراد بقلته أول العلامة، وبرفعه آخرها، أو أُطلقت القلة وأريد بها العدم، كما يُطلق العدم ويراد به القلة) يعني بحيث إذا لم يبقَ إلا شيء يسير قليل جدًّا بحيث لا يستفاد منه فكأنه معدوم، (وهذا أليق لاتحاد المخرج.
قوله: «وتكثر النساء» قيل: سببه أن الفتن تكثر فيكثر القتل في الرجال؛ لأنهم أهل الحرب دون النساء، وقال أبو عبد الملك: هو إشارة إلى كثرة الفتوح فتكثر السبايا، فيتخذ الرجل الواحد عدة موطوءات.
قلت: وفيه نظر لأنه صرح بالقلة في حديث أبي موسى الآتي في الزكاة عند المصنف فقال: «من قلة الرجال وكثرة النساء») يعني من كثرة الحروب يقتل الرجال ويبقى النساء، وأيضًا الحكمة الإلهية في كثرة المواليد من الإناث وقلتهن من الذكور، ولو تتبع كل واحد بيئته ومن حوله لوجد العجب، يعني نعرف أكثر من واحد يصير عنده سبع، ثماني بنات وعنده ولد أو ولدان، والإحصائيات تدل على ذلك، لكن ليس بالنسبة المذكورة في الحديث، لكن هذه بداية.
طالب: .......
أبو عبد الملك البوني، ينقلون عنه كثيرًا.
طالب: .......
حتى الجنائز نعم، يعلنون عن الجنائز والمساجد التي تكثر بها الجنائز تجد ثمانية رجال، تسعة رجال، وامرأتين، ثلاثًا، واحدة.
طالب: .......
يقول واحد ممن سبر الحال يقول: ما أكثر أمراض النساء وقلة وفياتهن! ابتلاء من الله -جَلَّ وعَلا-، ابتلاء لهؤلاء الرجال.
طالب: .......
اتحاد المخرج الصحابي واحد، يعني حديث واحد ما هو بأحاديث.
(قلت: وفيه نظر؛ لأنه صرح بالعلة في حديث أبي موسى الآتي في الزكاة عند المصنف فقال: «من قلة الرجال وكثرة النساء»).
طالب: .......
صحيح، العلة نعم ....... الصواب ذكروها أم ما ذكروها، 179 .......
(وفيه نظر؛ لأنه صرح بالعلة في حديث أبي موسى الآتي في الزكاة عند المصنف، فقال: «من قلة الرجال وكثرة النساء»، والظاهر أنها علامة محضة لا لسبب آخر، بل بقدر الله في آخر الزمان أن يقل من يولد من الذكور، ويكثر من يولد من الإناث. وكون كثرة النساء من العلامات مناسبة لظهور الجهل ورفع العلم)، لكن إذا نظرنا إلى واقعنا هل فيه فرق في التعليم بين الرجال والنساء الذكور والإناث؟ بل العكس، الظاهر أن التميز للإناث للبنات أكثر من تميز الأولاد، مما يدل على أن العلم الذي نزاوله ونعانيه ونشتغل به غير العلم الوارد في الأحاديث، معروف تشوف ما شاء الله البنات نسبًا مرتفعة حتى في الجامعات مستوى الجامعات، يقول الناس: إنهم ما يطلعون ولا يروحون ولا يجيئون ولا روحات ولا سيارات ولا كذا، قليل ويصير مثل الرجال.
(وكون كثرة النساء من العلامات مناسبة لظهور الجهل ورفع العلم. وقوله: «لخمسين» يحتمل أن يراد به حقيقة هذا العدد، أو يكون مجازًا عن الكثرة، ويؤيده أن في حديث أبي موسى: «وترى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأةً») لعله في بعض الأوقات إلى أن يستكمل العدد الخمسين، تتزايد نسب النساء بالتدريج.
(قوله: «القيم» أي من يقوم بأمرهن) الآن كثير من البيوت تعتمد على المرأة، تجدها موظفة والذكر عاطلًا، فهي القيم عليه.
من الطرائف: واحد من طلاب العلم أدركته شيخًا كبيرًا وهو فقير، ويقرأ على واحد من المشايخ الكبار القرآن، وزوجته تزاول المهنة، تمتهن بيدها وتشتغل، وجاء هذا الطالب الكبير السن يعني أدركته يمكن ثمانين سنة وجاء للشيخ يقول: إن كان عندك شيء من الزكاة؟ وفقير، قال له الشيخ: أنت ما تستحق زكاة، أم سعد تشتغل، يعني زوجته. سكت. يوم وصله الدور قال: سمع يا فلان؟ وأنا لن أسميه، قال: سمع يا فلان؟ قال: عفا الله عنك، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، النساء قوامات على الرجال. قال يا فلان: اقرأ زين، انظر المصحف؟ قال: أمكتوب أن أم سعد تشتغل؟
والآن كثير من الرجال عطلة، والنساء يشتغلن، وانقلبت الموازين، وذل الرجال إلى حد ما يوصف، والله المستعان. ولا أشق من ولاية المرأة على الرجل.
(قوله: «القيم» أي من يقوم بأمرهن، واللام للعهد إشعارًا بما هو معهود من كون الرجال قوامين على النساء، وكأن هذه الأمور الخمسة خُصت بالذكر؛ لكونها مشعِرةً باختلال الأمور التي يحصل بحفظها صلاح المعاش والمعاد، وهي الدين؛ لأن رفع العلم يخل به، والعقل؛ لأن شرب الخمر يخل به، والنسب؛ لأن الزنى يخل به، والنفس والمال؛ لأن كثرة الفتن تخل بهما.
قال الكرماني: وإنما كان اختلال هذه الأمور مؤذِنًا بخراب العالم؛ لأن الخَلق لا يتركون هملاً، ولا نبي بعد نبينا -صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين-) صلوات الله تعالى وسلامهم عليهم أجمعين.
طالب: .......
من هم؟
طالب: .......
نبينا واحد، النبي المنفي هذا ما له وجود.
نعم، ما فيه نبي، ما فيه مثبت إلا نبينا -عليه الصلاة والسلام-، فكيف يقول: (وسلامه عليهم أجمعين)؟ يعني ما ذكر الأنبياء عمومًا أو أكثر من نبي، ما ذكر إلا واحدًا.
طالب: .......
من هم؟ أين هم؟
طالب: .......
ما تجيء، لو قال: صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء أجمعين ما يخالف.
طالب: .......
حتى التقدير ما ينفع في هذا.
قال: (فيتعين ذلك، وقال القرطبي في المفهم: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة، إذ أخبر عن أمور ستقع فوقعت خصوصًا في هذه الأزمان) القرطبي في القرن السابع سنة ستمائة وكسور، (خصوصًا في هذه الأزمان، وقال القرطبي في التذكرة) أبو عبد الله، الأول أبو العباس صاحب المفهم، والثاني صاحب التفسير (في التذكرة: يحتمل أن يراد بالقيم من يقوم عليهن سواء كن موطوآت أم لا، ويحتمل أن يكون ذلك يقع في الزمان الذي لا يبقى فيه من يقول: الله الله، فيتزوج الواحد بغير عدد جهلاً بالحكم الشرعي. قلت: وقد وجد ذلك من بعض أمراء التركمان وغيرهم من أهل هذا الزمان مع دعواه الإسلام، والله المستعان) عرضوا أفريقيًّا عنده مائة وأربعون زوجة، وجاءوا مصورات معه ومعه من البنين والبنات حدث ولا حرج، قرية! والله المستعان.
يقول: (وقد وجد ذلك من بعض أمراء التركمان وغيرهم من أهل هذا الزمان مع دعواه الإسلام، والله المستعان).
طالب: .......
من هو؟
طالب: .......
ما أظنه .......
نعم.
طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ فَضْلِ العِلْمِ.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ- رضي الله عنه-»، قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «العِلْمَ»".
الله المستعان.
قال -رحمه الله-: (قوله: باب فضل العلم، الفضل هنا بمعنى الزيادة أي ما فضل عنه)؛ لأنه أعطى ما فضل في القدح إلى عمر، يعني هذا ما فيه ما يدل على فضله بمعنى الثواب المرتب عليه، إنما النبي -عليه الصلاة والسلام- شرب من القدح، وما فضل منه أعطاه عمر -رَضِيَ اللهُ عنهُ-.
طالب: .......
العلماء ورثة الأنبياء.
(والفضل الذي تقدم في أول كتاب العلم بمعنى الفضيلة فلا يُظن أنه كرره.
قوله: حدثنا سعيد بن عفير، هو سعيد بن كثير بن عفير المصري، نُسب إلى جده، كما تقدم، وعفير بضم المهملة بعدها فاء، كما تقدم أيضًا. قوله: حدثنا الليث، هو ابن سعد) ماذا عندكم؟
طالب: .......
غلط، الليث بن سعد. من هو؟
طالب: .......
هو ابن سعيد، ماذا عندكم يا إخوان؟
طالب: ابن سعد.
الصواب سعد معروف، إمام معروف........ السلفية الأولى ثانية أو ثالثة أو ريان ....... لكن ترى بعض النسخ مصححة، فيه نسخ صورت وزَّعتها دار الإفتاء من ثلاثين سنة فيها تصويبات، نعم هذه هي الأولى لكن يمكن هنا في جدول الخطأ والصواب مصححة، إن كانت مصححة فالصورة مصححة التي وزَّعتها الإفتاء.
طالب: .......
الصورة على الأولى. أي ابن سعيد صوابها ابن سعد، مصححة.
(عن عقيل، وللأصيلي وكريمة: قال حدثني الليث: قال حدثني عقيل. قوله: عن حمزة، وللمصنف في التعبير: أخبرني حمزة. قوله: «بينا» أصله بين فأُشبعت الفتحة) وقد تزاد معها الميم فيقال: بينما.
(قوله: «أُتيت» بضم الهمزة. قوله: «فشربت» أي من ذلك اللبن. قوله: «لَأَرى» بفتح الهمزة من الرؤية أو من العلم)؛ لأنه لو قال: لأُرى يعني لأظن، لكن هذا مجزوم به، (من الرؤية) يعني هل الرؤية هنا بصرية أو علمية؟ احتمال، (واللام للتأكيد أو جواب قسم محذوف، و«الري» بكسر الراء في الرواية، وحكى الجوهري الفتح، وقال غيره: بالكسر الفعل، وبالفتح المصدر. قوله: «يخرج» أي الرِّي، وأطلق رؤيته إياه على سبيل الاستعارة)؛ لأن اللبن يُرى، لكن العلم معنى من المعاني لا يمكن رؤيته بعلم مجرد إلا على سبيل الاستعارة.
(قوله: «في أظفاري»، في رواية ابن عساكر: «من أظفاري» وهو أبلغ، وفي التعبير: «من أطرافي» وهو بمعناه. قوله: «قال: العلم» هو بالنصب وبالرفع معًا في الرواية) يعني جاءت رواية: العلمَ، وجاءت رواية: العلمُ، إما أن يقال: هو العلم، أو أولته العلمَ يعني بالعلم.
(وتوجيههما ظاهر، وتفسير اللبن بالعلم لاشتراكهما في كثرة النفع بهما، وسيأتي بقية الكلام عليه في مناقب عمر، وفي كتاب التعبير، إن شاء الله تعالى.
قال ابن المنير: وجه الفضيلة للعلم في الحديث من جهة أنه عبَّر عن العلم بأنه فضلة النبي- صلى الله عليه وسلم- ونصيب مما آتاه الله وناهيك بذلك، انتهى. وهذا قاله بناءً على أن المراد بالفضل الفضيلة وغفل عن النكتة المتقدمة) يعني ليس به الفضل الثواب المرتب عليه، وإنما المراد به القدر الزائد عن الحاجة، ولا شك أن في هذا فضيلة لعمر -رَضِيَ اللهُ تعالى عنهُ وأرضاه-، ولا يعني أنه أفضل من أبي بكر؛ لأن التفضيل من جهة لا يعني التفضيل من جميع الجهات، فإذا مُيز وفضل عمر من بعض الوجوه فالوجوه التي فُضل بها الصديق أكثر، رضي الله عن الجميع وأرضاهم.
نعم.
طالب: .......
«بينا أنا»، تضاف للجملة بعدها.
طالب: .......
للجملة نعم.
طالب: "بَابُ الفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ -رضي الله عنهما-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَفَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ فَقَالَ: «اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ»، فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: «ارْمِ وَلاَ حَرَجَ»، فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ»".
يقول -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: (قوله: باب الفُتيا، هو بضم الفاء، وإن قلت: الفَتوى فتحتها، والمصادر الآتية بوزن فتيا قليلة مثل تُقيا ورُجعى. قوله: وهو، أي المفتي) والمراد بالفتيا جواب السائل، فتيا وفتوى جواب السائل، ويخطئ كثير من الناس حينما يتصل ويقول: يا شيخ عندي فتوى، عنده استفتاء عنده سؤال، ما عنده فتوى، لو عندك فتوى أفدنا.
(قوله: وهو، أي المفتي ومراده أن العالم يجيب سؤال الطالب ولو كان راكبًا) أو ماشيًا أو جالسًا أو مضطجعًا، على أي حال، المقصود أنه يجيب السائل.
(قوله: على الدابة، المراد بها في اللغة كل ما مشى على الأرض) كل ما دب على الأرض ومشى عليها يسمى دابة، (وفي العرف ما يُركب) بعضهم يخصه بذوات الأربع، (وفي العرف ما يركب، وهو المراد بالترجمة، وبعض أهل العرف خصَّها بالحمار) الدابة، (فإن قيل: ليس في سياق الحديث ذِكر الركوب؟ فالجواب أنه أحال به على الطريق الأخرى التي أوردها في الحج، فقال: كان على ناقته)، والبخاري -رحمه الله- من عادته أنه قد يترجم بشيء فتبحث في الحديث المترجم عليه ما تجد ما ترجم به منصوصًا، لكن لو جمعت طرق الحديث وجدت ذلك.
(فقال: كان على ناقته، ترجم له باب الفتيا على الدابة عند الجمرة، فأورد الحديث من طريق مالك عن ابن شهاب فذكره كالذي هنا، ثم من طريق ابن جريج نحوه، ثم من طريق صالح بن كيسان عن ابن شهاب بلفظ: وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ناقته، قال: فذكر الحديث ولم يسق لفظه، وقال بعده: تابعه معمر عن الزهري، انتهى. ورواية معمر وصلها أحمد ومسلم والنسائي وفيها: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمنًى على ناقته) الشيخ ابن باز -رَحمةُ اللهِ عَليهِ- قيل له: ألا تركب من المسجد إلى البيت في وقت كان يشق عليه المشي أحيانًا؟ قال: في طريقي إلى البيت كم نجيب من سؤال، كم نجيب من سؤال، فإذا ركب السيارة استوقفه الناس على دابته يعني على سيارته وسألوه -رحمه الله-.
(قوله: حدثنا إسماعيل، هو ابن أبي أويس. قوله: حجة الوداع، هو بفتح الحاء ويجوز كسرها. قوله: للناس يسألونه، هو إما حال من فاعل وقف أو من الناس أو استئناف بيانًا لسبب الوقوف)، (حال من فاعل وقف) النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يسألونه، (أو من الناس): الناس يسألونه، (أو استئناف بيانًا لسبب الوقوف) لعلة الوقوف، لماذا؟ من أجل أن يسألوه.
(قوله: فجاء رجل، لم أعرف اسم هذا السائل ولا الذي بعده في قوله: فجاء آخر، والظاهر أن الصحابي لم يسمِّ أحدًا لكثرة من سأل إذ ذاك) والاسم وتعيين هذا المهمل أو المبهم لا تترتب عليه فائدة.
(وسيأتي بسط ذلك في الحج. قوله: «ولا حرج» أي لا شيء عليك مطلقًا من الإثم لا في الترتيب ولا في ترك الفدية، هذا ظاهره، وقال بعض الفقهاء: المراد نفي الإثم فقط) يعني وإن ثبت ولزمته الفدية، (وفيه نظر لأن في بعض الروايات الصحيحة: ولم يأمر بكفارة، وسيأتي مباحث ذلك في كتاب الحج إن شاء الله تعالى، ورجال هذا الإسناد كلهم مدنيون).
وهل لقوله: لم أشعر فائدة أو قيد مخرج، بمعنى أنه من تعمد يلزمه أو لا يلزمه؟ هذا يأتي إن شاء الله في مكانه.
نعم.
طالب: "بَابُ مَنْ أَجَابَ الفُتْيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّأْسِ.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما-، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ، قَالَ: «وَلاَ حَرَجَ»، قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ: «وَلاَ حَرَجَ».
حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يُقْبَضُ العِلْمُ، وَيَظْهَرُ الجَهْلُ وَالفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الهَرْجُ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الهَرْجُ؟ فَقَالَ: «هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا، كَأَنَّهُ يُرِيدُ القَتْلَ».
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، قُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَيْ نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الغَشْيُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي المَاءَ، فَحَمِدَ اللَّهَ -عزَّ وجلَّ- النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلَّا رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي، حَتَّى الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَأُوحِيَ إِلَيَّ: أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ -مِثْلَ أَوْ- قَرِيبَ -لاَ أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ- مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُقَالُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا المُؤْمِنُ أَوِ المُوقِنُ -لاَ أَدْرِي بِأَيِّهِمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ- فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى، فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا، هُوَ مُحَمَّدٌ ثَلاَثًا، فَيُقَالُ: نَمْ صَالِحًا قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ. وَأَمَّا المُنَافِقُ أَوِ المُرْتَابُ -لاَ أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ- فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ»".
ما عندكم: وذكر الحديث؟
طالب: .......
بعض الروايات.
طالب: .......
هذه حقيقتها الشرعية، وقد تطلق على غيرها من إجابة الأسئلة مثل تعبير الرؤى، {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ} [يوسف: 100]، {أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ} [يوسف: 46]، يعني يطلق عليها من باب التوسع والتجوز، {أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ} [يوسف: 43].
طالب: .......
نعم، لو أنك رحت لواحد حتى طبيب لو تسأله عن مرض، أفتنا في هذا، من باب التوسع ما فيه شيء.
طالب: .......
{أَفْتُونِي فِي أَمْرِي} [النمل: 32]، نعم بلقيس.
قال -رحمه الله-: (قوله: باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد أو الرأس، الإشارة باليد مستفادة من الحديثين المذكورين في الباب أولاً وهما مرفوعان) طيب في مذهب الإمام أحمد ما يعرف بالإيماء، أومأ الإمام أحمد، هل هذا المراد؟ يعني ما هو بصريح، كلام لكنه ليس بصريح، المقصود أنه يكثر في فقه الحنابلة: أومأ الإمام أحمد بكذا، ما هو أومأ بيده أو برأسه، ما هو من هذا الباب.
يقول: (الإشارة باليد مستفادة من الحديثين المذكورين في الباب أولاً وهما مرفوعان، وبالرأس مستفادة من حديث أسماء فقط، وهو من فعل عائشة، فيكون موقوفًا لكن له حكم المرفوع لأنها كانت تصلي خلف النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان في الصلاة يرى من خلفه فيدخل في التقرير) «إني لأراكم من ورائي» يقوله النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"قوله: حدثنا وهيب" (قوله: وهيب، بالتصغير وهو ابن خالد من حفاظ البصرة، مات سنة خمس وستين وقيل: تسع وستين، وأرخه الدمياطي في حواشي نسخته سنة ست وخمسين) يعني عكس (وهو وهمٌ. وأيوب هو السختياني، وعكرمة هو مولى ابن عباس، والإسناد كله بصريون.
قوله: سئل، هو بضم أوله، فقال أي السائل: ذبحت قبل أن أرمي أي فهل علي شيء؟ قوله: فأومأ بيده فقال: «لا حرج» أي عليك) فأومأ بيده فقال: «لا حرج»، يعني القول باللسان أم باليد؟ فأومأ بيده فقال: «لا حرج».
طالب: .......
ترجمة للإيماء وإلا لم يحصل قول، وإنما هو مجرد إيماء، والإيماء يترجم بلا حرج. «فقال بيديه هكذا» في التيمم هل فيه كلام؟ تكلم بيديه؟
طالب: .......
نعم.
(قوله: فأومأ بيده فقال: «لا حرج» أي عليك، وقوله: فقال يحتمل أن يكون بيانًا لقوله: أومأ ويكون من إطلاق القول على الفعل كما في الحديث الذي بعده: فقال هكذا بيده، ويحتمل أن يكون حالاً والتقدير: فأومأ بيده قائلاً «لا حرج»، فجمع بين الإشارة والنطق، والأول أليق بترجمة المصنف.
قوله: وقال حلقت، يحتمل أن السائل هو الأول، ويحتمل أن يكون غيره ويكون التقدير: فقال سائل آخر وقال آخر كذا، وهو الأظهر ليوافق الرواية التي قبله حيث قال: فجاء آخر. قوله: «فأومأ بيده ولا حرج» هكذا ثبتت الواو في قوله: «ولا حرج»، وليست عند أبي ذر في الجواب الأول، قال الكرماني: لأن الأول كان في ابتداء الحكم، والثاني عطف على المذكور أولاً، انتهى. وقد ثبتت الواو في الأول أيضًا في رواية الأصيلي وغيره) ثبتت الواو في قوله: «ولا حرج» يعني الموضع الثاني انتبهوا فيه الواو، والأول ما فيه واو.
(وليست عند أبي ذر في الجواب الأول، قال الكرماني: لأن الأول كان في ابتداء الحكم والثاني عطف على المذكور أولاً، انتهى) يعني عادي أن الأول يخلو من الواو لأنه ليس قبله ما يعطف عليه، والثاني توجد فيه الواو. عندنا في سورة ق في الموضع الأول: {وَقَالَ قَرِينُهُ} [ق: 23]، وفي الموضع الثاني: {قَالَ قَرِينُهُ} [ق: 27] بدون واو. وفي سورة الحشر: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ} [الحشر: 6]، وفي الموضع الثاني: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ} [الحشر: 7] بدون واو. فيه موضع ثالث؟
طالب: .......
لا لا ما يخصنا، الأول: {فُتِحَتْ} [الزمر: 71]، والثاني: {وَفُتِحَتْ} [الزمر: 73]، الأول بالنسبة للكفار {فُتِحَتْ} بدون واو، والثاني أبواب الجنة {وَفُتِحَتْ}. ما هو ليس من الذي معنا، هو ليس فيه عطف.
طالب: .......
لا، الذي معنا كيف يُخرج؟ كيف نُخرج ذكر الواو في الموضع الأول دون الثاني؟ الذي معنا في الموضع الأول ما فيه واو، والثاني واو ماشٍ، لكن في الآيتين أو في الموضعين من القرآن.
طالب: .......
كيف استئناف؟
طالب: .......
في الموضع الأول كيف استئناف؟ وبدونها ما يصلح؟
طالب: .......
لكن هل لوجودها في الموضع الأول فائدة دون الثاني أو العكس؟ وهل هي في الموضع الأول أليق أو في الثاني؟ لا نقاش في القرآن، أفصح الأساليب وأفصح الكلام، لكننا نوجه لنتعلم ونعلم.
طالب: .......
أي وجه بلاغي في هذا؟
طالب: ....... التفات.
ما هو بالتفات هذا، ما يُسمى التفاتًا، هو في البلاغة شيء يسمى الفصل والوصل، تبحثون هذا وتراجعون ما قاله المفسرون في الموضعين، وتجدون الكلام إن شاء الله، وتزودوننا به في الدرس القادم.
طالب: .......
لا، هذه من لطائف الإسناد أن يكون الرواة كلهم بصريين، ولا شك أن الراوي أعرف بحديث شيخه الذي من بلده من غيره، فهذا من لطائف الإسناد.
طالب: .......
لا، ما يلزم، خراسان فيه علماء، وفيه أئمة.
طالب: .......
لا، ما يلزم، أنا أسأل.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
يعني في الأول واو والثاني ....... موضع ثالث، وقد نجد رابعًا وخامسًا لكت يحتاج إلى استقراء.
قال -رحمه الله-: (قوله: حدثنا المكي، هو اسم وليس بنسب) والمكي بن إبراهيم من كبار شيوخ البخاري، وسبعة عشر حديثًا من ثلاثيات البخاري عن طريقه، يعني من الاثنين والعشرين، جل الثلاثيات من طريق المكي بن إبراهيم، وأول الثلاثيات رقمه 109، نشوفه. يا شيخ حسين، شف لنا رقم 109، اختبار هذا ، ماذا يقول؟ ابن أبي عبيد عن سلمة بن أبي الأكوع: «من قال علي ما لم أقل...»، نعم، هذا هو، هذا أول الثلاثيات، وعدتها اثنان وعشرون حديثًا.
قوله: (حدثنا المكي، هو اسم وليس بنسب، وهو من كبار شيوخ البخاري كما سنذكره في باب إثم من كذب) هذا هو.
(قوله: أخبرنا حنظلة، وهو ابن أبي سفيان ابن عبد الرحمن الجمحي المدني. قوله: عن سالم، هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وفي رواية الإسماعيلي من طريق إسحاق بن سليمان الراوي عن حنظلة قال: سمعت سالمًا، وزاد فيه: لا أدري كم رأيت أبا هريرة قائمًا في السوق يقول: «يقبض العلم» فذكره موقوفًا، لكن ظهر في آخره أنه مرفوع) قيل: يا رسول الله، إلى آخره.
(قوله: «يقبض العلم» يفسِّر المراد بقوله قبل هذا: «يرفع العلم»، والقبض يفسره حديث عبد الله بن عمرو الآتي بعدُ أنه يقع بموت العلماء. قوله: «ويظهر الجهل»، هو من لازم ذلك) يعني من لازم قبض العلم ظهور الجهل.
(قوله: «والفتن»، في رواية الأصيلي وغيره: وتظهر الفتن. قوله: «الهرج»، هو بفتح الهاء وسكون الراء بعدها جيم. قوله: «فقال هكذا بيده»، هو من إطلاق القول على الفعل) يعني كما في التيمم: «فضرب بيده الأرض فقال بيده هكذا».
(قوله: «فحرَّفها» الفاء فيه تفسيرية، كأن الراوي بيَّن أن الإيماء كان محرفًا) هكذا بيده فحرفها كأنه يريد القتل، هكذا، أمرَّها على حلقه، وهذه إشارة إلى القتل.
(قوله: «كأنه يريد القتل»، كأن ذلك فهم من تحريف اليد وحركتها كالضارب، لكن هذه الزيادة لم أرها في معظم الروايات، وكأنها من تفسير الراوي عن حنظلة، فإن أبا عوانة رواه عن عباس الدوري عن أبي عاصم عن حنظلة وقال في آخره: وأرانا أبو عاصم كأنه يضرب عنق إنسان) هكذا، (وقال الكرماني: الهرج هو الفتنة، فإرادة القتل من لفظه على طريق التجوز، إذ هو لازم معنى الهرج، قال: إلا أن يثبت ورود الهرج بمعنى القتل لغةً)؛ لأن القتل فسره أبو موسى بالقتل بلسان الحبشة، والهرج قال أبو موسى بعد رواية الحديث في كتاب الفتن، قال أبو موسى: والهرج بلسان الحبشة القتل.
(قلت: وهي غفلة عما في البخاري في كتاب الفتن، والهرج القتل بلسان الحبشة) يعني من تفسير الصحابي أبي موسى، وإن كان بعض من يتصدى للتحقيق علق على أبي موسى في صحيح البخاري، وترجم لأبي موسى المديني المتوفى سنة خمسمائة وكسور.
(وهي غفلة عما في البخاري في كتاب الفتن، والهرج القتل بلسان الحبشة، وسيأتي بقية مباحث هذا الحديث هناك، إن شاء الله تعالى).