جاء في (سنن النسائي) عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «أتاكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله -عز وجل- عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، مَن حُرم خيرها فقد حُرم» [2106]، «أتاكم رمضان» فهذه بشارة للمسلمين بهذا الشهر الذي تَكثر فيه الخيرات، ولا شك أن ما يُسر به الناس التبشير به مطلوب في الجملة.
وفي (صحيح ابن خزيمة): (باب فضل شهر رمضان إن صح الخبر)؛ لأن الخبر مختلفٌ فيه، وقد صحَّحه جمعٌ من المتأخرين، وهو جديرٌ بأن يكون له أصل، وأقل أحواله الحُسن، وابن خزيمة يقول: (باب فضل شهر رمضان إن صح الخبر: حدًّثنا علي بن حجرٍ السعدي، قال: حدَّثنا يوسف بن زياد، قال: حدَّثنا همام بن يحيى، عن علي بن زيد بن جُدعان)، وعلي بن زيد بن جُدعان هذا مُضعَّف عند أهل العلم، والذي بسببه توقَّف ابن خزيمة في تصحيح الخبر، وإلا فأصل كتابه الصحيح، وشرطه أنه لا يَذكر إلا أحاديث من رواية الثقات مع اتصال الإسناد، وهذا شرطه في صحيحه، وشرطه أيضًا في كتاب (التوحيد) له، وهنا قال: (إن صح الخبر)؛ وذلكم لوجود علي بن زيد بن جُدعان وهو مُضعَّف؛ ولهذا توقف الإمام ابن خزيمة عن تصحيحه، ثم قال: (عن سعيد بن المسيب، عن سلمان قال: خطبنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في آخر يومٍ من شعبان فقال: «أيها الناس قد أظلكم شهرٌ عظيمٌ، شهرٌ مباركٌ، شهرٌ فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهرٍ، جعل الله صيامه فريضةً، وقيام ليله تطوُّعًا» [1887]، ولكن هذا الحديث وإن كان فيه علي بن زيد بن جدعان من حديث سلمان الفارسي –رضي الله عنه- يشهد له الحديث السابق من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-، وحينئذٍ لا يقل عن درجة الحسن عندي -والله أعلم-.
وحينئذٍ لا بأس بالتهنئة بدخول شهر مضان؛ لِما كان النبي –عليه الصلاة والسلام- يُبشِّر أصحابه بقدومه كما تقدَّم في الحديثين السابقين، والله أعلم.