هذا يقصد في خارج الصلاة، ويختلف أهل العلم في كثرة المقروء مع السرعة في القراءة، أو قِلَّة المقروء مع التأنِّي في القراءة والتدبُّر، هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، لكن المسألة مفترضة فيمن أراد أن يقرأ ساعة: هل يقرأ خمسة أجزاء، أو يقرأ جزأين؟ أيهما أفضل؟ هذا محل الخلاف، وليس محل الخلاف في شخص يريد أن يقرأ خمسة أجزاء: هل يقرأ هذًّا أو ترتيلًا؟ هذا ما فيه خلاف، فالترتيل أفضل إجماعًا، ومع ذلك فالجمهور على أن الترتيل والتدبُّر أفضل من مجرد الهذِّ، نعم أجر الحروف في الهذِّ أكثر؛ لأن الأجر مرتَّب على كثرة الحروف، لكن أجر التدبُّر والترتيل أعظم. ويُمثِّل ابن القيم هذا الكلام بمن أهدى دُرَّة واحدة قيمتها مرتفعة جدًّا -فهذا ختم مرة بالتدبُّر والترتيل-، ومَن أهدى عشر دُرر قيمة هذه العشر أقل من هذه الدُّرة.
وعلى كل حال كلٌّ على خير، والأفضل التدبُّر والترتيل، ولو قَلَّ المقروء، لكن المسألة مسألة تعوُّد، فالإنسان إذا تعوَّد على الهذِّ يصعب عليه أن يترسَّل، فعلى الإنسان أن يقرأ على الوجه المأمور به من أول الأمر، وإذا كان في الأوقات الفاضلة وأماكن المضاعفات، وأراد أن يكسب أكبر قدر من الحسنات، فله ذلك، وكثير من السلف يفعله، فقد أُثر عنهم أنهم يختمون كلَّ يوم.