الحكم على الأحاديث من خلال كتب الرجال

السؤال
هل بمجرد قراءة بعض كتب الرجال ومراجعة ما كتب عن رجال كل إسناد أستطيع الحكم على الأحاديث صحةً وضعفًا أم أن هذا لا يحسنه إلا المتمكنون من أهل العلم؟
الجواب

لا شك أن التصدي لدراسة الأحاديث والحكم عليها لا يتسنى لكل أحد، بل ولا لكل طالب علم، بل لا بد أن يتمكن من معرفة القواعد النظرية في هذا الفن، ويعرف طريقة أهل العلم في تعاملهم مع أقوال العلماء في الرجال بعد استيعاب طرق الحديث بالتخريج الموسَّع، ثم دراسة الأسانيد من خلال النظر في كتب الرجال لمن تمَّكن وتأهل لذلك وليس لكل أحد، وهناك دقائق تخفى على كثير من المتعلمين فيجرؤون ويهجمون على الأحاديث ويحكمون عليها بالصحة أو الضعف ومع ذلك هم مسبوقون بخلافِ ما حكموا به، فعلى طالب العلم أن يتقي الله -جل وعلا-، ولا يُقدم إلا على بيِّنة وبصيرة وثقة من كلامه، بعد إدامة النظر في كلام أهل العلم في الرجال والترجيح بين أقوال أهل العلم المتعارضة جرحًا وتعديلًا على القواعد والضوابط المعروفة عند أهل العلم، ومع ذلك يَعرض عمله في بداية الأمر وتجربته على أهل الاختصاص وأهل الخبرة ممن عُرف بالدراية والمعرفة في هذا الفن، وإذا أكثر العمل وأدام النظر في أقوال الأئمة وعَرف القواعد النظرية وطبَّقها على مواقع استعمال الأئمة وأحكامهم على الأحاديث وعلى الرجال فمع الوقت -إن شاء الله تعالى- سيتأهل لأن يحكم بمفرده، وإلا قبل ذلك لا يجوز له، وعليه أن يتقي الله -جل وعلا- أن يهجم على الأحاديث تصحيحًا وتضعيفًا قبل التأهل؛ لأنه إن صحَّح حديثًا ضعيفًا جعل الناس يعملون بما لم يثبت ويتعبدون بما لا أصل له في الشرع، والعكس إن ضعَّف حديثًا صحيحًا حرم الأمة من عمل بحكم يدل له حديث صحيح، فعليه أن يتقي الله -جل وعلا- في عمله ولا يُقدم إلا إذا تأهل، ومع ذلك يديم النظر والعمل والتخريج ودراسة الأسانيد، ويَعرض أعماله حتى يشهد له أهل الخبرة بأنه تجاوز المرحلة الاختبارية، فإذا تأهل بالشرط المتقدم وشهد له أهل الخبرة بأنه أهل لأن يحكم فليستعن بالله وليُقدم على الأحاديث فيصحِّح ويضعِّف.