وسائل الثبات على هذا الدين

السؤال
ما وسائل الثبات على هذا الدين، خصوصًا في هذا الزمن؟
الجواب

وسائل الثبات على هذا الدين كثيرة جدًّا منها: الإخلاص لله -جل وعلا- والصدق معه، ولزوم الصحبة الصالحة كما جاء في قوله -جل وعلا-: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الكهف: ٢٨]، والبعد عن أهل الغفلة، وعدم الإكثار من الخلطة الزائدة عن قدر الحاجة، والإلحاح على الله -جل وعلا- بالدعاء بالثبات، كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من قوله: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» [الترمذي: 2140]، وعدم التعرض لمواطن الفتن، وهي كثيرة جدًّا في هذا الزمان، من مقروءة ومرئية ومسموعة، وفي كل مكان لا يخلو منها مَحفَل من المحافل، حتى أن الناس في قعر بيوتهم ما سلموا من هذه الفتن.

فعلى الإنسان أن يحرص على قطع ما يُشغله عن ربه، ويُلهيه عن عبادته، ومع ذلك يُكثر من ذكر الله -عز وجل-، ومن تلاوة كتابه على الوجه المأمور به، فإن هذا مما يعينه على الثبات، ويكثر أيضًا من نوافل العبادات كما في الحديث القدسي: «وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه» [البخاري: 6502]، ويكثر أيضًا من ذكر الموت، ويُقلل بل يقتصر على القدر الكافي من فضول الكلام، وفضول الخلطة، وفضول الطعام، وفضول النوم، ويحرص على ما ذكرنا من الدعاء بالثبات، والإكثار من ذكر الله -عز وجل- وتلاوة كتابه، والبعد عن أهل الغفلة وكثرة القيل والقال فيما لا ينفع، ويلزم الصحبة الصالحة، ويكون له نصيب من التعبد لا سيما في الخلوات، ومع ذلك أيضًا لو أطال المكث في المسجد قبل الصلاة وبعدها، وقد جاء ما يدل على فضل ذلك: « فإذا صلى، لم تزل الملائكة تصلي عليه، ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة» [البخاري: 647].

على كل حال هذه بعض الوسائل، فعلى الإنسان أن يحرص على ما ينفعه، وعلى تحقيق الهدف الذي من أجله خُلِق، وهو تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، ومن أهم ما يُهتم به من الأذكار: أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، والدخول والخروج، في مواطنها، ولا يزال لسانه رطبًا بذكر الله -عز وجل-، وهذا الذكر لا يتركه أو لا يغفل عنه إلا محروم؛ لأنه لا يُكَلِّف شيئًا وأجره عظيم، «سبق المفردون» قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: «الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات» [مسلم: 2676].

فالذكر لا يُكَلِّف شيئًا كغيره من العبادات التي قد يكون لها مقدمات وقد تحتاج إلى أشياء، لكن هذا لا يحتاج إلى شيء، «لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله» [الترمذي: 3375]، وغراس الجنة التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير؛ جاء في الحديث أن إبراهيم الخليل -عليه السلام- قال لمحمد -عليه الصلاة والسلام- ليلة الإسراء: «أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» [الترمذي: 3462].

يعني إذا قلت: (سبحان الله) -في ثانية- غُرست لك شجرة في الجنة، والإنسان يغرس في هذه الدنيا ويتعب على غرسه، ويلاحظها ويتابع سقيها، ويمكث الوقت الطويل، واحتمال تُنتج واحتمال ما تنتج، و(سبحان الله) ضُمنت غرسة في الجنة.

و«من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرار كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل» [مسلم: 2693].

 

و«من قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة، حطت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر» [البخاري: 6405]. يعني في دقائق، أمور ميسرة ولله الحمد، وأبواب من أبواب الخير عظيمة، ومع ذلك يغفل عنها كثير من الناس، وينشغلون بالقيل والقال، وبالكلام الذي قد يضرهم ولا ينفعهم.