توجيه الطلاب النابغين إلى حفظ متون العلم

السؤال
بعض المحاضن التربوية إذا رأوا نبوغًا في بعض الطلاب وجَّهوهم لحفظ المتون العلمية، فهل هذا يكفي لوحده أم لا بد من الاهتمام بالتربية وإصلاح القلوب والاعتناء بمهارات التفكير؟
الجواب

توجيه الصغار لحفظ المتون ممن لديهم تميُّز في الحفظ لا شك أنه يكوِّن لديهم مخزونًا علميًّا يجدونه في مستقبل حياتهم إذا تأهلوا لفهمه، فالحفظ في الصغر لا شك أنه أثبت وأرسخ من تركه حتى يكبر، ومع ذلك لا يُحرمون من التوجيه والنصح والإرشاد وتربية القلوب على مراقبة الله -جل وعلا- والإخلاص له وحبه وحب نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وغير ذلك من أعمال القلوب، وهذه التربية لا تنافي التعليم، وهؤلاء الصغار الذين وهبهم الله -جل وعلا- الحافظة ينبغي أن يُعتنى بهم ويوجهون -كما في السؤال- إلى حفظ المتون؛ لأنه هو وقت الحفظ -على ما يقال- الذهبي، فإذا كان لديه مخزون علمي حفظه استفاد منه مستقبلًا، واستطاع أن يفهم؛ لأن لديه مخزونًا، أما إذا لم يكن في جوفه محفوظ فكيف يبني عليه العلم، ولو كان من أذكى الناس؟! لا بد أن يكون لديه أساس يبني عليه من هذا المحفوظ، ويسعى في فهمه شيئًا فشيئًا إلى أن يتكامل نموه العلمي، وليحرص قبل ذلك كله على حفظ القرآن ثم ما يُحتاج إليه من المتون العلمية على الطريقة والجادَّة المُتَّبَعة عند أهل العلم والمُرتَّبة على طبقات المتعلمين.

فيبدأ بمتونٍ علمية مما يخدم الكتاب والسنة وعلوم العربية، كل هذه يبدأ بها على جادَّة أهل العلم في وقت واحد، فيحفظ المتون المختصرة في العقيدة كطالب مبتدئ: (الأصول الثلاثة) و(القواعد الأربع) و(كشف الشبهات) وغيرها من مؤلفات الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، ويحفظ معها (الأربعين النووية)، ويحفظ معها متنًا فقهيًّا ولنقل: (آداب المشي إلى الصلاة)، ومعها أيضًا متنًا في العربية كـ(الآجرومية) مثلًا، ويحفظها في آن واحد أو يرتبها واحدًا تلو الآخر، ويسمع عليها الشروح السهلة، أو يحضر الدروس الميسَّرة عند من يحسن التعامل مع الصغار؛ لأنه ليس كل عالم يحسن التعامل مع المبتدئين، والرباني كما قال ابن عباس –رضي الله عنهما-: "الذي يعلم الناس بصغار العلم قبل كباره"، وعلى كل حال الكتب مرتبة، وطبقات المتعلمين مرتبة، فما عليه إلا أن يراجع ما كتبه أهل العلم في ذلك.